خطب ومحاضرات
لقاء الباب المفتوح [184]
الحلقة مفرغة
الحمد لله رب العالمين، وأصلي وأسلم على نبينا محمد خاتم النبيين، وقائد الغر المحجلين، وإمام المتقين، وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
أما بعد:
فهذا هو اللقاء الرابع والثمانون بعد المائة من اللقاءات المعروفة بلقاء الباب المفتوح الذي يتم كل يوم خميس، وهذا الخميس العاشر من شهر صفر عام (1419هـ) وسيكون هذا اللقاء ختام هذا الفصل من الدراسة إلى أن تبدأ الدراسة إن شاء الله في الفصل الثاني بعد نحو ثلاثة أشهر، نسأل الله تبارك وتعالى أن يختم لنا ولكم بالخير.
تفسير قوله تعالى: (كذبت ثمود بالنذر ...)
قال العلماء: وما من آية أوتيها نبيٌ من الأنبياء السابقين إلا كان لرسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم مثلها أو أشد. ولكن قد تكون غير متوفرة في حياة الرسول عليه الصلاة والسلام لكنها موجودة في أمته الذين اتبعوه، ولهذا كان من القواعد المقررة عند العلماء: أن كل كرامة لولي فهي آيةٌ للنبي الذي اتبعه؛ لأن هذه الكرامة تشهد بصدق ما كان عليه الولي، وهذا الولي تابع لرسولٍ سابق، فيكون في ذلك آية على أن هذا الشرع الذي عليه هذا الولي حق، وهذه تكون آية للنبي، فالقاعدة الآن: أن كل كرامة لولي فهي آية للنبي الذي اتبعه.
وعليه فنقول: من آيات موسى أنه ضرب الحجر وإذا ضربه انفجر عيوناً تنبع ماءً من حجر يابس، فهل كان للرسول صلى الله عليه وسلم مثله؟
الجواب: كان له أعظم، فإن النبي صلى الله عليه وسلم جيء إليه بقدحٍ من ماء وليس مع الناس ماءٌ إلا ما في هذه الركوة، فوضع يده فيه فجعل الماء ينبع من بين أصابع يده كالعيون -سبحان الله!- هذه أعظم من آية موسى، يعني: آية موسى يخرج الماء من الحجر، وخروج الماء من الحجر معتاد، كما قال تعالى: وَإِنَّ مِنَ الْحِجَارَةِ لَمَا يَتَفَجَّرُ مِنْهُ الْأَنْهَارُ [البقرة:74] لكن هل جرت العادة أن يخرج الماء من الإناء الذي بينه وبين الأرض فاصل؟ لا. إذاً هذه أعظم.
موسى عليه الصلاة والسلام ضرب البحر فانفلق فكان أسواقاً يابسة، وهذه لا شك آيةٌ عظيمة، جرى لهذه الأمة أعظم من هذه، مشوا على الماء دون أن يُضْرَب لهم طريقٌ يابس، مشوا على الماء المائع الهين الذي يغوص فيه من يقع فيه بدوابهم وأرجلهم ولم يغرقوا، في قصة العلاء الحضرمي ، وفي قصة سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه، مشوا على الماء، وهذا أعظم من أن يمشوا على الأرض التي تتفرق عنها الماء.
فالمهم: أنه ما من نبيٍ بعثه الله إلا أعطاه من الآيات ما يؤمن على مثله البشر، قلنا: هذا رحمةً وحكمة، رحمةً بالناس من أجل أن تحملهم هذه الآيات على التصديق فينجون من عذاب الله، حكمة لأنه ليس من الحكمة أن يقوم إنسان من بين الناس ويقول: أنا رسول الله، حتى يؤتى آيات.
من آية صالح هذه الناقة لها شرب ولثمود شرب، لها يوم ولهؤلاء يوم، هذه من آيات الله، وقع مثلها للرسول عليه الصلاة والسلام في الهجرة، فإنه مر براعي غنم وعنده ماعز أو ضأن ليس فيها لبن فمسح النبي صلى الله عليه وسلم ضروعها فجعلت تدر باللبن.
تفسير قوله تعالى: (فقالوا أبشراً منا واحداً نتبعه ...)
تفسير قوله تعالى: (إنا إذاً لفي ضلال وسعر)
تفسير قوله تعالى: (أألقي الذكر عليه من بيننا..)
إذاً ننظر الآن: الشبهة الأولى: أنهم قالوا: إنه بشر، الثانية: أنه منا، لا يتميز علينا بشيء، الثالثة: أنه واحد لم يؤيد، والله عز وجل يقول: وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلاً أَصْحَابَ الْقَرْيَةِ إِذْ جَاءَهَا الْمُرْسَلُونَ * إِذْ أَرْسَلْنَا إِلَيْهِمُ اثْنَيْنِ فَكَذَّبُوهُمَا فَعَزَّزْنَا بِثَالِثٍ [يس:13-14] قويناهم، هؤلاء يقولون: واحد ما يكفي، لابد أن يعزز بثانٍ وثالث، الرابع: أَأُلْقِيَ الذِّكْرُ عَلَيْهِ مِنْ بَيْنِنَا [القمر:25] يعني: كيف يلقى عليه الذكر والوحي من بيننا؟! هذا لا يمكن.
