خطب ومحاضرات
لقاء الباب المفتوح [200]
الحلقة مفرغة
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد خاتم النبيين وإمام المتقين، وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسانٍ إلى يوم الدين.
أما بعد:
فهذا هو اللقاء المتمم للمائتين من اللقاءات المعروفة بـ(لقاء الباب المفتوح) التي تتم كل يوم خميس، وهذا الخميس هو (23) من شهر ذي القعدة لعام (1419هـ) وهو آخر لقاء يكون قبل الحج.
نذكر فيه محظورات الإحرام. وذلك أن الله تعالى بحكمته جعل للعبادات شروطاً لا تصح إلا بها، وجعل لها أوصافاً لا تتم إلا بها، وجعل لها موانع تحرم بها، فمثلاً:
الصلاة فيها محظورات: الكلام، الأكل، الحركة الكثيرة، وما أشبه ذلك.
الصيام فيه محظورات: الأكل، والشرب، وغيرهما من المفطرات.
حلق الرأس
وإذا كان غير عامد بأن يكون جاهلاً أو ناسياً فلا إثم عليه، ولا فدية على القول الصحيح.
وإن كان عالماً ذاكراً متعمداً لكن لعذر مثل: أن يصيبه وجعٌ في رأسه ويقول الأطباء: لابد من حلق الرأس. فهنا يحلق ويفدي، يحلق جوازاً ويفدي بما علمتم، ودليله: حديث كعب بن عجرة -رضي الله عنه- أنه أصابه أذىً في رأسه فأمره النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أن يذبح شاةً، أو يتصدق بصدقةٍ ثلاثة أصواع يطعم بها ستة مساكين لكل مسكين نصف صاع، أو يصوم ثلاثة أيام.
الجماع ومقدماته
المباشرة كذلك حرام، يعني: لو كانت امرأته معه فقبلها أو باشرها فذلك حرام، فإن أنزل كان أشد.
ومن محظورات الإحرام: الخِطبة -بكسر الخاء- يعني: أن يخطب الرجل المرأة من أبيها أو وليها.
ومن محظورات الإحرام: عقد النكاح، فإذا عقد المحرم النكاح قبل أن يحل ترتب على ذلك الإثم، وفساد العقد، ولكن النسك لا يفسد، بل يفسد العقد عقد النكاح، فإذا حل من نسكه أعاد النكاح ولابد؛ لأن النكاح كان فاسداً.
لبس القميص والسراويل والبرانس والعمائم والخفاف
القميص: الثياب التي علينا هذه تسمى أقمصة.
البرانس: ثياب واسعة لها غطاءٌ للرأس متصلٌ بها، يلبسها أهل المغرب كما تشاهدونه في الحرم.
السراويل معروفة.
العمائم: لباس يلف على الرأس.
الخفاف: هي ما يلبس على الرِجل من جلدٍ أو نحوه يستر الرِجل.
ثم قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (من لم يجد إزاراً فليلبس السراويل ولا فدية عليه، ومن لم يجد نعلين فليلبس الخفين).
وهذه المحرمات من اللباس هي حرام على الرجل فقط والمرأة لا يحرم عليها قميص ولا سراويل ولا خمار.
الطيب
فأما البخور فإن أخذه وتطيب به فهو حرام، وإن شمه وهو بعيدٌ عنه فلا بأس، كما أنه لو دخل دكان عطار وشم الطيب فإنه لا إثم عليه؛ لأن الممنوع هو التطيب والشم ليس بتطيب.
وأما الروائح الطيبة التي لا تعد طيباً كرائحة التفاح والنعناع وما أشبهه فلا بأس به؛ لأن هذا ليس بطيب.
تغطية الرأس ولو بغير العمامة
فأما حمل المتاع يعني: العفش على الرأس فليس هذا تغطية؛ لأنه لا يراد للستر غالباً، فلا حرج على المرء أن يحمل عفشه على رأسه.
وأما الاستظلال دون الستر فلا بأس به، مثل: الشمسية عن المطر أو الحر فتجوز للمحرم، ودليل ذلك ما رأته أم حصين رضي الله عنها: أنها رأت النبي صلى الله عليه وسلم يوم النحر على راحلته ومعه أسامة وبلال أحدهما يقوده والثاني قد رفع ثوباً ليظلله من الحر حتى رمى جمرة العقبة . وهذا دليلٌ واضح، وبناء عليه: يجوز للإنسان المسلم أن يركب السيارة المسقوفة؛ لأن هذا تظليل وليس تغطية، خلافاً للمشهور من مذهب الحنابلة رحمهم الله فهم يقولون: إنه لا يجوز للمحرم أن يركب السيارة المسقوفة. وهذا المذهب ضعيف.
واعلم أن تغطية الرأس يكون على أربعة أشياء:
1- تغطية الرأس بما يقصد به الستر، هذا حرام.
2- تغطية الرأس بما لا يقصد به الستر كحمل العفش هذا حلال.
3- الاستظلال بتابعٍ للمحرم كالشمسية والسيارة وهذا فيه خلاف، والصحيح: أنه جائز.
4- الاستظلال بما هو منفصل عن المحرم كالخيمة والشجرة يجعل فوقها ثوباً يستره هذا حلال بالإجماع.
قتل الصيد
أحوال فاعل محظورات الحج
1- أن يكون معذوراً. أي: محتاجاً إلى فعل المحظور فيفعله متعمداً للحاجة والضرورة؛ فهذا جائز لكن عليه الفدية، مثاله: حلق الرأس، إنسان قيل له: إن علاجك يحتاج إلى حلق الرأس فحلقه، ليس عليه إثم لكن عليه الفدية.
