شرح سنن أبي داود [245]


الحلقة مفرغة

شرح حديث الدعاء للمتزوج عند الزواج

قال المصنف رحمه الله تعالى [ باب ما يقال للمتزوج:

حدثنا قتيبة بن سعيد حدثنا عبد العزيز -يعني ابن محمد - عن سهيل عن أبيه عن أبي هريرة رضي الله عنه (أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان إذا رفأ الإنسان إذا تزوج قال: بارك الله لك، وبارك عليك، وجمع بينكما في خير) ].

أورد أبو داود رحمه الله هذه الترجمة، وهي [ باب ما يقال للمتزوج ] يعني: ما يفاتح به عند اللقاء به من الدعاء له عند الزواج، فإنه يدعى له بهذا الدعاء الثابت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.

فقوله: [ (بارك الله لك، وبارك عليك، وجمع بينكما في خير) ] هذا هو الذي يقال للمتزوج، وفي الجاهلية كانوا يقولون: بالرفاء والبنين. فهذه تهنئة أهل الجاهلية، وهذا هو الدعاء الذي كان في الجاهلية، ومعناه أن تحصل السعادة ويحصل الوئام والوفاق والسكون والهدوء، وكذلك يحصل البنون، ولكن جاء الإسلام بترك هذه التهنئة والإتيان بما هو خير منها، وهو [ (بارك الله لك، وبارك عليك، وجمع بينكما في خير) ]، فيدعي له بالبركة وأن يحصل الوئام والوفاق والجمع بينهما على خير، وهذا هو الذي يريده المتزوج؛ لأن كل خير يحصل بذلك يدخل في هذا العموم، سواء أكان بالبنين أم بغير البنين، فهو دعاء جاءت به السنة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وفيه الخير وفيه البركة.

وقوله: [ (رفأ) ] يعني: هنأه ودعا له، والرفء قيل: إن المقصود به السكون، أي: سكون روعه وحصول هدوئه، وأنه يحصل السكن بهذا الزواج.

والله تعالى قد امتن على العباد بالزواج ليسكن الأزواج إلى الزوجات فقال: وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً [الروم:21].

وقيل: إنه من الوئام والوفاق، مأخوذ من رفأ الثوب إذ لمَّ أطرافه، وإذا كان خرق فإنه يرفأ، بمعنى أنه يضم بعضه إلى بعض، فيكون فيه بدل التمزق رفؤه ووصل بعضه ببعض، فالزواج يراد به أن يكون فيه الوئام ويكون فيه الاجتماع على ما هو خير.

وينبغي أن يلتزم بهذا الدعاء عن النبي صلى الله عليه وسلم، وأما التهنئة بحصول المال والأولاد ونحو ذلك فهي شبيهة بتهنئة أهل الجاهلية.

وهذه التهنئة تقال للرجل عند العقد وبعد العقد وبعد الزواج.

تراجم رجال إسناد حديث الدعاء للمتزوج عند الزواج

قوله: [ حدثنا قتيبة بن سعيد ].

هو قتيبة بن سعيد بن جميل بن طريف البغلاني ، وبغلان قرية من قرى بلخ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ حدثنا عبد العزيز -يعني ابن محمد - ].

هو عبد العزيز بن محمد الدراوردي ، وهو صدوق، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن سهيل ].

هو سهيل بن أبي صالح ، وهو صدوق، أخرج له أصحاب الكتب الستة، ويروي البخاري عنه مقروناً بغيره.

[ عن أبيه ].

هو أبو صالح السمان ، واسمه ذكوان ، ولقبه السمان ، ويقال: الزيات ؛ لأنه كان يجلب السمن والزيت، فقيل له: السمان ، وقيل له: الزيات ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن أبي هريرة ].

هو عبد الرحمن بن صخر الدوسي صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو أكثر الصحابة حديثاً على الإطلاق رضي الله عنه وأرضاه.

قال المصنف رحمه الله تعالى [ باب ما يقال للمتزوج:

حدثنا قتيبة بن سعيد حدثنا عبد العزيز -يعني ابن محمد - عن سهيل عن أبيه عن أبي هريرة رضي الله عنه (أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان إذا رفأ الإنسان إذا تزوج قال: بارك الله لك، وبارك عليك، وجمع بينكما في خير) ].

