خلاصات في أحكام الزكاة


الحلقة مفرغة

إن الحمد لله، نستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ [آل عمران:102].يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً [النساء:1]. يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً [الأحزاب:70-71].

أما بعد:

فإن أصدق الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.

اللهم لك الحمد على ما بلغتنا من هذا الشهر الكريم، وعلى ما أنعمت به علينا من البدء في صيامه، فأتمم نعمتك علينا إنك سميع مجيب.

أيها المسلمون: بدخول شهر رمضان تتجدد أمور كثيرة من الذكريات، ويطوف ببال المسلم قضايا مهمة من الأمور التي يعيشها إخوانه المسلمون في هذا العصر والأوان، ويرتبط بشهر الصيام أمور متعددة سنقتصر على بيان واحد منها:

أولاً: لأنه ركن من أركان الإسلام.

وثانياً: أنه يهم كل مكلف، وهو فرض عين، بل حتى غير المكلفين يشملهم هذا الحكم، ونظراً لأن كثيراً من الناس قد ارتبط قيامهم بهذا الأمر وهو الزكاة في هذا الشهر العظيم؛ كان لا بد من الكلام عنه، وبيان شيء من أحكامه؛ ليكون المسلم على بينة، ويعبد ربه بالدليل والبينة فيما يقوم به من أموره وعباداته كلها.

الزكاة في القرآن

أيها المسلمون: يقول الله عز وجل: لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ [البقرة:177] إذاً لا بد من إخراج الزكاة وهي من البر، قال سبحانه وتعالى مبيناً من هم المسلمون، ومن هم إخواننا في الدين، ومن هم الذين يجب الكف عن قتالهم، قال تعالى: فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ [التوبة:5] وقال: فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ [التوبة:11] ومن هذه الآية وغيرها أخذ بعض أهل العلم أن تارك الزكاة كافر ولو لم يكن جاحداً فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ [التوبة:11] فإذا لم يتوبوا من الشرك، ولم يقيموا الصلاة، ولم يؤتوا الزكاة؛ فليسوا بإخواننا في الدين.

وذهب بعض أهل العلم إلى عدم كفر تارك الزكاة إذا منعها بخلاً ولم يمنعها جحوداً، قال الله عز وجل عن إسماعيل عليه السلام: وَكَانَ يَأْمُرُ أَهْلَهُ بِالصَّلاةِ وَالزَّكَاةِ [مريم:55] ووصف الله المؤمنين بقوله: وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكَاةِ فَاعِلُونَ [المؤمنون:4] وهدد وتوعد وقارن بين الربا والزكاة فقال: وَمَا آتَيْتُمْ مِنْ رِباً لِيَرْبُوَ فِي أَمْوَالِ النَّاسِ فَلا يَرْبُو عِنْدَ اللَّهِ وَمَا آتَيْتُمْ مِنْ زَكَاةٍ تُرِيدُونَ وَجْهَ اللَّهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُضْعِفُونَ [الروم:39] فبعض الناس يخرج الزكاة ابتغاء عرض دنيوي من ذكر أو شهرة أو ثناء من الناس ونحو ذلك، أو يخرجها لا عن طيب نفس فقال الله: وَمَا آتَيْتُمْ مِنْ زَكَاةٍ تُرِيدُونَ وَجْهَ اللَّهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُضْعِفُونَ [الروم:39] أي: الذين يضاعف لهم الأجر.

أيها المسلمون: ولأن الزكاة ركن من أركان الإسلام والشريعة تبين الأركان كما تبين غيرها؛ فقد بين الله في كتابه من هم الذين يستحقون الزكاة، وإلى أي أصناف الناس تصرف: إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ [التوبة:60] عليم بعباده، حكيم فيما شرع لهم.

حكم مانع الزكاة في الدنيا

أيها المسلمون! قال صلى الله عليه وسلم: (أمرت أن أقاتل الناس؛ حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله، ويقيموا الصلاة، ويؤتوا الزكاة، فإذا فعلوا ذلك عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحق الإسلام، وحسابهم على الله) لقد فهم أبو بكر رضي الله عنه هذا الحديث، فلما ارتد العرب وبعضهم منع الزكاة جاء في حديث أبي هريرة تفاصيل ما حدث فقال: (لما توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم، واستخلف أبو بكر بعده، وكفر من كفر من العرب، قال عمر لـأبي بكر : كيف تقاتل الناس وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا: لا إله إلا الله، فمن قال لا إله إلا الله؛ عصم مني ماله ونفسه إلا بحقه وحسابه على الله، فقال أبو بكر : والله لأقاتلن من فرق بين الصلاة والزكاة، فإن الزكاة حق المال، والله لو منعوني عقالاً كانوا يؤدونه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم لقاتلتهم على منعه، فقال عمر : فوالله ما هو إلا أن رأيت الله قد شرح صدر أبي بكر للقتال فعرفت أنه الحق) رواه البخاري وغيره.

