زواج المسيار [2]


الحلقة مفرغة

إن الحمد لله؛ نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ [آل عمران:102].

يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً [النساء:1].

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً [الأحزاب:70-71].

أما بعد:

فالحمد لله الذي خلق لنا من أنفسنا أزواجاً لنسكن إليها، وجعل بيننا وبينهن مودة ورحمة.

جُعل هذا النكاح، وهذا العقد عقداً مقدساً في الشريعة له شروطه، وله واجباته وأركانه وقد تقدم الكلام على ذلك في الخطبة الماضية، ويُعلم من كلام العلماء في شروط النكاح وأركانه مدى أهمية هذا العقد ومكانته في الشريعة.

ولما استعرت الشهوات في هذا الزمن، وكثرت المغريات والفتن، وعم الشر، وظهر التبرج والسفور، ولم يغض كثير من الرجال أبصارهم، وعمت المغريات التي فيها إثارة الفتن، سواء كان ذلك في صورة تمشي، أو صورة تتحرك، أو صورة مطبوعة، بحيث أن ما يقع من العيون على هذه الصور أمر كثيرٌ جداً قد أثار الشهوات من واقع النساء في التبرج، ومن هذه الأفلام وخاصة منها الخليعة التي تثير الشهوات، لجأ كثير من الناس إلى طرق يريدون بها قضاء الوطر والشهوة، ومن هؤلاء من وفقهم الله تعالى لتحصين أنفسهم بالزواج الشرعي والنكاح الإسلامي المبني على هذه الشريعة المباركة، ومنهم من وقع في المحرمات والكبائر، ووقع في الفواحش والزنا وانتهاك حرمات الله وحدوده، فويل لهم من عذاب يوم أليم!

ومن الناس من ركب الصعب والذلول لأجل الحصول على عقد بأي طريقة كانت ليتوصل به إلى وطء المرأة، فدخل بعضهم في بعض الأنكحة المحرمة كنكاح المتعة وغيره، وركب بعضهم طريق بني إسرائيل في التحايل على شريعة الله تعالى، ويزعم بعضهم أنه اشترى امرأة من الخارج، وآخرون يقولون بأن الخادمة مثل ملك اليمين يطؤها متى شاء، وبعضهم يذهب إلى أماكن معينة فيها بنات وكاتب أنكحة وشهود، يتزوج ثم يطلق، وبعضهم يقول: وهبت نفسها لي، فتزوجتها بموافقتها بلا ولي ولا شهود ولا مهر، إلى آخر ذلك من الاختراعات والحيل التي يريدون بها التوصل إلى تحليل ما حرم الله، فما هو حكم هذه العقود؟!

ثم أطلوا علينا بزواج سموه بزواج المسيار، قالوا فيه: إن الرجل يتزوج المرأة، فيقيم عندها أو عند أهلها، ويشترط عليها ألا مبيت ولا نفقة، أو أنه يأتيها بالنهار دون الليل ونحو ذلك، فنريد أن نعرف ما حكم هذا النكاح وغيره من الصور المتقدمة؟

وما حكم الزواج بنية الطلاق الذي يفعله بعضهم إذا ذهب إلى بلاد الغربة، أو إذا سافر سفراً؟

وما حكم إخفاء النكاح، لأنه لا يريد مشكلة مع الزوجة الأولى، فهو يسر به؟

لا بد قبل معرفة حكم بعض هذه الأنكحة أيها الإخوة من الاطلاع على قضية الشرط في الزواج، ما هو؟ ما أنواعه؟ ما هو الملزم منه من غير الملزم؟ ما هو الذي يفسد العقد، والذي لا يفسد العقد؟ وما الشرط المباح الصحيح؟ وما هو الشرط المحرم؟

فهلم بنا إلى جولة مما ذكره أهل العلم في هذه المسألة، لأن كثيراً من الأنكحة الموجودة معلقة بشروط، فما حكم هذه الشروط؟ وبناءً عليه يعرف حكم هذه الأنكحة.

أقسام الشرط

أما الشرط في اللغة فهو: الإلزام والالتزام.

وينقسم الشرط إلى قسمين:

أولاً: شرط شرعي.

ثانياً: شرط جعلي.

فالشروط التي اشترطها الشارع في العقود والتصرفات والعبادات وإقامة الحدود ونحو ذلك، هذه شروط شرعية كاشتراط الولي في النكاح: (لا نكاح إلا بولي).