أورد أبو داود رحمه الله هذه الترجمة، وهي [ باب ما يقال للمتزوج ] يعني: ما يفاتح به عند اللقاء به من الدعاء له عند الزواج، فإنه يدعى له بهذا الدعاء الثابت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.

فقوله: [ (بارك الله لك، وبارك عليك، وجمع بينكما في خير) ] هذا هو الذي يقال للمتزوج، وفي الجاهلية كانوا يقولون: بالرفاء والبنين. فهذه تهنئة أهل الجاهلية، وهذا هو الدعاء الذي كان في الجاهلية، ومعناه أن تحصل السعادة ويحصل الوئام والوفاق والسكون والهدوء، وكذلك يحصل البنون، ولكن جاء الإسلام بترك هذه التهنئة والإتيان بما هو خير منها، وهو [ (بارك الله لك، وبارك عليك، وجمع بينكما في خير) ]، فيدعي له بالبركة وأن يحصل الوئام والوفاق والجمع بينهما على خير، وهذا هو الذي يريده المتزوج؛ لأن كل خير يحصل بذلك يدخل في هذا العموم، سواء أكان بالبنين أم بغير البنين، فهو دعاء جاءت به السنة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وفيه الخير وفيه البركة.

وقوله: [ (رفأ) ] يعني: هنأه ودعا له، والرفء قيل: إن المقصود به السكون، أي: سكون روعه وحصول هدوئه، وأنه يحصل السكن بهذا الزواج.

والله تعالى قد امتن على العباد بالزواج ليسكن الأزواج إلى الزوجات فقال: وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً [الروم:21].

وقيل: إنه من الوئام والوفاق، مأخوذ من رفأ الثوب إذ لمَّ أطرافه، وإذا كان خرق فإنه يرفأ، بمعنى أنه يضم بعضه إلى بعض، فيكون فيه بدل التمزق رفؤه ووصل بعضه ببعض، فالزواج يراد به أن يكون فيه الوئام ويكون فيه الاجتماع على ما هو خير.

وينبغي أن يلتزم بهذا الدعاء عن النبي صلى الله عليه وسلم، وأما التهنئة بحصول المال والأولاد ونحو ذلك فهي شبيهة بتهنئة أهل الجاهلية.

وهذه التهنئة تقال للرجل عند العقد وبعد العقد وبعد الزواج.

قوله: [ حدثنا قتيبة بن سعيد ].

هو قتيبة بن سعيد بن جميل بن طريف البغلاني ، وبغلان قرية من قرى بلخ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ حدثنا عبد العزيز -يعني ابن محمد - ].

هو عبد العزيز بن محمد الدراوردي ، وهو صدوق، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن سهيل ].

هو سهيل بن أبي صالح ، وهو صدوق، أخرج له أصحاب الكتب الستة، ويروي البخاري عنه مقروناً بغيره.

[ عن أبيه ].

هو أبو صالح السمان ، واسمه ذكوان ، ولقبه السمان ، ويقال: الزيات ؛ لأنه كان يجلب السمن والزيت، فقيل له: السمان ، وقيل له: الزيات ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن أبي هريرة ].

هو عبد الرحمن بن صخر الدوسي صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو أكثر الصحابة حديثاً على الإطلاق رضي الله عنه وأرضاه.

شرح حديث بصرة في زواجه بامرأة وجدها حبلى

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب في الرجل يتزوج المرأة فيجدها حبلى.

حدثنا مخلد بن خالد والحسن بن علي ومحمد بن أبي السري المعنى، قالوا: حدثنا عبد الرزاق قال: أخبرنا ابن جريج عن صفوان بن سليم عن سعيد بن المسيب عن رجل من الأنصار -قال ابن أبي السري : من أصحاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم، ولم يقل من الأنصار: ثم اتفقوا- يقال له: بصرة رضي الله عنه قال: (تزوجت امرأة بكراً في سترها فدخلت عليها فإذا هي حبلى، فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: لها الصداق بما استحللت من فرجها، والولد عبد لك، فإذا ولدت -قال الحسن - فاجلدها. وقال ابن أبي السري : فاجلدوها. أو قال: فحدوها) ].