ولذلك جاء حكم مانع الزكاة في السنة، فقال صلى الله عليه وسلم عن الزكاة: (من أعطاها مؤتجراً، يبتغي الأجر؛ فله أجرها، ومن منعها؛ فإنا آخذوها -بالقوة- وشطر ماله -وفي رواية- وشطر إبله -لأن المناسبة كانت في الإبل- عزمة من عزمات ربنا تبارك وتعالى، لا يحل لآل محمد منها شيء) حديث حسن.

إذاً: يجب على إمام المسلمين أو من يقوم مقامه أن يأخذ الزكاة من مانعه بالقوة ولو اضطروا لقتاله، زائد شطر ماله عقوبة على المنع، هذا هو الحكم الشرعي في مانع الزكاة.

عقوبة مانع الزكاة في الآخرة

قال صلى الله عليه وسلم عن حكمه في الدار الآخرة: (ما من صاحب ذهب ولا فضة، لا يؤدي منها حقها إلا إذا كان يوم القيامة، صفحت له صفائح من نار، فأحمي عليها في نار جهنم، فيكوى بها جنبه وجبينه وظهره، كلما بردت أعيدت له في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة؛ حتى يقضى بين العباد، فيرى سبيله إما إلى الجنة وإما إلى النار).

أيها المسلمون: ليست صفيحة واحدة ولكنها صفائح من نار، ليست نار الدنيا ولكنها نار جهنم فضلت على نارنا بتسعة وستين جزءاً.

أيها المسلمون: لا يكوى بها طرف واحد من جسده، ولكن يكوى بها جنبه وجبينه وظهره.

أيها المسلمون: إذا بردت لا ينتهي الأمر، كلما بردت أعيدت له.

أيها المسلمون: ليس في ساعة ولا في يوم ولا في جمعة، ولا في أسبوع، ولا في سنة يستمر ذلك العذاب، إنما هو في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة حتى يقضى بين العباد. (ولا صاحب إبل لا يؤدي منها حقها، ومن حقها عليه حلبها يوم وردها للفقراء على الماء، إلا إذا كان يوم القيامة بطح لها بقاع قرقر أوفر ما كانت لا يفقد منها فصيلاً واحداً، تطؤه بأخفافها وتعضه بأفواهها، كلما مرت عليه أولاها؛ رد عليه أخراها في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة، حتى يقضى بين العباد).

وفي البقر والغنم قال صلى الله عليه وسلم: (تأتي وتمر عليه تنطحه بقرونها، وتطؤه بأظلافها، كلما مرت عليه أولاها رد عليها أخراها في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة).

فماذا بعد أيها المسلمون؟ ماذا تريدون من الأدلة التي تدفع المسلم إلى إخراج زكاته عاجلاً عند حلول الحول، قبل أن يتوفاه الله، فيلقى ربه غضبان عليه، ويعذب في قبره، وفي الدار الآخرة بما جنى من منع الزكاة وعدم إخراجها، ماذا يقول الأغنياء من المسلمين الذين تصل زكاتهم إلى الملايين، وهم يمنعونها لأنهم قد استكثروا هذه الزكاة ولم يخرجوها كما أمر الله.

أيها المسلمون: يقول الله عز وجل: لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ [البقرة:177] إذاً لا بد من إخراج الزكاة وهي من البر، قال سبحانه وتعالى مبيناً من هم المسلمون، ومن هم إخواننا في الدين، ومن هم الذين يجب الكف عن قتالهم، قال تعالى: فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ [التوبة:5] وقال: فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ [التوبة:11] ومن هذه الآية وغيرها أخذ بعض أهل العلم أن تارك الزكاة كافر ولو لم يكن جاحداً فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ [التوبة:11] فإذا لم يتوبوا من الشرك، ولم يقيموا الصلاة، ولم يؤتوا الزكاة؛ فليسوا بإخواننا في الدين.

