خطب ومحاضرات
/home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 55
Warning: Attempt to read property "value" on null in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 55
Warning: Trying to access array offset on value of type null in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 55
/audio/35"> الشيخ محمد صالح المنجد . /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 58
Warning: Attempt to read property "value" on null in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 58
Warning: Trying to access array offset on value of type null in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 58
/audio/35?sub=11736"> مجموعة الآداب
Warning: Undefined array key "Rowslist" in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 70
Warning: Attempt to read property "value" on null in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 70
آداب الدرس والحلقة
الحلقة مفرغة
أثناء مسير النبي الأكرم صلى الله عليه وسلم إلى مكة فاتحاً لها حصلت له مواقف وأحداث، كان فيها من المصالح المتحققة للمسلمين الشيء الكثير، ومن ذلك أنه لقي عيينة بن حصن الفزاري والأقرع بن حابس، كما لقيه مهاجراً العباس بن عبد المطلب، وكان صائماً أثناء مسيره، فنزل بنيق العقاب ولقيه هناك أبو سفيان وعبد الله بن أبي أمية، وأخذ العباس أبا سفيان معه وأدخله إلى النبي صلى الله عليه وسلم فأسلم.
الحمد لله رب العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ولي المتقين، وأشهد أن محمداً عبد الله ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه أجمعين، بلغ الرسالة وأدى الأمانة ونصح الأمة، وكشف الله به الغمة، وجاهد في الله حق جهاده.
أيها الإخوة: سنتحدث في هذه الليلة إن شاء الله عن عبادة عظيمة من العبادات، وموضوعٍ مهمٍ من المهمات وهو: حلق العلم، وشيء من فضلها وآدابها وشروطها، ونظرة نقدية لواقع حلق العلم التي يجلس فيها بعض الشباب، بل وبعض النساء أيضاً لنتعرف على شيءٍ من الآداب، وفي ذات الوقت الآفات التي تحيط بهذه القضية.
أما بالنسبة للعلم، فإن طلب العلم من أجل العبادات وأفضل القربات، وهو حياة القلوب ونور الأبصار، به يطاع الله عز وجل ويعبد، وبه يحمد الرب ويوحد، وبه توصل الأرحام، ويعرف الحلال من الحرام، فتعلمه حسنة، ومدارسته تسبيح، والبحث عنه جهاد، وتعليمه لمن لا يعلمه صدقة، وبذله قربة، وهو الأنيس في الوحدة، والصاحب في الغربة، والدليل في الظلمة، والسنان على الأعداء، وأهل العلم في المنارات العالية، قال الله تعالى: يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ المجادلة:11] وفضل العالم على العابد كفضل النبي صلى الله عليه وسلم على أدناكم كما خاطب بذلك أصحابه، ولم يأمر الله نبيه أن يطلب الزيادة من شيء إلا من العلم، فقال: وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْماً [طه:114].
وهو دليلٌ على توفيق الله للعبد، قال عليه الصلاة والسلام: (من يرد الله به خيراً يفقهه في الدين) وفي حكمه جاء حديثه عليه الصلاة والسلام: (طلب العلم فريضة على كل مسلم) ونافلة العلم أفضل من نافلة العبادة، كما ورد في الحديث الصحيح ()فضل العلم أحب إلي من فضل العباد) والملائكة ترضى عن طالبه بقوله عليه الصلاة والسلام: (وإن الملائكة لتضع أجنحتها لطالب العلم رضىاً بما يصنع) وكل وسيلة مشروعة لتحصيله فهي طريقٌ مؤدية إلى الجنة لقوله صلى الله عليه وسلم: (من سلك طريقاً يلتمس فيه علماً، سهل الله له به طريقاً إلى الجنة) وحلق العلم من أعظم الوسائل الموصلة إلى العلم، ولذلك فإن هذا السبيل وهو حلق العلم من أعظم السبل المؤدية إلى الجنة.
