خطب ومحاضرات
شرح سنن أبي داود [229]
الحلقة مفرغة
شرح حديث إتمام عثمان رضي الله عنه الصلاة بمنى
حدثنا مسدد أن أبا معاوية وحفص بن غياث حدثاه -وحديث أبي معاوية أتم- عن الأعمش عن إبراهيم عن عبد الرحمن بن يزيد قال: (صلى
قوله: [ باب الصلاة بمنى ].
الصلاة بمنى سواء كانت قبل يوم عرفة أو بعد يوم عرفة، فإنه يشرع للحاج أن يقصر الرباعية ولا يجمع؛ بل يصلي كل صلاة في وقتها، والنبي صلى الله عليه وسلم صلى بمنى يوم التروية الظهر ركعتين في وقتها، والعصر ركعتين في وقتها، والمغرب ثلاثاً في وقتها كما هي، والعشاء ركعتين في وقتها، والفجر في وقتها ركعتين كما هي، ثم انطلق إلى عرفة ثم إلى مزدلفة، ثم رجع إلى منى فكان يصلي بها في يوم العيد وأيام التشريق الثلاثة كل صلاة في وقتها مقصورة وبدون جمع، وهذا هو الثابت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهذا الذي سار عليه الخلفاء الراشدون من بعده، وهم: أبو بكر وعمر وعثمان في صدر من خلافته، ولكنه بعد ذلك أتم رضي الله عنه، والناس يصلون وراءه، ومعلوم أن هذا العمل الذي عمله عثمان يدل على أن الإتمام في حق المسافر جائز، والأولى هو القصر، لكن الإتمام سائغ وجائز.
وقد ذكر العلماء عدة أوجه لفعل عثمان رضي الله عنه، منها: أنه رأى أن الأعراب كثروا، وأن الناس إذا جاءوا إلى الموسم والجهل فيهم كثير، فقد يظنون أن هذه كيفية الصلاة، وأن الصلاة ركعتان وليست أربعاً، فأراد أن يعلمهم.
وقيل غير ذلك، ولكن الذي يمكن أن يقال: هو أن القصر هو الأفضل والأولى، والإتمام سائغ وجائز، وعثمان رضي الله عنه فعل ما هو سائغ وجائز، وسيأتي ذكر هذه الأوجه التي قيلت في وجه إتمام عثمان رضي الله عنه وأرضاه.
وابن مسعود رضي الله عنه أنكر هذا؛ وذلك لأن القصر هو السنة وهو الثابت عن النبي عليه الصلاة والسلام في أسفاره فإنه كان يقصر عليه الصلاة والسلام، ولكنه لما ذكر له أنه أنكر على عثمان وقد صلى وراءه، قال: (الخلاف شر) يعني: أنه لا يترك الصلاة وراء الإمام من أجل أنه فعل فعلاً يرى عبد الله بن مسعود أن غيره أولى منه.
فهو رضي الله عنه لم يتخلف عن الصلاة وراءه؛ لأن عثمان رضي الله عنه فعل أمراً سائغاً وليس أمراً محرماً، ولكن الشيء الذي كان يريده عبد الله رضي الله عنه هو أن تصلى الظهر والعصر والعشاء ركعتين ولا تصلى أربعاً.
إذاً: هذا يدل على أن الإتمام جائز، وأن القصر هو الأولى والأفضل، وكونه يترك ما هو الأولى والأفضل ويصلي وراء الإمام الذي عمل باجتهاد منه، هذا فيه ترك للخلاف، وفيه عدم اختلاف الناس، واتفاقهم مع إمامهم وصلاتهم وراء إمامهم، وقد بين عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أن الخلاف شر، يعني: كون الناس يختلفون فهذا يصلي كذا، وهذا يصلي كذا، ويخالفون الإمام، والإمام فعل أمراً سائغاً جائزاً، فهذا ليس بجيد، وفيه شيء من الضرر، واجتماع القلوب واتفاقها ومتابعة الإمام في أمر هو سائغ وجائز وغير محرم أمر مطلوب، وهذا نظير ما حصل من أبي سعيد الخدري مع مروان بن الحكم لما قدم الخطبة يوم العيد قبل الصلاة، فإنه أنكر عليه، ولكنه لما صعد جلس ولم يترك المكان، وقال: (إن هذا خلاف السنة)، فدل على أن هذا العمل الذي عمله مروان ليس فيه اختلال شرط، وإنما ترك الأولى والأفضل، وصلاة العيد وجدت والخطبة وجدت ولكن السنة هي تقديم الصلاة على الخطبة، كما جاء ذلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقد جلس من أجل ترك الخلاف، وأن مثل ذلك أمر يمكن أن يتابع فيه الإمام، وألا تترك الصلاة وراءه من أجل هذه المخالفة.