أورد أبو داود رحمه الله هذه الترجمة، وهي [ باب الرجل يتزوج المرأة فيجدها حبلى ] أي: ما الحكم؟

ومعلوم أن المرأة إذا كانت حبلى لا يجوز العقد عليها ولا يجوز وطؤها ما دام في بطنها حمل، فليس للإنسان أن يسقي ماءه زرع غيره، ولا يجوز له ذلك.

وقد أورد أبو داود رحمه الله حديث رجل اسمه بصرة قال: [ (تزوجت امرأة بكراً في سترها) ].

ومعناه أنه تزوجها على أنها بكر لم تتزوج من قبل وما دخل عليها زوج، فوجدها حبلى، ومعلوم أن حمل البكر التي لم يسبق لها زواج هو من سفاح، ووطؤها مع وجود الحمل لا يجوز؛ لأنه سقي لزرع غيره ولو كان ذلك الحمل إنما حصل عن طريق الحرام، فإنه لا يجوز له، ولو عقد عليها وحصل منه الجماع فإنه يكون قد استحل فرجها فيكون لها الصداق بما استباح من فرجها.

وقد جاء في الحديث أيضاً أن الولد يكون عبداً له، ومعلوم أن ولد الزنا لا يكون عبداً لأحد، وإنما هو حر وليس عليه عبودية لأحد، ولكن إذا صح الحديث فيحمل على أنه يحسن إليه ويربيه ويتولى خدمته، فيكون بمثابة العبد، وأما كونه يكون مملوكاً رقيقاً له فإن ذلك لا يصح، والعلماء قد اتفقوا على أن ابن الزنا حر وليس عبداً لأحد.

قوله: [ (فإذا ولدت قال الحسن : فاجلدها) ].

كونه يجلدها ويتولى جلدها غير مستقيم؛ لأن الذي يتولى الجلد هو السلطان، والحدود يقيمها الولاة، فالحديث غير صحيح، وهو ضعيف غير ثابت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولهذا فإن ما جاء فيه لا يعول عليه، أما مسألة الصداق بكونه استحل فرجها فإن ذلك لا بأس به.

تراجم رجال إسناد حديث بصرة في زواجه بامرأة وجدها حبلى

[ حدثنا مخلد بن خالد ].

مخلد بن خالد ثقة، أخرج له مسلم وأبو داود .

[ والحسن بن علي ].

هو الحسن بن علي الحلواني ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا النسائي .

[ ومحمد بن أبي السري ].

هو محمد بن المتوكل ، وهو صدوق له أوهام كثيرة، أخرج له أبو داود .

[ المعنى ].

أي أن رواية هؤلاء الثلاثة متفقة في المعنى مع اختلاف الألفاظ.

[ قالوا: حدثنا عبد الرزاق ].

هو عبد الرزاق بن همام الصنعاني اليماني ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن ابن جريج ].

هو عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج ، وهو ثقة مدلس، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.

[ عن صفوان بن سليم ].

صفوان بن سليم ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن سعيد بن المسيب ].

سعيد بن المسيب تابعي ثقة، من فقهاء المدينة السبعة في عصر التابعين، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن بصرة ].

بصرة صحابي، وقد أخرج حديثه أبو داود وحده.

والإسناد فيه ابن جريج ، وهو مدلس، وقد جاء أنه رواه عن شخص آخر ضعيف بينه وبين صفوان ، فالحديث ضعيف غير ثابت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من أجل تدليس ابن جريج .

طرق مرسلة لحديث بصرة وتراجم رجالها

[ قال أبو داود : روى هذا الحديث قتادة عن سعيد بن يزيد عن ابن المسيب.

ورواه يحيى بن أبي كثير عن يزيد بن نعيم عن سعيد بن المسيب ، وعطاء الخرساني عن سعيد بن المسيب ، أرسلوه كلهم، وفي حديث يحيى بن أبي كثير أن بصرة بن أكثم نكح امرأة. وكلهم قال في حديثه: جعل الولد عبداً له ].

