فتاوى نور على الدرب [569]


الحلقة مفرغة

السؤال: اشتريت لباسا من نوع معين وبعد اللبس اتضح لي بأنها مصنوعة من الحرير هل أستمر في لبسها أم أتصدق بها أم أقوم ببيعها؛ لأن الحرير محرم كما سمعت جزاكم الله خيراً؟

الجواب: إذا تبين لك أن هذا اللباس الذي كنت تلبسه من الحرير الخالص الحرير الطبيعي فإنه لا يحل لك أن تلبسه؛ لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم حرم على الرجال لباس الحرير، والتحريم عام يشمل الصغار والكبار إلا ما استثني، وليس عليك أثم فيما مضى حيث كنت تلبسه وأنت لا تعلم أنه من الحرير كقول الله تبارك وتعالى: رَبَّنَا لا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا [البقرة:286] فقال الله تعالى: قد فعلت.

أما إذا كان من الحرير الصناعي أو كان مخلوطاً من الحرير والقطن أو من الحرير والصوف وغالبه من غير الحرير فلا حرج عليك في الاستمرار في لبسه، ولا يحل لك أن تبيعه؛ لأنه قد يشتريه من الرجال من يلبسه أو من النساء من لا تغير هيئته، وكلاهما محرم، وإنني بهذه المناسبة أحذر شبابنا في بلادنا وغير بلادنا من لبس الحرير، فإن الحرير للنساء والرجل ينبغي أن يكون رجل قوة وخشونة وليس رجل ميوعة وليونة؛ لأن الليونة إنما تكون للنساء لاستعدادهن للتجمل للرجال، والرجل ليس أهلاً لذلك، فعلى المؤمن أن يشكر نعمة الله عليه وألا يجعلها سبباً في معاصيه فإن صرف النعمة فيما لا يرضي الله كفر للنعمة، وكفر النعم يخشى منه من زوالها قال الله تعالى: أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَةَ اللَّهِ كُفْرًا وَأَحَلُّوا قَوْمَهُمْ دَارَ الْبَوَارِ * جَهَنَّمَ يَصْلَوْنَهَا وَبِئْسَ الْقَرَارُ [إبراهيم:28-29]، وقال تعالى: وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ [إبراهيم:7] الآيات في هذا المعنى كثيرة أي في التحذير من كفران النعمة وصرفها فيما لا يرضي الله عز وجل.

السؤال: هل لف الشماغ أثناء الصلاة على الذقن والفم فيه شيء وذلك خشية من البرد وخصوصا في صلاة الفجر؟

الجواب: هذا السؤال يعبر عنه باللثام أو التلثم، واللثام أو التلثم في الصلاة مكروه، وفي غير الصلاة موجب للريبة، لكن إذا كان هناك حاجة بأن يكون الإنسان مزكوماً يحتاج إلى التلثم فلا حرج عليه لأنه معذور، وكذلك لو كان فيه حساسية يتأثر من البرد أو من الغبار أو من الريح وتلثم درءاً لهذا فإن ذلك حاجة ولا يؤثر على صلاته.

السؤال: وأنا أستمع إلى خطبة الجمعة حدث عليّ حدث فذهبت وتوضأت ثم رجعت إلى المسجد مرة ثانية هل أجلس وأستمع إلى الخطبة أم أصلي تحية المسجد؟

الجواب: اجلس واستمع للخطبة ولا تؤد تحية المسجد؛ لأنك إنما خرجت للوضوء ورجعت عن قرب، والخارج من المسجد لحاجة بنية العودة إليه قريباً إذا عاد إليه لا يطلب منه أن يصلي تحية المسجد، وعلى هذا فإذا رجعت من وضوئك فاجلس ولا تصل.

السؤال: يوجد بعض العادات عند العزاء فبعد مرور أربعين يوماً من الوفاة يقوم أهل الميت بالذبح ودعوة الأقرباء والمعارف والأكل من هذه الذبيحة مع العلم بأن هؤلاء الذين يدعون إلى هذه الوليمة ليسوا في حاجة، وأيضا يعتبر هذا نوعاً من أنواع النياحة المحرمة فهل عليّ إثم عند حضور مثل هذه المناسبات؟

الجواب: أولا لابد أن نعرف ما حكم هذه العادة فنقول: هذه العادة بدعة منكرة، فيها مضيعة للوقت، ومفسدة للمال، وإعزاز للبدعة، ودخول في النياحة، فقد قال جرير بن عبد الله البجلي رضي الله عنه: كنا نعد الاجتماع إلى أهل الميت وصنعة الطعام من النياحة، والواجب الكف عنها وإماتتها وطيها من الوجود.

