خطب ومحاضرات
شرح سنن أبي داود [203]
الحلقة مفرغة
شرح حديث (للسائل حق وإن جاء على فرس)
حدثنا محمد بن كثير أخبرنا سفيان حدثنا مصعب بن محمد بن شرحبيل قال: حدثني يعلى بن أبي يحيى عن فاطمة بنت حسين عن حسين بن علي رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (للسائل حق وإن جاء على فرس).
حدثنا محمد بن رافع حدثنا يحيى بن آدم حدثنا زهير عن شيخ قال: رأيت سفيان عنده عن فاطمة بنت حسين عن أبيها عن علي عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم مثله ].
ذكر الإمام أبو داود السجستاني رحمه الله تعالى: باب حق السائل، وهذه الترجمة أخذها مما جاء في الحديث: (للسائل حق ولو جاء على فرس)، والمراد أن السائل يعطى وإن كان على هيئة حسنة، فقد يكون له عذر.
أورد أبو داود حديث الحسين أو علي رضي الله تعالى عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (للسائل حق ولو جاء على فرس) أي: ولو كانت هيئته حسنة وجاء على فرس، فقد تكون تلك الفرس عارية، وقد تكون له ولكن ليس عنده شيء أكثر منها، ويكون بحاجة إلى طعام مثلاً، وقد يكون نفد ما عنده ولم يكن معه غيره، وقد يكون غريباً، وقد يكون ابن سبيل انقطع، فمن كان كذلك فقد يحتاج أن يسأل ولو كان معه فرس، أو كان على هيئة حسنة، فيعطى من الزكاة أو من الصدقة، وقد سبق أن مر: (أنّ النبي صلى الله عليه وسلم لما رأى الرجلين الجلدين النشيطين قلب فيهما النظر وصعده وصوبه، ثم قال: إن شئتما أعطيتكما ولا حظ فيها لغني ولا لقوي مكتسب) لكن هذا الحديث الذي معنا لم يثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ لأن فيه رجلاً مجهولاً في الإسناد الأول، ومبهماً في الإسناد الثاني، وقد يكون ذلك المبهم هو المسمى المجهول في الإسناد الأول.
وهو في الإسناد الأول عن الحسين بن علي ، قالوا: ولا يعرف للحسين بن علي رضي الله تعالى عنه سماع من رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولكن لاشك أن مراسيل الصحابة حجة، وأن كثيراً من روايات الصحابة لم يسمعوها من النبي صلى الله عليه وسلم، ولكن سمعوها من الصحابة، وإذا أخذوا عن غير الصحابة -وهو شيء نادر- بينوا ذلك.
والطريق الثانية عن الحسين يرويه عن أبيه علي رضي الله تعالى عنهما.
تراجم رجال إسناد حديث (للسائل حقّ وإن جاء على فرس)
محمد بن كثير العبدي ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ أخبرنا سفيان ].
سفيان بن سعيد بن مسروق الثوري ثقة فقيه، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ حدثنا مصعب بن محمد بن شرحبيل ].
مصعب بن محمد بن شرحبيل لا بأس به، وهذا بمعنى صدوق، أخرج له أبو داود والنسائي وابن ماجة .
[ حدثني يعلى بن أبي يحيى ].
يعلى بن أبي يحيى مجهول، أخرج له أبو داود وحده.
[ عن فاطمة بنت حسين ].
فاطمة بنت حسين بن علي وهي ثقة، أخرج لها أبو داود والترمذي والنسائي في (مسند علي ) وابن ماجة .
[ عن حسين بن علي ].
الحسين بن علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنهما، أحد سبطي الرسول صلى الله عليه وسلم ابني ابنته، وهما سيدا شباب أهل الجنة كما جاء ذلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة .
وقوله: [حدثنا محمد بن رافع ].
