شرح سنن أبي داود [115]


الحلقة مفرغة

شرح حديث (أن رسول الله رئي على جبهته وعلى أرنبته أثر طين من صلاة صلاها بالناس)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب: السجود على الأنف والجبهة.

حدثنا ابن المثنى حدثنا صفوان بن عيسى حدثنا معمر عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه: (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رئي على جبهته وعلى أرنبته أثر طين من صلاة صلاها بالناس) ].

أورد أبو داود السجستاني رحمه الله تعالى باب السجود على الجبهة والأنف، أي: أن السجود على الجبهة والأنف أحد الأعضاء السبعة التي يكون السجود عليها، وقد سبق أن مرت الأحاديث التي فيها ذكر الأعضاء السبعة، وهي: الجبهة والأنف واليدان والركبتان وأطراف القدمين. هذه هي أعضاء السجود.

وهذه الترجمة معقودة لواحد من هذه الأعضاء وهو الجبهة والأنف، وفيها أنه يجمع بينهما ولا يكتفى بأحدهما عن الآخر، بل لابد وأن يمكن جبهته من الأرض ويكون أنفه ساجداً معها، أما إذا سجد على أعلى جبهته وعلى مقدمة رأسه فإنه يرتفع الأنف عن الأرض وهذا لا يسوغ، بل الواجب هو تمكين الجبهة كلها ويكون الأنف معها على الأرض ساجداً لله عز وجل.

وأورد أبو داود حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه: (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رؤي على جبهته وعلى أرنبته أثر طين) وكان ذلك في ليلة واحد وعشرين من شهر رمضان، وكان قد أخبر أنه رأى ليلة القدر، وأنه يسجد في صبيحتها على ماء وطين، فنزلت السماء، وخر السقف، وابتل مكان مصلاه صلى الله عليه وسلم، فكان يسجد في الماء والطين، ورؤي على جبهته وأنفه أثر الماء والطين.

فهذا الحديث هو الذي فيه صلاة النبي صلى الله عليه وسلم بأصحابه الفجر في ليلة من ليالي رمضان، وكانت هي ليلة واحد وعشرين، ورؤي على جبهته وأنفه أثر الماء والطين، فدل هذا على أن الأنف والجبهة يسجد عليهما جميعاً، وأنه لا يسجد على واحد منهما، فلا يسجد الإنسان على أنفه ويرفع جبهته أو يسجد على جبهته ويرفع أنفه، وإنما يسجد عليهما جميعاً.

تراجم رجال إسناد حديث (أن رسول الله رئي على جبهته وعلى أرنبته أثر طين من صلاة صلاها بالناس)

قوله: [ حدثنا ابن المثنى ].

هو محمد بن المثنى العنزي أبو موسى الملقب الزمن ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة، بل هو شيخ لأصحاب الكتب الستة.

[ حدثنا صفوان بن عيسى ].

صفوان بن عيسى ثقة، أخرج له البخاري تعليقاً، ومسلم وأصحاب السنن.

[ حدثنا معمر ].

هو معمر بن راشد الأزدي البصري ثم اليماني، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن يحيى بن أبي كثير ].

هو يحيى بن أبي كثير اليمامي، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن أبي سلمة ].

هو أبو سلمة بن عبد الرحمن بن عوف، وهو ثقة فقيه، من فقهاء المدينة السبعة في عصر التابعين، على أحد الأقوال الثلاثة في السابع منهم.

[ عن أبي سعيد الخدري ].

هو سعد بن مالك بن سنان ، مشهور بكنيته أبي سعيد ، وبنسبه الخدري، وهو صحابي جليل مشهور، وهو أحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.

و يحيى بن أبي كثير اليمامي هذا الذي جاء في الإسناد هو الذي روى عنه مسلم بإسناده إليه في صحيحه أنه قال: لا يستطاع العلم براحة الجسم.

طريق أخرى لحديث (أن رسول الله رئي على جبهته وعلى أرنبته أثر طين من صلاة صلاها بالناس) وتراجم رجال إسنادها

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا محمد بن يحيى حدثنا عبد الرزاق عن معمر نحوه ].

يعني: نحو الحديث المتقدم بالإسناد.

[ حدثنا محمد بن يحيى ].

هو محمد بن يحيى بن فارس الذهلي، وهو ثقة، أخرج له البخاري وأصحاب السنن.

[حدثنا عبد الرزاق ].

هو ابن همام الصنعاني اليماني، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[عن معمر ].

