شرح سنن أبي داود [165]


الحلقة مفرغة

شرح حديث: (كان يصلي صلاة العشاء في جماعة ثم يرجع إلى أهله فيركع أربع ركعات...)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا علي بن حسين الدرهمي حدثنا ابن أبي عدي عن بهز بن حكيم حدثنا زرارة بن أوفى أن عائشة رضي الله عنها سُئلت عن صلاة رسول الله في جوف الليل فقالت: (كان يصلي صلاة العشاء في جماعة، ثم يرجع إلى أهله فيركع أربع ركعات، ثم يأوي إلى فراشه وينام وطهوره مغطى عند رأسه، وسواكه موضوع؛ حتى يبعثه الله ساعته التي يبعثه من الليل فيتسوك ويسبغ الوضوء، ثم يقوم إلى مصلاه فيصلي ثمان ركعات يقرأ فيهن بأم الكتاب، وسورة من القرآن وما شاء الله، ولا يقعد في شيء منها حتى يقعد في الثامنة، ولا يسلم، ويقرأ في التاسعة ثم يقعد، فيدعو بما شاء الله أن يدعوه، ويسأله ويرغب إليه، ويسلم تسليمة واحدة شديدة يكاد يوقظ أهل البيت من شدة تسليمه، ثم يقرأ وهو قاعد بأم الكتاب، ويركع وهو قاعد، ثم يقرأ الثانية فيركع ويسجد وهو قاعد، ثم يدعو ما شاء الله أن يدعو، ثم يسلم وينصرف، فلم تزل تلك صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى بدَّن، فنقص من التسع ثنتين، فجعلها إلى الست والسبع، وركعتيه وهو قاعد حتى قبض على ذلك صلى الله عليه وسلم) ].

قوله: [ (كان يصلي صلاة العشاء في جماعة، ثم يرجع إلى أهله فيركع أربع ركعات، ثم يأوي إلى فراشه وينام) ].

أي: كان يصلي صلاة العشاء في جماعة، ثم يأتي إلى أهله ويصلي أربع ركعات، ثم ينام، وهذا فيه بيان أن سنة العشاء أربع، لكن المحفوظ والثابت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، والذي جاء عن عائشة وعن غيرها أنها ركعتان، فمن العلماء من قال: إن هذا ليس بمحفوظ بل هو شاذ، والثابت عنه صلى الله عليه وسلم أنها ركعتان، ومن أهل العلم من قال: إن هذا يدل على الجواز، يعني: أنه يشرع أن يصلي ركعتين أو يصلي أربعاً، وكل ذلك سائغ، لكن الثابت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه كان يصلي ركعتين بعد العشاء، وهي الرواتب التي جاءت في بعض الأحاديث، وقد بينتها عائشة رضي الله عنها بالتفصيل، وذكرت ركعتين بعد العشاء، فالسنة أن يصلي الإنسان بعد العشاء ركعتين، ثم بعد ذلك يصلي قيام الليل.

قوله: [ (ثم يأوي إلى فراشه وينام وطهوره مغطى عند رأسه، وسواكه موضوع حتى يبعثه الله ساعته التي يبعثه من الليل) ].

يعني: كان ينام عليه الصلاة والسلام وطهوره عنده، وسواكه عنده، والطَّهور -بفتح الطاء- هو الماء الذي يتوضأ به، والطُّهور بالضم: هو فعل الوضوء، يقال: الوُضوء والوَضوء، والطُّهور والطَّهور، والسُّحور والسَّحور، والوُجور والوَجور كل هذه الكلمات الفتح فيها يراد به الشيء الذي يُفعل والذي يُعمل، والضم فيها يراد به الفعل، فهنا قال: والطَّهوره عنده، يعني: الماء الذي يتطهر به مغطىً عنده، والحديث الذي فيه: (الطُّهور شطر الإيمان..) هو بالضم، أي: الفعل الذي هو الوضوء.

قوله: (حتى يبعثه الله ساعته التي يبعثه) يعني: يبعثه من نومه، وذلك أن النوم أخو الموت أو شبيه بالموت، ولهذا جاء في القرآن: اللَّهُ يَتَوَفَّى الأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا [الزمر:42] أي: يتوفاها، فهنا ذكر البعث من النوم لأنه مثل الحياة بعد الموت، وقد جاء في الحديث (النوم أخو الموت).

