رسالة الفن
مدة
قراءة المادة :
16 دقائق
.
دراسات في الفن
النحت فن الصمت
على ذكر معرض مختار
للأستاذ عزيز أحمد فهمي
خلق الله سبحانه وتعالى الإنسان من طين فكان الإنسان تجسيداً لما جرى في علمه تعالى من صوره، وكان الإنسان مجالاً لطائفة من آيات الله أراد لأمر أن يراها حية على مسرح الكون
هذه حقيقة لا أجبر القارئ على أن يؤمن بها معي وفق ما أرضاه، وإنما أدعه يؤمن بها على هواه، فإذا كان من أصحاب الدين فهو معي، وإذا لم يكن منهم فهو معي أيضاً، ولكن بعد فرقة قصيرة لابد إن يلقاني إثرها ليشهد أن الإنسان كان التمثال الذي يرجع إليه المثالون جميعاً مستوحين مستلهمين، ومتعلمين دارسين، وباحثين مدققين، ومعجبين مأخوذين وليشهد أيضاً أن الإنسان ما يزال هو هذا المنبع الذي لم ينضب منذ تعقبه الفن، وليشهد بعد هذا وذاك أن الإنسان لن ينفك أن يكون المورد الذي يقصد إليه كل من يبهره الفن الناضج الكامل
هذه هي البداية التي يجب أن نلتقي عندها لنمشي معاً ولننظر بعدها إلى الإنسان - وهو مرجع الفن - كما ينظر إليه النحات الفنان.
أي شيء في هذا الإنسان؟ وأي شيء في الحيوان معه؟ وأي شئ أغرى المثالين بأن يكثروا من تماثيل الناس إكثاراً ملحوظاً، فلم يحيدوا عنها إلا إلى الحيوان قليلاً، ثم لم يرضوا بعد ذلك أن يعرجوا على النبات والجماد فيستقوا منهما فناً؟
إنها هي الحياة من غير شك - والحركة مع الحياة - فليس شيء يميز الإنسان ومعه الحيوان أمام النحت على النبات والجمال غير الحياة الحركة. فإذا قلنا (الجمال) رأينا في الزهر والجوهر جمالاً؛ وإذا قلنا (الجلال) رأينا في الدوح والجبل جلالاً، وإذا قلنا (الصوت) رأينا النحت يهمله لأنه يقصر عنه.
فلم يبق - فيما أظن - للإ والحيوان مميزاً على غيرهما في رأي النحت إلا الحياة والحركة كما قدمت.
فما هي الحياة؟ أهي في نظر النحات هذا النمو الجسدي الذي يقود الإنسان من طفولته إلى شيخوخته؟ أم هي هذا الاضطراب النفسي الذي لا يهدأ فورانه بين جنبيه مادام حيا والذي ينتاب وجهه وتقاطيعه وقسماته بالتعبير المتواصل الذي تصور كل حالة من حالاته رعدة من رعدات هذا الفوران أو هدأة من هد آته؟ أم هي هذا وذاك؟ بعض المثالين يذهب في فنه - سواء أكان متعمداً أم غير متعمد - إلى المذهب الأول، وبعضهم يذهب المذهب الثاني، وبعضهم لا يذهب مذهباً من هذين وإن كان يجمع في فنه ما يوفق إليه الأوائل، وما يهتدي إليه الأواخر.
توفيقاً وهديا أما أصحاب المذهب الأول فقد كثروا في مصر في هذه الأيام، فكل معارض النحت التي تقام في مصر الآن لا تحوي من التماثيل إلا ما تقف أمامه لتقول إن هذا التمثال يمثل رجلاً في السبعين، أو فتاة في العشرين، أو صبياً في العاشرة، أو طفلة في الرابعة.
أما هذا الفوران الذي نذكره فهو بعيد عنهم، وهم بعيدون عنه.
