شرح سنن أبي داود [140]


الحلقة مفرغة

شرح حديث (اجلس فقد آذيت)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب تخطي رقاب الناس يوم الجمعة.

حدثنا هارون بن معروف حدثنا بشر بن السري حدثنا معاوية بن صالح عن أبي الزاهرية أنه قال: كنا مع عبد الله بن بسر رضي الله عنه صاحب النبي صلى الله عليه وسلم يوم الجمعة، فجاء رجل يتخطى رقاب الناس فقال عبد الله بن بسر : (جاء رجل يتخطى رقاب الناس يوم الجمعة والنبي صلى الله عليه وسلم يخطب، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: اجلس فقد آذيت) ].

أورد أبو داود [ باب: تخطي رقاب الناس يوم الجمعة ]، ولا يجوز لإنسان أن يتخطى رقاب الناس يوم الجمعة وكذلك في غير الجمعة، وعلى الإنسان أن يأتي مبكراً ويجلس في الأماكن المتقدمة دون أن يتخطى رقاب الناس، لا أن يأتي متأخراً ثم يتخطى رقاب الناس من أجل أن يجلس في مكان متقدم، ولتتم الصفوف الأول فالأول، ولا ينشأ الصف الثاني إلا إذا امتلأ الصف الأول، ولا ينشأ الصف الثالث إلا إذا امتلأ الصف الثاني، ولا ينشأ الصف الرابع إلا إذا امتلأ الصف الثالث وهكذا، وبذلك يكون كل من جاء يجلس حيث ينتهي به المجلس، أو يقف حيث ينتهي به الموقف، ولكن إذا كان إماماً، وكان مجيئه من الخلف فإن له أن يتخطى رقاب الناس؛ لأنه لا سبيل له إلى وصوله إلى المنبر إلا من هذا الطريق، وهذا إذا كان لا يوجد هناك باب عند المنبر أو في الصف الأول، وإنما الباب في آخر المسجد، وكذلك من رأى فرجة لا يصل إليها إلا بتخطي الرقاب فله أن يذهب إليها؛ لأنه كان على الذين وراء هذه الفرجة أن يسدوها، وأن لا يحوجوا غيرهم إلى أن يتخطى رقابهم من أجل أن يصل إلى هذه الفرجة، أما أن لا يكون هناك فرج، فيأتي الإنسان من أجل أن يدخل نفسه بين الناس، ويضيق عليهم، ويزاحمهم في صلاتهم عندما يصفون؛ فإن هذا لا يسوغ ولا يجوز، فلا يجوز للإنسان إذا دخل والإمام يخطب -وكذلك في أي وقت من الأوقات- أن يتخطى رقاب الناس إلا إذا كان إماماً وليس له طريق إلا بأن يقطع الصفوف، وكذلك من رأى فرجة لا يصل إليها إلا بالتخطي؛ لأن الذين تركوا الأماكن المتقدمة هم المقصرون، وكان عليهم أن يتقدموا ويسدوا تلك الفرج.

وأورد أبو داود رحمه الله حديث عبد الله بن بسر رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى رجلاً يتخطى رقاب الناس والنبي صلى الله عليه وسلم يخطب يوم الجمعة فقال له: [ (اجلس فقد آذيت) ] والمقصود من ذلك أن يجلس ولا يتخطى، وقد عرفنا أنه لا بد من أن يصلي ركعتين قبل أن يجلس، فلعله صلى ركعتين عندما دخل المسجد ثم أراد أن يتقدم من أجل أن يحصل مكاناً متقدماً، فأمره أن يجلس دون أن يصلي؛ لأن تحية المسجد وجدت منه من قبل، أما إذا كان دخل المسجد ولم يصل وإنما جاء يتخطى فإنه لا يجلس حتى يصلي ركعتين.

وفي هذا الحديث بين النبي صلى الله عليه وسلم أن هذا التخطي أذى، وأن الإنسان يكون بذلك قد آذى الذين تخطى رقابهم أو ضيق عليهم، فيجب على الإنسان أن يجلس حيث ينتهي به المجلس، ويقف حيث ينتهي به الموقف، وليس له أن يتخطى الرقاب، ولا أن يخترق صفاً إلى صف آخر إلا إذا كان إماماً لا يصل إلى مكانه إلا بهذه الطريق أو رأى فرجة لا يصل إليها إلا بالتخطي فإن له ذلك.

