شرح كتاب التوحيد [3]


الحلقة مفرغة

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله, رب العالمين, والصلاة والسلام على نبينا محمد.

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [وعن معاذ بن جبل رضي الله عنه قال: ( كنت رديف النبي صلى الله عليه وسلم على حمار، فقال لي: يا معاذ ! أتدري ما حق الله على العباد, وما حق العباد على الله؟ قلت: الله ورسوله أعلم. قال: حق الله على العباد أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئاً, وحق العباد على الله أن لا يعذب من لا يشرك به شيئاً. قلت: يا رسول الله! أفلا أبشر الناس؟ قال: لا تبشرهم فيتكلوا ). أخرجاه في الصحيحين ].

تقدمنا بعض الآيات التي أوردها المؤلف رحمه الله تعالى في بيان معنى التوحيد وحكمه وأنه واجب.

قال: (وعن معاذ بن جبل رضي الله عنه قال: ( كنت رديف النبي صلي الله عليه وسلم ). الرديف: هو الذي تحمله خلفك على الدابة.

قال: ( أتدري )؟ يعني: هل تعرف؟

( كنت رديف النبي على الحمار, فقال: يا معاذ ! أتدري ما حق الله على العباد )؟ حق الله يعني: ما يستحقه ويجعله متحتماً على العباد.

( قلت: الله ورسوله أعلم. قال: حق الله على العباد أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئاً ). تقدم لنا تعريف العبادة وتعريف الشرك.

قال: ( وحق العباد على الله أن لا يعذب من لا يشرك به شيئاً ). حق العباد على الله يعني: ما كتبه الله عز وجل حقاً على نفسه للعباد تفضلاً وإحساناً, وإلا فإن العباد لا يستحقون على الله عز وجل شيئاً إلا من باب تفضله وإحسانه عليهم.

قال: ( قلت: يا رسول الله! أفلا أبشر الناس )؟ البشارة: هي الإخبار بما يسر.

( قال: لا تبشرهم فيتكلوا ). يتكلوا يعني: يعتمدوا على هذه البشارة فيتركوا التنافس في الأعمال الصالحة.

وهذا الحديث فيه بيان وجوب التوحيد, وفيه أيضاً بيان معنى التوحيد.

فبيان وجوب التوحيد قوله: ( حق الله على العباد ) والحق يدل على الوجوب.

وكذلك فيه معنى التوحيد, فإنه قال: ( يعبدوه ولا يشركوا به شيئاً ) وهذا -قوله: ( يعبدوه ولا يشركوا به شيئاً )- هو معنى التوحيد: إفراد الله عز وجل بالعبادة.

قال رحمه الله تعالى: [باب].

الباب في اللغة: هو المدخل إلى الشيء.

وأما في الاصطلاح: فهو اسم لجملة من العلم يشتمل على فصول ومباحث غالباً.

قال: [فضل التوحيد].

فضل التوحيد يعني: الثواب العظيم المرتب على التوحيد.

قال: (وما يكفر من الذنوب). التكفير في اللغة: الستر والتغطية.

وأما في الاصطلاح: فهو محو الذنب حتى يكون بمنزلة العدم.

وقوله: [من الذنوب].

هذه بيانية وليست تبعيضية, فالذنوب جميعها تكفر بالتوحيد.

تفسير قوله تعالى: (الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم ...) ومناسبتها للترجمة

قال رحمه الله: [وقول الله تعالى: الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا [الأنعام:82]].

الَّذِينَ آمَنُوا [الأنعام:82]: اعتقدوا بقلوبهم، وصدقوا بألسنتهم، وعملوا بجوارحهم, إذ إن الإيمان عند أهل السنة: اعتقاد بالجنان، وقول باللسان، وعمل بالأركان.

وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ [الأنعام:82]. يعني: ولم يخلطوا إيمانهم.

بِظُلْمٍ [الأنعام:82]. المراد بالظلم هنا الشرك كما فسره النبي صلى الله عليه وسلم.

أُوْلَئِكَ لَهُمُ الأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ [الأنعام:82]. الأمن: هو طمأنينة القلب وزوال الخوف.

وَهُمْ مُهْتَدُونَ [الأنعام:82], يعني: موفقون للسير على صراط الله المستقيم.

هذه الآية تدل على فضل التوحيد, وأن الموحد له الأمن والهداية، له الأمن في الدنيا وفي الآخرة، وله أيضاً الهداية في الدنيا وفي الآخرة.

أما الأمن في الدنيا فهو ما يكون من طمأنينة القلب وزوال الخوف؛ ولهذا من أعظم أركان الإيمان الإيمان بالقضاء والقدر، والذي يؤمن بقضاء الله وقدره مهما تصيبه من المصائب فإنه يأمن ويهدأ قلبه, والله عز وجل يقول: وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ [التغابن:11]. وفي قراءة: (ومن يؤمن بالله يهدأ قلبه).

ولا شك أن الإنسان إذا كان موحداً مهما أصابته من المصائب فإنه آمن؛ لأنه يؤمن بقضاء الله وقدره, أن هذه المصائب يحصل فيها الشيء العظيم من تكفير الذنوب ورفع الدرجات, فهي وإن كانت مصيبة في ظاهرها إلا أنها منحة من الله عز وجل؛ فتحصل له السعادة.

ولهذا ذكر العلماء رحمة الله عليهم من أسباب السعادة التوحيد, ومن أسباب السعادة الإيمان بقضاء الله وقدره, وهو داخل في التوحيد.