وأما حضورها فلا يجوز حضورها، والواجب على من دعي إليها أن ينصح من دعاه ويقول: اتق الله في نفسك واتق الله في ميتك، لا تكن سبباً في تعذيبه بالبكاء عليه أو النياحة، ووفر مالك ووفر وقتك وخف ربك والميت مات وقد راح، فعليك يا أخي المسلم ألا تداهن في دين الله وألا تحكم العادة في شريعة الله وألا تحابي أحداً في دين الله بل قل الحق ولو كان مرا ما لم يترتب على هذا مفسدة عظيمة أعظم بكثير مثل: أن يأمر إنسان بمعروف أو أن ينهى عن منكر يترتب على أمره بالمعروف والنهي عن المنكر منكر أعظم، فهنا تكون الحكمة المداراة ومحاولة إزالة المنكر شيئاً فشيئاً.

السؤال: قال الله تعالى: إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا [الأحزاب:56] وقال صلى الله عليه وسلم: ( من صلى علي صلاة واحدة صلى الله عليه بها عشرا )، السؤال: كيف تكون صلاة الله والملائكة على النبي صلى الله عليه وسلم؟ وكيف تكون صلاة الله على العبد؟ وإذا تليت هذه الآية في الصلاة فهل يجب علي أن أصلي على النبي صلى الله عليه وسلم أم أنصت؟

الجواب: صلاة الله تعالى على رسوله وصلاة الملائكة على رسوله تعني: الثناء عليه، قال أبو العالية رحمه الله: صلاة الله على رسوله ثناؤه عليه في الملأ الأعلى، فهذا معنى قوله: إن الله وملائكته يصلون على النبي أي: يثنون عليه في الملأ الأعلى، وأما صلاتنا نحن عليه إذا قلنا: اللهم صل على محمد فهو سؤالنا الله عز وجل أن يثني عليه في الملأ الأعلى، وإذا مرت هذه الآية في الصلاة: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا [الأحزاب:56] فلا حرج أن تصلي عليه الصلاة والسلام، وإذا لم تصل عليه فلا حرج أيضاً:

أولاً: لأنك مأمور باستماع قراءة إمامك.

وثانياً: لأنه يمكنك أن تنوي بقلبك أنك ستصلي عليه صلى الله عليه وسلم في مواطن الصلاة عليه.

والحاصل أنه إذا مرت بك وأنت في الصلاة فإن شئت فصل عليه وإن شئت فلا تصل.

السؤال: بأنه شاب محافظ على صلاة الليل والوتر يحمد الله ولكنني أصليها قبل أن أنام مخافة ألا أستيقظ يعني حوالي الساعة الثانية عشرة والنصف فهل هذا هو منتصف الليل، رغم أنني أود أن أصلي في آخر الليل ولكنني لا أستطيع؟

الجواب: إذا كنت تخشى ألا تقوم في آخر الليل فالسنة في حقك أن توتر أول الليل قبل أن تنام؛ لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أوصى أبا هريرة وأبا ذر وأبا الدرداء رضي الله عنهم أن يوتروا قبل أن يناموا، وقال صلى الله عليه وسلم: ( من خاف ألا يقوم من آخر الليل فليوتر أوله ومن طمع أن يقوم من آخر الليل فليوتر آخره فإن صلاة آخر الليل مشهودة وذلك أفضل )، فأنت الآن إذا كنت تعرف من نفسك أنك لا تستيقظ فأوتر قبل أن تنام، وإن كنت تعرف أنك تستيقظ أو يغلب على ظنك أنك تستيقظ فأخر الوتر في آخر الليل؛ لأن صلاة آخر الليل مشهودة وذلك أفضل، فإن قدر أنك أخرتها إلى آخر الليل ولكنك لم تقم فصل من النهار الوتر شفعاً يعني: إن كان من عادتك أن توتر بثلاث صلي أربعاً، وإذا كان من عادتك أن توتر بخمس فصل ستاً وهلم جراً.

وأما قولك: إنك تصلي الساعة الثانية عشرة فهل هذا منتصف الليل؟ فنقول: منتصف الليل الوسط فيما بين غروب الشمس وطلوع الفجر، فانظر ما بين غروب الشمس وطلوع الفجر ثم نصفه اجعله نصف الليل، وهذا يختلف باختلاف الصيف والشتاء.

السؤال: عندنا في بلادنا في معظم المساجد بعد الأذان يدعون بالدعاء الوارد عن النبي صلى الله عليه وسلم وبعد الانتهاء منه يقولون: الفاتحة على روح النبي صلى الله عليه وسلم، هل هذا العمل صحيح أم بدعة وجهونا للصواب وجزاكم الله خيراً؟

الجواب: أما إذا كانوا يدعون الدعاء الوارد عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم بعد الأذان على رءوس المنارات فهذا ليس بسنة إذا جهروا به، أما سراً فهو سنة سواء كنت في المنارة أو في الأرض.

