خطب ومحاضرات
/home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 55
Warning: Attempt to read property "value" on null in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 55
Warning: Trying to access array offset on value of type null in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 55
/audio/317"> الشيخ عبد المحسن العباد . /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 58
Warning: Attempt to read property "value" on null in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 58
Warning: Trying to access array offset on value of type null in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 58
/audio/317?sub=65404"> شرح سنن أبي داود
Warning: Undefined array key "Rowslist" in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 70
Warning: Attempt to read property "value" on null in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 70
شرح سنن أبي داود [468]
الحلقة مفرغة
شرح حديث (...إنما هلك بنو إسرائيل حين اتخذ هذه نساؤهم)
قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب صلة الشعر.
حدثنا عبد الله بن مسلمة عن مالك عن ابن شهاب عن حميد بن عبد الرحمن أنه سمع معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنهما عام حج وهو على المنبر، وتناول قصة من شعر كانت في يد حرسي يقول: (يا أهل المدينة! أين علماؤكم؟ سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم ينهى عن مثل هذه ويقول: إنما هلكت بنو إسرائيل حين اتخذ هذه نساؤهم) ].
أورد أبو داود هذه الترجمة بعنوان: باب ما جاء في صلة الشعر. يعني: وصل الشعر بشيء زائد من أجل التطويل.
وقد أورد أبو داود رحمه الله عدة أحاديث أولها حديث معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه أنه قدم من الشام قدمة لحج أو عمرة، فمر بالمدينة وخطب الناس، وأخذ قصة من شعر كانت بيد حرسي، يعني: واحداً من الحرس، وكأنه أتى بها أو رآها وأراد أن ينبه الناس عليها بالمشاهدة والمعاينة، فكانت مع هذا الحرسي فأخذها حتى يقول للناس: إن هذا اللون أو هذا الشيء الذي حصل واتخذته النساء لا يجوز، فقال: (يا أهل المدينة! أين علماءكم؟) وقوله: (أين علماؤكم) لعل المقصود من ذلك: أين علماؤكم الذين لم ينبهوكم على هذا ولم يبينوا لكم حكم هذا، وأن هذا غير سائغ؟ لأن العلماء هم الذين يبينون الأحكام الشرعية، وهم الذين يبينون ما يسوغ وما لا يسوغ، وإذا رأوا أمراً مخالفاً للسنة نبهوا عليه وبينوه؛ لأنهم هم الذين يتكلمون بعلم ويقولون بعلم، فهذا شأن العلماء.
فالمقصود من قوله: (أين علماؤكم؟) أن هذا خلل وأن هذا نقص وأن هذا تقصير، وأن هذا شيء غير سائغ، ومهمة العلماء أنهم ينبهون على هذا، وهذا يدل على ما كان عليه أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم من بيان السنن والتحذير من المعاصي والمخالفات لما جاء عن الرسول صلى الله عليه وسلم، وبيان ذلك على المنابر حتى تعم الفائدة وحتى يعم النفع، فإن أمير المؤمنين معاوية رضي الله عنه وأرضاه حدث بذلك وهو على المنبر لتعم المنفعة، ولينتشر العلم، ويكثر الآخذون عنه العلم.
وقوله: (سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم ينهى عن مثل هذه ويقول: إنما هلكت بنو إسرائيل حين اتخذ هذه نساؤهم).
هذا فيه بيان أن هذا من أفعال الأمم السابقة، وأن هذا من الأمور المحرمة، وأن هذا من أسباب هلاكهم، وفي هذا بيان أن المعاصي ضررها كبير، وخطرها عظيم، وذلك أن من أسباب هلاك الأمم السابقة اتخاذ نسائهم مثل هذه الأعمال والاتصاف بمثل هذه الأوصاف.
تراجم رجال إسناد حديث (...إنما هلك بنو إسرائيل حين اتخذ هذه نساؤهم)
قوله: [ حدثنا عبد الله بن مسلمة ].
عبد الله بن مسلمة القعنبي ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا ابن ماجة .
[ عن مالك ].
