القطار...!! - أحمد كمال قاسم
مدة
قراءة المادة :
دقيقتان
.
ركب عامل الإصلاح القطار، كان مطلوبًا منه إصلاح بعض الأشياء دون أن يتوقف القطار خصيصًا لذلك، فلما صعد بدأ في الإصلاح، وإذا بأحد الناس اللطفاء -وقد بدا عليه جاهٌ ومنصبٌ- يجاذبه أطراف الحديث، ففرح به العامل وتعرف عليه بسرعة، وأخذا بتسامران، حتى أعجب كلام راكب القطار العامل وشده انتباهه له، فأبطأ في إصلاحه رويدًا رويدًا حتى تركه على أن يكمله بعدما يوثق معرفته بهذا الإنسان اللطيف الرائع، فالناس كنوز ولا يليق بمثل هذا الرجل أن يكلمه بينما هو يصلح! أخذهما الحديث ومحطة تفوت بعد محطة وأناسٌ ينزلون وغيرهم يصعدون، حتى أن تآلفوا أشد التآلف ومر وقت وهم سعداء بالألفة...فوجد العامل المشرف عليه صعد له، وقال له: لِمَ لم تنهِ عملك؟
فرد مرتبكًا: سأكمله الآن يا سيدي
رد عليه بتعجب: لا وقت هنالك، يجب أن ننزل المحطة القادمة ليتم التحقيق معك في تقصيرك...
نظر العامل إلى صديق القطار وأليفه نظرة استغاثة، وقال له: ألا تنزل معي صديقي فأنت ذو منصب وقد تتدخل في التحقيق؟!!
وأثناء استغاثة العامل، كان الرجل المتأنق ينظر إليه بحسرة وألم أن سينزل ولم يعرف أين ومتى سيقابله، ثم قال ردًا على الاستغاثة:
أيها الرجل الرائع كم أحببتك وألِفتك؛ لكني لا أستطيع النزول، فهذه ليست محطتي وهذا ليس باب نزولي...
وذرفت عيناه الدمع عليه...
وقال له: آآآسف رفيق القطار...
جاءت المحطة...
نزل العامل مسحوبًا من مُشرفه...
وما زالت عينا الرجل الأنيق تذرف دمعًا على الفراق...