وأما الأمن في الآخرة فهذا ظاهر, يحصل له الأمن من عذاب الله عز وجل, ويحصل له الأمن من كربات يوم القيامة حتى يصل إلى منزله في الجنة.

وَهُمْ مُهْتَدُونَ [الأنعام:82] أيضاً تحصل له الهداية في الدنيا وفي الآخرة, في الدنيا يكون على نور وعلى بينة, يعرف حق الله وحق رسوله صلى الله عليه وسلم, ويسير على الصراط المستقيم؛ امتثالاً للأمر واجتناباً للنهي , وأما الهداية في الآخرة فإنه يهتدي إلى الصراط المستقيم حتى يهتدي إلى منزله في الجنة.

وكذلك من فضائل التوحيد في هذه الآية: أنه يسلم من الشرك؛ لأن الشرك ظلم, فيسلم من ظلم نفسه.

شرح حديث عبادة بن الصامت في بيان فضل التوحيد

قال رحمه الله تعالى: [وعن عبادة بن الصامت رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( من شهد أن لا إله إلاّ الله وحده لا شريك له ..)].

الشهادة هي: الإقرار والاعتراف المنافي للشك.

فأنت تشهد أن لا إله إلاّ الله. يعني: كأنك تقول: أعتقد أنه لا معبود بحق إلا الله, كأنني أشاهد هذا بعيني؛ ولهذا جاء التعبير بقوله: (أشهد) دون أن يقول: (أقر وأعترف, يعني: أعتقد أنه لا معبود بحق إلا الله عز وجل, كأنني أشهد هذا بعيني، وهذا هو تمام الاعتقاد وتمام اليقين.

قال رحمه الله: [وقول الله تعالى: الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا [الأنعام:82]].

الَّذِينَ آمَنُوا [الأنعام:82]: اعتقدوا بقلوبهم، وصدقوا بألسنتهم، وعملوا بجوارحهم, إذ إن الإيمان عند أهل السنة: اعتقاد بالجنان، وقول باللسان، وعمل بالأركان.

وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ [الأنعام:82]. يعني: ولم يخلطوا إيمانهم.

بِظُلْمٍ [الأنعام:82]. المراد بالظلم هنا الشرك كما فسره النبي صلى الله عليه وسلم.

أُوْلَئِكَ لَهُمُ الأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ [الأنعام:82]. الأمن: هو طمأنينة القلب وزوال الخوف.

وَهُمْ مُهْتَدُونَ [الأنعام:82], يعني: موفقون للسير على صراط الله المستقيم.

هذه الآية تدل على فضل التوحيد, وأن الموحد له الأمن والهداية، له الأمن في الدنيا وفي الآخرة، وله أيضاً الهداية في الدنيا وفي الآخرة.

أما الأمن في الدنيا فهو ما يكون من طمأنينة القلب وزوال الخوف؛ ولهذا من أعظم أركان الإيمان الإيمان بالقضاء والقدر، والذي يؤمن بقضاء الله وقدره مهما تصيبه من المصائب فإنه يأمن ويهدأ قلبه, والله عز وجل يقول: وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ [التغابن:11]. وفي قراءة: (ومن يؤمن بالله يهدأ قلبه).

ولا شك أن الإنسان إذا كان موحداً مهما أصابته من المصائب فإنه آمن؛ لأنه يؤمن بقضاء الله وقدره, أن هذه المصائب يحصل فيها الشيء العظيم من تكفير الذنوب ورفع الدرجات, فهي وإن كانت مصيبة في ظاهرها إلا أنها منحة من الله عز وجل؛ فتحصل له السعادة.

ولهذا ذكر العلماء رحمة الله عليهم من أسباب السعادة التوحيد, ومن أسباب السعادة الإيمان بقضاء الله وقدره, وهو داخل في التوحيد.

وأما الأمن في الآخرة فهذا ظاهر, يحصل له الأمن من عذاب الله عز وجل, ويحصل له الأمن من كربات يوم القيامة حتى يصل إلى منزله في الجنة.

وَهُمْ مُهْتَدُونَ [الأنعام:82] أيضاً تحصل له الهداية في الدنيا وفي الآخرة, في الدنيا يكون على نور وعلى بينة, يعرف حق الله وحق رسوله صلى الله عليه وسلم, ويسير على الصراط المستقيم؛ امتثالاً للأمر واجتناباً للنهي , وأما الهداية في الآخرة فإنه يهتدي إلى الصراط المستقيم حتى يهتدي إلى منزله في الجنة.

وكذلك من فضائل التوحيد في هذه الآية: أنه يسلم من الشرك؛ لأن الشرك ظلم, فيسلم من ظلم نفسه.




استمع المزيد من الشيخ الدكتور خالد بن علي المشيقح - عنوان الحلقة اسٌتمع
شرح كتاب التوحيد [18] 2629 استماع
شرح كتاب التوحيد [22] 2369 استماع
شرح كتاب التوحيد [10] 2284 استماع
شرح كتاب التوحيد [36] 2238 استماع
شرح كتاب التوحيد [8] 2174 استماع
شرح كتاب التوحيد [19] 2165 استماع
شرح كتاب التوحيد [6] 2042 استماع
شرح كتاب التوحيد [29] 2018 استماع
شرح كتاب التوحيد [7] 1866 استماع
شرح كتاب التوحيد [27] 1819 استماع