خطب ومحاضرات
/home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 55
Warning: Attempt to read property "value" on null in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 55
Warning: Trying to access array offset on value of type null in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 55
/audio/122"> الشيخ عبد الرحيم الطحان . /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 58
Warning: Attempt to read property "value" on null in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 58
Warning: Trying to access array offset on value of type null in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 58
/audio/122?sub=8326"> مكر الماكرين وتخطيطات المجرمين
Warning: Undefined array key "Rowslist" in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 70
Warning: Attempt to read property "value" on null in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 70
مكر الماكرين وتخطيطات المجرمين [5]
الحلقة مفرغة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
أيها الأحبة! إن التشريع الإسلامي الذي يتحقق به العدل والإنصاف بين جميع المخلوقات يقوم على ثلاثة أسس:
ضروريات، حاجيات، تحسينيات. أي: درء مفاسد، وتحصيل مصالح، والجري على مكارم الأخلاق. بهذا يحصل العدل بين جميع المخلوقات، وإنصافٌ لجميع الطبقات، فشريعة الله إذاً شملت جميع أمور الحياة.
هل يخرج عن هذا شيء؟ لا. وبذلك نتحقق من قول الله: إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ [الإسراء:9]، مع وضوح هذا الأمر وسطوعه، انظروا إلى ما يقوله دعاة الفصل في هذه الأيام من كلامٍ والله الذي لا إله إلا هو! لو قدر أن الشيطان ظهر بيننا وقلنا له: هل ترضى أن ننسب هذا القول إليك؟ لقال: أستحي من نسبته إلي. قولوه دون نسبةٍ إلي، لكن شياطين الإنس ما بقي عندهم حياء، لا من الله ولا من عباد الله.
هذا مستشار.. وعندنا مستشار، وعندنا حمار، وعندنا روثة حمار، من حمل التوراة ولم يحملها فهو حمار، ومن تلاعب بأحكام القرآن ورفضها وزعم أنها لا تصلح لهذه الحياة فهو أنزل من الحمار؛ لأن التوراة أنزل من القرآن، ونبينا عليه الصلاة والسلام أفضل الأنبياء، وخصه الله بأفضل الكتب، وإذا كان من ترك التوراة فهو حمار، فمن ترك القرآن فهو روثة حمارٍ بلا شك.
الحوار دائماً مع المستشار سعيد العشماوي أحد رموز التيار الإسلامي المستنير أما نحن فإسلامنا متحجر متعجرف! إسلام متشدد متزمت! إسلامٌ رجعي!
يقولون: نريد تياراً إسلامياً مستنيراً، يعني بأشكال رجال بيض، ممتعٌ ومثير، ولكنه هذه المرة أكثر إثارة إنه يكشف عن أسرارٍ هامةٍ جداً وخطيرةٍ للغاية، يقول له من يجري الحوار: كان لكم التيار الإسلامي المستنير موقف من هذه الشعارات، أي: التي تدعو في هذه الأوقات لتحكيم شريعة رب الأرض والسماوات، ونبذ القوانين الوضعية والرجوع إلى شريعة الله المطهرة الرفيعة.
الرد على زعمه بأن الشريعة الإسلامية أغلبها أحوال شخصية فلا تصلح للحكم
ماذا يوجد في الشريعة الإسلامية؟ قال: أغلبها أحوالٌ شخصية. أي: فكيف يطلب منا هؤلاء البله أن نحكمها؟ هذه شريعةٌ قاصرة ينبغي أن نعزلها عن الحياة، وأن نفصل الدين عن السياسة.
يقول: فالشريعة الإسلامية أغلبها أحوالاً شخصية، وهي مطبقةٌ في مصر، وكل الأحكام القانونية توجد في ثمانين آية من ستة آلاف آيةٍ بالقرآن الكريم.
يقول: هذا القرآن ستة آلاف آية ومائتان، والآيات التي تتعلق بالقوانين والحكم هي ثمانون آية فقط.
