شرح سنن أبي داود [373]


الحلقة مفرغة

شرح حديث ( من حلف على يمين مصبورة كاذباً فليتبوأ بوجهه مقعده من النار )

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ كتاب الأيمان والنذور.

باب التغليظ في الإيمان الفاجرة.

حدثنا محمد بن الصباح البزاز حدثنا يزيد بن هارون أخبرنا هشام بن حسان عن محمد بن سيرين عن عمران بن حصين رضي الله عنهما قال: قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: (من حلف على يمين مصبورة كاذباً فليتبوأ بوجهه مقعده من النار) ].

قوله: [ كتاب الأيمان والنذور ] الأيمان: جمع يمين، والنذور: جمع نذر، واليمين المقصود به الحلف والقسم، وقيل للحلف يميناً لأنهم كانوا عند الحلف يضع الشخص يمينه بيمين الآخر، أو يده بيد الآخر، من أجل التوثيق والتأكيد للشيء الذي يحلف عليه، فلذلك لها: يمين.

واليمين شرعاً: توكيد الشيء بذكر اسم الله أو صفته، يقول: والله، والرحمن، والرحيم، والعزيز، والحكيم، واللطيف، والخبير، وهذه أسماء، أو يقول: وحياة الله، وجلال الله، وعظمة الله، وعزة الله، وكلام الله، ويد الله، وغير ذلك من صفات الله عز وجل، فيؤكد الشيء بذكر اسم الله عز وجل عليه أو صفته، ويكون ذلك بالأسماء والصفات، والحلف بأسماء الله وصفاته هو حلف بالله عز وجل؛ لأن أسماء الله يحلف بها وصفات الله يحلف بها، والحالف بذلك يكون حالفاً بالله؛ لأن الله عز وجل بذاته وأسمائه وصفاته هو الخالق ومن سواه مخلوق، فلا يحلف إلا بالله سبحانه وتعالى، ولا يكون الحلف مقصوراً على لفظ الله، بل الذي يحلف بصفات الله وأسمائه يكون حالفاً بالله؛ لأن الحلف بالله هو الحلف بأسمائه وصفاته، وليس مجرد لفظ الجلالة الذي هو (الله)، وإنما هذا الاسم هو أعظم الأسماء وأصل الأسماء الذي تضاف إليه الأسماء وتتبعه.

فالحلف بالأسماء والصفات هو حلف بالله عز وجل.

وأما النذور فهي جمع نذر، والنذر: هو أن يوجب الإنسان على نفسه ما ليس واجباً عليه لحدوث أمر، كأن يقول: إن حصل كذا فلله علي كذا وكذا، أو إذا تحقق كذا أو وجد كذا فلله علي كذا وكذا، فالناذر يلزم نفسه بشيء ليس بلازم عليه، لكن هذا الإلزام يكون مبنياً على حصول شيء، ومضافاً إلى حصول شيء، كأن يقول: إن شفى الله مريضي فلله علي كذا، أو إن رد الله غائبي فلله علي كذا، ونحو ذلك.

ويجمع بين الأيمان والنذور في الكتب للتقارب بينها، ولأن النذر أيضاً جاء في بعض الأحاديث: (كفارته كفارة يمين)، ولهذا صار العلماء يجمعون بين الأيمان والنذور في كتاب واحد، كما فعل أبو داود، وكما فعل البخاري وغيرهما؛ فإنهم يجمعون بين هذا وهذا فيقولون: كتاب الأيمان والنذور.

قوله: [ باب التغليظ في الأيمان الفاجرة ]، الفاجرة: هي الكاذبة التي هي مبنية على كذب، وهي اليمين الغموس، واليمين الغموس هي التي تغمس صاحبها في الإثم، وقيل لها: فاجرة بمعنى كاذبة؛ لأن الحالف كاذب في حلفه، وهي تكون عن خبر وليس فيها كفارة، وإنما على الإنسان أن يتوب إلى الله عز وجل ويستغفر ويندم مما قد حصل منه.

وأما الأيمان المعقودة على أمر مستقبل فهذه هي التي تكون فيها كفارة إذا حنث فيها، فإذا لم يف بما حلف عليه فإنه يكفر عن يمينه، كما جاء في الحديث: (فليكفر عن يمينه وليأت الذي هو خير) فإذا حلف الإنسان على يمين ورأى غيرها خيراً منها فيكفر عن يمينه ويأتي الذي هو خير.

فالكفارة تكون عن الإيمان المعقودة التي يؤتى بها لأمر مستقبل، أو لأمر يفعله، أو أمر لا يفعله، ثم بعد ذلك يظهر له أن المصلحة في الفعل أو عدم الفعل -وهو الحنث- فإنه يكفر عن يمينه ويأتي الذي هو خير.

