لقاء الباب المفتوح [119]


الحلقة مفرغة

الحمد لله رب العالمين, وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.

أما بعد:

فهذا هو اللقاء التاسع عشر بعد المائة من لقاءات الباب المفتوح الذي يتم كل يوم خميس, وهذا هو الخميس 24 من شهر شوال عام (1416هـ).

نكمل فيه ما سبق أن بدأنا به من آية الحجرات.

تفسير قوله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا لا يسخر قوم من قوم...)

قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ عَسَى أَنْ يَكُونُوا خَيْراً مِنْهُمْ وَلا نِسَاءٌ مِنْ نِسَاءٍ عَسَى أَنْ يَكُنَّ خَيْراً مِنْهُنَّ [الحجرات:11] والسخرية: الاحتقار والازدراء, وأن قوله: (عَسَى أَنْ يَكُونُوا خَيْراً مِنْهُمْ) و(خَيْراً مِنْهُنَّ) أي: عند الله أو في المستقبل أو في الواقع, أي: أنه إذا سخر رجل من آخر فهذا المسخور منه قد يكون عند الله خيراً من الساخر, وقد يكون في نفس الوقت خيراً من الساخر, وقد يكون في المستقبل خيراً من الساخر.

تفسير قوله تعالى: (ولا تلمزوا أنفسكم)

ثم قال عز وجل: وَلا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ [الحجرات:11] اللمز: العيب, بأن تقول: فلان بليد، فلان طويل، فلان قصير، فلان أسود، فلان أحمر، وما أشبه ذلك مما يعد عيباً.

وقوله: (وَلا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ) فسرت بمعنيين:

المعنى الأول: لا يلمز بعضكم بعضاً؛ لأن كل واحد منا بمنزلة نفس الإنسان, أخوك بمنزلة نفسك، فإذا لمزته فكأنما لمزت نفسك.

المعنى الثاني: لا تلمز أخاك لأنك إذا لمزته لمزك, فلمزك إياه سبب لكونه يلمزك، وحينئذٍ تكون كأنك لمزت نفسك, وعليه قول النبي صلى الله عليه وسلم: (لعن الله من لعن والديه, فقالوا: يا رسول الله! كيف يلعن الرجل والديه؟! قال: يسب أبا الرجل فيسب أباه, ويسب أمه فيسب أمه).

هذه الآية فيها: تحريم عيب المؤمنين بعضهم بعضاً, فلا يجوز لك أن تعيب أخاك بصفة خِلقِية أو صفة خُلُقية.

أما الصفة الخِلقية التي تعود إلى الخِلقة، فإن عيبك إياه في الحقيقة عيب لخالقه عز وجل.

من الذي خلق الإنسان؟ الله عز وجل.

من الذي جعله على هذه الصفة؟ الله عز وجل.

هل الإنسان يمكن أن يكمل خلقته، فيكون الطويل قصيراً أو القصير طويلاً, أو القبيح جميلاً أو الجميل قبيحاً؟ هذا لا يمكن, فأنت إذا لمزت إنساناً وعبته في خلقته؛ فقد عبت الخالق في الواقع.

ولهذا لو وجدنا جداراً مبنياً مائلاً وعبنا الجدار, هل عيبنا للجدار أم لباني الجدار؟

إذاً.. إذا عبت إنساناً في خلقته فكأنما عبت الخالق عز وجل, فالمسألة خطيرة.

أما عيبه في الخلق بأن يكون هذا الرجل سريع الغضب, شديد الانتقام, بذيء اللسان, فلا تعبه, لأنه ربما إذا عبته ابتلاك الله بنفس العيب، ولهذا جاء في الأثر: [لا تظهر الشماتة في أخيك فيعافيه الله ويبتليك] لكن إذا وجدت فيه سوء خلق فالواجب النصيحة, أن تتصل به إن كان يمكنك الاتصال به, وتبين له ما كان عليه من عيب, أو تكتب له رسالة باسمك أو باسم ناصح مثلاً.

تفسير قوله تعالى: (ولا تنابزوا بالألقاب)

قال تعالى: وَلا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ [الحجرات:11] أي: لا ينبز بعضكم بعضاً باللقب, فتقول له مثلاً: يا فاسد! يا فاجر! يا كافر! يا شارب الخمر! يا سارق! يا زان! لا تفعل هذا, لأنك إذا نبزته باللقب فإما أن يكون اللقب فيه وإما ألا يكون فيه, فإن كان فيه فقد ارتكبت هذا النهي, وإن لم يكن فيه فقد بهته وارتكبت النهي أيضاً.