إذاً: ستة آلاف ومائة وعشرون آية هذه للتسلية والكلام الفارغ وضياع الوقت، ثمانون آية في القرآن هذه في القوانين والباقي كلامٌ فارغ! فكيف إذاً سنطبق هذا القرآن في شئون الحياة؟ هذا قصص كقصص ألف ليلة وليلة، وكنوادر جحا! ثمانين آية فقط في القوانين والباقي كله لا دخل له في شئون الحكم! أيها العبد المخذول الضال المضل أنا أرشدك أن تقرأ كتاب أحاديث الأحكام، أحاديث الأحكام ألفت فقط في كتب مستقلة، وأنا أرشدك إلى أن تنظر فقط إلى الفهارس لا أن تقرأ فأنت ممن طمس الله على بصيرته، أن تنظر إلى فهارس تراجم كتب صحيح البخاري التي بلغت سبعاً وتسعين كتاباً فيها ما يزيد على خمسين كتاباً من صحيح البخاري لا علاقة لها بالعبادات، ولا بالعقائد، ولا بالرقائق، إنما هي في المعاملات في البيوع والشركات، في العقوبات، في الحدود، في الجهاد، في الأسرى، في الفيء، في الجزية.
تزيد كتب البخاري التي تتحدث عن هذا على خمسين كتاباً من سبعٍ وتسعين كتاباً في صحيحه وهو يقول: ثمانون آية فقط هي القوانين والباقي كله لا قيمة له! إذاً: القانون الذي يطالبون به؟
وإذا كان القرآن ليس فيه حكم، ولا السنة فيها حكم، فما الذي فيه الحكم؟
القانون الذي يطالبون به عبارة عن فقهٍ إسلامي، أي: من إنجاز عقول ناسٍ، القانون الذي يطالبون به هو الفقه، والفقه هذا فقه أبي حنيفة والشافعي ومالك وأحمد ، هذا من عقول ناس، وقلت لكم: إخوتي الكرام! من زعم هذا في الفقه فهو كافر، فالفقه أحكام شرعية مأخوذة من أدلتها التفصيلية من كتاب الله وسنة رسوله عليه الصلاة والسلام، والإجماع الذي أخذ من نص وبني على نصٍ شرعي وقياسٌ سويٌ سديد أن نلحق النظير بالنظير.
هذا آراء، هذا أوهام، هذا أضغاث أحلام، ثم أكثر أحكام الفقه آياتٌ صريحة، وأحاديث صحيحة والاجتهادات التي هي من باب القياس وإلحاق فرعٍ بأصل أقل من القليل.
إذاً كيف يقولون: هذا إنجاز عقول ناس؟
وتقدم معنا إخوتي الكرام عند الأمر الثالث من المميزات في التشريع الرباني: أنه يسع لكل ما يقع في هذه الحياة، وقلنا: هذا الفقه معجزة لخير البرية عليه صلوات الله وسلامه، وضربت لكم أمثلةً حية على استنباط أئمتنا أحكاماً شرعية من نصوصٍ قرآنية قد يبدو في ظاهرها أنه لا دلالة فيها على هذا الحكم، لكن الله يؤتي الحكمة من يشاء، كما استنبطت الجارية أنه لا يجوز الاستثناء في اليمين بعد فترةٍ وبعد مضي برهةٍ من قصة العبد الصالح أيوب على نبينا عليه صلوات الله وسلامه عندما قال الله له: وَخُذْ بِيَدِكَ ضِغْثًا فَاضْرِبْ بِهِ وَلا تَحْنَثْ [ص:44]، وهكذا غيره وغيره من أحكام شرعيةٍ.
الرد على زعمه بأن الفقه الإسلامي من إنتاج عقول الأئمة
لو كان الفقه من عقول الناس والقوانين الوضعية من عقول الناس فأي الأمرين أحسن بالاتباع والاقتداء والتقليد؟ أيهما تتبع أجدادك وآباءك وأبناء ملتك ومن هم على ديانتك فتأخذ بآرائهم، أو أن تأخذ بآراء الغربيين من أمريكيين وبريطانيين وفرنسيين وغيرهم ممن غضب عليهم ربنا العظيم؟! أي الأمرين أحسن؟ هذا لو سلمنا لك أن الفقه من إنتاج عقولنا، لكن أنا أحار حقيقةً في هذه الأيام في مثل هؤلاء الذين لا على الله وعلى حسن اختياره عولوا، ولا على شخصيتهم اعتمدوا، ولا لأئمتنا اتبعوا، ولا بهم اقتدوا، إنما قلدوا من لعنهم الله وغضب عليهم.