وأما قولهم: اقرءوا الفاتحة على روح النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم فهو بدعة منكرة لا يقال بعد أذان الفجر ولا بعد الأذان الآخر ولا بعد الصلوات ولا في أي مكان، وقراءة الفاتحة على روح النبي صلى الله عليه وسلم بدعة لوجهين:

الوجه الأول: أنها سفه؛ لأن من قرأ الفاتحة على روحه أراد أن يثاب النبي صلى الله عليه وسلم ثواب القراءة، ومعلوم أن قراءتنا للفاتحة يكتب لرسول الله صلى الله عليه وسلم مثلما نؤجر عليه، أي: أنه يكتب له مثل أجورنا، وإذا كان يكتب له مثل أجورنا فلا حاجة أن نقول: إنها على روح؛ لأنه قد حصل على الثواب، ويكون قولنا: على روحه أننا حرمنا أنفسنا من ثوابها فقط هذا من وجه.

الوجه الثاني: أن التصدق بالأعمال الصالحة الفاتحة وغيرها على النبي صلى الله عليه وسلم لم يفعله الصحابة رضي الله عنهم الذين هم أشد حباً منا لرسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم، وهم أشد منا حباً لما فيه الخير له، وإذا كانوا لم يفعلوه فلنا فيهم أسوة، وعلى هذا فينهى أن يجعل الإنسان أي عمل صالح يعمله لروح النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، أو يقول: اللهم اجعل ثوابه لنبيك محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم للوجهين الذين ذكرناهما، وإني أنصح هذا السائل بأن يتصل بإخوانه المؤذنين فيقول لهم: إن هذا أمر بدعة وسفه من القول.

السؤال: بعض كبار السن في قريتنا يقومون بتأدية الصلاة بعد شروق الشمس صباحاً ويقولون عنها: صلاة الشروق فهل ما ورد صحيح بذلك جزاكم الله خيراً؟

الجواب: هذه هي صلاة الضحى التي وردت عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، والتي قال عنها صلوات الله وسلامه عليه: ( يصبح على كل سلامى من الناس صدقة كل يوم تطلع فيه الشمس ثم قال: ويغني من ذلك أو عن ذلك ركعتان يركعهما من الضحى )، فالركعتان في الضحى سنة سواء صلاهما الإنسان بعد ارتفاع الشمس بقيد رمح أو عند الزوال قبل وقت النهي أو فيما بين ذلك كل هذا تسمى صلاة الضحى، لكن إن صليتها في أول الوقت غلب أنها صلاة الشروق؛ لأنك تصليها عقب الشروق بعد زوال النهي، وإن سميتها صلاة الضحى فهو صحيح؛ لأن وقت الضحى يدخل من ارتفاع الشمس قيد رمح.

السؤال: نحن عرب في البادية أي رحّل ولا نقيم لنا في البادية صلاة جمعة علماً بأن عندنا حفظة للقرآن الكريم ولكن الجماعة لا يقيمون صلاة الجمعة بحجة أنهم أهل بادية غير مقيمين فما حكم ذلك مأجورين؟

الجواب: نعم البادية لا يصلون صلاة الجمعة؛ لأن البوادي كانت حول المدينة في عهد النبي صلى الله عليه وسلم ولم يأمرهم النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم بإقامة الجمعة، فالمسافرون في سفرهم وأهل البادية في باديتهم لا يصلون صلاة الجمعة، وإنما يصلون بدلها ظهراً، فإن كانوا مقيمين صلوا ظهراً أربعاً، وإن كانوا مسافرين صلوا ظهراً ركعتين.

السؤال: ما حكم الصلاة بدون أذان هل تبطل الصلاة؟

الجواب: لا تبطل الصلاة بدون الأذان؛ لأن الأذان خارج عنها لكن الأذان إذا كنت في البلد فأذان أهل البلد يكفيك، وإن كنت خارج البلد فأذن لنفسك ولمن معك؛ لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم كان يؤذن له في أسفاره من حين أن يخرج إلى أن يرجع، ولا نعلم أنه أمر كل واحد من أصحابه أن يؤذنوا؛ لأن الأذان فرض كفاية. وخلاصة القول: أن الإنسان إذا كان في البلد فأذان أهل البلد كاف له، وإن كان خارج البلد فإنه يؤذن إذا حضر وقت الصلاة، فإن كان معه أحد فالآذان فرض وإن كان وحده فالآذان سنة.




استمع المزيد من الشيخ محمد بن صالح العثيمين - عنوان الحلقة اسٌتمع
فتاوى نور على الدرب [707] 3902 استماع
فتاوى نور على الدرب [182] 3690 استماع
فتاوى نور على الدرب [460] 3640 استماع
فتاوى نور على الدرب [380] 3496 استماع
فتاوى نور على الدرب [221] 3493 استماع
فتاوى نور على الدرب [411] 3474 استماع
فتاوى نور على الدرب [21] 3432 استماع
فتاوى نور على الدرب [82] 3431 استماع
فتاوى نور على الدرب [348] 3415 استماع
فتاوى نور على الدرب [708] 3337 استماع