سجين عند أعدائي أسيرُ - عبد الرحمن بن صالح العشماوي
مدة
قراءة المادة :
4 دقائق
.
سجينٌ عند أعدائي أسيرُ *** جريحٌ قلبيَ الشاكي كَسيرسجين ليلُ مأسآتي طويلٌ *** وفجري ماله في السِجن نور
سجين في فؤادي نار حزنٍ *** وفيضُ الدمعِ من عيني غزير
يحاصرني من اللقطاءِ جيشٌ *** وبئسَ الجيش ليسَ له ضمير
وتلحقني مجـندة وكلب *** فيا لله أيهـما الحقـير؟!
ويطعن عفتي وغدٌ رماني *** وفي عَينيه شرٌ مستطيرُ
كأن دقيقةً في السجنِ دهرُ *** عليهِ مِن الأسى القَاسي دُهور
تُشَدُّ يدي إلى ظهري وصدري *** لضربِ سياطهم هدف مثيرُ
سجينٌ في العراقِ ولستُ فيه *** لأنَّ عراقنا سِجنٌ كبيرُ
وما بغداد بغدادي فإني *** أراها لا تُجار ولا تجيرُ
مُكبلةُ اليدين بشّرِ قيدٍ *** وفي أجفانها انطفأ الحبورُ
وفي فمها تعثر كُل قولٍ *** فلم تنْطق وقد نطق الزَّفير
يتابعها العدو بعينِ لصٍ *** يفيضُ البغي منها والفجور
سجينٌ والمآسي شاهدات *** بأن عدوَنا لصٌ خطير
عدوٌّ سجنه نار تلظى *** وحسبك أن يُقال: هو السعير
سجونٌ تنفِر الأخلاق ُ مِنها *** ومَعنى الظلم ِ منها يستجير
أيا لغةَ الأسى أتقنتِ وصفي *** وصوتكِ في مخاطبتي جهيرُ
تداعى الآكلون على عظامي *** وأما اللحم فهو لهم فطير
مضى صدامُ واجتمعت علينا *** وحوشٌ ساقها الجيش المغير
وحوش الغرب ليس لها خلاقٌ *** ولا دين يَصُدُّ ولا شعور
أأوصى بعضهم بعضاً، فهذا *** ظلومٌ للعباد وذا مبير؟
وما ضَرْبُ السياط يثير، لكن *** إهانة آدميَّتِنا تثيرُ
ولو أنَّا إلى الغرب انتمينا *** لقامَ لنا من الغربِ النصيرُ
ولكنَّا إلى العرب انتسبنا *** وحائطُهم لأعدائي قَصيرُ
تجافَوا عن مبادئهم، فلمَّا *** دعا الداعي تمزَّقتِ الظهورُ
كأني بالجهاد بكى عليهم *** خَوالفَ حينما نَفَر النفيرُ
أتبقى أمتي تقتات مما *** تقرره الحمائم والصقورُ؟!
وتنتظر انتخابات الأعادي *** ليأتي بعد قيظهِمُ الهَجيرُ
أتُغْصَبُ أرضُنا شِبْراً فشبراً *** ويطلقُ حرَّ صرختِه النَّذيرُ؟
ويخنقنا دخانُ الحرب حتى *** تضيق به الحناجر والصدورُ
وتبقى أمتي هدفاً قريباً *** لمن يرمي السهامَ ومن يُغيرُ
سجين في بلادي، والأعادي *** لهم كَذبٌ يُضلّلكم وزورُ
بكى جِسْرُ الرّصافةِ من أنيني *** وقد تبكي من الظلمِ الجسورُ
وعكَّر ماءَ دِجلَة دمعُ عيني *** ونَزْفُ دمي، وبركانٌ يفورُ
أما في أمةِ الاسلام سَيْفٌ *** يَخاف صليلَه الباغي الكَفُورُ؟!
أما للّيل فيها من نهارٍ *** تُغردُ بابتسامته الطيور؟!