والكفارة ذكرها الله عز وجل في كتابه العزيز وهي: عتق رقبة، أو إطعام عشرة مساكين أو كسوتهم، وإذا لم يستطع لا هذا ولا هذا فإنه ينتقل إلى صيام ثلاثة أيام، هذه هي كفارة الإيمان التي شرعها الله عز وجل في كتابه العزيز.

وقد أورد أبو داود حديث عمران بن حصين رضي الله تعالى عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من حلف على يمين مصبورة كاذباً فليتبوأ بوجهه مقعده من النار).

وهذا هو المقصود من قوله: (التغليظ في الأيمان الفاجرة) أي: أن أمرها خطير، وأنه ورد فيها زجر ووعيد شديد، فهذا هو المقصود بالتغليظ، والتغليظ هو في قوله: (فليتبوأ بوجهه مقعده من النار)، وهذا يدل على خطورة هذا الأمر، وأن فيه الوعيد الشديد، وأن أمره خطير تُوعد عليه بهذه العقوبة الشديدة العظيمة التي هي أنه يتبوأ بوجهه مقعده من النار.

واليمين المصبورة: هي التي يصبر لها الإنسان ويلزم بها في الحكم، كأن يلزم القاضي شخصاً بأن يحلف على أمر من الأمور فيحلف، فإن هذا يقال له: يمين صبر أو يمين مصبورة؛ لأنه حبس عليها وألزم بها، وليست من قبيل لغو اليمين، كقول الإنسان: لا والله وبلى والله، وإنما المقصود من ذلك يمين يترتب عليها حكم، ويلزم القاضي الشخص بأن يحلف فيحلف، ويترتب على ذلك تحصيل شيء محلوف عليه هو كاذب فيه، فيصل إليه شيء لا يستحقه بسبب اليمين، فيتبوأ مقعده من النار بسبب ذلك.

وقوله: (من حلف على يمين مصبورة كاذباً فليتبوأ بوجهه مقعده من النار)، أي: أنه يكب على وجهه، وأنه يستعد لهذا المكان الذي هيئ له والذي يكب فيه على وجهه في النار والعياذ بالله! وكونه يقع في النار على هذا الوجه الذي فيه إذلال وإهانة، ويكب على أشرف شيء فيه، لا شك أن هذا فيه ذل وهوان، وفيه زيادة في العقوبة، ولهذا يقول الله عز وجل: أَفَمَنْ يَمْشِي مُكِبًّا عَلَى وَجْهِهِ أَهْدَى أَمَّنْ يَمْشِي سَوِيًّا عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ [الملك:22]، فالذي يسحب على وجهه في النار -والعياذ بالله- وهو أشرف شيء فيه، معناه: أنه بلغ الغاية في الذلة والإهانة والعياذ بالله.

تراجم رجال إسناد حديث ( من حلف على يمين مصبورة كاذباً فليتبوأ بوجهه مقعده من النار )

قوله: [ حدثنا محمد بن الصباح البزاز ].

محمد بن الصباح البزاز ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ حدثنا يزيد بن هارون ].

هو يزيد بن هارون الواسطي ، وهو ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ أخبرنا هشام بن حسان ].

هشام بن حسان ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن محمد بن سيرين ].

محمد بن سيرين ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن عمران بن حصين ].

عمران بن حصين رضي الله عنه صحابي، أخرج له أصحاب الكتب الستة، وهذا الإسناد كل رجاله أخرج لهم أصحاب الكتب الستة.

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ كتاب الأيمان والنذور.

باب التغليظ في الإيمان الفاجرة.

حدثنا محمد بن الصباح البزاز حدثنا يزيد بن هارون أخبرنا هشام بن حسان عن محمد بن سيرين عن عمران بن حصين رضي الله عنهما قال: قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: (من حلف على يمين مصبورة كاذباً فليتبوأ بوجهه مقعده من النار) ].

قوله: [ كتاب الأيمان والنذور ] الأيمان: جمع يمين، والنذور: جمع نذر، واليمين المقصود به الحلف والقسم، وقيل للحلف يميناً لأنهم كانوا عند الحلف يضع الشخص يمينه بيمين الآخر، أو يده بيد الآخر، من أجل التوثيق والتأكيد للشيء الذي يحلف عليه، فلذلك لها: يمين.

