مجلة المرأة المسلمة


الحلقة مفرغة

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

وبعــد:

فربما تستمعين أيتها المرأة المسلمة لهذه المحاضرة، وهي عبارة عن مجلة بعنوان: "مجلة المرأة المسلمة" وهذه المجلة تتكون من صفحات، فمن ضمن صفحاتها: "قبس من كتاب الله" ثم "من مشكاة النبوة" ثم يكون لك موعد مع مقال بعنوان: "يا إلهي ماذا أفعل".

ثم قصة أو حدثٍ وموعظة بعنوان: "كان لي مع النار موعد" وبعد ذلك مقالة بعنوان: "واجبنا نحو العائدات إلى الله عز وجل".

ويلي ذلك: فتاوى المجلة أسئلة وأجوبة، ويليها بعد ذلك مقال بعنوان: "الحجاب ليس عقبة" من كلام فتاة أمريكية أسلمت.

وبعد ذلك ستستمعين إلى فقرة بعنوان: "نماذج ومعاني" ثم مقالة بعنوان: "وجلست في البيت" وبعد ذلك "مشهد وتعليق".

وتستمعين كذلك إن شاء الله في هذه المجلة إلى قصة مؤثرة بعنوان: "سيدة نصرانية يبكيها القرآن الكريم" وبعد ذلك "لغز العدد" ثم "طرفة العدد"، ونختم بذلك هذه المجلة لنجيب على ما تيسر من الأسئلة الواردة من قبلكن.

الصفحة الأولى: قبس من كتاب الله .. لما خرج موسى من بلده مصر فاراً إلى مدين بعدما قتل القبطي الفرعوني، وعلم أنهم سيقتلونه هرب بعد نصيحة الرجل: وَجَاءَ رَجُلٌ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ يَسْعَى قَالَ يَا مُوسَى إِنَّ الْمَلَأَ يَأْتَمِرُونَ بِكَ لِيَقْتُلُوكَ فَاخْرُجْ إِنِّي لَكَ مِنَ النَّاصِحِينَ * فَخَرَجَ مِنْهَا خَائِفاً يَتَرَقَّبُ قَالَ رَبِّ نَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ [القصص:20-21].

ولما توجه تلقاء مدين دعا موسى ربه فقال: عَسَى رَبِّي أَنْ يَهْدِيَنِي سَوَاءَ السَّبِيلِ [القصص:22].

وَلَمَّا وَرَدَ مَاءَ مَدْيَنَ [القصص:23] وهو بئر في بلدة مدين بين الشام والحجاز : وَجَدَ عَلَيْهِ أُمَّةً مِنَ النَّاسِ يَسْقُونَ [القصص:23] يسقون أغنامهم، مجموعة من الرعاة معهم مجموعة أغنام يسقونها وَوَجَدَ مِنْ دُونِهِمُ امْرَأَتَيْنِ تَذُودَانِ [القصص:23] تكفكفان غنمهما عن بقية الرعاة، وتبعدان الغنم عن غنم الآخرين: قَالَ مَا خَطْبُكُمَا [القصص:23] رق لهما ورحمهما لماذا هما واقفتان تنتظران وتذودان الغنم: قَالَتَا لا نَسْقِي حَتَّى يُصْدِرَ الرِّعَاءُ وَأَبُونَا شَيْخٌ كَبِيرٌ [القصص:23] لا نستطيع السقي حتى ينتهي الرعاة من السقي، ولا نريد أن نزاحم الرعاة، إنه ذلك المشهد الممتاز لحال المرأة الصالحة التي لا تريد مزاحمة الرجال، ولذلك قالتا: لا نسقي حتى يصدر الرعاة وينتهوا، وبعد ذلك نحن نذهب لنسقي.

قارني بين هذا المشهد الرائع وبين حال المرأة المسلمة اليوم التي تنزل إلى الأسواق وتزاحم الرجال، وتدخل في الزحام في أي مكان كان، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم ليس للنساء وسط الطريق (ليس لكن أن تحققن الطريق) يعني: تسرن في وسطه، كان النساء يمشين في جنبات الطريق، والرجال يمشون في الوسط، لم يكن هناك اختلاط بين النساء والرجال حتى في مكان المشي.

قَالَتَا لا نَسْقِي حَتَّى يُصْدِرَ الرِّعَاءُ وَأَبُونَا شَيْخٌ كَبِيرٌ [القصص:23] نريد أن نجلس في البيت بدلاً من هذا العناء والتعب، ليس عندنا رغبة في العمل لكننا مضطرتان للعمل؛ لأن أبانا شيخ كبير لا يستطيع أن يذهب لرعي الأغنام، ولا للقيام بشئون هذا الرزق الذي عندنا، فنحن مضطرتان للعمل، قارنوا بين ذلك وبين تهافت النساء بحاجة وبدون حاجة على العمل، وكأنها تريد أن تثبت ذاتها بالعمل، وكأنها ليس لها قيمة في المجتمع إلا إذا عملت، أما أن تجلس ربة بيت، تطيع زوجها، وتربي أطفالها، وتقوم بشأن بيتها، وهذه القلعة الحصينة التي هي موجودة فيها فذلك لا يمكن في عرف نساء اليوم إلا من رحم الله، لأنها تنظر إلى البيت على أنه سجن، وأن الوظيفة هي حلم المستقبل الذي يداعب خيالها باستمرار، فهي تدرس لأجل أن تثبت ذاتها في المستقبل، لا بد أن تخرج إلى المجتمع كما يقولون وتبرز ما عندها.

نعم. لو كانت محتاجة أو كان المجتمع محتاجاً لقلنا إن لها عذراً، فإذا خرجت بالشروط الشرعية من الحجاب الشرعي، وعدم الزينة، وعدم الاختلاط بالرجال ولا الخلوة بهم، لكن مع الأسف صارت المسألة الآن مسألة خروج، لأن الموضة تقول للمرأة: الخروج الخروج من هذا السجن يا أيتها المرأة! والله عز وجل يقول: وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى [الأحزاب:33].

ولما خرجت المرأة في أوروبا إلى العمل اضطراراً بعد الحرب العالمية الأولى والثانية، وفقد عدد كبير من الرجال، واحتياج بلدانهم إلى إعادة البناء، خرجت نساء المسلمين إلى العمل ولو لم يكن هناك حروب ولا قتل لعدد كبير هائل من الرجال، وإنما لأجل الفتنة والإغواء، فلذلك أنت ترينها في مختلف الأماكن لا تكاد تتمسك بالحجاب الصحيح منهن إلا من رحم الله.