هنا ذكر طرقاً أخرى كلها مرسلة، والمتصلة هي الطريق الأولى، ولكنها ضعيفة كما عرفنا، والإرسال علة أخرى، فالحديث ضعيف لا تقوم به الحجة.

قوله: [ روى هذا الحديث قتادة].

هو قتادة بن دعامة السدوسي البصري، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن سعيد بن يزيد ].

سعيد بن يزيد قال عنه أبو حاتم : شيخ لم يرو عنه إلا قتادة . أخرج له النسائي .

[ ورواه يحيى بن أبي كثير ].

هو يحيى بن أبي كثير اليمامي ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن يزيد بن نعيم ].

يزيد بن نعيم مقبول، أخرج له مسلم وأبو داود والنسائي .

[ وعطاء الخرساني عن سعيد بن المسيب ].

عطاء الخرساني صدوق يخطئ كثيراً، أخرج له مسلم وأصحاب السنن.

الحكم على حديث بصرة وبيان وجه مخالفته للإجماع

قوله: [ أرسلوه كلهم ].

أي: ما رفعوه.

والإرسال في الحديث علة، والإسناد الأول المتصل فيه ضعف، فالحديث ضعيف من الجهتين: من جهة الإرسال ومن جهة التدليس، وفيه ضعيف في الطريق الأولى بين ابن جريج وبين شيخه صفوان بن سليم ، والطرق الأخرى مرسلة، ومعلوم أن المرسل ليس بحجة، وإضافة التابعي شيئاً إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم هو من قبيل المرسل.

قوله: [ وفي حديث يحيى بن أبي كثير أن بصرة بن أكثم نكح امرأة. وكلهم قال في حديثه: جعل الولد عبداً له ].

أي: كلهم متفقون على هذه الرواية التي فيها جعل الولد عبداً له، ومعلوم أن هذا خلاف ما أُجمع عليه من أن ولد الزنا يكون حراً وليس هو بعبد لأحد.

شرح حديث بصرة في نكاح الحبلى من طريق أخرى وتراجم رجاله

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا محمد بن المثنى حدثنا عثمان بن عمر حدثنا علي -يعني ابن المبارك - عن يحيى عن يزيد بن نعيم عن سعيد بن المسيب أن رجلاً يقال له بصرة بن أكثم رضي الله عنه نكح امرأة. فذكر معناه، زاد: وفرق بينهما. وحديث ابن جريج أتم ].

ثم أورد الحديث من طريق أخرى مرسلة؛ لأن سعيد بن المسيب يخبر أن رجلاً فعل كذا وكذا، وهو من قبيل المرسل كالطرق السابقة التي قبله.

قوله: [ زاد: وفرق بينهما ].

يعني أنه أبطل هذا النكاح وفرق بينهما، ومعلوم أن العقد على الحبلى لا يصح.

قوله: [ حدثنا محمد بن المثنى ].

هو محمد بن المثنى أبو موسى الزمن ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ حدثنا عثمان بن عمر ].

عثمان بن عمر ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ حدثنا علي -يعني ابن المبارك - ].

علي بن المبارك ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن يحيى ].

هو يحيى بن أبي كثير ، وقد مر ذكره.

[ عن يزيد بن نعيم ],

يزيد بن نعيم مقبول، أخرج له مسلم وأبو داود والنسائي .




استمع المزيد من الشيخ عبد المحسن العباد - عنوان الحلقة اسٌتمع
شرح سنن أبي داود [139] 2887 استماع
شرح سنن أبي داود [462] 2835 استماع
شرح سنن أبي داود [106] 2831 استماع
شرح سنن أبي داود [032] 2728 استماع
شرح سنن أبي داود [482] 2698 استماع
شرح سنن أبي داود [529] 2688 استماع
شرح سنن أبي داود [555] 2677 استماع
شرح سنن أبي داود [177] 2674 استماع
شرح سنن أبي داود [097] 2651 استماع
شرح سنن أبي داود [273] 2643 استماع