خطب ومحاضرات
/home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 55
Warning: Attempt to read property "value" on null in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 55
Warning: Trying to access array offset on value of type null in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 55
/audio/35"> الشيخ محمد صالح المنجد . /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 58
Warning: Attempt to read property "value" on null in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 58
Warning: Trying to access array offset on value of type null in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 58
/audio/35?sub=16019"> خطب عامة
Warning: Undefined array key "Rowslist" in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 70
Warning: Attempt to read property "value" on null in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 70
فضيحة المشعوذين [1]
الحلقة مفرغة
إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ [آل عمران:102].
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً [الأحزاب:70-71].
أما بعــد:
فحديثنا اليوم -أيها الإخوة- عن خلقٍ من خلق الله تعالى، منهم المؤمن ومنهم الكافر، عمد كفارهم إلى إغواء المسلمين وحرفهم إلى الشرك، واستعملوا من أجل ذلك أنواع القدرات التي عندهم لإضلال الإنس، فاستجاب لهم كثيرٌ من الإنس، واستعانوا من أجل تحقيق غرضهم بأمر الشيطان كبيرهم بوسائل متعددة، ومن ذلك: هؤلاء الكهان والعرافون المنتشرون، والمشعوذون وغير ذلك.
ومن أسباب طرح الموضوع ما سمعته من عدد من الإخوان الذين سألوا عن أشخاص يذهبون إليهم لمعرفة مكان السحر فيدلونهم عليه، ومكان المسروقات والمفقودات فيدلونهم عليها، ويجرون عملياتٍ بدون جراحة، ويستأصلون الأورام، ويزيلون العاهات، ويقرءون البطاقات الشخصية، ويعدون النقود في الجيب، ويخبرون الإنسان بأحواله الخاصة التي لا يعرفها إلا هو، ويكون كلامهم صحيحاً، وبدأت تجد الناس يصطفون طوابير على هؤلاء المشعوذين المتصلين بالشياطين رجاء شفاءٍ، أو معرفة مفقودٍ، وبعضهم عن فضول وحب استطلاع، فنريد أن نتعرف في هذه الخطبة على طرق هؤلاء الشياطين ووسائلهم وما هي ألاعيبهم، وما هي القدرات التي عندهم؟ لكي يبين بعد ذلك ويستبين للمسلم حقيقة هؤلاء، ولكي يكون الإنسان على بصيرة من أمره، خصوصاً وأن القضية قد دخلت حتى عالم الألعاب، فيحدثونك عن لعبة أو ألعاب تباع في السوق، رقعة تبسط عليها أشياء ثم يشير السهم أو القطعة إلى جوابٍ محدد، وتتحرك هذه القطعة على الرقعة بمفردها بدون أن يمسها الشخص ونحو ذلك.
فما هو حكم الشرع في هذه الأشياء؟
تقدم خلق الجن وبيان أصنافهم
وخلق الجن متقدمٌ على خلق الإنس، فكانوا قبلهم في الأرض بدليل قوله تعالى: وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْأِنْسَانَ مِنْ صَلْصَالٍ مِنْ حَمَأٍ مَسْنُونٍ * وَالْجَانَّ خَلَقْنَاهُ مِنْ قَبْلُ مِنْ نَارِ السَّمُومِ [الحجر:26-27] وقيل في سبب قول الله تعالى في كلام الملائكة لما قالوا لربهم في خلق آدم: أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ [البقرة:30] قالوا: إن الملائكة توقعت أن يكون هذا شأن المخلوق الجديد لما رأوا من المخاليق الذين قبله من الجن الذين أفسدوا فيها وسفكوا الدماء، وسمي الجن جناً لاستتارهم قال تعالى: فَلَمَّا جَنَّ عَلَيْهِ اللَّيْلُ [الأنعام:76] واستجن بالشيء أي: اتقى به واختفى وراءه، وأخبرنا النبي صلى الله عليه وسلم عليه وسلم عن أصنافهم وعن شيءٍ من قدراتهم، فقال في الحديث الصحيح: (الجن ثلاثة أصناف: فصنفٌ يطيرون في الهواء، وصنفٌ حياتٌ وكلاب، وصنفٌ يحلون ويظعنون) فأخبرنا بقدرتهم على الطيران وأخبرنا بقدرتهم على التشكل في هيئة حياتٍ وكلاب، ولا مجال للتكذيب بعالم الجن ألبتة، ومن أنكر وجود الجن فهو كافر، لأنه كذب الله تعالى الذي قال في محكم تنزيله: وَالْجَانَّ خَلَقْنَاهُ [الحجر:27] .. قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنَ الْجِنِّ فَقَالُوا إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآناً عَجَباً [الجن:1] .. وَإِذْ صَرَفْنَا إِلَيْكَ نَفَراً مِنَ الْجِنِّ يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآنَ [الأحقاف:29] فالمكذب بوجود الجن كافر، ولم يكذب به إلا طائفة من الفلاسفة والعقلانيين، وبعضهم زعموا أن الجن نوازع الشر في النفس الإنسانية، وأنهم ليسوا خلقاً مستقلاً وأنكروا وجودهم، وهؤلاء ولا شك ضلال، فإن المعرض عن كلام الله ورسوله لا يكون إلا ضالاً.
