شرح سنن أبي داود [130]


الحلقة مفرغة

شرح حديث ابن مسعود في أن الشاك يبني على ظنه

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب: من قال يتم على أكبر ظنه.

حدثنا النفيلي حدثنا محمد بن سلمة عن خصيف عن أبي عبيدة بن عبد الله عن أبيه رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: (إذا كنت في صلاة فشككت في ثلاث أو أربع، وأكبر ظنك على أربع، تشهدت ثم سجدت سجدتين وأنت جالس قبل أن تسلم، ثم تشهدت أيضا ثم تسلم).

قال أبو داود : رواه عبد الواحد عن خصيف ولم يرفعه، ووافق عبد الواحد أيضا سفيان وشريك وإسرائيل ، واختلفوا في الكلام في متن الحديث ولم يسندوه ].

أورد أبو داود رحمه الله هذه الترجمة، وهي قوله: [ باب: من قال يتم على أكبر ظنه ].

يعني: إذا شك في ثنتين أو ثلاث، فهذه الترجمة كالترجمة السابقة، إلا أنه هناك إذا شك في ثنتين أو ثلاث يلقي الشك ويبني على الأقل الذي هو المتيقن، وهنا يقول: إذا شك في ثنتين أو ثلاث يتم على أكبر ظنه، فإذا كان أكبر ظنه أنها ثلاث فإنه يعتبرها ثلاثاً، ولا يبني على اليقين وهو العدد الأقل، بل يبني على أكبر ظنه وإن كان العدد الأكبر، هذا هو المقصود من هذه الترجمة.

وأورد أبو داود رحمه الله حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه.

قوله: [ (إذا كنت في صلاة فشككت في ثلاث أو أربع وأكبر ظنك على أربع) ].

أي: شككت في ثلاث أو أربع، فالعدد الأقل ثلاث والعدد الأكبر أربع، لكن أكبر ظنك أنها أربع، فإنك تبني على أكبر ظنك الذي هو العدد الأكبر، ولا تبني على العدد الأقل.

قوله: [ (تشهدت) ].

معناه أنك تجلس للتشهد، لأنك بنيت على أكبر ظنك أنها أربع فجلست بعد الرابعة للتشهد.

قوله: [ (وسجدت سجدتين قبل أن تسلم، ثم تشهدت أيضاً، ثم تسلم) ] معنى هذا أن السجود يكون قبل السلام، ويكون هناك تشهدان، ولعل التشهد الثاني إنما هو للسجدتين، هذا هو الذي يظهر من حديث ابن مسعود رضي الله عنه.

والحديث غير صحيح؛ لأن فيه انقطاعاً، وأيضاً فيه ضعف من جهة أحد رواته الذي هو خصيف الجزري ، والانقطاع المذكور سببه أن أبا عبيدة بن عبد الله بن مسعود لم يسمع من أبيه، فيكون هذا الذي جاء في هذا الحديث غير حجة.

لكن يمكن أن يدخل تحت هذه الترجمة حديث ابن مسعود الذي سبق أن مر في باب من صلى خمساً، وأنه قال: (فليتحر الصواب، ثم يسجد للسهو بعد السلام)، فهو الذي ينطبق على البناء على غالب الظن، لأنه يتحرى الصواب في ذلك ويبني عليه، ويكون سجوده بعد السلام.

تراجم رجال إسناد حديث ابن مسعود في أن الشاك يبني على ظنه

قوله: [ حدثنا النفيلي ].

هو عبد الله بن محمد النفيلي ، ثقة أخرج حديثه البخاري وأصحاب السنن.

[ حدثنا محمد بن سلمة ].

هو الباهلي الحراني ، وهو ثقة، أخرج حديثه البخاري في جزء القراءة ومسلم وأصحاب السنن.

وإذا جاء محمد بن سلمة في طبقة شيوخ شيوخ أبي داود فهو الحراني ، وإذا جاء في طبقة شيوخه محمد بن سلمة فهو المصري .

[ عن خصيف ].

هو خصيف بن عبد الرحمن الجزري ، وهو صدوق سيء الحفظ اختلط بآخره، أخرج له أصحاب السنن.

[ عن أبي عبيدة بن عبد الله ].

