لقاء الباب المفتوح [227]


الحلقة مفرغة

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.

أما بعد:

فهذا هو اللقاء السابع والعشرون بعد المائتين من اللقاءات المعروفة باسم لقاء الباب المفتوح التي تتم كل يوم خميس، وهذا الخميس هو الثامن عشر من شهر ذي القعدة عام (1420هـ).

نفتتح هذا اللقاء بذكر محظورات الإحرام أي: الأشياء التي تمنع بسبب الإحرام، وذلك أن من حكمة الله عز وجل أنه جعل للعبادات شروطاً لا تتم إلا بها، وجعل لها موانع أي: ممنوعات تفسدها أحياناً وهو الأصل، والأصل أن الممنوعات تفسد العبادات، لكن قد لا تفسدها أحياناً لسبب.

محظورات الإحرام: هي الأشياء التي تمتنع بسبب الإحرام، فأما الأشياء العامة فإنها ليست من محظورات الإحرام، الفسوق نهى الله عنه في الحج، قال: فَلا رَفَثَ وَلا فُسُوقَ [البقرة:197] لكن هل هو من محظورات الإحرام، أو هو محظور على كل حال؟

الجواب: محظور على كل حال، إذاً.. ليس من محظورات الإحرام.

حلق شعر الرأس

نبدأ بمحظورات الإحرام:

منها: حلق شعر الرأس، فلا يحل للمحرم بحج أو عمرة أن يحلق شعر رأسه، والدليل: قول الله تبارك وتعالى: وَلا تَحْلِقُوا رُؤُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ [البقرة:196] والتعليل: لأن شعر الرأس يتعلق به نسك، ما هو النسك؟ الحلق أو التقصير عند الفراغ من الحج أو العمرة، فلو حلق وهو محرم ما بقي محلاً للنسك، ولهذا حرم على المحرم أن يحلق شعر الرأس، فأما شعرة أو شعرتان أو ثلاث فلا يسمى حلقاً.

ولهذا لو سقط من رأس المحرم شعرة أو شعرتان أو ثلاث شعرات أو أربع فإنه لا يعتبر فاعلاً للمحظور؛ لأن هذا لا يسمى حلقاً لا في الشرع ولا في العرف.

الجماع ومقدماته

من المحظورات: الجماع؛ لقول الله تعالى: فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلا رَفَثَ وَلا فُسُوقَ وَلا جِدَالَ فِي الْحَجِّ [البقرة:197] (رفث) الجماع، ومقدمات الجماع مثل المباشرة، التقبيل، الضم، تكرار النظر بشهوة، كل هذا حرام في الإحرام، بل أشد من هذا: أن عقد النكاح حرام، يحرم على المحرم أن يعقد النكاح، فإن عقده فالنكاح باطل يعني: غير صحيح، لقول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (لا يَنكح المحرم ولا يُنكح) بل لو كان الإنسان محرماً وعقد لابنته النكاح وهي غير محرمة لرجل غير محرم فالزوجان غير محرمين لكن الولي محرم لم يصح النكاح. إذاً: يحرم على المحرم أن يعقد النكاح لنفسه أو لغيره بولاية أو وكالة.

كذلك خطبة المحرم حرام لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (ولا يخطب) لماذا؟ لأنه إذا خطب تعلق قلبه بمخطوبته فصده عن إتقان الحج والعمرة، وقد قال الله تعالى: فَإِذَا فَرَغْتَ فَانْصَبْ [الشرح:7]. كم محظورات: حلق الرأس، الجماع، عقد النكاح، خطبة النكاح، المباشرة، التقبيل، الضم، كل هذا حرام في الإحرام.

استعمال الطيب

من محظورات الإحرام: الطيب. فلا يجوز للإنسان أن يتطيب بعد عقد الإحرام، أما ما بقي من الطيب الذي تطيب به قبل عقد الإحرام فلا يضر، الدليل على تحريم الطيب على المحرم: قصة الرجل الذي وقصته راحلته وهو واقف بـعرفة ، يعني: هو على بعيره وسقط ومات، فجاءوا يستفتون النبي صلى الله عليه وسلم فقال لهم: (اغسلوه بماء وسدر، وكفنوه في ثوبيه، ولا تخمروا رأسه، ولا تحنطوه) أربعة أشياء:

أولاً: اغسلوه بماء وسدر.

