لقاء الباب المفتوح [74]


الحلقة مفرغة

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.

أما بعد:

هذا هو اللقاء الرابع والسبعون من اللقاءات التي تتم في كل يوم خميس، وهذا هو الخميس الرابع والعشرون من شهر ربيع الثاني عام (1415هـ) في هذا اللقاء نكمل تفسير سورة الشمس وضحاها، حيث وصلنا إلى قول الله تبارك وتعالى: كَذَّبَتْ ثَمُودُ بِطَغْوَاهَا * إِذْ انْبَعَثَ أَشْقَاهَا [الشمس:11-12].

تفسير قوله تعالى: (كذبت ثمود بطغواها)

قال تعالى: (كذبت ثمود) ثمود اسم قبيلة ونبيهم صالح عليه الصلاة والسلام وديارهم في الحجر معروفه في طريق الناس، هؤلاء كذبوا نبيهم صالح، ونبيهم صالح عليه السلام كغيره من الأنبياء يدعوهم إلى عبادة الله وحده لا شريك له كما قال الله تعالى: وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ [الأنبياء:25] دعاهم إلى عبادة الله وحده لا شريك له، وأعطاه الله سبحانه وتعالى آية تدل على نبوته وهي الناقة العظيمة التي تشرب من البئر يوماً وتسقيهم لبناً في اليوم الثاني، وقد قال بعض العلماء: إنها كلما جاء إنسان وأعطاها من الماء بقدر أعطته من اللبن بقدره، ولكن الذي يظهر من القرآن خلاف ذلك لقوله تعالى: لَهَا شِرْبٌ وَلَكُمْ شِرْبُ يَوْمٍ مَعْلُومٍ [الشعراء:155] فالناقة تشرب من البئر يوماً ثم تدر اللبن في اليوم الثاني، ولكن هل نفعتهم هذه الآية؟ استمهل قول الله تعالى كَذَّبَتْ ثَمُودُ بِطَغْوَاهَا [الشمس:11] أي: بطغيانها وعتوها، والباء هنا للسببية أو بسبب كونها طاغية كذبت الرسول.

تفسير قوله تعالى: (إذ انبعث أشقاها...)

قال تعالى: إِذْ انْبَعَثَ أَشْقَاهَا [الشمس:12] هذا بيان للطغيان الذي ذكره الله عز وجل وذلك حين انبعث أشقاها، (انبعث) أي: انطلق بسرعة و(أشقاها) أي: أشقى ثمود، أي: أعلاهم في الشقاء والعياذ بالله، يريد أن يقضي على هذه الناقة، فقال لهم صالح: نَاقَةَ اللَّهِ وَسُقْيَاهَا [الشمس:13] قال لهم ناقة: أي ذروا ناقة الله، لقوله تعالى في آية أخرى: فَذَرُوهَا تَأْكُلْ فِي أَرْضِ اللَّهِ [الأعراف:73] يعني: اتركوا الناقة لا تقتلوها، لا تتعرضوا لها بسوء ولكن النتيجة بالعكس: فَكَذَّبُوهُ [الشمس:14] أي: كذبوا صالحاً، وقالوا: إنك لست برسول، وهكذا كل الرسل الذين أرسلوا إلى أقوامهم يصمهم أقوامهم بالعيب كما قال الله تعالى: كَذَلِكَ مَا أَتَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا قَالُوا سَاحِرٌ أَوْ مَجْنُونٌ [الذاريات:52] كل الرسل قيل لهم هذا: ساحر أو مجنون، كما قيل للرسول عليه الصلاة والسلام: إنه ساحر كذاب، مجنون، شاعر، كاهن، ولكن هل ألقاب السوء التي يلقبها الأعداء لأولياء الله هل تضرهم؟

الجواب: لا تضرهم، بل يزدادون بذلك رفعة عند الله سبحانه وتعالى، وإذا احتسبوا الأجر أثيبوا على ذلك، فيقول عز وجل: فَكَذَّبُوهُ فَعَقَرُوهَا [الشمس:14] أي: عقروا الناقة عقراً حصل به الهلاك.