محمد بن رافع النيسابوري القشيري وهو ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا ابن ماجة ، وهو شيخ الإمام مسلم ، وهو من بلده ومن قبيلته، فهو نيسابوري كما أن مسلماً نيسابوري، وهو كذلك قشيري كما أن مسلماً قشيري، وقد خرج له أصحاب الكتب الستة إلا ابن ماجة ، وقد أكثر عنه الإمام مسلم رحمه الله، وصحيفة همام بن منبه المشهورة فيها أحاديث جاءت في الصحيحين، وأحاديث أخرجها البخاري ، وأحاديث أخرجها مسلم من طريق محمد بن رافع عن عبد الرزاق ، فكل ما جاء من صحيفة همام بن منبه في صحيح مسلم فهو من طريق محمد بن رافع عن شيخه عبد الرزاق .
[ حدثنا يحيى بن آدم ].
يحيى بن آدم الكوفي ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ حدثنا زهير ].
زهير بن معاوية وهو ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن شيخ ].
شيخ هنا مبهم، فقولهم: عن شيخ، أو رجل، أو امرأة، فإن هذا يقال له: مبهم، وأما إذا ذكر اسمه ولم ينسب فإنه يقال له: مهمل، أي: أهمل عن أن ينسب، فيكون محتملاً لعدة أشخاص، فمثل حماد إذا جاء غير منسوب فإنه يحتمل أن يكون ابن سلمة ، ويحتمل أن يكون ابن زيد ، ومثل سفيان إذا جاء مهملاً فإنه يحتمل أن يكون ابن عيينة ، ويحتمل أن يكون الثوري .
ولعل هذا المبهم هو مصعب بن محمد بن شرحبيل ، ففي المبهمات من التقريب: زهير بن معاوية عن شيخ رأى سفيان عنده؛ هو مصعب بن محمد بن شرحبيل .
وسفيان هنا يحتمل أنه سفيان بن عيينة ، ويحتمل أن يكون سفيان الثوري ؛ لأنه هو المتقدم على سفيان بن عيينة ، وإن كان ابن عيينة متقدماً من حيث إدراك الشيوخ المتقدمين مثل الزهري ، فإنه كثير الرواية عن الزهري مع أن الزهري توفي سنة 125هـ، وسفيان توفي فوق 90هـ، وأما الثوري فهو متقدم عليه، فوفاته سنة 161هـ.
[ عن فاطمة بنت حسين عن أبيها عن علي ].
علي رضي الله تعالى عنه أمير المؤمنين، ورابع الخلفاء الراشدين الهادين المهديين، صاحب المناقب الجمة، والفضائل الكثيرة، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة.
ولا يقال: إن فيه اضطراباً، فمرة يروى عن حسين ومرة عن علي ؛ لأن ذلك لا يؤثر، فإذا كان عن علي رضي الله عنه فليس هناك إشكال في الاتصال، وأما بالنسبة لرواية الحسين فهو إذا لم يكن سمع ذلك من النبي صلى الله عليه وسلم فهو من مراسيل الصحابة، ومراسيل الصحابة -كما هو معلوم- حجة عند العلماء، وقد ذكر له الألباني طرقاً وشواهد متعددة عن عدد من الصحابة، وذكر أنها كلها ضعيفة، وذكر هذا الحديث في (السلسلة الضعيفة) برقم (1378).
شرح حديث (إنْ لم تجدي له شيئاً تعطينه إياه إلّا ظلفاً محرقاً فادفعيه إليه في يده)
أورد أبو داود حديث أم بجيد رضي الله تعالى عنها: (أنها قالت للنبي صلى الله عليه وسلم: إن المسكين يكون على بابي فلا أجد شيئاً أعطيه إياه، فقال لها عليه الصلاة والسلام: إن لم تجدي إلا ظلفاً محرقاً فأعطيه إياه) فهذا الحديث يدل على أن السائل يُعطى ولو كان المعطى شيئاً يسيراً، فمادام أن الإنسان لا يجد إلا هذا القليل فإنه لا يمتنع من التصدق به، ولا يمتنع أن ينفق مما أعطاه الله كما قال تعالى: لِيُنفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللَّهُ [الطلاق:7]، فهو يعطي على حسب ما عنده، ولو لم يكن إلا تمرة كما جاء في قصة المرأة التي جاءت إلى عائشة ولم تجد إلا تمرات ثلاث، فأعطتها إياها، وكان معها ابنتان، فأعطت كل واحدة منهما تمرة، ثم إنها شقت التمرة الثالثة وأعطت كل واحدة منهما نصفاً. فيعطى السائل أو المسكين ما تيسر ولو قل، وجاء في الحديث الآخر: (لا تحقرن جارة لجارتها ولو فرسن شاة) أي: ولو كان شيئاً يسيراً فلا يستهان به، فالمهم هو الإحسان والبذل.
