أرشيف المقالات

لتتبعن سنن من قبلكم { اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله }

مدة قراءة المادة : 5 دقائق .
لَتَتَّبِعُنَّ سَنَنَ مَنْ قَبْلَكُم
﴿ اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ ﴾ [التوبة: 31]
 
إن واقع حال المسلمين الآن من التفرُّق والتحزُّب والتخاذل، والمجَادَلة والتحاسُد، والشحناء والتباغُض، والغلو في اتِّباع المشايخ وتقليدهم، وحبِّ الدنيا..
إلى غير ذلك مما يُضْعف الإسلام ويُذهب باليقين، ويُمهِّد للشرِّ والفساد؛ بل وصل الحال الى قتال بعضهم بعضًا، وتفتيت أمة الإسلام، وغرس دولة لليهود في قلبها، تقتل أصحاب الأرض وتمتد مخالبها الأخطبوطية في شرايين أمة الإسلام.
 
إن المتمعن في كتاب الله وسنة رسوله، ليدرك أن هذا الواقع قد نبَّأ به رسول الله، فعن أبي سعيد رضي الله عنه، أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((لَتَتَّبِعُنَّ سَنَنَ مَنْ قَبْلَكُم شِبْرًا بشبْر، وذراعًا بذراع، حتَّى لو سَلَكُوا جُحْر ضَبٍّ لَسَلَكْتُمُوهُ))؛ قلنا: يا رسول الله، اليهودُ والنَّصارى؟ قال النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم: ((فَمَن؟!))؛ رواه الشيخان.
 
وقد أخبرنا الله في كتابه الكريم عن هذا الواقع الذي أصبح فيه من المسلمين من نهج نفس نهج اليهود والنصارى شِبْرًا بشبْر، وذراعًا بذراع.
 
﴿ اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا إِلَهًا وَاحِدًا لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ ﴾ [التوبة: 31]، فيُحِلُّون لهم ما حرَّم اللّه فيحلونه، ويحرمون لهم ما أحل اللّه فيحرمونه، ويشرعون لهم من الشرائع والأقوال المنافية لدين الرسل فيتبعونهم عليها‏،‏ وكانوا أيضًا يغالون في مشايخهم وعبادهم ويعظمونهم.
 
وهذا واقع المسلمين الآن، والآية ناعية على كثير من الفِرَق الضالَّة الذين تركوا كتاب الله وسنة رسوله لكلام علمائهم ومشايخهم، والحقُّ أحَقُّ بالاتباع، فمتى ظهر الحق فعلى المسلم اتِّباعه وإن أخطأه اجتهاد مُقلِّده.
 
فالعامة من المسلمين وخاصة الشباب منهم يندفعون بحمية، ظنهم أن هذا من الإيمان، يندفعون بأقوال علمائهم ورؤسائهم دون روية أو تفكير.
 
ومع الأسف يعمد بعض الدعاة أو ما يعتقد أنهم علماء إلى تحقيق شهرة أو متاع عارض، أو هوى أنفسهم، بإثارة الشباب للالتفاف حولهم والتعصب لما يقولونه، فيثيرون قضايا خلافية، أو يكونون من ﴿ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ ﴾ [آل عمران: 7]، فيتعصب لهم هؤلاء الشباب دون وعي أو تفكير، ويقولون: قال علماؤنا، وهم أعلم وأفقه في دين الله.
 
وهؤلاء الشباب يعتبرون أنفسهم حرَّاس الدين وأنهم يحاربون الضلالات والبِدَع والخرافات التي وقع فيها غيرهم، وهم أنفسهم قد وقعوا فيما ينهون عنه!
 
كما أن هؤلاء يزكون أنفسهم بأنهم يفهمون الدين كما فهمه الصحابة، وينفون عن غيرهم من المسلمين في بِقاع الأرض أنهم يفهمون الدين فهمًا صحيحًا؛ بل يجب على جميع المسلمين اتباعهم.
 
وقد زاد هذا من فرقة المسلمين إلى جماعات وفرق ومذاهب، وأدَّى إلى دفع هذا الشباب المتحمِّس للدين دون رويَّة إلى الدخول في مصيدة أعداء الله، وجعل المسلم يقاتل أخاه المسلم بقيادة أعداء الله.
 
فليتق هؤلاء الدعاة ربهم، وليجنبوا شباب الإسلام هذه الفتنة، وليجنبوا بلاد المسلمين الحروب وتخريب الديار.
 
ألم يقرأ هؤلاء قول ربهم: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ إِنَّمَا أَمْرُهُمْ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِمَا كَانُوا يَفْعَلُونَ ﴾ [الأنعام: 159].
 
إن على كل داعية أن يتق الله ربه ويحرص على:
1- التوحيد الخالص في دعوته ولا يربط من يدعوهم إلا بالله ورسول، فلا يربطهم بشخصه ولا بغيره.
 
2- لا تزكية لمسلم على مسلم فالله يزكي من يشاء.
 
3- وحدة المسلمين وبلاد المسلمين.
 
4- أخوة المسلمين.
 
5- وسطية الإسلام.
 
6- سماحة الإسلام.
 
7- خيرية الإسلام لكل البشرية.
 
اللهم وحِّد المسلمين وجنب بلاد المسلمين الفتن ما ظهر منها وما بطن.

شارك الخبر

المرئيات-١