ولذلك كان حرياً بنا أن نتفطن لهذه القضية؛ وهي الاهتمام بحلق العلم، لأنها السبيل العظيم الموصل إلى الجنة، وقد وردت أحاديث في فضل حلق العلم عظيمة، منها ما هو مقيدٌ بالمسجد، ومنها ما هو مطلق، فمن الأشياء المقيدة بالمسجد حديث أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ما اجتمع قومٌ في بيتٍ من بيوت الله يتلون كتاب الله ويتدارسونه فيما بينهم إلا نزلت عليهم السكينة، وغشيتهم الرحمة، وحفتهم الملائكة، وذكرهم الله فيمن عنده) وفي إتيان المساجد لتعلم القرآن، قال صلى الله عليه وسلم: (أيكم يحب أن يغدو كل يومٍ إلى بطحان أو إلى العقيق ، فيأتي منه بناقتين كوماوين زهراوين في غير إثمٍ ولا قطيعة رحم، فلأن يغدو أحدكم إلى المسجد، فيتعلم أو يقرأ آيتين من كتاب الله خيرٌ له من ناقتين كوماوين، وثلاث خيرٌ له من ثلاث، وأربع خيرٌ له من أربع، ومن أعدادهن من الإبل) حديثٌ صحيح رواه الإمام أحمد وغيره، وهذا دليلٌ عظيمٌ على استحباب إتيان المساجد لحلق الذكر، أما غير المساجد، فقد قال عليه الصلاة والسلام في الحديث الصحيح: (لا يقعد قومٌ يذكرون الله إلا حفتهم الملائكة، وغشيتهم الرحمة، ونزلت عليهم السكينة، وذكرهم الله فيمن عنده).
هل يقتصر أجر حلق العلم على المسجد؟
أما بالنسبة لذكر الله الوارد بالحديث، فقد قال ابن حجر رحمه الله: ويطلق ذكر الله ويراد به المواظبة على العمل بما أوجبه أو ندب إليه كتلاوة القرآن وقراءة الحديث، ومدارسة العلم، والمناظرة فيه من جملة ما يدخل، قال: قراءة الحديث ومجالسة أهل العلم والمناظرة فيه من جملة ما يدخل في مسمى ذكر الله عز وجل، وإن كان ذكر الله بالمعاني الأخرى أيضاً أقرب إلى مسمى ذكر الله من مدارسة أو ذكر الأسانيد ونحو ذلك.
وقال عليه الصلاة والسلام فيما رواه عنه سهل بن الحنظلية : (ما اجتمع قومٌ على ذكرٍ فتفرقوا عنه إلا قيل لهم: قوموا مغفوراً لكم) وذكره الألباني رحمه الله في صحيح الجامع .
معنى حلق الذكر وبيان دخول حلق العلم فيها
والصحابة جلسوا يذكرون الله ويحمدونه على ما هداهم للإسلام ومنَّ به عليهم، فإذاً.. تذكر الأشياء وتذكر نعمة الله تعالى، وتحديث البعض للبعض الآخر بنعمة الهداية مثلاً، يعتبر من مجالس الذكر، ولو لم يقرءوا فيه إسناداً ولا متناً، فلا يقتصر مفهومنا لحلق الذكر على قراءة المتون فقط، فالمسألة أعظم من ذلك.
لو جلس جماعة يتواصون بالصبر، يتكلمون في مسألة الدعوة إلى الله، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وسبل إعزاز الدين، ويناقشون كيفيات إعزاز الدين , والسبل الموصلة إلى تبليغ الدعوة، وكيف يحققون ذلك، لكان هذا من حلق الذكر.
ولو جلس جماعة حتى لو لم يكونوا من أهل العلم ولا من حفاظ العلم، جلسوا يذكرون نعم الله عليهم، وهذا قد يتكلم فيه بعض العامة كلاماً جميلاً، يذكر نعم الله عليه، ويقارن حال المهتدين بحال الزائغين، ويبين فضل الله عز وجل على المهتدين، فهذه حلقة ذكر فيها أجرٌ عظيم.
إذاً.. نحن نستطيع أن نحول كثيراً من مجالسنا، سواء كانت مجالس عائلية، مجالس كلام في العمل أحياناً، مجالس مع الأصدقاء ما قبل العشاء، ما بعد الغداء، في وليمة؛ يمكن أن نحولها إلى حلقة ذكر ونخرج منها بأجرٌ عظيم، فذكر الله كلمة عامة يدخل فيها مسائل العلم والحديث والتفسير والفقه والعقيدة، ويدخل فيها كل شيءٍ فيه ذكر فضل الله، ونعم الله، وهداية الله تعالى، وكذلك الدعوة إلى الله مثلاً.
إذاً.. مجالس العلم مفهومها كبير وواسع، وينبغي أن يحقق، وإن كانت الكتب التي تتحدث عن حلق العلم تقتصر على ما يفهم منه قضية المتون والأحاديث، والإملاء والأسانيد، وغير ذلك، لكن المسألة أوسع من هذا بكثير، والصحابة كان حالهم أن يذكرون منة الله تعالى عليهم.