معمر قد مر ذكره في الإسناد الذي قبل هذا.

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب: السجود على الأنف والجبهة.

حدثنا ابن المثنى حدثنا صفوان بن عيسى حدثنا معمر عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه: (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رئي على جبهته وعلى أرنبته أثر طين من صلاة صلاها بالناس) ].

أورد أبو داود السجستاني رحمه الله تعالى باب السجود على الجبهة والأنف، أي: أن السجود على الجبهة والأنف أحد الأعضاء السبعة التي يكون السجود عليها، وقد سبق أن مرت الأحاديث التي فيها ذكر الأعضاء السبعة، وهي: الجبهة والأنف واليدان والركبتان وأطراف القدمين. هذه هي أعضاء السجود.

وهذه الترجمة معقودة لواحد من هذه الأعضاء وهو الجبهة والأنف، وفيها أنه يجمع بينهما ولا يكتفى بأحدهما عن الآخر، بل لابد وأن يمكن جبهته من الأرض ويكون أنفه ساجداً معها، أما إذا سجد على أعلى جبهته وعلى مقدمة رأسه فإنه يرتفع الأنف عن الأرض وهذا لا يسوغ، بل الواجب هو تمكين الجبهة كلها ويكون الأنف معها على الأرض ساجداً لله عز وجل.

وأورد أبو داود حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه: (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رؤي على جبهته وعلى أرنبته أثر طين) وكان ذلك في ليلة واحد وعشرين من شهر رمضان، وكان قد أخبر أنه رأى ليلة القدر، وأنه يسجد في صبيحتها على ماء وطين، فنزلت السماء، وخر السقف، وابتل مكان مصلاه صلى الله عليه وسلم، فكان يسجد في الماء والطين، ورؤي على جبهته وأنفه أثر الماء والطين.

فهذا الحديث هو الذي فيه صلاة النبي صلى الله عليه وسلم بأصحابه الفجر في ليلة من ليالي رمضان، وكانت هي ليلة واحد وعشرين، ورؤي على جبهته وأنفه أثر الماء والطين، فدل هذا على أن الأنف والجبهة يسجد عليهما جميعاً، وأنه لا يسجد على واحد منهما، فلا يسجد الإنسان على أنفه ويرفع جبهته أو يسجد على جبهته ويرفع أنفه، وإنما يسجد عليهما جميعاً.

قوله: [ حدثنا ابن المثنى ].

هو محمد بن المثنى العنزي أبو موسى الملقب الزمن ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة، بل هو شيخ لأصحاب الكتب الستة.

[ حدثنا صفوان بن عيسى ].

صفوان بن عيسى ثقة، أخرج له البخاري تعليقاً، ومسلم وأصحاب السنن.

[ حدثنا معمر ].

هو معمر بن راشد الأزدي البصري ثم اليماني، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن يحيى بن أبي كثير ].

هو يحيى بن أبي كثير اليمامي، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن أبي سلمة ].

هو أبو سلمة بن عبد الرحمن بن عوف، وهو ثقة فقيه، من فقهاء المدينة السبعة في عصر التابعين، على أحد الأقوال الثلاثة في السابع منهم.

[ عن أبي سعيد الخدري ].

هو سعد بن مالك بن سنان ، مشهور بكنيته أبي سعيد ، وبنسبه الخدري، وهو صحابي جليل مشهور، وهو أحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.

و يحيى بن أبي كثير اليمامي هذا الذي جاء في الإسناد هو الذي روى عنه مسلم بإسناده إليه في صحيحه أنه قال: لا يستطاع العلم براحة الجسم.

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا محمد بن يحيى حدثنا عبد الرزاق عن معمر نحوه ].

يعني: نحو الحديث المتقدم بالإسناد.

[ حدثنا محمد بن يحيى ].

هو محمد بن يحيى بن فارس الذهلي، وهو ثقة، أخرج له البخاري وأصحاب السنن.

[حدثنا عبد الرزاق ].

هو ابن همام الصنعاني اليماني، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[عن معمر ].

معمر قد مر ذكره في الإسناد الذي قبل هذا.

شرح حديث (وصف لنا البراء فوضع يديه واعتمد على ركبتيه ورفع عجيزته وقال: هكذا كان رسول الله يسجد)

قال المصنف رحمه الله تعالى:

[ باب صفة السجود.

