دروس وفتاوى سؤال من حاج [2]


الحلقة مفرغة

السؤال: أقول لك: عندي خمسة أولاد، وأبوهم متوفىً، له ثماني سنوات، والولد عمره ثماني عشرة سنة، والبنت عمرها تسع عشرة سنة.

والآن صرنا أنا وإياهم في خصام ومشاجرة، وكل ساعة خصومة، وأنا أواسيهم بأي طريقة، رغبتي أفتح لهم؛ أواسيهم بأي شيء يرضيهم أو يسعدهم، كلما أرادوا شيئاً لبيته لهم، ورغم هذا مازالوا يقطعوني بالأيام والليالي.

الشيخ: جزاكِ الله خيراً، بارك الله فيكِ.

السائلة: أول مرَّة، الآن إذا تكلمت على البنت تقاطعني أسبوعين .. ثلاثة .. أربعة .. لا تكلمني ولا أكلمها حتى أني أصبح طفشانة من البيت.

الشيخ: أعوذ بالله! أعوذ بالله! لماذا؟

السائلة: لا أدري، كلما طلبوا شيئاً قلت لهم: تفضلوا، حتى المصاريف أعطيتهم، قلتُ لهم: تصرفوا مثلما تريدون، أنا اعتبروني عندكم مثل الخدَّامة؛ لكن أرجوكم أنكم...!

الشيخ: جزاكِ الله خيراً.

السائلة: فهم على راتب أبيهم الذي يأتي ثمانمائة ريال سمعتَ أم لا؟

الشيخ: نعم.

السائلة: والآن أخي دخل في مشاكل، ودخل السجن، يعني: تهاوَش هو أوناس، ودخلوا السجن، والآن أنا أصبحت محتارة معهم ومع عيال خالهم، فهب لي حلاً، أرجوك إن ذهبت عند عيال خالهم قالوا: لماذا جِئْتِي عندهم؟ ونحن جيران مع بعض، وإن جئتُ عند عيالي يرشون عليَّ البيت أجيء هنا يخاصموني، ويقولون: أنت تذهبي هنا وتجيئي هنا، فأقول لهم: يا عيالي! اكفوني الله يرضى عليكم ارحموني, أنا أصير أروح عند عيال خالكم، جَهَلَة صغار، ما عندهم إلا أمهم، وهم هنا مقطوعون مثل أبيهم رباكم هنا وأنتم صغار، أنا أريد أن أربي أبناءه الآن حتى يخرج من السجن!

الشيخ: والله! على كل حال بارك الله فيكِ الأَولى أنكِ تستعينين بخالهم.

السائلة: خالهم ليس موجوداً الآن، مُوَقَّفٌ في السجن، لا يوجد إلا زوجته، وعنده أربعة أولاد، والأولاد ما زالوا صغاراً.

الشيخ: حسناً! أما عندكم جيران لكم طيبين؟

السائلة: الجيران لا نحتك بهم.

الشيخ: إذاً: أحسن شيء أن توالي النصح لابنك وابنتك، النصح والإرشاد.

السائلة: أرشدتهم وقلت لهم: يا أبنائي! هذا خالكم, عالكم وأنتم ما زلتم صغاراً، عالكم قدر ثمان سنوات، واليوم لابد أن نكافئه، مثلما أعطانا بالأمس نعطيه اليوم، وأنا -والله- امرأة مؤمنة وأخاف الله, وأنا قد قلتُ لهم: يا أبنائي! أريد أن أقدم في عمل، قالوا: لا، ممنوع، يا أبنائي! أريد أن أقدم في الجمعية تساعدنا، قالوا: لا، كل ما عملتُ شيئاً معهم أريد أن أرضيهم قالوا: لا. والولد موظف والحمد لله، والبنت تدرس.

أرجوكم أن تسكتوا عني، أنا سأتحمل الصغار، وأنتما أيها الكبار أرجوكم اتركوني، لقد احترق قلبي على خالكم، الذي حصلت له هذه المصيبة وراح فيها.

يا شيخ! الآن أنا أعول عيالي هؤلاء أم عيال أخي؟ هب لي حلاً، وزوجة أخي هنا أبوها يريد يأخذها، وأنا أقول: لا، دعها عندنا، وما أعطانا الله فنقتسمه بيننا؟

الشيخ: أقول -بارك الله فيك-: أولادك أحق، أولادك -ابنك وابنتك- أحق من غيرهما.