قوله: [ (فلوددت أن لي من أربع ركعات ركعتين متقبلتين) ] يعني: لو أن لي من الأربع الركعات التي فعلتها -وهي خلاف الأولى- ركعتين متقبلتين.
قوله: [ (قال الأعمش : فحدثني معاوية بن قرة عن أشياخه: أن عبد الله صلى أربعاً، قال: فقيل له: عبت على عثمان ثم صليت أربعاً؟ قال: الخلاف شر) ].
وهذا -كما أشرنا إليه- أنه تابع عثمان لأنه رأى أن الخلاف شر.
أقسام الخلاف
والمجتهدون يصلي بعضهم وراء بعض، ولم يقل أحدهم: أنا لا أصلي وراء فلان؛ لأنني أرى كذا وهو يرى كذا؛ لأن هذا من الخلاف الذي هو شر، ومعلوم أن العلماء يختلفون وكل يرى رأيه في المسألة، لكن لا يبتعد أحدهم عن الآخر؛ فمثل ذلك من الأمور الاجتهادية التي يتبع الناس فيها بعضهم بعضاً، وأما إذا كان الكل جائزاً ولكن أحد الوجهين أولى وأفضل كما هو موجود في مسألتنا، وهي أن الإتمام سائغ وجائز، بحيث لو صلى الإنسان متماً صحت صلاته ولكنه خالف الأولى، فـعبد الله بن مسعود رضي الله عنه يرى أن السنة هي ركعتان، وأن الإنسان لا يتم في السفر، وعثمان رضي الله عنه لما أتم لم يخالفه عبد الله رضي الله عنه ولم يتخلف عن الصلاة وراءه، وعلل ذلك بأن الخلاف شر.
إذاً: هذا من قبيل ما هو سائغ؛ لأنه ترك أمراً مفضولاً غيره أولى منه، لكن متابعة للإمام صلى خلفه متماً.
تراجم رجال إسناد حديث إتمام عثمان رضي الله عنه الصلاة بمنى
هو مسدد بن مسرهد البصري وهو ثقة، أخرج له البخاري وأبو داود والترمذي والنسائي .
[ أن أبا معاوية ].
هو محمد بن خازم الضرير الكوفي وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ وحفص بن غياث ].
حفص بن غياث ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ وحديث أبي معاوية أتم عن الأعمش ].
الأعمش هو سليمان بن مهران الكاهلي الكوفي وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن إبراهيم ].
هو إبراهيم بن يزيد بن قيس النخعي الكوفي وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن عبد الرحمن بن يزيد ].
هو عبد الرحمن بن يزيد بن قيس النخعي الكوفي وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ فقال عبد الله ].
هو عبد الله بن مسعود الهذلي رضي الله عنه صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[ قال الأعمش فحدثني معاوية بن قرة ].
معاوية بن قرة ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن أشياخه عن عبد الله ].
هو عبد الله بن مسعود رضي الله عنه.
شرح أثر الزهري في سبب إتمام عثمان للصلاة بمنى وتراجم رجال إسناده
أورد المصنف رحمه الله أثراً عن الزهري أن عثمان إنما أتم لأنه أجمع على الإقامة بعد الحج، وهذا التعليل غير واضح من جهة أن عثمان رضي الله عنه كان مقره في المدينة، والمهاجرون لا يبقون في مكة أكثر من ثلاثة أيام، بل يعودون إلى دار هجرتهم، فقوله: أجمع على الإقامة بمكة هذا غير مستقيم.
قوله: [ حدثنا محمد بن العلاء ].
هو محمد بن العلاء بن كريب أبو كريب وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ أخبرنا ابن المبارك ].
هو عبد الله بن المبارك المروزي وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن معمر ].
هو معمر بن راشد الأزدي البصري ثم اليماني، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن الزهري ].
