شرح سنن أبي داود [304]


الحلقة مفرغة

شرح حديث (إياكم أن تتخذوا ظهور دوابكم منابر...)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب في الوقوف على الدابة.

حدثنا عبد الوهاب بن نجدة حدثنا ابن عياش عن يحيى بن أبي عمرو السيباني عن أبي مريم عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إياكم أن تتخذوا ظهور دوابكم منابر، فإن الله إنما سخرها لكم لتبلغكم إلى بلد لم تكونوا بالغيه إلا بشق الأنفس، وجعل لكم الأرض، فعليها فاقضوا حاجتكم) ].

أورد أبو داود هذه الترجمة، وهي: باب في الوقوف على الدابة، أي: الركوب والجلوس عليها، والاستقرار عليها، فالإنسان لا يستقر عليها إلا لحاجة، إما كونه راكباً مسافراً، أو لحاجة، ككونه وقف عليها بعرفة كما وقف رسول الله صلى الله عليه وسلم، أما أن يستقر الإنسان عليها ويتحدث ويقضي الساعات وهو جالس عليها لا تمشي، وليس بحاجة إلى أن يركب عليها، وإنما يتخذها مستقراً وكأنه جالس على منبر يحدث صاحبه في الأمور المختلفة، فإن هذا لا يصلح ولا ينبغي؛ لأن هذا فيه إضرار بالدابة، والله تعالى جعل تلك الدواب ليركب عليها، ولتوصل إلى مكان لا يوصل إليه إلا بشق الأنفس، أما أن تتخذ مستقراً ومركباً يجلس الإنسان ويستقر عليها وهي واقفة، ويتحدث مع صاحبه وكأن كلاً منهما جالس على منبر فهذا لا يصلح ولا يليق؛ لأن هذا فيه إضرار.

والإنسان إذا أراد أن يتحدث يجلس على الأرض ولا يجلس على الدابة فيؤذيها، ويكون جالساً عليها كأنه جالس على كرسي أو على منبر، وأما إذا كان هناك حاجة بأن يكون مرتفعاً أو أن يقف عليها بعرفة يخطب عليها كما خطب الرسول صلى الله عليه وسلم وهو على ناقته، فذلك لا بأس به، وإنما المحذور أن يتخذها مستقراً له، والمقصود بالوقوف هو الاستقرار عليها، وليس معنى ذلك أن يقف عليها على رجليه؛ لأن الواقف على رجليه إذا تحركت يسقط، وإنما المقصود أن يستقر ويجلس عليها فتكون مستقراً وكأنه جالس على الأرض، فهذا هو الذي يمنع منه، وهو الذي نهى عنه الرسول صلى الله عليه وسلم.

أورد أبو داود حديث أبي هريرة: (إياكم أن تتخذوا ظهور دوابكم منابر) يعني: تجلسون وتستقرون عليها كاستقرار الواحد على المنبر وجلوسه على المنبر.

قوله: [ (فإن الله إنما سخرها لكم لتبلغكم إلى بلد لم تكونوا بالغيه إلا بشق الأنفس) ].

أي: سخرها لتركبوا عليها؛ ولتقطعوا المسافات، أما أن يتخذها الإنسان مستقراً له وهي واقفة، ويجلس يحدث صاحبه كأنهما جالسان على الأرض يتحدثان ويؤذيان الدابة فهذا لا يليق ولا يصلح.

[ (وجعل لكم الأرض فعليها فاقضوا حاجتكم) ].

أي: اجلسوا على الأرض وتحدثوا كيف شئتم، أما أن يكون الواحد مستقراً على البعير يحدث صاحبه ويؤذي البعير فهذا لا يصلح.

فالمحذور أن تجلسوا على الإبل والدواب فتؤذوها بطول الجلوس الذي لا يحصل من ورائه فائدة، والفائدة إنما هي بقطع المسافات، وكون الإنسان يسلم من التعب والنصب في المشي فيركب، فهذا هو الذي يناسب مع الإبل، أما أن يتخذها الإنسان منبراً أو مستقراً فهذا لا يصلح، فالحديث إذا كان مجرد حديث أو قطع الوقت بالأحاديث فليكن والمتحدثان على الأرض لا على الدواب.