إذاً: أربع شبهات وهم يرونها حججاً توجب رد صالح عليه الصلاة والسلام، والواقع أنها ليست بحجة، بل هي شبه وتضليل، وهكذا المبطلون يا إخوان! في كل زمانٍ ومكان يوردون الشبه على الحق، ولكن الله سبحانه وتعالى لابد أن يبين الحق ليهلك من هلك عن بينه، ويحيا من حي عن بينة، ثم قالوا: بَلْ هُوَ كَذَّابٌ أَشِرٌ [القمر:25] (بل) هنا لإبطال دعواهم، و(كذاب) صيغة مبالغة وفي نفس الوقت وصف؛ لأن كلمة فعال تأتي للمبالغة، وتأتي للوصف، فإذا قلت: فلان نجار، يعني: من النجارين، وإلا ما ينجر إلا مرة واحدة، وإذا قلت: فلان حداد لكثرة استعمال الحديد صارت مبالغة، هم يرونه -والعياذ بالله- أنه كذاب موصوفٌ بالكذب ليس له صفة إلا الكذب، وكثرة الكذب أيضاً (أشر) أي: بطر، متعالٍ، متعاظم، مستكبر، مدع ما ليس له.
تفسير قوله تعالى: (سيعلمون غداً من الكذاب الأشر)
قلنا: إن الله يقول: وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّ السَّاعَةَ تَكُونُ قَرِيباً [الأحزاب:63]، وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّ السَّاعَةَ قَرِيبٌ [الشورى:17] ومن الأمثال العابرة: كل آتٍ قريب. الذي بقي عليه ألف سنة أقرب من الذي لم يمض عليه إلا عشر دقائق، لأن الذي مضى عليه عشر دقائق لا يمكن أن يرجع، لكن المستقبل لا بد أن يأتي: إِنَّ مَا تُوعَدُونَ لَآتٍ [الأنعام:134].
إذاً (سيعلمون) السين هنا للتحقيق والتقريب: سَيَعْلَمُونَ غَداً مَنِ الْكَذَّابُ الْأَشِرُ [القمر:26] غداً يوم القيامة، سمي غداً لأنه يأتي بعد يومك، سيعلمون من الكذاب الأشر، فمن هو الآن؟ أصالح أم ثمود؟ ثمود، سيعلمون يوم القيامة من هو الكاذب الأشر أصالح هو الكذاب الأشر، أم هؤلاء؟ وهذا وعيدٌ عظيم: وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ [الشعراء:227] الإنسان في غفلة عن هذا اليوم العظيم، قال الله تعالى: بَلْ قُلُوبُهُمْ فِي غَمْرَةٍ مِنْ هَذَا [المؤمنون:63] أي: بل قلوبهم في غمرة مغطاة عن عمل الآخرة: وَلَهُمْ أَعْمَالٌ مِنْ دُونِ ذَلِكَ هُمْ لَهَا عَامِلُونَ [المؤمنون:63] يعني: أعمال الدنيا هم لها عاملون، أتى بجملة اسمية، يعني: أنهم محققون للعمل فيه، لا يتركونها ولا يفرطون فيها وأما الآخرة فهم في غفلةٍ منها.
تفسير قوله تعالى: (إنا مرسلو الناقة فتنة لهم ...)
فهنا الناقة أرسلها الله تعالى فتنة لثمود لكن ما أغنتهم.
تفسير قوله تعالى: (فارتقبهم واصطبر)
تفسير قوله تعالى: (ونبئهم أن الماء قسمة بينهم ...)
تفسير قوله تعالى: (فنادى صاحبهم فتعاطى فعقر)
قال تعالى: فَتَعَاطَى فَعَقَرَ تعاطى: تفاعل، من العطاء يعني: بذل نفسه وبسرعة، الفاء تدل على السرعة في قوله: فَتَعَاطَى من حين نادوه على الفور وافق: فَعَقَرَ عقر الناقة -نسأل الله العافية- قطع أطرافها أولاً، ثم نحرها ثانياً، وهي من آيات الله عز وجل، ومن مصالحهم، لكن نسأل الله العافية نفوسهم لا تقبل: فَتَعَاطَى فَعَقَرَ .
تفسير قوله تعالى: (فكيف كان عذابي ونذر)
تفسير قوله تعالى: (إنا أرسلنا عليهم صيحة واحدة..)