الهداية والضلال في عالم الجن
ولذلك فإنهم شياطين، الشيطان اسمٌ للكافر من الجن، وهم كثيرون جداً، وكانوا يسترقون الخبر من السماء، يركب بعضهم فوق بعض ليستمع الخبر من السماء كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: (إذا قضى الله الأمر في السماء ضربت الملائكة بأجنحتها خضعاناً لقوله كالسلسلة على صفوان) يعني: كصوت جر السلسلة على صخرة، وهو صوتٌ عظيم إِذَا فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ قَالُوا مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ قَالُوا الْحَقَّ وَهُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ [سبأ:23] فيسمعها مسترقو السمع الجن الذين يركب بعضهم فوق بعضٍ إلى السماء يستمعون شيئاً من كلام الملائكة عن أوامر الرب في مرض فلان، أو شفاء فلان أو موت فلان أو زلزالٍ في مكان كذا، ونحو ذلك من الأحداث الأرضية، فيسمعها مسترقو السمع واحداً فوق الآخر، وصف سفيان راوي الحديث بعضهم فوق بعض وفرج أصابع يده اليمنى نصب بعضها فوق بعض (هكذا يركب بعضهم فوق بعض) يستمعون هذه الأوامر بصوت الملائكة الذين نقلوها، قال النبي صلى الله عليه وسلم: فربما أدرك الشهاب المستمع قبل أن يرمي بها إلى صاحبه -أي: الذي تحته- فيحرقه ولا تصل الكلمة إلى الأرض، وربما لم يدركه -الشهاب- حتى يرمي بها إلى الذي يليه، حتى يلقوها إلى الأرض، فإذا وصلت الكلمة إلى الأرض من خبر غيبي سيحدث فتلقى على فم الساحر -الجن هؤلاء الشياطين المتعاونون مع الساحر يأتون بالخبر إلى هذا الكاهن- فيكذب معها مائة كذبة فيصدق من قبل المغفلين في الأرض من الإنس الذين يأتون طوابير فيقولون: ألم يخبرنا يوم كذا وكذا بكذا وكذا فوجدناه حقاً؟ للتي سمعت من السماء، رواه البخاري في صحيحه ، فالناس لا يذكرون من كلام الكاهن إلا الشيء الذي حصل، ويقولون: أخبرنا بوقوع كذا ووقع، ولا يذكرون الكذبات الكثيرة التي يخبرهم بها من عالم الغيب من التي لا تقع، وبعض هؤلاء الكهان أذكياء يستخدمون ذكاءهم في الشر، فربما يخبرهم عن أشياء متوقعة الحصول، وأشياء لا يبعد وقوعها تعرف بالاستنتاج مثلاً فلا يكتشفون أمره، إذاً لو فرضنا أن كاهنا أو عرافاً أو ساحراً أخبر شخصاً بأنه سيقع حدثاً، وهذا الحدث لا يمكن استنتاجه ولا معرفته أو توقعه ووقع كما قال، فربما يكون مما زوده به شيطانه من الأخبار التي يسترقها الجن من السماء، ولكن نسبة الصدق في كلامهم (1%) ونسبة الكذب في كلام الكهان (99%)، لكن المغفلين لا ينتبهون إلا لهذا الخبر الواحد الذي تحقق ويقولون: يعلم الغيب، ولا يعلم الغيب إلا الله.