قَالَتَا لا نَسْقِي حَتَّى يُصْدِرَ الرِّعَاءُ وَأَبُونَا شَيْخٌ كَبِيرٌ * فَسَقَى لَهُمَا [القصص:23-24] موسى عليه السلام، وتيقظت حاسة الشهامة في نفسه إنه لا بد من عمل شيء لإنقاذ هاتين المرأتين الضعيفتين، لا يمكن أن يدعهما تنتظران هكذا فسقى لهما، قال عمر رضي الله عنه: [لما ورد ماء مدين موسى وجد عليه أمة من الناس يسقون، فلما فرغوا أعاد الصخرة على البئر ولا يطيق رفعها إلا عشرة من الرجال، فإذا بامرأتين تذودان قال: ما خطبكما؟ فحدثتاه، فأتى الحجر فرفعه لوحده، ثم لم يستق إلا دلواً واحداً حتى رويت الغنم] رواه ابن أبي شيبة وإسناده صحيح.

لما سقى لهما موسى عليه السلام الغنم كلها، ورفع الصخرة لوحده، وبعد هذا المجهود الجبار، بالإضافة إلى تعب السفر الأصلي، تولى إلى الظل لكي يستريح وهو يدعو ربه قائلاً: فَقَالَ رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنْزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ [القصص:24] هكذا أهل الخير، يفعلون الخير، يغيثون الملهوف، يساعدون الضعيف، ولا يطلبون أجراً، ولا يشترطون ذلك: فَقَالَ رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنْزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ [القصص:24] إنني محتاج إلى خيرك يا رب مفتقر إليه، كان بطنه لاصقاً من الجوع، وكان محتاجاً إلى شق تمرة، تولى إلى الظل وجلس تحت شجرة، ودعا الله بهذه الدعوة: فَقَالَ رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنْزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ [القصص:24].

فجاء الجواب بسرعة من مدد الله السميع العليم، السميع دعاء عباده، العليم بأحوالهم، يدل على ذلك هذه الفاء التعقيبية التي جاءت في مطلع الآية: فَجَاءَتْهُ إِحْدَاهُمَا تَمْشِي عَلَى اسْتِحْيَاءٍ [القصص:25] جاءته وجاء معها الفرج، جاءته إحدى البنتين تمشي على استحياء، لم تأت متميعة متكسرة في مشيتها كحال كثير من البنات اليوم، وإنما جاءت تمشي على استحياء، وصف عمر بن الخطاب رضي الله عنه مشيتها فقال: [جاءت تمشي على استحياء، قائلة بثوبها على وجهها] يعني: رفعت الثوب على الوجه، فأين فتاة الإسلام اليوم عن هذا الحجاب المعروف وهو غطاء الوجه من ذلك الزمن القديم، زمن القرية التي كان فيها موسى قبل آلاف السنين؟!

قال عمر رضي الله عنه: [جاءت تمشي على استحياء قائلة بثوبها على وجهها ليست بسلفع خراجة ولاجة] وهذا إسناد صحيح، ليست بسلفع يعني: ليست جريئة سليطة، لأنها تربية رجل صالح في بيئة صالحة .. جاءت تمشي على استحياء وتقول له: إن أبي يدعوك، لست أنا الذي أدعوك، وإنما أبي الذي يدعوك، وتوضح الهدف من الدعوة لكي تزول كل ريبة من هذه الدعوة، ما هو الغرض منها؟ لِيَجْزِيَكَ أَجْرَ مَا سَقَيْتَ لَنَا [القصص:25] وهذا أدب في العبارة ليثيبك ويكافئك على سقيك لغنمنا.

فَلَمَّا جَاءَهُ وَقَصَّ عَلَيْهِ الْقَصَصَ قَالَ لا تَخَفْ نَجَوْتَ مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ [القصص:25] لما أخبره بقصة قتله للرجل القبطي وهربه، قال له ذلك الرجل الصالح: لا تخف، طب نفساً، وقر عيناً، فقد خرجت من مملكتهم فلا حكم لهم في بلادنا، ولهذا قال: نَجَوْتَ مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ [القصص:25].

وهنا تسر إحدى البنتين لأبيها كلاماً مهماً تقول له: يَا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ [القصص:26] أرحنا من العمل وعنائه، أرحنا من التعرض للرجال، أرحنا من المواقف المحرجة، أرحنا من البهذلة والانتظار في الشارع، يا أبت! استأجره لنرتاح، يرعى الغنم حتى نقعد نحن في البيت متسترات بدلاً من هذا الخروج المشين: يَا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ [القصص:26].

قيل: إن أباها قال لها: وما يدريك أنه قوي؟ وما يدريك عن أمانته؟ فأخبرته عن قصة رفعه الصخرة التي لا يطيق حملها إلا عشرة رجال؛ وهذا دليل على قوته، وأنها لما جاءت تمشي تقدمت أمامه فقال لها: كوني ورائي فإذا اجتنبت الطريق -أخطأت- فاحذفي بحصاة أعلم بها كيف الطريق لأهتدي إليها، أي: أنه لا يريدها حتى أن تتكلم، ولا تمشي أمامه حتى لا يراها، وإنما تمشي خلفه وهو يمشي أمامها، فإذا أخطأ حذفت الحصى يميناً أو شمالاً فيعلم من أين يتجه وإلى أين يسير فهو أمين.

وهنا يتدخل الأب فعلاً ويلبي طلب ابنتيه فيقول لموسى منتهزاً الفرصة: قَالَ إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنْكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَيَّ هَاتَيْنِ [القصص:27] سبحان الله! ليس من العيب أن يعرض الأب ابنته على الرجل الصالح، وليس من الغضاضة في شيء أن ينتهز الأب فرصة العثور على رجل صالح لكي يزوجه البنت، وهم الآن يجعلون ما ليس بعيب عيباً، ويجعلون العيب ليس بعيب، فيقولون: كيف يعرض الأب ابنته على رجل؟! هذا عيب!! وإذا جاء الخاطب ليرى المخطوبة قالوا: عيب كيف يرى المخطوبة؟! هذا حلال حرمه الناس، لكن أن تخرج هي مع السائق لوحدها! وأن تتبرج في الأسواق لوحدها! وأن تعاكس من تعاكس بالهاتف، وأن تخرج مع الأجنبي فهذا ليس عيباً! وإذا جئنا إلى الشريعة، عرض الرجل ابنته على الآخر الصالح قالوا عيب! يريد أن يراها في خطبة وهو جاد قالوا عيب! فهذا من انقلاب التصورات الإسلامية، وضعف الدين، وقلة الفقه عند الناس.