وقوله: (ظلفاً محرقاً) هذا على سبيل المبالغة، وإلّا فإن الظلف المحرق لا يستفاد منه إلا إذا كان الناس في مسغبة أو في قحط شديد، فإنه يمكن أن يستفاد من كل شيء ولو كان قليل الفائدة.
وقد سبق أن مر في الحديث: (ليس المسكين الذي ترده التمرة والتمرتان، واللقمة واللقمتان، والأكلة والأكلتان)، أي: الذي يرضى بالشيء اليسير، (ولكن المسكين هو الذي لا يجد غنى يغنيه، ولا يفطن الناس له فيتصدقون عليه) .
تراجم رجال إسناد حديث (إن لم تجدي له شيئاً تعطينه إياه إلّا ظلفاً محرقاً فادفعيه إليه في يده)
قتيبة بن سعيد بن جميل بن طريف البغلاني ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ حدثنا الليث ].
الليث بن سعد المصري ثقة فقيه أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن سعيد بن أبي سعيد ].
سعيد بن أبي سعيد المقبري وهو ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن عبد الرحمن بن بجيد ].
عبد الرحمن بن بجيد له رؤية، وقد ذكره بعضهم في الصحابة، أخرج حديثه أبو داود والترمذي والنسائي .
[ عن جدته ].
وهي أخرج حديثها أبو داود والترمذي والنسائي ، وذكر أن اسمها حواء بنت يزيد بن السكن .
قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب حق السائل.
حدثنا محمد بن كثير أخبرنا سفيان حدثنا مصعب بن محمد بن شرحبيل قال: حدثني يعلى بن أبي يحيى عن فاطمة بنت حسين عن حسين بن علي رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (للسائل حق وإن جاء على فرس).
حدثنا محمد بن رافع حدثنا يحيى بن آدم حدثنا زهير عن شيخ قال: رأيت سفيان عنده عن فاطمة بنت حسين عن أبيها عن علي عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم مثله ].
ذكر الإمام أبو داود السجستاني رحمه الله تعالى: باب حق السائل، وهذه الترجمة أخذها مما جاء في الحديث: (للسائل حق ولو جاء على فرس)، والمراد أن السائل يعطى وإن كان على هيئة حسنة، فقد يكون له عذر.
أورد أبو داود حديث الحسين أو علي رضي الله تعالى عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (للسائل حق ولو جاء على فرس) أي: ولو كانت هيئته حسنة وجاء على فرس، فقد تكون تلك الفرس عارية، وقد تكون له ولكن ليس عنده شيء أكثر منها، ويكون بحاجة إلى طعام مثلاً، وقد يكون نفد ما عنده ولم يكن معه غيره، وقد يكون غريباً، وقد يكون ابن سبيل انقطع، فمن كان كذلك فقد يحتاج أن يسأل ولو كان معه فرس، أو كان على هيئة حسنة، فيعطى من الزكاة أو من الصدقة، وقد سبق أن مر: (أنّ النبي صلى الله عليه وسلم لما رأى الرجلين الجلدين النشيطين قلب فيهما النظر وصعده وصوبه، ثم قال: إن شئتما أعطيتكما ولا حظ فيها لغني ولا لقوي مكتسب) لكن هذا الحديث الذي معنا لم يثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ لأن فيه رجلاً مجهولاً في الإسناد الأول، ومبهماً في الإسناد الثاني، وقد يكون ذلك المبهم هو المسمى المجهول في الإسناد الأول.
وهو في الإسناد الأول عن الحسين بن علي ، قالوا: ولا يعرف للحسين بن علي رضي الله تعالى عنه سماع من رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولكن لاشك أن مراسيل الصحابة حجة، وأن كثيراً من روايات الصحابة لم يسمعوها من النبي صلى الله عليه وسلم، ولكن سمعوها من الصحابة، وإذا أخذوا عن غير الصحابة -وهو شيء نادر- بينوا ذلك.