وفي رواية لـابن حبان : (ما جلس قومٌ يذكرون الله إلا حفتهم الملائكة وغشيتهم الرحمة ونزلت عليهم السكينة وذكرهم الله فيمن عنده) وبعض العلماء الذين شرحوا حديث ( ما اجتمع قومٌ في بيتٍ من بيوت الله) ذكروا تنبيهاً، ومنهم المناوي الذي قال: التقييد بالمسجد غالبيٌ فلا يعمل بمفهومه، يعني: ليس الأجر الذي ورد في بيت من بيوت الله خاصاً بالمسجد، وإنما حتى الحلق التي تكون في البيوت والمجالس وأي مكان آخر غير المسجد فيها أجرٌ عظيمٌ أيضاً، لكن بيت الله تعالى مظنة الخشوع والبركة فيه أكثر، وإلا فليست حلق العلم المعقودة في البيوت خالية من الأجر الوارد في هذا الحديث، ولذلك قال: التقييد بالمسجد غالبيٌ فلا يعمل بمفهومه.
أما بالنسبة لذكر الله الوارد بالحديث، فقد قال ابن حجر رحمه الله: ويطلق ذكر الله ويراد به المواظبة على العمل بما أوجبه أو ندب إليه كتلاوة القرآن وقراءة الحديث، ومدارسة العلم، والمناظرة فيه من جملة ما يدخل، قال: قراءة الحديث ومجالسة أهل العلم والمناظرة فيه من جملة ما يدخل في مسمى ذكر الله عز وجل، وإن كان ذكر الله بالمعاني الأخرى أيضاً أقرب إلى مسمى ذكر الله من مدارسة أو ذكر الأسانيد ونحو ذلك.
وقال عليه الصلاة والسلام فيما رواه عنه سهل بن الحنظلية : (ما اجتمع قومٌ على ذكرٍ فتفرقوا عنه إلا قيل لهم: قوموا مغفوراً لكم) وذكره الألباني رحمه الله في صحيح الجامع .
إذاً.. هذه الأحاديث الدالة على فضل حلق الذكر عموماً، وحلق العلم تدخل في حلق الذكر، وينبغي أن يوسع موضوع حلق الذكر حتى لا يُظن أنها فقه وحديث وتفسير ونحو ذلك، فيدخل فيها الطلب من الله عز وجل والدعاء، وكذلك ذكر نعمة الله، إذا جلسوا يذكرون نعمة الله عليهم، فهي من حلق الذكر التي فيها هذا الأجر العظيم (وقد ذكر النبي صلى الله عليه وسلم عن رجلٍ حضر حلقة علمٍ رأى فرجة جلس فيها أن الله آواه، وثانٍ جلس خلفهم واستحيا أن الله قد استحيا منه) وهذا يدل على فضل من حضر حلق الذكر.
والصحابة جلسوا يذكرون الله ويحمدونه على ما هداهم للإسلام ومنَّ به عليهم، فإذاً.. تذكر الأشياء وتذكر نعمة الله تعالى، وتحديث البعض للبعض الآخر بنعمة الهداية مثلاً، يعتبر من مجالس الذكر، ولو لم يقرءوا فيه إسناداً ولا متناً، فلا يقتصر مفهومنا لحلق الذكر على قراءة المتون فقط، فالمسألة أعظم من ذلك.
لو جلس جماعة يتواصون بالصبر، يتكلمون في مسألة الدعوة إلى الله، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وسبل إعزاز الدين، ويناقشون كيفيات إعزاز الدين , والسبل الموصلة إلى تبليغ الدعوة، وكيف يحققون ذلك، لكان هذا من حلق الذكر.
ولو جلس جماعة حتى لو لم يكونوا من أهل العلم ولا من حفاظ العلم، جلسوا يذكرون نعم الله عليهم، وهذا قد يتكلم فيه بعض العامة كلاماً جميلاً، يذكر نعم الله عليه، ويقارن حال المهتدين بحال الزائغين، ويبين فضل الله عز وجل على المهتدين، فهذه حلقة ذكر فيها أجرٌ عظيم.
إذاً.. نحن نستطيع أن نحول كثيراً من مجالسنا، سواء كانت مجالس عائلية، مجالس كلام في العمل أحياناً، مجالس مع الأصدقاء ما قبل العشاء، ما بعد الغداء، في وليمة؛ يمكن أن نحولها إلى حلقة ذكر ونخرج منها بأجرٌ عظيم، فذكر الله كلمة عامة يدخل فيها مسائل العلم والحديث والتفسير والفقه والعقيدة، ويدخل فيها كل شيءٍ فيه ذكر فضل الله، ونعم الله، وهداية الله تعالى، وكذلك الدعوة إلى الله مثلاً.