قوله: [ (فيتسوك ويسبغ الوضوء ويقوم إلى مصلاه فيصلي ثماني ركعات يقرأ فيهن بأم الكتاب وسورة من القرآن وما شاء الله، ولا يقعد في شيء منها حتى يقعد في الثامنة ولا يسلم، ويقرأ في التاسعة ثم يقعد، فيدعو بما شاء الله أن يدعوه، ويسأله ويرغب إليه، ويسلم تسليمة واحدة شديدة، يكاد يوقظ أهل البيت من شدة تسليمه) ].

هذا مثل ما تقدم، إلا أن فيه رفع صوته بالتسليم، وأنه يكاد يوقظ أهل بيته منها، ولكن هذا لا يعني أنها تسليمة واحدة، وإنما رفع الصوت يكون في تسليمة واحدة.

قوله: [ (ثم يقرأ وهو قاعد بأم الكتاب، ويركع وهو قاعد، ثم يقرأ الثانية فيركع ويسجد وهو قاعد، ثم يدعو ما شاء الله أن يدعو، ثم يسلم وينصرف، فلم تزل تلك صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى بدَّن، فنقص من التسع ثنتين) ].

يعني: كان يصلي تسع، وبعدها يصلي ركعتين وهو جالس، ولما كبر صلى الله عليه وسلم نقص من التسع ثنتين، فكان يوتر بسبع، وقد مر في الحديث: (أنه كان يجلس بعد السادسة ويذكر الله عز وجل، ثم يقوم للسابعة، ثم يجلس بعدها ويذكر الله عز وجل، ثم يسلم).

قوله: [ (فجعلها إلى الست والسبع) ].

يعني: الست التي هي الشفع، والوتر الذي هو السابعة الذي يوتر بها الست.

تراجم رجال إسناد حديث: (كان يصلي صلاة العشاء في جماعة ثم يرجع إلى أهله فيركع أربع ركعات...)

قوله: [ حدثنا علي بن حسين الدرهمي ].

علي بن حسين الدرهمي ، هو صدوق، أخرج له أبو داود والنسائي .

[ حدثنا ابن أبي عدي عن بهز بن حكيم ].

ابن أبي عدي مر ذكره، وبهز بن حكيم صدوق، أخرج له البخاري تعليقاً وأصحاب السنن.

[ حدثنا زرارة بن أوفى أن عائشة ].

زرارة بن أوفى وعائشة قد مر ذكرها.

قال المنذري : ورواية زرارة بن أوفى عن سعد بن هشام عن عائشة هي المحفوظة، وعندي في سماع زرارة من عائشة نظر، فإن أبا حاتم الرازي قال: سمع زرارة من عمران بن حصين ، ومن أبي هريرة ، ومن ابن عباس ، وظاهر هذا أنه لم يسمع عنده من عائشة والله أعلم.

لكن هذا الحديث له شواهد، والألباني صحح هذه الروايات وإن كانت قصة واحدة وفيها اختلاف، وإذا نظرت إلى هذه الأحاديث المتكررة تجد بعضها يشبه بعضاً، من ناحية أنها سبع وبعدها ثنتان، أو تسع وبعدها ثنتان، وهكذا كثير من الأحاديث على هذا النهج، وإنما الإشكال في الخلاف في القصة الواحدة.

حديث: (كان يصلي صلاة العشاء في جماعة، ثم يرجع إلى أهله فيركع أربع ركعات...) من طريق ثانية وتراجم رجال إسناده

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا هارون بن عبد الله حدثنا يزيد بن هارون أخبرنا بهز بن حكيم ، فذكر هذا الحديث بإسناده. قال: (يصلي العشاء ثم يأوي إلى فراشه) لم يذكر الأربع ركعات، وساق الحديث، وقال فيه: (فيصلي ثماني ركعات يسوي بينهن في القراءة والركوع والسجود، ولا يجلس في شيء منهن إلا في الثامنة، فإنه كان يجلس ثم يقوم ولا يسلم فيه، فيصلي ركعة يوتر بها، ثم يسلم تسليمة يرفع بها صوته حتى يوقظنا) ثم ساق معناه ].

هذا الحديث مثل الذي قبله.

قوله: [ حدثنا هارون بن عبد الله ].

هارون بن عبد الله الحمال البغدادي ، ثقة، أخرج له مسلم وأصحاب السنن.

[ حدثنا يزيد بن هارون ].

يزيد بن هارون الواسطي ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ أخبرنا بهز بن حكيم ].

بهز بن حكيم مر ذكره.