هو أبو عبيدة بن عبد الله بن مسعود ، وهو ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن أبيه ].

هو عبد الله بن مسعود الهذلي صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.

قوله: [ قال أبو داود : رواه عبد الواحد عن خصيف ولم يرفعه ].

عبد الواحد هو ابن زياد، والمعنى أنه وقفه على ابن مسعود ولم يذكر فيه أن النبي صلى الله عليه وسلم قاله.

قوله: [ ووافق عبد الواحد أيضاً سفيان وشريك وإسرائيل ].

أي: ووافق عبد الواحد في كونه لم يرفعه وأنه موقوف على ابن مسعود هؤلاء الثلاثة.

و سفيان هو الثوري ، وهو ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.

و شريك هو شريك بن عبد الله النخعي الكوفي القاضي ، وهو صدوق يخطئ كثيراً، وتغير حفظه لما ولي القضاء، وحديثه أخرجه البخاري تعليقاً ومسلم وأصحاب السنن.

وإسرائيل هو إسرائيل بن يونس بن أبي إسحاق السبيعي ، وهو ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.

قوله: [ واختلفوا في الكلام في متن الحديث ولم يسندوه ].

أي أن ألفاظهم مختلفة في متن الحديث فليسوا متفقين في ألفاظه، لم يسندوه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولكنهم وقفوه على ابن مسعود ؛ لأن هؤلاء كلفهم وافقوا عبد الواحد في كونه لم يرفعه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فيكون على هذا من كلام ابن مسعود .

شرح حديث (إذا صلى أحدكم فلم يدر زاد أم نقص فليسجد سجدتين وهو قاعد)

قال المصنف رحمه الله: [ حدثنا محمد بن العلاء حدثنا إسماعيل بن إبراهيم حدثنا هشام الدستوائي حدثنا يحيى بن أبي كثير حدثنا عياض ، ح: وحدثنا موسى بن إسماعيل حدثنا أبان حدثنا يحيى عن هلال بن عياض عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (إذا صلى أحدكم فلم يدر زاد أم نقص، فليسجد سجدتين وهو قاعد، فإذا أتاه الشيطان فقال: إنك قد أحدثت فليقل: كذبت. إلا ما وجد ريحا بأنفه أو صوتا بأذنه)، وهذا لفظ حديث أبان ].

قوله: [ (فإذا أتاه الشيطان فقال: إنك قد أحدثت فليقل: كذبت. إلا ما وجد ريحاً بأنفه أو صوتاً بأذنه) ].

وسبق أن هذا المعنى جاء في حديث متفق على صحته عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، لكن محل الشاهد من إيراد الحديث هنا هو ما جاء في أوله، من جهة أنه إذا شك في صلاته وشك هل زاد أو نقص، فإنه يسجد سجدتين قبل أن يسلم.

تراجم رجال إسناد حديث (إذا صلى أحدكم فلم يدر زاد أم نقص فليسجد سجدتين وهو قاعد)

قوله: [ حدثنا محمد بن العلاء ].

هو محمد بن العلاء بن كريب أبو كريب البصري ، ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ حدثنا إسماعيل بن إبراهيم ].

هو إسماعيل بن إبراهيم بن مقسم الأسدي البصري المشهور بـابن علية ، وهو ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ حدثنا هشام ].

هو هشام بن أبي عبد الله الدستوائي ، وهو ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ حدثنا يحيى بن أبي كثير ].

هو يحيى بن أبي كثير اليمامي ، وهو ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ حدثنا عياض ].

قيل: هو عياض بن هلال ، وقيل: هلال بن عياض ، وهو الذي سيأتي في الطريق الثانية باسم هلال بن عياض ، وسيأتي أيضاً ذكر أنه هلال بن أبي زهير ، فهو شخص واحد، وهو مجهول، أخرج حديثه أصحاب السنن.

[ ح: وحدثنا موسى بن إسماعيل ].

هو موسى بن إسماعيل التبوذكي البصري ، ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ حدثنا أبان ].

هو ابن يزيد العطار ، ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا ابن ماجة .

[ حدثنا يحيى عن هلال بن عياض ].

يحيى هو ابن أبي كثير الذي جاء منسوباً في الطريق السابقة.