وذهب بعض أهل العلم إلى عدم كفر تارك الزكاة إذا منعها بخلاً ولم يمنعها جحوداً، قال الله عز وجل عن إسماعيل عليه السلام: وَكَانَ يَأْمُرُ أَهْلَهُ بِالصَّلاةِ وَالزَّكَاةِ [مريم:55] ووصف الله المؤمنين بقوله: وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكَاةِ فَاعِلُونَ [المؤمنون:4] وهدد وتوعد وقارن بين الربا والزكاة فقال: وَمَا آتَيْتُمْ مِنْ رِباً لِيَرْبُوَ فِي أَمْوَالِ النَّاسِ فَلا يَرْبُو عِنْدَ اللَّهِ وَمَا آتَيْتُمْ مِنْ زَكَاةٍ تُرِيدُونَ وَجْهَ اللَّهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُضْعِفُونَ [الروم:39] فبعض الناس يخرج الزكاة ابتغاء عرض دنيوي من ذكر أو شهرة أو ثناء من الناس ونحو ذلك، أو يخرجها لا عن طيب نفس فقال الله: وَمَا آتَيْتُمْ مِنْ زَكَاةٍ تُرِيدُونَ وَجْهَ اللَّهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُضْعِفُونَ [الروم:39] أي: الذين يضاعف لهم الأجر.

أيها المسلمون: ولأن الزكاة ركن من أركان الإسلام والشريعة تبين الأركان كما تبين غيرها؛ فقد بين الله في كتابه من هم الذين يستحقون الزكاة، وإلى أي أصناف الناس تصرف: إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ [التوبة:60] عليم بعباده، حكيم فيما شرع لهم.

أيها المسلمون! قال صلى الله عليه وسلم: (أمرت أن أقاتل الناس؛ حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله، ويقيموا الصلاة، ويؤتوا الزكاة، فإذا فعلوا ذلك عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحق الإسلام، وحسابهم على الله) لقد فهم أبو بكر رضي الله عنه هذا الحديث، فلما ارتد العرب وبعضهم منع الزكاة جاء في حديث أبي هريرة تفاصيل ما حدث فقال: (لما توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم، واستخلف أبو بكر بعده، وكفر من كفر من العرب، قال عمر لـأبي بكر : كيف تقاتل الناس وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا: لا إله إلا الله، فمن قال لا إله إلا الله؛ عصم مني ماله ونفسه إلا بحقه وحسابه على الله، فقال أبو بكر : والله لأقاتلن من فرق بين الصلاة والزكاة، فإن الزكاة حق المال، والله لو منعوني عقالاً كانوا يؤدونه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم لقاتلتهم على منعه، فقال عمر : فوالله ما هو إلا أن رأيت الله قد شرح صدر أبي بكر للقتال فعرفت أنه الحق) رواه البخاري وغيره.

ولذلك جاء حكم مانع الزكاة في السنة، فقال صلى الله عليه وسلم عن الزكاة: (من أعطاها مؤتجراً، يبتغي الأجر؛ فله أجرها، ومن منعها؛ فإنا آخذوها -بالقوة- وشطر ماله -وفي رواية- وشطر إبله -لأن المناسبة كانت في الإبل- عزمة من عزمات ربنا تبارك وتعالى، لا يحل لآل محمد منها شيء) حديث حسن.

إذاً: يجب على إمام المسلمين أو من يقوم مقامه أن يأخذ الزكاة من مانعه بالقوة ولو اضطروا لقتاله، زائد شطر ماله عقوبة على المنع، هذا هو الحكم الشرعي في مانع الزكاة.

قال صلى الله عليه وسلم عن حكمه في الدار الآخرة: (ما من صاحب ذهب ولا فضة، لا يؤدي منها حقها إلا إذا كان يوم القيامة، صفحت له صفائح من نار، فأحمي عليها في نار جهنم، فيكوى بها جنبه وجبينه وظهره، كلما بردت أعيدت له في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة؛ حتى يقضى بين العباد، فيرى سبيله إما إلى الجنة وإما إلى النار).

أيها المسلمون: ليست صفيحة واحدة ولكنها صفائح من نار، ليست نار الدنيا ولكنها نار جهنم فضلت على نارنا بتسعة وستين جزءاً.

أيها المسلمون: لا يكوى بها طرف واحد من جسده، ولكن يكوى بها جنبه وجبينه وظهره.

أيها المسلمون: إذا بردت لا ينتهي الأمر، كلما بردت أعيدت له.

أيها المسلمون: ليس في ساعة ولا في يوم ولا في جمعة، ولا في أسبوع، ولا في سنة يستمر ذلك العذاب، إنما هو في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة حتى يقضى بين العباد. (ولا صاحب إبل لا يؤدي منها حقها، ومن حقها عليه حلبها يوم وردها للفقراء على الماء، إلا إذا كان يوم القيامة بطح لها بقاع قرقر أوفر ما كانت لا يفقد منها فصيلاً واحداً، تطؤه بأخفافها وتعضه بأفواهها، كلما مرت عليه أولاها؛ رد عليه أخراها في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة، حتى يقضى بين العباد).

وفي البقر والغنم قال صلى الله عليه وسلم: (تأتي وتمر عليه تنطحه بقرونها، وتطؤه بأظلافها، كلما مرت عليه أولاها رد عليها أخراها في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة).

