المصالحة والحلم واﻹيمان(2) - ممدوح إسماعيل
مدة
قراءة المادة :
5 دقائق
.
انبرى صديقى معلقا؛ وماعلاقة تفسير اﻵية {وَكَأَيِّن مِّن نَّبِيٍّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ فَمَا وَهَنُوا لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَمَا ضَعُفُوا وَمَا اسْتَكَانُوا ۗ وَاللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ، وَمَا كَانَ قَوْلَهُمْ إِلَّا أَن قَالُوا رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَإِسْرَافَنَا فِي أَمْرِنَا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ} [آل عمران:146-147]، بالحديث عن المصالحة، فنحن فى واقع سياسى عالمى وإقليمى معقد جدا؟قلت له: هنا مربط الفرس، بداية من قولك ماعلاقة تفسير اﻵية بالمصالحة والموقف السياسى المعقد إلى الحقيقة؛ وهى أن الواقع المعقد لن يحل إﻻ بتقديم فهمنا وعملنا للقرآن.
قال صديقى كيف؟
قلت له أليس الله هو رب العالمين وخالق الكون ومدبر اﻷمر؛ وأنتم تقولون أن أمريكا أكبر قوة تدعم اﻹنقلاب؟
قال: نعم.
قلت له: لذلك أقول لك نحن نؤمن أن الله هو مالك الملك {إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ} [يس:82]؛ ثم أننا لو عملنا بالقرآن ومثال تلك اﻵية قوله تعالى: {وكأين من نبى...} إلى آخر اﻵية؛ نجد فيها أن الله وضح فيها كيف يكون صف الحق فى الصراع.
ولو فرضنا جدﻻ أن اعتصام رابعة والمظاهرات وما أطلقوا عليه اﻷعمال النوعية؛ هو شكل من القتال للخصم؛ فالله فرض مع الضربات الصبر وعدم إعلان الضعف والوهن والاستكانة حتى يثبت الصف؛ ويعلم يقينا أن ذلك فى سبيل الله فيصبر؛ ثم تفاعله يكون بطلب المدد من الله بالدعاء بالمغفرة؛ أى إعلان التقصير بالذنب وعدم القدرة وطلب الثبات والنصر من الله مع اﻷخذ باﻷسباب الحقيقية للقوة.
ومنذ الإنقلاب كان يوجد خللا فى وضوح قضية فى سبيل الله؛ وقد تفاعل القوم مع اﻷسباب السياسية بصورة مبالغ فيها؛ فجاء كل فشل من ذلك بداية من التطلع للإتحاد اﻻوربى واﻹفريقى؛ وتفعيل كل فعل بالنظر لهما ثم الاعتماد على قوى إقليمية أو إعلامية أو منظمات حقوقية فى توصيل البكائية لجلب التأييد فى ظل حرب سافرة بالقتل واﻹبادة؛ والحرب على الإسلام من اﻹنقلاب، وتأييد دولى؛ وقد تم التعمد بعدم إعلاء الصراع أنه فى سبيل الله لنصرة دينه من القيادة واعتمدوا على مبادىء 25 يناير حتى على فرض تكتيك سياسى.
ويحضرنى هنا على سبيل الاطمئنان رؤية لشيخ ثقة أكتبها كمثال؛ فقد شاهد النبى صلى الله عليه وسلم فى مشهد يحاول الصعود لمنصة رابعة وتم منعه؛ تخيل التفسير واضح أن الخلل فى القيادة، وهو واقع.
فقاطعنى صديقى بحدة؛ اﻵن هل نقدم تنازلا ونتصالح مع النظام؛ أم ماذا نفعل؟ أريد منك حلا سياسىا وليس دينىا.
فنظرت إليه وقلت له: والله أقول لك على الحل الصحيح والحقيقة؛ أنكم لن تستطعيوا حتى أى شىء.
فصمت صديقى فأكملت وقلت: ولكن نحن المسلمين يجعلنا الله فى أي صراع أقوياء وكثرة فى نظر خصمنا مهما كنا قلة؛ ومهما كانت اﻷسباب مع الخصم؛ لكن الله ينصرنا أوﻻ بقوة إيماننا بالله؛ ثم بذل الجهد السليم فى المستطاع من اﻷسباب؛ فالحق يقول: { وَاذْكُرُواْ إِذْ أَنتُمْ قَلِيلٌ مُّسْتَضْعَفُونَ فِي الأَرْضِ تَخَافُونَ أَن يَتَخَطَّفَكُمُ النَّاسُ فَآوَاكُمْ وَأَيَّدَكُم بِنَصْرِهِ وَرَزَقَكُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} [الأنفال:26].
قال صديقى: وأخيرا مرة أخرى ما الحل؟
قلت له نحتاج هدنة لمراجعة إيمانية وشحذ الهمم باﻹيمان ومراجعة كل اﻷخطاء فى اﻷسباب وتطهير الصف وتوحيده وتقديم كفاءات حقيقية للقيادة يصلحون لانتاج واقعا قويا على اﻷرض؛ فالعالم ﻻيعرف غير اﻷقوياء وسنن الله ﻻتحابى أحدا؛ وأمريكا والغرب كله والقوى الإقليمية لن تهتم حتى بالمصالحة إﻻ إذا شعرت وتأكدت بأهمية ذلك لمصالحها.
وكذلك النظام لن يكون عنده جدية فى التصالح إﻻ إذا شعر من الواقع على الأرض بأهمية أن يتصالح؛ أما غير ذلك فليس تصالحا وﻻحتى إستسلاما مهزوما؛ يحصل على بعض الفتات بل هو تصفية لقضية ومشروع ﻻتملكوه مطلقا وﻻحق لكم فى ذلك.
قال صديقى: واقعنا سىء.
قلت له: أقول لك واسمعها مني وانتبه وأفق، الحرب حرب عقيدة عالمية، ومهما كان الله يقول فاتقوا الله ما استطعتم.
يتبع...