تفسيره للفرائض والأحكام والحدود تفسيرات متحرفة والرد عليه فيها
والله ما يقول هذا ابن حلال، ما يقول هذا إلا ابن زنا! عندما يرمى الإنسان بالزنا، هذه الجريمة ليست ذات أهمية؟! تقول له: يا زاني! يا ابن الزانية! هذه ليست ذات أهمية؟! الذي يعرف لهذا الأمر أهمية هو ابن الطهر والعفة، أما ابن العهر والسفاح فلا يبالي أن تقول له: إنه ابن زنا.
يقول: وهي جريمةٌ ليست ذات أهمية، وجلد الزاني، وهي جريمة صعبة التطبيق، لا يمكن أن يطبق حد الزنا، وأصبح القائم هو التركيز على عقوبة السرقة.
ونحن نقول: العدالة الاجتماعية والسياسة قبل تطبيق هذه العقوبة. أي: أخروا هذا لنحقق العدالة الاجتماعية والسياسية.
ثم قال: إن الخلافة نظامٌ جاهليٌ غشوم أضر بالإسلام ولم يفده.
ثم تحدث بعد ذلك عن الجهاد، وقال: نحن قلنا: إن الجهاد هو جهاد النفس، هذا هو الجهاد، أما بعد ذلك قتال الكفار، وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ [الأنفال:39].
انتبه بعد ذلك بماذا يختم مقاله! يقول: لكني لا أخاف من هؤلاء في مصر -أي: هذا الشباب، على تعبيره الطائش- إنما أخاف من الشيوخ الذين ينتمون للمنظمات الرسمية. أي: يدرسون في جامعات في كليات ولهم شأن، ويتحدثون في أجهزة الإعلام بطريقةٍ تؤكد وتمهد لجماعات الإسلام السياسي، ونحن نعرف أنهم أيدوا شركات توظيف الأموال، ورفضوا تنظيم الأسرة، وبعضهم يبرز انتشار المخدرات.
وهذا لعله يقصدني بهذا كما ذكرت لكم في الموعظة الماضية ويقصد أمثالي، قلنا: إن القوانين الوضعية فيها منتهى السفاهة، حرمت المخدرات، وأباحت المسكرات، بعد أن حرمتها أيضاً حرمت المسكرات كما في أمريكا ألف وثلاثمائة وخمسين، بعد سنتين أباحتها شرباً وتجارةً وبيعاً وشراءً، ثم بعد ذلك المخدرات لا زالت محظورة، وقلت لكم: لن نموت حتى نرى قراراً عالمياً بأن المخدرات مسموحٌ بيعها، وشراؤها، والمتاجرة بها، وزراعتها كالخمر، ولذلك نحن نقول لهم: يا من طمس الله على بصيرتكم! كيف تبيحون الخمور وتحرمون المخدرات؟! هذه ضرر وهذه ضرر، وهذه تزيل العقل وهذه تزيل العقل.
هل نحن نروج للمخدرات ونبررها؟ يتهمنا الآن بأننا نبرر، يقول: بعضهم يبرر انتشار المخدرات، فأحدهم قال في التلفزيون: إن الخمر محظورة في القرآن؛ لأنها تذهب بالعقل فوراً، في حين لم تذكر المخدرات؛ لأنها لا تذهب به فوراً، مما يعني أنه يبررها بشكلٍ غير مباشر. يعني عندما نقول: إن المخدرات ينبغي أن يكون حكمها كالخمر، يقول: إذاً نعني أنها نبررها وندعو إلى شربها.
وأنا أقول له: عما قريب سيبررها قانونكم اللعين.
يقول: ثمانين آية فقط في القانون، وبعد ذلك الآيات كلها هذه من باب التسلية وضياع الوقت فكيف يطالبنا هؤلاء بتحكيم القرآن؟
وأنا أريد أن أقول لهذا المجنون الذي فقد عقله قبل أن يفقد دينه: إن هذا القانون حكمت به الأمة الإسلامية أربعة عشر قرناً، إلى سنة ألف وثلاثمائة وثلاثٍ وأربعين للهجرة، حكمت به في أحوالها الداخلية والخارجية، مع العدو والصديق، وما كان لها غير هذا القرآن، فكيف وسعها وكانت لها العزة والسيادة؟! وكيف الآن لا يسعنا كتاب ربنا جل وعلا؟!