فماذا بعد أيها المسلمون؟ ماذا تريدون من الأدلة التي تدفع المسلم إلى إخراج زكاته عاجلاً عند حلول الحول، قبل أن يتوفاه الله، فيلقى ربه غضبان عليه، ويعذب في قبره، وفي الدار الآخرة بما جنى من منع الزكاة وعدم إخراجها، ماذا يقول الأغنياء من المسلمين الذين تصل زكاتهم إلى الملايين، وهم يمنعونها لأنهم قد استكثروا هذه الزكاة ولم يخرجوها كما أمر الله.

أيها المسلمون: هاكم طائفة من الأحكام -وإن أطلنا قليلاً- نظراً للحاجة إليها والبيان في هذا المجتمع العظيم الذي أنتم فيه.

شروط إخراج الزكاة

الزكاة: هي النماء والزيادة، ومن ملك أي صنف من الأصناف التي تجب فيها الزكاة من الذهب والفضة أو ما يقوم مقامهما من الأوراق النقدية أو عروض التجارة، أو الغنم والإبل والبقر، وغيرها من الأصناف الزكوية إذا بلغت نصاباً وحال عليها الحول وجب إخراج الزكاة فيها، حق الله ويشترك فيها حق للفقير أيضاً، لا بد من إخراج الزكاة، ولو كان المال ليتيم أو مجنون لا بد من إخراج الزكاة، ويخرجها عنه وليه.

نصاب الذهب والفضة في الزكاة

أيها المسلمون: قال صلى الله عليه وسلم: (ليس في أقل من عشرين مثقالاً من الذهب ولا في أقل من مائتي درهم -يعني: من الفضة- صدقة) فهذا هو الحد في زكاة النقدين. حديث صحيح.

وبناءً على ذلك: فإنك إذا سألت: كم يساوي الذهب الآن بالأوزان المتداولة؟ قوّم أهل العلم هذا النصاب الوارد في الحديث بما مقداره إحد عشر جنيهاً ذهبياً متداولاً هنا، وثلاثة أسباع من الذهب، أو ستة وخمسون ريالاً من الفضة، وإذا أردتها بالغرامات فإنها تقريباً خمسة وثمانون غراماً من الذهب تنقص قليلاً أو تزيد قليلاً، بحسب ما رأى أهل العلم والخبرة المقدرون لذلك.

ونصاب الفضة ما يعادل ستمائة وأربعة وثلاثين واثنين في العشرة غراماً من الفضة، هذا هو النصاب في النقدين، ولأن الريالات في هذه البلد أول ما خرجت وتجولت كانت مبنية على الفضة وكانت مقدرة، وكان المستعمل هو ريال الفضة، ولأن هذا هو الأحظ للفقير، صار النصاب من الأوراق النقدية مقدراً بالفضة في مبدأ الأمر، ولو تغير بعد ذلك فإنه الأحظ للفقير.

أن الرجل إذا كان عنده ستة وخمسون ريال فضة فأكثر، يخرج عن كل مائة اثنان ونصف، فإذا قيل لك: إن ريال الفضة الآن في السوق يساوي عشرة ريالات مثلاً أو تسعة، فإنك تعلم أن نصاب المال تقريباً الآن خمسمائة ريال فأكثر، وهو الأحظ للفقير يخرج من كان عنده هذا المبلغ، وأكثر الريالات الموجودة الزكاة الآن في كل ألف خمسة وعشرين ريالاً، والحمد لله إن أكثر الناس يملكون أكثر من هذا النصاب، فالواجب عليهم إذاً المبادرة لإخراج الزكاة فيها.

ويقول الناس: إنا لا نستلم رواتب فماذا نفعل؟ نقول: خذوا أول يوم استلمتم فيه مرتباً وليكن الثلاثين من شعبان في عام (1410هـ) مثلاً، فإذا جاء عندك في ثلاثين من شعبان (1411هـ) فانظر مثلاً ماذا عندك من الرصيد؟ أخرج في كل ألف خمسة وعشرين ريالاً، وأرح نفسك من العناء حول كل راتب، ومعرفة ما أخذت منه وما وفرت؛ فإنك ستتعب، فإن أردت سبيل الراحة والسماح وطيب النفس؛ فأخرج بهذه الطريقة.

فإن كنت متعوداً على إخراج زكاة المال مثلاً في الخامس عشر من رمضان، فإذا جاء هذا اليوم؛ فانظر ما عندك من الأموال؟ فأخرج على كل ألف خمسة وعشرين ريالاً، فإذا كان عندك أو عند زوجتك سبائك ذهب أو حلي وغيرها؛ فلا بد من إخراج الزكاة من كل، خمسة وثمانين غراماً فأكثر، ويعامل بمفرده في قيمة الذهب الحالية في السوق عند حلول الحول.