إذاً.. مجالس العلم مفهومها كبير وواسع، وينبغي أن يحقق، وإن كانت الكتب التي تتحدث عن حلق العلم تقتصر على ما يفهم منه قضية المتون والأحاديث، والإملاء والأسانيد، وغير ذلك، لكن المسألة أوسع من هذا بكثير، والصحابة كان حالهم أن يذكرون منة الله تعالى عليهم.
لا شك أن حلق العلم من الأمور التي ينبغي الاهتمام بها لقلة العلم في هذا الزمان وتفشي الجهل، فهي من ذكر الله تعالى، ولما كانت حلق العلم قد اعتورها ما اعتورها من التقصير والآفات، فلعلنا نتحدث عن بعض ما يتعلق بحلق العلم، من الشروط والآداب وما كان في عهد السلف ، ونناقش بعض عيوبنا في حلق العلم أو حلق الذكر، لنتوصل إلى سبلٍ لتصحيح الواقع، ونحث أنفسنا على الاهتمام بهذه العبادة العظيمة، وهي حلق العلم والذكر.
كان السلف رحمهم الله عز وجل يهتمون بقضية الشيخ، ويتوسمون الخير في المشايخ، ويحرصون على حضور من يظهر لهم الخير فيه، فهذا أبو إدريس الخولاني رحمه الله قال: دخلت مجلس حمص فجلست في حلقة فيها اثنان وثلاثون رجلاً من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، يقول الرجل منهم: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم، فيحدث، ثم يقول الآخر: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم، فيحدث، وفيهم رجلٌ أدعج براق الثنايا، فإذا شكوا في شيءٍ ردوه إليه، ورضوا بما قال، فلم أجلس قبله ولا بعده مجلساً مثله، فتفرق القوم وما أعرف اسم رجلٍ منهم، فبت بليلة لم أبت بمثلها، وقلت: أنا رجلٌ أطلب العلم، وجلست إلى أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم لم أعرف اسم رجلٍ منهم ولا منزله، فلما أصبحت غدوت إلى المسجد، فإذا أنا بالرجل الذي كانوا إذا شكوا في شيءٍ ردوه إليه يركع إلى بعض إسطوانات المسجد- يصلي- فجلست إلى جانبه، فلما انصرف قلت: يا عبد الله! والله إني لأحبك لله، فأخذ بحبوتي حتى أدناني منه، ثم قال: إنك لتحبني لله؟ قلت: إي والله إني لأحبك لله؛ قال: إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (إن المتحابين بجلال الله في ظل الله وظل عرشه يوم لا ظل إلا ظله) فقمت من عنده... الحديث، أو بقية القصة.
وقد حصل أيضاً في رواية أخرى من كلامه رحمه الله أنه سمع رجلاً من الصحابة يقول عن النبي صلى الله عليه وسلم عن ربه عز وجل: (حقت محبتي للذين يتحابون فيَّ، وحقت محبتي للذين يتباذلون فيَّ، وحقت محبتي للذين يتزاورون فيّ) قلت: من أنت يرحمك الله؟ قال: أنا عبادة بن الصامت ، قلت: من الرجل؟ قال: معاذ بن جبل ، ومعاذ بن جبل الذي أعجب ذلك الرجل هيأته وسمته رضي الله عنه وأرضاه، وهو الذي كان مرجعهم، وهو أعلم الأمة بالحلال والحرام، وأعلمهم بالفقه بعد النبي صلى الله عليه وسلم، يتقدم العلماء يوم القيامة برمية حجر، رأى أبو إدريس من سمته وهيأته ما حببه فيه وجلس إليه، ويمكن معرفة العالم الثقة أو المعلم الثقة، أو طالب العلم الثقة من خلال السؤال والتفرس، وكانوا يبحثون عن الحلق التي يظهر حسن السمت في طلابها، وهذه كانت ميزة من ميزات العلم والذكر في عهد السلف ؛ فكان الإنسان يميز من الجالسين حالاً عجيبةً، يقول عبد الله بن محمد بن عبيد في مسعر بن كدام وهو من كبار علماء السلف:
من كان ملتمساً جليساً صالحاً فليأت حلقة مسعر بن كدام |
فيها السكينة والوقار وأهلها أهل العفاف وعلية الأقوام |