ظهور القدرات الخارقة للجن في خدمتهم لسليمان
إذاً لهم قدرات عجيبة، ومن قدرتهم: استطاعتهم لنقل الأشياء عبر الجدران، والطيران بها في المسافات الشاسعة وإحضارها، وإدخالها عبر الجدران مرة أخرى إلى مكان ما، ولذلك قال سليمان وهو يفكر في طريقة لدعوة ملكة سبأ إلى الله وكيف يقنعها؟ قال يستشير من حوله من أولياء الله الصالحين ومن الجن الذين سخرهم الله له: قَالَ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ أَيُّكُمْ يَأْتِينِي بِعَرْشِهَا قَبْلَ أَنْ يَأْتُونِي مُسْلِمِينَ * قَالَ عِفْرِيتٌ مِنَ الْجِنِّ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ تَقُومَ مِنْ مَقَامِكَ [النمل:39-39] فهذا الجني الشديد كان يستطيع -ولم يكن يكذب في دعواه- أن يأتي بعرش ملكة سبأ من داخل قصرها في اليمن ويضعه داخل قصر سليمان في الشام قبل أن يقوم سليمان من مقامه! إذاً قضية استطاعتهم لنقل الأشياء عبر الجدران والأجسام الصلبة والطيران بها تلك المسافة الشاسعة في وقتٍ قصيرٍ جداً للغاية أمرٌ مقدورٌ لهم، أخبرنا الله عنه لا مجال للتكذيب به، فاستخدمت الشياطين هذه القدرات في إضلال الناس وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِنَ الْأِنْسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِنَ الْجِنِّ فَزَادُوهُمْ رَهَقاً [الجن:6] وهذا المنطلق الذي ننطلق به في استكشاف كل القصص التي يأتي بها الناس ويتداولونها عن أشياء خرقت العادة التي يعرفونها، ونقول: انتبهوا يا عباد الله! فليست كل خارقة كرامة من الله، ليست كل خارقة تدل على صلاح صاحبها، والنبي صلى الله عليه وسلم كان يمتحن الدجالين وذهب إلى عبد الله بن صياد ، وكان قد ظن أنه الدجال، وكان النبي عليه الصلاة والسلام حريصاً على كشف أمره فقال له: (قد خبأت لك خبئاً -يقول النبي عليه الصلاة والسلام مختبراً له- قال
وهكذا أعانت الشياطين مدعيي النبوة بعد النبي صلى الله عليه وسلم من أجل فتنة الناس فهذا الأسود العنسي الذي ادعى النبوة كان له من الشياطين -كما ثبت في التاريخ- من يخبره ببعض الأمور المغيبة، وكذلك مسيلمة الكذاب كان معه من الشياطين من يخبره بالمغيبات، ويعينه على بعض الأمور قال شيخ الإسلام رحمه الله كاشفاً زيف هؤلاء، ومن كلامه ننقل هذه الدرر النفيسة والتجارب العظيمة له رحمه الله مع هؤلاء في كشف أحوالهم، ينقل تاريخياً ومن واقعه، قال: وأمثال هؤلاء كثيرون مثل الحارث الدمشقي الذي خرج بـالشام زمن عبد الملك بن مروان وادعى النبوة وكانت الشياطين يخرجون رجليه من القيد -هو مقيد ويخرج من القيد- وتمنع السلاح أن ينفذ فيه -الشياطين تمنع السيوف والرماح من النفوذ في جسد هذا الدجال.