ولعل ذلك يرجع إلى أن النحت فن لا يزال ينتفض تحت أثقال السنين التي تراكمت عليه في مصر فدفنته وكتمت أنفاسه دهوراً وأما أصحاب المذهب الثاني فهم الذين كنا نتوقع أن نرى لهم أثراً ملحوظاً في معرض المختار الأخير.
فقد طلب من المتسابقين في هذا المعرض أن يسجل كل منهم في تمثاله معالم الصلاة ومعانيها أو ما شاء من هذه المعالم والمعاني، فما كان من حضراتهم - أومن أغلبهم - إلا أن سجلوا من حركات الصلاة ما طاب لهم، موجهين كل اهتمامهم إلى إظهار تمكنهم من دراسة التشريح، وإبداء مقدرتهم على محاكاة جثة الإنسان.
وعلم الله أني لا أعرف ممن كانت تتألف لجنة التحكيم في هذا المعرض وإن كنت موقناً بأنها ضمت صفوة مختارة من المثقفين الأفاضل؛ غير أنه يخيل إلي أنهم كانوا بعيدين إلى حد كبير عن هذا الذي نسميه (ما وراء المظهر).
والدليل على ما أقول انهم منحوا الجائزة الأولى تمثالا أزرق يمثل شيخاً معمما مهندما جالساً على حصيرة آنية جلسة يجلسها المصلون إذا ما فرغوا من صلاتهم وراحوا يسترجعون في أذهانهم ما أنفقوه وما كسبوه في يومهم، ويستعيدون إلى ذاكرتهم ما قيدوا أنفسهم به من مواعيد أعمالهم أو لهوهم.
كل هذا والمسابح في أيديهم تجري حباتها بين أصابعهم! حبة تضرب حبة كدقات الساعات في جيوبهم لا هم انشغلوا بها، ولا هي لفتتهم إلى أوقاتهم.
هذا التمثال الذي لا يطالع ناظره بأي معنى من معاني الصلاة أعطى الجائزة الأولى لأن مظهره حسن في أعين حضرات المحكمين.
والحق أنه أهل لجائزة ولكن على أن يقدم في مسابقة يكون موضوعها: (الجلوس على الحصيرة) لا (الصلاة)! أما تمثال الصلاة فقد كان له أشباهه في المعرض لست أدري كيف غمضت عنها عيون المحكمين، فقد كان في المعرض تمثال لشيخ فانٍ يقرأ التحيات، ويومئ بسبابته اليمنى شاهداً أن لا إله إلا الله، ويميل بكتف إلى جنب ميلة من ثقلت عليه الحياة فصبر، ولكنه تخاذل فضعف وآن له أن يتحطم، ولكنه استعان على ماضيه وحاضره ومستقبله.
بالصلاة.
وكان في المعرض أيضاً تمثال لرجلين أحدهما كَبَّرَ ووقف يتلو الفاتحة، والآخر لحقه فائتم به ورفع يديه ينوي الصلاة وراءه.
وقد ألقيت النظرة الأولى على هذا التمثال فلم أملك إلا أن أَتَلوّى، فقد نخسني وجه ذلك الرجل المتلهف على الصلاة نخسة موجعة.
ذلك أن صاحبه أفرغ في وجهه روحاً من البله والعته كانت أمر سخرية من صلاة الكثيرين! كان هذان التمثالان في المعرض وأولهما يكاد يفعم قلب الناظر إليه إجلالاً وخشوعاً إذا كان الناظر قد جرب الصلاة مثقلاً بالذنوب وبالحياة، مؤملاً في رحمة الله ومغفرته، مسلماً له شأنه، مفوضاً له أمره.
وثانيهما كما رأيت فيه هذه الفكرة العجيبة الجريئة الشاذة التي ينقد بها صاحبه صلاة الكثيرين من المصلين.
.