واليمين شرعاً: توكيد الشيء بذكر اسم الله أو صفته، يقول: والله، والرحمن، والرحيم، والعزيز، والحكيم، واللطيف، والخبير، وهذه أسماء، أو يقول: وحياة الله، وجلال الله، وعظمة الله، وعزة الله، وكلام الله، ويد الله، وغير ذلك من صفات الله عز وجل، فيؤكد الشيء بذكر اسم الله عز وجل عليه أو صفته، ويكون ذلك بالأسماء والصفات، والحلف بأسماء الله وصفاته هو حلف بالله عز وجل؛ لأن أسماء الله يحلف بها وصفات الله يحلف بها، والحالف بذلك يكون حالفاً بالله؛ لأن الله عز وجل بذاته وأسمائه وصفاته هو الخالق ومن سواه مخلوق، فلا يحلف إلا بالله سبحانه وتعالى، ولا يكون الحلف مقصوراً على لفظ الله، بل الذي يحلف بصفات الله وأسمائه يكون حالفاً بالله؛ لأن الحلف بالله هو الحلف بأسمائه وصفاته، وليس مجرد لفظ الجلالة الذي هو (الله)، وإنما هذا الاسم هو أعظم الأسماء وأصل الأسماء الذي تضاف إليه الأسماء وتتبعه.

فالحلف بالأسماء والصفات هو حلف بالله عز وجل.

وأما النذور فهي جمع نذر، والنذر: هو أن يوجب الإنسان على نفسه ما ليس واجباً عليه لحدوث أمر، كأن يقول: إن حصل كذا فلله علي كذا وكذا، أو إذا تحقق كذا أو وجد كذا فلله علي كذا وكذا، فالناذر يلزم نفسه بشيء ليس بلازم عليه، لكن هذا الإلزام يكون مبنياً على حصول شيء، ومضافاً إلى حصول شيء، كأن يقول: إن شفى الله مريضي فلله علي كذا، أو إن رد الله غائبي فلله علي كذا، ونحو ذلك.

ويجمع بين الأيمان والنذور في الكتب للتقارب بينها، ولأن النذر أيضاً جاء في بعض الأحاديث: (كفارته كفارة يمين)، ولهذا صار العلماء يجمعون بين الأيمان والنذور في كتاب واحد، كما فعل أبو داود، وكما فعل البخاري وغيرهما؛ فإنهم يجمعون بين هذا وهذا فيقولون: كتاب الأيمان والنذور.

قوله: [ باب التغليظ في الأيمان الفاجرة ]، الفاجرة: هي الكاذبة التي هي مبنية على كذب، وهي اليمين الغموس، واليمين الغموس هي التي تغمس صاحبها في الإثم، وقيل لها: فاجرة بمعنى كاذبة؛ لأن الحالف كاذب في حلفه، وهي تكون عن خبر وليس فيها كفارة، وإنما على الإنسان أن يتوب إلى الله عز وجل ويستغفر ويندم مما قد حصل منه.

وأما الأيمان المعقودة على أمر مستقبل فهذه هي التي تكون فيها كفارة إذا حنث فيها، فإذا لم يف بما حلف عليه فإنه يكفر عن يمينه، كما جاء في الحديث: (فليكفر عن يمينه وليأت الذي هو خير) فإذا حلف الإنسان على يمين ورأى غيرها خيراً منها فيكفر عن يمينه ويأتي الذي هو خير.

فالكفارة تكون عن الإيمان المعقودة التي يؤتى بها لأمر مستقبل، أو لأمر يفعله، أو أمر لا يفعله، ثم بعد ذلك يظهر له أن المصلحة في الفعل أو عدم الفعل -وهو الحنث- فإنه يكفر عن يمينه ويأتي الذي هو خير.

والكفارة ذكرها الله عز وجل في كتابه العزيز وهي: عتق رقبة، أو إطعام عشرة مساكين أو كسوتهم، وإذا لم يستطع لا هذا ولا هذا فإنه ينتقل إلى صيام ثلاثة أيام، هذه هي كفارة الإيمان التي شرعها الله عز وجل في كتابه العزيز.

وقد أورد أبو داود حديث عمران بن حصين رضي الله تعالى عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من حلف على يمين مصبورة كاذباً فليتبوأ بوجهه مقعده من النار).

وهذا هو المقصود من قوله: (التغليظ في الأيمان الفاجرة) أي: أن أمرها خطير، وأنه ورد فيها زجر ووعيد شديد، فهذا هو المقصود بالتغليظ، والتغليظ هو في قوله: (فليتبوأ بوجهه مقعده من النار)، وهذا يدل على خطورة هذا الأمر، وأن فيه الوعيد الشديد، وأن أمره خطير تُوعد عليه بهذه العقوبة الشديدة العظيمة التي هي أنه يتبوأ بوجهه مقعده من النار.