السائلة: صحيح؛ أعلم ذلك، وأنا لست مقصرة معهم في شيء، أغسل .. وأطبخ .. وأكنس .. وأفعل لهم كل شيء، أما عيال أخي فإني أخرج إليهم كي أواسيهم فقط مجرد مواساة، فيقولون: اعملي ذا، وانظري ذا، وأنام عندهم أحياناً، أؤنسهم، فما هو الحل؟

الشيخ: ما أرى حلاً إلا النصيحة.

السائلة: ماذا أنصح؟ ماذا أفعل؟

الشيخ: انصحيهم, انصحيهم.

السائلة: علَّمتُ، قلت لهم: خافوا من الله.

الشيخ: قولي لهم: هؤلاء أرحام تجب صلتهم، ولا ينبغي أن يكون بيننا وبينهم هذا التباعد.

السائلة: ولا أريد أن أجرح هؤلاء، لا رضيتُ في عيالي، ولا رضيتُ في عيال أخي، ولا رضيتُ في أهل زوجة أخي، ما أدري أُسعد مَن! وأُرضي مَن!

الشيخ: ارضي الله عز وجل.

السائلة: أنا أرضي الله، إن شاء الله إني مُرْضِيَة ربي، وهو أعلم.

الشيخ: وخالهم له حق عليهم.

السائلة: خالهم الآن وهو مرمي في السجن مشغول بهم، عندما أذهب لزيارته، يقول دائماً: كيف حالهم؟ ماذا فعلوا؟ ماذا عملوا؟ من الذي نجح؟ من الذي سقط؟ من الذي كذا؟

الشيخ: اذهبي وحدكِ.

السائلة: كيف؟

الشيخ: أقول: اذهبي أنتِ وحدكِ لزيارة أبناء أخيك.

السائلة: أين أروح؟

الشيخ: لزيارة أخيكِ.

السائلة: أقول لك: أبناء أخي ما بيننا وبينهم إلا شجرة الباب فقط، أي: يسكنون معنا في شقة مجاورة لنا فأذهب إليهم بعد الانتهاء من تجهيز الطعام لأبنائي وتنظيف بيتهم، فأذهب على أبناء أخي، ماذا أعمل؟ أنا أريد حلاً، أنا أخاف من حنق أبنائي علي، أخاف أن ربي يعاقبني؟

الشيخ: أبداً, إذا اتقيتِ الله ما استطعتِ.

السائلة: إذا دخلتُ وهم في غرفة يخرجون من الغرفة الثانية، إذا قلت لهم: حرام عليكم يا عيالي! تفعلون هذا، لا يردون عليَّ.

الشيخ: على كل حال: ما أرى إلا أن تسألين الله لهم الهداية وتصبرين عليهم.

السائلة: إن شاء الله، أنا سأصبر حتى آخر لحظة من عمري.

الشيخ: واسألي الله لهم الهداية.

السائلة: آمين يا رب العالمين.

الشيخ: آمين، بارك الله فيكِ

السائلة: الله يهديهم إن شاء الله، ويهدي كل مسلم في الدنيا

الشيخ: آمين، آمين، بارك الله فيكِ

السائلة: ما عليَّ إثم؟

الشيخ: إذا اتقيتِ الله ما استطعتِ ما عليك إثم.

السائلة: والله! إني محتارة في هذا الشيء، في هذه المعاملة، فلا تقل: إني قاسية فيهم, ولا تقل: إنني أعاملهم معاملة سيئة, ولا تقل: إني تخليتُ عنهم، إنما أبوهم له ثمان سنوات، وهذه التاسعة أمشي فيها.

الشيخ: خلاص بارك الله فيكِ.

السائلة: ولا عمري فكرتُ في حاجة، يعني: أعطيها لهم.

الشيخ: أقول: انتهى، أقول: انتهى الكلام، انتهى الكلام.

السائلة: أنا ما عليَّ إثم؟

الشيخ: أبداً، الشيء الذي عليك: تأتين باللازم عليك، وتقومين بطاعةٍ لله.

السائلة: الله هو يدري.

الشيخ: فما حصل ليس عليك منه شيء.

السائلة: أنا أهم حاجة عندي عيال أخي, ما إن يخرج أخي فهم في تلك الساعة أحرار.

الشيخ: نسأل الله أن ييسر حلها.

السائلة: آمين يا رب العالمين.

الشيخ: آمين.

السائلة: شكراً يا شيخ!

السائل: السلام عليكم.

الشيخ: وعليكم السلام.