قَالَ إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنْكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَيَّ هَاتَيْنِ [القصص:27] ما هو المهر؟ موسى فقير ما عنده شيء، فيسر عليه الأمر هذا الأب الصالح، وجعل له مصدر رزق، ومصدر عيشة وزواج وفائدة له وللبنتين، وهي: إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنْكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَيَّ هَاتَيْنِ عَلَى أَنْ تَأْجُرَنِي ثَمَانِيَ حِجَجٍ [القصص:27] ترعى لدي الغنم ثمان سنين: فَإِنْ أَتْمَمْتَ عَشْراً فَمِنْ عِنْدِكَ [القصص:27] هذا راجع إليك: وَمَا أُرِيدُ أَنْ أَشُقَّ عَلَيْكَ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّالِحِينَ * قَالَ ذَلِكَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ [القصص:27-28] هذه الاتفاقية: أَيَّمَا الْأَجَلَيْنِ قَضَيْتُ فَلا عُدْوَانَ عَلَيَّ [القصص:28] وأشهدا الله عز وجل، وحصل الزواج، وسئل النبي صلى الله عليه وسلم أي الأجلين قضاهما موسى؟ فقال: (أتمهما وأكملهما) يعني: عشر سنين، وهذا اللائق بصفات ذلك النبي الكريم، وأخذ زوجته بعد ذلك ورجع إلى بلده، وكان من إيحاء الله له وبعثته نبياً كريماً من أولي العزم الخمسة من الرسل الكرام صلى الله عليهم أجمعين.

وهذه قصة لو تأملتها الفتاة المسلمة؛ لوجدت فيها فوائد عظيمة وجليلة جداً.

ولننتقل أيتها الفتاة المسلمة إلى المقالة الثانية في هذه المجلة وهي بعنوان: "من مشكاة النبوة"

لقد أخرجت كتب السنة حديثاً عجيباً فيه ذكر حال المرأة المسلمة في حرصها على الدين، ورغبتها في الخلق، وصبرها على الابتلاء، ومواجهتها للواقع والأحداث بجناب ثابت، وعقل ناضج، إنها قصة المرأة الصالحة المرضية رضي الله عنها أم سليم أم أنس بن مالك ، تلك المرأة التي تركها زوجها الكافر لما جاء النبي صلى الله عليه وسلم إلى المدينة ؛ لأنه لا يصبر عن شرب الخمر والإسلام يحرم الخمر، ولذلك انطلق إلى الشام وترك المرأة والأولاد لأجل الخمر، وهذا ما يفعله كثير من الفسقة والعصاة، يتركون أهاليهم بالأيام والأسابيع ليسافروا إلى بلاد الفسق والمجون ليشربوا الخمر، ويتعاطوا المخدرات، ويقعوا في الفجور والفسق، وذهب ذلك الرجل المسخوط عليه، وبقيت أم سليم مع أولادها وهي المسلمة التي آمنت بالنبي صلى الله عليه وسلم، ترعى أولادها صابرة على قضاء الله.

فجاء أبو طلحة يخطبها، فكلمها، وأبو طلحة رجل غني مشهور، لكنه كان كافراً غير مسلم، فقالت: يا أبا طلحة ! ما مثلك يرد ولكنك امرؤ كافر وأنا امرأة مسلمة، لا يصلح لي أن أتزوجك، فأغراها بالذهب والفضة قالت: فإني لا أريد صفراء ولا بيضاء، أريد منك الإسلام، فإن تسلم فذلك مهري ولا أسألك غيره، وبالفعل أسلم أبو طلحة عند النبي صلى الله عليه وسلم وتزوج أم سليم ، قال الراوي: فما بلغنا أن مهراً كان أعظم منه أنها رضيت الإسلام مهراً، فتزوجها وولد له منها ولد كان أبو طلحة يحبه حباً شديداً، وحسن إسلام الرجل لأنه دخل في البداية الإسلام من أجل الزواج، وبعد ذلك دخل الإيمان في قلبه، فكان يأتي النبي صلى الله عليه وسلم كل يوم مرتين.

وكان يحب ولده حباً شديداً؛ حتى تألم أبو طلحة جداً، وفي يوم من الأيام ذهب إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فمات الولد في غياب أبيه، فماذا فعلت المرأة الصابرة المصابرة المجاهدة؟

قالت: لا ينعين إلى أبي طلحة أحد ابنه حتى أكون أنا الذي أنعاه له، فسجت عليه، ووضعته في جانب البيت، الله أكبر ما أقوى جنابها، وأثبت فؤادها، وأعلى إيمانها! فإنها هيأت الصبي يعني: غسلته وكفنته بعدما طيبته، وغطته ووضعته في جانب البيت، جاء أبو طلحة ومعه ضيوف، طبخت الطعام للضيوف حتى أكلوا، سأل الرجل عن ولده قالت بالتورية دون كذب: هو الآن أسكن ما يكون، أو أرجو أن يكون قد استراح، ففهم أنه: استراح من المرض، وهي تقصد استراح من الآلام والدنيا، وذهب إلى الله، تعشى القوم وخرجوا وهي تطيبت لزوجها، فبات معها تلك الليلة وأتاها، ثم قالت له بعد ذلك في آخر الليل: يا أبا طلحة ! أرأيت لو أن قوماً أعاروا قوماً عارية لهم فسألوهم إياها أكان لهم أن يمنعوهم؟ فقال: لا. قالت: فإن الله عز وجل كان أعارك ابنك عارية ثم قبضه إليه فاحتسب واصبر، غضب أبو طلحة لكنه استرجع وحمد الله.

وفي الصباح اغتسل وذهب إلى النبي صلى الله عليه وسلم وأخبره بالخبر، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (بارك الله لكما في غابر ليلتكما) يدعو لهما بالبركة مما حصل في تلك الليلة فحملت المرأة بإذن الله.

وكان أبو طلحة وأم سليم يخرجان مع النبي صلى الله عليه وسلم في الجهاد إلى المعارك، وهي تسعف وتنقذ وتقوم بالأدوار لخدمة الإسلام وأهله، حتى ضربها المخاض قبل أن يصلوا إلى المدينة ، تقول: يا أبا طلحة ! ما أجد الذي كنت أجد، تقول: ما أحس بآلام مثل العادة في المخاض، وهذا من بركة دعوة النبي صلى الله عليه وسلم، فولدت غلاماً فقالت لابنها أنس (يا أنس ! لا يطعم شيئاً -ما أرضعت الولد، ولا وضعت في فمه شيئاً- حتى تغدو به إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وبعثت معه بتمرات يقول أنس : بات يبكي، وبت مجنحاً عليه، أرعاه إلى الصباح، ثم ذهبت به إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فأخذ بعض التمر فمضغهن، ثم جمع بساقه المبارك صلى الله عليه وسلم، ثم فغر فاه -يعني الصبي- فأوجره إياه -جعله في فم الصبي- فجعل يحنك الصبي -وهذه سنة عند الولادة أن يحنك الصبي بالتمر، بأن تؤخذ تمرة وتعجن بين الأصابع وتلين ثم تمرر على حنك الصبي من الأعلى والأسفل- وجعل الصبي يتلمظ، ويمص بعض حلاوة التمر، وريق رسول الله صلى الله عليه وسلم، فكان أول ما فتق أمعاء ذلك الصبي ريق رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال عليه الصلاة والسلام: انظروا إلى حب الأنصار التمر، قال قلت: -يعني أنس - يا رسول الله! سميه، قال: فمسح وجهه وسماه عبد الله فما كان في الأنصار شابٌ أفضل منه)، قال: فخرج منه رجال كثير .. يعني: من صلبه خرج رجال كثيرون، وقتل عبد الله هذا مجاهداً في سبيل الله بعد ذلك، فما أجمل تلك السيرة العطرة لـأم سليم رضي الله عنها، وما أحسنه من مثال ضربته لنسائنا عل الله أن يهديهن للاقتداء بها.