تراجم رجال إسناد حديث (إياكم أن تتخذوا ظهور دوابكم منابر...)

قوله: [ حدثنا عبد الوهاب بن نجدة ].

عبد الوهاب بن نجدة ، ثقة، أخرج له أبو داود والنسائي .

[ حدثنا ابن عياش ].

وهو: إسماعيل بن عياش ، وهو صدوق في روايته عن الشاميين مخلط في غيرهم، وهذا من روايته عن الشاميين، أخرج له البخاري في رفع اليدين وأصحاب السنن.

[ عن يحيى بن أبي عمرو السيباني ].

يحيى بن أبي عمرو السيباني ، وهو ثقة، أخرج له البخاري في الأدب المفرد وأصحاب السنن.

[ عن أبي مريم ].

أبو مريم الأنصاري ، وهو ثقة، أخرج له البخاري في الأدب المفرد وأبو داود والترمذي .

[ عن أبي هريرة ].

عبد الرحمن بن صخر الدوسي ، صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو أكثر أصحابه حديثاً على الإطلاق رضي الله عنه وأرضاه.

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب في الوقوف على الدابة.

حدثنا عبد الوهاب بن نجدة حدثنا ابن عياش عن يحيى بن أبي عمرو السيباني عن أبي مريم عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إياكم أن تتخذوا ظهور دوابكم منابر، فإن الله إنما سخرها لكم لتبلغكم إلى بلد لم تكونوا بالغيه إلا بشق الأنفس، وجعل لكم الأرض، فعليها فاقضوا حاجتكم) ].

أورد أبو داود هذه الترجمة، وهي: باب في الوقوف على الدابة، أي: الركوب والجلوس عليها، والاستقرار عليها، فالإنسان لا يستقر عليها إلا لحاجة، إما كونه راكباً مسافراً، أو لحاجة، ككونه وقف عليها بعرفة كما وقف رسول الله صلى الله عليه وسلم، أما أن يستقر الإنسان عليها ويتحدث ويقضي الساعات وهو جالس عليها لا تمشي، وليس بحاجة إلى أن يركب عليها، وإنما يتخذها مستقراً وكأنه جالس على منبر يحدث صاحبه في الأمور المختلفة، فإن هذا لا يصلح ولا ينبغي؛ لأن هذا فيه إضرار بالدابة، والله تعالى جعل تلك الدواب ليركب عليها، ولتوصل إلى مكان لا يوصل إليه إلا بشق الأنفس، أما أن تتخذ مستقراً ومركباً يجلس الإنسان ويستقر عليها وهي واقفة، ويتحدث مع صاحبه وكأن كلاً منهما جالس على منبر فهذا لا يصلح ولا يليق؛ لأن هذا فيه إضرار.

والإنسان إذا أراد أن يتحدث يجلس على الأرض ولا يجلس على الدابة فيؤذيها، ويكون جالساً عليها كأنه جالس على كرسي أو على منبر، وأما إذا كان هناك حاجة بأن يكون مرتفعاً أو أن يقف عليها بعرفة يخطب عليها كما خطب الرسول صلى الله عليه وسلم وهو على ناقته، فذلك لا بأس به، وإنما المحذور أن يتخذها مستقراً له، والمقصود بالوقوف هو الاستقرار عليها، وليس معنى ذلك أن يقف عليها على رجليه؛ لأن الواقف على رجليه إذا تحركت يسقط، وإنما المقصود أن يستقر ويجلس عليها فتكون مستقراً وكأنه جالس على الأرض، فهذا هو الذي يمنع منه، وهو الذي نهى عنه الرسول صلى الله عليه وسلم.

أورد أبو داود حديث أبي هريرة: (إياكم أن تتخذوا ظهور دوابكم منابر) يعني: تجلسون وتستقرون عليها كاستقرار الواحد على المنبر وجلوسه على المنبر.

قوله: [ (فإن الله إنما سخرها لكم لتبلغكم إلى بلد لم تكونوا بالغيه إلا بشق الأنفس) ].