وفيه أن الخطيب له أن يكلم غيره؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال لهذا الرجل: [ (اجلس فقد آذيت) ] فهذا فيه دليل على أن الخطيب له أن يكلم غيره في خطبته، وكذلك غيره له أن يكلمه، مثلما حصل في قصة سليك الغطفاني المتقدمة.

والتخطي منهي عنه في يوم الجمعة وغير الجمعة، ولكنه يتأكد النهي عنه في الجمعة.

والظاهر أن هذا الرجل كان قد صلى، ويحتمل أن يكون ذلك حصل قبل أن يبين النبي صلى الله عليه وسلم للناس أن من دخل المسجد يوم الجمعة فلا يجلس حتى يصلي ركعتين، كما تقدم في قوله: (إذا جاء أحدكم والإمام يخطب فلا يجلس حتى يصلي ركعتين يتجوز فيهما).

تراجم رجال إسناد حديث (اجلس فقد آذيت)

قوله: [ حدثنا هارون بن معروف ].

هارون بن معروف ثقة أخرج له البخاري ومسلم وأبو داود .

[ حدثنا بشر بن السري ].

بشر بن السري ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ حدثنا معاوية بن صالح .].

هو معاوية بن صالح بن حدير، وهو صدوق له أوهام، أخرج حديثه البخاري في جزء القراءة ومسلم وأصحاب السنن.

[ عن أبي الزاهرية ].

هو حدير بن كريب، وهو صدوق أخرج له البخاري في جزء القراءة ومسلم وأبو داود والنسائي وابن ماجة .

[ عن عبد الله بن بسر ].

عبد الله بن بسر رضي الله تعالى عنه صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب تخطي رقاب الناس يوم الجمعة.

حدثنا هارون بن معروف حدثنا بشر بن السري حدثنا معاوية بن صالح عن أبي الزاهرية أنه قال: كنا مع عبد الله بن بسر رضي الله عنه صاحب النبي صلى الله عليه وسلم يوم الجمعة، فجاء رجل يتخطى رقاب الناس فقال عبد الله بن بسر : (جاء رجل يتخطى رقاب الناس يوم الجمعة والنبي صلى الله عليه وسلم يخطب، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: اجلس فقد آذيت) ].

أورد أبو داود [ باب: تخطي رقاب الناس يوم الجمعة ]، ولا يجوز لإنسان أن يتخطى رقاب الناس يوم الجمعة وكذلك في غير الجمعة، وعلى الإنسان أن يأتي مبكراً ويجلس في الأماكن المتقدمة دون أن يتخطى رقاب الناس، لا أن يأتي متأخراً ثم يتخطى رقاب الناس من أجل أن يجلس في مكان متقدم، ولتتم الصفوف الأول فالأول، ولا ينشأ الصف الثاني إلا إذا امتلأ الصف الأول، ولا ينشأ الصف الثالث إلا إذا امتلأ الصف الثاني، ولا ينشأ الصف الرابع إلا إذا امتلأ الصف الثالث وهكذا، وبذلك يكون كل من جاء يجلس حيث ينتهي به المجلس، أو يقف حيث ينتهي به الموقف، ولكن إذا كان إماماً، وكان مجيئه من الخلف فإن له أن يتخطى رقاب الناس؛ لأنه لا سبيل له إلى وصوله إلى المنبر إلا من هذا الطريق، وهذا إذا كان لا يوجد هناك باب عند المنبر أو في الصف الأول، وإنما الباب في آخر المسجد، وكذلك من رأى فرجة لا يصل إليها إلا بتخطي الرقاب فله أن يذهب إليها؛ لأنه كان على الذين وراء هذه الفرجة أن يسدوها، وأن لا يحوجوا غيرهم إلى أن يتخطى رقابهم من أجل أن يصل إلى هذه الفرجة، أما أن لا يكون هناك فرج، فيأتي الإنسان من أجل أن يدخل نفسه بين الناس، ويضيق عليهم، ويزاحمهم في صلاتهم عندما يصفون؛ فإن هذا لا يسوغ ولا يجوز، فلا يجوز للإنسان إذا دخل والإمام يخطب -وكذلك في أي وقت من الأوقات- أن يتخطى رقاب الناس إلا إذا كان إماماً وليس له طريق إلا بأن يقطع الصفوف، وكذلك من رأى فرجة لا يصل إليها إلا بالتخطي؛ لأن الذين تركوا الأماكن المتقدمة هم المقصرون، وكان عليهم أن يتقدموا ويسدوا تلك الفرج.

