شرح بلوغ المرام - كتاب الصلاة - باب صلاة الجمعة - حديث 479-481


الحلقة مفرغة

بسم الله الرحمن الرحيم.

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد، وعلى آله وأصحابه أجمعين.

رقم هذا الدرس: (175) من أمالي شرح بلوغ المرام، وهذه ليلة الإثنين السادس والعشرون من محرم (1426هـ).

ونبدأ مباشرة في الأحاديث، ونعتذر عن التأخير في الأسبوع الماضي لأسباب وظروف خاصة، الحديث الذي عندنا لا زلنا في كتاب صلاة الجمعة، عندنا الحديث رقم: (454) وهو حديث ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( من تكلم يوم الجمعة والإمام يخطب فهو كمثل الحمار يحمل أسفاراً، والذي يقول له: أنصت ليست له جمعة ).

قال المصنف: رواه أحمد بإسناد لا بأس به، وهو يفسر الحديث الثاني الذي هو حديث أبي هريرة رضي الله عنه في الصحيحين مرفوعاً: ( إذا قلت لصاحبك: أنصت يوم الجمعة والإمام يخطب فقد لغوت ).

تخريج الحديث

حديث ابن عباس رضي الله عنه كالمعتاد فيه عدد من الأبحاث:

البحث الأول: ما يتعلق بتخريج الحديث والحكم على إسناده.

فهذا الحديث الذي هو حديث ابن عباس رضي الله عنه رواه الإمام أحمد كما ذكر المصنف في المسند مسند عبد الله بن عباس، ورواه الطبراني أيضاً في معجمه الكبير، وابن أبي شيبة في المصنف وغيرهم، والهيثمي في كتابه مجمع الزوائد نسبه إلى البزار ومن ذكرنا الإمام أحمد والطبراني وذكر أن فيه مجالد بن سعيد، وهكذا هو في سند من ذكرنا، فإن في إسناده مجالد بن سعيد، ومجالد بن سعيد هذا ضعيف عند أكثر العلماء، وإن كان وثقه النسائي في رواية، لكن أكثر علماء الجرح والتعديل على تضعيفه وهو مشهور، إذاً: سند هذا الحديث ضعيف.

وقول المصنف رحمه الله: (بإسناد لا بأس به) فيه شيء من النظر، إلا أنه ربما كان المصنف -وهو ابن حجر - يقصد تعزيز وتقوية الحديث بشاهده، فإن للحديث شاهداً ذكره ابن حجر في الفتح في جامع حماد بن سلمة عن ابن عمر موقوفاً، الحافظ ابن حجر رحمه الله في الفتح يقول: له شاهد قوي -يعني حديث الباب- في جامع حماد بن سلمة عن ابن عمر موقوفاً، فكأن المصنف يقويه بشاهده، لكنه هنا قال: بسند لا بأس به.

والواقع أنه ضعيف.

وشاهده أيضاً لا يشهد للمرفوع، وإنما يشهد لوقفه وأنه لا يرفع إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وزد على ذلك أن في متن الحديث شيئاً من الغرابة.

والمصنف رحمه الله هنا قال: وهو يفسر حديث أبي هريرة في الصحيحين.

فأنت حينما تتأمل في اللفظ النبوي وتتأمل في السياق الضعيف الذي ذكره المصنف عن ابن عباس تحس أن بينهما فرقاً، فهو هنا يقول: الذي يتكلم يوم الجمعة والإمام يخطب فهو كمثل الحمار يحمل أسفاراً، وهذا الوصف لم يأت في القرآن إلا في شأن اليهود : مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْرَاةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَارًا [الجمعة:5]، فأن يأتي في مساق إنسان من المؤمنين وقع في خطأ، فهذا فيه شيء من الغرابة في المتن والنكارة، فإذا كان السند بالضعف الذي ذكرنا والمتن فيه هذا الضعف أيضاً، ومما يزيده ضعفاً أن الحديث الذي ساقه المصنف وفسره به ليس فيه هذه اللفظة وإنما فيه ذكر اللغو فقط، وهذا يشهد لجانب من الحديث: أنه إذا قال له: أنصت، فقد لغا، لكن قضية أنه كمثل الحمار يحمل أسفاراً هذه ليس لها ما يشهد، بل وجود الحديث في الصحيحين بدونها يدل على نكارتها وغرابتها.