والآن إلى الفقرة الثالثة: "يا إلهي ماذا أفعل"

دائماً كانت تقول هذه العبارة، فما إن تبدأ بالصلاة حتى تبدأ معها الوساوس، الطعام احترق، نسيت أن تغلقي باب المنـزل جيداً، يجب أن تحادثي عمتك اليوم، اتفقي مع زوجك بالذهاب إلى السوق غداً، وضوؤكِ ناقص، لم تسجدي في الركعة الأولى، وأخيراً تصرخ: يا إلهي ماذا أفعل؟

وأقول لك ماذا تفعلين: إن حالة الوسواس تصيب كثيراً من الناس في الصلاة، لأن الشيطان يريد أن يصرف العبد عن صلاته حتى لا يخشع فيها فلا يكون فيها أثر عليه، ولذلك يجب عليك إذا جاءك الشيطان بالوساوس أن تتعوذي من الشيطان الرجيم ثلاث مرات، وتتفلي عن يسارك ثلاث مرات تفلاً خفيفاً، هواء مع قليل من الرذاذ، هذا هو التفل وليس البصاق عن يسارك ثلاث مرات، وهذا هو العلاج الذي علمه النبي صلى الله عليه وسلم الصحابي لما اشتكى إليه الوسواس في الصلاة.

وأقول لك: يا أُخيَّه! إن الوساوس التي تعرض عن الله يتخلص منها بالاستعاذة بالله من الشيطان، وأن تقرئي سورة قل هو الله أحد، وتقولي: آمنت بالله ورسله، وتكفي عن التفكير، وأما بالنسبة لوساوس الطهارة والصلاة .. ما مسحتِ الرأس .. ما سجدتِ في الركعة الأولى، ما فعلتِ .. ما كبرتِ الإحرام .. ما قرأتِ الفاتحة .. إذا كنت متأكدة من أنك قمت بالعمل، الرأس مبلول فكيف لم تكوني مسحتيه؟ إنه مبلول .. وتكبيرة الإحرام كبرتيها كيف يقول لك الشيطان: إنك لم تكبريها، فماذا عليك أن تفعلي؟ أهملي ذلك تماماً، ولا يجوز لك أن تعيدي العبادة إذا كنت قمت بها بشكل صحيح، تذكري ذلك، إذا قمت بالعبادة بشكل صحيح لا يجوز لك إعادتها؛ لأن إعادتها طاعة للشيطان.

والآن إلى هذا الحدث والموعظة .. كنت يوماً واقفة أمام المرآة لأعتني بشعري، كما هي عادة كل بنت في مثل سني، إلا أنني والحمد لله لا أبالي في ذلك كثيراً، وكان كل فرد من أفراد الأسرة منشغلاً بنفسه، وأنا الأخرى كنت منشغلة بنفسي، حيث الضيوف سيأتون إلينا بعد صلاة الجمعة ويا له من موعد، ولكنه موعد من النوع الآخر، لم أكن قد تهيأت لهم، أي موعدٍ هذا؟

قبل أن أضع قدمي على عتبة المطبخ ذهبت ثانية إلى المرآة لأتأكد من تصفيف شعري ولكن ليس للضيوف إنما هو لشيء آخر لم أكن أعلمه، دخلت إلى المطبخ لإعداد وجبة الغداء، وفي نفس الوقت لم يكن عندي أحد، أمسكت بيدي اليمنى الزيت، وبيدي اليسرى باب الفرن لأفتحه، وضغطت على الزيت وإذا بالنار تخرج من داخل الفرن وكأنها عدو يتربص بي، والنار تلفح وجهي ويدي وشعري الذي اعتنيت به قبل قليل، وما إن أحسست بحرارة اللهب حتى خرجت من المطبخ بسرعة وأنا رافعة صوتي، ولا أدري ماذا أقول، وإذا بأختي تأخذني وأنا في تلك الساعة نسيت كل شيء، وتذكرت النار يوم تلفح الوجوه، نسيت المرآة ونسيت شعري، ونسيت كل شيء.

أما أمي جزاها الله عني كل خير فكانت تصلي، فما إن سمعت صوتي المرتفع إلا وقطعت صلاتها وخرجت وهي لا تدري ماذا حصل، وعندما رأيتها دفنت وجهي في صدرها وشعرت بدفء حنانها، إلا أنها دفعتني قليلاً حتى لا تؤلمني بقايا الحروق التي رسمت في وجهي درساً لي ولأهلي عن اليوم الآخر، وراحت أمي تبكي بكاءً قطع نياط قلبي، وفي ظنها أن عقلي قد ذهب من شدة المصيبة، وكل من حولي قد تأثر من هذا الموقف وكان درساً كما ذكرت.

وذهبت أخاطب نفسي .. يا نفس! كيف هي إذاً نار الآخرة، وأنت لم تتحملي هذا اللهب؟

يا نفس .. يا نفس .. وبقيت في وجهي آثار الذكرى أراجعها على المرآة، ويحفظها أهلي عن ظهر قلب، وشاء الله أن أذهب في ذلك اليوم إلى مكتبة المنـزل، وتقع يدي على كتاب عن النار وما فيها من الأهوال، وأنها سوداء مظلمة يركب بعضها بعضاً، وأنها تكاد تميز من الغيظ، وأن لها زفيراً وشهيقاً تكاد تنخلع من هولهما أقسى القلوب، وفيها مقامع من حديد، مطارق وملابس من نار من قطران -النحاس المذاب- وشراب الحميم والغسلين، وطعام الضريع، شوك لا يسمن ولا يغني من جوع، وشجرة الزقوم التي طلعها كأنها رءوس الشياطين، وفيها من الأهوال ما لا يخطر ببال إنسان حي، فيها من الأهوال ما يشيب له الولدان.