تفسير قوله تعالى: (بئس الاسم الفسوق بعد الإيمان)

ثم قال عز وجل: بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْأِيمَانِ [الحجرات:11] أي: بئس لكم أن تنتقلوا من وصف الإيمان إلى وصف الفسوق, إذا ارتكبتم ما نهى الله عنه صرتم فسقة, فالإنسان إذا ارتكب واحدة من الكبائر صار فاسقاً, وإذا ارتكب صغيرة فإن كررها وأصر عليها صار فاسقاً, فلا تجعل نفسك بعد الإيمان وكمال الإيمان فاسقاً, هذا معنى قوله: بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْأِيمَانِ [الحجرات:11] لأن هذه الجملة جملة إنشائية تفيد الذم, وما أفاد الذم فإنه منهي عنه بلا شك.

استفدنا من هذه الآية الكريمة: تحريم السخرية, وتحريم لمز الغير, وتحريم التنابز بالألقاب, وأن من صنع ذلك فهو فاسق بعد أن كان مؤمناً, والفسق ليس وصفاً باللسان فقط فقد يترتب عليه أحكام, فمثلاً قال العلماء: الفاسق لا يصح أن يكون ولياً على بنته فيزوجها, إنسان إنما يزوجها أخوها إذا كان لها أخ يصح أن يكون ولياً, أو عمها, إن لم يكن لها أقارب أو خافوا من أبيها إن زوجوها يزوجها القاضي.

الفاسق لا تقبل شهادته؛ لأن الله قال: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا [الحجرات:6] يشهد عند القاضي بحق, والقاضي يقول: لا نقبل شهادتك لأنك فاسق.

الفاسق لا يجوز أن يكون إماماً بالناس في الصلاة, الفاسق الذي يظهر فسقه لا يصح أذانه, كل هذا قال به العلماء رحمهم الله, وإن كان في بعض هذه المسائل خلافاً، لكني أقول لكم: إن كلمة (فاسق) ليست بالأمر الهين, حتى يقول إنسان: هذا الأمر سهل, بدل ما يكون مؤمناً يكون فاسقاً, هذا غير صحيح, ولهذا ذمه الله فقال: بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْأِيمَانِ [الحجرات:11].

تفسير قوله تعالى: (ومن لم يتب فأولئك هم الظالمون)

قال تعالى: وَمَنْ لَمْ يَتُبْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ [الحجرات:11] أي: من كان يفعل هذه الأشياء -وهي ثلاثة- ولم يتب فأولئك هم الظالمون, الذي لا يتوب يكون ظالماً, والظلم كما قال النبي عليه الصلاة والسلام: (الظلم ظلمات يوم القيامة) إذا كان المؤمنون يوم القيامة يسعى نورهم بين أيديهم وبأيمانهم, فهؤلاء الظلمة ليس لهم نور, فيجب الحذر مما نهى الله عنه عز وجل, لأنك أيها العبد عبد لله, تأتمر بأمره وتنتهي عن نهيه.

وقوله: (وَمَنْ لَمْ يَتُبْ) إذا قال قائل: ما معنى: التوبة؟

نقول: التوبة الرجوع إلى الله من معصيته إلى طاعته, فإذا كان شخص لا يصلي مع الجماعة فما توبته؟ أن يصلي مع الجماعة.

إذا كان شخص قد سرق مالاً من إنسان فما توبته؟ أن يرد المال إلى صاحبه.

إذا كان الإنسان قد باع غشاً فما توبته؟ أن يترك الغش، وأن يرد ما زاد بسبب الغش على صاحبه, يعني: مثلاً لو زاد في السعر بسبب الغش؛ فعليه أن يرد ما زاد بسبب الغش على الرجل المغشوش, فإن كان لا يعرفه فليتصدق به عنه, فمثلاً هذه السلعة بدون غش تساوي عشرة ريالات وبالغش اثنا عشر ريالاً فقد زاد ريالين.

إذاً.. إذا تاب من الغش يجب عليه أن يرد الريالين إلى الرجل المغشوش, فإن لم يعرفه فإنه يتصدق بذلك عنه.

والتوبة: الرجوع إلى الله من معصيته إلى طاعته.

والتوبة لها شروط, فليس كل من قال: أنا تائب إلى الله يكون تائباً, بل لا بد من شروط:

الشرط الأول: أن يخلص لله في التوبة, فلا يحمله على التوبة أنه خاف من أبيه, أو خاف من أخيه الأكبر, أو خاف من السلطات, أو تاب لأجل يقال: فلان مستقيم, لا، يجب أن يكون مخلصاً لله, فيكون الحامل له على التوبة طلب رضا الله عز وجل والوصول إلى كرامته, والإخلاص شرط في كل عبادة.