فتتميز حلقهم بالعفة، والمجلس نفسه فيه سكينة ووقار، ليس مجلس لغط ولا هرج ومرج، لكن مجلس خشوع وسكينة، ويقول أبو حازم رحمه الله وهو من جلساء زيد بن أسلم في حلقته، يقول: لقد رأيتنا في مجلس زيد بن أسلم أربعين حضراً فقهاء، أدنى خصلة فينا التواسي بما في أيدينا، فما رئي منا متماريان ولا متنازعان في حديثٍ لا ينفعهما قط، إذاً كان الجالسون في الحلق من الذين يتخلقون بالأخلاق الحسنة، وليسوا حفاظاً فقط، وعندهم نبوغ في الفهم، فكانت قضية الأخلاق والآداب مهمة، يقول: أدنى خصلة فينا التواسي بما في أيدينا، أي: يواسي بعضنا بعضاً، فالذي عنده سعة يعطي الذي ضاقت حاله، هذه أقل خصلة فما بالك بما هو أعظم؟ وفي نفس الوقت لا يوجد مراء في المجلس، لا يوجد نقاشات فارغة، ما رئي منا متماريان ولا متنازعان في حديثٍ لا ينفعهما، ولذلك حصلت الاستفادة والبركة، لكن لما يجلس بعض الناس في حلق، ويكون همهم الجدال والنقاش حتى لو لم يكن مفيداً، وأن يظهر كل واحد صحة رأيه وفساد رأي الآخر ونحو ذلك من الكلام، وينتصر كل إنسان لنفسه، ويريد إبراز مواهبه في النقاش، عندما تكون الأغراض مشبوهة، والنوايا مشوبة بمثل هذه الترهات لا تحصل البركة في المجلس ولا الفائدة، ولذلك قال: ما رئي منا متماريان ولا متنازعان، فكانوا يسمعون العلم، فيستفيدون، لا يوجد مراء، ولا شيء يضيع الأوقات.
صورة بسيطة لحلقة علم
قال: كنت في حلقة من الأنصار، وإن بعضنا ليستتر ببعض من العري، وقارئٌ لنا يقرأ علينا، فنحن نسمع إلى كتاب الله عز وجل، وكان الصحابة رضوان الله عليهم إذا أرادوا سماع القرآن، أمروا أحدهم أن يقرأ والبقية يستمعون، إذاً حلقة الذكر ليست صعبة، بل هي قضية سهلة جداً، والمسألة لا تحتاج أكثر من همة جلوس، وسماع لواحد من الناس الذين يجلسون ويقرءون القرآن، ويحصل بذلك الأجر العظيم، ولا يشترط أن يكون فيهم طالب علم أو عالم.
فإذا عرفنا أن المسألة سهلة، فلماذا لا نطبقها؟ هب أن بعضنا من الجالسين ليس عنده علم، ولا هو صاحب علم، ولا درس على مشايخ، ولا حفظ متوناً، ولا مسائل فقهية، ولا درس مذهباً فقهياً، جمع أهل بيته، فقرأ أو قرأت زوجته، أو قرأ أحد أولاده القرآن؛ فهذه حلقة ذكر، ونحن نريد إحياء هذا الأمر في البيوت والمجالس والمساجد وجميع المحلات، من مصلحتنا إحياء ذلك خاصة في زمن الجهل الذي نعيش فيه، عندك ربع ساعة في مصلى العمل، بنات عندهن وقت في مصلى الكلية، طلاب عندهم وقت في مصلى الجامعة، المسألة سهلة جداً، إنشاء حلقة ذكر سهلة جداً، وهذه قضية لها أثر كبير على النفوس، وهذا نوعٌ من التربية الإيمانية، وباب عظيم من أبواب الأجر ينبغي أن لا يفوت أبداً، لقد كان عند السلف خشوعٌ في حلقهم، ولم تكن مجالس مراء وكلام يقسي القلوب.
من الآداب الخشوع والصمت
إذاً.. يلزم وجود سكينة في المجلس الذي يقرأ فيه حديث النبي عليه الصلاة والسلام، وعندما يقول الله تعالى في كتابه العزيز: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أَنْ تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ وَأَنْتُمْ لا تَشْعُرُونَ [الحجرات:2] فإننا ونحن بعده ولم ندركه حياً عليه الصلاة والسلام نستطيع أن نطبق ذلك؛ بحيث نسمع حديثه يقرأ في مجلسٍ بدون أن يكون منا رفع صوت، فإذا لم يكن بين أظهرنا حياً بجسده فلنحترمه في عدم رفع صوتنا فوق صوته، فلا أقل من أن نسكت وننصت عندما يقرأ حديثه.
