شرح سنن أبي داود [193]


الحلقة مفرغة

شرح حديث (لا جلب ولا جنب)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب أين تصدق الأموال.

حدثنا قتيبة بن سعيد حدثنا ابن أبي عدي عن ابن إسحاق عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: (لا جلب ولا جنب، ولا تؤخذ صدقاتهم إلا في دورهم) ].

أورد الإمام أبو داود السجستاني رحمه الله تعالى باباً في بيان أين يأخذ المصدق الصدقات، يعني: هل يذهب إلى أصحاب الأموال والمواشي على مياههم التي يردون عليها، أم أنه يجلس في مكان معين ويرسل للناس أن يأتوا إليه بمواشيهم؟

الجواب: العامل يذهب إلى أصحاب المواشي على مياههم، ولا يكلفهم مشقة الذهاب إليه، والتحول من الأماكن التي يسرحون فيها في البراري، ولا يجعلهم ينتقلون من مكان إلى مكان ليأتوا إلى المصدق فيدفعوا إليه الزكاة، وإنما يأتي إليهم على المياه، وينتقل من ماء إلى ماء ويأخذ الزكاة على المياه، وهذا فيه رفق بالناس وعدم إدخال مشقة عليهم.

هذا هو المقصود من الترجمة، أي: أن الزكوات تؤخذ منهم على مياههم، ولا يجلس العامل في مكان ثم يرسل إلى الناس أن يأتوا إليه.

أورد أبو داود حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: [ (لا جلب ولا جنب) ] المراد بالجلب: هو كون المصدق يكون في ناحية من النواحي ويطلب من أصحاب الأموال أن يجلبوا أموالهم إليه، وأن يسوقوها إليه من أجل أن يأخذ منهم الزكاة، هذا هو المقصود بالجلب فيما يتعلق بزكاة المواشي.

وله معنى آخر فيما يتعلق بالسباق، وهو أن يجعل فرساً آخر بجانب الفرس الذي يسابق عليه حتى يتحول إليه، أو أن أناساً يصيحون بالفرس من أجل أن يزيد في العدو، فجاء الجلب بهذا المعنى وبهذا المعنى، لكن الذي يطابق الترجمة هو المعنى الأول، وهو كون العامل يكون في ناحية من النواحي ويأمر أصحاب الأموال أن يأتوا إليه.

وكذلك فسر الجنب بهذا المعنى، وهو أن يكون في جانب من الجوانب التي فيها المياه، ثم يأمر الناس أن يأتوا إليه، فيكون قريباً من معنى الجلب.

قوله: (ولا تؤخذ صدقاتهم إلا في دورهم) هذا تأكيد للمعنى الأول، يعني: إلا في أماكنهم وفي مياههم، فقوله: (لا تؤخذ إلا في دورهم) هو بمعنى قوله: (لا جلب)؛ لأنه لو كانت الصدقات لا تؤخذ من الناس في دورهم وفي مياههم فإنهم سيذهبون بها ويجلبونها إلى العمال من أجل أن يأخذوا منها الزكاة.

تراجم رجال إسناد حديث (لا جلب ولا جنب)

قوله: [ حدثنا قتيبة بن سعيد ].

قتيبة بن سعيد بن جميل بن طريف البغلاني ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ حدثنا ابن أبي عدي ].

هو محمد بن إبراهيم بن أبي عدي وهو صدوق أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن ابن إسحاق ].

وهو محمد بن إسحاق المدني صدوق، أخرج له البخاري تعليقاً ومسلم وأصحاب السنن.

[ عن عمرو بن شعيب ].

عمرو بن شعيب بن محمد بن عبد الله بن عمرو بن العاص، وهو صدوق أخرج له البخاري في جزء القراءة وأصحاب السنن.

[ عن أبيه ].

شعيب بن محمد وهو صدوق أخرج له البخاري في الأدب المفرد وجزء القراءة وأصحاب السنن.

[ عن جده ].

عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله تعالى عنهما وهو صحابي جليل أحد العبادلة الأربعة من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ورضي الله عنهم وأرضاهم، وهم: عبد الله بن عمرو وعبد الله بن عمر وعبد الله بن عباس وعبد الله بن الزبير ، وحديث عبد الله بن عمرو أخرجه أصحاب الكتب الستة.

شرح أثر ابن إسحاق في تفسير (لا جلب ولا جنب)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا الحسن بن علي حدثنا يعقوب بن إبراهيم قال: سمعت أبي يقول عن محمد بن إسحاق في قوله: (لا جلب ولا جنب) قال: أن تصدق الماشية في مواضعها ولا تجلب إلى المصدق، والجنب عن غيره هذه الفريضة أيضاً، لا يجنب أصحابها، يقول: ولا يكون الرجل بأقصى مواضع أصحاب الصدقة فتجنب إليه، ولكن تؤخذ في موضعه ].

