شرح سنن أبي داود [402]


الحلقة مفرغة

شرح حديث: (أن النبي كان يقبل الهدية ويثيب عليها)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب في قبول الهدايا.

حدثنا علي بن بحر وعبد الرحيم بن مطرف الرؤاسي قالا: حدثنا عيسى -وهو ابن يونس بن أبي إسحاق السبيعي - عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة رضي الله عنها: (أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان يقبل الهدية ويثيب عليها) ].

قال الإمام أبو داود السجستاني رحمه الله تعالى: باب في قبول الهدايا، أي: في حكم ذلك وأنه سائغ لا بأس به، ذلك في حق من يسوغ له أن يقبل الهدية ككونه ليس عاملاً ولا موظفاً، فإن كان من الموظفين الذين يهدى لهم من أجل محاباتهم ومن أجل تحصيل شيء بسبب ولايتهم ورئاستهم وما إلى ذلك، فإن هذا لا يجوز.

وأورد أبو داود حديث عائشة رضي الله عنها: (أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقبل الهدية ويثيب عليها) يعني: كان يقبلها ويثيب عليها بمثلها وأحسن منها، وهذا شأن وطريقة رسول الله عليه الصلاة والسلام، ودل هذا على أن قبول الهدية حيث يكون المهدى إليه لا يترتب على الإهداء إليه دفع مضرة أو جلب مصلحة، أو أنه من أجل ولايته أو رئاسته أو ما إلى ذلك فإن مثل ذلك لا يسوغ، وبالنسبة للرسول صلى الله عليه وسلم فهو إمام المسلمين وسيد الخلق أجمعين، عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم، وهو معصوم بخلاف غيره فإنه غير معصوم، ولهذا فمن كان والياً أو موظفاً فلا يجوز له قبول الهدية؛ لأنه يحدث بسبب قبولها وبسبب الإهداء إليه أمور لا تصلح ولا تنبغي، ومن أجلها جاء النهي عن ذلك في أحاديث أخرى كما جاء في قصة ابن اللتبية الذي ذهب لجباية الزكاة فكان يهدى إليه، فلما جاء قال: (هذا لكم وهذا أهدي إلي، فقال عليه الصلاة والسلام: ألا جلس في بيت أمه حتى ينظر هل تأتي إليه هديته؟)، يعني: أن الهدية لم تأت من أجل شخصه، وإنما جاءت من أجل مهمته وولايته، فدل هذا على أن الهدايا للعمال لا تجوز وأنها غير سائغة، وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يقبل الهدية ويثيب عليها، والإثابة هي إعطاء شيء في مقابلها مثلها أو أحسن منها.

ومعلوم أن الهدايا تختلف، فقد تكون مثلاً هدية من كبير إلى صغير، أو من غني إلى فقير، وهذه ليس فيها مقابلة ولا إثابة إلا الدعاء، ولو أن إنساناً فقيراً أعطى لشخص كبير شيئاً وهو يرغب من ورائه بأن يحصل شيئاً أكثر فهذا هو الذي يثاب عليه، وهذا هو الذي يعطى في مقابل الهدية مثلها أو أكثر منها.

تراجم رجال إسناد حديث: (أن النبي كان يقبل الهدية ويثيب عليها)

قوله: [ حدثنا علي بن بحر ].

علي بن بحر ثقة، أخرج له البخاري تعليقاً وأبو داود والترمذي .

[ وعبد الرحيم بن مطرف الرؤاسي ].

عبد الرحيم بن مطرف الرؤاسي ثقة، أخرج له أبو داود والنسائي .

[ حدثنا عيسى ].

هو عيسى بن يونس بن أبي إسحاق السبيعي ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن هشام بن عروة ].

هشام بن عروة ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن أبيه ].

أبوه هو عروة بن الزبير بن العوام ثقة فقيه، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن عائشة ].

أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها وأرضاها، الصديقة بنت الصديق ، وهي واحدة من سبعة أشخاص عرفوا بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.

شرح حديث: (وايم الله لا أقبل بعد يومي هذا من أحد هدية إلا أن يكون...)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا محمد بن عمرو الرازي حدثنا سلمة -يعني: ابن الفضل - حدثني محمد بن إسحاق عن سعيد بن أبي سعيد المقبري عن أبيه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (وايم الله! لا أقبل بعد يومي هذا من أحد هدية إلا أن يكون مهاجراً قرشياً، أو أنصارياً، أو دوسياً، أو ثقفياً) ].