والطريق الثانية عن الحسين يرويه عن أبيه علي رضي الله تعالى عنهما.
قوله: [ حدثنا محمد بن كثير ].
محمد بن كثير العبدي ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ أخبرنا سفيان ].
سفيان بن سعيد بن مسروق الثوري ثقة فقيه، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ حدثنا مصعب بن محمد بن شرحبيل ].
مصعب بن محمد بن شرحبيل لا بأس به، وهذا بمعنى صدوق، أخرج له أبو داود والنسائي وابن ماجة .
[ حدثني يعلى بن أبي يحيى ].
يعلى بن أبي يحيى مجهول، أخرج له أبو داود وحده.
[ عن فاطمة بنت حسين ].
فاطمة بنت حسين بن علي وهي ثقة، أخرج لها أبو داود والترمذي والنسائي في (مسند علي ) وابن ماجة .
[ عن حسين بن علي ].
الحسين بن علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنهما، أحد سبطي الرسول صلى الله عليه وسلم ابني ابنته، وهما سيدا شباب أهل الجنة كما جاء ذلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة .
وقوله: [حدثنا محمد بن رافع ].
محمد بن رافع النيسابوري القشيري وهو ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا ابن ماجة ، وهو شيخ الإمام مسلم ، وهو من بلده ومن قبيلته، فهو نيسابوري كما أن مسلماً نيسابوري، وهو كذلك قشيري كما أن مسلماً قشيري، وقد خرج له أصحاب الكتب الستة إلا ابن ماجة ، وقد أكثر عنه الإمام مسلم رحمه الله، وصحيفة همام بن منبه المشهورة فيها أحاديث جاءت في الصحيحين، وأحاديث أخرجها البخاري ، وأحاديث أخرجها مسلم من طريق محمد بن رافع عن عبد الرزاق ، فكل ما جاء من صحيفة همام بن منبه في صحيح مسلم فهو من طريق محمد بن رافع عن شيخه عبد الرزاق .
[ حدثنا يحيى بن آدم ].
يحيى بن آدم الكوفي ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ حدثنا زهير ].
زهير بن معاوية وهو ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن شيخ ].
شيخ هنا مبهم، فقولهم: عن شيخ، أو رجل، أو امرأة، فإن هذا يقال له: مبهم، وأما إذا ذكر اسمه ولم ينسب فإنه يقال له: مهمل، أي: أهمل عن أن ينسب، فيكون محتملاً لعدة أشخاص، فمثل حماد إذا جاء غير منسوب فإنه يحتمل أن يكون ابن سلمة ، ويحتمل أن يكون ابن زيد ، ومثل سفيان إذا جاء مهملاً فإنه يحتمل أن يكون ابن عيينة ، ويحتمل أن يكون الثوري .
ولعل هذا المبهم هو مصعب بن محمد بن شرحبيل ، ففي المبهمات من التقريب: زهير بن معاوية عن شيخ رأى سفيان عنده؛ هو مصعب بن محمد بن شرحبيل .
وسفيان هنا يحتمل أنه سفيان بن عيينة ، ويحتمل أن يكون سفيان الثوري ؛ لأنه هو المتقدم على سفيان بن عيينة ، وإن كان ابن عيينة متقدماً من حيث إدراك الشيوخ المتقدمين مثل الزهري ، فإنه كثير الرواية عن الزهري مع أن الزهري توفي سنة 125هـ، وسفيان توفي فوق 90هـ، وأما الثوري فهو متقدم عليه، فوفاته سنة 161هـ.
[ عن فاطمة بنت حسين عن أبيها عن علي ].
علي رضي الله تعالى عنه أمير المؤمنين، ورابع الخلفاء الراشدين الهادين المهديين، صاحب المناقب الجمة، والفضائل الكثيرة، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة.