حدثنا الربيع بن نافع أبو توبة حدثنا شريك عن أبي إسحاق قال: (وصف لنا البراء بن عازب رضي الله عنهما، فوضع يديه واعتمد على ركبتيه، ورفع عجيزته وقال: هكذا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يسجد) ].

أورد أبو داود هذه الترجمة وهي: باب صفة السجود، يعني: كون الإنسان يسجد معتدلاً، لا يكون شاقاً على نفسه، حتى كأنه يريد أن يمتد وأن ينبطح على بطنه من شدة مباعدته فيما بين مقدمه ومؤخره، وإنما عليه أن يتوسط، فلا يكون بعضه راكباً على بعض كهيئة الكسلان، الذي يلصق بطنه بفخذه وفخذه بعقبه، وإنما يكون على اعتدال وتوسط، بحيث يمكن جبهته وأنفه ويديه وركبتيه وأطراف قدميه، ويكون متوسطاً، ولا يباعد بين أجزائه كأن يكون مقدمه بعيداً عن مؤخره، أو رأسه بعيداً عن رجليه؛ بسبب امتداده ومبالغته، وليس على هيئة السجود المشروع الذي هو الاعتدال والتوسط في الأمور.

وقد أورد أبو داود حديث: (ويجافي عضديه عن جنبيه) كما سيأتي، بحيث يكون الاعتماد على اليد، لا على الفخذ، ويكون مجافياً عضديه عن جنبيه معتمداً على يديه، هذه هي صفة السجود.

وأورد أبو داود حديث البراء بن عازب رضي الله عنه من طريق أبي إسحاق قال: (وصف لنا البراء بن عازب رضي الله عنهما، فوضع يديه واعتمد على ركبتيه، ورفع عجيزته وقال: هكذا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يسجد).

يعني: وضع يديه واعتمد على ركبتيه بحيث يكون كل جسمه معتمداً على ركبتيه وليس على ساقيه، واعتمد على يديه لا على ذراعيه، بخلاف من يلصق بطنه بفخذه وفخذه بساقه، فإن جسم الإنسان يكون معتمداً على الساق، والصحيح أنه يكون نازلاً على الركبتين، ويرفع عجيزته، أي: مؤخره، ولا يكون هناك مبالغة حتى كأنه يريد أن ينبطح على بطنه.

وقد جاء في صحيح البخاري عن أحد الصحابة أنه أنكر على شخص فقال: ( لا تكن من الناس الذين يسجدون على عوراتهم ) يعني: يلم بعضه على بعض حتى يكون كأنه ملتصق بالأرض، ويكون مؤخره قريباً من مقدمه، وإنما يكون مؤخره مرتفعاً، ولا يكون بهذه الطريقة التي فيها المبالغة، وهي أن الإنسان يمتد ويتقدم على الناس بسبب امتداده.

تراجم رجال إسناد حديث (وصف لنا البراء فوضع يديه واعتمد على ركبتيه ورفع عجيزته وقال: هكذا كان رسول الله يسجد)

قوله: [ حدثنا الربيع بن نافع أبو توبة ].

الربيع بن نافع أبو توبة ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة إلا الترمذي .

[ حدثنا شريك ].

هو شريك بن عبد الله النخعي الكوفي القاضي ، وهو صدوق يخطئ كثيراً وتغير بعد أن ولي القضاء، وحديثه أخرجه البخاري تعليقاً ومسلم وأصحاب السنن.

[ عن أبي إسحاق ].

هو عمرو بن عبد الله الهمداني السبيعي، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ وصف لنا البراء بن عازب ].

البراء بن عازب رضي الله تعالى عنهما صحابي ابن صحابي، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.

شرح حديث (اعتدلوا في السجود ولا يفترش أحدكم ذراعيه افتراش الكلب)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا مسلم بن إبراهيم حدثنا شعبة عن قتادة عن أنس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (اعتدلوا في السجود، ولا يفترش أحدكم ذراعيه افتراش الكلب) ].

أورد أبو داود حديث أنس بن مالك أن النبي عليه الصلاة والسلام قال: (اعتدلوا في السجود، ولا يفترش أحدكم ذراعيه افتراش الكلب).

قوله: [ (اعتدلوا في السجود) ]

يعني: توسطوا فيه، بحيث يسجد الإنسان على أعضائه السبعة، ويمكنها، ويعتمد على ركبتيه وعلى يديه، وكل عضو يأخذ حقه من السجود، لا أن يكون على هيئة الكسول الذي يلصق بالأرض مقدمه ومؤخره، فيفرش ذراعيه ويعتمد على ساقيه، فإن هذه هيئة لا تسوغ، وإنما السائغ والمطلوب هو التوسط والاعتدال بين هيئة الكسل والخمول، وهيئة المبالغة والغلو والزيادة، التي تكون المسافة فيها بين مقدمه ومؤخره بعيدة جداً.