إن القرآن عدل لجميع المخلوقات، وإنصاف بين جميع المستويات، شاملٌ لجميع أمور الحياة، وهذا ما يراد منا الآن ألا نذكره فيقال: ليس في القرآن إلا بضعة آياتٍ تتحدث عن القوانين، والباقي كله من باب التسلية والعبث، فهذا كتاب تمائم وشعوذة، أما آيات الأحكام فثمانون آية، بقي معنا ستة آلاف ومائةٌ وعشرون آية كلها لا قيمة لها ولا وزن ولا اعتبار ولا دخل لها في شئون الحياة. هذا نموذجٌ من الضلال.
إذاً إخوتي الكريم! لا بد لكون القانون صالحاً لتحكيمه بين الناس: أن يكون فيه عدالةٌ عامة وإنصاف بين جميع المخلوقات، وحكمةٌ في وضع الأمور في مواضعها، وهذا لا يوجد إلا في تشريع ربنا.. في كلام ربنا، وأما ما قاله المستشار العشماوي وغيره فهذا من باب السفاهة والضلال، وهم والله ولا أبعد إذا قلت: ما قرأ واحدٌ منهم ولا اطلع على كتابٍ من كتب أئمتنا في الحديث، ولو اطلعوا على كتابٍ من كتب أئمتنا في حديث نبينا عليه الصلاة والسلام لربما استحوا من هذه التصريحات، لكنهم يكشرون عن أنيابهم ويقولون: كفر ولا نريد الإسلام.
الرد على القول بأن نصوص القرآن لا تصلح للحكم في هذا العصر
انظروا لهذا الاستنباط الذي يفطر الأكباد في كتاب (مبادئ النظم)، وكنت ذكرته لكم إخوتي الكرام! وقد ألفه أربعةٌ من الدكاترة الذين غضب الله عليهم، جاء في صفحة اثنتين وثمانين في طرق التفسير الخارجية، أي: للقانون، وكيف يقضى بها؟! أولاً: حكمة النص: هي البحث وراء الكلمات من غاية السلطة المختصة وما ترمي إليه المصلحة المنشودة.
أي: أن تبين حكمة النص.. مفاده.. أن يتعرف المفسر على العلة. ولذلك يقال على أهل القانون: فقهاء القانون، والقضاة: مفسرون وشراح، كأنهم يشرحون كلام الله ويفسرونه.
قال: أن يتعرف المفسر على العلة. يوجد أيضاً علة في القانون كما هي العلة في الأحكام الشرعية التي اقتضت الحكم، فيفسر في ضوء هذه الحكمة ألفاظاً وردت بالنص.
أي نص؟ لو بال عليه الإنسان لكان بوله أطهر من ذلك النص.
يقول: فيفسر في ضوء هذه الحكمة ألفاظاً وردت بالنص قد تكون مبهمةً. يقول: مثلاً: القانون الجنائي في كثير من الأنظمة- هذا القانون الجنائي الوضعي لا الشرعي- أن القانون الجنائي في كثيرٍ من الأنظمة يجعل الليل في جريمة السرقة ظرفاً مشدداً للعقوبة، فما معنى الليل؟ لا بد الآن من فقهاء القانون يجتهدون؛ لأنهم الآن إن أصابوا فلهم لعنتان، وإن أخطئوا فلعنة.