و هلال بن عياض هو عياض الذي ذكره وقال: عياض بن هلال ويقال: هلال بن عياض ويقال: هلال بن أبي زهير، وهو شخص واحد.

[ عن أبي سعيد الخدري ].

هو سعد بن مالك بن سنان الخدري صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو أحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.

قوله: [ وهذا لفظ حديث أبان ]

قد عرفنا من صنيع أبي داود رحمه الله أنه أحياناً يذكر من له اللفظ في أول الكلام، وأحياناً لا يذكره إلا بعد نهاية الحديث، كما في هذا الحديث، حيث قال بعد نهايته: [ وهذا لفظ حديث أبان ] أي: أبان بن يزيد العطار .

قوله: [ قال أبو داود : وقال معمر وعلي بن المبارك : عياض بن هلال ، وقال الأوزاعي : عياض بن أبي زهير ].

أي أنَّ الأوزاعي ذكر اسمه عياضاً ، وذكر أباه مكنى، فهو مثل الذين قبله، إلا أن الذين قبله ذكروا اسمه عياضاً ونسبوه إلى أبيه فقالوا: ابن هلال ، وهو ذلك الشخص المجهول الذي لم يرو عنه إلا يحيى بن أبي كثير اليمامي .

و معمر هو معمر بن راشد الأزدي البصري ثم اليماني، وهو ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة، وعلي بن المبارك ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.

و الأوزاعي هو عبد الرحمن بن عمرو الأوزاعي ، فقيه الشام ومحدثها، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

شرح حديث (إن أحدكم إذا قام يصلي جاءه الشيطان فلبس عليه..)

قال المصنف رحمه الله: [ حدثنا القعنبي عن مالك عن ابن شهاب عن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (إن أحدكم إذا قام يصلي جاءه الشيطان فلبس عليه حتى لا يدري كم صلى، فإذا وجد أحدكم ذلك فليسجد سجدتين وهو جالس) ].

أورد حديث أبي هريرة رضي الله عنه، وهو مثل الذي قبله، لكن هذا -كما عرفنا- مبني على أنه إما بنى على اليقين وهو العدد الأقل وأكمل ما بقي، أو أنه بنى على غالب ظنه.

قوله: [ (فليسجد سجدتين وهو جالس) ].

معناه: قبل السلام كما سيأتي.

تراجم رجال إسناد حديث (إن أحدكم إذا قام يصلي جاءه الشيطان فلبس عليه..)

قوله: [ حدثنا القعنبي ].

هو عبد الله بن مسلمة بن قعنب ، ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا ابن ماجة .

[ عن مالك ].

هو مالك بن أنس إمام دار الهجرة الإمام المشهور أحد أصحاب المذاهب الأربعة المشهورة من مذاهب أهل السنة، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.

[ عن ابن شهاب ].

هو محمد بن مسلم بن عبيد الله بن شهاب الزهري ، ثقة فقيه أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن أبي سلمة بن عبد الرحمن ].

هو أبو سلمة بن عبد الرحمن بن عوف المدني ثقة فقيه، وهو أحد فقهاء المدينة السبعة في عصر التابعين على أحد الأقوال الثلاثة في السابع منهم، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.

[ عن أبي هريرة ].

هو أبو هريرة عبد الرحمن بن صخر الدوسي ، صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم وأكثر الصحابة حديثاً على الإطلاق عن النبي صلى الله عليه وسلم.

قوله: [ قال أبو داود : وكذا رواه ابن عيينة ومعمر والليث ].

ابن عيينة هو سفيان بن عيينة المكي ، وهو ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.

و معمر مر ذكره.

و الليث هو ابن سعد المصري ، ثقة فقيه أخرج له أصحاب الكتب الستة.

إسناد آخر لحديث (إن أحدكم إذا قام يصلي جاءه الشيطان ..) وذكر زيادته وتراجم رجاله

قال المصنف رحمه الله: [ حدثنا حجاج بن أبي يعقوب حدثنا يعقوب حدثنا ابن أخي الزهري عن محمد بن مسلم بهذا الحديث بإسناده، زاد: (وهو جالس قبل التسليم) ].

هذا فيه زيادة، وهو بيان أن ذلك قبل التسليم.

قوله: [ حدثنا حجاج بن أبي يعقوب ].

