كيف نغض البصر؟
مدة
قراءة المادة :
5 دقائق
.
كيف نغض البصر؟• استعن بالله، فلن تتمكن من تهذيب شهوتك، ولن تقدر على غض بصرك - إلا بإعانة الله لك، قل كما قال يوسف: ﴿ وَإِلَّا تَصْرِفْ عَنِّي كَيْدَهُنَّ أَصْبُ إِلَيْهِنَّ وَأَكُنْ مِنَ الْجَاهِلِينَ ﴾ [يوسف: 33].
• راقِب ربَّك، فإذا سِرت في طريق من الطرق أو في الجامعة، فتذكر أن ربك مطلع عليك، ناظر إليك؛ قال تعالى: ﴿ يَعْلَمُ خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ ﴾ [غافر: 19].
قال ابن عباس: هو الرجل يكون في القوم، فتمر بهم المرأة، فيُريهم أنه يغض بصره عنها، فإن رأى منهم غفلة نظر إليها، فإن خاف أن يَفطنوا إليه غضَّ بصره، وقد اطلع الله من قلبه أنه يَوَدُّ أن ينظر إليها"[1].
سُئِل الجُنيد: بِمَ يُستعان على غض البصر؟ قال: بعِلمك أن نظر الله إليك أسبقُ إلى ما تنظر إليه[2].
• اجتنِب رُفقاء السوء الذين يهربون من الله، الذين يُفضلون الأرصفة والشوارع على بيوت الله، ثم سِرْ في طريق الالتزام مع تلك القلوب النقية، مع الوجوه الطيبة النيِّرة، مع الألسنة النظيفة الرطبة الذاكرة من أهل الخير والصلاح؛ فالمرء على دين خليله.
• اعلم أن من ترك شيئًا لله عوَّضه الله خيرًا منه، فمَن ترَك النظرة المحرمة - خوفًا من الله تعالى، ورغبة في ثوابه - عوَّضه الله خيرًا من ذلك في الدنيا بحلاوة يجدها سراعًا في قلبه، وفي الآخرة بالحُور العين.
فإن قيل: إن الأمر شاق، أجاب ابن القيم رحمه الله: "إنما يجد المشقة في ترك المألوفات والعادات فضلًا عن المحرمات، مَن تركها لغير الله، أما من تركها لله صادقًا مخلصًا، فإنه لا يجد في تركها مشقة إلا أول وهلة؛ ليُمتَحَنَ: أصادق هو في تركها، أم كاذب؟ فإن صبر على تلك المشقة قليلًا، تحوَّلت إلى لذة"[3].
• الخوف من الله وتعلُّق القلب بالآخرة: قال ابن القيم رحمه الله: "إذا سكن الخوف القلوبَ، أحرق فيها مواضع الشهوات"[4].
وقال صلى الله عليه وسلم: "ثلاثة لا تَرى أعينُهم النارَ: عين بكت من خشية الله، وعين باتت تحرس في سبيل الله، وعين كفت عن محارم الله"؛ رواه الطبراني، وقال الألباني في صحيح الترغيب والترهيب حسن لغيره.
• ما تريد غير موضع قدمك؟..
أثناء سَيرِكَ ما الداعي إلى الالتفات يمينًا ويسارًا؟..
فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (بحسب ابن آدام لُقيمات يُقمن صُلبه..) [5] فكما أن اللقيمات يُقمن صلبك، فكذلك النظر، أما قدماك فتُرشِدانك في طريق سيرك.
الزواج أو الصيام: ففي الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (يا معشر الشباب، مَن استطاع منكم الباءة فليتزوَّج، ومَن لَم يستطع فعليه بالصوم؛ فإنه له وِجاء)؛ أي: وقاية من الفتن.
فإن قيل نصوم ولا نجد تغيرًا؟ نقول: اتَّهموا أنفسكم وصوموا بصدق، صوموا بجوارحكم كما يحب الله ورسوله.
الإكثار من السنن والنوافل: فقد جاء في الحديث القدسي أن الله تعالى قال: "ولا يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه، فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يُبصر به..."؛ (رواه البخاري).
• الصبر على غض البصر: فواللهِ ما أحلى مرارة الصبر في سبيل الله! وما ألذ نتيجته؛ إذ قال تعالى: ﴿ إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ ﴾ [الزمر: 10]!
• تذكر الحور العين: قال ابن عباس: "إن في الجنة حوراء لو بزقت في البحر لعذب ماؤه، كله مكتوب على نحرها من أحب أن يكون له مثلي، فليعمل بطاعة ربي عز وجل"[6].
[1] ذم الهوى؛ ابن الجوزي ص92.
[2] كلمة الإخلاص؛ ابن رجب ص50، التقوى؛ أحمد فريد ص26.
[3] الفوائد ص107.
[4] مدارج السالكين ج1 ص509.
[5] رواه أحمد والترمذي وغيرهما، وصححه الألباني
[6] التذكرة للقرطبي ص556.