مالك بن أنس إمام دار الهجرة المحدث الفقيه أحد أصحاب المذاهب الأربعة المشهورة من مذاهب أهل السنة وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[ عن ابن شهاب ].
ابن شهاب هو محمد بن مسلم بن عبيد الله بن شهاب الزهري ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن حميد بن عبد الرحمن].
حميد بن عبد الرحمن ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ أنه سمع معاوية بن أبي سفيان ].
معاوية بن أبي سفيان أمير المؤمنين رضي الله تعالى عنه وأرضاه أخرج له أصحاب الكتب الستة.
شرح حديث (لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم الواصلة والمستوصلة والواشمة والمستوشمة)
قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا أحمد بن حنبل ومسدد قالا: حدثنا يحيى عن عبيد الله قال: حدثني نافع عن عبد الله رضي الله عنه قال: (لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم الواصلة والمستوصلة والواشمة والمستوشمة) ].
أورد أبو داود حديث عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنهما قال: (لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم الواصلة والمستوصلة، والواشمة والمستوشمة). الواصلة هي: التي تصل شعرها بنفسها، أو تصل شعر غيرها، والمستوصلة هي: التي تطلب من غيرها أن يفعل ذلك بها، أي: تطلب من أحد أن يصل شعرها لها.
فقوله: (لعن رسول صلى الله عليه وسلم الواصلة).
الواصلة: يدخل تحتها من تصل شعرها بنفسها، ومن تصل شعر غيرها، والمستوصلة: هي التي تطلب من غيرها أن يفعل بها ذلك.
وهذا يدل على أن هذا الفعل من الكبائر؛ لأنه مشتمل على لعن، ومما يدل على أن الذنب من الكبائر أن يترتب عليه حد في الدنيا، أو يتوعد عليه بلعن أو غضب أو نار أو إحباط عمل، أو ما إلى ذلك من الأوصاف التي تدل على كبر الذنب وعلى عظم الذنب.
وقوله: (والواشمة والمستوشمة).
الواشمة هي: التي تفعل الوشم في جسدها أو في جسد غيرها، وذلك بأن تطعن في جسدها بإبرة وإذا خرج الدم تحشو مكانه كحلاً أو غيره فيصير لون ذلك الموضع لون ذلك الشيء الذي حشي به والذي وضع عليه، فيكون سمة وعلامة بارزة تستمر وتدوم مع المرأة، وهذا منهي عنه.
والمستوشمة هي: التي تطلب من غيرها أن يفعل بها ذلك.
تراجم رجال إسناد حديث (لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم الواصلة والمستوصلة والواشمة والمستوشمة)
قوله: [ حدثنا أحمد بن حنبل ].
أحمد بن محمد بن حنبل الشيباني المحدث الفقيه أحد أصحاب المذاهب الأربعة المشهورة من مذاهب أهل السنة وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[ ومسدد ].
مسدد بن مسرهد مر ذكره.
[ قالا: حدثنا يحيى ].
يحيى بن سعيد القطان مر ذكره.
[ عن عبيد الله ].
عبيد الله بن عمر بن حفص العمري المصغر ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ قال: حدثني نافع ].
نافع مولى ابن عمر ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن عبد الله ].
عبد الله بن عمر رضي الله تعالى عنهما الصحابي الجليل أحد العبادلة الأربعة من الصحابة وأحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.
شرح حديث ابن مسعود (لعن الله الواشمات والمستوشمات...)
قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا محمد بن عيسى وعثمان بن أبي شيبة المعنى قالا: حدثنا جرير عن منصور عن إبراهيم عن علقمة عن عبد الله رضي الله عنه أنه قال: (لعن الله الواشمات والمستوشمات، قال
أورد أبو داود حديث عبد الله بن مسعود رضي الله تعالى عنه أنه قال: (لعن الله الواشمات والمستوشمات -قال:
هذا أيضاً فيه دلالة على ما ترجم له المصنف من ذكر الوصل، وأن ذلك ورد فيه اللعن، وقد مر ذلك من حديث ابن عمر ، وهنا جاء من حديث ابن مسعود رضي الله تعالى عنه.