إخوتي الكرام! دعونا من إدخال شيءٍ من العبث في كلامنا، إن أصابوا فلعنتان، وإن أخطئوا فلعنة، وحقيقةً نقول والله كلاماً والله لو بكينا دماً لكان قليلاً، لكن القلوب ضرب عليها الغفلة، ونسأل الله حسن الخاتمة، وإلا مثل هذا الكلام الذي نقوله فيه بيان سفاهة هؤلاء، هذا يستدعي أن يتبسم الإنسان، يقول: لا بد الآن من تفسير الليل، فليجتهد فقهاء القانون في بيان المراد بالليل حتى تكون العقوبة مشددة مغلظة في السرقة، يعني بدل من أن يسجن شهراً، إذا سرق في الليل سيسجن أربعين يوماً، فما معنى الليل يا فقهاء القانون؟ اجتهدوا وفكروا واستنبطوا والتمسوا العلة، يقول هنا: يجب توخي حكمة النص، والواضح أن السلطة المختصة جعلت الليل ظرفاً مشدداً لسهولة ارتكاب هذه الجريمة في الظلام، فأراد النص تشديد العقوبة ردعاً للمجرمين الذين يباشرون ارتكاب جريمتهم في جنح الظلام، من هنا وجب تفسير الليل لا على أنه الذي يبدأ معه غروب الشمس وينتهي عند شروقها بمعناه الفلك، أي: عند علماء الفلك الليل من غروب الشمس إلى شروقها، ليس هذا معناه عند فقهاء القانون، لا بد من الاجتهاد، إنما معناه الليل الذي يسهل فيه السرقة، أي: عند انتشار الظلام وتخيم الظلام، وبذلك لو سرقت بعد المغرب بنصف ساعة لا يعتبر هذا ليلاً، تبقى العقوبة شهراً ولا تمد إلى أربعين يوماً، بل بمعنى الظلام، فقد لا يكون هناك ليلٌ بعد غروب الشمس إذا لم يكن الظلام قد أسدل سدوله، لا سيما في فصل الصيف، وهذا هو الذي يستخلص حقيقةً من حكمة النص.
لا إله إلا الله! فقهاء ومفسرون، وعلة؟!
أخبرني مرةً بعض إخواننا الصالحين في بعض البلاد العربية عن بعض الألوية في الشرطة برتبة لواء، يقول له: يا أخي قتلت نفساً، وما أعلم هل لي توبة أم لا؟ ثم حكى لي قصته، قلت: لم قتلت النفس؟ وماذا فعل؟ يقول: أنا أحكي لك القصة فاستمع، يقول: يوجد سارق، وأنا لواءٌ في الشرطة مسئولٌ في ذلك المكان، جيء إلي بهذا السارق أكثر من مائة مرة، ولا يوجد في النظام ما يردع السارق، يسجن شهراً ثم يخرج.
يقول: هو في السجن يسرق، يقترف جرائم في السجن وليس خارج السجن، آذانا داخل السجن وخارج السجن، وبمجرد ما يخرج يسرق ويقطع الطريق ويعتدي ويعمل بلايا، يقول: بعد أن تكررت الحوادث قلت: أدخلوه علي فلما جاء حملته من النافذة وطرحته. أي: ألقيته على الأرض فمات، وعملت محضراً بأن هذا السارق قفز من النافذة ليهرب فمات. يعني سلمت من عقوبة القانون، لكن أريد أن أسأل: هل لي توبة وهل أنا مخطئٌ في قتله أم لا؟
حقيقةً هذه هي القوانين الوضيعة، عندما يسرق ولا تقطع يده، يسجن شهراً فيسرق في السجن، ثم بعد ذلك إذا خرج تزداد سرقته، يا عبد الله لا تسجنه يوماً واحداً، إذا ثبتت السرقة بإقرارٍ أو شاهدين اقطعها وعلقها في رقبته وقل له: غفر الله لك ذنبك، امش إلى بيتك، بعد هذه القطع لا نريد أن نحقق معك، ولا ندخلك السجن لحظةً واحدة، تقطع يده وقل له: امض إلى بيتك على رجليك، ويدك في رقبتك، احملها إلى بيتك وادفنها في أي مكانٍ تريد، والله الذي لا إله إلا هو! لو نثرت الذهب الأحمر والأصفر أمامه لغض طرفه عنه بعد ذلك، ولو سرق فعندنا ما يطهره: نقطع رجله بعد ذلك من خلاف، يدٌ يمنى ورجلٌ يسرى، حتى إذا أراد أن يمشي يقفز، وإذا أراد أن يسرق لا تساعده بعد ذلك يده التي سرقت، فعندنا ما يطهره، لكن عندما يسجن شهراً ماذا جرى؟ يزداد جريمةً، وهذا هو الواقع.