هو محمد بن مسلم بن عبيد الله بن شهاب الزهري وهو ثقة فقيه، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
شرح أثر إبراهيم النخعي في سبب إتمام عثمان للصلاة بمنى وتراجم رجال إسناده
وهذا شبيه بالذي قبله، وهو لم يتخذها وطناً، ولم يبق بها، وإنما رجع إلى المدينة.
قوله: [ حدثنا هناد بن السري ].
هو هناد بن السري أبو السري وهو ثقة، أخرج له البخاري في خلق أفعال العباد، ومسلم وأصحاب السنن.
[ عن أبي الأحوص ].
هو سلام بن سليم الحنفي وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن المغيرة ].
هو المغيرة بن مقسم الضبي وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن إبراهيم ].
هو إبراهيم بن يزيد النخعي الكوفي وقد مر ذكره.
يقول الحافظ في ترجمة المغيرة : ثقة متقن يدلس لا سيما عن إبراهيم ، وهنا يقول: عن إبراهيم ، فيكون الإسناد إلى إبراهيم فيه انقطاع، أو احتمال انقطاع.
شرح أثر الزهري في سبب إتمام عثمان للصلاة بمنى من طريق ثانية وتراجم رجال إسناده
وهذا أيضاً غير مستقيم؛ لأنه كما هو معلوم أن الخليفة إنما يقيم بالمدينة، وأن المهاجر لابد أن يرجع بعد هجرته إلى المدينة.
قوله: [ حدثنا محمد بن العلاء أخبرنا ابن المبارك عن يونس ].
هو يونس بن يزيد الأيلي وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن الزهري ].
الزهري قد مر ذكره.
شرح أثر الزهري في ذكر سبب إتمام عثمان للصلاة بمنى من طريق ثالثة وتراجم رجال إسناده
وهذا أيضاً فيه أن الزهري علل أن عثمان رضي الله عنه إنما أتم ليعلم الأعراب الصلاة وأنها أربع، وأنهم لو رأوا الناس يصلون ثنتين لظنوا أن الصلاة الرباعية ركعتان، وأنها ليست أربعاً، وهذا هو أحسن ما قيل في التعليل؛ لأنه لا يتعلق بإقامة، ولا يتعلق بشيء فيه خلاف الواقع، ولكن كون التعليل به صحيحاً هذا لا يعرف إلا عن طريق تنصيص منه، ولكن الذي يظهر -كما أشرت- أن عثمان رضي الله عنه فعل أمراً سائغاً وأمراً جائزاً، ألا وهو الإتمام.
وكذلك ما يذكره بعض العلماء: أنه تزوج زوجة من أهل مكة، فهذا أيضاً غير مستقيم؛ لأن الرسول كان معه أزواجه لما حج حجة الوداع وكان يقصر.
قوله: [ حدثنا موسى بن إسماعيل ].
هو موسى بن إسماعيل التبوذكي وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ حدثنا حماد ].
هو حماد بن سلمة البصري وهو ثقة، أخرج له البخاري تعليقاً، ومسلم وأصحاب السنن.
[ عن أيوب ].
هو أيوب بن أبي تميمة السختياني وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن الزهري ].
الزهري قد مر ذكره.
والشيخ الألباني رحمه الله لما ذكر هذه الآثار ضعفها كلها إلا هذا؛ وقال: إنه حسن.
وهي كلها كما هو معلوم تنتهي إلى الزهري أو إلى إبراهيم ، وأسانيدها صحيحة إلا التدليس الذي من المغيرة عن إبراهيم .
وهذه الآثار كلها إنما تتحدث عن تعليل فعل عثمان ، وكونه فعل ذلك من أجل الأعراب أقرب من التعليلات الأخرى، لكن كان بإمكانه أن يعلم الأعراب عن طريق الكلام وعن طريق التنبيه، وأن السنة القصر للمسافر، وأنهم في الحضر يتمون، فقد كان يمكن أن يبين ذلك من غير عمل.
قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب الصلاة بمنى.
حدثنا مسدد أن أبا معاوية وحفص بن غياث حدثاه -وحديث أبي معاوية أتم- عن الأعمش عن إبراهيم عن عبد الرحمن بن يزيد قال: (صلى
قوله: [ باب الصلاة بمنى ].