وتذكرت ما ينبغي علي أن أفعله للنجاة من هذه النار، أنني لم أتحمل هذه اللحظات من نار الدنيا التي هي جزء من سبعين جزءاً من نار الآخرة، فكيف سيكون الحال إذا وقعت فيها يوم القيامة وماذا سيكون الشأن؟!

وأقول أخيراً: أختي المسلمة! أنت دائماً قريباً من نار الدنيا في مطبخك، فهذا القرب من النار واعظك لتكوني أشد الناس خوفاً من نار الآخرة، أنجانا الله وإياكن منها.

والصفحة التي تليها بعنوان: "واجبنا نحو العائدات إلى الله"

لا ريب أن ظاهرة عودة الفنانات التائبات إلى الله، تمثل قلقاً كبيراً لدى أعداء الله، ولا ريب أن اتجاه العديد من الفنانات الأخريات إلى تأمل حياتهن وواقعهن، ومقارنته بواقع المرأة المسلمة السوية، وإظهار ترددهن في العمل المخل، يشكل حرجاً بالغاً لتجار الغرائز الذين يسعون إلى الكسب الحرام، ويعتمدون على جسد المرأة بوصفه السلعة التي تدر كثيراً من الربح والمال، سواءً في السينما أو البناء أو الرقص أو غير ذلك.

وهذه ظاهرة عجيبة -أيتها الفتاة المسلمة- أن تحدث التوبة في أوساط أفجر النساء، وأشقاهن وأبعدهن عن الله سبحانه وتعالى، النساء اللاتي غرقن في مستنقعات الرذيلة إلى الآذان .. المرأة التي كانت تعرض جسدها في ثياب رقيقة قصيرة شفافة في الرقص، وتمثل مع الرجال أدوار الحب والغرام، التي كانت تخوض في بحار الرذيلة، ترجع إلى الله؟!

إنه لعجب ولكن الله غالب على أمره، وإذا أراد الله أن يهدي شخصاً فلا مضل له، وإذا أراد الله أن يضل إنساناً فلن تملك له من الله شيئاً، وهذه شمس البارودي وشادية وغيرهن من النسوة الفنانات تحجبن وتركن مجال الفن الحرام ليسددن بذلك ضربة قاصمة إلى المخرجين الذين صاروا يبحثون عمن يقوم بأداء الأدوار، وصار هناك مبكى في سوق الفن، واضطر بعضهم إلى الاستعانة بممثلات من الدرجة الثانية أو محاولة إظهار ممثلات من فئة الكمبارس كما يقولون إخفاقاً وإفلاساً.

ولكن هل تركت الفنانات التائبات على حالهن لكي يعشن الحياة التي يردنها؟ الجواب: كلا .. كلا، فإن شياطين الإنس بالمآزرة مع شياطين الجن لا يمكن أن يتركوا إنساناً في حاله يريد الله، يريد التوبة، يريد الحجاب، ولذلك سارعوا إلى طرح أسوأ إنتاج الفنانات التائبات في الأسواق، وترويج الأفلام في محاولة للضغط على الفنانات، والحرب النفسية لمحاولة إرجاعهن إلى طريق الرذيلة مرة أخرى، في نوع خسيس من الابتزاز، ثم انطلقوا في ترويج الشائعات والزعم بأن هؤلاء النساء تلقين الملايين من أجل الحجاب، سبحان الله! إنها تتلقى الملايين من الأفلام فلماذا تتلقى الملايين الآن؟ وممن تتلقى؟ ومن هو الذي يعطيهن هذه الملايين؟

يريدون إشاعة أن وراء هذا الحجاب أموالاً مغرية، ولكن يأبى الله إلا أن يتم نوره، وتثبت بعض هؤلاء التائبات، وتجبر المجلات الماجنة أمام هذه الظاهرة العجيبة التي لم تصدق على عرض بعض قصص التائبات على صفحات المجلات الماجنة السيئة فرضت القضية نفسها عليهن، وأبلسوا وأسقط في أيديهم، وهو دليل على أن دين الله ينتشر، وأن هذه الصحوة تدخل جميع المجالات، إنه فعلاً النور الذي أنزله الله لتحيا به القلوب، لقد كان حدثاً جللاً، وأمراً عظيماً توبة عدد من رءوس الفن، واعتزال الشر، فما هو موقفك أنت أيتها الفتاة المسلمة؟

لا أقل من الدعاء لهؤلاء بالثبات، فإنهن يحتجن إلى الدعاء فعلاً من كثرة الضغوط والإغراءات ،والإرهاب الذي يتعرضن إليه من أجل الرجوع مرة أخرى إلى عالم الفسق والمجون.

وينبغي عليك كذلك بطبيعة الحال أن تقلعي أنت عن مشاهدة هذه الأفلام السيئة، والأغاني الماجنة، والرقصات الهابطة، كيف تنظرين إليها في الفلم وهي قد تابت؟! وبأي حق تستبيحين مشاهدة الأفلام والرقصات وصاحبتها قد تابت إلى الله ورجعت وأنت لم ترجعين؟! أفلا يكون ذلك درساً لك أن تتركي ذلك، وتشعري بالحياء من النظر إلى هذه الأفلام، والسماع لتلك الأغاني، والنظر إلى تلك الراقصات وصاحبة الفيلم والمغنية قد تابت؟! أفلا يكون درساً لك أنت حتى تتوبي أيضاً من سماع الأغاني ورؤية الأفلام الهابطة، وهذه المسلسلات المختلطة؟! نسأل الله التوفيق للجميع.

الفرق بين دم الحيض والاستحاضة وما يجوز وما لا يجوز على الحائض

السؤال: كيف نفرق بين دم الحيض ودم الاستحاضة؟ وماذا يجوز للحائض وماذا يحرم عليها؟ وكيف يغسل ويطهر دم الحيض؟

الجواب: إن الله سبحانه وتعالى خلق في المرأة دماً يتغذى عليه الجنين، فإذا حملت المرأة انقطع خروج هذا الدم لأجل انصرافه إلى تربية الجنين، فإذا كانت في حالتها بغير حمل وهي بالغة كان دم الحيض يخرج منها، وهو دم يرخيه الرحم في أيام معلومة يعتاد المرأة، وهذا الدم من الحيض أحمر يغلب عليه السواد، وهو دم غليظ لذاع كريه الرائحة.

وأما دم الاستحاضة فإنه دم أحمر مشرق ليس لونه مثل لون دم الحيض، ولا رائحته كرائحة دم الحيض، وهو دم فساد ونزف أو شيء يخرج من عرق، والتوضيح والتفريق بينهما مهم بالنسبة للمرأة لما يترتب على ذلك من الأحكام؛ لأن الحائض لا يجوز لها أن تصلي، ولا يجوز لها أن تصوم، بخلاف المستحاضة التي يجب عليها الصلاة ويجب عليها الصيام، فأما الحائض إذا حاضت امتنعت عن الصلاة وعن الصيام، والمستحاضة إذا أصيبت بالاستحاضة فإنها تغتسل لكل صلاة بعد دخول وقتها وتصلي، وكذلك فإن الاستحاضة لا تمنع من الصيام.