أي: سخرها لتركبوا عليها؛ ولتقطعوا المسافات، أما أن يتخذها الإنسان مستقراً له وهي واقفة، ويجلس يحدث صاحبه كأنهما جالسان على الأرض يتحدثان ويؤذيان الدابة فهذا لا يليق ولا يصلح.

[ (وجعل لكم الأرض فعليها فاقضوا حاجتكم) ].

أي: اجلسوا على الأرض وتحدثوا كيف شئتم، أما أن يكون الواحد مستقراً على البعير يحدث صاحبه ويؤذي البعير فهذا لا يصلح.

فالمحذور أن تجلسوا على الإبل والدواب فتؤذوها بطول الجلوس الذي لا يحصل من ورائه فائدة، والفائدة إنما هي بقطع المسافات، وكون الإنسان يسلم من التعب والنصب في المشي فيركب، فهذا هو الذي يناسب مع الإبل، أما أن يتخذها الإنسان منبراً أو مستقراً فهذا لا يصلح، فالحديث إذا كان مجرد حديث أو قطع الوقت بالأحاديث فليكن والمتحدثان على الأرض لا على الدواب.

قوله: [ حدثنا عبد الوهاب بن نجدة ].

عبد الوهاب بن نجدة ، ثقة، أخرج له أبو داود والنسائي .

[ حدثنا ابن عياش ].

وهو: إسماعيل بن عياش ، وهو صدوق في روايته عن الشاميين مخلط في غيرهم، وهذا من روايته عن الشاميين، أخرج له البخاري في رفع اليدين وأصحاب السنن.

[ عن يحيى بن أبي عمرو السيباني ].

يحيى بن أبي عمرو السيباني ، وهو ثقة، أخرج له البخاري في الأدب المفرد وأصحاب السنن.

[ عن أبي مريم ].

أبو مريم الأنصاري ، وهو ثقة، أخرج له البخاري في الأدب المفرد وأبو داود والترمذي .

[ عن أبي هريرة ].

عبد الرحمن بن صخر الدوسي ، صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو أكثر أصحابه حديثاً على الإطلاق رضي الله عنه وأرضاه.

شرح حديث (تكون إبل للشياطين وبيوت للشياطين...)

قال المصنف رحمه الله تعالى [ باب في الجنائب.

حدثنا محمد بن رافع حدثنا ابن أبي فديك حدثني عبد الله بن أبي يحيى عن سعيد بن أبي هند قال: قال أبو هريرة رضي الله عنه: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (تكون إبل للشياطين، وبيوت للشياطين، فأما إبل الشياطين فقد رأيتها، يخرج أحدكم بجنيبات معه قد أسمنها، فلا يعلو بعيراً منها، ويمر بأخيه قد انقطع به فلا يحمله، وأما بيوت الشياطين فلم أرها) كان سعيد يقول: لا أراها إلا هذه الأقفاص التي يستر الناس بالديباج ].

أورد أبو داود هذه الترجمة، وهي: باب في الجنائب. جمع جنيبة، وهي الدابة أو الناقة التي تسمن ثم لا يستفاد منها عند الحاجة إليها.

أورد أبو داود حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: (تكون إبل للشياطين، وبيوت للشياطين، أما إبل الشياطين فقد رأيتها، يخرج أحدكم بجنبيات معه قد أسمنها) يعني: قد قام بعلفها وهي سمينة، وقادرة على أن يركب عليها، وأن يحمل عليها، ولكنه لا يجعل أحداً يعلو عليها، وقد يمر بشخص منقطع في الفلاة فلا يحمله عليها، مع أنه بحاجة إليها، شحاً بالإحسان، وعدم قيام بالإحسان إلى من هو محتاج إليه.

(وأما بيوت الشياطين فلم أرها) قال أحد الرواة: كان سعيد يقول: لا أراها إلا هذه الأقفاص التي يستر الناس بالديباج.

سعيد هو الذي يروي عن أبي هريرة، فقال: لا أراها إلا هذه الأقفاص التي يسترها الناس بالديباج، يريد بها الهوادج التي تحمل على البعير ويركب عليها ويسترونها بالديباج من داخلها يعني: يجعلون فيها الديباج لتجلس عليها المرأة صاحبة الهودج.