الصلاة بمنى سواء كانت قبل يوم عرفة أو بعد يوم عرفة، فإنه يشرع للحاج أن يقصر الرباعية ولا يجمع؛ بل يصلي كل صلاة في وقتها، والنبي صلى الله عليه وسلم صلى بمنى يوم التروية الظهر ركعتين في وقتها، والعصر ركعتين في وقتها، والمغرب ثلاثاً في وقتها كما هي، والعشاء ركعتين في وقتها، والفجر في وقتها ركعتين كما هي، ثم انطلق إلى عرفة ثم إلى مزدلفة، ثم رجع إلى منى فكان يصلي بها في يوم العيد وأيام التشريق الثلاثة كل صلاة في وقتها مقصورة وبدون جمع، وهذا هو الثابت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهذا الذي سار عليه الخلفاء الراشدون من بعده، وهم: أبو بكر وعمر وعثمان في صدر من خلافته، ولكنه بعد ذلك أتم رضي الله عنه، والناس يصلون وراءه، ومعلوم أن هذا العمل الذي عمله عثمان يدل على أن الإتمام في حق المسافر جائز، والأولى هو القصر، لكن الإتمام سائغ وجائز.
وقد ذكر العلماء عدة أوجه لفعل عثمان رضي الله عنه، منها: أنه رأى أن الأعراب كثروا، وأن الناس إذا جاءوا إلى الموسم والجهل فيهم كثير، فقد يظنون أن هذه كيفية الصلاة، وأن الصلاة ركعتان وليست أربعاً، فأراد أن يعلمهم.
وقيل غير ذلك، ولكن الذي يمكن أن يقال: هو أن القصر هو الأفضل والأولى، والإتمام سائغ وجائز، وعثمان رضي الله عنه فعل ما هو سائغ وجائز، وسيأتي ذكر هذه الأوجه التي قيلت في وجه إتمام عثمان رضي الله عنه وأرضاه.
وابن مسعود رضي الله عنه أنكر هذا؛ وذلك لأن القصر هو السنة وهو الثابت عن النبي عليه الصلاة والسلام في أسفاره فإنه كان يقصر عليه الصلاة والسلام، ولكنه لما ذكر له أنه أنكر على عثمان وقد صلى وراءه، قال: (الخلاف شر) يعني: أنه لا يترك الصلاة وراء الإمام من أجل أنه فعل فعلاً يرى عبد الله بن مسعود أن غيره أولى منه.
فهو رضي الله عنه لم يتخلف عن الصلاة وراءه؛ لأن عثمان رضي الله عنه فعل أمراً سائغاً وليس أمراً محرماً، ولكن الشيء الذي كان يريده عبد الله رضي الله عنه هو أن تصلى الظهر والعصر والعشاء ركعتين ولا تصلى أربعاً.
إذاً: هذا يدل على أن الإتمام جائز، وأن القصر هو الأولى والأفضل، وكونه يترك ما هو الأولى والأفضل ويصلي وراء الإمام الذي عمل باجتهاد منه، هذا فيه ترك للخلاف، وفيه عدم اختلاف الناس، واتفاقهم مع إمامهم وصلاتهم وراء إمامهم، وقد بين عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أن الخلاف شر، يعني: كون الناس يختلفون فهذا يصلي كذا، وهذا يصلي كذا، ويخالفون الإمام، والإمام فعل أمراً سائغاً جائزاً، فهذا ليس بجيد، وفيه شيء من الضرر، واجتماع القلوب واتفاقها ومتابعة الإمام في أمر هو سائغ وجائز وغير محرم أمر مطلوب، وهذا نظير ما حصل من أبي سعيد الخدري مع مروان بن الحكم لما قدم الخطبة يوم العيد قبل الصلاة، فإنه أنكر عليه، ولكنه لما صعد جلس ولم يترك المكان، وقال: (إن هذا خلاف السنة)، فدل على أن هذا العمل الذي عمله مروان ليس فيه اختلال شرط، وإنما ترك الأولى والأفضل، وصلاة العيد وجدت والخطبة وجدت ولكن السنة هي تقديم الصلاة على الخطبة، كما جاء ذلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقد جلس من أجل ترك الخلاف، وأن مثل ذلك أمر يمكن أن يتابع فيه الإمام، وألا تترك الصلاة وراءه من أجل هذه المخالفة.