حجاج بن أبي يعقوب ثقة أخرج له مسلم وأبو داود .

[ حدثنا يعقوب ].

يعقوب هو ابن إبراهيم بن سعد ، وهو ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ حدثنا ابن أخي الزهري ].

هو محمد بن عبد الله بن مسلم ، وهو صدوق له أوهام، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.

[ عن محمد بن مسلم ].

محمد بن مسلم هو الزهري ، ذكر هنا باسمه، وغالباً ما يذكر بنسبته الزهري نسبة إلى جده زهرة بن كلاب الجد الأعلى، أو إلى ابن شهاب وهو أحد أجداده.

إسناد آخر لحديث (إن أحدكم إذا قام يصلي جاءه الشيطان ...) وتراجم رجاله

قال المصنف رحمه الله: [ حدثنا حجاج حدثنا يعقوب أخبرنا أبي عن ابن إسحاق حدثني محمد بن مسلم الزهري بإسناده ومعناه قال: (فليسجد سجدتين قبل أن يسلم ثم ليسلم) ].

هذا فيه توضيح أن سجود السهو يكون قبل السلام كالراوية السابقة التي قال فيها: (وهو جالس قبل أن يسلم).

قوله: [ حدثنا حجاج عن يعقوب ].

مر ذكرهما في الإسناد الذي قبل هذا.

[ أخبرنا أبي ].

هنا رواية يعقوب بن إبراهيم بن سعد عن أبيه إبراهيم بن سعد ، وهو ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن ابن إسحاق ].

هو محمد بن إسحاق المدني ، وهو صدوق أخرج حديثه البخاري تعليقاً ومسلم وأصحاب السنن.

[ عن محمد بن مسلم الزهري ].

قد مر ذكره.

وهذه الأحاديث التي معنا ما فيها إلا أنه يسجد للسهو قبل السلام، وكأن في ذكره للسجود قبل السلام إشارة إلى أنه يبني على الأقل، والتنصيص على غالب الظن ما جاء إلا في الحديث الأول الذي هو غير صحيح، وحديث ابن مسعود الذي فيه انقطاع وفيه ضعف مع الانقطاع.

وهذا الباب الذي هو قوله: [ يبني على غالب ظنه ] سبق أن مر أنه يطابقه حديث صحيح عن عبد الله بن مسعود .

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب: من قال يتم على أكبر ظنه.

حدثنا النفيلي حدثنا محمد بن سلمة عن خصيف عن أبي عبيدة بن عبد الله عن أبيه رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: (إذا كنت في صلاة فشككت في ثلاث أو أربع، وأكبر ظنك على أربع، تشهدت ثم سجدت سجدتين وأنت جالس قبل أن تسلم، ثم تشهدت أيضا ثم تسلم).

قال أبو داود : رواه عبد الواحد عن خصيف ولم يرفعه، ووافق عبد الواحد أيضا سفيان وشريك وإسرائيل ، واختلفوا في الكلام في متن الحديث ولم يسندوه ].

أورد أبو داود رحمه الله هذه الترجمة، وهي قوله: [ باب: من قال يتم على أكبر ظنه ].

يعني: إذا شك في ثنتين أو ثلاث، فهذه الترجمة كالترجمة السابقة، إلا أنه هناك إذا شك في ثنتين أو ثلاث يلقي الشك ويبني على الأقل الذي هو المتيقن، وهنا يقول: إذا شك في ثنتين أو ثلاث يتم على أكبر ظنه، فإذا كان أكبر ظنه أنها ثلاث فإنه يعتبرها ثلاثاً، ولا يبني على اليقين وهو العدد الأقل، بل يبني على أكبر ظنه وإن كان العدد الأكبر، هذا هو المقصود من هذه الترجمة.

وأورد أبو داود رحمه الله حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه.

قوله: [ (إذا كنت في صلاة فشككت في ثلاث أو أربع وأكبر ظنك على أربع) ].

أي: شككت في ثلاث أو أربع، فالعدد الأقل ثلاث والعدد الأكبر أربع، لكن أكبر ظنك أنها أربع، فإنك تبني على أكبر ظنك الذي هو العدد الأكبر، ولا تبني على العدد الأقل.