ولا يقال: إن فيه اضطراباً، فمرة يروى عن حسين ومرة عن علي ؛ لأن ذلك لا يؤثر، فإذا كان عن علي رضي الله عنه فليس هناك إشكال في الاتصال، وأما بالنسبة لرواية الحسين فهو إذا لم يكن سمع ذلك من النبي صلى الله عليه وسلم فهو من مراسيل الصحابة، ومراسيل الصحابة -كما هو معلوم- حجة عند العلماء، وقد ذكر له الألباني طرقاً وشواهد متعددة عن عدد من الصحابة، وذكر أنها كلها ضعيفة، وذكر هذا الحديث في (السلسلة الضعيفة) برقم (1378).
قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا قتيبة بن سعيد حدثنا الليث عن سعيد بن أبي سعيد عن عبد الرحمن بن بجيد رضي الله عنه عن جدته أم بجيد رضي الله عنها -وكانت ممن بايع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم- أنها قالت له: (يا رسول الله صلى الله عليك! إن المسكين ليقوم على بابي فما أجد له شيئاً أعطيه إياه، فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن لم تجدي له شيئاً تعطينه إياه إلا ظلفاً محرقاً فادفعيه إليه في يده) ].
أورد أبو داود حديث أم بجيد رضي الله تعالى عنها: (أنها قالت للنبي صلى الله عليه وسلم: إن المسكين يكون على بابي فلا أجد شيئاً أعطيه إياه، فقال لها عليه الصلاة والسلام: إن لم تجدي إلا ظلفاً محرقاً فأعطيه إياه) فهذا الحديث يدل على أن السائل يُعطى ولو كان المعطى شيئاً يسيراً، فمادام أن الإنسان لا يجد إلا هذا القليل فإنه لا يمتنع من التصدق به، ولا يمتنع أن ينفق مما أعطاه الله كما قال تعالى: لِيُنفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللَّهُ [الطلاق:7]، فهو يعطي على حسب ما عنده، ولو لم يكن إلا تمرة كما جاء في قصة المرأة التي جاءت إلى عائشة ولم تجد إلا تمرات ثلاث، فأعطتها إياها، وكان معها ابنتان، فأعطت كل واحدة منهما تمرة، ثم إنها شقت التمرة الثالثة وأعطت كل واحدة منهما نصفاً. فيعطى السائل أو المسكين ما تيسر ولو قل، وجاء في الحديث الآخر: (لا تحقرن جارة لجارتها ولو فرسن شاة) أي: ولو كان شيئاً يسيراً فلا يستهان به، فالمهم هو الإحسان والبذل.
وقوله: (ظلفاً محرقاً) هذا على سبيل المبالغة، وإلّا فإن الظلف المحرق لا يستفاد منه إلا إذا كان الناس في مسغبة أو في قحط شديد، فإنه يمكن أن يستفاد من كل شيء ولو كان قليل الفائدة.
وقد سبق أن مر في الحديث: (ليس المسكين الذي ترده التمرة والتمرتان، واللقمة واللقمتان، والأكلة والأكلتان)، أي: الذي يرضى بالشيء اليسير، (ولكن المسكين هو الذي لا يجد غنى يغنيه، ولا يفطن الناس له فيتصدقون عليه) .
قوله: [ حدثنا قتيبة بن سعيد ].
قتيبة بن سعيد بن جميل بن طريف البغلاني ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ حدثنا الليث ].
الليث بن سعد المصري ثقة فقيه أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن سعيد بن أبي سعيد ].
سعيد بن أبي سعيد المقبري وهو ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن عبد الرحمن بن بجيد ].
عبد الرحمن بن بجيد له رؤية، وقد ذكره بعضهم في الصحابة، أخرج حديثه أبو داود والترمذي والنسائي .
[ عن جدته ].
وهي أخرج حديثها أبو داود والترمذي والنسائي ، وذكر أن اسمها حواء بنت يزيد بن السكن .
حكم بيع ماء زمزم
الجواب: إذا ذهب الإنسان وأتى بملء خزان من هذا الماء إلى المدينة وأراد أن يبيعه فلا بأس بذلك.
حكم طلب الماء من البقالة بلا ثمن
الجواب: مثل هذا لا يصح؛ لأن هذا محل بيع، فيدفع القيمة ويشرب، وإذا لم يكن عنده نقود فيمكن أن يقول لصاحب البقالة: أنا لا أمتلك نقوداً وأريد أن أشرب ماء، فلعله أن يعطيه.