وهذا يذكرنا بما يفعله بعض أصحاب الطريقة الرفاعية الصوفية الضُلَّال من ضرب أجسادهم بالشيش، وما يفعله بعض الذين يستعينون بالشياطين في بعض السيركات أو الحفلات التي يعملونها من ضرب أنفسهم بسكاكين، أو بسيوف، ولا يخرج منه قطرة دم واحدة، وليس خداع نظر، بل شيء حقيقي، ما هو التعليل؟ عندما يعرف المسلم الحقيقة لا تنطلي عليه الأباطيل، الاستعانة بالشياطين، إذا كان الشيطان يستطيع أن يستخرج عرش ملكة سبأ وهو جسمٌ كبير عبر الجدار، فكذلك يستطيع أن يمنع اختراق السيف لجسم شخصٍ، أو أن يخترقه دون إيذاء كما يخترق عرش ملكة سبأ جدران قصرها، وتمنع السلاح أن ينفذ فيه، وتسبِّح الرخامة إذا مسحها بيده، هذا الدجال كان إذا مسح رخامة سبَّحت، وصوت التسبيح صادر من الشياطين الذين يعينونه لإضلال الناس -وكان يرى الناس رجالاً وركباناً على خيل في الهواء ويقول: هي الملائكة وإنما كانت جنا- فالجن تتشكل بأشكالٍ يراها هذا الدجال ويظنها ملائكة تنزل عليه بالوحي، وفعلاً يلقون في سمعه كلمات وهكذا مسيلمة كان يسمع شيئاً في أذنه فعلاً، وهو مما تنزلت به الشياطين، ولذلك لا يمكن أن تجعل الأحوال الشيطانية هذه دليلاً على أن هذا الرجل ولي من أولياء الله، ولا يمكن أن تُجعل أي خارقة من خوارق العادات دليلاً على أن هذا الرجل صالح أبداً، فإنه قد يكون مشركاً عظيماً من المشركين تساعده هؤلاء الشياطين.
من قدراتهم: الكلام بألسنة مختلفة والنقل السريع
حملته الجن، وليس بغريب يا إخوان ما دام أنهم يستطيعون حمل عرش سبأ من اليمن إلى الشام قبل أن يقوم سليمان من مقامه، فلا تستغرب أن يحملوا شخصاً إلى عرفة ويعودوا به، ليس ذلك بغريبٍ ولا مستحيل! وهو بالنسبة إلينا غريب، ولكن هؤلاء الذين يذهبون بهم إلى الحج قال شيخ الإسلام رحمه الله: فلا يحج حجاً شرعياً، بل يذهب بثيابه ولا يحرم إذا حاذى الميقات، فهو يتكلم عن مسألة لها علاقة بإحرامنا بالطائرة اليوم من فوق إذا حاذينا الميقات، ولا يلبي ولا يقف بـمزدلفة ولا يطوف بالبيت، ولا يسعى بين الصفا والمروة ولا يرمي الجمار بل يقف بـعرفة بثيابه ثم يرجع من ليلته وهذا ليس بحج، إذاً إذا سمعتم مرة بأهل الخطوة فكثيرٌ منهم دجالون كذابون لا يستطيعون إلا الاستعانة بالجن، ومنهم نفرٌ قليل تعينه الشياطين فعلاً.
من قدراتهم: التصور بصور الموتى
فيأتي هذا الشيطان بصورة الميت ويكلم الشخص بأمورٍ دقيقة تتعلق بالميت، وقد أخبرني أشخاصٌ عن أمورٍ حدثت لهم من هذا القبيل، فعلاً يأتيه بصورة أبيه، أو يأتيه بصورة لا يراها ويقول له: أنا روح أبيك، وبصوت أبيه؛ لأن القرين الشيطان الذي مع الأب يعرف صوت الأب، ويقلد صوت الأب، وإذا كانوا ينقلون الأشياء ويتشكلون، فهم يقلدون الأصوات أيضاً، ويصف له أشياء دقيقة في البيت لا يعرفها إلا الولد والأب الذي مات، وفعلاً يخرج الواحد من عند المشعوذ والعراف مذهولاً بسبب أنه لا يعرف حقيقة القضية، ونظراً لانتشار قضية العرافين والدجالين والمشعوذين جداً، فإننا نؤكد ونركز على هذه المسألة، تدخل الشياطين لإغواء الإنس، ويصدق الإنسان فعلاً بالعراف ليوقعه في الشرك.