يقول هذا اللواء: هذا النظام الوضعي وضيع، لا يمكن أن يطهر المجرمين، فأنا ماذا أعمل؟ حملته وطرحته وقتلته، فهل لي توبة؟ قلت: يا عبد الله لا يجوز أن ترميه، لكن رحمة الله واسعة، عسى الله أن يتوب علينا وعليه، لا بد من أن تتوب بشروط التوبة، لكن لا يجوز أن تقتله، لكن انتبه هنا هو مسئولٌ برتبة لواء في الشرطة، يقول: لا أجد علاجاً لجريمة السرقة، السجن لا ينفع، ويزيد السارق عتواً وضلالاً، وهذا يأتي ويتفلسف يقول: لا بد من بيان حكمة النص، فالقوانين الجنائية تجعل السرقة في الليل ظرفاً مشدداً لتغليظ عقوبة السارق، فبدلاً من أن يسجن شهراً يسجن أربعين يوماً، لكن ما هو الليل الذي يتحقق فيه وصف الليل لتغليظ العقوبة؟ يقول: الآن لا بد من الاجتهاد والتفسير وإعمال الرأي وعرق الجبين، نقول: الذي يظهر أن واضع القانون أراد من الليل ليس الليل الفلكي من غروب الشمس إلى شروقها، إنما الليل الذي يصبح فيه خفاء -أي: شدة ظلام- فإذا سرق في شدة الظلام يترك، وأما بعد المغرب لا سيما في فصل الصيف لا يزال يبقى الليل في أوله مضيئاً، فلو سرق العقوبة لا تغلظ لا زالت شهراً.
هذا قانون؟! وهذه حكمة؟! وهؤلاء فقهاء؟! وهذه علة؟! وهؤلاء مفسرون؟!
قد أفسدوا في الأرض باسم صلاحها إذ بدلوا أحكامه بنظامٍ
من أيها المجرم الملعون يا صاحب القانون من يخولك أن تغير قول الحي القيوم: وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا [المائدة:38] في ليلٍ أو في نهار مطلقاً؟ ليس عندنا الآن ظرف يختلف عن ظرف، إذا ثبتت السرقة اقطع يده وعلقها في رقبته وقل: غفر الله لك، واجعلها آخر ذنوبك، في أمان الله، إلى أهلك سليماً راشداً، فتكون له عبرة طول حياته في بدنه وفي طرفه.
يقول: لكم موقف مستنير نحو هذه الشعارات، قال: نعم، وقفنا ضدها بشدة، فالشريعة الإسلامية أغلبها أحوالٌ شخصية. ما هي الشريعة الإسلامية؟ قال: هي أحكام إرث وزواج وطلاق.
ماذا يوجد في الشريعة الإسلامية؟ قال: أغلبها أحوالٌ شخصية. أي: فكيف يطلب منا هؤلاء البله أن نحكمها؟ هذه شريعةٌ قاصرة ينبغي أن نعزلها عن الحياة، وأن نفصل الدين عن السياسة.
يقول: فالشريعة الإسلامية أغلبها أحوالاً شخصية، وهي مطبقةٌ في مصر، وكل الأحكام القانونية توجد في ثمانين آية من ستة آلاف آيةٍ بالقرآن الكريم.
يقول: هذا القرآن ستة آلاف آية ومائتان، والآيات التي تتعلق بالقوانين والحكم هي ثمانون آية فقط.
إذاً: ستة آلاف ومائة وعشرون آية هذه للتسلية والكلام الفارغ وضياع الوقت، ثمانون آية في القرآن هذه في القوانين والباقي كلامٌ فارغ! فكيف إذاً سنطبق هذا القرآن في شئون الحياة؟ هذا قصص كقصص ألف ليلة وليلة، وكنوادر جحا! ثمانين آية فقط في القوانين والباقي كله لا دخل له في شئون الحكم! أيها العبد المخذول الضال المضل أنا أرشدك أن تقرأ كتاب أحاديث الأحكام، أحاديث الأحكام ألفت فقط في كتب مستقلة، وأنا أرشدك إلى أن تنظر فقط إلى الفهارس لا أن تقرأ فأنت ممن طمس الله على بصيرته، أن تنظر إلى فهارس تراجم كتب صحيح البخاري التي بلغت سبعاً وتسعين كتاباً فيها ما يزيد على خمسين كتاباً من صحيح البخاري لا علاقة لها بالعبادات، ولا بالعقائد، ولا بالرقائق، إنما هي في المعاملات في البيوع والشركات، في العقوبات، في الحدود، في الجهاد، في الأسرى، في الفيء، في الجزية.