الشرط الثاني: الندم على ما فعل, بأن يتحسر ويتكدر أنه وقع منه هذا الشيء.

الشرط الثالث: أن يقلع عن الذنب في الحال, يعني: يتركه مباشرة إذا كان في محرم تركه, وإذا كان في واجب بادر إلى فعله.

الشرط الرابع: أن يعزم على ألا يعود في المستقبل, يعني: يكون في قلبه نية عازمة جازمة ألا يعود إلى هذا الذنب في المستقبل, فإن تاب وهو يقول: ربما أنه يطرأ عليّ أن أفعل الذنب, فهذا التائب لا تصح توبته, لا بد أن يعزم على ألا يعود في المستقبل.

الشرط الخامس: أن تكون التوبة قبل سد الباب, لأنه يأتي وقت يسد فيه باب التوبة، لا تقبل من الإنسان, والباب الذي يغلق عن التائبين عام وخاص.

أما الباب العام: فهو طلوع الشمس من مغربها, نحن الآن نرى الشمس تخرج من المشرق وتغرب في المغرب, سيأتي زمن تخرج فيه الشمس من المغرب وترجع, والذي يردها هو الله عز وجل, لو اجتمعت الخلائق كلها على أن تردها لن تردها, لكن يردها الله عز وجل الذي أمره إذا أراد شيئاً أن يقول له: كن فيكون, ترجع هذه الشمس العظيمة إذا غربت ترجع من مغربها, إذا طلعت الشمس من مغربها كل من على الأرض يؤمنون كلهم: اليهودي, والنصراني, والبوذي, والشيوعي, وغيرهم.. كلهم يؤمنون؛ لأنهم يرون شيئاً واضحاً في الدلالة على الرب عز وجل, لكن هل ينفعهم الإيمان؟ لا؛ لقوله تعالى: هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ تَأْتِيَهُمُ الْمَلائِكَةُ أَوْ يَأْتِيَ رَبُّكَ أَوْ يَأْتِيَ بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ لا يَنْفَعُ نَفْساً إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْراً [الأنعام:158].

فسر النبي صلى الله عليه وسلم قوله تعالى: يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ : إنه خروج الشمس من مغربها، حينئذٍ لا تنفع التوبة, مع أن الناس كلهم يؤمنون لكن لا تنفع, لأنه انسد الباب.

أما الباب الخاص: فهو أن يحضر الإنسان أجله, فلا تنفع التوبة؛ لقول الله تبارك وتعالى: وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ حَتَّى إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ إِنِّي تُبْتُ الْآنَ [النساء:18] انسد الباب، لا ينفع.

وإني أسألكم: هل أحد منا يعلم متى يموت؟ لا، ربما يموت الإنسان وهو على مكتبه, وهو على فراشه, وهو في صلاته, في أي لحظة, وإذا كنا نعلم هذا ونوقن به، فالواجب أن نبادر بالتوبة لئلا يفاجئنا الموت فينسد الباب, ولهذا كان مما يجب على الفور أن يتوب الإنسان من ذنبه.

يا إخواني! الإنسان لا يدري متى يموت, فالواجب أن يبادر بالتوبة إلى الله عز وجل, يقول عز وجل: وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ حَتَّى إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ إِنِّي تُبْتُ الْآنَ [النساء:18] هذا ما له توبة, هذا خبر من الله عز وجل.

أمر واقع يدل على هذا: لما أغرق الله فرعون وقومه، قال فرعون في أثناء الغرق: آمَنْتُ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرائيلَ وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ [يونس:90] تاب الآن, أليس كذلك؟ لكن متى؟!! حينما رأى الموت, فقيل له: آلْآنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَكُنْتَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ [يونس:91] (آلْآن) أي: الآن تتوب! لماذا لم تتب من قبل؟ فلم تقبل توبته والعياذ بالله.

إذاً.. شروط التوبة خمسة: الإخلاص لله عز وجل, الندم على ما فعل, الإقلاع عما كان عليه من الذنب في الحال, العزم على ألا يعود, أن تكون التوبة قبل سد الأبواب.