معاني ألفاظ الحديث

طبعاً فيما يتعلق بألفاظ الحديث:

يقول: (من تكلم يوم الجمعة والإمام يخطب فهو كمثل الحمار يحمل أسفاراً) الأسفار: جمع سفر، وهو الكتاب العظيم، وقد جاء ذكره في القرآن كما ذكرنا، وأشار إلى تشبيهه بأنه كالحمار يحمل أسفاراً، منطلقه من أن الحمار يحمل هذه الكتب ولا ينتفع بها، فالذي يحضر الخطبة ولا يستمع إليها يكون فيه وجه شبه -على فرض صحة الحديث أو على أنه من كلام ابن عمر رضي الله عنه أو ابن عباس- وجه الشبه أنه يحمل المنفعة ولا يستفيد منها:

كالعيس في البيداء يقتلها الظما والماء فوق ظهورها محمول

(والذي يقول له: أنصت)، يعني: يستنصته ويطلب منه السكوت (ليست له جمعة) .

ومعنى قوله: (ليست له جمعة) أنه يفوته أجر صلاة الجمعة، وليس المقصود: أن صلاته باطلة بالاتفاق، فإنه لا يطلب منه أن يعيد الصلاة ولا أن يصليها ظهراً، وإنما المقصود: أن أجر الجمعة الزائد الوارد في الأحاديث مثل قول النبي صلى الله عليه وسلم: ( غفر له إلى الجمعة الأخرى وزيادة ثلاثة أيام ) فهذا لا يدركه الأجر؛ لأنه لغا وتكلم والإمام يخطب.

وأما مسألة الحديث وحكم الإنصات فسوف نأتي إليها في الحديث الذي بعده.

حديث ابن عباس رضي الله عنه كالمعتاد فيه عدد من الأبحاث:

البحث الأول: ما يتعلق بتخريج الحديث والحكم على إسناده.

فهذا الحديث الذي هو حديث ابن عباس رضي الله عنه رواه الإمام أحمد كما ذكر المصنف في المسند مسند عبد الله بن عباس، ورواه الطبراني أيضاً في معجمه الكبير، وابن أبي شيبة في المصنف وغيرهم، والهيثمي في كتابه مجمع الزوائد نسبه إلى البزار ومن ذكرنا الإمام أحمد والطبراني وذكر أن فيه مجالد بن سعيد، وهكذا هو في سند من ذكرنا، فإن في إسناده مجالد بن سعيد، ومجالد بن سعيد هذا ضعيف عند أكثر العلماء، وإن كان وثقه النسائي في رواية، لكن أكثر علماء الجرح والتعديل على تضعيفه وهو مشهور، إذاً: سند هذا الحديث ضعيف.

وقول المصنف رحمه الله: (بإسناد لا بأس به) فيه شيء من النظر، إلا أنه ربما كان المصنف -وهو ابن حجر - يقصد تعزيز وتقوية الحديث بشاهده، فإن للحديث شاهداً ذكره ابن حجر في الفتح في جامع حماد بن سلمة عن ابن عمر موقوفاً، الحافظ ابن حجر رحمه الله في الفتح يقول: له شاهد قوي -يعني حديث الباب- في جامع حماد بن سلمة عن ابن عمر موقوفاً، فكأن المصنف يقويه بشاهده، لكنه هنا قال: بسند لا بأس به.

والواقع أنه ضعيف.

وشاهده أيضاً لا يشهد للمرفوع، وإنما يشهد لوقفه وأنه لا يرفع إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وزد على ذلك أن في متن الحديث شيئاً من الغرابة.

والمصنف رحمه الله هنا قال: وهو يفسر حديث أبي هريرة في الصحيحين.