أورد أبو داود حديث أبي هريرة رضي الله عنه وقال: (وايم الله! لا أقبل بعد يومي هذا من أحد هدية إلا أن يكون مهاجراً قرشياً، أو أنصارياً، أو دوسياً، أو ثقفياً).

ولعل ذلك أن هؤلاء قد عرفوا عزة النفس، وعدم الإلحاح والتطلع إلى شيء كثير جداً، وقد جاء في بعض الروايات ذكر السبب، وهو أن أعرابياً جاء فأعطاه حتى أعطاه أضعافاً مضاعفة، ومع ذلك ظل ساخطاً بعد ذلك، فعند ذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم هذه المقالة.

تراجم رجال إسناد حديث: (وايم الله لا أقبل بعد يومي هذا من أحد هدية إلا أن يكون...)

قوله: [ حدثنا محمد بن عمرو الرازي ].

محمد بن عمرو الرازي ثقة، أخرج له البخاري ومسلم وأبو داود وابن ماجة .

[ حدثنا سلمة - يعني: ابن الفضل - ].

سلمة بن الفضل صدوق كثير الخطأ، أخرج له أبو داود والترمذي وابن ماجة في التفسير.

[ حدثني محمد بن إسحاق ].

محمد بن إسحاق المدني صدوق، أخرج حديثه البخاري تعليقاً ومسلم وأصحاب السنن.

[ عن سعيد بن أبي سعيد ].

هو سعيد بن أبي سعيد المقبري ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن أبيه ].

وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن أبي هريرة ].

هو أبو هريرة عبد الرحمن بن صخر الدوسي صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأكثر أصحابه حديثاً على الإطلاق رضي الله عنه وأرضاه.

وهذا الإسناد فيه من هو متكلم فيهم، وقد صححهالألباني.

الفرق بين الهدية والعطية والهبة والصدقة

والفرق: بين الهدية والعطية والهبة والصدقة أن الصدقة تكون من الغني إلى الفقير، وأما الهدية فتكون من المثيل إلى المثيل، ومن الأدنى إلى الأعلى، والعطية بمعنى الهبة، والهدية -كما هو معلوم- قد يطلب بها المقابل، وأما الهبة والعطية فلا تكون كذلك.

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب في قبول الهدايا.

حدثنا علي بن بحر وعبد الرحيم بن مطرف الرؤاسي قالا: حدثنا عيسى -وهو ابن يونس بن أبي إسحاق السبيعي - عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة رضي الله عنها: (أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان يقبل الهدية ويثيب عليها) ].

قال الإمام أبو داود السجستاني رحمه الله تعالى: باب في قبول الهدايا، أي: في حكم ذلك وأنه سائغ لا بأس به، ذلك في حق من يسوغ له أن يقبل الهدية ككونه ليس عاملاً ولا موظفاً، فإن كان من الموظفين الذين يهدى لهم من أجل محاباتهم ومن أجل تحصيل شيء بسبب ولايتهم ورئاستهم وما إلى ذلك، فإن هذا لا يجوز.

وأورد أبو داود حديث عائشة رضي الله عنها: (أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقبل الهدية ويثيب عليها) يعني: كان يقبلها ويثيب عليها بمثلها وأحسن منها، وهذا شأن وطريقة رسول الله عليه الصلاة والسلام، ودل هذا على أن قبول الهدية حيث يكون المهدى إليه لا يترتب على الإهداء إليه دفع مضرة أو جلب مصلحة، أو أنه من أجل ولايته أو رئاسته أو ما إلى ذلك فإن مثل ذلك لا يسوغ، وبالنسبة للرسول صلى الله عليه وسلم فهو إمام المسلمين وسيد الخلق أجمعين، عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم، وهو معصوم بخلاف غيره فإنه غير معصوم، ولهذا فمن كان والياً أو موظفاً فلا يجوز له قبول الهدية؛ لأنه يحدث بسبب قبولها وبسبب الإهداء إليه أمور لا تصلح ولا تنبغي، ومن أجلها جاء النهي عن ذلك في أحاديث أخرى كما جاء في قصة ابن اللتبية الذي ذهب لجباية الزكاة فكان يهدى إليه، فلما جاء قال: (هذا لكم وهذا أهدي إلي، فقال عليه الصلاة والسلام: ألا جلس في بيت أمه حتى ينظر هل تأتي إليه هديته؟)، يعني: أن الهدية لم تأت من أجل شخصه، وإنما جاءت من أجل مهمته وولايته، فدل هذا على أن الهدايا للعمال لا تجوز وأنها غير سائغة، وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يقبل الهدية ويثيب عليها، والإثابة هي إعطاء شيء في مقابلها مثلها أو أحسن منها.