ثانياً: كفنوه في ثوبيه، يعني: في إحرامه لا تكفنوه كفناً جديداً لا، يكفن في إحرامه كما يدفن الشهيد في ثيابه التي استشهد فيها.

الثالث: لا تخمروا رأسه.

والرابع: لا تحنطوه، الحنوط: أخلاط من الطيب يوضع على جسد الميت في مواضع معروفة.

ثم قال: (فإنه يبعث يوم القيامة ملبياً) يخرج من قبره يقول: لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك.

إذاً.. الطيب على المحرم حرام إذا كان بعد عقد الإحرام، أما إذا كان من الطيب الذي تطيب به قبل أن يعقد الإحرام فلا بأس به، ولا يلزمه أن يزيله، دليل هذا: قول عائشة رضي الله عنها: (كنت أرى وبيص المسك في مفارق رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم وهو محرم) (وبيص) يعني: بريقه ولمعانه.

هذا من محظورات الإحرام.

قتل الصيد

من محظورات الإحرام: قتل الصيد. قتل الصيد يعني: الحلال البري المتوحش، ثلاثة قيود:

1/ أن يكون برياً.

2/ وأن يكون حلالاً.

3/ وأن يكون متوحشاً طبعاً، أي: ليس من الذي يألف الناس، كالدجاج مثلاً هذا لا بأس به.

وأن يكون برياً ضده البحري، فلو فرض أن قوماً أحرموا في البحر لمحاذاة الميقات، ونزلوا يصيدون السمك فلا حرج عليهم لأنه بحري.

الثاني: الحلال، فالمحرم وإن كان برياً وصاده المحرم فلا شيء عليه.

الثالث: أن يكون متوحشاً طبعاً، يعني: أصله متوحش لا يألف، مثاله: الحمام تنطبق عليه الشروط، فإن توحش عارضاً لا طبعاً كشاة شردت وعجزوا عنها، هذه حكمها حكم الصيد، لكن بالنسبة للمحرم هي حلال؛ لأن توحشها عارض ليس بأصلي.

ثلاثة شروط: أن يكون برياً، حلالاً، متوحشاً طبعاً يعني: في الأصل، دليل ذلك قوله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ [المائدة:95] أي: محرمون. وقال تعالى في صيد البحر: أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعَامُهُ مَتَاعاً لَكُمْ وَلِلسَّيَّارَةِ وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ مَا دُمْتُمْ حُرُماً [المائدة:96]

لو قتل الصيد شخص غير محرم فهل يجوز للمحرم أن يأكله؟

الجواب: نعم يجوز، إلا إذا كان صاده لأجل المحرم فإنه لا يجوز، لحديث جابر وهو في السنن: (صيد البر حلال لكم ما لم تصيدوه أو يصد لكم).

لبس القميص والسراويل والعمائم والبرانس والخفاف

من محظورات الإحرام: ما بينه النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم حين سئل: ما يلبس المحرم؟ يعني: ما هي الثياب التي يلبسها المحرم؟

قال: (لا يلبس القميص، ولا السراويل، ولا العمائم، ولا البرانس، ولا الخفاف) خمسة أشياء، والباقي يلبسه.

القميص: هو الدرع، ثيابنا هذه التي لها أكمام تسمى قميصاً وتسمى درعاً.

السراويل: معروفة.

البرانس: لباس واسع له غطاء للرأس متصل به، يلبسه أهل المغرب .

العمائم: ما يطوى على الرأس.

الخفاف: ما يلبس على الرجل.

قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (إلا من لم يجد إزاراً فليلبس السراويل، ومن لم يجد نعلين فليلبس الخفين) فاستثنى هذا للحاجة إلى ذلك.

لبس النعل المخروز جائز أو غير جائز؟

الجواب: جائز لأنه ليس من هذه الممنوعات الخمسة، القميص، البرانس، العمائم، الخفاف، السراويل.

لباس الإزار المخيط جائز أو غير جائز؟

الجواب: جائز؛ لأنه إزار وليس سراويل، حتى لو خيط وصار من جنس (التنورة) فإنه جائز؛ لأنه لا زال إزاراً، والنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم لم يقل: وعلى الإزار المخيط، قال: ولا السراويل.

لو لبس رداءً مرقعاً فيه رقع مخيطة يجوز أو لا يجوز؟

الجواب: جائز، لأنه ليس قميصاً ولا من هذه الخمسة، فاعرف ما حدده النبي صلى الله عليه وسلم واقتصر عليه.