وكذلك فإن كل ما لدى الإنسان من أقلام أو ساعات ذهب وغيرها مع أنه لا يجوز أصلاً لبس الذهب للرجال، ولكن نقول: من ملك أشياء فيها ذهب، كلها تدخل مع النصاب، فإذا وصل خمسة وثمانين غراماً تقريباً تجب فيه الزكاة أو في قيمته الحالية في السوق في كل ألف خمسة وعشرين ريالاً.

حكم الزكاة في المعادن الثمينة

وأما المعادن الثمينة فإنه لا زكاة فيها ولو كانت أغلى من الذهب، مثل الألماس وغيرها لا زكاة فيها، لعدم ورود النص فيها، والأصل براءة الذمة إلا إذا أعدت للتجارة فصارت من عروض التجارة.

ولا يجب تكميل نصاب الذهب بالفضة التي عندك، فإنك تعامل الذهب بنصاب مستقل والفضة بنصاب مستقل، وتعامل ما ملكت البنت الأولى كنصاب مستقل وما ملكت البنت الثانية كنصاب مستقل، ولا يجب أن تجمعه جميعه.

وكذلك فإنه إذا نقص عن النصاب شيئاً يسيراً جداً، فأخرج الزكاة لأنه يصعب ضبطه، وكذلك إذا كان عندك شيء مخلوط بالذهب والفضة أو ذهب وألماس؛ فقدر الذهب عند أهل الخبرة، ثم ضم الذهب بعضه إلى بعض مما كنت تملكه أنت، أو ضم بعضه إلى بعض فيما تملكه زوجتك؛ لتعلم كم مقدار الزكاة فيه؟

ومن كان عنده هواية جمع نقود، فيجب إخراج الزكاة فيها إذا بلغت مع بقية ماله نصاباً.

حكم الزكاة في عروض التجارة

وأما عروض التجارة فتقوم السلع المعدة للبيع في آخر السنة، ويجب إخراج قيمة الزكاة عند حلول الحول في كل ألف خمسة وعشرين ريالاً.

وأما أموال السيولة في البنك مثلاً فإنه يخرج زكاتها أيضاً، والأراضي المعدة للبيع يجب إخراج الزكاة فيها؛ لأنها صارت من عروض التجارة إذا نوى بها البيع وعرضها للبيع، فبمجرد نية البيع وعقد العزم يبدأ الحول، فإذا حال عليها الحول؛ وجب إخراج الزكاة في قيمتها الحالية عند حلول الحول؛ لأن الأراضي معرضة للارتفاع والانخفاض، وأما الأرض المعدة للإيجار أو للسكن أو لبناء مشروع عليها أو محطة بنزين أو عمارات أو دكاكين للإيجار فلا زكاة فيها، وإنما الزكاة في الإيجارات إذا استلمت وحال عليها الحول، وأما إذا أعدت للبيع؛ فيجب فيها الزكاة، وإذا ترددت النية بين البيع والتأجير أو الاحتفاظ للنفس مثلاً؛ فإنه لا زكاة حتى تجزم بالبيع.

حكم زكاة الحلي

تجب الزكاة في حلي الزوجة على الزوجة لأنها صاحبة المال، إلا إذا تبرعْتَ بطيب نفس أن تخرج عنها؛ فلك الأجر بعد أن تعلمها بإخراج الزكاة عنها، وإذا كانت تجهل حكم الزكاة في الماضي؛ فلا إعادة عليها فيما مضى؛ لجهلها بهذا الحكم الذي وقع فيه اختلاف، لكن جاء الدليل الصحيح به في امرأة جاءت به إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وفي يد ابنتها مسكتان من ذهب (سواران) قال: (أتؤدين زكاة هذا؟ قالت: لا. قال: أيسرك أن يسورك الله بهما سوارين من نار يوم القيامة) فدل على وجوب إخراج الزكاة في الحلي سواءً ما كان مستعملاً أو للإعارة، أو يلبس مرة في السنة أو طيلة السنة أو لا يلبس أبداً، تجب فيه الزكاة على القول الراجح المسنود بالدليل من أقوال أهل العلم.

حكم زكاة الأسهم

وأما الأسهم فإنها تقوم عند حلول الحول، فيعرف قيمة الأسهم في السوق الآن وتخرج قيمتها، وأرباحها تضاف إليها، فليس هناك حول منفصل للأرباح ورأس المال، ولكن إذا حال الحول على رأس المال وهو الأسهم؛ تخرج زكاتها مع زكاة الأرباح ولو خرجت الأرباح قبلها بيوم.