العادة الشهرية لا تمنع عقد النكاح

وهنا يأتي سؤال يتردد عند الكثيرات هل دم الحيض أو العادة الشهرية تمنع عقد النكاح أم لا؟ هل يجوز أن يعقد على الفتاة وهي حائض؟

الجواب: نعم. فإن الحيض لا يمنع العقد، وإنما يحرم على الرجل أن يأتي زوجته في وقت الحيض، فالجماع هو المحرم، أما عقد النكاح فليس في ذلك بأس أبداً خلافاً لما تعتقده بعض النساء، فيجوز أن يعقد عليها العقد الشرعي وهي حائض، كما أنه يجوز للحائض أن تعقد الإحرام وهي حائض، فإذا مررت بالميقات من الطائرة أو غيرها فيجب عليك أن تحرمي إذا كنت ناوية الحج والعمرة، ولا يجوز لك أن تجاوزي الميقات بغير إحرام خلافاً لما تفعله كثير من الزائرات فإنها تقول: مررت بالميقات لكني كنت حائضاً فلم أحرم، نقول: هذا من الجهل، فإن الذي يحرم على الحائض هو الطواف بالبيت، ودخول الحرم، أما الإحرام، والسعي، والرمي، وعرفة ، ومزدلفة وغير ذلك من المشاعر فإنه لا علاقة له، ولا تتوقف صحته على الحيض، فلو كانت حائضاً فإنه يجوز سعيها، ورميها، وقص شعرها، وغير ذلك من أعمال الحج أو العمرة، والذي يحرم عليها فقط هو الطواف بالبيت ودخول الحرم.

وهذا هو الجواب على سؤال يرد عند بعض النساء: هل يجوز للمرأة أن تدخل المسجد وتسمع المحاضرة ونحو ذلك؟ فنقول: قد اختلف أهل العلم في هذا، والأحوط ألا تدخل المسجد وهي حائض، ويمكنها أن تسمع المحاضرة من الشريط ونحو ذلك، والحيض تترتب عليه أحكام كثيرة كعدة المرأة، وفي ذلك ينبغي ضبطه ومعرفته.

حكم العادة إذا طالت عن وقتها المعلوم

سؤال هنا يقول: العادة عندي سبعة أيام، فصارت في أحد الشهور عشرة فهل هذه الزيادة حيض أم لا؟

الجواب: كل بلل يأتيك في وقت العادة فهو حيض، وكل كدرة أو صفرة في وقت العادة فهي حيض، فإذا كانت الكدرة أو الصفرة بعد الطهر فليست بشيء، الكدرة والصفرة إذا اتصلت بالحيض من أوله أو بآخره فإنها حيض، أو جاءت في وقت العادة بدلاً من الدم، رأيت صفرة أو كدرة تعتبريه حيضاً، أما إذا طالت العادة عن وقتها فإنها عادة ما لم تصل إلى خمسة عشر يوماً، لأن أكثر مدة للحيض خمسة عشر يوماً، فإذا طالت عن ذلك فإنها استحاضة، فهناك قاعدة مهمة ينبغي أن تحفظيها لأنها تنقذك من كثير من الإشكالات، "العادة معرضة للزيادة والنقصان، والاتصال والانقطاع، والتقديم والتأخير" فقد تتأخر عادة المرأة وقد تتقدم، وقد تطول وقد تقصر، وقد تكون متقطعة وقد تكون متصلة، بعض النساء قد تكون عدتها سبعة أيام متواصلة، وفي إحدى المرات يأتيها ثلاثة أيام دم ثم ينزل عليها الطهر، وبعد فترة يأتيها دم الحيض مرة أخرى، فماذا نقول؟ نقول: كل دم في وقت الحيض فهو حيض، أما إذا جاء بعد الحيض نظرنا فيه، فإن كان يشبه دم الحيض في صفاته من ناحية اللون والرائحة والأوجاع المصاحبة ونحو ذلك عرفنا أنه دم حيض، وأما إذا كان دماً مشرقاً أحمر في غير وقت الحيض فهو استحاضة، أو إذا زاد عن خمسة عشر يوماً فهو استحاضة، فهذه بعض الأسئلة المتعلقة بالطهارة بالنسبة للمرأة المسلمة.

السؤال: كيف نفرق بين دم الحيض ودم الاستحاضة؟ وماذا يجوز للحائض وماذا يحرم عليها؟ وكيف يغسل ويطهر دم الحيض؟

الجواب: إن الله سبحانه وتعالى خلق في المرأة دماً يتغذى عليه الجنين، فإذا حملت المرأة انقطع خروج هذا الدم لأجل انصرافه إلى تربية الجنين، فإذا كانت في حالتها بغير حمل وهي بالغة كان دم الحيض يخرج منها، وهو دم يرخيه الرحم في أيام معلومة يعتاد المرأة، وهذا الدم من الحيض أحمر يغلب عليه السواد، وهو دم غليظ لذاع كريه الرائحة.

وأما دم الاستحاضة فإنه دم أحمر مشرق ليس لونه مثل لون دم الحيض، ولا رائحته كرائحة دم الحيض، وهو دم فساد ونزف أو شيء يخرج من عرق، والتوضيح والتفريق بينهما مهم بالنسبة للمرأة لما يترتب على ذلك من الأحكام؛ لأن الحائض لا يجوز لها أن تصلي، ولا يجوز لها أن تصوم، بخلاف المستحاضة التي يجب عليها الصلاة ويجب عليها الصيام، فأما الحائض إذا حاضت امتنعت عن الصلاة وعن الصيام، والمستحاضة إذا أصيبت بالاستحاضة فإنها تغتسل لكل صلاة بعد دخول وقتها وتصلي، وكذلك فإن الاستحاضة لا تمنع من الصيام.