والشيخ ناصر رحمة الله عليه يقول: لعله هذه السيارات التي وجدت والتي هي مثل البيوت، والإنسان يكون مستقراً فيها، ولكن الحديث ضعيف، والشيخ ناصر حسنه في بعض كتبه، بناءً على ظاهر إسناده، ولكنه بعد ذلك تبين أن سعيد بن أبي هند لم يلق أبا هريرة ؛ فيكون منقطعاً، وقد نبه على ذلك في السلسلة الضعيفة بعد أن أورده في السلسلة الصحيحة في أوله، وقد أتى به في الضعيفة رقم (2303)، وبين أنه تنبه لهذا فيما بعد، وأن الحديث يكون ضعيفاً، ولا يكون حسناً كما قال من قبل، حيث أورده في الصحيحة، وذلك أنه حسنه بناءً على ظاهر إسناده، لكنه لما تبين أن سعيد بن أبي هند لم يلق أبا هريرة فيكون منقطعاً، فعلته الانقطاع، فهو حديث ضعيف لا تقوم به حجة.

وكان قد ذكره في المائة الأولى من الصحيحة، ولكنه بعد ذلك أشار إلى وقوفه على هذه العلة، وأنه ضعفه لذلك.

والبيوت: على تفسير سعيد تتعلق بالإبل؛ لأن الهوادج إنما تحمل على الإبل، والمرأة تكون في هودج تدخل وتستقر فيه، وعائشة رضي الله عنها كانت في هودج لما كانوا في الغزوة التي كانت فيها وفقدت لما تخلفت وكانت خفيفة، فحملوا الهودج وظنوا أنها فيه، ثم بعد ذلك ذهبوا وتركوها، وأتى بها صفوان بن معطل ، يعني: كانت في الهودج، فحملوا الهودج وكانت هي خفيفة فطنوا أنها فيه، فالهوادج: هي الأقفاص على ما قال سعيد ، ويحتمل أن تكون غير ذلك، لكن الحديث من أصله غير ثابت.

تراجم رجال إسناد حديث (تكون إبل للشياطين وبيوت للشياطين...)

قوله: [ حدثنا محمد بن رافع ].

محمد بن رافع النيسابوري القشيري ، هو شيخ مسلم ، وهو من بلده وقبيلته؛ لأن مسلماً قشيري ونيسابوري، ولهذا لما ذكر ابن الصلاح البخاري ومسلماً قال: إن البخاري الجعفي مولاهم، وذكر مسلماً قال: القشيري من أنفسهم، يعني أنه منسوب إليهم نسبة أصل ونسب، وليست نسبة ولاء.

وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا ابن ماجة ، وهو - محمد بن رافع - الذي روى مسلم عن طريقه كل الأحاديث التي هي من صحيفة همام بن منبه التي انتقى منها أحاديث كثيرة، منها ما اتفق معه البخاري فيه، ومنها ما انفرد عن البخاري فيه، وكلها من طريق محمد بن رافع عن عبد الرزاق عن معمر عن همام عن أبي هريرة فـمسلم مكثر عن محمد بن رافع هذا، وهو من أهل بلده وقبيلته.

[ حدثنا ابن أبي فديك ].

وهو: محمد بن إسماعيل بن مسلم بن أبي فديك ، صدوق، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ حدثني عبد الله بن أبي يحيى ].

عبد الله بن أبي يحيى ، وهو ثقة، أخرج له البخاري في الأدب المفرد وأبو داود .

[ عن سعيد بن أبي هند ].

سعيد بن أبي هند ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن أبي هريرة ].

أبو هريرة عبد الرحمن بن صخر الدوسي ، صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأكثر أصحابه حديثاً على الإطلاق رضي الله عنه وأرضاه.

والعلة: هي الانقطاع بين سعيد بن أبي هند وأبي هريرة ؛ لأنه لم يلقه، فروايته مرسلة عن أبي هريرة .

قال المصنف رحمه الله تعالى [ باب في الجنائب.