ومن صفات الكلب أنه يضع ذراعه كله على الأرض، وهذه الصفة منهي عنها، وإنما المشروع هو الاعتماد على اليدين، ورفع الذراعين والمرفقين مع المجافاة، بحيث إنه لا يعتمد بعضده على جنبيه وبذراعيه على فخذيه وبفخذيه على ساقيه، وإنما يجافي بينها، فيجافي بين الفخذ والساق بحيث يرفع هذا عن هذا، وكذلك الذراع يؤخرها عن الفخذ لا يعتمد عليها، وكذلك العضدان يجافيهما عن الجنبين.

تراجم رجال إسناد حديث (اعتدلوا في السجود ولا يفترش أحدكم ذراعيه افتراش الكلب)

قوله: [ حدثنا مسلم بن إبراهيم ].

هو مسلم بن إبراهيم الفراهيدي، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ حدثنا شعبة ].

هو شعبة بن الحجاج الواسطي ثم البصري، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن قتادة ].

هو قتادة بن دعامة السدوسي البصري، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن أنس ].

هو أنس بن مالك رضي الله عنه صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.

وهذا الإسناد رباعي وهو من أعلى الأسانيد عند أبي داود؛ لأن مسلم بن إبراهيم الفراهيدي يروي عن شعبة بن الحجاج الواسطي، وشعبة يروي عن قتادة بن دعامة السدوسي البصري، وقتادة يروي عن أنس بن مالك رضي الله عنه صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم.

شرح حديث (أن النبي كان إذا سجد جافى بين يديه حتى لو أن بهمة أرادت أن تمر تحت يديه مرت)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا قتيبة حدثنا سفيان عن عبيد الله بن عبد الله عن عمه يزيد بن الأصم عن ميمونة رضي الله عنها: (أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا سجد جافى بين يديه، حتى لو أن بهمة أرادت أن تمر تحت يديه مرت) ].

أورد أبو داود رحمه الله حديث ميمونة، وهو يتعلق بهيئة من هيئات السجود، وهي السجود على اليدين، وأنه يعتمد عليهما ويجافي يديه عن جنبيه، حتى لو أن بهمة من أولاد المعز أو الضأن دخلت تحت يديه لمرت؛ لأنه كان يجافي عضديه عن جنبيه صلوات الله وسلامه وبركاته عليه.

فهذا يدلنا على أنه يعتمد على اليدين وأنه يجافى بين العضدين والجنبين.

تراجم رجال إسناد حديث (أن النبي كان إذا سجد جافى بين يديه حتى لو أن بهمة أرادت أن تمر تحت يديه مرت)

قوله: [ حدثنا قتيبة ].

هو قتيبة بن سعيد بن جميل بن طريف البغلاني، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ حدثنا سفيان ].

هو سفيان بن عيينة المكي، وهو ثقة فقيه، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن عبيد الله بن عبد الله ].

هو عبيد الله بن عبد الله بن الأصم، وهو مقبول، أخرج له مسلم وأبو داود والنسائي وابن ماجة.

[ عن عمه يزيد بن الأصم ].

يزيد بن الأصم ثقة، أخرج له البخاري في الأدب المفرد ومسلم وأصحاب السنن.

[ عن ميمونة ].

هي ميمونة بنت الحارث الهلالية أم المؤمنين رضي الله تعالى عنها وأرضاها، وحديثها أخرجه أصحاب الكتب الستة.

شرح حديث (أتيت النبي من خلفه فرأيت بياض إبطيه وهو مجخ قد فرج يديه)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا عبد الله بن محمد النفيلي حدثنا زهير حدثنا أبو إسحاق عن التميمي الذي يحدث بالتفسير عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: (أتيت النبي صلى الله عليه وسلم من خلفه، فرأيت بياض إبطيه وهو مجخ قد فرج بين يديه) ].

أورد أبو داود حديث ابن عباس رضي الله تعالى عنهما قال: (أتيت النبي صلى الله عليه وسلم من خلفه، فرأيت بياض إبطيه وهو مجخ، قد فرج بين يديه).

يعني: فرج بين يديه وجافاهما عن جنبيه وهو ساجد، قيل: إنه كان ليس عليه قميص، ولهذا تمكن ابن عباس من رؤية إبطيه صلوات الله وسلامه وبركاته عليه.