تفسير قوله تعالى: (فدمدم عليهم ربهم بذنبهم فسواها)

قال تعالى: فَدَمْدَمَ عَلَيْهِمْ رَبُّهُمْ بِذَنْبِهِمْ فَسَوَّاهَا [الشمس:14] (دمدم عليهم) أي: أطبق عليهم فأهلكهم، كما تقول: دمدمت البئر أي أطبقت عليها التراب، (دمدم عليهم ربهم بذنبهم) أي: بسبب ذنوبهم، لأن الله سبحانه وتعالى لا يظلم الناس شيئاً ولكن الناس أنفسهم يظلمون، فالذنوب سبب للهلاك والدمار والفساد لقول الله تبارك وتعالى: ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ [الروم:41]، وقال تعالى: وَإِذَا أَرَدْنَا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُوا فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيراً [الإسراء:16]، وقال الله تعالى يخاطب أشرف الخلق وخير القرون: أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّى هَذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ [آل عمران:165] فالإنسان يصاب بالمصائب من عند نفسه، ولهذا قال: (دمدم عليهم ربهم بذنبهم) أي: بسبب ذنبهم، (فسواها) أي: عمها بالهلاك حتى لم يبق منهم أحد وأصبحوا في ديارهم جاثمين.

تفسير قوله تعالى: (ولا يخاف عقباها)

قال تعالى: وَلا يَخَافُ عُقْبَاهَا [الشمس:15] أي: أن الله تعالى لا يخاف من عاقبة هؤلاء الذين عذبهم ولا يخاف من تبعتهم؛ لأن له الملك وبيده كل شيء، بخلاف غيره من الملوك، الملوك لو انتصروا على غيرهم أو عاقبوا غيرهم تجدهم في خوف، يخشون أن تكون الكرة عليهم، أما الله عز وجل فإنه (لا يخاف عقباها) أي: لا يخاف عاقبة من عذبهم؛ لأنه سبحانه وتعالى له الملك كله وله الحمد كله، فسبحانه وتعالى ما أعظمه! وما أجل سلطانه!

قال تعالى: (كذبت ثمود) ثمود اسم قبيلة ونبيهم صالح عليه الصلاة والسلام وديارهم في الحجر معروفه في طريق الناس، هؤلاء كذبوا نبيهم صالح، ونبيهم صالح عليه السلام كغيره من الأنبياء يدعوهم إلى عبادة الله وحده لا شريك له كما قال الله تعالى: وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ [الأنبياء:25] دعاهم إلى عبادة الله وحده لا شريك له، وأعطاه الله سبحانه وتعالى آية تدل على نبوته وهي الناقة العظيمة التي تشرب من البئر يوماً وتسقيهم لبناً في اليوم الثاني، وقد قال بعض العلماء: إنها كلما جاء إنسان وأعطاها من الماء بقدر أعطته من اللبن بقدره، ولكن الذي يظهر من القرآن خلاف ذلك لقوله تعالى: لَهَا شِرْبٌ وَلَكُمْ شِرْبُ يَوْمٍ مَعْلُومٍ [الشعراء:155] فالناقة تشرب من البئر يوماً ثم تدر اللبن في اليوم الثاني، ولكن هل نفعتهم هذه الآية؟ استمهل قول الله تعالى كَذَّبَتْ ثَمُودُ بِطَغْوَاهَا [الشمس:11] أي: بطغيانها وعتوها، والباء هنا للسببية أو بسبب كونها طاغية كذبت الرسول.


استمع المزيد من الشيخ محمد بن صالح العثيمين - عنوان الحلقة اسٌتمع
لقاء الباب المفتوح [63] 3395 استماع
لقاء الباب المفتوح [146] 3350 استماع
لقاء الباب المفتوح [85] 3315 استماع
لقاء الباب المفتوح [132] 3293 استماع
لقاء الباب المفتوح [8] 3275 استماع
لقاء الباب المفتوح [13] 3259 استماع
لقاء الباب المفتوح [127] 3116 استماع
لقاء الباب المفتوح [172] 3090 استماع
لقاء الباب المفتوح [150] 3037 استماع
لقاء الباب المفتوح [47] 3033 استماع