لقاء الباب المفتوح [126]


الحلقة مفرغة

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.

أما بعد:

فهذا هو اللقاء السادس والعشرون بعد المائة من لقاءات الباب المفتوح، التي تتم كل خميس من كل أسبوع، وهذا الخميس هو العشرون من شهر محرم عام (1417هـ).

نكمل الكلام على قوله تعالى: قَالَتِ الْأَعْرَابُ آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا [الحجرات:14] :-

الأعراب هم: سكان البادية، والغالب عليهم أنهم لا يعرفون حدود ما أنزل الله على رسوله فيقولون: آمنا، فقال الله تعالى يخاطب النبي صلى الله عليه وسلم: قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا .

تفسير قوله تعالى: (ولما يدخل الإيمان في قلوبكم)

قال تعالى: وَلَمَّا يَدْخُلِ الْأِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ [الحجرات:14] :-

ووجه ذلك: أن الإيمان في القلب، وهو صعب، والإسلام علانية في الجوارح، وكل إنسان يمكن أن يعمل في جوارحه عملاً متقناً من أحسن ما يكون.

فلقد أخبر النبي عليه الصلاة والسلام عن الخوارج أنهم يقرءون القرآن، وأنهم يصلون، وأن الواحد من الصحابة يحقر صلاته عند صلاتهم وقراءته عند قراءتهم، ومع ذلك يقول النبي عليه الصلاة والسلام: (إنهم يقرءون القرآن لا يتجاوز حناجرهم -نسأل الله العافية- وأنهم يمرقون من الإسلام كما يمرق السهم من الرمية) .

وهذا يدل على أن الإسلام يستطيعه كل إنسان، كل إنسان يمكن أن ينافق، يمكن أن يصلي ويسجد ويقرأ ويصوم ويتصدق وقلبه خالٍ من الإيمان، ولهذا قال: قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلِ الْأِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ هنا التعبير وَلَمَّا يَدْخُلِ ولم يقل: ولم يدخل، قال العلماء: وإذا أتت لَمَّا بدل لَمْ كان ذلك دليلاً على قرب وقوع ما دخلت عليه.

فمثلاً إذا قلت: فلان لَمْ يدخل القرية ولَمَّا يدخلها، أي: أنه قريب منها.

وكذلك قوله تعالى: بَلْ هُمْ فِي شَكٍّ مِنْ ذِكْرِي بَلْ لَمَّا يَذُوقُوا عَذَابِ [ص:8] أي: لم يذوقوه ولكنه قريب منهم.

هنا قال: لَمَّا يَدْخُلِ أي: ما دخل الإيمان في قلوبهم ولكنه قريب من الدخول.

تفسير قوله تعالى: (وإن تطيعوا الله ورسوله لا يلتكم من أعمالكم شيئاً)

قال تعالى: وَإِنْ تُطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ لا يَلِتْكُمْ مِنْ أَعْمَالِكُمْ شَيْئاً [الحجرات:14] :-

إن أطعتم الله ورسوله بالقيام بأمره واجتناب نهيه فإنه لن ينقصكم من أعمالكم شيئاً، بل سيوفرها لكم كاملة كما قال الله تبارك وتعالى: مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا وَمَنْ جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَلا يُجْزَى إِلَّا مِثْلَهَا وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ [الأنعام:160] كل إنسان سيجد عمله إن خيراً فخير وإن شراً فشر.

تفسير قوله تعالى: (إن الله غفور رحيم)

قال تعالى: إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ [الحجرات:14] :-

ختم الآية بالمغفرة والرحمة إشارة إلى أن هؤلاء الذين قالوا: إنهم آمنوا قريبون من المغفرة والرحمة؛ لأنهم لم يدخل الإيمان في قلوبهم ولكنه قريب من دخولها.

هنا فرَّق بين الإسلام والإيمان، وكذلك في حديث جبريل فرَّق بين الإسلام والإيمان، ففي حديث جبريل لما سأل النبي صلى الله عليه وسلم: (ما الإسلام؟ -ماذا قال؟- قال: الإسلام أن تشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله وتقيم الصلاة، وتؤتي الزكاة، وتصوم رمضان، وتحج البيت) ، في الإيمان ماذا قال له؟

قال: (... أن تؤمن بالله، وملائكته، وكتبه، ورسله، واليوم الآخر، والقدر خيره وشره) ففرق بين الإسلام والإيمان.