وأورد أبو داود رحمه الله حديث عبد الله بن بسر رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى رجلاً يتخطى رقاب الناس والنبي صلى الله عليه وسلم يخطب يوم الجمعة فقال له: [ (اجلس فقد آذيت) ] والمقصود من ذلك أن يجلس ولا يتخطى، وقد عرفنا أنه لا بد من أن يصلي ركعتين قبل أن يجلس، فلعله صلى ركعتين عندما دخل المسجد ثم أراد أن يتقدم من أجل أن يحصل مكاناً متقدماً، فأمره أن يجلس دون أن يصلي؛ لأن تحية المسجد وجدت منه من قبل، أما إذا كان دخل المسجد ولم يصل وإنما جاء يتخطى فإنه لا يجلس حتى يصلي ركعتين.

وفي هذا الحديث بين النبي صلى الله عليه وسلم أن هذا التخطي أذى، وأن الإنسان يكون بذلك قد آذى الذين تخطى رقابهم أو ضيق عليهم، فيجب على الإنسان أن يجلس حيث ينتهي به المجلس، ويقف حيث ينتهي به الموقف، وليس له أن يتخطى الرقاب، ولا أن يخترق صفاً إلى صف آخر إلا إذا كان إماماً لا يصل إلى مكانه إلا بهذه الطريق أو رأى فرجة لا يصل إليها إلا بالتخطي فإن له ذلك.

وفيه أن الخطيب له أن يكلم غيره؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال لهذا الرجل: [ (اجلس فقد آذيت) ] فهذا فيه دليل على أن الخطيب له أن يكلم غيره في خطبته، وكذلك غيره له أن يكلمه، مثلما حصل في قصة سليك الغطفاني المتقدمة.

والتخطي منهي عنه في يوم الجمعة وغير الجمعة، ولكنه يتأكد النهي عنه في الجمعة.

والظاهر أن هذا الرجل كان قد صلى، ويحتمل أن يكون ذلك حصل قبل أن يبين النبي صلى الله عليه وسلم للناس أن من دخل المسجد يوم الجمعة فلا يجلس حتى يصلي ركعتين، كما تقدم في قوله: (إذا جاء أحدكم والإمام يخطب فلا يجلس حتى يصلي ركعتين يتجوز فيهما).

قوله: [ حدثنا هارون بن معروف ].

هارون بن معروف ثقة أخرج له البخاري ومسلم وأبو داود .

[ حدثنا بشر بن السري ].

بشر بن السري ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ حدثنا معاوية بن صالح .].

هو معاوية بن صالح بن حدير، وهو صدوق له أوهام، أخرج حديثه البخاري في جزء القراءة ومسلم وأصحاب السنن.

[ عن أبي الزاهرية ].

هو حدير بن كريب، وهو صدوق أخرج له البخاري في جزء القراءة ومسلم وأبو داود والنسائي وابن ماجة .

[ عن عبد الله بن بسر ].

عبد الله بن بسر رضي الله تعالى عنه صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.

شرح حديث (إذا نعس أحدكم وهو في المسجد فليتحول ...)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب: الرجل ينعس والإمام يخطب.

حدثنا هناد بن السري عن عبدة عن ابن إسحاق عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما أنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (إذا نعس أحدكم وهو في المسجد فليتحول من مجلسه ذلك إلى غيره) ].

أورد أبو داود هذه الترجمة [ الرجل ينعس والإمام يخطب ] يعني: ماذا يصنع؟

والجواب أنه يتحول من مكانه إلى مكان آخر، وذلك لينتقل من هذا المكان الذي حصلت له فيه الغفلة إلى مكان آخر لعل الغفلة تذهب فيه عنه، ويمكن أن تكون هذه الحركة سبباً في ذهاب النوم.