حدثنا محمد بن رافع حدثنا ابن أبي فديك حدثني عبد الله بن أبي يحيى عن سعيد بن أبي هند قال: قال أبو هريرة رضي الله عنه: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (تكون إبل للشياطين، وبيوت للشياطين، فأما إبل الشياطين فقد رأيتها، يخرج أحدكم بجنيبات معه قد أسمنها، فلا يعلو بعيراً منها، ويمر بأخيه قد انقطع به فلا يحمله، وأما بيوت الشياطين فلم أرها) كان سعيد يقول: لا أراها إلا هذه الأقفاص التي يستر الناس بالديباج ].

أورد أبو داود هذه الترجمة، وهي: باب في الجنائب. جمع جنيبة، وهي الدابة أو الناقة التي تسمن ثم لا يستفاد منها عند الحاجة إليها.

أورد أبو داود حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: (تكون إبل للشياطين، وبيوت للشياطين، أما إبل الشياطين فقد رأيتها، يخرج أحدكم بجنبيات معه قد أسمنها) يعني: قد قام بعلفها وهي سمينة، وقادرة على أن يركب عليها، وأن يحمل عليها، ولكنه لا يجعل أحداً يعلو عليها، وقد يمر بشخص منقطع في الفلاة فلا يحمله عليها، مع أنه بحاجة إليها، شحاً بالإحسان، وعدم قيام بالإحسان إلى من هو محتاج إليه.

(وأما بيوت الشياطين فلم أرها) قال أحد الرواة: كان سعيد يقول: لا أراها إلا هذه الأقفاص التي يستر الناس بالديباج.

سعيد هو الذي يروي عن أبي هريرة، فقال: لا أراها إلا هذه الأقفاص التي يسترها الناس بالديباج، يريد بها الهوادج التي تحمل على البعير ويركب عليها ويسترونها بالديباج من داخلها يعني: يجعلون فيها الديباج لتجلس عليها المرأة صاحبة الهودج.

والشيخ ناصر رحمة الله عليه يقول: لعله هذه السيارات التي وجدت والتي هي مثل البيوت، والإنسان يكون مستقراً فيها، ولكن الحديث ضعيف، والشيخ ناصر حسنه في بعض كتبه، بناءً على ظاهر إسناده، ولكنه بعد ذلك تبين أن سعيد بن أبي هند لم يلق أبا هريرة ؛ فيكون منقطعاً، وقد نبه على ذلك في السلسلة الضعيفة بعد أن أورده في السلسلة الصحيحة في أوله، وقد أتى به في الضعيفة رقم (2303)، وبين أنه تنبه لهذا فيما بعد، وأن الحديث يكون ضعيفاً، ولا يكون حسناً كما قال من قبل، حيث أورده في الصحيحة، وذلك أنه حسنه بناءً على ظاهر إسناده، لكنه لما تبين أن سعيد بن أبي هند لم يلق أبا هريرة فيكون منقطعاً، فعلته الانقطاع، فهو حديث ضعيف لا تقوم به حجة.

وكان قد ذكره في المائة الأولى من الصحيحة، ولكنه بعد ذلك أشار إلى وقوفه على هذه العلة، وأنه ضعفه لذلك.

والبيوت: على تفسير سعيد تتعلق بالإبل؛ لأن الهوادج إنما تحمل على الإبل، والمرأة تكون في هودج تدخل وتستقر فيه، وعائشة رضي الله عنها كانت في هودج لما كانوا في الغزوة التي كانت فيها وفقدت لما تخلفت وكانت خفيفة، فحملوا الهودج وظنوا أنها فيه، ثم بعد ذلك ذهبوا وتركوها، وأتى بها صفوان بن معطل ، يعني: كانت في الهودج، فحملوا الهودج وكانت هي خفيفة فطنوا أنها فيه، فالهوادج: هي الأقفاص على ما قال سعيد ، ويحتمل أن تكون غير ذلك، لكن الحديث من أصله غير ثابت.

قوله: [ حدثنا محمد بن رافع ].