ومعلوم أن الهدايا تختلف، فقد تكون مثلاً هدية من كبير إلى صغير، أو من غني إلى فقير، وهذه ليس فيها مقابلة ولا إثابة إلا الدعاء، ولو أن إنساناً فقيراً أعطى لشخص كبير شيئاً وهو يرغب من ورائه بأن يحصل شيئاً أكثر فهذا هو الذي يثاب عليه، وهذا هو الذي يعطى في مقابل الهدية مثلها أو أكثر منها.

قوله: [ حدثنا علي بن بحر ].

علي بن بحر ثقة، أخرج له البخاري تعليقاً وأبو داود والترمذي .

[ وعبد الرحيم بن مطرف الرؤاسي ].

عبد الرحيم بن مطرف الرؤاسي ثقة، أخرج له أبو داود والنسائي .

[ حدثنا عيسى ].

هو عيسى بن يونس بن أبي إسحاق السبيعي ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن هشام بن عروة ].

هشام بن عروة ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن أبيه ].

أبوه هو عروة بن الزبير بن العوام ثقة فقيه، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن عائشة ].

أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها وأرضاها، الصديقة بنت الصديق ، وهي واحدة من سبعة أشخاص عرفوا بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا محمد بن عمرو الرازي حدثنا سلمة -يعني: ابن الفضل - حدثني محمد بن إسحاق عن سعيد بن أبي سعيد المقبري عن أبيه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (وايم الله! لا أقبل بعد يومي هذا من أحد هدية إلا أن يكون مهاجراً قرشياً، أو أنصارياً، أو دوسياً، أو ثقفياً) ].

أورد أبو داود حديث أبي هريرة رضي الله عنه وقال: (وايم الله! لا أقبل بعد يومي هذا من أحد هدية إلا أن يكون مهاجراً قرشياً، أو أنصارياً، أو دوسياً، أو ثقفياً).

ولعل ذلك أن هؤلاء قد عرفوا عزة النفس، وعدم الإلحاح والتطلع إلى شيء كثير جداً، وقد جاء في بعض الروايات ذكر السبب، وهو أن أعرابياً جاء فأعطاه حتى أعطاه أضعافاً مضاعفة، ومع ذلك ظل ساخطاً بعد ذلك، فعند ذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم هذه المقالة.

قوله: [ حدثنا محمد بن عمرو الرازي ].

محمد بن عمرو الرازي ثقة، أخرج له البخاري ومسلم وأبو داود وابن ماجة .

[ حدثنا سلمة - يعني: ابن الفضل - ].

سلمة بن الفضل صدوق كثير الخطأ، أخرج له أبو داود والترمذي وابن ماجة في التفسير.

[ حدثني محمد بن إسحاق ].

محمد بن إسحاق المدني صدوق، أخرج حديثه البخاري تعليقاً ومسلم وأصحاب السنن.

[ عن سعيد بن أبي سعيد ].

هو سعيد بن أبي سعيد المقبري ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن أبيه ].

وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن أبي هريرة ].

هو أبو هريرة عبد الرحمن بن صخر الدوسي صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأكثر أصحابه حديثاً على الإطلاق رضي الله عنه وأرضاه.

وهذا الإسناد فيه من هو متكلم فيهم، وقد صححهالألباني.

والفرق: بين الهدية والعطية والهبة والصدقة أن الصدقة تكون من الغني إلى الفقير، وأما الهدية فتكون من المثيل إلى المثيل، ومن الأدنى إلى الأعلى، والعطية بمعنى الهبة، والهدية -كما هو معلوم- قد يطلب بها المقابل، وأما الهبة والعطية فلا تكون كذلك.

درجة حديث (تهادوا تحابوا)

السؤال: ما صحة حديث: (تهادوا تحابوا

الجواب: هذا حديث حسن.

حكم الإهداء لمدرس التحفيظ

السؤال: ولدي يحفظ القرآن في أحد المساجد عند أحد المشايخ، وهو موظف عند جماعة التحفيظ، وودت أنه كلما انتهى من جزء أهدى لهذا المدرس هدية، فهل هذا يدخل في هدايا الموظفين؟

الجواب: الذي يظهر أنه يدخل؛ لأنه موظف، والهدية تجعله يميل إليه ميلاً خاصاً، ويعنى به عناية خاصة من أجل هذه الهدية، وقد يحصل منه تقصير في حق من لا يكون كذلك، فتكون المسألة فيها تنافس عن طريق الهدايا.

والحاصل: ما دام أنه موظف فلا يهدى إليه.