والشروط الجعلية لم ترد في الشريعة، ولكن يشترطها المكلف بإرادته، كما يشترط الواقف شروطاً معينة للوقف، أن يكون الوقف مثلاً على طلبة العلم الفقراء، فلا يصرف إلى غيرهم، وشروط الموصي أن يُجعل جزء من التركة لذبح أضاحي مثلاً، فلا يصرف في غيرها، أو الشروط التي يكون فيها منفعة لأحد طرفي العقد.

وهذه الشروط الجعلية المعتبرة مقيدة بقيود شرعية معينة، فليس للشخص أن يشترط أي شرط يريده، بل لا بد أن يكون الشرط غير مناف للشريعة، لقد ثبت اعتبار الشرط في الإسلام ما لم يخالف حكم الله وحكم رسوله، وأوجب الوفاء به، قال الله تعالى: وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا [البقرة:177] عن عقبة بن عامر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إن أحق الشروط أن توفوا بها ما استحللتم به الفروج) رواه البخاري .

فأحق الشروط بالوفاء الشروط التي تكون موجودةً في النكاح، ومعنى هذا: أن الشارع يقر الشروط إذا كانت شرعية، وقد ورد بذلك الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم: (المسلمون على شروطهم، إلا شرطاً أحل حراماً أو حرم حلالاً) رواه البخاري (المسلمون على شروطهم، إلا شرطاً أحل حراماً أو حرم حلالاً، وكل شرط ليس في كتاب الله، فهو باطل وإن كان مائة شرط).

وموضوع النكاح له ما يتعلق به من الشروط، ومعلوم أنها إذا كانت شروط شرعية أو جعلية لا تتعارض مع الشريعة فإن الشريعة تقرها: (وأحق الشروط أن توفوا به ما استحللتم به الفروج) لأن هذه الشروط وقعت في مقابل استحلال فرج كان محرماً، فاستحل ذلك الفرج بهذا الشرط، فإذا كان الشرط شرعياً لا يخرج عن نطاق الشريعة فهو من أحق الشروط بالوفاء، وقد يرد الشرط صريحاً في العقد منصوصاً عليه، فيجب اعتباره والعمل به، كأن تشترط المرأة في عقد النكاح مثلاً ألا يخرجها من بلدها، ونحو ذلك.

الشروط العرفية

وقد لا يكون الشرط مذكوراً في العقد، لكنه مما تضمنه العقد، أو دل عليه العرف، والعرف سمي عرفاً لتعارف الناس عليه، ومن ذلك زف العروسة إلى المتزوج، هل يكون في بيت أبيها أو في بيته، فإن الأعراف تختلف في هذا، فإن أهمل ذكر الزفاف عند العقد، رجع فيه إلى العرف.

والأعراف التي يعمل بها والتي ينطبق عليها قول العلماء: (المعروف عرفاً كالمشروط شرطاً) هي الأعراف الموافقة للشريعة، أما إذا خالف العرف الشرع فلا يلتفت إليه ولا يعمل به، ولو أطبقت عليه الأمة جميعها، وهذا لا يكون إن شاء الله، وكانوا في الجاهلية -كما قلنا- متعارفين على أن نكاح الشغار والمتعة والاستبضاع أمور سارية ومنتشرة متعارف عليها بينهم، فليس كل ما انتشر بين الناس من الأعراف توافق عليه الشريعة، وإنما يشترط أن يكون مما توافقه الشريعة وتقره.

وإذا كان الشرط مقارناً للعقد عند كتابة العقد فلا بد من الوفاء.

وإذا كان الشرط متقدماً على العقد -قبل العقد بيوم أو يومين أو غير ذلك- ثم جاء العقد بالإيجاب والقبول، فهذه الشروط المتقدمة على العقد الصحيح يجب الوفاء بها.

قال شيخ الإسلام رحمه الله: هو الظاهر من المذهب وهو المفهوم من كلام أحمد ، لأن الوفاء بشروط العهود والعقود يتناول ذلك، ولأن اتفاقهم على الشرط قبل العقد لا يزيله العقد، فلو اتفقوا على هذا الشرط، وبعد يوم أو يومين عقدوا العقد بإيجاب وقبول وولي وشاهدين، فإن الشروط المتفق عليها قبل هذا العقد داخلة فيه، فإذا كانت الشروط متأخرة عن العقد، فلا يلزم الوفاء بها، لأن العقد قد انقضى وتم على ما مضى.

أما الشرط في اللغة فهو: الإلزام والالتزام.

وينقسم الشرط إلى قسمين:

أولاً: شرط شرعي.

ثانياً: شرط جعلي.

فالشروط التي اشترطها الشارع في العقود والتصرفات والعبادات وإقامة الحدود ونحو ذلك، هذه شروط شرعية كاشتراط الولي في النكاح: (لا نكاح إلا بولي).