قال شيخ الإسلام رحمه الله: وربما يكونون قد أحرقوا ميتهم بالنار كما تصنع كفار الهند فيظنون أنه عاش بعد موته، ومن هؤلاء شيخٌ كان بـمصر أوصى خادمه فقال: إذا أنا مت فلا تدع أحداً يغسلني، فأنا أجيء وأغسل نفسي، فلما مات رأى شخصاً في صورته فاعتقد أنه هو دخل وغسل نفسه، فلما قضى ذلك الداخل غسله غاب، وكان ذلك شيطانه، فإذاً لا تستغرب إذا سمعت ببعض الأخبار، فإن القضية واضحة لأهل الحق وضوح الشمس، دجالون ومشعوذون، كهنة وسحرة، وعرافون يتعاونون مع الشياطين لإضلال الناس، وهؤلاء المساكين الذين لم يستقر التوحيد في قلوبهم ينخدعون.
نسأل الله تعالى أن ينور بصائرنا، ونسأله سبحانه وتعالى أن يجعلنا على الحق مستقيمين، وبالتوحيد عاملين إنه سميعٌ قريبٌ، أقول قولي هذا، وأستغفر الله لي ولكم فاستغفروه؛ إنه هو الغفور الرحيم.
أولاً: لا بد أن نعود إلى الجذور، لا بد أن نعود للكلام عن الجن، ذلك العالم الذي خلقه الله تعالى كما خلق عالم الإنس وعالم الملائكة، والحمد لله رب العالمين، والعالمين جمع عالم، أخبرنا الله تبارك وتعالى أنهم خلقوا من النار، فقال عز وجل: وَالْجَانَّ خَلَقْنَاهُ مِنْ قَبْلُ مِنْ نَارِ السَّمُومِ [الحجر:27] .. وَخَلَقَ الْجَانَّ مِنْ مَارِجٍ مِنْ نَارٍ [الرحمن:15] ومارج النار: طرف اللهب، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: (خلق الملائكة من نور، وخلق الجان من نار، وخلق آدم مما وصف لكم) رواه مسلم رحمه الله تعالى.
وخلق الجن متقدمٌ على خلق الإنس، فكانوا قبلهم في الأرض بدليل قوله تعالى: وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْأِنْسَانَ مِنْ صَلْصَالٍ مِنْ حَمَأٍ مَسْنُونٍ * وَالْجَانَّ خَلَقْنَاهُ مِنْ قَبْلُ مِنْ نَارِ السَّمُومِ [الحجر:26-27] وقيل في سبب قول الله تعالى في كلام الملائكة لما قالوا لربهم في خلق آدم: أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ [البقرة:30] قالوا: إن الملائكة توقعت أن يكون هذا شأن المخلوق الجديد لما رأوا من المخاليق الذين قبله من الجن الذين أفسدوا فيها وسفكوا الدماء، وسمي الجن جناً لاستتارهم قال تعالى: فَلَمَّا جَنَّ عَلَيْهِ اللَّيْلُ [الأنعام:76] واستجن بالشيء أي: اتقى به واختفى وراءه، وأخبرنا النبي صلى الله عليه وسلم عليه وسلم عن أصنافهم وعن شيءٍ من قدراتهم، فقال في الحديث الصحيح: (الجن ثلاثة أصناف: فصنفٌ يطيرون في الهواء، وصنفٌ حياتٌ وكلاب، وصنفٌ يحلون ويظعنون) فأخبرنا بقدرتهم على الطيران وأخبرنا بقدرتهم على التشكل في هيئة حياتٍ وكلاب، ولا مجال للتكذيب بعالم الجن ألبتة، ومن أنكر وجود الجن فهو كافر، لأنه كذب الله تعالى الذي قال في محكم تنزيله: وَالْجَانَّ خَلَقْنَاهُ [الحجر:27] .. قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنَ الْجِنِّ فَقَالُوا إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآناً عَجَباً [الجن:1] .. وَإِذْ صَرَفْنَا إِلَيْكَ نَفَراً مِنَ الْجِنِّ يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآنَ [الأحقاف:29] فالمكذب بوجود الجن كافر، ولم يكذب به إلا طائفة من الفلاسفة والعقلانيين، وبعضهم زعموا أن الجن نوازع الشر في النفس الإنسانية، وأنهم ليسوا خلقاً مستقلاً وأنكروا وجودهم، وهؤلاء ولا شك ضلال، فإن المعرض عن كلام الله ورسوله لا يكون إلا ضالاً.