حكم الزكاة فيما هو معد للاستعمال الشخصي

وأما ما أعده الإنسان لسكنه من أنواع الأثاث والأواني والسجاجيد وغيرها فلا زكاة فيها، كذلك السيارات إذا كانت معدة للاستعمال؛ فليس فيها زكاة ولو بلغت مائة سيارة والحمد لله، وصاحب سيارة الأجرة (التاكسي) لا يخرج الزكاة على سيارته؛ لأنها ليست معدة للبيع، فكل ما هو معد للاستعمال الشخصي لا زكاة فيه إلا الذهب والفضة.

يجب على المرأة إخراج الزكاة في الصداق إذا كان عندها، أو إذا كانت متى طالبت زوجها أعطاها، أما إذا لم تستطع المطالبة، فإنه ليس عليها إلا حين تقبضه وتخرجه مرة واحدة.

زكاة المزارع والزروع والثمار

وكذلك فإن المزارع لا زكاة فيها إلا إذا أعدت للبيع، وما يخرج من المزارع إذا كان من الأصناف الزكوية كالحبوب والثمار تجب فيها الزكاة حسب ما ورد في النصوص الشرعية من المقادير، وأما إذا كانت خضروات مثلاً فلا زكاة فيها لحديث: (ليس في الخضروات زكاة) فمن كان عنده بيوت محمية فيها خضروات؛ فلا زكاة فيها والحمد لله، الإسلام لا يهدف لإضرار الناس أبداً، في كل مائة اثنين ونصف في الأموال التي عندك، وبقية الأشياء مقادير يسيرة للمصالح العامة ولمصلحتك أنت قبل كل شيء.

حكم الزكاة في المنافذ المؤجرة

المنافذ المؤجرة وغيرها لا تجب فيها الزكاة إلا في الأجرة إذا حال عليها الحول، والأموال المعدة لشراء بيت أو للزواج أو لقضاء دين يجب فيها الزكاة؛ إذا كانت لا زالت عندك، أما إذا صرفتها في تسديد الديون قبل الحول؛ فلا زكاة فيها.

حكم الزكاة على الدين

إذا كان عليك ديون وعندك أموال، فالصحيح أن الدين لا يمنع إخراج الزكاة التي عندك، ولو كان الدين أكثر من المال الذي عندك، تخرج منه اثنين ونصف في المائة، إلا إذا أخرجت المال لتسديد الدين قبل حلول الحول فلا زكاة فيه.

وكذلك إذا كان لديك أموال عند الناس أسلفتهم إياها؛ فلا يجب عليك إخراج الزكاة فيها إلا إذا قبضتها منهم، فإذا كانوا أغنياء متى طالبتهم أعطوك -هذا تعريف الغني في هذا الحكم- تخرج عن كل السنوات الماضية، أما إذا كان مماطلاً أو فقيراً؛ فلا زكاة عليك إلا إذا قبضتها، وتخرجها مرة واحدة فقط.

ويحسن إخراج زكاة المال من جنسه، من الثمار ثمار، ومن الغنم غنم، ومن التجارة أموال، وهكذا تقوم، ويحسن ولكن لا يجب، فلو أخرجها مالاً كلها فلا بأس.

مصارف الزكاة

ويجب إعطاء الزكاة لمستحقيها والمستحقون هم المذكورون في الآية، والفقير هو من لا يجد شيئاً من الأشياء الضرورية، إذا كان لا يجد طعاماً أو شراباً أو سكناً أو أشياء ضرورية في البيت كالثلاجة والمكيف مثلاً ضرورية في البيت لكن الكنب ليس ضروري، فإذا كان لا يجد الأشياء الضرورية فهو فقير يعطى.

ويجوز إعطاء الزكاة للذين عليهم ديون لا يستطيعون أداءها وهم مطالبون الآن، أو مهددون بالسجن مثلاً، أو تخرجه من السجن لتسديد ما عليه.

وكذلك أصحاب الجنايات والديات يجوز إعطاؤهم منها؛ ليسددوا الجنايات والديات التي عليهم، ولا يجوز إعطاء الزكاة لتارك الصلاة والكافر أبداً، ويجوز إعطاؤها للفاسق الذي يرتكب شيئاً من المنكرات ولكن إعطاؤها للتقي أولى، ولا حرج في دفع الزكاة للأخ الفقير، الخال الفقير، العم الفقير، الأخت الفقيرة، العمة الفقيرة وهكذا، إلا من يلزمك نفقتهم فلا يجوز إعطاؤهم كالأصول (الآباء والأجداد) والفروع (الأبناء) والزوجة؛ لأنك مكلف بالنفقة عليهم شرعاً.