إذا قال قائل: التوبة فيما بين العبد وبين ربه واضحة, يفرح الله عز وجل بتوبة عبده فرحاً عظيماً, إذا تبت إلى ربك -وأسأل الله أن يتوب علي وعليك- فإن الله يفرح بهذا فرحاً عظيماً, فرحاً لا يتصوره الإنسان, قال النبي صلى الله عليه وسلم: (لله أشد فرحاً بتوبة أحدكم -أو قال: بتوبة عبده- من أحدكم براحلته -الراحلة هي البعير- كان عليها طعامه وشرابه فأضلها -أي: ضاعت عنه- فطلبها فلم يجدها, فنام تحت شجرة ينتظر الموت -ضعفت قواه وخارت وانتهى- فبينما هو كذلك إذا بناقته متعلق زمامها بالشجرة, فأخذ الزمام فقال: اللهم أنت عبدي وأنا ربك -يريد أن يقول: اللهم أنت ربي وأنا عبدك ولكنه- أخطأ من شدة الفرح) وهل تجدون فرحاً أعظم من هذا؟! لا؛ لأنه فرح بحياة بعد الإشراف على الموت, فلا فرح أشد من ذلك.

فالرب عز وجل يفرح بتوبة أحدنا أشد من فرح هذا الرجل بناقته, فإذا كان الذنب بينك وبين الله فالأمر سهل, والمشكل إذا كان بينك وبين الناس, إنسان سرق من شخص وتاب من السرقة, فيما بينه وبين الله انتهى لا إثم عليه ولا عقوبة ولا قطع يد ولا شيء, لكن المال المسروق هل تكفي هذه التوبة عن رد المال إلى صاحبه, أو يجب رد المال إلى صاحبه؟

لا بد من رد المال إلى صاحبه, لكن المشكلة كيف أرده؟ ربما لو ذهب إلى صاحبه وقال: إنه سرق منه هذا المال وأنه تاب, ربما يمسك به ويرفعه إلى الجهات المسئولة, ربما يقول: أنت الآن أعطيتني عشرة آلاف, والتي سرقت هي عشرون ألف ريال -ربما يقول هذا- فيبقى الإنسان في ورطة فماذا يصنع؟

نقول: يمكن أن ينظر إلى صاحب له أمين فيقول له: إنه سرق من فلان كذا وكذا.. وهذه السرقة اذهب بها إليه وقل له: إن هذه من شخص تاب الله عز وجل وقد أخذها منك من قبل, وهاهي الآن قد وصلتك. لكن لا بد أن يكون هذا الرجل الذي وكله أن يوصل الدراهم إلى صاحبها, لا بد أن يكون موثوقاً عند صاحب المال, وأميناً عنده, لأنه لو لم يكن موثوقاً لاتهمه صاحب المال وقال: أنت السارق والمسروق أكثر من كذا، لكن إذا كان يعرف أنه صديقه وأمين يصدقه ويأتمنه, فليقل: يا فلان جزاك الله خيراً القضية كذا وكذا.. فإن لم يتيسر له ذلك فيمكن أن يجعلها في ظرف ويرسلها في البريد الممتاز, ويكتب فيها كتابة لا يعرف بها خطه: بأن هذه دراهم لك من شخص أخذها منك سابقاً وقد تاب إلى الله. فقط, وتبرأ ذمته, المهم أنه لا بد من التوبة, ولهذا قال الله عز وجل: وَمَنْ لَمْ يَتُبْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ [الحجرات:11].

وإن لم يعرف صاحبها, مثلاً: إنسان سرق في حال صغره سرقة من شخص لا يدري من هو, أو بعد تكليفه سرق من مال لا يدري من هو له, فبماذا تتحقق التوبة؟

أن يتصدق بهذا المال تخلصاً منه, لا ينويه لنفسه بل لصاحبه, وبذلك يبرئ.

نسأل الله أن يرزقنا التوبة قبل غلق الأبواب، وأن يعيننا وإياكم على ذكره وشكره وحسن عبادته.

قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ عَسَى أَنْ يَكُونُوا خَيْراً مِنْهُمْ وَلا نِسَاءٌ مِنْ نِسَاءٍ عَسَى أَنْ يَكُنَّ خَيْراً مِنْهُنَّ [الحجرات:11] والسخرية: الاحتقار والازدراء, وأن قوله: (عَسَى أَنْ يَكُونُوا خَيْراً مِنْهُمْ) و(خَيْراً مِنْهُنَّ) أي: عند الله أو في المستقبل أو في الواقع, أي: أنه إذا سخر رجل من آخر فهذا المسخور منه قد يكون عند الله خيراً من الساخر, وقد يكون في نفس الوقت خيراً من الساخر, وقد يكون في المستقبل خيراً من الساخر.