أرشيف المقالات

رؤية فيزيائية قاصرة لعلو الله وجبروته في ومضة من خلقه

مدة قراءة المادة : 18 دقائق .
عَّلمتنا الفيزياء أن للقوى الأساسية الأربع التي تحكم كوننا بداية مُحددة، وهذه القوى هي : القوى الجاذبيةGravitational Force، والقوى الكهرومغناطيسيةElectromagnetic Force ، والقوى النووية القويةStrong nuclear Force ، والقوى النووية الضعيفة Weak nuclear Force ..
وقد ظهرت هذه القوى مع أول الهيجزات Higgs – الجسيمات الأولية - في أول ثانية من الإنفجار الكبير.(1) تختلف هذه القوى فيما بينها إختلافاً جذرياً في قوّتها، وفي عملها، ومجال تأثيرها، فتعمل القوى النووية القوية والقوى النووية الضعيفة في مجال الجُسيمات تحت الذرية، وتعمل القوى الجاذبية والقوى الكهرومغناطيسية في مجال الذرات نفسها .(2) وهناك تناسب بالغ الدقة بين هذه القوى وإلا لتناثرت مادة الكون فور تكونها، أو لانكمشت على نفسِها للأبد، وتختلف هذه القوى فيما بينها من حيث الشدة إختلافاً شاسعاً، فإن النسبة بين القوى الكهرومغناطيسية والجاذبية هي 1: 10 أس40، وهو فرق شاسع لا يمكن إستيعابه .(3) كذلك الفرق بين القوى النووية القوية والقوى الجاذبية، هو أيضاً فرق مهول للغاية، ولو افترضنا أن الأرض التي تجذب الإنسان بقوى الجاذبيّة، قامت بجذبه بالقوى النووية القوية، فإن وزن الإنسان على الأرض سيُعادل مائة مليون نجم! .(4) لكن السؤال الآن : ما الذي يجعل القوى الجاذبية بهذا الضعف الشديد، والقوى النووية القوية بهذه القوة الشديدة ؟ مع أن هذا الفارق الرهيب في موازين القوى ليس من شروط ظهور الجسيمات الأُولى، ولا من مُعطياتها ..!! إنه الإعداد الإلهي بالعناية الفائقة التي لا تتخلف ولا تتأخر عن موعدها، فسُبحان العليّ القهار . يقول ماكس تيجمارك Max Tegmark عالم الكونيات الأمريكي: " إذا كانت القوى الكهرومغناطيسية أضعف مما هي عليه ب4% فقط، لانفجرت الشمس فور تكونها، وستصبح نفس النتيجة إذا زادت القوة الكهرومغناطيسية عما هي عليه، إن ثوابت الطبيعة تبدو مُعدَّة بعناية عند مستوى ما، وإذا كانت القوى النوويّة الضعيفة أقل مما هي عليه الآن لن يتكون الهيدروجين، وبالتالي سيظل الكون مجرد غبار كوني، وإذا كانت أقوى قليلاً فإن جسيمات النيوترينو neutrinos ستعجز عن مغادرة المستعرات العملاقة - السوبرنوفا Supernova- وبالتالي لن تنتقل العناصر اللازمة للحياة خارج المستعرات العملاقة – النجوم المُنفجرة -." (5) إنها ثوابت على أقصى حد من الإعداد بعناية، وحِساب للمستقبل، والضبط السابق للأحداث..!! وقوى الجاذبية لو كان أقوى قليلاً مما هي عليه الآن لما إستغرقت حياة الشمس التي ستتكون بعد ذلك أكثر من عشرة آلاف سنة .(6) فهذا ضبط غير قابل للإختزال أو للتأجيل، فسبحان بديع السماوات والأرض .!! وإذا إنتقل المرء من المنظومة الذرية إلى المنظومة دون الذرية the sub_atomic particles، فسيكتشف أن كتلة الجسيمات دون الذرية تشكّلت في استقلاليّة تامة، ومع ذلك تختلف الكُتل فيما بينها اختلافاً جذرياً، بما يسمح بتشكيل أنوية الذرات، وبدون ذلك لإنهار الكون على نفسه فور ظهوره، فكتلة الإلكترون Electron mass تمثل 0.2% من كتلة النيوترون Neutron mass، وهذه هي الكتلة القياسية لتكوين الذرَّة .(7) ولو كانت كُتلة البروتون Proton أثقل مما هي عليه الآن ب0.2% فقط، فإنه سينحَّل إلى نيوترونات Neutrons، وبالتالي سيعجز عن الإمساك بالإلكترونات التي تدور حول النواة وسينهار النموذج الذري، ولو كانت النسبة بين كتلة البروتون إلى كتلة الإلكترون أقل قليلاً مما هي عليه الآن، فلن تظهر نجومٌ مستقرّة، ولو كانت أعلى قليلاً مما هي عليه الآن فلن تظهر الأنظمة التشفيرية في خلايا الكائنات الحية DNA – لأن الأنظمة التشفيرية تعتمد على توازن ذرات الكربون التي تُشكِّل القواعد النيتروجينية في أنظمة التشفير، وذرات الكربون تحتاج إلى توازن كتلة البروتون مع كتلة الإلكترون حتى يصبح الكربون ذرة مستقرة -..