والشروط الجعلية لم ترد في الشريعة، ولكن يشترطها المكلف بإرادته، كما يشترط الواقف شروطاً معينة للوقف، أن يكون الوقف مثلاً على طلبة العلم الفقراء، فلا يصرف إلى غيرهم، وشروط الموصي أن يُجعل جزء من التركة لذبح أضاحي مثلاً، فلا يصرف في غيرها، أو الشروط التي يكون فيها منفعة لأحد طرفي العقد.

وهذه الشروط الجعلية المعتبرة مقيدة بقيود شرعية معينة، فليس للشخص أن يشترط أي شرط يريده، بل لا بد أن يكون الشرط غير مناف للشريعة، لقد ثبت اعتبار الشرط في الإسلام ما لم يخالف حكم الله وحكم رسوله، وأوجب الوفاء به، قال الله تعالى: وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا [البقرة:177] عن عقبة بن عامر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إن أحق الشروط أن توفوا بها ما استحللتم به الفروج) رواه البخاري .

فأحق الشروط بالوفاء الشروط التي تكون موجودةً في النكاح، ومعنى هذا: أن الشارع يقر الشروط إذا كانت شرعية، وقد ورد بذلك الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم: (المسلمون على شروطهم، إلا شرطاً أحل حراماً أو حرم حلالاً) رواه البخاري (المسلمون على شروطهم، إلا شرطاً أحل حراماً أو حرم حلالاً، وكل شرط ليس في كتاب الله، فهو باطل وإن كان مائة شرط).

وموضوع النكاح له ما يتعلق به من الشروط، ومعلوم أنها إذا كانت شروط شرعية أو جعلية لا تتعارض مع الشريعة فإن الشريعة تقرها: (وأحق الشروط أن توفوا به ما استحللتم به الفروج) لأن هذه الشروط وقعت في مقابل استحلال فرج كان محرماً، فاستحل ذلك الفرج بهذا الشرط، فإذا كان الشرط شرعياً لا يخرج عن نطاق الشريعة فهو من أحق الشروط بالوفاء، وقد يرد الشرط صريحاً في العقد منصوصاً عليه، فيجب اعتباره والعمل به، كأن تشترط المرأة في عقد النكاح مثلاً ألا يخرجها من بلدها، ونحو ذلك.

وقد لا يكون الشرط مذكوراً في العقد، لكنه مما تضمنه العقد، أو دل عليه العرف، والعرف سمي عرفاً لتعارف الناس عليه، ومن ذلك زف العروسة إلى المتزوج، هل يكون في بيت أبيها أو في بيته، فإن الأعراف تختلف في هذا، فإن أهمل ذكر الزفاف عند العقد، رجع فيه إلى العرف.

والأعراف التي يعمل بها والتي ينطبق عليها قول العلماء: (المعروف عرفاً كالمشروط شرطاً) هي الأعراف الموافقة للشريعة، أما إذا خالف العرف الشرع فلا يلتفت إليه ولا يعمل به، ولو أطبقت عليه الأمة جميعها، وهذا لا يكون إن شاء الله، وكانوا في الجاهلية -كما قلنا- متعارفين على أن نكاح الشغار والمتعة والاستبضاع أمور سارية ومنتشرة متعارف عليها بينهم، فليس كل ما انتشر بين الناس من الأعراف توافق عليه الشريعة، وإنما يشترط أن يكون مما توافقه الشريعة وتقره.

وإذا كان الشرط مقارناً للعقد عند كتابة العقد فلا بد من الوفاء.

وإذا كان الشرط متقدماً على العقد -قبل العقد بيوم أو يومين أو غير ذلك- ثم جاء العقد بالإيجاب والقبول، فهذه الشروط المتقدمة على العقد الصحيح يجب الوفاء بها.

قال شيخ الإسلام رحمه الله: هو الظاهر من المذهب وهو المفهوم من كلام أحمد ، لأن الوفاء بشروط العهود والعقود يتناول ذلك، ولأن اتفاقهم على الشرط قبل العقد لا يزيله العقد، فلو اتفقوا على هذا الشرط، وبعد يوم أو يومين عقدوا العقد بإيجاب وقبول وولي وشاهدين، فإن الشروط المتفق عليها قبل هذا العقد داخلة فيه، فإذا كانت الشروط متأخرة عن العقد، فلا يلزم الوفاء بها، لأن العقد قد انقضى وتم على ما مضى.

وهذه الشروط أيها الإخوة التي في النكاح تنقسم إلى قسمين:

صحيح وفاسد.