قوله: (لا يجنب أصحابها) يعني أنه يجعل الجنب من العامل أو من أصحاب الأموال، فلا يجنب أصحابها بمعنى أن يبتعدوا عنه إذا علموا بالمصدق، فيذهبون إلى أماكن أخرى غير المكان الذي كانوا فيه، وإنما يبقون في أماكنهم حتى يأتي إليهم العامل ويأخذ منهم، فلا يجنب أصحاب الأموال، ولا يجنب العامل أيضاً بحيث يكون في جانب من المياه ثم يأمر أصحاب الأموال بأن يأتوا إليه، فالجنب يكون من جهة العامل ويكون من جهة المالكين.

تراجم رجال إسناد أثر ابن إسحاق في تفسير (لا جلب ولا جنب)

قوله: [ حدثنا الحسن بن علي ].

الحسن بن علي الحلواني ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا النسائي .

[ حدثنا يعقوب بن إبراهيم ].

يعقوب بن إبراهيم بن سعد وهو ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ سمعت أبي ].

وهو ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن محمد بن إسحاق ].

مر ذكره، وهذا المتن يقال له: مقطوع؛ لأن المتن انتهى إلى محمد بن إسحاق ، وفيه تفسير للجلب والجنب الذي جاء في الحديث، ومحمد بن إسحاق هو راوي الحديث كما في الإسناد السابق، ثم ذكر أبو داود إسناداً انتهى إليه والمتن من قوله فيه تفسير الجلب والجنب، وهذا يسمى في علم المصطلح المقطوع، والمقطوع: هو المتن الذي انتهى إلى من دون الصحابي؛ لأن المتن إذا انتهى إلى الصحابي يقال له: موقوف، والمتن الذي انتهى إلى الرسول صلى الله عليه وسلم يقال له: مرفوع، والمتن الذي ينتهي إلى التابعي أو من دون التابعي يقال له: مقطوع، فالمقطوع من صفات المتون بخلاف المنقطع فإنه من صفات الأسانيد؛ لأنه سقوط راو من الإسناد.

قوله: [ والجنب عن غيره هذه الفريضة ] يعني: أن العامل يجنب عن الملاك أو الملاك يجنبون عن العامل بمعنى أنهم يبتعدون عنه، وقوله: (هذه الفريضة) المقصود بها الزكاة، يعني: يجنبون من أجل الفريضة التي هي واجبة عليهم، ويريدون أن يبتعدوا عن العامل حتى لا يؤدوا الحق، أو أن العامل يكون في جانب ويأمرهم أن يأتوا إليه.

ومعنى كلمة (غيره) في قوله: (والجنب عن غيره هذه الفريضة) يعني: العامل يجنب عن المالك، والمالك يجنب عن العامل، فكل واحد منهما يجنب عن الآخر، ففيه إجناب عن الغير، العامل يكون في جانب بعيد عن الملاك أو الملاك يبتعدون ويكونون في جانب بعيدين عنه.

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب أين تصدق الأموال.

حدثنا قتيبة بن سعيد حدثنا ابن أبي عدي عن ابن إسحاق عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: (لا جلب ولا جنب، ولا تؤخذ صدقاتهم إلا في دورهم) ].

أورد الإمام أبو داود السجستاني رحمه الله تعالى باباً في بيان أين يأخذ المصدق الصدقات، يعني: هل يذهب إلى أصحاب الأموال والمواشي على مياههم التي يردون عليها، أم أنه يجلس في مكان معين ويرسل للناس أن يأتوا إليه بمواشيهم؟

الجواب: العامل يذهب إلى أصحاب المواشي على مياههم، ولا يكلفهم مشقة الذهاب إليه، والتحول من الأماكن التي يسرحون فيها في البراري، ولا يجعلهم ينتقلون من مكان إلى مكان ليأتوا إلى المصدق فيدفعوا إليه الزكاة، وإنما يأتي إليهم على المياه، وينتقل من ماء إلى ماء ويأخذ الزكاة على المياه، وهذا فيه رفق بالناس وعدم إدخال مشقة عليهم.

هذا هو المقصود من الترجمة، أي: أن الزكوات تؤخذ منهم على مياههم، ولا يجلس العامل في مكان ثم يرسل إلى الناس أن يأتوا إليه.

أورد أبو داود حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: [ (لا جلب ولا جنب) ] المراد بالجلب: هو كون المصدق يكون في ناحية من النواحي ويطلب من أصحاب الأموال أن يجلبوا أموالهم إليه، وأن يسوقوها إليه من أجل أن يأخذ منهم الزكاة، هذا هو المقصود بالجلب فيما يتعلق بزكاة المواشي.

وله معنى آخر فيما يتعلق بالسباق، وهو أن يجعل فرساً آخر بجانب الفرس الذي يسابق عليه حتى يتحول إليه، أو أن أناساً يصيحون بالفرس من أجل أن يزيد في العدو، فجاء الجلب بهذا المعنى وبهذا المعنى، لكن الذي يطابق الترجمة هو المعنى الأول، وهو كون العامل يكون في ناحية من النواحي ويأمر أصحاب الأموال أن يأتوا إليه.

وكذلك فسر الجنب بهذا المعنى، وهو أن يكون في جانب من الجوانب التي فيها المياه، ثم يأمر الناس أن يأتوا إليه، فيكون قريباً من معنى الجلب.