محمد بن رافع النيسابوري القشيري ، هو شيخ مسلم ، وهو من بلده وقبيلته؛ لأن مسلماً قشيري ونيسابوري، ولهذا لما ذكر ابن الصلاح البخاري ومسلماً قال: إن البخاري الجعفي مولاهم، وذكر مسلماً قال: القشيري من أنفسهم، يعني أنه منسوب إليهم نسبة أصل ونسب، وليست نسبة ولاء.

وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا ابن ماجة ، وهو - محمد بن رافع - الذي روى مسلم عن طريقه كل الأحاديث التي هي من صحيفة همام بن منبه التي انتقى منها أحاديث كثيرة، منها ما اتفق معه البخاري فيه، ومنها ما انفرد عن البخاري فيه، وكلها من طريق محمد بن رافع عن عبد الرزاق عن معمر عن همام عن أبي هريرة فـمسلم مكثر عن محمد بن رافع هذا، وهو من أهل بلده وقبيلته.

[ حدثنا ابن أبي فديك ].

وهو: محمد بن إسماعيل بن مسلم بن أبي فديك ، صدوق، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ حدثني عبد الله بن أبي يحيى ].

عبد الله بن أبي يحيى ، وهو ثقة، أخرج له البخاري في الأدب المفرد وأبو داود .

[ عن سعيد بن أبي هند ].

سعيد بن أبي هند ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن أبي هريرة ].

أبو هريرة عبد الرحمن بن صخر الدوسي ، صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأكثر أصحابه حديثاً على الإطلاق رضي الله عنه وأرضاه.

والعلة: هي الانقطاع بين سعيد بن أبي هند وأبي هريرة ؛ لأنه لم يلقه، فروايته مرسلة عن أبي هريرة .

شرح حديث (إذا سافرتم في الخصب فأعطوا الإبل حقها...)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب في سرعة السير والنهي عن التعريس في الطريق.

حدثنا موسى بن إسماعيل حدثنا حماد أخبرنا سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال (إذا سافرتم في الخصب فأعطوا الإبل حقها، وإذا سافرتم في الجدب فأسرعوا السير، فإذا أردتم التعريس فتنكبوا عن الطريق) ].

أورد أبو داود هذه الترجمة، وهي: باب في سرعة السير، يعني: في السفر، والنهي عن التعريس في الطريق.

سرعة السير أي: الذي لا يكون فيه مشقة على الإبل والدواب، وإلحاق الضرر بها.

والتعريس في الطريق يعني: النوم في آخر الليل على الطريق، وذلك أن النوم على الطريق قد يتسبب في انجفال الإبل التي تأتي مع الطريق، فقد تلحق ضرراً بمن يكون نائماً حوله، أو أن الطريق التي تسير فيها الإبل تكون لينة، ويكون فيها سهولة، فقد تأتي الحشرات إليها والدواب التي يحصل من ورائها ضرر، وقد يرمى عليه من الراكبين أشياء، فتأتي تلك الحشرات ودواب الأرض من أجل هذا الذي قد يرمى في الطريق، فالنزول على الطريق يترتب عليه محاذير، ولهذا جاءت السنة في التنكب عن الطريق والابتعاد عنه، يعني: ما يكون حوله شيء بحيث يلحق الإنسان به ضرر، إما بكون إبل تنفر فتطؤه، أو دواب تكون جاءت إلى الطريق تلتمس شيئاً رمي من المارة والمشاة فيها، فيترتب على ذلك إضرار بمن حول الطريق من الذين عرسوا وناموا فيه.

أورد أبو داود حديث أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إذا سافرتم في الخصب فأعطوا الإبل حقها) يعني: خففوا السير حتى ترعى وتستفيد من هذا الخصب، (وإذا سافرتم في الجدب فأسرعوا السير)؛ لأن الإسراع بها فيه قطع للطريق لئلا يصيبها ضعف فتعجز عن إيصال من تحمله إلى ما يريد، وقد يكون وراء هذا المكان المجدب مكان مخصب تستفيد الإبل منه، فجاءت السنة في أن الأرض المخصبة لا يسرع فيها حتى تستفيد الإبل منها، والأرض المجدبة يسرع فيها حتى لا يحصل إعياء بها وعدم قدرة على مواصلة السير، وأيضاً لما يمكن أن يحصل من وجود خصب بعد ذلك.