أهل الحديث هم أهل الرسول وإن لم يصحبوا نفسه أنفاسه صحبوا |
فهذه أنفاسه التي بلغت إلينا، وحديثه ينبغي أن يسمع باحترام وتوقيرٍ وإجلال، لقد كانت الحلق تزيد الإيمان، ويحصل فيها من الخشوع ما يحصل، ويكون ذلك أحياناً بكلمة يسيرة، ولا يشترط أن تكون موعظة طويلة، يقول محمد بن واسع : كنت في حلقة فيها الحسن ومطرف وفلان وفلان، فتكلم سعيد بن أبي الحسن ، حتى إذا قضى كلامه دعا، فقال في دعائه: اللهم ارض عنا.. ثلاثاً، فقال مطرف : اللهم إن لم ترض عنا، فاعف عنا، قال: فأبكاهم مطرف بهذه الكلمة.
وقد روى أبو سعيد رضي الله عنه وأرضاه، قال: كنت في حلقة من الأنصار وإن بعضنا ليستتر ببعض من العري وقارئ لنا يقرأ علينا، وفي هذا أنهم كانوا يلتمسون حلق الفقراء، وكانت طريقتهم في الحلق أن قارئاً يقرأ وهم يستمعون، فلو أن ناساً اجتمعوا في حلقة، وقالوا: يا فلان! أنت أندانا صوتاً، وأجودنا تجويداً، فافتح المصحف واقرأ علينا، ففتح المصحف وقرأ عليهم، فهذه حلقة ذكر كاملة، تحفها الملائكة، وتغشاها الرحمة والسكينة، ولو ما فعل فيها إلا قراءة القرآن.
قال: كنت في حلقة من الأنصار، وإن بعضنا ليستتر ببعض من العري، وقارئٌ لنا يقرأ علينا، فنحن نسمع إلى كتاب الله عز وجل، وكان الصحابة رضوان الله عليهم إذا أرادوا سماع القرآن، أمروا أحدهم أن يقرأ والبقية يستمعون، إذاً حلقة الذكر ليست صعبة، بل هي قضية سهلة جداً، والمسألة لا تحتاج أكثر من همة جلوس، وسماع لواحد من الناس الذين يجلسون ويقرءون القرآن، ويحصل بذلك الأجر العظيم، ولا يشترط أن يكون فيهم طالب علم أو عالم.
فإذا عرفنا أن المسألة سهلة، فلماذا لا نطبقها؟ هب أن بعضنا من الجالسين ليس عنده علم، ولا هو صاحب علم، ولا درس على مشايخ، ولا حفظ متوناً، ولا مسائل فقهية، ولا درس مذهباً فقهياً، جمع أهل بيته، فقرأ أو قرأت زوجته، أو قرأ أحد أولاده القرآن؛ فهذه حلقة ذكر، ونحن نريد إحياء هذا الأمر في البيوت والمجالس والمساجد وجميع المحلات، من مصلحتنا إحياء ذلك خاصة في زمن الجهل الذي نعيش فيه، عندك ربع ساعة في مصلى العمل، بنات عندهن وقت في مصلى الكلية، طلاب عندهم وقت في مصلى الجامعة، المسألة سهلة جداً، إنشاء حلقة ذكر سهلة جداً، وهذه قضية لها أثر كبير على النفوس، وهذا نوعٌ من التربية الإيمانية، وباب عظيم من أبواب الأجر ينبغي أن لا يفوت أبداً، لقد كان عند السلف خشوعٌ في حلقهم، ولم تكن مجالس مراء وكلام يقسي القلوب.
يقول نصر بن عاصم الليثي أتيت اليشكري في رهطٍ من بني ليث، فقال: قدمت الكوفة ، فدخلت المسجد، فإذا فيه حلقة كأنما قطعت رءوسهم من خفض الرءوس والخشوع والصمت، يستمعون إلى حديث رجلٍ، فقمت عليهم، فقلت: من هذا؟ قيل حذيفة بن اليمان ، فدنوت منه فسمعته يقول: كان الناس يسألون رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الخير، وكنت أسأله عن الشر... في الحديث المعروف.
إذاً.. يلزم وجود سكينة في المجلس الذي يقرأ فيه حديث النبي عليه الصلاة والسلام، وعندما يقول الله تعالى في كتابه العزيز: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أَنْ تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ وَأَنْتُمْ لا تَشْعُرُونَ [الحجرات:2] فإننا ونحن بعده ولم ندركه حياً عليه الصلاة والسلام نستطيع أن نطبق ذلك؛ بحيث نسمع حديثه يقرأ في مجلسٍ بدون أن يكون منا رفع صوت، فإذا لم يكن بين أظهرنا حياً بجسده فلنحترمه في عدم رفع صوتنا فوق صوته، فلا أقل من أن نسكت وننصت عندما يقرأ حديثه.