حديث: (كان يصلي بالناس العشاء ثم يرجع إلى أهله فيصلي أربعاً...) من طريق ثالثة وتراجم رجال إسناده

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا عمرو بن عثمان حدثنا مروان -يعني: ابن معاوية - عن بهز حدثنا زرارة بن أوفى عن عائشة أم المؤمنين أنها سئلت عن صلاة رسول الله فقالت: (كان يصلي بالناس العشاء، ثم يرجع إلى أهله فيصلي أربعاً، ثم يأوي إلى فراشه) ثم ساق الحديث بطوله ولم يذكر: (يسوي بينهن في القراءة والركوع والسجود)، ولم يذكر في التسليم: (حتى يوقظنا) ].

قوله: [ حدثنا عمرو بن عثمان ].

هو عمرو بن عثمان بن سعيد بن كثير بن دينار القرشي مولاهم أبو حفص الحمصي ، صدوق، من العاشرة، مات سنة خمسين ومائتين.

[ حدثنا مروان يعني: ابن معاوية ].

مروان بن معاوية الفزاري ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن بهز حدثنا زرارة بن أوفى عن عائشة ].

بهز وزرارة وعائشة قد مر ذكرهم.

حديث: (كان يصلي صلاة العشاء في جماعة ثم يرجع إلى أهله فيركع أربع ركعات...) من طريق رابعة وتراجم رجال إسناده

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا موسى بن إسماعيل حدثنا حماد -يعني: ابن سلمة - عن بهز بن حكيم عن زرارة بن أوفى عن سعد بن هشام عن عائشة رضي الله عنها بهذا الحديث، وليس في تمام حديثهم ].

أورد أبو داود الحديث من طريق أخرى، وقال في آخره: وليس في تمام حديثهم.

وهذا يحتمل أن يكون المراد به كما قال صاحب عون المعبود: أي: ليس في جيد حديثهم، أي: أشار إلى ثلاثة وهم: يزيد بن هارون وحماد بن سلمة وابن أبي عدي ، فهؤلاء الثلاثة قال: إنه ليس في جيد حديثهم، ويحتمل أن يكون المقصود بقوله: وليس في تمام حديثهم: أن يكون هذا الذي جاء في الأخير ليس تاماً مثل الأحاديث التي قبله أو التي مرت، يعني: ليس مثل الأحاديث التي تقدمت بالتمام؛ لأن التمام يراد به تمام الحديث أو نقصانه، يقال: هذا الحديث أما تفسير قوله: ليس في تمام حديثهم أي: ليس في جيد حديثهم، وجعل تمام بمعنى: جيد، فهذا فيه نظر؛ لأن التمام غالباً يؤتى به للحديث من كونه تاماً، وكون بعضه أتم من بعض، وأوفى من بعض، فيحتمل -والله أعلم- أن يكون المقصود بقوله: وليس في تمام حديثهم يعني: أنه ليس تاماً مثل الطرق التي قبله.

قوله: [ حدثنا موسى بن إسماعيل ].

موسى بن إسماعيل مر ذكره.

[ حدثنا حماد ].

حماد بن سلمة ، ثقة، أخرج حديثه البخاري تعليقاً ومسلم وأصحاب السنن.

[ عن بهز بن حكيم عن زرارة بن أوفى عن سعد بن هشام عن عائشة ].

وقد مر ذكرهم.

شرح حديث: (أن رسول الله كان يصلي من الليل ثلاث عشرة ركعة يوتر بتسع...) وتراجم رجال إسناده

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا موسى -يعني: ابن إسماعيل - حدثنا حماد -يعني: ابن سلمة - عن محمد بن عمرو عن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن عائشة رضي الله عنها: (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يصلي من الليل ثلاث عشرة ركعة يوتر بتسع، أو كما قالت، ويصلي ركعتين وهو جالس، وركعتي الفجر بين الأذان والإقامة) ].

أورد أبو داود حديث عائشة وفيه: أنها ثلاث عشرة ركعة، يعني: يوتر بتسع ويصلي ركعتين وهو جالس، ثم ركعتين بين الأذان والإقامة، وهذا مثل ما تقدم قريباً.

قوله: [ حدثنا موسى بن إسماعيل حدثنا حماد يعني: ابن سلمة عن محمد بن عمرو ].

موسى بن إسماعيل وحماد مر ذكرهما، ومحمد بن عمرو بن علقمة بن وقاص الليثي ، صدوق له أوهام، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.

[ عن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن عائشة ].

أبو سلمة بن عبد الرحمن وعائشة قد مر ذكرهما.

شرح حديث: (أن رسول الله كان يوتر بتسع ركعات ثم أوتر بسبع ركعات...) وتراجم رجال إسناده

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا موسى بن إسماعيل حدثنا حماد عن محمد بن عمرو عن محمد بن إبراهيم عن علقمة بن وقاص عن عائشة رضي الله عنها (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يوتر بتسع ركعات، ثم أوتر بسبع ركعات، وركع ركعتين وهو جالس بعد الوتر يقرأ فيهما، فإذا أراد أن يركع قام فركع ثم سجد) ].