حكم أخذ الماء والملح بلا إذن
الجواب: لا، بل لابد من الاستئذان، وإذا كان لا يملك نقوداً يذكر ذلك له ويطلب منه أن يعطيه قليلاً تقوم به حاجته.
حكم التصدق على السائلين في المساجد مع عدم معرفة حالهم
الجواب: ينبغي على الإنسان أن يعطي السائلين وهو على خير، ولن يعدم الأجر عند الله عز وجل، ولكن من عُرف باحتياله فلا يعطى، بل ينصح ويحذر، وأما إذا كان مجهولاً وأعطاه فهو إن شاء الله على خير.
حكم إعطاء السائلين الذين يقومون في المساجد من الزكاة
الجواب: لا ينبغي أن يعطوا من الزكاة، وإنما يعطى مثل هؤلاء من الصدقات، وأما الزكاة فالأولى أن تُعطى لمن يستحقها، فقد يضعها في هؤلاء ويكونون أغنياء، فبعض السائلين قد استمرأ السؤال، واتخذ السؤال حرفة، فقد يحصل له في وقت من الأوقات حاجة، ولكنه دخل في المسألة ولم يستطيع الخروج منها .
حكم انتهار السُّؤَّال في المساجد
الجواب: قد يشوشون على الناس الذين يذكرون الله عز وجل، فلو ينبههم أن يكونوا عند الباب بدون انتهار فلا بأس بذلك، وكذلك هو ينبههم أن يجلسوا عند الباب حتى يعطيهم الناس إذا مروا بهم، فإنهم إذا كانوا جالسين في المقدمة فيمكن ألا يعطيهم أحد، وبعض الناس تجده يسأل عند الباب ويرفع صوته وكأنه يلقي خطبة، فيتكلم كلاماً كثيراً ويشغل الناس، مع أنه يكفي أن يبين للناس أنه محتاج، ثم يجلس عند الباب، فلا بأس أن ينتهروا في هذه الحال؛ لأنهم يشغلون الناس الذين يذكرون الله عز وجل ويسبحون، وأما إذا لم يشغلوا الناس فلا ينهرون لقوله تعالى: وَأَمَّا السَّائِلَ فَلا تَنْهَرْ [الضحى:10] ، وأما الذي يعرف أنه محتال فإنه ينهر.
عدم قبول السائلين العطاء القليل
الجواب: ينبغي على كل إنسان أن يعطي ما يتيسر له، فإن قبله السائل فالحمد لله، وإن لم يقبله فإنه يأخذ ماله، ولعل هذا الذي لا يقبل القليل قد تعود الطمع، وإلا فإن المحتاج يكفيه القليل.
السؤال: ما حكم بيع ماء زمزم؟
الجواب: إذا ذهب الإنسان وأتى بملء خزان من هذا الماء إلى المدينة وأراد أن يبيعه فلا بأس بذلك.
السؤال: إذا دخل الرجل إلى بقالة فهل يحل له أن يطلب ماء استدلالاً بالحديث الذي فيه أنه لا يحل بيع الماء؟
الجواب: مثل هذا لا يصح؛ لأن هذا محل بيع، فيدفع القيمة ويشرب، وإذا لم يكن عنده نقود فيمكن أن يقول لصاحب البقالة: أنا لا أمتلك نقوداً وأريد أن أشرب ماء، فلعله أن يعطيه.
استمع المزيد من الشيخ عبد المحسن العباد - عنوان الحلقة | اسٌتمع |
---|---|
شرح سنن أبي داود [139] | 2890 استماع |
شرح سنن أبي داود [462] | 2842 استماع |
شرح سنن أبي داود [106] | 2835 استماع |
شرح سنن أبي داود [032] | 2731 استماع |
شرح سنن أبي داود [482] | 2702 استماع |
شرح سنن أبي داود [529] | 2693 استماع |
شرح سنن أبي داود [555] | 2686 استماع |
شرح سنن أبي داود [177] | 2679 استماع |
شرح سنن أبي داود [097] | 2654 استماع |
شرح سنن أبي داود [273] | 2650 استماع |