واليمين المصبورة: هي التي يصبر لها الإنسان ويلزم بها في الحكم، كأن يلزم القاضي شخصاً بأن يحلف على أمر من الأمور فيحلف، فإن هذا يقال له: يمين صبر أو يمين مصبورة؛ لأنه حبس عليها وألزم بها، وليست من قبيل لغو اليمين، كقول الإنسان: لا والله وبلى والله، وإنما المقصود من ذلك يمين يترتب عليها حكم، ويلزم القاضي الشخص بأن يحلف فيحلف، ويترتب على ذلك تحصيل شيء محلوف عليه هو كاذب فيه، فيصل إليه شيء لا يستحقه بسبب اليمين، فيتبوأ مقعده من النار بسبب ذلك.

وقوله: (من حلف على يمين مصبورة كاذباً فليتبوأ بوجهه مقعده من النار)، أي: أنه يكب على وجهه، وأنه يستعد لهذا المكان الذي هيئ له والذي يكب فيه على وجهه في النار والعياذ بالله! وكونه يقع في النار على هذا الوجه الذي فيه إذلال وإهانة، ويكب على أشرف شيء فيه، لا شك أن هذا فيه ذل وهوان، وفيه زيادة في العقوبة، ولهذا يقول الله عز وجل: أَفَمَنْ يَمْشِي مُكِبًّا عَلَى وَجْهِهِ أَهْدَى أَمَّنْ يَمْشِي سَوِيًّا عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ [الملك:22]، فالذي يسحب على وجهه في النار -والعياذ بالله- وهو أشرف شيء فيه، معناه: أنه بلغ الغاية في الذلة والإهانة والعياذ بالله.

قوله: [ حدثنا محمد بن الصباح البزاز ].

محمد بن الصباح البزاز ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ حدثنا يزيد بن هارون ].

هو يزيد بن هارون الواسطي ، وهو ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ أخبرنا هشام بن حسان ].

هشام بن حسان ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن محمد بن سيرين ].

محمد بن سيرين ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن عمران بن حصين ].

عمران بن حصين رضي الله عنه صحابي، أخرج له أصحاب الكتب الستة، وهذا الإسناد كل رجاله أخرج لهم أصحاب الكتب الستة.

شرح حديث ( من حلف على يمين هو فيها فاجر ليقتطع بها مال امرئ مسلم لقي الله وهو عليه غضبان )

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب فيمن حلف يميناً ليقتطع بها مالاً لأحد.

حدثنا محمد بن عيسى وهناد بن السري المعنى قالا: حدثنا أبو معاوية حدثنا الأعمش عن شقيق عن عبد الله رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (من حلف على يمين هو فيها فاجر ليقتطع بها مال امرئ مسلم لقي الله وهو عليه غضبان)، فقال الأشعث رضي الله عنه: في والله كان ذلك، كان بيني وبين رجل من اليهود أرض فجحدني فقدمته إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم، فقال لي النبي صلى الله عليه وآله وسلم: (ألك بينة؟ قلت: لا، قال: لليهودي: احلف، قلت: يا رسول الله! إذاً يحلف ويذهب بمالي، فأنزل الله تعالى: إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلًا [آل عمران:77]، إلى آخر الآية ) ].

قوله: [ باب فيمن حلف يميناً ليقتطع بها مالاً لأحد ]، أي: ليأخذ مالاً لغيره بسبب يمين هو فيها فاجر كاذب، فمن أجل أن يحصل على مال غيره حلف هذه اليمين، وهذا أمره خطير، وقد توعد من كان كذلك بالعقوبة الشديدة، فقد ورد في حقه وعيد شديد، ولهذا جاء في هذا الحديث: (لقي الله وهو عليه غضبان)، أي: من يفعل كذلك، ففيه تغليظ شديد في هذا الأمر.

وقد أورد أبو داود حديث عبد الله بن مسعود والأشعث بن قيس رضي الله تعالى عنهما في ذلك، أما عبد الله بن مسعود رضي الله عنه فقال: إن النبي عليه الصلاة والسلام قال: (من حلف على يمين هو فيها فاجر ليقتطع بها مال امرئ مسلم لقي الله وهو عليه غضبان).