ومع هذا فإن هذين التمثالين قضيا ما قضيا من الأيام والليالي في صالة الكنتننتال، وحظيا ما حظيا بشرف المثول بين يدي معالي وزير المعارف وزملاء معاليه وزميلاته، ولم يلق عليهما واحد من هؤلاء تحية، ولم يسعدهما من أولي الحل والربط في فنون هذا البلد نظرة تقدير أو إعجاب ولندع الآن الحديث عن معرض مختار لنعود إلى ما كنا فيه من الحديث عن فن النحت نفسه، ولنحدد مكان هذا الفن من الفنون الجميلة.
واحسبني الآن في غنى عن تكرار التدليل على أن الحواس الإنسانية هي منافذ النفس، وعلى إن النفس تحصل عن طريق هذه الحواس على أحاسيس وانفعالات وعواطف مختلفة، فتخلطها وتمزجها وتنتجها بعد ذلك فناً تعبر به عن اتجاه صاحبها في الحياة.
فإذا كنت في غنى عن هذا فإن عليَّ أن أقف عند النحت وقفة خاصة أقرا فيها أن النحت هو فن الصمت وأنه بهذا كان أقرب الفنون من التصوف.
فالنحات يسجل في تمثاله خفقة واحدة من خفقات الروح لا يفتأ ينتظرها ويتوقعها ويبحث عنها حتى إذا ما سطعت له مرتسمة على الجسم عامة، وعلى الوجه خاصة، تعلق بها وطبعها على روحه أو قل إنه يطبع روحه عليها ويرصدها عنده أرصاداً ويقفها عليها وقفاً.
وهو بهذا يختلف عن الأديب الذي يتنقل في موضوعه من خاطر إلى خاطر، والذي يطلق وصفه لهذه الخفقة نفسها من ناحية إلى ناحية، والذي يأخذ قارئه في طوافه بها من جانب إلى جانب، وهو في هذا غير الموسيقى الذي يسلسل اللحن ويوالي التنغيم ليؤدي باللحن بعد تمامه ما يؤديه النحات باللمحة التي خطفها من الطبيعة وثبتها في تمثال فخلدها عليه.
وهذا الأداء الذي يؤديه النحات لهو أشق وأعصى ما يرجوه الفن من الفنان، فليس يسيراً أن يلحظ الإنسان كل ما ينتاب الناس من اهتزازات الروح؛ وإذا كان من هذه الاهتزازات ما يبقى مواجهاً للعين والحس لحظة أو لحظات، فإن فيها ما يتلاشى أثناء تكوينه!.
كلهفة الإعجاب التي تنتاب امرأة متزوجة عندما تلمح تحت بصر زوجها وسمعه شاباً يروقها، فهي لا تكاد تسمح لوميض الإعجاب أن يلمع في عينيها إلا ريثما تهب عليه نسمة من خجلها وريائها أو عفتها تطفئه وتخمده.
هذه اللهفة قد يصفها الكاتب، وقد يصفها الشاعر، وقد يصفها الموسيقي موصولة بغيرها؛ وقد تؤديها ممثلة خيراً من أدائهما إذا كان بين النساء ممثلات فيهن من دقة الفهم والحس ما يقف بهن عند هزة خاطفة من هزات الروح كهذه؛ وقد يؤديها أيضاً رسام مستعيناً عليها بالألوان والظلال.
ولكنن لا أتصور أن فناً من هذه الفنون جميعاً يؤتمن عليها مثلما يؤتمن عليها النحت الهادئ.