هذا مثل الذي مر معنا.

قوله: [ حدثنا موسى بن إسماعيل حدثنا حماد عن محمد بن عمرو عن محمد بن إبراهيم ].

موسى بن إسماعيل وحماد ومحمد بن عمرو مر ذكرهم، ومحمد بن إبراهيم هو: التيمي ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن علقمة بن وقاص ].

علقمة بن وقاص الليثي ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة، وهو جد محمد بن عمرو الذي يروي عن محمد بن إبراهيم .

[ عن عائشة ].

عائشة وقد مر ذكرها.

صلاة الركعتين بعد الوتر

[ قال أبو داود : روى الحديثين خالد بن عبد الله الواسطي عن محمد بن عمرو مثله، قال فيه: قال علقمة بن وقاص : يا أمتاه! كيف كان يصلي الركعتين؟ فذكر معناه ].

روى الحديثين يعني: المتقدمين قبل هذا.

قوله: [ عن خالد بن عبد الله الواسطي ].

خالد بن عبد الله الواسطي ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن محمد بن عمرو مثله قال فيه: قال علقمة بن وقاص : يا أمتاه! ].

معناه: أن علقمة بن وقاص هو الذي سألها وقال: يا أمتاه! أخبريني عن كذا وكذا.

شرح حديث: (أن رسول الله كان يصلي بالناس صلاة العشاء ثم يأوي إلى فراشه فينام...)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا وهب بن بقية عن خالد ح وحدثنا ابن المثنى حدثنا عبد الأعلى حدثنا هشام عن الحسن عن سعد بن هشام قال: قدمت المدينة فدخلت على عائشة فقلت: أخبريني عن صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم قالت: (إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يصلي بالناس صلاة العشاء، ثم يأوي إلى فراشه فينام، فإذا كان جوف الليل قام إلى حاجته وإلى طهوره فتوضأ، ثم دخل المسجد فصلى ثماني ركعات يخيل إليّ أنه يسوي بينهن في القراءة والركوع والسجود، ثم يوتر بركعة، ثم يصلي ركعتين وهو جالس، ثم يضع جنبه، فربما جاء بلال فآذنه بالصلاة ثم يغفي، وربما شككت أغفي أو لا، حتى يؤذنه بالصلاة، فكانت تلك صلاته حتى أسن ولحم، فذكرت من لحمه ما شاء الله) وساق الحديث ].

أورد أبو داود حديث عائشة رضي الله عنها وهو يشبه حديثها الطويل الذي سبق أن مر، إلا أنه لم يذكر فيه صلاة سنة العشاء، وإنما ذكر أنه كان يأوي إلى فراشه بعد صلاة العشاء فينام، وما ذكر الأربع الركعات، لكنه صلى الله عليه وسلم كان يصلي ركعتين بعد صلاة العشاء كما جاء عن عائشة في الحديث المتقدم.

قوله: [ (ثم يأوي إلى فراشه، فينام فإذا كان جوف الليل قام إلى حاجته وإلى طهوره، فتوضأ ثم دخل المسجد فصلى) ].

المسجد يعني: المصلى، والمسجد الذي في البيت هو مكان صلاته.

قوله: [ (يخيل إليّ أنه يسوي بينهن في القراءة والركوع والسجود) ].

سبق أن مر شيء يشبه هذا من حديثها.

قوله: [ (ثم يوتر بركعة، ثم يصلي ركعتين وهو جالس، ثم يضع جنبه، وربما جاء بلال فآذنه بالصلاة، ثم يغفي وربما شككت أغفي أو لا، حتى يؤذنه بالصلاة) ].

معناه: أنه بعدما يصلي الوتر يضع جنبه فيستريح، وقد سبق أن مر بنا أنه كان يضطجع مرتين، مرة بعد الوتر فيستريح في السحر، ومرة بعد أن يأتي بركعتي الفجر.

وهنا إشكال في قوله: آذنه؛ لأن معنى يؤذنه أي: يؤذنه بالإقامة، لأن المؤذن يؤذن بدون إيذان، فـبلال كان يؤذن إذا جاء الوقت، ولكنه لا يقيم إلا بعد إيذانه، فهنا فيه إشارة إلى أنه آذنه مرتين، وهذا غير واضح؛ لأن بلالاً ما كان يستأذنه في الأذان، وإنما كان يؤذنه بالإقامة، حتى يقيم الصلاة ويأتي ويصلي بالناس صلى الله عليه وسلم، وأما الأذان فإنه يؤذن إذا جاء الوقت، ولا أدري وجه ذكر هذا الإيذان.