وهذا يدل على عقوبته، وأن فعله هذا يكون سبباً في غضب الله عليه، وفيه أيضاً إثبات صفة الغضب لله، فنثبت صفة الغضب لله عز وجل على ما يليق بكماله وجلاله كسائر الصفات، حيث يجب إثبات كل ما جاء في الكتاب والسنة من الأسماء والصفات لله تعالى على وجه يليق بكماله وجلاله دون تشبيه بخلقه، ودون تأويل أو تعطيل أو تكييف، بل على حد قول الله عز وجل: لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ [الشورى:11].

فهذا يدل على خطورة الحلف على الكذب والفجور، ويدل أيضاً على أن كون الإنسان يأخذ مال غيره بالحلف الفاجر الكاذب أن ذلك يؤدي إلى غضب الله عليه يوم يلقاه، فيكون مستحقاً للوعيد الذي يعاقبه الله تعالى به.

قوله: [ قال الأشعث بن قيس : في والله كان ذلك، كان بيني وبين رجل من اليهود أرض فجحدني، فقدمته إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال لي النبي صلى الله عليه وآله وسلم: (ألك بينة؟ قلت: لا، قال لليهودي: احلف. قلت: يا رسول الله! إذاً يحلف ويذهب بمالي، فأنزل الله تعالى: إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ ... [آل عمران:77]) ].

أي: أن هذا الذي جاء في هذا الحديث: (أن من حلف على يمين هو فيها فاجر ليقتطع بها مال امرئ مسلم لقي الله وعليه غضبان)، حصل للأشعث شيء من هذا القبيل، حيث قال: (كان بيني وبين يهودي أرض فجحدها اليهودي، فرفعته إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: (ألك بينة؟ قلت: لا، قال لليهودي: احلف. فقلت: إذاً يحلف، ويذهب بمالي) أي: ما دام أن المسألة مجرد حلف فإنه سيحلف ويأخذ مالي، قال: فأنزل الله هذه الآية: إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلًا أُوْلَئِكَ لا خَلاقَ لَهُمْ فِي الآخِرَةِ وَلا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ وَلا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ [آل عمران:77]، فهذه الآية تدل على عقوبة من اشترى بعهد الله وباليمين الفاجرة الكاذبة شيئاً قليلاً من حطام الدنيا، سواء كان قليلاً أو كثيراً، فإن هذه عقوبته، وسوف يلقى الله عز وجل فلا يكلمه ولا ينظر إليه ولا يزكيه، وله عذاب أليم، فيحصل له هذا الوعيد الشديد الذي جاء في هذه الآية الكريمة، وفي هذا الحديث الشريف عن رسول الله صلوات الله وسلامه وبركاته وعليه.

تراجم رجال إسناد حديث (من حلف على يمين هو فيها فاجر ليقتطع بها مال امرئ مسلم لقي الله وهو عليه غضبان)

قوله: [ حدثنا محمد بن عيسى ].

هو محمد بن عيسى الطباع ، وهو ثقة أخرج حديثه البخاري تعليقاً وأبو داود ، والترمذي في الشمائل والنسائي وابن ماجة.

[ وهناد بن السري ].

هو هناد بن السري أبو السري ، وهو ثقة أخرج حديثه البخاري في خلق أفعال العباد ومسلم وأصحاب السنن.

[المعنى].

يعني: أن هذين الشيخين لم يتفق لفظ الحديث عندهما في كل شيء، وإنما هو متفق من حيث المعنى.

[ قالا: حدثنا أبو معاوية ].

هو محمد بن خازم الضرير الكوفي، وهو ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ حدثنا الأعمش ].

هو سليمان بن مهران الكاهلي الكوفي، وهو ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن شقيق ].

هو شقيق بن سلمة أبو وائل، وهو مشهور بكنيته واسمه، فيذكر بالكنية أحياناً فيقال: أبو وائل ، وأحياناً يذكر باسمه فيقال: شقيق كما هو هنا، وهو ثقة مخضرم، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.

[ عن عبد الله ].

هو عبد الله بن مسعود الهذلي، صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأحد فقهاء الصحابة، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.

[ فقال الأشعث ].

هو الأشعث بن قيس النخعي، صحابي أخرج له أصحاب الكتب الستة.