وقوله: (الواشمات والمستوشمات) مر ذكره في الحديث السابق.
وقوله: (والواصلات) أيضاً مر ذكره في الحديث السابق.
وقوله: (والمتنمصات).
المتنمصات هن اللاتي ينتفن شعور حواجبهن من أجل التجمل وتحسين الحاجب.
وقوله: (والمتفلجات للحسن).
هن اللاتي يحصل منهن التفليج بين أسنانهن بحيث تكون هناك فرجة يسيرة من أجل التجمل، والفلج هو ما يكون من فرجة يسيرة بين سنين من أجل التجمل، وكل ذلك جاء النهي عنه.
وقوله: (للحسن).
أي: للتجمل، أما إذا كان للعلاج أو لإصلاح خلل في الأسنان وعلاجه لا يكون إلا بذلك فإن هذا لا بأس به، وإنما المحذور أن يكون للحسن، أي: للتجمل.
وقوله: (المغيرات لخلق الله).
يعني: بهذه الهيئات أو بهذه الهيئة التي جاءت بأن تكون أسنان المرأة على هيئة معينة، ثم تعمل هذا العمل فيها من أجل أن تظهر الجمال في هيئتها، وذلك لم يحصل بخلق الله عز وجل، وإنما حصل بفعلها وبكسبها وبتصرفها.
وقوله: (فبلغ ذلك امرأة من بني أسد يقال لها: أم يعقوب) أي: بلغها الخبر أو الحديث الذي جاء عن ابن مسعود في لعن هؤلاء النسوة.
وقوله: (كانت تقرأ القرآن ثم اتفقا: فأتته فقالت: بلغني عنك أنك لعنت الواشمات والمستوشمات! قال محمد : والواصلات قال عثمان : والمتنمصات ثم اتفقا: والمتفلجات، قال عثمان : للحسن المغيرات خلق الله تعالى، فقال: وما لي لا ألعن من لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو في كتاب الله تعالى؟ قالت: لقد قرأت ما بين لوحي المصحف فما وجدته، قال: والله! لئن كنت قرأته لقد وجدته، ثم قرأ: وَمَا آتَاكُمْ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا [الحشر:7]).
يعني: أن هذه المرأة جاءت إلى عبد الله بن مسعود بعد أن سمعت الحديث وبلغها الحديث عنه رضي الله عنه فقالت: بلغني عنك أنك تلعن كذا وكذا، فقال: (وما لي لا ألعن من لعنه رسول الله وهو في كتاب الله؟) وكانت قارئة للقرآن، فجاءت إليه وقالت: إنني قرأت ما بين لوحي المصحف، يعني: قرأت المصحف من أوله إلى آخره، فما وجدت فيه: (لعن الله النامصة والمتنمصة والواشمة والمستوشمة والواصلة والمستوصلة، والمتفلجات للحسن) فقال لها رضي الله عنه: (إن كنت قرأته فقد وجدته؛ قال الله عز وجل: وَمَا آتَاكُمْ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا [الحشر:7]).
فهذا يدلنا على أن السنة كلها موجودة في القرآن وفي هذه الآية في قول الله عز وجل: وَمَا آتَاكُمْ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ أي: كل شيء جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم يجب الأخذ به، وكل نهي نهى عنه الرسول فيجب تركه والابتعاد عنه، وذلك هو من كتاب الله عز وجل؛ لأن الله تعالى أمر بأخذ ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم، ونهى عن فعل الشيء الذي نهى عنه الرسول صلى الله عليه وسلم.
فإذاً: هو موجود في القرآن، وهو مما أمر الله به في القرآن، فالسنة مأمور بها كما أن أوامر القرآن جاءت في القرآن وقد أمر الناس بها، فكذلك السنة هي مأمور بها؛ لأنها جاءت من الله عز وجل بتبليغ الرسول صلى الله عليه وسلم، وأيضاً كل الذي جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم داخل تحت قوله عز وجل: وَمَا آتَاكُمْ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا [الحشر:7].