فأنت حينما تتأمل في اللفظ النبوي وتتأمل في السياق الضعيف الذي ذكره المصنف عن ابن عباس تحس أن بينهما فرقاً، فهو هنا يقول: الذي يتكلم يوم الجمعة والإمام يخطب فهو كمثل الحمار يحمل أسفاراً، وهذا الوصف لم يأت في القرآن إلا في شأن اليهود : مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْرَاةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَارًا [الجمعة:5]، فأن يأتي في مساق إنسان من المؤمنين وقع في خطأ، فهذا فيه شيء من الغرابة في المتن والنكارة، فإذا كان السند بالضعف الذي ذكرنا والمتن فيه هذا الضعف أيضاً، ومما يزيده ضعفاً أن الحديث الذي ساقه المصنف وفسره به ليس فيه هذه اللفظة وإنما فيه ذكر اللغو فقط، وهذا يشهد لجانب من الحديث: أنه إذا قال له: أنصت، فقد لغا، لكن قضية أنه كمثل الحمار يحمل أسفاراً هذه ليس لها ما يشهد، بل وجود الحديث في الصحيحين بدونها يدل على نكارتها وغرابتها.

طبعاً فيما يتعلق بألفاظ الحديث:

يقول: (من تكلم يوم الجمعة والإمام يخطب فهو كمثل الحمار يحمل أسفاراً) الأسفار: جمع سفر، وهو الكتاب العظيم، وقد جاء ذكره في القرآن كما ذكرنا، وأشار إلى تشبيهه بأنه كالحمار يحمل أسفاراً، منطلقه من أن الحمار يحمل هذه الكتب ولا ينتفع بها، فالذي يحضر الخطبة ولا يستمع إليها يكون فيه وجه شبه -على فرض صحة الحديث أو على أنه من كلام ابن عمر رضي الله عنه أو ابن عباس- وجه الشبه أنه يحمل المنفعة ولا يستفيد منها:

كالعيس في البيداء يقتلها الظما والماء فوق ظهورها محمول

(والذي يقول له: أنصت)، يعني: يستنصته ويطلب منه السكوت (ليست له جمعة) .

ومعنى قوله: (ليست له جمعة) أنه يفوته أجر صلاة الجمعة، وليس المقصود: أن صلاته باطلة بالاتفاق، فإنه لا يطلب منه أن يعيد الصلاة ولا أن يصليها ظهراً، وإنما المقصود: أن أجر الجمعة الزائد الوارد في الأحاديث مثل قول النبي صلى الله عليه وسلم: ( غفر له إلى الجمعة الأخرى وزيادة ثلاثة أيام ) فهذا لا يدركه الأجر؛ لأنه لغا وتكلم والإمام يخطب.

وأما مسألة الحديث وحكم الإنصات فسوف نأتي إليها في الحديث الذي بعده.


استمع المزيد من الشيخ سلمان العودة - عنوان الحلقة اسٌتمع
شرح بلوغ المرام - كتاب الطهارة - باب الوضوء - حديث 38-40 4784 استماع
شرح بلوغ المرام - كتاب الصلاة - باب صلاة الجماعة والإمامة - حديث 442 4394 استماع
شرح بلوغ المرام - كتاب الطهارة - باب الوضوء - حديث 57-62 4213 استماع
شرح بلوغ المرام - كتاب الصلاة - باب صفة الصلاة - حديث 282-285 4095 استماع
شرح بلوغ المرام - كتاب الحج - باب فضله وبيان من فرض عليه - حديث 727-728 4047 استماع
شرح بلوغ المرام - كتاب الصلاة - باب صلاة التطوع - حديث 405-408 4021 استماع
شرح بلوغ المرام - كتاب الصلاة - باب صفة الصلاة - حديث 313-316 3974 استماع
شرح بلوغ المرام - كتاب الطهارة - باب الوضوء - حديث 36 3917 استماع
شرح بلوغ المرام - كتاب الطهارة - باب المياه - حديث 2-4 3900 استماع
شرح بلوغ المرام - كتاب الحج - باب فضله وبيان من فرض عليه - حديث 734-739 3879 استماع