السائل: رجل أدى عمرة في رمضان، هل تجزئه عن عمرة الحج؟

الشيخ: إي نعم تجزئه، العمرة متى أتى بها الإنسان في رمضان أو في غيره فقد أدى فريضة الإسلام، وإذا رجع إلى مكة فإن شاء أحرم متمتعاً وأتى بالعمرة، ثم تحلل منها, ثم أحرم بالحج, وإن شاء قرن بين العمرة والحج، وإن شاء أفرد الحج.

السائل: جزاك الله خيراً.

الشيخ: وإياك.

السائل: السلام عليكم.

الشيخ: وعليكم السلام ورحمة الله.

السؤال: سماحة الشيخ! هل هناك دعاء نقوله عند الإحرام للعمرة؟

الجواب: ليس هناك دعاء, إنما ينوي الإنسان فيقول: لبيك اللهم عمرة, لبيك اللهم لبيك, لبيك لا شريك لك لبيك, إن الحمد والنعمة لك والملك, لا شريك لك.

السؤال: حدث بيني وبين زوجي خلاف، وأنا الآن أتردد في الرجوع إليه؟

الشيخ: وهل زوجكِ يصلي أم لا؟

السائلة: لا، ما يصلي.

الشيخ: ما يصلي؟

السائلة: لا.

الشيخ: إذا كان لا يصلي فإنكِ لا تحلين له.

السائلة: لا، والله! ما يصلي.

الشيخ: وأنتِ عليه حرام, ولا يحل لكِ أن ترجعي إليه.

السائلة: عندي منه خمسة أولاد.

الشيخ: من لا يصلي فهو كافر, ومن كان كافراً فإن نكاحه ينفسخ من زوجته حتى يتوب ويعود إلى الإسلام، والواجب عليكِ أن تفرِّي منه, وهو ليس له ولاية على أولاده أيضاً؛ لأنه -والعياذ بالله- كافر, إلا أن يتوب إلى الله ويعود إلى الصلاة، فحينئذٍ لك أن ترجعي إليه.

السؤال: طلقني زوجي طلقة غير بائنة، ومازلت في العدة، فما الحكم؟

الجواب: ما دمت في العدة فأنت زوجته, وإذا انقضت العدة فأنتِ بالخيار, إن شئتِ رجعتي له, وإن شئتِ لا ترجعين له.

السؤال: امرأة زوجها لا يصلي، فكيف تعمل معه؟

الجواب: أقول لها: يجب أن تخرج من بيته، ولا يحل لها أن تبقى معه أبداً, تذهب إلى أهلها، وتبلغهم، ويرفع الأمر للمحكمة حتى يُفْصَل في فسخ النكاح.

السؤال: عندي مبلغ قدره عشرة آلاف ريال، ثم أخرجت منها الزكاة، ولم أصرفها في مصارفها نسياناً ثم ذهب المال مع زكاته، والآن أنا لا أدري ما رأيك والفلوس لم تعد عندي؟

الجواب: إذا كان قد ذهب بعد تمام الحول فيجب عليك إخراج الزكاة, وإن كان قد تلف قبل تمام الحول فلا زكاة عليك.

السؤال: هناك حديث عن الرسول صلى الله عليه وسلم يقول: (إذا خطب أحدكم امرأة فلا جناح عليه أن ينظر منها)!

الجواب: أقول: هذا الحديث الذي أَذِن فيه النبي عليه الصلاة والسلام، بل أمر الخاطب أن ينظر من مخطوبته ما يدعوه إلى نكاحها, هذا فيه السماح للخاطب أن ينظر من مخطوبته ما يرى غَبْنَه فيها، فينظر الوجه، والرأس، واليدين، والرجلين، بشرط ألا يخلو بها, بل يكون عندها أحدٌ من محارمها, لابد أيضاً من أن يأمن الفتنة, فينظر بقدر الحاجة، ولا حرج عليه إذا لم يتمكن من رؤيتها في المرة الأولى أن ينظر إليها مرة أخرى, لكن بالشرط الذي ذكرناه، وهو ألا يخلو بها, لأن الخلوة بالمرأة محرمة, كذلك ينبغي ألا تتجمل أو تزين وجهها عند نظره إليها؛ لأن ذلك قد يُنْتِج نتيجة عكسية, فإنه إذا نظر إليها وهي قد تجمَّلت وتحسَّنت, يراها جميلة أكثر مما هي عليه في الواقع، فحينئذٍ إذا دخل عليها ونظر إليها على حسب الواقع ربما يرغب عنها ويزهد فيها.