بيان أن الكفار مخاطبون بأصول الشريعة وفروعها

هذا الحديث فيه دلالة على أن الكفار مخاطبون بفروع الشريعة، والقول بأن الكفار مخاطبون بفروع الشريعة هو القول الصحيح؛ والمسألة فيها خلاف بين أهل العلم، لكن القول الصحيح هو أن الكفار مخاطبون بفروع الشريعة، لكن ليس معنى ذلك أنهم لو أتوا بالفروع ولم يأتوا بالأصول أنها تقبل منهم، فإنها لا تقبل إذا لم يوجد الإيمان والتوحيد، كما قال الله عز وجل: وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُورًا [الفرقان:23]، ولكن فائدة الخطاب هو الزيادة في العذاب والعقاب؛ لأن الكفار متفاوتون فليسوا على حد سواء، فهم دركات في النار، كما أن أهل الجنة في الجنة درجات بعضهم فوق بعض، فهؤلاء بعضهم أنزل من بعض، وبعضهم أشد عذاباً من بعض، وإن كان أسفلهم وأخفهم عذاباً يرى أنه لا أحد أشد منه عذاباً، ولكن هم في النار دركات، ومعلوم أن من كفر ولم يحصل منه إيذاء للمسلمين فهو أخف ممن كفر وصد عن سبيل الله، ولهذا يقول الله عز وجل: الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ زِدْنَاهُمْ عَذَابًا فَوْقَ العَذَابِ بِمَا كَانُوا يُفْسِدُونَ [النحل:88]، فالكفار مخاطبون بفروع الشريعة، وهم مطالبون بالفروع، ولكنهم مطالبون قبلها بالأصول، ويعاقبون على عدم الإتيان بالأصول والفروع، والفروع لو أتوا بها دون الأصول فإنها لا تقبل منهم.

شرح حديث ( لا يقتطع أحد مالاً بيمين إلا لقي الله وهو أجذم )

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا محمود بن خالد حدثنا الفريابي حدثنا الحارث بن سليمان حدثني كردوس عن الأشعث بن قيس رضي الله عنه: (أن رجلاً من كندة ورجلاً من حضرموت اختصما إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم في أرض من اليمن، فقال الحضرمي: يا رسول الله! إن أرضي اغتصبنيها أبو هذا وهي في يده، قال: هل لك بينة؟ قال: لا، ولكن أحلفه، والله يعلم أنها أرضي اغتصبنيها أبوه، فتهيأ الكندي لليمين، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: لا يقتطع أحد مالاً بيمين إلا لقي الله وهو أجذم، فقال الكندي: هي أرضه) ].

أورد أبو داود حديث الأشعث بن قيس رضي الله عنه: (أن رجلاً من كندة ورجلاً من حضرموت اختصما إلى النبي صلى الله عليه وسلم) وكندة: قبيلة كبيرة في اليمن، وحضرموت: أرض في اليمن، فهذا منسوب إلى قبيلته، وهذا منسوب إلى أرضه وبلده حضرموت: (فقال الحضرمي: إن أرضي اغتصبها أبو هذا وهي في يده) يعني: بيد هذا الشخص الذي يخاصمه، ويريد أن يحصل عليها.

قال: (هل لك بينة؟ قال: لا. ولكن أحلفه) وهذا فيه أن المدعي هو الذي عليه البينة، وهو الذي يُطالب بالبينة؛ لأنه ادعى على غيره أن عنده حقاً، أو أن له عليه حقاً، فإن أقر المدعى عليه فلا يحتاج الأمر إلى شيء، ولكن إن أنكر طولب المدعي بالبينة، فإن أتى بالبينة حكم بها، وإن لم يؤت بها حلف المدعى عليه وبرئت ساحته إن حلف، وإن نكل قضي عليه بالنكول، يعني: ما دام أنه لم يحلف، والواجب والمتعين عليه أن يحلف، فإنه يحكم عليه، وإن حلف خلي سبيله.

والخصومة بينهم ستكون عند الله عز وجل إذا كان أخذ مالاً بغير حق، ولكن في الدنيا وفي الظاهر ليس هناك إلا البينات من قبل المدعين والإيمان من قبل المدعى عليهم.

وقوله: (ولكن أحلفه) يعني: أنه مستقر عنده أن اليمين على المدعى عليه؛ لأن المدعي ليس عنده بينة، فيطلب يمين المدعى عليه.

قوله: (والله يعلم أنها أرضي اغتصبنيها أبوه)، هذا تأكيد لقوله بأنه أرضه، وأضاف ذلك إلى أن الله تعالى يعلم، وأنه عالم بكل شيء، وأن الذي يعلمه الله عز وجل أنها أرضي، وهذا فيه تأكيد، وفيه أن الإنسان يضيف العلم إلى الله تعالى، وأن الله تعالى يعلم أن هذا هو الواقع، والله تعالى يعلم كل شيء، وهذا مما يعلمه الله على حقيقته؛ لأن الله يعلم كل شيء على ما هو عليه، والناس قد يحصل منهم ذكر الشيء على غير حقيقته، والله يعلم المحق من المبطل والكاذب من الصادق.