تراجم رجال إسناد حديث: (أن رسول الله كان يصلي بالناس صلاة العشاء ثم يأوي إلى فراشه فينام...)

قوله: [ حدثنا وهب بن بقية ].

وهب بن بقية الواسطي ، ثقة، أخرج حديثه مسلم ، وأبو داود والنسائي .

[ عن خالد ].

هو ابن عبد الله الواسطي ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ ح وحدثنا ابن المثنى ].

هو: محمد بن المثنى العنزي أبو موسى الملقب بـالزمن ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة، بل هو شيخ لأصحاب الكتب الستة.

[ حدثنا عبد الأعلى ].

عبد الأعلى هو: ابن عبد الأعلى ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ حدثنا هشام ].

هو: ابن حسان ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن الحسن ].

الحسن بن أبي الحسن البصري ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن سعد بن هشام ].

سعد بن هشام ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن عائشة ].

عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها وأرضاها، الصديقة بنت الصديق ، وهي من أوعية السنة وحفظتها، ومن السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.

[ قال أبو داود : وإنما كررت هذا الحديث؛ لأنهم اضطربوا فيه.

ثم قال أبو داود : أصحابنا لا يرون الركعتين بعد الوتر ].

هذا الكلام في بعض النسخ، والركعتان بعد الوتر جاءت في أحاديث عديدة، من طرق مختلفة، والرسول صلى الله عليه وسلم لم يداوم عليها، وإنما فعلها في بعض الأحيان، وإذا فعلت في بعض الأحيان فلا بأس بذلك، وإذا تركت ولم يؤت بها فلا بأس بذلك؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يكن مداوماً عليها.

شرح حديث: (رقد ابن عباس عند النبي فرآه استيقظ فتسوك وتوضأ...)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا محمد بن عيسى حدثنا هشيم أخبرنا حصين عن حبيب بن أبي ثابت ح وحدثنا عثمان بن أبي شيبة حدثنا محمد بن فضيل عن حصين عن حبيب بن أبي ثابت عن محمد بن علي بن عبد الله بن عباس عن أبيه عن ابن عباس رضي الله عنهما: (أنه رقد عند النبي صلى الله عليه وسلم فرآه استيقظ فتسوك وتوضأ وهو يقول: إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ [آل عمران:190]، حتى ختم السورة، ثم قام فصلى ركعتين أطال فيهما القيام والركوع والسجود، ثم انصرف فنام حتى نفخ، ثم فعل ذلك ثلاث مرات بست ركعات، كل ذلك يستاك ثم يتوضأ ويقرأ هؤلاء الآيات، ثم أوتر).

قال عثمان : (بثلاث ركعات فأتاه المؤذن فخرج إلى الصلاة).

وقال ابن عيسى : (ثم أوتر فأتاه بلال فآذنه بالصلاة حين طلع الفجر، فصلى ركعتي الفجر، ثم خرج إلى الصلاة -ثم اتفقا- وهو يقول: اللهم اجعل في قلبي نوراً، واجعل في لساني نوراً، واجعل في سمعي نوراً، واجعل في بصري نوراً، واجعل خلفي نوراً، وأمامي نوراً، واجعل من فوقي نوراً، ومن تحتي نوراً، اللهم وأعظم لي نوراً) ].

أورد أبو داود رحمه الله حديث ابن عباس رضي الله عنهما في صلاة النبي صلى الله عليه وسلم في الليل، وذلك أنه رقد عند النبي صلى الله عليه وسلم في بيت خالته ميمونة ، يريد من وراء ذلك أن يعرف صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم في الليل، فرقد عند خالته ميمونة ، فرأى النبي صلى الله عليه وسلم قام واستاك وتوضأ، ثم صلى ركعتين، ثم بعد ذلك نام، ثم استيقظ وصلى ركعتين، ثم نام واستيقظ وصلى ركعتين، ثلاث مرات، يعني: يصلي ركعتين، ثم ينام، ثم يصلي ركعتين، ثم ينام، ثم يصلي ركعتين، فهذه ست ركعات، ثم بعد ذلك يصلي ثلاثاً، فيكون أوتر بتسع، ثم صلى ركعتين بعد الوتر، ثم بعد ذلك رقد حتى يؤذنه بلال بالصلاة.

قوله: [ قال عثمان : (بثلاث ركعات، فأتاه المؤذن فخرج إلى الصلاة) وقال ابن عيسى : (ثم أوتر فأتاه بلال فآذنه بالصل