إذاً: السنة مأمور بها في القرآن، والمأمورات بها مأمور بالأخذ بها في القرآن، والمنهيات الواردة في السنة منهي عن تعاطيها وفعلها في القرآن، فبين رضي الله عنه أن هذا الذي جاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم كله داخل في قوله عز وجل: وَمَا آتَاكُمْ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا [الحشر:7].
قوله: (قالت له: أني أرى بعض هذا على امرأتك، فقال: ادخلي فانظري، فدخلت ثم خرجت فقال: ما رأيت؟).
فأخبرت بأنها ما رأت ذلك الشيء الذي قالته، ولعل ذلك أنها كانت رأته من قبل أو أنها توهمت أنها رأته، ولكنها عندما أدخلها عليها لترى لم تجد ذلك الشيء الذي ادعته.
فقال: رضي الله عنه: (لو كان ذاك ما كانت معنا)، يعني ما بقيت معنا، وما أبقيناها وهي مخالفة للسنة، يعني: أننا لا نبقيها على هذا الوضع، بل إما أن تتبع السنة، وإن أبت فإنه يحصل التخلص منها.
تراجم رجال إسناد حديث ابن مسعود (لعن الله الواشمات والمستوشمات...)
قوله: [ حدثنا محمد بن عيسى ].
محمد بن عيسى الطباع ثقة أخرج له البخاري تعليقاً وأبو داود والترمذي في الشمائل والنسائي وابن ماجة .
[ وعثمان بن أبي شيبة ].
عثمان بن أبي شيبة ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا الترمذي وإلا النسائي فأخرج له في عمل اليوم والليلة.
[ قالا: حدثنا جرير ].
جرير بن عبد الحميد الضبي الكوفي ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن منصور ].
منصور بن المعتمر الكوفي ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن إبراهيم ].
إبراهيم بن يزيد بن قيس النخعي ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن علقمة ].
علقمة بن قيس ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن عبد الله].
عبد الله بن مسعود الهذلي رضي الله تعالى عنه صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم وأحد فقهاء الصحابة، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
شرح حديث (لعنت الواصلة والمستوصلة...)
قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا ابن السرح حدثنا ابن وهب عن أسامة عن أبان بن صالح عن مجاهد بن جبر عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: (لُعنت الواصلة والمستوصلة، والنامصة والمتنمصة، والواشمة والمستوشمة من غير داء) ].
أورد أبو داود حديث ابن عباس : (لعنت الواصلة والمستوصلة، والنامصة والمتنمصة، والواشمة والمستوشمة من غير داء).
وقوله: (لعنت) مبني للمجهول، ومعلوم أن اللعن إذا ذكر عن الصحابة فهو منسوب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أو إلى الله، يعني: لعن الله أو لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم، أي: أنها ملعونة في كتاب الله، أو في سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فاللعن إما أن يضاف إلى الله، وإما أن يضاف إلى رسول الله.
وقد مر في الأحاديث السابقة ذكر الواشمة والمستوشمة والنامصة والمتنمصة والواصلة والمستوصلة، وهنا قال: (من غير داء) يعني: الواشمة والمستوشمة من غير داء، وقد يفهم منه أنه إذا كان له سبب فإنه لا بأس به، لكن قد جاء في بعض الأحاديث ما يدل على أن ذلك غير سائغ، وذلك في قصة المرأة التي أخبرت أنها تريد أن تزوج ابنتها وأن رأسها تمزق، وأنها تريد أن تصله، فالرسول صلى الله عليه وسلم بين أن ذلك لا يجوز ولا يسوغ.
تراجم رجال إسناد حديث (لعنت الواصلة والمستوصلة...)
قوله: [ حدثنا ابن السرح ].
ابن السرح هو أحمد بن عمرو بن السرح ثقة أخرج له مسلم وأبو داود والنسائي وابن ماجة .
أسامة هو ابن زيد الليثي وهو صدوق يهم أخرج له البخاري تعليقاً ومسلم وأصحاب السنن.
[ عن أبان بن صالح ].
أبان بن صالح ثقة أخرج له البخاري تعليقاً وأصحاب السنن.
[ عن مجاهد بن جبر ].