وهنا يأتي سؤال يتردد عند الكثيرات هل دم الحيض أو العادة الشهرية تمنع عقد النكاح أم لا؟ هل يجوز أن يعقد على الفتاة وهي حائض؟

الجواب: نعم. فإن الحيض لا يمنع العقد، وإنما يحرم على الرجل أن يأتي زوجته في وقت الحيض، فالجماع هو المحرم، أما عقد النكاح فليس في ذلك بأس أبداً خلافاً لما تعتقده بعض النساء، فيجوز أن يعقد عليها العقد الشرعي وهي حائض، كما أنه يجوز للحائض أن تعقد الإحرام وهي حائض، فإذا مررت بالميقات من الطائرة أو غيرها فيجب عليك أن تحرمي إذا كنت ناوية الحج والعمرة، ولا يجوز لك أن تجاوزي الميقات بغير إحرام خلافاً لما تفعله كثير من الزائرات فإنها تقول: مررت بالميقات لكني كنت حائضاً فلم أحرم، نقول: هذا من الجهل، فإن الذي يحرم على الحائض هو الطواف بالبيت، ودخول الحرم، أما الإحرام، والسعي، والرمي، وعرفة ، ومزدلفة وغير ذلك من المشاعر فإنه لا علاقة له، ولا تتوقف صحته على الحيض، فلو كانت حائضاً فإنه يجوز سعيها، ورميها، وقص شعرها، وغير ذلك من أعمال الحج أو العمرة، والذي يحرم عليها فقط هو الطواف بالبيت ودخول الحرم.

وهذا هو الجواب على سؤال يرد عند بعض النساء: هل يجوز للمرأة أن تدخل المسجد وتسمع المحاضرة ونحو ذلك؟ فنقول: قد اختلف أهل العلم في هذا، والأحوط ألا تدخل المسجد وهي حائض، ويمكنها أن تسمع المحاضرة من الشريط ونحو ذلك، والحيض تترتب عليه أحكام كثيرة كعدة المرأة، وفي ذلك ينبغي ضبطه ومعرفته.

سؤال هنا يقول: العادة عندي سبعة أيام، فصارت في أحد الشهور عشرة فهل هذه الزيادة حيض أم لا؟

الجواب: كل بلل يأتيك في وقت العادة فهو حيض، وكل كدرة أو صفرة في وقت العادة فهي حيض، فإذا كانت الكدرة أو الصفرة بعد الطهر فليست بشيء، الكدرة والصفرة إذا اتصلت بالحيض من أوله أو بآخره فإنها حيض، أو جاءت في وقت العادة بدلاً من الدم، رأيت صفرة أو كدرة تعتبريه حيضاً، أما إذا طالت العادة عن وقتها فإنها عادة ما لم تصل إلى خمسة عشر يوماً، لأن أكثر مدة للحيض خمسة عشر يوماً، فإذا طالت عن ذلك فإنها استحاضة، فهناك قاعدة مهمة ينبغي أن تحفظيها لأنها تنقذك من كثير من الإشكالات، "العادة معرضة للزيادة والنقصان، والاتصال والانقطاع، والتقديم والتأخير" فقد تتأخر عادة المرأة وقد تتقدم، وقد تطول وقد تقصر، وقد تكون متقطعة وقد تكون متصلة، بعض النساء قد تكون عدتها سبعة أيام متواصلة، وفي إحدى المرات يأتيها ثلاثة أيام دم ثم ينزل عليها الطهر، وبعد فترة يأتيها دم الحيض مرة أخرى، فماذا نقول؟ نقول: كل دم في وقت الحيض فهو حيض، أما إذا جاء بعد الحيض نظرنا فيه، فإن كان يشبه دم الحيض في صفاته من ناحية اللون والرائحة والأوجاع المصاحبة ونحو ذلك عرفنا أنه دم حيض، وأما إذا كان دماً مشرقاً أحمر في غير وقت الحيض فهو استحاضة، أو إذا زاد عن خمسة عشر يوماً فهو استحاضة، فهذه بعض الأسئلة المتعلقة بالطهارة بالنسبة للمرأة المسلمة.

والآن إلى مقالة بعنوان: "الحجاب ليس عقبة"

هي فتاة أميركية يميزها الحجاب الشرعي الذي ترتديه، وكذلك حرصها على حضور الحلقات التي تعقد في مسجد المدينة الأمريكية التي تقطنها باستمرار، تستعير كتباً دينية من مكتبة المسجد، فهي حريصة على العلم، وكم تتمنى أن تدرس في كلية الشريعة، كيف أسلمت؟ وما حالها قبل الإسلام وبعده؟ نقرأ سوياً ما تقوله أختنا المسلمة ليزبت التي أسلمت بعد ذلك.

تقول:

نشأت في بيئة نصرانية ، ولكن هذه البيئة لم يكن فيها حرص على ممارسة الطقوس الدينية؛ نتيجة التفلت والضياع الذي نعيشه في أوروبا وأمريكا عموماً، ومنذ وعيت على الحياة لم أكن أرتاح إلى هذا الدين الذي أدين به وأفكر دائماً بموضوع صلب المسيح، وكذا التثليث -وهنا آخذكِ في منعطفٍ لتستمعي إلى هذه الطرفة- جاء أحد المبشرين إلى قرية إسلامية، فألقى عليهم محاضرات التبشير والنصرانية والمسيح، ويصلي للمسيح، وقدرة المسيح ونحو ذلك وفقرات من الإنجيل المحرف، وأخبرهم أن المسيح صلب وقتل، وأنه بقي معلقاً على الصليب المصلوب عليه فترة ثلاثة أيام، ثم قام ودخل في السماء، ونحو ذلك من الخرافات والهراء الذي يقولونه، والله عز وجل قال: وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ [النساء:157].

ألقي الشبه على أحد الخونة فظنوه عيسى فأخذوه وصلبوه وقتلوه، أما عيسى الحقيقي فإن الله قد رفعه إلى السماء وأنقذه من بين أيديهم، هذه عقيدتنا في عيسى، وأنه عبد كريم نبي من أولي العزم من الرسل، وإنه لم يمت وإنما سينـزل في آخر الزمان، وقد آن الأوان وقرب الوقت -والله المستعان- لفساد الزمان، فينـزل عيسى، ويحكم بشريعة محمد صلى الله عليه وسلم، ويكسر الصليب، ويقتل الخنـزير، ولا يقبل من الكفرة إلا الإسلام أو القتل.

وبعد نهاية المحاضرة قال له أحد الفلاحين البسطاء من المسلمين: يا أيها القسيس! أنت تقول: إن المسيح كان يتنقل من الناصرة إلى القدس وغيرها على الحمار ثم أخذوه وصلبوه على الصليب، هل كان عيسى على الصليب مرتاحاً لما كان مربوطاً عليه على تلك الخشبة القاسية ثلاثة أيام، قبل القتل صلبوه على هذه الخشبة التي على شكل الصليب كان مرتاحاً عليها أو لا؟

فقال القسيس: لا. ما كان مرتاحاً عليها؛ لأنها خشبة صلبة، وهو مربوط عليها هذه الفترة.