وأورد الحديث عن عبد الله بن عمر رضي الله تعالى عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: [ (إذا نعس أحدكم وهو في المسجد فليتحول من مجلسه ذلك إلى غيره) ] وهذا لفظ عام، وليس فيه ذكر وقت الخطبة، وهو عام في كونه في المسجد، سواءٌ أكان في جمعة أم في غير جمعة، وسواءٌ أكان في الخطبة أم في غير الخطبة، ولكنه جاء عند الترمذي هذا القيد: (والإمام يخطب).

تراجم رجال إسناد حديث (إذا نعس أحدكم وهو في المسجد فليتحول ...)

قوله: [ حدثنا هناد بن السري ] .

هو هناد بن السري أبو السري، ثقة، أخرج له البخاري في (خلق أفعال العباد) ومسلم وأصحاب السنن الأربعة.

[ عن عبدة ].

هو عبدة بن سليمان ، وهو ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن ابن إسحاق ].

محمد بن إسحاق صدوق، أخرج حديثه البخاري تعليقاً ومسلم وأصحاب السنن.

[ عن نافع ].

هو نافع مولى ابن عمر ، وهو ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن ابن عمر ].

هو الصحابي الجليل أحد العبادلة الأربعة من أصحاب رسول الله عليه الصلاة والسلام، وأحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم، وهم: أبو هريرة وابن عمر وابن عباس وأبو سعيد الخدري وأنس بن مالك وجابر بن عبد الله الأنصاري وأم المؤمنين عائشة رضي الله تعالى عنهم وعن الصحابة أجمعين، ستة رجال وامرأة واحدة.

حال حديث (إذا نعس أحدكم وهو في المسجد فليتحول ...)

هذا الحديث فيه عنعنة ابن إسحاق، وقد خرجه الترمذي وقال: (حسن صحيح)، وصححه بعض أهل العلم واحتجوا به.

حكم التسوك حال الخطبة والوقوف لأجل إزالة النوم

من نعس أثناء الخطبة ليس له أن يتسوك، والذي ورد أنه يتحول إلى مكان آخر، وله أن يبحث عن مكان قريب إذا كان المسجد مزدحماً، وإذا ما وجد مكاناً فله أن يظل واقفاً في نفس مكانه ليذهب النعاس؛ لأن الحركة قد تذهب عنه النوم، أما كونه يتسوك فإن هذا عمل ينشغل به عن سماع الخطبة، وقد يكون من جنس مس الحصى.

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب: الرجل ينعس والإمام يخطب.

حدثنا هناد بن السري عن عبدة عن ابن إسحاق عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما أنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (إذا نعس أحدكم وهو في المسجد فليتحول من مجلسه ذلك إلى غيره) ].

أورد أبو داود هذه الترجمة [ الرجل ينعس والإمام يخطب ] يعني: ماذا يصنع؟

والجواب أنه يتحول من مكانه إلى مكان آخر، وذلك لينتقل من هذا المكان الذي حصلت له فيه الغفلة إلى مكان آخر لعل الغفلة تذهب فيه عنه، ويمكن أن تكون هذه الحركة سبباً في ذهاب النوم.

وأورد الحديث عن عبد الله بن عمر رضي الله تعالى عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: [ (إذا نعس أحدكم وهو في المسجد فليتحول من مجلسه ذلك إلى غيره) ] وهذا لفظ عام، وليس فيه ذكر وقت الخطبة، وهو عام في كونه في المسجد، سواءٌ أكان في جمعة أم في غير جمعة، وسواءٌ أكان في الخطبة أم في غير الخطبة، ولكنه جاء عند الترمذي هذا القيد: (والإمام يخطب).


استمع المزيد من الشيخ عبد المحسن العباد - عنوان الحلقة اسٌتمع
شرح سنن أبي داود [139] 2890 استماع
شرح سنن أبي داود [462] 2842 استماع
شرح سنن أبي داود [106] 2835 استماع
شرح سنن أبي داود [032] 2731 استماع
شرح سنن أبي داود [482] 2702 استماع
شرح سنن أبي داود [529] 2693 استماع
شرح سنن أبي داود [555] 2686 استماع
شرح سنن أبي داود [177] 2679 استماع
شرح سنن أبي داود [097] 2654 استماع
شرح سنن أبي داود [273] 2650 استماع