الشرط الصحيح في النكاح

الصحيح نوعان: النوع الأول: شرط يقتضيه العقد؛ كتسليم المرأة إلى الزوج، وتمكينه من الاستمتاع بها، فهذا الأمر من مقتضيات عقد النكاح، ولا يمكن أن يكون نكاحاً إلا بذلك، فلا يحتاج إلى شرطه، لأن الشريعة قد شرطته أصلاً، ولأن العقد يقتضي ذلك ضمناً فلا يحتاجه الإنسان إلى شرطه في العقد، وإذا ترافعا إلى القاضي سيجبرها على تسليم نفسها إذا امتنعت لأن هذا من مقتضيات العقد.

والنوع الثاني من الشروط الصحيحة: شرط نفع معين في العقد لا يلزم إلا باشتراطه، كأن تشترط المرأة ألا يتزوج عليها، أو لا يخرجها من دارها، أو لا يفرق بينها وبين أولادها، أو أن ترضع ولدها الصغير من غيره، أو أن تكمل دراستها، أو أن تستمر في وظيفتها، ونحو ذلك من الشروط، فهذه الشروط إذا لم تتعارض مع الشريعة، فهي شروط مباحة إذا شرطوها عليه في العقد وقبل بها لزمه الوفاء بها: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ [المائدة:1] فإذا امتنع الزوج من الوفاء بها، ورفض الوفاء بها بعد العقد وبعد الزواج، فإن للزوجة حق المطالبة بفسخ العقد، لأن الزوج لم يفِ ودخلت معه على هذا الشرط الصحيح، وإذا تنازلت الزوجة أو سكتت عن ذلك، فإن العقد باق على حاله. صحيح مستمر.

وبهذه المناسبة نقول: لا ينبغي لأولياء الزوجة أن يحرجوا الزوجة باشتراط أشياء عليه، خصوصاً إذا كان من أهل الديانة، لأن كثرة الشروط تعقد الموقف، وتفي بأنهم لا يثقون به مثلاً ونحو ذلك، وهذا ربما يؤدي إلى شيء من النفور بينهما، لكن إذا خافوا أو حصلت خشية، فاشترطوا ذلك فلا بأس عليهم.

الشرط الفاسد في النكاح

وانتبهوا معي للقضية لأننا نتحدث عن مسألة ستوصلنا إلى حكم زواج المسيار وغير المسيار، والزواج السيار السائر والواقف، وسيتبين حكم هذه الأنكحة من خلال فقه قضية الشروط.

النوع الثاني: الشروط الفاسدة، وهي على نوعين أيضاً:

النوع الأول: ما يفسد بنفسه مع بقاء العقد على صحته؛ العقد صحيح باق، والشرط فاسد لاغ، مثل أن يشترط عليها ألا مهر لها، أو أن يرجع عليها بالمهر بعد ذلك فيأخذه منها، أو يشترط عليها أنه لا نفقة لها، أو أن نفقته عليها، أو ألا يطأها، ونحو ذلك من الشروط، فهذه الشروط ذكر عدد من أهل العلم أنها شروط فاسدة، لكنها لا تفسد العقد، فالعقد صحيح، ولكن الشرط فاسد للزوجة أن تطالب بحقها.

النوع الثاني من الشروط الفاسدة: ما يفسد النكاح من أصله مع فساده في ذاته، فهو فاسد مفسد لا يصح معه النكاح، مثل نكاح المتعة، فإذا قال: زوجتك بنتي شهراً أو أسبوعاً أو ساعة ونحوه، فهذا شرط فاسد مفسد للعقد، والعقد باطل من أساسه، والمعاشرة زنا وحرام.

أو نكاح الشغار، أو نكاح التحليل، هذه شروط فاسدة مفسدة للعقد، مثل أن يقول: أزوجكها على أن تطلقها لتحل لزوجها الأول ونحو ذلك، هذه شروط فاسدة مفسدة للعقد.

الشروط الصحيحة

الأول: ما يتضمنه العقد وإن لم يذكر في صلبه، فلا حاجة لذكره إذاً، لأنه لازم باللزوم كما ذكرنا في قضية اشتراط تسليم المرأة لزوجها، والاستمتاع بها، واشتراط النفقة والسكن على الزوج لا حاجة لاشتراطه، لأن الشريعة شرطته، ولأن الشريعة جاءت به الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ [النساء:34] فالنفقة عليه لزوجته رغماً عنه، تؤخذ منه بالقوة، وإذا أعسر صارت ديناً عليه، وإذا امتنع ألزمه القاضي بدفع النفقة الواجبة على الزوجة، هذا من مضمون العقد، الشريعة دلت عليه والعرف دل عليه، والعادة وعقد النكاح يتضمنه حتى لو لم ينصوا عليه.