فقال الفلاح المسلم: الحمار الذي كان يتنقل عليه المسيح كان يرتاح عليه أو ما كان يرتاح عليه؟

فقال: كان مريحاً. فقال الفلاح المسلم: فلماذا لا نعبد الحمار بدلاً من أن نعبد الصليب وقد كان الصليب يؤلم عيسى والحمار يريح عيسى، فبهت الذي كفر وأسقط في يده.

فعلاً إنهم يقدسون الصليب، ويجعلونه معهم، ويقولون: نصاب بالبركة، ويصلون به، ويعلقونه في رقابهم وو ... إلى آخره، مع أنه كان مؤلماً لعيسى كما يقولون، وكان مربوطاً عليه، فينبغي كرهه ونبذه، وليس أن يأخذوه ويجعلوه سبب البركة، فما أقبح تلك العقول! وأقبح تلك الأفكار!

على أية حالة تقول هذه المرأة التي كان اسمها ليزبت سابقاً: كنت دائماً أفكر في صلب المسيح، وكذلك التثليث في أن هذا الكلام لا يعقل، وكيف أن الإنسان يعمل الجرائم المختلفة، ولمجرد الإيمان بالمسيح يدخل الجنة، أليس هناك فروض وواجبات يتحتم على النصارى اتباعها؟

هذه الأسئلة جعلتني أشعر بالضياع، فجعلت أبحث عن دين آخر أجد فيه الراحة، أخذت أسأل كل شخص عن دينه لأعرف مبادئه وتعاليمه، وكلما رأيت إنساناً سألته عن دينه، فرأيت عدة من المسلمين سألتهم عن الإسلام، ثم إن بعض المسلمين دلوني على القرآن الكريم المترجم، فقرأت ثلثه؛ فوجدت فيه الراحة التامة، وأصبحت أحرص على تأدية الصلاة، وأذهب يوم الجمعة إلى مسجد المركز الإسلامي الموجود في منطقتنا، وامتنعت عن أكل لحم الخنـزير وأنا لم أسلم بعد، ولكن أجرب الشعائر هذه في هذا الدين، وفي يوم من الأيام ذهبت لوليمة كان فيها بعض المسلمين في مكان، وزوجاتهم أيضاً في مكان، فسئلت: هل أنت مسلمة؟ قلت: لا. فسئلت لماذا لم أسلم بعد؟ فقلت: إنني خائفة من الحجاب، فقيل لي: تخيلي لو أنك خرجت وصار لك حادث، هل تحبين أن تكون نهايتك طيبة فتموتين وأنت مسلمة وتدخلين الجنة أم يذهب بك إلى مكان آخر؟

فأثرت فيَّ تلك الكلمة، وأسلمت بالفعل، وعندما نطقت بالشهادة وبعد عدة أيام، أقامت لي إحدى المسلمات حفلة بسيطة وقدمت لي هدية، حينما فتحتها كانت حجاباً، كنت خائفة جداً من الحجاب، شأني شأن الكثيرات من الأمريكيات وذلك أنه في نظري يسلبنا الحرية، وبعد أن اعتدنا على ارتداء ما نريد من الملابس يكون من الصعب ارتداء الحجاب، المهم ارتديت الحجاب في اليوم الثاني وذهبت به إلى الجامعة، ولم أجد أي صعوبة تذكر، فبدأت أعتاد على الأمر ووجدت فيه الراحة التي أنشدها، والآن أحاول أن أسهل أمر الحجاب على صديقة اقتنعت بالإسلام لكنها خائفة من الحجاب.

أما عن ردة فعل أبوي فإن أبي لم يبال؛ لأنه شعر بأن الأمر ليس بيده، أما أمي فهي إنسانة اعتادت على احترام آراء الآخرين وتقبلها، ولذلك فهي لم تعر إسلامي شيئاً، لكنها كانت خائفة عليَّ من الحجاب، وعندما رأت إصراري راعت شعوري، بل إنها أصبحت تشتري لي الحجاب وتهديني إياه.

ومن الطرف التي واجهتني أن ابن خالي جاء لزيارتنا ذات يوم، فأمرته والدتي أن ينتظر في حين أن تعطيني خبر قدومه حتى أضع الحجاب، وذات مرة زارنا عمي، فأسرعت لتناولني الحجاب حتى أضعه قبل أن يدخل، فضحكت وشرحت لها الأمر، وأن عمي من المحارم الذين لا يجب علي الحجاب أمامه.

وأنقلك الآن من هذه القصة المؤثرة عن حجاب المرأة الأمريكية المسلمة هذه إلى هذا المشهد، تقول إحدى النساء: ذهبت إلى بعض المستشفيات لعمل فحوصات، فلما دخلت العيادة رأيت منظراً يندى له الجبين، ويتقطع له القلب حسرة، رأيت منظر الطبيبة بنت البلد وهي تلبس البنطال والقميص، وقد أظهرت زينتها الكاملة، واستبدلت غطاء رأسها بقبعة بلاستيكية صغيرة، ولبست من الحلي ما يزينها، ولم تأبه بالرجال سواء الأطباء أو العاملين، فهل هذا منظر يرضي الله عز وجل؟

ألا يصلح أن تلبس الطبيبة النقاب والخمار بدلاً من هذا اللباس المخزي، سبحان الله! النصرانية تسلم وتتحجب وتتعود على الحجاب، والمسلمة تفسق وتعصي، وتتحلل من الحجاب، فسبحان من هدى وأضل!!

امرأة أمريكية أخرى أسلمت، وسمت نفسها (فاطمة) أسلمت بسبب الحجاب، كانت تعمل على جهاز المحاسبة في إحدى المحلات، فاستوقفتها مشاهد من بعض النساء من زوجات الطلاب الذين يدرسون في الخارج، بعض النساء المحجبات، فكانت تسألهن على الجهاز عن هذا الحجاب، ولماذا هذا الحجاب؟ وما هذا الدين الذي يلزمكم به؟ وما هي تفاصيله تقول: اشتد شوقي للحجاب على الرغم من صعوبته، وحينما عدت للبيت أخذت قطعة قماش ووضعتها على رأسي، ولبست ملابس ذات أكمام طويلة فأعجبني شكلها، وخرجت بها في اليوم التالي إلى مركز إسلامي قريب؛ بحثاً عن مراجع عن الإسلام؛ فأخذتها وتفرغت لقراءتها، فتأثرت، ثم ذهبت إلى المركز مرة أخرى وأعلنت إسلامي هناك.

إذاً: الحجاب سبب لهداية بعض الكافرات، الحجاب هو دعوة عملية، فما أكثر أجر التي تتحجب فتكون قدوة لغيرها، عندما تلبس الجوارب التي تستر القدمين، والقفازات التي تستر الكفين، والغطاء السميك الذي يستر الوجه، إنها فعلاً دعوة صامتة للغيرة، وكم من الأجر يكون لهذه المرأة.