أرشيف المقالات

بحوث في السيرة النبوية (1)

مدة قراءة المادة : 4 دقائق .
بحوث في السيرة النبوية (1)
 
مقدمة:
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على المصطفى الأمين وآله الطيبين الطاهرين، ومن تبعهم بإحسانٍ إلى يوم الدِّين.
 
وبعد، فهذه محصِّلة بحوث أعددتُها في السيرة النبوية، حاولتُ فيها تقديم دراسة شاملة للسيرة النبوية، وإبراز فروعها ومراحلِها الزمنيَّة وعلاقتها بمختلف العلوم الشرعية والاجتماعية، وذِكر أهمِّ الأحداث التي غيَّرَت مجرى حياة الناس، وأبرز المشاهير الذين عاصروا رسولَ الله صلى الله عليه وسلم وشاركوا في صُنع التاريخ، أو كانت لهم مواقف إيمانيَّة خالدة، كُتبَت بأحرفٍ من ذهب في صفحات السيرة النبوية.
 
تعريف السيرة النبوية:
السيرة في اللغة: هي الطريقة والحالة، وهي مشتقَّة مِن فعل: سار يسير سيرًا وسيرة، يقال: فلان سار سيرة حسَنة؛ أي: سلك طريقةً حسنة، ومنه قوله تعالى: ﴿ سَنُعِيدُهَا سِيرَتَهَا الْأُولَى ﴾ [طه: 21]، واصطلاحًا: هي قصَّة الحياة وتاريخها.
 
والسيرة النبويةُ: "هي مجموعُ وقائع النبيِّ صلى الله عليه وسلم وشمائله الخِلقيَّة والخُلقية".
 
تاريخ تدوين السيرة النبوية:
اعتنى الصحابة ومِن بعدهم التابعون بنقلِ السيرة النبويَّة؛ لما لها من ارتباطٍ وثيقٍ بالسنة المطهرة، إلاَّ أن تدوينَ السيرة لم يحدُث إلاَّ في القرنِ الثاني الهجري.
 
ويُعتبر محمد بن إسحاق الرائد في هذا المجالِ؛ فهو من أول من ألَّف في السيرةِ، ولذا قال عنه محمد بن إدريس الشافعي رحمه الله: "من أراد أن يتبحَّر في المغازي؛ فهو عيالٌ على محمد بن إسحاق"، ثم كثر التأليفُ بعد ذلك، وأشهر ما عُرف من كتب السيرة: "سيرة ابن هشام"، و"الطبقات"؛ لابن سعد، و"المغازي"؛ للواقدي، و"الرحيق المختوم"؛ للمباركفوري، و"فقه السيرة"؛ لمحمد الغزالي، وعندنا في موريتانيا: "نظم الغزوات"؛ للبدوي، و"عمود النسب"، و"نظم قرة الأبصار".
 
من أين تبدأ السيرة وأين تنتهي؟
لم يتَّفق العلماء على تاريخٍ محدَّد يبدؤون منه كتابَةَ السيرة؛ فبعضهم يرى أن سيرةَ النبي بدأَت مع نشأة الخليقة، وبعضهم يبدؤها مع بِناء إبراهيم الكعبة وقصة هاجر وإسماعيل الذي هو جدُّ قريش وكلِّ العرب المستعربة، وبعضهم يبدؤها من عند جدِّ النبيِّ "عدنان"؛ الذي ينتهي عنده نسب النبيِّ المتفَق عليه، وآخر يبدؤها من ميلاد النبيِّ صلى الله عليه وسلم والإرهاصاتِ التي حدثَت عند ميلاده، ولكلٍّ منهم أدلَّته التي يركنُ إليها، إلا أنهم يتَّفقون على أنها تنتهي عند وفاتِه صلى الله عليه وسلم، وبداية عصر الخلفاءِ الراشدين.
 
أهمية تعلُّم السيرة النبوية:
كان الصحابةُ يعلِّمون السيرةَ النبوية لأبنائهم، وأهمَّ الدروس والعِبَر المستخلصة من أحداثها، ولذا كان يقول إسماعيل بن محمد بن سعد بن أبي وقاص: "كان أبي يعلِّمنا المغازِيَ، ويعدُّها علينا، ثم يقول: "يا بَنيَّ، هذه مآثِرُ أجدادِكم، فلا تضيِّعوها"، وكان زين العابدين علي بن الحسين يقول: "كنا نُعلَّمُ مغازي النبي صلى الله عليه وسلم، كما نُعلَّم سُوَر القرآن"، وقد نظم عبدالرحمن بن حسان مغازي الرسول صلى الله عليه وسلم في قصيدةٍ له؛ لمَّا رأى حرصَ أبناء الأنصار على تعلُّمها، ومن هنا يتَّضح وجوب تعلُّم السيرة والاختصاص بها؛ لِما لها من ارتباطٍ وَثِيق بكتابِ الله تعالى وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم.

شارك الخبر

روائع الشيخ عبدالكريم خضير