ذلك أن قلة الأدوات التي يستعملها النحات في فنه تبعثه على الاستعاضة عن التيسير الذي تتيحه الأدوات لأصحاب الفنون الأخرى بطاقة كبرى من روحه يجود بها على فنه، إذ ما قد يستطيع غيره أن يمسك من شعاع النفس لا يملك النحات إلا أن يبذله والنحات لا يهتدي إلى أمثال هذه اللمحات السريعة التي رأينا أحدها إلا إذا عاش وهو حديد البصر يكاد يلتهم كل ما يراه التهاماً، فإذا ما وقع على شيء مما يطلبه جمدت عنده نفسه. وما أشق جمود النفس على صاحب الفن، ولكنه عند النحات هو السبيل الوحيد الذي يرصد به فنه لا يغنيه عنه التسجيل على الورق، ولا ترضيه عنه الاستعادة والاستذكار، فهو إذا قنع بهما رأى آخر الأمر أنه فقد شيئاً مما كان يطلبه، وهو لا يريد أن يفقد مما يطلب شيئاً لأنه يطمع دائماً في التوفيق إلى محاكاة صنع الله لأنه يدرك أنه ليس وراء فن الله فن.
لهذا كان أكمل المثالين هو هذا الذي يستغرق في موضوعه منذ أن يهتدي إليه إلى أن يؤديه؛ وهذا الاستغراق - كما قد يعلم القارئ - يركز إحساس النحات أو المثال في لمحة من حركة أو سكنه من سكنات وضع.
وعلى من يريد أن يتصور مشقة هذا وثقله على النفس والروح والبدن أن يجربه وان يرى كم من الزمن يستطيع أن يستمر فيه.
فليبتسم ابتسامة رضى وليشعر معها بالرضى وليظل هكذا ولير كم يستطيع أن يظل؟ فليقطب تقطيبه أسى، وليشعر معها بالأسى وليظل هكذا ولير كم يستطيع أن يظل؟! هذا عمل لا يستطيع غير النحات أن يؤديه، وهو لن يكون نحاتاً متمكناً إلا إذا استطاع أن يؤديه.
ومن العجيب أن النحات يطلب من أنموذجه أن يكون مرآته، وأن يعينه على تهيئة الجو الذي يريد أن يندمج فيه، وهو في هذا معذور مسكين.
فهو حين يؤدي بروحه وبجوارحه ما يريد أن يسجله لا يرى نفسه ولا يستطيع أن ينقل عن صورته.
عندئذ يضطر أن يشرح للأنموذج ما يطلب أن تكون عليه هيأته؛ وقليلاً ما يوفق النحات إلى طلبته، ولعل قلة التوفيق هذه هي التي تلقي في نفوس النحاتين الغرام بنماذجهم المطاوعة، فكم سمعنا بنحات يتزوج من أنموذجه بعد أن يفرغ من صنع تمثالها مهما كانت هذه الأنموذج فقيرة أو جاهلة أو ساقطة.
فهو لا يرى فيها إلا أنها مرآة تتلقى حسه وتعكسه في وجهها هذا هو النحات الحساس كما يريده الفن أن يكون وهناك نحات آخر فيلسوف صاحب فكرة يرمز إليها بتمثال.
ولعل مختاراً رحمه الله كان من هذا النوع حين أراد أن يكون من النوع الثاني فلم تسعفه موهبته.
ونظرة واحدة إلى نهضة مصر مع نظرة واحدة أخرى إلى تمثال سعد زغلول في القاهرة أو في الإسكندرية تؤيدان هذا الرأي الذي أذهب إليه، فَهمَّة أبى الهول في التمثال الأول ليست إلا رمزاً لفكرة معجزة في سهولتها أدى بها مختار معنى النهضة بما لا يمكن - في إيماني - أن يهتدي فنان إلى ما هو أسهل وأبلغ إعجازاً منها في الوقت نفسه.