وفي أدلة أخرى يجعل الله الإيمان هو الإسلام والإسلام هو الإيمان، فهل في هذا تناقض؟

الجواب: لا. إذا قُرِن الإسلام بالإيمان صارا شيئين، وإذا ذكر الإسلام وحده أو الإيمان وحده صارا بمعنى واحد، ولهذا نظائر في اللغة العربية كثيرة، ولهذا قال أهل السنة والجماعة : إن الإسلام والإيمان شيء واحد إذا افترقا، وشيئان إذا اجتمعا، أي: إذا ذُكِرا في سياق واحد فهما شيئان، وإن ذُكِر أحدهما دون الآخر فهما شيء واحد، ويدل على هذا: أن النبي صلى الله عليه وسلم عدَّد أعمالاً هي من الإسلام وجعلها من الإيمان فقال: (الإيمان بضع وسبعون شعبة، أعلاها: قول: لا إله إلا الله ...) مع أنها من الإسلام، (قال: الإسلام أن تشهد أن لا إله إلا الله)، (… وأدناها إماطة الأذى عن الطريق …) وإماطة الأذى عن الطريق من الإسلام؛ لأنها عمل من أعمال الجوارح (… والحياء شعبة من الإيمان) هذا في القلب.

والمهم: أن الإيمان والإسلام شيء واحد إذا افترقا، وشيئان إذا اجتمعا.

قال تعالى: وَلَمَّا يَدْخُلِ الْأِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ [الحجرات:14] :-

ووجه ذلك: أن الإيمان في القلب، وهو صعب، والإسلام علانية في الجوارح، وكل إنسان يمكن أن يعمل في جوارحه عملاً متقناً من أحسن ما يكون.

فلقد أخبر النبي عليه الصلاة والسلام عن الخوارج أنهم يقرءون القرآن، وأنهم يصلون، وأن الواحد من الصحابة يحقر صلاته عند صلاتهم وقراءته عند قراءتهم، ومع ذلك يقول النبي عليه الصلاة والسلام: (إنهم يقرءون القرآن لا يتجاوز حناجرهم -نسأل الله العافية- وأنهم يمرقون من الإسلام كما يمرق السهم من الرمية) .

وهذا يدل على أن الإسلام يستطيعه كل إنسان، كل إنسان يمكن أن ينافق، يمكن أن يصلي ويسجد ويقرأ ويصوم ويتصدق وقلبه خالٍ من الإيمان، ولهذا قال: قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلِ الْأِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ هنا التعبير وَلَمَّا يَدْخُلِ ولم يقل: ولم يدخل، قال العلماء: وإذا أتت لَمَّا بدل لَمْ كان ذلك دليلاً على قرب وقوع ما دخلت عليه.

فمثلاً إذا قلت: فلان لَمْ يدخل القرية ولَمَّا يدخلها، أي: أنه قريب منها.

وكذلك قوله تعالى: بَلْ هُمْ فِي شَكٍّ مِنْ ذِكْرِي بَلْ لَمَّا يَذُوقُوا عَذَابِ [ص:8] أي: لم يذوقوه ولكنه قريب منهم.

هنا قال: لَمَّا يَدْخُلِ أي: ما دخل الإيمان في قلوبهم ولكنه قريب من الدخول.


استمع المزيد من الشيخ محمد بن صالح العثيمين - عنوان الحلقة اسٌتمع
لقاء الباب المفتوح [63] 3395 استماع
لقاء الباب المفتوح [146] 3350 استماع
لقاء الباب المفتوح [85] 3315 استماع
لقاء الباب المفتوح [132] 3293 استماع
لقاء الباب المفتوح [8] 3275 استماع
لقاء الباب المفتوح [13] 3259 استماع
لقاء الباب المفتوح [127] 3116 استماع
لقاء الباب المفتوح [172] 3090 استماع
لقاء الباب المفتوح [150] 3037 استماع
لقاء الباب المفتوح [47] 3032 استماع