طيب لو لبس غترة؟

الجواب: لا يجوز، لأنه لباس في الرأس كالعمامة، ولأنها تستلزم تغطية الرأس وتغطية الرأس حرام كما في قول النبي صلى الله عليه وسلم للمحرم الذي مات: (لا تخمروا رأسه).

لو لبس ساعة؟

الجواب: جائز.

لبس نظارة عين؟

الجواب: جائز.

سماعة أذن؟

جائز.

(كمر) يربطه على وسطه؟

جائز.

هو مخيط يا جماعة؟

جائز.

نعم جائز؛ لأنه ليس من الممنوعات، والنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أعطي جوامع الكلم.

هذه المحظورات ليس فيها إثم ولا فدية إلا إذا فعلها عالماً ذاكراً مختاراً، هذه شروط ثلاثة:

عالماً: ضده الجاهل، فلو أن الإنسان أبقى سراويله عليه ظناً منه أنه لا بأس به، ولبس الإزار فوقه فلا شيء عليه، لا إثم ولا كفارة.

لو نسي أن يخلعه وبقي عليه حتى انتهى النسك، أو في أثناء النسك تذكر وخلع السراويل، لا شيء عليه، لأنه ناسٍ.

لو وطئ أرنباً ما علم بها ماذا عليه؟

لا شيء عليه؛ لأنه جاهل لم يعلم بها.

لو أن رجلاً حلالاً وزوجته محرمة بعمرة وجامعها كرهاً عليها ماذا عليها؟

لا شيء عليها.

لو جامع الرجل زوجته في ليلة مزدلفة يظن أن الحج عرفة وانتهى ماذا عليه؟

لا شيء عليه.

فإذا قال قائل: أين الدليل على هذا؟ قلنا: الدليل قول الله تبارك وتعالى في الصيد: وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّداً فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ [المائدة:95] وقال تعالى في عموم المحرمات: (رَبَّنَا لا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا [البقرة:286] فقال الله: قد فعلت).

وقال في الكفر وهو أعظم الذنوب: مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِهِ إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْأِيمَانِ وَلَكِنْ مَنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْراً فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِنَ اللَّهِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ [النحل:106] فإذا كان الرجل إذا أكره على الكفر وهو أعظم الذنوب فلا شيء عليه فما دونه فلا شك أنه من باب أولى، وهذا من نعم الله عز وجل، أن يسر على العباد ولم يؤاخذهم بما أخطئوا به، ولكن ما تعمدت قلوبهم.

والعلماء الفقهاء رحمهم الله لهم في ذلك تفاصيل ليس عليها دليل، لا من القرآن ولا من السنة، ما هي إلا اجتهادات أو أخذ بعمومات مقيدة في الآيات الأخرى التي يسقط بها الإثم، والفدية والجزاء عمن كان ناسياً أو جاهلاً أو مكرهاً.

نبدأ بمحظورات الإحرام:

منها: حلق شعر الرأس، فلا يحل للمحرم بحج أو عمرة أن يحلق شعر رأسه، والدليل: قول الله تبارك وتعالى: وَلا تَحْلِقُوا رُؤُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ [البقرة:196] والتعليل: لأن شعر الرأس يتعلق به نسك، ما هو النسك؟ الحلق أو التقصير عند الفراغ من الحج أو العمرة، فلو حلق وهو محرم ما بقي محلاً للنسك، ولهذا حرم على المحرم أن يحلق شعر الرأس، فأما شعرة أو شعرتان أو ثلاث فلا يسمى حلقاً.

ولهذا لو سقط من رأس المحرم شعرة أو شعرتان أو ثلاث شعرات أو أربع فإنه لا يعتبر فاعلاً للمحظور؛ لأن هذا لا يسمى حلقاً لا في الشرع ولا في العرف.




استمع المزيد من الشيخ محمد بن صالح العثيمين - عنوان الحلقة اسٌتمع
لقاء الباب المفتوح [63] 3396 استماع
لقاء الباب المفتوح [146] 3352 استماع
لقاء الباب المفتوح [85] 3317 استماع
لقاء الباب المفتوح [132] 3297 استماع
لقاء الباب المفتوح [8] 3282 استماع
لقاء الباب المفتوح [13] 3262 استماع
لقاء الباب المفتوح [127] 3118 استماع
لقاء الباب المفتوح [172] 3092 استماع
لقاء الباب المفتوح [150] 3039 استماع
لقاء الباب المفتوح [47] 3034 استماع