قوله: [ (وهو مجخ) ].

يعني: قد رفع مؤخره.

قوله: [ (قد فرج بين يديه) ].

يعني: لم يلصقهما ببطنه، بل أبعدهما وفرقهما عن جسده.

تراجم رجال إسناد حديث (أتيت النبي من خلفه فرأيت بياض إبطيه وهو مجخ قد فرج يديه)

قوله: [ حدثنا عبد الله بن محمد النفيلي ].

عبد الله بن محمد النفيلي ثقة، اخرج له البخاري وأصحاب السنن.

[ حدثنا زهير ].

هو زهير بن معاوية، وهو ثقة إلا أن سماعه عن أبي إسحاق بآخره، لكن ما ورد في هذا الحديث قد جاء في غيره، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ حدثنا أبو إسحاق ].

أبو إسحاق السبيعي مر ذكره.

[ عن التميمي الذي يحدث بالتفسير ].

التميمي اسمه أربدة، وهو صدوق، أخرج له أبو داود .

[ عن ابن عباس ].

هو عبد الله بن عباس بن عبد المطلب ابن عم النبي صلى الله عليه وسلم، وأحد العبادلة الأربعة من الصحابة، وأحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.

شرح حديث (أن رسول الله كان إذا سجد جافى عضديه عن جنبيه حتى نأوي له)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا مسلم بن إبراهيم حدثنا عباد بن راشد حدثنا الحسن حدثنا أحمر بن جزء صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا سجد جافى عضديه عن جنبيه حتى نأوي له) ].

أورد أبو داود حديث أحمر بن جزء رضي الله عنه: (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا سجد جافى عضديه عن جنبيه، حتى نأوي له) يعني: حتى نشفق عليه من كونه يعتمد على يديه ويطول صلوات الله وسلامه وبركاته عليه السجود، لاسيما في صلاة الليل، فنشفق عليه من هذه الهيئة التي فيها مشقة مع طول السجود.

تراجم رجال إسناد حديث: (أن رسول الله كان إذا سجد جافى عضديه عن جنبيه حتى نأوي له)

قوله: [ حدثنا مسلم بن إبراهيم حدثنا عباد بن راشد ].

مسلم بن إبراهيم مر ذكره.

و عباد بن راشد صدوق له أوهام، أخرج له البخاري وأبو داود والنسائي وابن ماجة .

[ حدثنا الحسن ].

هو الحسن بن أبي الحسن البصري ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ حدثنا أحمر بن جزء ].

أحمر بن جزء رضي الله عنه صحابي، وله هذا الحديث الواحد عند أبي داود ، ولم يرو عنه إلا الحسن ، وروى له أبو داود وابن ماجة .

شرح حديث (إذا سجد أحدكم فلا يفترش يديه افتراش الكلب وليضم فخذيه)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا عبد الملك بن شعيب بن الليث حدثنا ابن وهب حدثنا الليث عن دراج عن ابن حجيرة عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إذا سجد أحدكم فلا يفترش يديه افتراش الكلب، وليضم فخذيه) ].

أورد أبو داود رحمه الله حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إذا سجد أحدكم فلا يفترش يديه افتراش الكلب، وليضم فخذيه) يعني: أنه لا يباعد بينهما، وافتراش الكلب سبق أن مر ذكر صفته، وهو أنه يضع ذراعيه مع كفيه، فهذه هيئة افتراش الكلب، لكن المصلي عليه أن يضع كفيه على الأرض ويرفع يديه ويجافي بينهما.

تراجم رجال إسناد حديث (إذا سجد أحدكم فلا يفترش يديه افتراش الكلب وليضم فخذيه)

قوله: [ حدثنا عبد الملك بن شعيب بن الليث ].

عبد الملك بن شعيب بن الليث ثقة، أخرج حديثه مسلم وأبو داود والنسائي .

[ حدثنا ابن وهب ].

هو عبد الله بن وهب المصري ، وهو ثقة فقيه، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ حدثنا الليث ].

هو الليث بن سعد المصري ، وهو ثقة فقيه، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن دراج ].

هو دراج أبو السمح، وهو صدوق في حديثه عن أبي الهيثم ضعف، أخرج له البخاري في الأدب المفرد، وأصحاب السنن.

[ عن ابن حجيرة ].

هو عبد الرحمن بن حجيرة، وهو ثقة، أخرج له مسلم وأصحاب السنن.