أهل الحديث هم أهل الرسول وإن لم يصحبوا نفسه أنفاسه صحبوا |
فهذه أنفاسه التي بلغت إلينا، وحديثه ينبغي أن يسمع باحترام وتوقيرٍ وإجلال، لقد كانت الحلق تزيد الإيمان، ويحصل فيها من الخشوع ما يحصل، ويكون ذلك أحياناً بكلمة يسيرة، ولا يشترط أن تكون موعظة طويلة، يقول محمد بن واسع : كنت في حلقة فيها الحسن ومطرف وفلان وفلان، فتكلم سعيد بن أبي الحسن ، حتى إذا قضى كلامه دعا، فقال في دعائه: اللهم ارض عنا.. ثلاثاً، فقال مطرف : اللهم إن لم ترض عنا، فاعف عنا، قال: فأبكاهم مطرف بهذه الكلمة.
ومن شروط الشيخ في الحلقة: التواضع، وكان بعض العلماء لا يرضى بأن يقام له إذا دخل المجلس، ولا يقبل رأسه ولا يده، وإنما إذا تكامل الحضور، جاء إلى مكانه في الحلقة والدرس وجلس يتحدث، وإذا انتهى قام ودخل بيته.
تشجيع الطلاب المخلصين وتفقدهم
وتفقد الطلاب في الحلقة أمرٌ مهم، فقد روى قرة بن إياس رضي الله عنه أن رجلاً كان يأتي النبي صلى الله عليه وسلم ومعه ابنٌ له، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (تحبه؟ قال: نعم يا رسول الله! ففقده النبي صلى الله عليه وسلم زمناً؛ لا يأتي للدرس والحلقة، فقال: ما فعل فلان ابن فلان؟ قالوا: يا رسول الله! ابنه ذاك الذي رأيته معه مات، فأتاه النبي صلى الله عليه وسلم، فعزاه، ثم قال: ألا تحب أن تأتي باباً من أبواب الجنة إلا وجدته ينتظرك أو أن يكون عندك حياً، قال: لا بل لا آتي إلى باب من أبواب الجنة إلا وأجده، قد سبقني يفتحه لي، قال: فذلك لك، قالوا يا رسول الله: أله خاصة؟ قال: بل لكلكم...) الحديث رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح وكذلك النسائي وصححه الألباني في أحكام الجنائز.
كرم الشيخ مع أهل حلقته
وكان من عادتهم الإنفاق على الطلاب المحتاجين، وخصوصاً من طلاب الدرس، قال أبو يوسف رحمه الله: كنت أطلب الحديث والفقه وأنا مقلٌ رث المنزل، فجاء أبي يوماً وأنا عند أبي حنيفة ، فانصرفت معه، فقال: يا بني أنت محتاجٌ إلى المعاش، يعني: اعمل، فذهب ليعمل، قال: ففقدني أبو حنيفة وسأل عني، فلما أتيته بعد تأخيري عنه، قال: ما خلفك؟ قلت: الشغل بالمعاش وطاعة والدي، فلما أردت الانصراف أومأ إلي، فجلست، فلما قام الناس دفع إلي صرةً، وقال: استعن بهذه والزم الحلقة، وإذا فقدت هذه فأعلمني، فإذا فيها مائة درهم، فجلست مجلسه حتى بلغت حاجتي وفتح الله لي، فكان ما حصل من علم أبي يوسف رحمه الله تعالى.
التنظيم والترتيب في حلق السلف
وقال الذهبي في سير أعلام النبلاء في ترجمة أبي الدرداء : وقيل الذين في حلقة إقراء أبي الدرداء كانوا أزيد من ألف رجل، ولكل عشرة منهم ملقن، يعني: ألف رجل، لكن كانوا مجموعات عشرة عشرة، وكان أبو الدرداء يطوف عليهم قائماً، فإذا أحكم الرجل منهم -ضبط التلاوة وقرأ القرآن على هذا الملقن وحفظ- تحول إلى أبي الدرداء يعرض عليه، فإذاً.. هذا الشيخ الكبير بعدما ينتهي الطلاب من الدورات؛ من ينتهي منهم يأتي الشيخ الكبير، فيعرض عليه ما تعلمه.