وما يتضمنه العقد، نوعان:

أحدهما: ما يتضمنه العقد بدلالة الشرع، كما تقدم.

الثاني:ما يتضمنه العقد بدلالة العرف، كالأمور التي تعارف عليها الناس من غير مخالفة للشرع، أو أضرار بحق أحد الزوجين، مثل: تحديد النفقة، والكسوة، والمسكن، وزيارة أهلها ونحو ذلك، فهذا يتضمنه العقد تلقائياً، لكن لم تحد الشريعة فيه حداً محدوداً، ولم تقل يا أيها الزوج أنفق خمسمائة، أنفق ألفاً ونحو ذلك، هذه مسألة متروكة للعرف، ومتروكة لإعسار الزوج وإيساره، وقدرته واستطاعته، وما تحتاجه الزوجة ونحو ذلك.

إذا قيل يجب على الزوج أن يسكنها شرعاً، أي: سكن يلائم مثلها بالمعروف، بما تعارف عليه الناس، فلو أسكنها سكناً ليس فيه دورة مياه ولا مطبخ مثلاً، فلا يقوم لها استمتاع بحياتها الزوجية بدون ذلك، والعرف يقتضي سكناً بمثل هذه المرافق الأساسية، فهذه اشتراطها عرفي داخل مع العقد.

أما الشروط الصحيحة التي لا تخالف مقتضى العقد، كأن لا يسافر بها، أو لا يخرجها عن بلدها، أو أن تشترط رضاع ولدها من غيره، أو أن تكمل دراستها، أو تستمر في وظيفتها ونحو ذلك، فهذه شروط مباحة، إذا التزم بها ووافق عليها، لزمه الوفاء بها، فإن امتنع كان للزوجة طلب الفسخ كما تقدم.

والشروط التي لا تخالف الشريعة هي من إنشاء العاقد لا من إنشاء الشارع، فاشتراط الرجل على امرأته في عقد الزواج مثلاً: تقسيط المهر أو تأجيله، أو أن يُجعل جزء مقدم، وجزء مؤخر، أو أن تشرط عليه أن لا ينقلها من بلدها مثلاً ونحو ذلك، فهم الذين اشترطوها، وليست مشروطة في الشرع، فهي من إنشائهم لا من إنشاء الشارع.

وإذا اشتُرط على الزوج شروطاً مثل هذه الشروط فإنه يلزمه الوفاء بها، وإذا امتنع جاز للمرأة طلب الفسخ، فإن قال الزوج: أنا لا أطيق أن تبقى موظفة، فماذا نفعل؟

لا نجبره على الوفاء، ولكن نقول: لها الحق في طلب الفسخ، إن شاءت أن تتنازل عن الشرط أو تسكت، فالعقد باق، وإن شاءت طلبت الفسخ، ولبى مطلبها، لأن شرطها لم ينفذ.

ومثل ذلك أن تختار ألا يتزوج عليها، فهذا الشرط مما اختلف فيه أهل العلم، فقال بعضهم إنه شرط فاسد، لأنها أرادت أن تمنعه مما أحله الله له، وقال بعضهم: إنه دخل عن بصيرة ورضاً بذلك فيلزمه الوفاء، فإذا تزوج عليها، كان لها طلب الفسخ، وبهذا أفتى شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى، فإن الرجل إذا أقدم على العقد وقبِل الشرط، فإنه عند ذلك لا بد أن يفي به، فإذا امتنع تكون النتائج على ما تقدم، وإذا حصل عيب بأحد الزوجين ولم يرض صاحبه، وهذا العيب يفوت الاستمتاع، كأن كانت المرأة بها جنون أو برص ونحو ذلك، أو كان الرجل مجبوباً أو عنيناً -مقطوع المذاكير- أو لا قدرة له على الوقاع، فهذا العيب ينطبق عليه خيار الفسخ من الطرف الآخر.




استمع المزيد من الشيخ محمد صالح المنجد - عنوان الحلقة اسٌتمع
اقتضاء العلم العمل 3611 استماع
التوسم والفراسة 3608 استماع
مجزرة بيت حانون 3530 استماع
الآثار السيئة للأحاديث الضعيفة والموضوعة [2،1] 3497 استماع
اليهودية والإرهابي 3425 استماع
إن أكرمكم عند الله أتقاكم 3425 استماع
حتى يستجاب لك 3393 استماع
المحفزات إلى عمل الخيرات 3370 استماع
ازدد فقهاً بفروض الشريعة 3348 استماع
الزينة والجمال 3335 استماع