مجاهد بن جبر المكي ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن ابن عباس ].
عبد الله بن عباس بن عبد المطلب ابن عم النبي صلى الله عليه وسلم، وهو أحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.
تفسير الواصلة والمستوصلة والواشمة والمستوشمة
[ قال أبو داود : وتفسير الواصلة: التي تصل الشعر بشعر النساء، والمستوصلة: المعمول بها، والنامصة: التي تنقش الحاجب حتى ترقه، والمتنمصة: المعمول بها، والواشمة: التي تجعل الخيلان في وجهها بكحل أو مداد، والمستوشمة: المعمول بها ].
ذكر أبو داود هذه التفسيرات بهذه الكلمات فقال: تفسير الواصلة: التي تصل الشعر بشعر النساء، وهذا التفسير غير واضح؛ لأن المقصود: وصل الشعر بالشعر، وحتى بغير الشعر، فما دام أنه شيء يكون فيه مخالفة، ويدخل تحت عموم النهي، فلا يجوز إلا لدليل يدل عليه، أعني: لا يجوز غير ما يقتضيه اللفظ إلا لدليل يدل عليه، ولا نعلم دليلاً يدل على ذلك.
فإذاً: ليس ذلك خاصاً بشعر النساء بمعنى أنه يقص من امرأة ويوصل بشعر امرأة أخرى وأنه لا يكون الوصل إلا بهذه الطريقة، بل الآن صارت الشعور يظهر فيها أشكال وهيئات وصناعة وتفنن في الأشياء، حتى لا يكاد يتميز الشعر الصناعي من الشعر الطبيعي والحقيقي.
وقوله: (والمستوصلة: المعمول بها) يعني: التي تطلب أن يعمل بها ذلك.
والنامصة: التي تنقش الحاجب حتى ترقه، والمتنمصة: التي تطلب أن يفعل بها ذلك.
وقوله: (والواشمة: التي تجعل الخيلان في وجهها بكحل أو مداد).
الخيلان جمع خال، والخال هو: علامة سوداء، والخال أحياناً يكون طبيعياً ويكون فيه حبة سوداء أو شيء في جسد المرأة، وبعض النساء قد تفعله عن طريق الوشم.
والوشم أحياناً يتخذ للزينة، فإن ذلك اللون الذي يغاير اللون الطبيعي يعتبرونه جمالاً، والناس يتفاوتون في رغباتهم وفي اعتبار الجمال عندهم، فمن الناس من يرى أن هذا من الجمال، وأن وجود هذه العلامة التي يقال لها الخال جمال، وبعضهم لا يعتبر ذلك جمالاً بل صفاء اللون وخلوه من أشياء مغايرة له يكون أحسن وأجمل، ولهذا يأتي ذكر مثل هذا في شعر الشعراء كما يذكر النحويون في باب تقديم مفعول خبر كان على الاسم والخبر قول الشاعر:
باتت فؤادي ذات الخال سالبة
يعني باتت ذات الخال سالبة فؤادي، ففؤادي الذي هو مفعول للخبر قدم على اسم بات وخبرها. وبات من أخوات كان.
شرح أثر سعيد بن جبير في تجويز القرامل
قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا محمد بن جعفر بن زياد قال: حدثنا شريك عن سالم عن سعيد بن جبير قال: لا بأس بالقرامل. قال أبو داود : كأنه يذهب إلى أن المنهي عنه شعور النساء.
قال أبو داود : كان أحمد يقول: القرامل ليس به بأس ].
أورد أبو داود هذا الأثر عن سعيد بن جبير أنه قال لا بأس بالقرامل. قال أبو داود : كأنه يذهب إلى أن المنهي عنه شعور النساء. يعني: وصله بشعر النساء مثلما تقدم في تفسير أبي داود ، وقد ذكرنا أن الوصل بالشعر منهي عنه سواء كان شعر النساء أو غير شعر النساء، وسواء كان حقيقياً أو صناعياً؛ لأن المحذور في ذلك واحد.