قوله: [ (تشهدت) ].

معناه أنك تجلس للتشهد، لأنك بنيت على أكبر ظنك أنها أربع فجلست بعد الرابعة للتشهد.

قوله: [ (وسجدت سجدتين قبل أن تسلم، ثم تشهدت أيضاً، ثم تسلم) ] معنى هذا أن السجود يكون قبل السلام، ويكون هناك تشهدان، ولعل التشهد الثاني إنما هو للسجدتين، هذا هو الذي يظهر من حديث ابن مسعود رضي الله عنه.

والحديث غير صحيح؛ لأن فيه انقطاعاً، وأيضاً فيه ضعف من جهة أحد رواته الذي هو خصيف الجزري ، والانقطاع المذكور سببه أن أبا عبيدة بن عبد الله بن مسعود لم يسمع من أبيه، فيكون هذا الذي جاء في هذا الحديث غير حجة.

لكن يمكن أن يدخل تحت هذه الترجمة حديث ابن مسعود الذي سبق أن مر في باب من صلى خمساً، وأنه قال: (فليتحر الصواب، ثم يسجد للسهو بعد السلام)، فهو الذي ينطبق على البناء على غالب الظن، لأنه يتحرى الصواب في ذلك ويبني عليه، ويكون سجوده بعد السلام.

قوله: [ حدثنا النفيلي ].

هو عبد الله بن محمد النفيلي ، ثقة أخرج حديثه البخاري وأصحاب السنن.

[ حدثنا محمد بن سلمة ].

هو الباهلي الحراني ، وهو ثقة، أخرج حديثه البخاري في جزء القراءة ومسلم وأصحاب السنن.

وإذا جاء محمد بن سلمة في طبقة شيوخ شيوخ أبي داود فهو الحراني ، وإذا جاء في طبقة شيوخه محمد بن سلمة فهو المصري .

[ عن خصيف ].

هو خصيف بن عبد الرحمن الجزري ، وهو صدوق سيء الحفظ اختلط بآخره، أخرج له أصحاب السنن.

[ عن أبي عبيدة بن عبد الله ].

هو أبو عبيدة بن عبد الله بن مسعود ، وهو ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن أبيه ].

هو عبد الله بن مسعود الهذلي صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.

قوله: [ قال أبو داود : رواه عبد الواحد عن خصيف ولم يرفعه ].

عبد الواحد هو ابن زياد، والمعنى أنه وقفه على ابن مسعود ولم يذكر فيه أن النبي صلى الله عليه وسلم قاله.

قوله: [ ووافق عبد الواحد أيضاً سفيان وشريك وإسرائيل ].

أي: ووافق عبد الواحد في كونه لم يرفعه وأنه موقوف على ابن مسعود هؤلاء الثلاثة.

و سفيان هو الثوري ، وهو ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.

و شريك هو شريك بن عبد الله النخعي الكوفي القاضي ، وهو صدوق يخطئ كثيراً، وتغير حفظه لما ولي القضاء، وحديثه أخرجه البخاري تعليقاً ومسلم وأصحاب السنن.

وإسرائيل هو إسرائيل بن يونس بن أبي إسحاق السبيعي ، وهو ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.

قوله: [ واختلفوا في الكلام في متن الحديث ولم يسندوه ].

أي أن ألفاظهم مختلفة في متن الحديث فليسوا متفقين في ألفاظه، لم يسندوه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولكنهم وقفوه على ابن مسعود ؛ لأن هؤلاء كلفهم وافقوا عبد الواحد في كونه لم يرفعه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فيكون على هذا من كلام ابن مسعود .


استمع المزيد من الشيخ عبد المحسن العباد - عنوان الحلقة اسٌتمع
شرح سنن أبي داود [139] 2891 استماع
شرح سنن أبي داود [462] 2845 استماع
شرح سنن أبي داود [106] 2837 استماع
شرح سنن أبي داود [032] 2732 استماع
شرح سنن أبي داود [482] 2704 استماع
شرح سنن أبي داود [529] 2695 استماع
شرح سنن أبي داود [555] 2689 استماع
شرح سنن أبي داود [177] 2681 استماع
شرح سنن أبي داود [097] 2656 استماع
شرح سنن أبي داود [273] 2652 استماع