وبالتالي لن يظهر الكائن الحي .(8) وعندما تلتحم ذرتان من الهيدروجين فإن 0.7 % من كتلة الهيدروجين تتحول إلى طاقة، لو كانت هذه الكتلة هي 0.6% بدلا من 0.7% ، فإن البروتون لن يلتحم بالنيوترون، ولظل الكون مجرد هيدروجين فحسب، ولما ظهرت باقي العناصر، ولو كانت الكُتلة المتحوّلة إلى طاقة هي 0.8% بدلاً من 0.7% ،لأصبح الالتحام سريعاً للغاية، الأمر الذي سيؤدي إلى إختفاء الهيدروجين فوراً من الكون، فتستحيل معه الحياة، فالرقم يلزم أن يكون بين 0.6% و 0.8% .
(9) ولو تدَّبر الإنسان هذه المعاني، وهذه التوازنات الدقيقة في عالم الكون، وفي العالم الذري ، وفيما دون الذرة، سيُدرِك بجلاء معنى إسم الله العلي الجبَّـار، الذي جَبَر مخلوقاته وأخضعها لإرادته ومشيئته، وأخرجها من بين إحتمالات لا نهائية، إلى حتمية واحدة مثالية Fine-tuning of universe، حتمية لا تحيد عنها ولا تطيش ..
بعد أن أخرجها من الإمكان إلى ما كان!. واسم الله الجبَّار عائد على اسمه العلي، فهو جَبَر مخلوقاته بعُلوِّه وعظيم قدرته، سبحانه العلي القدير: {هو الله الذي لا إله إلا هو الملك القدوس السلام المؤمن المهيمن العزيز الجبار المتكبر سبحان الله عما يشركون} (الحشر:٢٣) هوامش المقال 1- http://www.britannica.com/EBchecked/topic/222177/fundamental-interaction 2- http://www.worldscientific.com/worldscibooks/10.1142/8647 3- http://en.wikipedia.org/wiki/Strong_interaction 4- Lee Smolin ..
The Life of the Cosmos 5- Max Tegmark writes:"For instance, if the electromagnetic force were weakened by a mere 4%, then the sun would immediately explode .
If it were stronger, there would be fewer stable atoms.
Indeed, most if not all the parameters affecting low-energy physics appear fine-tuned at some level, in the sense that changing them by modest amounts results in a qualitatively different universe .If the weak interaction were substantially weaker, there would be no hydrogen around, since it would have been converted to helium shortly after the Big Bang.
If it were either much stronger or much weaker, the neutrinos from a supernova explosion would fail to blow away the outer parts of the star, and it is doubtful whether life-supporting heavy elements would ever be able to leave the stars where they were produced.." source: space.mit.edu/home/tegmark/multiverse.pdf 6- http://home.earthlink.net/~almoritz/cosmological-arguments-god.htm 7- http://en.wikipedia.org/wiki/Electron 8- Max Tegmark writes:" If the protons were 0.2% heavier, they would decay into neutrons unable to hold onto electrons, so there would be no stable atoms around.
If the proton-to-electron mass ratio were much smaller, there could be no stable stars, and if it were much larger, there could be no ordered structures like crystals and DNA molecules" source: space.mit.edu/home/tegmark/multiverse.pdf 9- Martin Rees,..
Just Six Numbers

شارك الخبر

ساهم - قرآن ٢