وفي بعض النسخ زيادة: (والله ما يعلم أنها أرضي)، وشرحها بعض الشراح فقال: إنه يريد أن يحلف بهذه الصيغة بأن يقول: (والله! ما يعلم أنها أرضي)، لكن يبدو -والله أعلم- أنه بدون (ما) أوضح؛ لأنه قال بعدها: (والله يعلم أنها أرضي اغتصبنيها أبوه)، أي: أن الله تعالى يعلم هذا وهذا، يعلم أنها أرضه، ويعلم أن أباه أغتصبها.

إذاً: بدون (ما) أوضح، وإذا كانت بـ(ما) فتفسيرها كما قال بعض الشراح: أنه يحلف بهذه الصيغة، يعني: أحلفه بأن يقول: (والله! ما يعلم أنها أرضي).

وقوله: (فتهيأ الكندي لليمين)، يعني: استعد أن يحلف، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لا يقتطع أحد مالاً بيمين إلا لقي الله وهو أجذم)، وقد فسر هذا بأنه ناقص البركة، أو فاقد البركة أو غير ذلك.

وقوله: (فقال الكندي: هي أرضه) أي: أنه كان مبطلاً، ولكن لما سمع بهذا الوعيد ترك تلك الأرض خوفاً من الله عز وجل، فقال: هي أرضه، فأخذها.

تراجم رجال إسناد حديث ( لا يقتطع أحد مالاً بيمين إلا لقي الله وهو أجذم )

قوله: [ حدثنا محمود بن خالد ].

هو محمود بن خالد الدمشقي ، وهو ثقة أخرج له أبو داود والنسائي وابن ماجة .

[ حدثنا الفريابي ].

هو محمد بن يوسف الفريابي ، وهو ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ حدثنا الحارث بن سليمان ].

الحارث بن سليمان صدوق، أخرج له أبو داود والنسائي .

[ حدثني كردوس ].

هو كردوس الثعلبي ، وهو مقبول، أخرج له البخاري في الأدب المفرد، وأبو داود والنسائي.

[ عن أشعث بن قيس ].

أشعث بن قيس رضي الله عنه قد مر ذكره.

وهذه القصة غير القصة السابقة، فهذه فيها أن رجلاً من كندة ورجلاً من حضرموت اختصما.. وفي الأولى قال: (كان بيني وبين رجل من اليهود أرض فجحدني...)، فالأولى تتعلق به، وهو أحد الطرفين فيها، وأما الثانية فليس طرفاً فيها، وإنما يخبر عن شيء حصل عند النبي صلى الله عليه وسلم وأن الخصمين اختصما، وأن أحدهما قال كذا والثاني قال كذا، فهذه قصة، وتلك قصة أخرى.

شرح حديث ( جاء رجل من حضرموت ورجل من كندة إلى رسول الله ... )

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا هناد بن السري حدثنا أبو الأحوص عن سماك عن علقمة بن وائل بن حجر الحضرمي عن أبيه رضي الله عنه قال: (جاء رجل من حضرموت ورجل من كندة إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فقال الحضرمي: يا رسول الله! إن هذا غلبني على أرض كانت لأبي، فقال الكندي: هي أرضي في يدي أزرعها ليس له فيها حق، قال: فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم للحضرمي: ألك بينة؟ قال: لا. قال: فلك يمينه، قال: يا رسول الله! إنه فاجر لا يبالي ما حلف عليه، ليس يتورع من شيء، فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: ليس لك منه إلا ذاك، فانطلق ليحلف له، فلما أدبر قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: أما لئن حلف على مال ليأكله ظالماً ليلقين الله عز وجل وهو عنه معرض) ].

أورد أبو داود حديث وائل بن حجر رضي الله عنه وفيه: ( أن رجلاً من حضرموت ورجلاً من كندة اختصما إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأن الحضرمي قال: إن هذا غلبني على أرض كانت لأبي، فقال الكندي: هي أرضي في يدي أزرعها، ليس له فيها حق)، يعني: هي في حوزتي وتحت تصرفي وتحت يدي، ويدي مستولية عليها، فهي لي، وأنا مالكها، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم : (ألك بينة)، ولم يكن عنده بينه، فقال له: (فلك يمينه) فقال: إنه فاجر وسيحلف ويأخذ حقي، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (ليس لك منه إلا ذاك)، يعني: إذا لم يكن عندك بينة، فليس هناك إلا اليمين، وليس لك منه إلا ذلك، فإن حلف فإنها تبقى في حوزته، وإن عدل عن الحلف فإنه يسلمها إليك.