والقرامل: جمع قرمل، والمراد به خيوط من حرير أو صوف تصل النساء به شعورها، وهذا كما ذكرنا غير سائغ، وهذا الذي ذكره عن سعيد بن جبير يدل على أنه كان يرى ذلك.
ثم ذكر أيضاً أبو داود عن الإمام أحمد أنه كان لا يرى في ذلك بأساً، ولكن عموم الحديث يدل على المنع من الجميع.
تراجم رجال إسناد أثر سعيد بن جبير في تجويز القرامل
قوله: [ حدثنا محمد بن جعفر بن زياد ].
محمد بن جعفر بن زياد ثقة أخرج له مسلم وأبو داود والنسائي .
شريك بن عبد الله النخعي الكوفي القاضي صدوق يخطئ كثيراً وساء حفظه لما ولي القضاء، أخرج حديثه البخاري تعليقاً ومسلم وأصحاب السنن.
[ عن سالم].
سالم هو الأفطس وهو ثقة أخرج له البخاري وأبو داود والنسائي وابن ماجة .
[ عن سعيد بن جبير ].
سعيد بن جبير ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.
قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب صلة الشعر.
حدثنا عبد الله بن مسلمة عن مالك عن ابن شهاب عن حميد بن عبد الرحمن أنه سمع معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنهما عام حج وهو على المنبر، وتناول قصة من شعر كانت في يد حرسي يقول: (يا أهل المدينة! أين علماؤكم؟ سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم ينهى عن مثل هذه ويقول: إنما هلكت بنو إسرائيل حين اتخذ هذه نساؤهم) ].
أورد أبو داود هذه الترجمة بعنوان: باب ما جاء في صلة الشعر. يعني: وصل الشعر بشيء زائد من أجل التطويل.
وقد أورد أبو داود رحمه الله عدة أحاديث أولها حديث معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه أنه قدم من الشام قدمة لحج أو عمرة، فمر بالمدينة وخطب الناس، وأخذ قصة من شعر كانت بيد حرسي، يعني: واحداً من الحرس، وكأنه أتى بها أو رآها وأراد أن ينبه الناس عليها بالمشاهدة والمعاينة، فكانت مع هذا الحرسي فأخذها حتى يقول للناس: إن هذا اللون أو هذا الشيء الذي حصل واتخذته النساء لا يجوز، فقال: (يا أهل المدينة! أين علماءكم؟) وقوله: (أين علماؤكم) لعل المقصود من ذلك: أين علماؤكم الذين لم ينبهوكم على هذا ولم يبينوا لكم حكم هذا، وأن هذا غير سائغ؟ لأن العلماء هم الذين يبينون الأحكام الشرعية، وهم الذين يبينون ما يسوغ وما لا يسوغ، وإذا رأوا أمراً مخالفاً للسنة نبهوا عليه وبينوه؛ لأنهم هم الذين يتكلمون بعلم ويقولون بعلم، فهذا شأن العلماء.
فالمقصود من قوله: (أين علماؤكم؟) أن هذا خلل وأن هذا نقص وأن هذا تقصير، وأن هذا شيء غير سائغ، ومهمة العلماء أنهم ينبهون على هذا، وهذا يدل على ما كان عليه أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم من بيان السنن والتحذير من المعاصي والمخالفات لما جاء عن الرسول صلى الله عليه وسلم، وبيان ذلك على المنابر حتى تعم الفائدة وحتى يعم النفع، فإن أمير المؤمنين معاوية رضي الله عنه وأرضاه حدث بذلك وهو على المنبر لتعم المنفعة، ولينتشر العلم، ويكثر الآخذون عنه العلم.
وقوله: (سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم ينهى عن مثل هذه ويقول: إنما هلكت بنو إسرائيل حين اتخذ هذه نساؤهم).
هذا فيه بيان أن هذا من أفعال الأمم السابقة، وأن هذا من الأمور المحرمة، وأن هذا من أسباب هلاكهم، وفي هذا بيان أن المعاصي ضررها كبير، وخطرها عظيم، وذلك أن من أسباب هلاك الأمم السابقة اتخاذ نسائهم مثل هذه الأعمال والاتصاف بمثل هذه الأوصاف.