فكم من العيون رأت أبا الهول القديم رابضاً ربضته، وكم من القلوب أحست أيام الثورة بنزعة مصر إلى التوثب، وكم من العقول اهتدت إلى التوفيق بين ما تراه العيون وما تحسه القلوب غير عقل مختار كان مختار إذن صاحب فكرة، فهل كان من الحس في مقام بدائي في مقامه من الفكر؟ قد يحب أنصاره وأصدقاؤه أن يجاملوه - وعلى الأخص بعد وفاته - فيعترفوا له بهذا الذي أريد أن أتريث قبل أن أقول كلمتي فيه؛ بل الذي لا أريد أن أقول كلمتي فيه إلا بعد أن أحيلهم على تمثال سعد زغلول وأرجوهم أن يصدقوا أنفسهم حين يرجعون إليها بما ينتابهم من الشعور بعد النظر إلى التمثالين، فإن لم يكفهم النظر فليخضعوا إليهما زمناً وليروا: هل يقف بهم مختار حين يقف عند واحد من هذين التمثالين أمام زعيم كانت له مميزات سعد زغلول الصارخة التي أقل ما سجلها له أعوانه وخصومه: جبروته، وكبرياؤه، ونفوذه؟ أما أنا فأتحاشى المغالطة حين أقول إني لا أشعر في وقفتي أمام أي من هذين التمثالين بشيء من هذا الشعور.
وما دمت قد عرجت على مختار، فإني أرى أنه من الوفاء لذكراه أن أسجل له إخلاصه لأساتذته المثالين الفراعنة، واصطناعه أسلوبهم الذي يميل إلى الجلال مع التبسط، وهو الأسلوب الذي جرى عليه مختار تماثيله جميعاً، والذي عشقه مختار لأنه كان مصريَّا صادقاً في مصريته، ولأنه أراد باصطناعه أن يفاخر به الأساليب الغربية المتأنقة ليشهد معه أصحابها أن مصر أم الفن القديم لا تزال خصبة لم يصبها عقم، ولم يعبث بأسلوبها الفني القدم، ولم يقلل من روعته مر الزمن ولقد أنشأ مختار بصنيعه هذا مدرسة جديدة في النحت لهما اليوم من طلبة الفنون الجميلة العليا وخريجيها تلاميذ، وفيها من زملائه المدرسين فيها أساتذة، ولكن الفرق بين مختار وبين أبناء مدرسته هؤلاء أنه شغف حباً بالفن المصري من غير أن يرسم لحبه هذا خطة بينما هم قديمو الخطة ولما يتلاشوا إلى اليوم في هذا الفن كما تلاشى فيه مختار.
فأنت لا تجد اليوم واحداً من النحاتين المصريين إلا وتراه يحدثك في إسراف عن الفن القومي، فإذا نظرت إلى التماثيل المصرية التي تنصب في المعارض اليوم تعذر عليك أن تؤمن - مهما تعمدت هذا الإيمان - بأن الذين أنتجوا هذه التماثيل مصريون.
ولو أن هؤلاء الشبان ربوا تربية فنية قومية صحيحة لأنتجوا فناً مصرياً صحيحاً.
ولعل وزارة المعارف إذا كانت تهتم بأن تنتج فناً قومياً تفكر منذ اليوم في نقل قسم النحت من مدرسة الفنون الجميلة العليا إلى أسيوط وأخيراً، فإني لا أستطيع أن أدع هذا الموضوع قبل أن أذكر الفن العصري أو الفن الحديث أو الفن (المودرن) كما يسمونه وقد بدأ يزحف إلينا، وراح يروج له أنصار السرعة من النحاتين الذين لا يطيقون دراسة الصناعة اللازمة للفن.
فهم يجيزون اضطراب النسب في الأجسام، ونشوز الحركات والأوضاع، معللين هذا التجاوز بأنهم قوم لا يعبئون إلا بالفكرة والروح.
هؤلاء لهم دينهم ولغيرهم دين يؤمن أصحابه بالله وبفن الله، ويسبحون به مرحباً وموئلاً، فهو سبحانه وتعالى النحات الأول، وإنه سبحانه وتعالى لهو الفنان الأول، فأي تمثال كإنسانه؟ وأي كلام كقرآن؟ وأي أغنية يمكن أن تكون أبلغ وأصدق من أناشيد زبوره وألحانه عزيز أحمد فهمي