قوله: [ (فلوددت أن لي من أربع ركعات ركعتين متقبلتين) ] يعني: لو أن لي من الأربع الركعات التي فعلتها -وهي خلاف الأولى- ركعتين متقبلتين.
قوله: [ (قال الأعمش : فحدثني معاوية بن قرة عن أشياخه: أن عبد الله صلى أربعاً، قال: فقيل له: عبت على عثمان ثم صليت أربعاً؟ قال: الخلاف شر) ].
وهذا -كما أشرنا إليه- أنه تابع عثمان لأنه رأى أن الخلاف شر.
مسائل الخلاف منها ما هو اختلاف تنوع، ومنها ما هو اختلاف تضاد، واختلاف التضاد الذي يكون مبنياً على الاجتهاد يتابع فيه كل واحد الآخر ولو كان يرى خلافه، فمثلاً: هناك أمور اختلف فيها العلماء تتعلق بنقض الوضوء مثل الوضوء من لحم الإبل، فبعض العلماء يرى أن من أكل لحم إبل فإنه ينتقض وضوءه وعليه أن يتوضأ، وبعضهم يرى خلاف ذلك، ولكن لم يترك واحد منهم الصلاة خلف الآخر لأنه يرى خلاف رأيه.
والمجتهدون يصلي بعضهم وراء بعض، ولم يقل أحدهم: أنا لا أصلي وراء فلان؛ لأنني أرى كذا وهو يرى كذا؛ لأن هذا من الخلاف الذي هو شر، ومعلوم أن العلماء يختلفون وكل يرى رأيه في المسألة، لكن لا يبتعد أحدهم عن الآخر؛ فمثل ذلك من الأمور الاجتهادية التي يتبع الناس فيها بعضهم بعضاً، وأما إذا كان الكل جائزاً ولكن أحد الوجهين أولى وأفضل كما هو موجود في مسألتنا، وهي أن الإتمام سائغ وجائز، بحيث لو صلى الإنسان متماً صحت صلاته ولكنه خالف الأولى، فـعبد الله بن مسعود رضي الله عنه يرى أن السنة هي ركعتان، وأن الإنسان لا يتم في السفر، وعثمان رضي الله عنه لما أتم لم يخالفه عبد الله رضي الله عنه ولم يتخلف عن الصلاة وراءه، وعلل ذلك بأن الخلاف شر.
إذاً: هذا من قبيل ما هو سائغ؛ لأنه ترك أمراً مفضولاً غيره أولى منه، لكن متابعة للإمام صلى خلفه متماً.
قوله: [ حدثنا مسدد ].
هو مسدد بن مسرهد البصري وهو ثقة، أخرج له البخاري وأبو داود والترمذي والنسائي .
[ أن أبا معاوية ].
هو محمد بن خازم الضرير الكوفي وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ وحفص بن غياث ].
حفص بن غياث ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ وحديث أبي معاوية أتم عن الأعمش ].
الأعمش هو سليمان بن مهران الكاهلي الكوفي وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن إبراهيم ].
هو إبراهيم بن يزيد بن قيس النخعي الكوفي وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن عبد الرحمن بن يزيد ].
هو عبد الرحمن بن يزيد بن قيس النخعي الكوفي وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ فقال عبد الله ].
هو عبد الله بن مسعود الهذلي رضي الله عنه صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[ قال الأعمش فحدثني معاوية بن قرة ].
معاوية بن قرة ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن أشياخه عن عبد الله ].
هو عبد الله بن مسعود رضي الله عنه.
استمع المزيد من الشيخ عبد المحسن العباد - عنوان الحلقة | اسٌتمع |
---|---|
شرح سنن أبي داود [139] | 2890 استماع |
شرح سنن أبي داود [462] | 2842 استماع |
شرح سنن أبي داود [106] | 2835 استماع |
شرح سنن أبي داود [032] | 2731 استماع |
شرح سنن أبي داود [482] | 2702 استماع |
شرح سنن أبي داود [529] | 2693 استماع |
شرح سنن أبي داود [555] | 2686 استماع |
شرح سنن أبي داود [177] | 2679 استماع |
شرح سنن أبي داود [097] | 2654 استماع |
شرح سنن أبي داود [273] | 2649 استماع |