السائل: مساك الله بالخير يا شيخ.

الشيخ: مساك الله بالخير.

السائل: حياك الله، طال عمرك.

الشيخ: الله يسلمك.

السائل: الفتاوى التي وُزِّعت من قِبَلكم بمنشورات في المساجد، وفي الأماكن العامة, وكان بها فتوى عن القطرة، وأنها إذا وصلت الحلق لا تفطِّر الصائم, وسمعنا الشيخ الفوزان في البرنامج هذا, كان لا يجيزها, فما أدري ما هي الفتوى الصحيحة بين الفتويين؟

الشيخ: المسألة خلافية, أقول: اختلف فيها أهل العلم.

فمنهم من يقول: إن الشيء إذا وصل إلى الحلق فهو كالذي يصل إلى المعدة, يكون مفطِّراً، وبناءاً على هذا فإذا اكتحل الإنسان أو قطَّر في عينه فيما يعلم أنه يصل إلى حلقه, فإنه يفطِر, أما إذا قطَّر في أذنه أو عينه أو داواها بما لا يعلم أنه يصل إلى حلقه ثم وصل, فإنه لا يفطِر, هذا رأي.

والرأي الثاني: إنه لا يفطِر وإن علم أنه يصل إلى حلقه؛ لأن ذلك ليس منفذاً معتاداً, فإن الطعام والشراب لا يؤدَّى إلى الجوف من طريق العين أو من طريق الأذن مثلاً, بخلاف الأنف, فإن الأنف يصل الطعام إلى الجوف من جهتين.

السائل: والأرجح جزاك الله خيراً؟

الشيخ: الأرجح عندي أنه لا يفطِّر, وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله؛ لأن الله إنما حرم الأكل والشرب وما كان بمعناهما, أما ما ليس بمعناهما فإن من قال: إنه يفطِّر يُطالَبُ بالدليل؛ لأن الإنسان إذا تلبَّس بعبادة على وجه شرعي, لا يجوز لأحد أن يبطلها إلا بدليل شرعي, وهذه القاعدة متفق عليها عند أهل العلم.

السائل: جزاكم الله خيراً وأثابكم يا شيخ!

الشيخ: الله يبارك فيك.

السائل: السلام عليكم.

الشيخ: وعليكم السلام.

السائل: كيف الحال يا شيخ؟!

الشيخ: بخير، الله يحفظك.

السائل: لي أخت -مثلاً- وأردتُ أن أحج بها لكنها عرجاء، شديدة العَرَج.

الشيخ: نعم؟!

السائل: فإذا أردتُ أن أحج عنها!

الشيخ: إذا كانت هذه الأخت لم تؤدِّ الفريضة فإننا ننظر إن كانت عرجاء عرجاً لا يمكنها أن تحج معه فلا حرج عليك أن تؤدي عنها الفريضة؛ لحديث أن ابن عباس رضي الله عنهما أن امرأة قالت للنبي صلى الله عليه وسلم: (إن فريضة الله على عباده أدركت أبي شيخاً كبيراً لا يثبت على الراحلة, أفأحج عنه؟ قال: نعم).

فهذه الأخت إذا كانت لا تتمكن من أداء الحج من أجل العَرَج الذي فيها فلك أن تحج عنها الفريضة، أما إذا كان الحج نفلاً وقد أدت الفريضة من قبل فالأمر في هذا أسهل ولا حرج عليك أن تحج عنها. ويُشترط أن تكون قد أديتَ حجة الفريضة عن نفسك؛ لأن الإنسان لا يحج عن غيره إذا كان الحج فرضاً عليه حتى يؤدي الفريضة عن نفسه.

السائل: إذا كانت تستطيع أن تركب الراحلة, لكن المشي يصعب عليها فقط؟

الشيخ: تستطيع أن تركب الراحلة, فالطواف والسعي يمكن أن تطوف محمولة, وتسعى على (العربية) هذا إذا كان الحج فريضة, أما النافلة فالأمر فيها أسهل كما قلت لك.

السائل: الحج فريضة.

الشيخ: إذاً لابد أن تذهب بنفسها, وعند الطواف تُحْمَل.

السائل: وهل يرمى عنها الجمرات؟

الشيخ: بالنسبة للجمرات، فإنه يُرمى عنها, توكِّل محرمها ويرمي عنها ولا حرج عليه.