وكذلك لا يجوز صرف الزكاة لبناء مساجد أو طباعة مصاحف؛ لأنها ليست من مصارف الزكاة، ولا يعطى الخادم ولا السائق ولا الخادمة من الزكاة؛ لأن لهم راتباً إلا إذا كان فقيراً لا يكفيه راتبه وهو فقير في أهله؛ ولا يزال محتاجاً؛ فيجوز إعطاؤه، مع أن الأولى ألا يعطى؛ لئلا تحصل مكاسب وأشياء تعود عليك من إعطائه الزكاة، كأن يحسن خدمته أو لا يريد أن يجلس عندك، فيجلس عندك؛ لأنك أعطيته هذه الزكاة.

حكم النية في الزكاة

لا بد من النية عند إخراجها، فإن الإنسان لو تصدق قبل شهرين بخمسمائة ريال صدقة ولما جاءت الزكاة قال: أحسب الخمسمائة من الزكاة نقول: لا يجزئ؛ لأنك ما نويت الزكاة عند إخراج تلك الصدقة، فأما إذا نويت من قبل قلت هذه الزكاة مقدم خمسمائة ريال؛ فتحسب من الزكاة ولا بأس بذلك.

حكم إعطاء الزكاة للجمعيات الخيرية

واحذروا إذا دفعتم زكواتكم للجمعيات الخيرية، فلابد من التأكد أنها تصرف للمستحقين، وإلا من يعطي للجمعيات من غير تدقيق في من يأخذ وأين تصرف؛ فإن هذا على خطر عظيم.

وكذلك فإن أموال صناديق البر والصناديق الخيرية والرصيد في البنك لبناء مسجد والمجمع من متبرعين لا زكاة فيه.

حكم التصرف في مال الزكاة

وكذلك لا يجوز التصرف في المال بل لا بد من إعطائه الفقير، لا تشتر له بها أشياء ثم تعطيه، أعطه المال وهو يتصرف، إلا إذا كان أحمق أخرق لا يحسن التصرف؛ فيجوز أن تتصرف بشراء أشياء ضرورية له؛ لأنه لا يحسن التصرف، وأما إن كان عاقلاً يحسن التصرف، فلا تتصرف له في أمواله.

حكم إعطاء الزكاة للأقارب

وإذا لم يوجد عندك فقراء هنا؛ تعطيها لفقراء آخرين في بلدان أخرى خصوصاً إذا كانوا من الأقارب، فأنت تعطيها لهم إذا كانوا من الذين لا تلزمك نفقتهم. افرض أن لك عماً فقيراً في مصر أو الأردن أو غيرها من البلدان، فيجوز أن ترسلها إليه وتعطيها إياه، وهو أولى من غيره.

حكم تأخير الزكاة بسبب الضرر

وكذلك فإنه لو قال إنسان: أنا أتضرر لو أخرجت الآن، أي: إذا أخذت بعض ممتلكاتي أتضرر، نقول: لا بأس أن تتأخر الشهر والشهرين؛ فتخرج الزكاة مقسطة خلالها، ولكن لا تؤخر حق الله وحق الفقير.

حكم أخذ موزع الزكاة من زكاة الغني

وكذلك فإنه لا يجوز لإنسان أن يأخذ الزكاة من غني لنفسه وإن قال: آخذها وأعطيها محتاجين، لا يجوز أن يأخذها إلا بعد أن يخبر صاحب المال أنه هو المحتاج.

ولا يلزم إخبار الفقير عند إعطائه الزكاة أنها زكاة، فلا داعي للحرج، تعطيها وترسلها بأي طريقة، ومن يوقف الفقراء أمام بيته بالطابور؛ فعليه أن يخشى الله من إذلال الناس، إنما يوصلها إليهم في بيوتهم مخفية، لا يطلع عليها إلا الله، ومن فاتت الزكوات الماضية منه؛ فعليه أن يخرجها الآن، ويتدارك أمره قبل العذاب الأليم المترتب على عدم إخراجها.

نسأل الله سبحانه وتعالى أن يفقهنا وإياكم في دينه، وأن يرزقنا اتباع سنة نبيه، اللهم اجعلنا ممن يحفظ حدودك، ويؤدي حقوقك، اللهم اجعلنا من الوقافين عند حدودك لا من المعتدين، واغفر لنا أجمعين.

أقول قولي هذا، وأستغفر الله لي ولكم.

الزكاة: هي النماء والزيادة، ومن ملك أي صنف من الأصناف التي تجب فيها الزكاة من الذهب والفضة أو ما يقوم مقامهما من الأوراق النقدية أو عروض التجارة، أو الغنم والإبل والبقر، وغيرها من الأصناف الزكوية إذا بلغت نصاباً وحال عليها الحول وجب إخراج الزكاة فيها، حق الله ويشترك فيها حق للفقير أيضاً، لا بد من إخراج الزكاة، ولو كان المال ليتيم أو مجنون لا بد من إخراج الزكاة، ويخرجها عنه وليه.