قوله: (ولا تؤخذ صدقاتهم إلا في دورهم) هذا تأكيد للمعنى الأول، يعني: إلا في أماكنهم وفي مياههم، فقوله: (لا تؤخذ إلا في دورهم) هو بمعنى قوله: (لا جلب)؛ لأنه لو كانت الصدقات لا تؤخذ من الناس في دورهم وفي مياههم فإنهم سيذهبون بها ويجلبونها إلى العمال من أجل أن يأخذوا منها الزكاة.

قوله: [ حدثنا قتيبة بن سعيد ].

قتيبة بن سعيد بن جميل بن طريف البغلاني ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ حدثنا ابن أبي عدي ].

هو محمد بن إبراهيم بن أبي عدي وهو صدوق أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن ابن إسحاق ].

وهو محمد بن إسحاق المدني صدوق، أخرج له البخاري تعليقاً ومسلم وأصحاب السنن.

[ عن عمرو بن شعيب ].

عمرو بن شعيب بن محمد بن عبد الله بن عمرو بن العاص، وهو صدوق أخرج له البخاري في جزء القراءة وأصحاب السنن.

[ عن أبيه ].

شعيب بن محمد وهو صدوق أخرج له البخاري في الأدب المفرد وجزء القراءة وأصحاب السنن.

[ عن جده ].

عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله تعالى عنهما وهو صحابي جليل أحد العبادلة الأربعة من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ورضي الله عنهم وأرضاهم، وهم: عبد الله بن عمرو وعبد الله بن عمر وعبد الله بن عباس وعبد الله بن الزبير ، وحديث عبد الله بن عمرو أخرجه أصحاب الكتب الستة.

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا الحسن بن علي حدثنا يعقوب بن إبراهيم قال: سمعت أبي يقول عن محمد بن إسحاق في قوله: (لا جلب ولا جنب) قال: أن تصدق الماشية في مواضعها ولا تجلب إلى المصدق، والجنب عن غيره هذه الفريضة أيضاً، لا يجنب أصحابها، يقول: ولا يكون الرجل بأقصى مواضع أصحاب الصدقة فتجنب إليه، ولكن تؤخذ في موضعه ].

قوله: (لا يجنب أصحابها) يعني أنه يجعل الجنب من العامل أو من أصحاب الأموال، فلا يجنب أصحابها بمعنى أن يبتعدوا عنه إذا علموا بالمصدق، فيذهبون إلى أماكن أخرى غير المكان الذي كانوا فيه، وإنما يبقون في أماكنهم حتى يأتي إليهم العامل ويأخذ منهم، فلا يجنب أصحاب الأموال، ولا يجنب العامل أيضاً بحيث يكون في جانب من المياه ثم يأمر أصحاب الأموال بأن يأتوا إليه، فالجنب يكون من جهة العامل ويكون من جهة المالكين.

قوله: [ حدثنا الحسن بن علي ].

الحسن بن علي الحلواني ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا النسائي .

[ حدثنا يعقوب بن إبراهيم ].

يعقوب بن إبراهيم بن سعد وهو ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ سمعت أبي ].

وهو ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن محمد بن إسحاق ].

مر ذكره، وهذا المتن يقال له: مقطوع؛ لأن المتن انتهى إلى محمد بن إسحاق ، وفيه تفسير للجلب والجنب الذي جاء في الحديث، ومحمد بن إسحاق هو راوي الحديث كما في الإسناد السابق، ثم ذكر أبو داود إسناداً انتهى إليه والمتن من قوله فيه تفسير الجلب والجنب، وهذا يسمى في علم المصطلح المقطوع، والمقطوع: هو المتن الذي انتهى إلى من دون الصحابي؛ لأن المتن إذا انتهى إلى الصحابي يقال له: موقوف، والمتن الذي انتهى إلى الرسول صلى الله عليه وسلم يقال له: مرفوع، والمتن الذي ينتهي إلى التابعي أو من دون التابعي يقال له: مقطوع، فالمقطوع من صفات المتون بخلاف المنقطع فإنه من صفات الأسانيد؛ لأنه سقوط راو من الإسناد.

قوله: [ والجنب عن غيره هذه الفريضة ] يعني: أن العامل يجنب عن الملاك أو الملاك يجنبون عن العامل بمعنى أنهم يبتعدون عنه، وقوله: (هذه الفريضة) المقصود بها الزكاة، يعني: يجنبون من أجل الفريضة التي هي واجبة عليهم، ويريدون أن يبتعدوا عن العامل حتى لا يؤدوا الحق، أو أن العامل يكون في جانب ويأمرهم أن يأتوا إليه.

ومعنى كلمة (غيره) في قوله: (والجنب عن غيره هذه الفريضة) يعني: العامل يجنب عن المالك، والمالك يجنب عن العامل، فكل واحد منهما يجنب عن الآخر، ففيه إجناب عن الغير، العامل يكون في جانب بعيد عن الملاك أو الملاك يبتعدون ويكونون في جانب بعيدين عنه.