تزيد كتب البخاري التي تتحدث عن هذا على خمسين كتاباً من سبعٍ وتسعين كتاباً في صحيحه وهو يقول: ثمانون آية فقط هي القوانين والباقي كله لا قيمة له! إذاً: القانون الذي يطالبون به؟
وإذا كان القرآن ليس فيه حكم، ولا السنة فيها حكم، فما الذي فيه الحكم؟
القانون الذي يطالبون به عبارة عن فقهٍ إسلامي، أي: من إنجاز عقول ناسٍ، القانون الذي يطالبون به هو الفقه، والفقه هذا فقه أبي حنيفة والشافعي ومالك وأحمد ، هذا من عقول ناس، وقلت لكم: إخوتي الكرام! من زعم هذا في الفقه فهو كافر، فالفقه أحكام شرعية مأخوذة من أدلتها التفصيلية من كتاب الله وسنة رسوله عليه الصلاة والسلام، والإجماع الذي أخذ من نص وبني على نصٍ شرعي وقياسٌ سويٌ سديد أن نلحق النظير بالنظير.
هذا آراء، هذا أوهام، هذا أضغاث أحلام، ثم أكثر أحكام الفقه آياتٌ صريحة، وأحاديث صحيحة والاجتهادات التي هي من باب القياس وإلحاق فرعٍ بأصل أقل من القليل.
إذاً كيف يقولون: هذا إنجاز عقول ناس؟
وتقدم معنا إخوتي الكرام عند الأمر الثالث من المميزات في التشريع الرباني: أنه يسع لكل ما يقع في هذه الحياة، وقلنا: هذا الفقه معجزة لخير البرية عليه صلوات الله وسلامه، وضربت لكم أمثلةً حية على استنباط أئمتنا أحكاماً شرعية من نصوصٍ قرآنية قد يبدو في ظاهرها أنه لا دلالة فيها على هذا الحكم، لكن الله يؤتي الحكمة من يشاء، كما استنبطت الجارية أنه لا يجوز الاستثناء في اليمين بعد فترةٍ وبعد مضي برهةٍ من قصة العبد الصالح أيوب على نبينا عليه صلوات الله وسلامه عندما قال الله له: وَخُذْ بِيَدِكَ ضِغْثًا فَاضْرِبْ بِهِ وَلا تَحْنَثْ [ص:44]، وهكذا غيره وغيره من أحكام شرعيةٍ.
ثم أريد أن أقول لهذا المخذول: الفقه الإسلامي من إنتاج عقولنا، من إنتاج أبي حنيفة والشافعي وأحمد ومالك ، والقوانين الوضعية تقليدٌ للبلاد الغربية، من إنتاج عقول من يأكلون الخنزير ويشربون الخمور، وهم أحط من الخنزير عند العزيز الغفور.
لو كان الفقه من عقول الناس والقوانين الوضعية من عقول الناس فأي الأمرين أحسن بالاتباع والاقتداء والتقليد؟ أيهما تتبع أجدادك وآباءك وأبناء ملتك ومن هم على ديانتك فتأخذ بآرائهم، أو أن تأخذ بآراء الغربيين من أمريكيين وبريطانيين وفرنسيين وغيرهم ممن غضب عليهم ربنا العظيم؟! أي الأمرين أحسن؟ هذا لو سلمنا لك أن الفقه من إنتاج عقولنا، لكن أنا أحار حقيقةً في هذه الأيام في مثل هؤلاء الذين لا على الله وعلى حسن اختياره عولوا، ولا على شخصيتهم اعتمدوا، ولا لأئمتنا اتبعوا، ولا بهم اقتدوا، إنما قلدوا من لعنهم الله وغضب عليهم.