أيها المسلمون: قال صلى الله عليه وسلم: (ليس في أقل من عشرين مثقالاً من الذهب ولا في أقل من مائتي درهم -يعني: من الفضة- صدقة) فهذا هو الحد في زكاة النقدين. حديث صحيح.

وبناءً على ذلك: فإنك إذا سألت: كم يساوي الذهب الآن بالأوزان المتداولة؟ قوّم أهل العلم هذا النصاب الوارد في الحديث بما مقداره إحد عشر جنيهاً ذهبياً متداولاً هنا، وثلاثة أسباع من الذهب، أو ستة وخمسون ريالاً من الفضة، وإذا أردتها بالغرامات فإنها تقريباً خمسة وثمانون غراماً من الذهب تنقص قليلاً أو تزيد قليلاً، بحسب ما رأى أهل العلم والخبرة المقدرون لذلك.

ونصاب الفضة ما يعادل ستمائة وأربعة وثلاثين واثنين في العشرة غراماً من الفضة، هذا هو النصاب في النقدين، ولأن الريالات في هذه البلد أول ما خرجت وتجولت كانت مبنية على الفضة وكانت مقدرة، وكان المستعمل هو ريال الفضة، ولأن هذا هو الأحظ للفقير، صار النصاب من الأوراق النقدية مقدراً بالفضة في مبدأ الأمر، ولو تغير بعد ذلك فإنه الأحظ للفقير.

أن الرجل إذا كان عنده ستة وخمسون ريال فضة فأكثر، يخرج عن كل مائة اثنان ونصف، فإذا قيل لك: إن ريال الفضة الآن في السوق يساوي عشرة ريالات مثلاً أو تسعة، فإنك تعلم أن نصاب المال تقريباً الآن خمسمائة ريال فأكثر، وهو الأحظ للفقير يخرج من كان عنده هذا المبلغ، وأكثر الريالات الموجودة الزكاة الآن في كل ألف خمسة وعشرين ريالاً، والحمد لله إن أكثر الناس يملكون أكثر من هذا النصاب، فالواجب عليهم إذاً المبادرة لإخراج الزكاة فيها.

ويقول الناس: إنا لا نستلم رواتب فماذا نفعل؟ نقول: خذوا أول يوم استلمتم فيه مرتباً وليكن الثلاثين من شعبان في عام (1410هـ) مثلاً، فإذا جاء عندك في ثلاثين من شعبان (1411هـ) فانظر مثلاً ماذا عندك من الرصيد؟ أخرج في كل ألف خمسة وعشرين ريالاً، وأرح نفسك من العناء حول كل راتب، ومعرفة ما أخذت منه وما وفرت؛ فإنك ستتعب، فإن أردت سبيل الراحة والسماح وطيب النفس؛ فأخرج بهذه الطريقة.

فإن كنت متعوداً على إخراج زكاة المال مثلاً في الخامس عشر من رمضان، فإذا جاء هذا اليوم؛ فانظر ما عندك من الأموال؟ فأخرج على كل ألف خمسة وعشرين ريالاً، فإذا كان عندك أو عند زوجتك سبائك ذهب أو حلي وغيرها؛ فلا بد من إخراج الزكاة من كل، خمسة وثمانين غراماً فأكثر، ويعامل بمفرده في قيمة الذهب الحالية في السوق عند حلول الحول.

وكذلك فإن كل ما لدى الإنسان من أقلام أو ساعات ذهب وغيرها مع أنه لا يجوز أصلاً لبس الذهب للرجال، ولكن نقول: من ملك أشياء فيها ذهب، كلها تدخل مع النصاب، فإذا وصل خمسة وثمانين غراماً تقريباً تجب فيه الزكاة أو في قيمته الحالية في السوق في كل ألف خمسة وعشرين ريالاً.


استمع المزيد من الشيخ محمد صالح المنجد - عنوان الحلقة اسٌتمع
اقتضاء العلم العمل 3615 استماع
التوسم والفراسة 3614 استماع
مجزرة بيت حانون 3544 استماع
الآثار السيئة للأحاديث الضعيفة والموضوعة [2،1] 3500 استماع
اليهودية والإرهابي 3429 استماع
إن أكرمكم عند الله أتقاكم 3429 استماع
حتى يستجاب لك 3396 استماع
المحفزات إلى عمل الخيرات 3376 استماع
ازدد فقهاً بفروض الشريعة 3350 استماع
الزينة والجمال 3340 استماع