قوله: [ (فإذا أردتم التعريس فتنكبوا عن الطريق) ].

أي: وإذا أردتم التعريس وأردتم أن تستريحوا وتنزلوا في آخر الليل فتنكبوا الطريق، يعني: ابتعدوا عن الطريق حتى لا يحصل لكم أذى بسبب النزول قريباً منه.

تراجم رجال إسناد حديث (إذا سافرتم في الخصب فأعطوا الإبل حقها...)

قوله: [ حدثنا موسى بن إسماعيل ].

موسى بن إسماعيل التبوذكي البصري ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ حدثنا حماد ].

حماد بن سلمة بن دينار البصري ، ثقة، أخرج له البخاري تعليقاً ومسلم وأصحاب السنن.

[ أخبرنا سهيل بن أبي صالح ].

سهيل بن أبي صالح ، وهو صدوق، أخرج له أصحاب الكتب الستة، وروى له البخاري مقروناً.

[ عن أبيه ].

أبو صالح السمان ذكوان ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن أبي هريرة ].

أبو هريرة قد مر ذكره.

شرح حديث (إذا سافرتم في الخصب فأعطوا الإبل حقها) من طريق أخرى

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا عثمان بن أبي شيبة حدثنا يزيد بن هارون أخبرنا هشام عن الحسن عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم نحو هذا، قال بعد قوله (حقها): (ولا تعدوا المنازل) ].

أورد أبو داود حديث جابر وهو بمعنى الأول، وقال فيه: (ولا تعدوا المنازل) يعني: من حيث الإسراع، كونه أمر بالإسراع في حال الجدب، ففي حال كون الأرض مجدبة لا يعدو المنازل يعني: التي اعتيد أنهم يعدونها فيقولون: من مرحلة إلى مرحلة في المنزل الفلاني، إذا نزل اليوم في منزل فالمرحلة الثانية هي كذا، مثلما كان يعرف أن الطرق يعرفونها ويحددونها بالمراحل، فمن مكة إلى المدينة تسع مراحل، فإذا صارت سبع مراحل فمعناه وجود تعب ومشقة على الدواب، فهو يزيد على الشيء المعتاد.

فقوله: (لا تعدوا المنازل) أي: التي أعتيد أن تكون مراحل للنزول، واعتيد أن تكون مسافات تقطع في اليوم، بحيث إنهم يسرعون سرعة شديدة تلحق بالإبل مضرة، فبدل ما يقطعون المسافة في تسعة أيام يقطعونها في سبعة أيام أو ستة أيام أو خمسة أيام، هذا لا يتأتى إلا بإلحاق الضرر بالدواب.

تراجم رجال إسناد حديث (إذا سافرتم في الخصب فأعطوا الإبل حقها) من طريق أخرى

قوله: [ حدثنا عثمان بن أبي شيبة ].

عثمان بن أبي شيبة ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا الترمذي وإلا النسائي فقد أخرج له في عمل اليوم والليلة.

[ حدثنا يزيد بن هارون ].

يزيد بن هارون الواسطي ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ أخبرنا هشام ].

هشام بن حسان ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن الحسن ].

الحسن بن أبي الحسن البصري ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن جابر بن عبد الله ].

جابر بن عبد الله الأنصاري رضي الله تعالى عنهما، وهو الصحابي الجليل، أحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.


استمع المزيد من الشيخ عبد المحسن العباد - عنوان الحلقة اسٌتمع
شرح سنن أبي داود [139] 2890 استماع
شرح سنن أبي داود [462] 2842 استماع
شرح سنن أبي داود [106] 2835 استماع
شرح سنن أبي داود [032] 2731 استماع
شرح سنن أبي داود [482] 2702 استماع
شرح سنن أبي داود [529] 2693 استماع
شرح سنن أبي داود [555] 2686 استماع
شرح سنن أبي داود [177] 2679 استماع
شرح سنن أبي داود [097] 2654 استماع
شرح سنن أبي داود [273] 2650 استماع