أرشيف المقالات

تخريج حديث: استاكوا عرضا، وادهنوا غبا، واكتحلوا وترا

مدة قراءة المادة : 10 دقائق .
تخريج حديث: اسْتَاكُوا عَرْضًا، وَادَّهِنُوا غِبًّا، وَاكْتَحِلُوا وِتْرًا
 
«اسْتَاكُوا عَرْضًا، وَادَّهِنُوا غِبًّا، وَاكْتَحِلُوا وِتْرًا».
(1/ 135).
لا أصل له بهذا اللفظ.


قال السخاوي في «المقاصد الحسنة» (ص107): «حديث استاكوا عرضًا، وادهنوا غبًّا، واكتحلوا وترًا، قال ابن الصلاح: بحثت عنه فلم أجد له أصلًا ولا ذكرًا في شيء من كتب الحديث، قال: وقد عقد البيهقي بابًا في الاستياك عرضًا، ولم يذكر فيه حديثًا يحتج به» اهـ.
 
وقد ورد معناه في أحاديث مختلفة.
 
وقد تقدم تخريج أحاديث الاكتحال، وحديث نهي النبي صلى الله عليه وسلم عن الترجل إلا غبًّا.
 
وأما الاستياك عرضًا، فقد ورد فيه ثلاثة أحاديث:
الحديث الأول: أخرجه أبو داود في «المراسيل» (5)، ومن طريقه البيهقي في «الكبير» (175)، قال: حدثنا محمد بن الصباح بن سفيان، قال: أخبرنا هشيم، عن محمد بن خالد القرشي، عن عطاء بن أبي رباح، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إِذَا شَرِبْتُمْ فَاشْرَبُوا مَصًّا، وَإِذَا اسْتَكْتُمْ فَاسْتَاكُوا عَرْضًا».
 
ضعيف جدًّا؛ فيه ثلاث علل:
العلة الأولى: الإرسال.
العلة الثانية: عنعنة هشيم بن بشير.
قال الحافظ في «التقريب»: «ثقة، ثبت، كثير التدليس، والإرسال الخفي».
العلة الثالثة: جهالة محمد بن خالد القرشي.
 
ترجمه البخاري في «التاريخ الكبير» (1/ 73)، وابن أبي حاتم في «الجرح والتعديل» (7/ 242)، والمزي في «التهذيب» (25/ 154)، ولم يذكروا فيه جرحًا ولا تعديلًا، وقال الحافظ في «التقريب»: «مجهول».
 
وقال ابن القطان الفاسي في «بيان الوهم والإيهام» (3/ 42): «وذكر من المراسل أيضًا عن محمد بن خالد القرشي، عن عطاء بن أبي رباح، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إذا شربتم فاشربوا مصًّا» الحديث، ولم يقل بإثره شيئًا، كأنه اكتفى في تعليله بالإرسال، ومحمد بن خالد لا تعرف حاله، ولا يعرف روى عنه غير هشيم، وبذلك ذُكِر في كتب الرجال من غير مزيد» اهـ.
***

الحديث الثاني: أخرجه أبو القاسم البغوي في «معجم الصحابة» (225)، وابن قانع في «معجم الصحابة» (1/ 105)، وابن حبان في «المجروحين» (1/ 240)، والطبراني في «الكبير» (12/ 45) (1242)، وابن عدي في «الكامل» (10/ 491)، وابن منده في «معرفة الصحابة» (ص305، 306)، وأبو نعيم في «معرفة الصحابة» (1195)، وفي «الطب النبوي» (735)، والبيهقي في «الكبير» (173)، وابن عبد البر في «التمهيد» (1/ 394)، وابن عساكر في «تاريخ دمشق» (11/ 471)، من طريق يحيى بن عثمان الحمصي، عن اليمان بن عدي، عن ثبيت بن كثير البصري الضبي، عن يحيى بن سعيد، عن سعيد بن المسيب، عن بهز، قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم يستاك عرضًا، ويشرب مصًّا، ويتنفس ثلاثًا، ويقول: «هُوَ أَهْنَأُ، وَأَمْرَأُ، وَأَبْرَأُ».
منكر.