2- أن يفعله معذوراً بجهلٍ أو نسيان أو إكراه فهذا لا شيء عليه، لا إثم ولا فدية، مثاله: أن يقتل صيداً وهو لا يدري أنه حرام، فلا شيء عليه ولا فدية ولا إثم.
مثال آخر: أن يتطيب ظناً منه أن الطيب ليس حراماً، فليس عليه شيء لا إثم ولا فدية.
مثال ثالث: رجل حاج معه زوجته فانصرف من عرفة إلى مزدلفة وجامع أهله في تلك الليلة ظناً منه أن الحج عرفة وانتهى عرفة، فهذا ليس عليه شيء لا إثم ولا فدية ولا قضاء؛ لأنه جاهل.
مثال رابع: إنسان يطوف وهو محرم فقبل الحجر ولم يعلم أن فيه طيباً فعلق الطيب في شفتيه فليس عليه شيء لأنه لا يدري، لكن عليه من حين يعلم أن الطيب علق به أن يزيله، لكن بماذا يزيله؟ إن قلنا: يزيله بثياب الإحرام علق بثياب الإحرام، فبماذا؟ يزيله بمنديل ويحذف المنديل لا يصحبه. طيب فإن لم يكن معه منديل؟ إذا أمكن أن يزيله بكسوة الكعبة، يمسحها هكذا بيده ويمسح كسوة الكعبة حتى يذهب، فإن عجز فلا إثم عليه، والإثم على هذا الذي وضع الطيب في الحجر الأسود؛ لأنه هو الذي ألجأ المسلمين إلى أن يمسوا هذا الطيب، ولذلك هؤلاء المساكين يصبون الطيب على الحجر وعلى كسوة الكعبة صباً وربما يكون من أغلى أنواع الطيب، وهم بذلك بالنسبة للحجر الأسود إلى الإثم أقرب منه إلى السلامة، أما الأجر فليس لهم أجر إلا على النية؛ لأنهم يلطخون المسلمين به، فيأثمون بذلك، لأنهم يلجئون المسلمين إلى أن يأثموا، وإن كان المسلم جاهلاً ولا يدري، ليس عليه إثم.
فاعل المحظور إما أن يفعله متعمداً لكن لعذرٍ يبيح له الفعل فهذا جائز ولكن عليه الفدية، ومن ذلك: أن يضطر الإنسان إلى الأكل ولا يجد إلا أرنباً وهو صائم فيقتلها أو يذبحها إن قدر عليها وهو محرم ويأكلها لكن عليه الجزاء.
الثاني: أن يفعل المحظور معذوراً بجهل أو نسيان أو إكراه فهذا لا شيء عليه إطلاقاً والدليل: (قول الله تبارك وتعالى: رَبَّنَا لا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا [البقرة:286] فقال الله: قد فعلت). وقال الله تعالى: وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ [الأحزاب:5] وهذا لم يتعمد.
الحال الثالثة: أن يفعل المحظور بلا عذر مع علمه وذكره واختياره فهذا آثم وعليه فديته.
نسأل الله أن يجعل حجنا وإياكم حجاً مبروراً وذنبنا ذنباً مغفوراً وسعينا سعياً مشكوراً، وأن يهب لنا منه رحمة إنه هو الوهاب.
الحج فيه محظورات، ومن محظورات الإحرام: حلق الرأس، لقول الله تبارك وتعالى: وَلا تَحْلِقُوا رُؤُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ [البقرة:196] حلق الرأس محرم على الحاج من حين يحرم إلى أن يحل التحلل الأول في الحج وأن يحل تحللاً كاملاً في العمرة، فمثلاً في العمرة: إذا طاف وسعى بقي عليه التقصير أو الحلق، في الحج إذا رمى جمرة العقبة يوم العيد ونحر حلق أو قصر، فلا يجوز للمحرم أن يحلق رأسه، فإن فعل ذلك لغير عذر صار آثماً ووجبت عليه الفدية وهي كما ذكر الله تبارك وتعالى: فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ [البقرة:196] الصيام فسره النبي صلى الله عليه وسلم بأنه ثلاثة أيام، والصدقة إطعام ستة مساكين لكل مسكين نصف صاع، والنسك ذبح شاة، يخير فيها الإنسان.
وإذا كان غير عامد بأن يكون جاهلاً أو ناسياً فلا إثم عليه، ولا فدية على القول الصحيح.
وإن كان عالماً ذاكراً متعمداً لكن لعذر مثل: أن يصيبه وجعٌ في رأسه ويقول الأطباء: لابد من حلق الرأس. فهنا يحلق ويفدي، يحلق جوازاً ويفدي بما علمتم، ودليله: حديث كعب بن عجرة -رضي الله عنه- أنه أصابه أذىً في رأسه فأمره النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أن يذبح شاةً، أو يتصدق بصدقةٍ ثلاثة أصواع يطعم بها ستة مساكين لكل مسكين نصف صاع، أو يصوم ثلاثة أيام.
استمع المزيد من الشيخ محمد بن صالح العثيمين - عنوان الحلقة | اسٌتمع |
---|---|
لقاء الباب المفتوح [63] | 3395 استماع |
لقاء الباب المفتوح [146] | 3350 استماع |
لقاء الباب المفتوح [85] | 3315 استماع |
لقاء الباب المفتوح [132] | 3293 استماع |
لقاء الباب المفتوح [8] | 3275 استماع |
لقاء الباب المفتوح [13] | 3259 استماع |
لقاء الباب المفتوح [127] | 3116 استماع |
لقاء الباب المفتوح [172] | 3090 استماع |
لقاء الباب المفتوح [150] | 3037 استماع |
لقاء الباب المفتوح [47] | 3033 استماع |