نبدأ هذا اللقاء كالعادة بالكلام بما يسر الله عز وجل من تفسير كلامه العظيم، انتهينا إلى قول الله تبارك وتعالى: كَذَّبَتْ ثَمُودُ بِالنُّذُرِ [القمر:23] أي: بما جاءهم من النذر، وهي الآيات التي جاء بها صالح عليه الصلاة والسلام، وديارهم معروفة الآن في بلاد الحجر في طريق تبوك من المدينة ، كان صالح عليه الصلاة والسلام مرسلاً إلى قومه يدعوهم إلى عبادة الله وحده لا شريك له كسائر الأنبياء، قال الله تعالى: وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ [الأنبياء:25]، وقال تعالى: وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولاً أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ فَمِنْهُمْ مَنْ هَدَى اللَّهُ وَمِنْهُمْ مَنْ حَقَّتْ عَلَيْهِ الضَّلالَةُ [النحل:36] أرسله الله عز وجل إلى قومه، وأعطاه آية وهي ناقة لها شربٌ ولهم شرب، أي: أن بئر الناقة الكبير الغزير الماء لها يومٌ تأتي إليه الناقة وتشرب، وقد ذكروا أن الذي يسقيها إناءً من الماء يحلب من لبنها بقدر ما أسقاها، وهذا من آيات الله عز وجل أن ناقة تشرب ماءً ثم تخرجه في الحال لبناً فإن هذا ليس له عادة، ولكنها آية من آيات الله عز وجل أراهم الله إياها حتى يعتبروا؛ لأن الله لم يرسل رسولاً إلا آتاه من الآيات ما يؤمن على مثله البشر رحمة منه وحكمة؛ لأنه لا يعقل أن رجلاً من بين الناس يأتي ويقول: إني رسول الله إليكم إلا إذا آتاه الله آياتٍ تدل على صدقه.
قال العلماء: وما من آية أوتيها نبيٌ من الأنبياء السابقين إلا كان لرسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم مثلها أو أشد. ولكن قد تكون غير متوفرة في حياة الرسول عليه الصلاة والسلام لكنها موجودة في أمته الذين اتبعوه، ولهذا كان من القواعد المقررة عند العلماء: أن كل كرامة لولي فهي آيةٌ للنبي الذي اتبعه؛ لأن هذه الكرامة تشهد بصدق ما كان عليه الولي، وهذا الولي تابع لرسولٍ سابق، فيكون في ذلك آية على أن هذا الشرع الذي عليه هذا الولي حق، وهذه تكون آية للنبي، فالقاعدة الآن: أن كل كرامة لولي فهي آية للنبي الذي اتبعه.
وعليه فنقول: من آيات موسى أنه ضرب الحجر وإذا ضربه انفجر عيوناً تنبع ماءً من حجر يابس، فهل كان للرسول صلى الله عليه وسلم مثله؟
الجواب: كان له أعظم، فإن النبي صلى الله عليه وسلم جيء إليه بقدحٍ من ماء وليس مع الناس ماءٌ إلا ما في هذه الركوة، فوضع يده فيه فجعل الماء ينبع من بين أصابع يده كالعيون -سبحان الله!- هذه أعظم من آية موسى، يعني: آية موسى يخرج الماء من الحجر، وخروج الماء من الحجر معتاد، كما قال تعالى: وَإِنَّ مِنَ الْحِجَارَةِ لَمَا يَتَفَجَّرُ مِنْهُ الْأَنْهَارُ [البقرة:74] لكن هل جرت العادة أن يخرج الماء من الإناء الذي بينه وبين الأرض فاصل؟ لا. إذاً هذه أعظم.
موسى عليه الصلاة والسلام ضرب البحر فانفلق فكان أسواقاً يابسة، وهذه لا شك آيةٌ عظيمة، جرى لهذه الأمة أعظم من هذه، مشوا على الماء دون أن يُضْرَب لهم طريقٌ يابس، مشوا على الماء المائع الهين الذي يغوص فيه من يقع فيه بدوابهم وأرجلهم ولم يغرقوا، في قصة العلاء الحضرمي ، وفي قصة سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه، مشوا على الماء، وهذا أعظم من أن يمشوا على الأرض التي تتفرق عنها الماء.
فالمهم: أنه ما من نبيٍ بعثه الله إلا أعطاه من الآيات ما يؤمن على مثله البشر، قلنا: هذا رحمةً وحكمة، رحمةً بالناس من أجل أن تحملهم هذه الآيات على التصديق فينجون من عذاب الله، حكمة لأنه ليس من الحكمة أن يقوم إنسان من بين الناس ويقول: أنا رسول الله، حتى يؤتى آيات.
من آية صالح هذه الناقة لها شرب ولثمود شرب، لها يوم ولهؤلاء يوم، هذه من آيات الله، وقع مثلها للرسول عليه الصلاة والسلام في الهجرة، فإنه مر براعي غنم وعنده ماعز أو ضأن ليس فيها لبن فمسح النبي صلى الله عليه وسلم ضروعها فجعلت تدر باللبن.
استمع المزيد من الشيخ محمد بن صالح العثيمين - عنوان الحلقة | اسٌتمع |
---|---|
لقاء الباب المفتوح [63] | 3395 استماع |
لقاء الباب المفتوح [146] | 3350 استماع |
لقاء الباب المفتوح [85] | 3315 استماع |
لقاء الباب المفتوح [132] | 3293 استماع |
لقاء الباب المفتوح [8] | 3275 استماع |
لقاء الباب المفتوح [13] | 3259 استماع |
لقاء الباب المفتوح [127] | 3116 استماع |
لقاء الباب المفتوح [172] | 3090 استماع |
لقاء الباب المفتوح [150] | 3037 استماع |
لقاء الباب المفتوح [47] | 3033 استماع |