قال: (فانطلق ليحلف له، فلما أدبر قال عليه الصلاة والسلام: (أما لئن حلف على مال ليأكله ظالماً ليلقين الله عز وجل وهو عنه معرض)، وهذا وعيد شديد في حق من حلف على يمين كاذبة من أجل أن يقتطع بها حق غيره، فمن فعل ذلك فإنه يلقى الله وهو معرض عنه.

وهذه القصة عن وائل بن حجر، وتلك عن الأشعث، فيحتمل أنهما قصتان ويحتمل أن تكون قصة واحدة واختلفت فيها الرواية، لكن هذه القصة ليس فيها أنه اعترف بأنها أرضه، وأما السابقة ففيها أنه اعترف وقال: هي أرضه، وتركها، وفي الأولى قال: إنها لأبي وأبوه اغتصبها، وأما هنا فقال: إن هذا غلبني على أرض كانت لأبي.

فإذا كانت هي نفس القصة الأولى فسيكون معنى قوله: (غلبني) أنها في يده ولم يمكني منها، وفي الحديث الأول أن أباه هو الذي غصبها، وهذا قام مقام أبيه، فيحتمل أن يكون أبوه -كما جاء في الحديث الأول- هو الذي أخذها وهذا ورثها، وأضيف إليه هنا أنه غلبه عليها على اعتبار أنه تمسك بها ولم يمكنه منها، فقال: إنه غلبه عليها وإن كان أصل الاغتصاب من أبيه، وهنا كأن الاغتصاب منه هو وأنه غلبه عليها، فيحتمل أن تكون قصتين، وأن تكونا قصة واحدة، ويكون توجيه الكلام على اعتبار أنه أضيف إليه المغالبة، وإن لم يكن هو الغاصب، وإنما هو وارث للغاصب؛ لأنه ممتنع من تسليمها لصاحبها.

وقوله: (فانطلق ليحلف له فلما أدبر).

قال صاحب عون المعبود: لعل المقصود من ذلك أنه ذهب ليحلف عند المنبر، كما سيأتي في الحديث الذي بعد هذا، والذي فيه تغليظ الحلف عند منبره صلى الله عليه وسلم، وأنه أراد أن يذهب ليحلف في ذلك المكان.

وقول النبي صلى الله عليه وسلم: (أما لئن حلف على مال)، لا يدل على الحلف ولا على عدمه، وإنما أخبر بأنه إن حصل منه كذا فإن عقوبته كذا وكذا، لكن هل حلف أو لم يحلف لا يوجد شيء يدل عليه.

تراجم رجال إسناد حديث ( جاء رجل من حضرموت ورجل من كندة إلى رسول الله ... )

قوله: [ حدثنا هناد بن السري حدثنا أبو الأحوص ].

هناد بن السري مر ذكره، وأبو الأحوص هو سلام بن سليم الحنفي ، وهو ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن سماك].

هو سماك بن حرب، وهو صدوق، أخرج له البخاري تعليقاً ومسلم وأصحاب السنن.

[ عن علقمة بن وائل بن حجر].

علقمة بن وائل بن حجر صدوق، أخرج له البخاري في رفع اليدين، ومسلم وأصحاب السنن.

وذكر الحافظ أنه لم يسمع من أبيه، ولكن الصحيح أنه قد سمع من أبيه، والذي لم يسمع من أبيه هو أخوه عبد الجبار بن وائل ، وأما علقمة فقد سمع، وقد أخرج له مسلم عدة أحاديث يرويها عن أبيه، ومسلم كما هو معلوم من شرطه الاتصال، وعدم الانقطاع، وكذلك جاء عن بعض العلماء أنهم أثبتوا سماعه منه، وقال الأمير علي : إنه سمع أباه، كما نص الترمذي في باب المرأة استكرهت على الزنا بقوله: علقمة بن وائل سمع من أبيه، وهو أكبر من عبد الجبار بن وائل الذي لم يسمع من أبيه. انتهى، وعدم السماع إنما يستلزمه قول يحيى بن معين فيما ذكره الذهبي، ولعله لم يثبت، فإن الإمام مسلماً روى في منع سب الدهر حديثه عن أبيه، وعليه الجمهور، فالله تعالى أعلم. انتهى كلامه.

قلت: وقد صرح البخاري في تاريخه وغيره أنه سمع من أبيه، فالصحيح أنه سمع من أبيه، فالحديث متصل وليس بمنقطع.

[ عن أبيه ].

أبوه هو وائل بن حجر رضي الله عنه، وهو صحابي أخرج حديثه البخاري في جزء القراءة ومسلم وأصحاب السنن.