قال ابن منده: «رواه إبراهيم بن العلاء الزبيدي، عن عباد بن يوسف، عن ثبيت، عن علي سعيد، عن ابن المسيب، عن القشيري، وكذلك رواه اليمان بن عدي.
ورواه سليمان بن سلمة، عن اليمان بن عدي، فقال: هو عن معاوية القشيري.
ورواه هشام بن عمار، عن مِخْيَس بن تميم، عن بهز بن حكيم، عن أبيه، عن جده، فذكر نحوه»
اهـ.
قال أبو القاسم البغوي عقيب روايته: «منكر».
وقال البيهقي: «لا أحتج بمثله».
اليمان بن عدي.
قال البخاري في «التاريخ الكبير» (8/ 425): «في حديثه نظر».
وأورد له ابن عدي هذا الحديث، ثم قال: «وهذا اليمان يحدث به عن ثبيت بن كثير، وثبيت غير معروف، ولليمان أحاديث، يروي عن الزبيدي وعن غيره من أهل حمص بأحاديث غرائب، وأرجو أنه لا بأس به» اهـ.
وثبيت بن كثير.
قال ابن حبان: «ثبيت بن كثير الضبي، من أهل البصرة، يروي عن يحيى بن سعيد الأنصاري، روى عنه اليمان بن عدي الحضرمي الحمصي، منكر الحديث على قلته، لا يجوز الاحتجاج بخبره إذا انفرد»، ثم أورد له هذا الحديث.
 
قلت: وله شاهد:
أخرجه العقيلي في «الضعفاء» (4/ 247)، وأبو بكر الشافعي في «الغيلانيات» (1025)، وابن منده في «معرفة الصحابة» (ص608)، وأبو نعيم في «معرفة الصحابة» (2773)، والبيهقي في «الكبير» (174)، وابن عبد البر في «التمهيد» (1/ 395)، والخطيب في «المتفق والمفترق» (1120)، عن جعفر بن محمد الزعفراني، قال: حدثنا عمر بن علي بن أبي بكر الأشعري، قال: حدثنا علي بن ربيعة القرشي المدني، عن يحيى بن سعيد، عن سعيد بن المسيب، عن ربيعة بن أكثم، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يستاك عرضًا ويشرب مصًّا ويقول: «هُوَ أَهْنَأُ وَأَمْرَأُ».
قال البيهقي: «لا أحتج بمثله».
وقال العقيلي: «لا يصح».
وقال ابن عبد البر عقيب روايته لحديث بهز، وحديث ربيعة بن أكثم: «هذان الحديثان: حديث بهز، وحديث ربيعة بن أكثم، ليس لإسناديهما عن سعيد أصل، وليسا بصحيحين من جهة الإسناد عندهم» اهـ.
 
قلت: فيه أكثر من علة:
العلة الأولى: الانقطاع بين سعيد بن المسيب، وربيعة بن أكثم.
قال البيهقي في «السنن الكبير» عقيب روايته للحديث: «فأما ربيعة بن أكثم، فإنه استشهد بخيبر».
وقال ابن عبد البر في «الاستيعاب» (2/ 490): «ربيعة بن أكثم بن سخبرة الأسدي..
ومن حديثه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يستاك عرضًا، ويشرب مصًّا، ويقول: «هو أهنأ وأمرأ»، روى عنه سعيد بن المسيب، ولا يحتج بحديثه، لأن من دون سعيد لا يوثق بهم لضعفهم، ولم يره سعيد، ولا أدرك زمانه بمولده؛ لأنه وُلد زمن عمر بن الخطاب»
اهـ.
 
العلة الثانية: علي بن ربيعة القرشي.
قال العقيلي (4/ 247): «علي بن ربيعة القرشي، مجهول بالنقل، حديثه غير محفوظ، ولا يتابعه إلا من هو دونه»، ثم أورد له هذا الحديث، ثم قال: «ولا يصح».
***

الحديث الثالث: أخرجه أبو نعيم في «كتاب السواك»، كما في «الإمام» لابن دقيق العيد (1/ 391)، عن محمد بن المظفر، عن عبد الجبار بن أحمد، عن جعفر بن مسافر، قال: حدثنا يحيى بن مسافر، قال: حدثنا يحيى بن حسان، قال: حدثنا عبد الله بن حكيم، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة رضي الله عنها، قالت: كان النبي صلى الله عليه وسلم يستاك عرضًا، ولا يستاك طولًا.
موضوع.

قال ابن الملقن في «البدر المنير» (1/ 727): «عن عائشة رضي الله عنها قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يستاك عرضًا، ولا يستاك طولًا.
رواه أبو نعيم من حديث عبد الله بن حكيم، عن هشام بن عروة، عن أبيه عنها.
وعبد الله هذا ضعيف.
قال أحمد: يروي أحاديث منكرة، ليس هو بشيء.
وقال يحيى: ليس بشيء.
وقال مرة: ليس بثقة.
وكذلك قال النسائي.
وقال علي: ليس بشيء، لا يكتب حديثه.
وقال السعدي: كذاب مصرح.
وقال الدارقطني: ضعيف.
وقال ابن حبان: يضع الحديث على الثقات»
اهـ.
 
وقال الحافظ في «التلخيص الحبير» (1/ 109): «ورواه أبو نعيم في «كتاب السواك»، من حديث عائشة، قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يستاك عرضًا، ولا يستاك طولًا.
وفي إسناده عبد الله بن حكيم، وهو متروك»
اهـ.

شارك الخبر

فهرس موضوعات القرآن