وقال الذهبي أيضاً في السير عن مكحول كانت حلقةٌ من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم يدرسون جميعاً، فإذا بلغوا سجدة بعثوا إلى أبي إدريس الخولاني فيقرأها ثم يسجد، فيسجد أهل المدارس، وقال يزيد بن عبيدة : إنه رأى أبا إدريس في زمن عبد الملك بن مروان وإن حلق المسجد بـدمشق يقرءون القرآن يدرسون جميعاً، وأبو إدريس جالسٌ إلى بعض العمد، فكلما مرت حلقة بآية سجدة، بعثوا إليه يقرأ بها وأنصتوا له، ثم سجد بهم جميعاً.
من الآداب التي كانت موجودة في حلق السلف أن الصغار وأحداث السن لا يتكلمون قبل الكبار، فلا يوجد استعجال، ولا تعالم ولا تسرع ولا قلة أدب: (ليس منا من لم يوقر كبيرنا) يقول واحدٌ منهم: كان إذا تكلم الحدث عندنا في الحلقة أيسنا من خيره، أي: عرفنا أنه لا خير فيه، إذ كيف يتكلم بحضرة الكبار والعلماء والشيوخ ومن سبقه؟ فإذاً يوجد أدب جم.
من الأشياء التي ينبغي عملها:تشجيع الطلاب المخلصين في الحلقة، مرَّ عبد الله بن مسعود رضي الله عنه في حلقة فيها علقمة والأسود ومسروق وأصحابهم، وهؤلاء من أنجب تلاميذ عبد الله بن مسعود ، فوقف عليهم، فقال: بأبي وأمي العلماء.. بروح الله ائتلفتم، وكتاب الله تلوتم، ومسجد الله عمرتم، ورحمة الله انتظرتم، أحبكم الله وأحب من أحبكم.
وتفقد الطلاب في الحلقة أمرٌ مهم، فقد روى قرة بن إياس رضي الله عنه أن رجلاً كان يأتي النبي صلى الله عليه وسلم ومعه ابنٌ له، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (تحبه؟ قال: نعم يا رسول الله! ففقده النبي صلى الله عليه وسلم زمناً؛ لا يأتي للدرس والحلقة، فقال: ما فعل فلان ابن فلان؟ قالوا: يا رسول الله! ابنه ذاك الذي رأيته معه مات، فأتاه النبي صلى الله عليه وسلم، فعزاه، ثم قال: ألا تحب أن تأتي باباً من أبواب الجنة إلا وجدته ينتظرك أو أن يكون عندك حياً، قال: لا بل لا آتي إلى باب من أبواب الجنة إلا وأجده، قد سبقني يفتحه لي، قال: فذلك لك، قالوا يا رسول الله: أله خاصة؟ قال: بل لكلكم...) الحديث رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح وكذلك النسائي وصححه الألباني في أحكام الجنائز.
وكرم الشيخ مع أهل حلقته كان من مزايا علماء السلف رحمهم الله، قال المزني : ما رأيت رجلاً أكرم من الشافعي ، خرجت معه ليلة عيدٍ من المسجد وأنا أذاكره في مسألة حتى أتيت باب داره، فأتاه غلامٌ بكيس، فقال: مولاي يقرئك السلام، ويقول لك: خذ هذا الكيس، فأخذه منه وأدخله في كمه فأتاه رجلٌ من الحلقة من الطلاب، فقال: يا أبا عبد الله ولدت امرأتي الساعة ولا شيء عندي (نفقة الحلاق، وأجرة المولدة، والعقيقة، ونحو ذلك) فدفع إليه الكيس وصعد وليس معه شيء.
وكان من عادتهم الإنفاق على الطلاب المحتاجين، وخصوصاً من طلاب الدرس، قال أبو يوسف رحمه الله: كنت أطلب الحديث والفقه وأنا مقلٌ رث المنزل، فجاء أبي يوماً وأنا عند أبي حنيفة ، فانصرفت معه، فقال: يا بني أنت محتاجٌ إلى المعاش، يعني: اعمل، فذهب ليعمل، قال: ففقدني أبو حنيفة وسأل عني، فلما أتيته بعد تأخيري عنه، قال: ما خلفك؟ قلت: الشغل بالمعاش وطاعة والدي، فلما أردت الانصراف أومأ إلي، فجلست، فلما قام الناس دفع إلي صرةً، وقال: استعن بهذه والزم الحلقة، وإذا فقدت هذه فأعلمني، فإذا فيها مائة درهم، فجلست مجلسه حتى بلغت حاجتي وفتح الله لي، فكان ما حصل من علم أبي يوسف رحمه الله تعالى.