[ عن أبي هريرة ].

أبو هريرة رضي الله عنه قد مر ذكره.

قال المصنف رحمه الله تعالى:

[ باب صفة السجود.

حدثنا الربيع بن نافع أبو توبة حدثنا شريك عن أبي إسحاق قال: (وصف لنا البراء بن عازب رضي الله عنهما، فوضع يديه واعتمد على ركبتيه، ورفع عجيزته وقال: هكذا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يسجد) ].

أورد أبو داود هذه الترجمة وهي: باب صفة السجود، يعني: كون الإنسان يسجد معتدلاً، لا يكون شاقاً على نفسه، حتى كأنه يريد أن يمتد وأن ينبطح على بطنه من شدة مباعدته فيما بين مقدمه ومؤخره، وإنما عليه أن يتوسط، فلا يكون بعضه راكباً على بعض كهيئة الكسلان، الذي يلصق بطنه بفخذه وفخذه بعقبه، وإنما يكون على اعتدال وتوسط، بحيث يمكن جبهته وأنفه ويديه وركبتيه وأطراف قدميه، ويكون متوسطاً، ولا يباعد بين أجزائه كأن يكون مقدمه بعيداً عن مؤخره، أو رأسه بعيداً عن رجليه؛ بسبب امتداده ومبالغته، وليس على هيئة السجود المشروع الذي هو الاعتدال والتوسط في الأمور.

وقد أورد أبو داود حديث: (ويجافي عضديه عن جنبيه) كما سيأتي، بحيث يكون الاعتماد على اليد، لا على الفخذ، ويكون مجافياً عضديه عن جنبيه معتمداً على يديه، هذه هي صفة السجود.

وأورد أبو داود حديث البراء بن عازب رضي الله عنه من طريق أبي إسحاق قال: (وصف لنا البراء بن عازب رضي الله عنهما، فوضع يديه واعتمد على ركبتيه، ورفع عجيزته وقال: هكذا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يسجد).

يعني: وضع يديه واعتمد على ركبتيه بحيث يكون كل جسمه معتمداً على ركبتيه وليس على ساقيه، واعتمد على يديه لا على ذراعيه، بخلاف من يلصق بطنه بفخذه وفخذه بساقه، فإن جسم الإنسان يكون معتمداً على الساق، والصحيح أنه يكون نازلاً على الركبتين، ويرفع عجيزته، أي: مؤخره، ولا يكون هناك مبالغة حتى كأنه يريد أن ينبطح على بطنه.

وقد جاء في صحيح البخاري عن أحد الصحابة أنه أنكر على شخص فقال: ( لا تكن من الناس الذين يسجدون على عوراتهم ) يعني: يلم بعضه على بعض حتى يكون كأنه ملتصق بالأرض، ويكون مؤخره قريباً من مقدمه، وإنما يكون مؤخره مرتفعاً، ولا يكون بهذه الطريقة التي فيها المبالغة، وهي أن الإنسان يمتد ويتقدم على الناس بسبب امتداده.

قوله: [ حدثنا الربيع بن نافع أبو توبة ].

الربيع بن نافع أبو توبة ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة إلا الترمذي .

[ حدثنا شريك ].

هو شريك بن عبد الله النخعي الكوفي القاضي ، وهو صدوق يخطئ كثيراً وتغير بعد أن ولي القضاء، وحديثه أخرجه البخاري تعليقاً ومسلم وأصحاب السنن.

[ عن أبي إسحاق ].

هو عمرو بن عبد الله الهمداني السبيعي، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ وصف لنا البراء بن عازب ].

البراء بن عازب رضي الله تعالى عنهما صحابي ابن صحابي، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا مسلم بن إبراهيم حدثنا شعبة عن قتادة عن أنس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (اعتدلوا في السجود، ولا يفترش أحدكم ذراعيه افتراش الكلب) ].

أورد أبو داود حديث أنس بن مالك أن النبي عليه الصلاة والسلام قال: (اعتدلوا في السجود، ولا يفترش أحدكم ذراعيه افتراش الكلب).

قوله: [ (اعتدلوا في السجود) ]

يعني: توسطوا فيه، بحيث يسجد الإنسان على أعضائه السبعة، ويمكنها، ويعتمد على ركبتيه وعلى يديه، وكل عضو يأخذ حقه من السجود، لا أن يكون على هيئة الكسول الذي يلصق بالأرض مقدمه ومؤخره، فيفرش ذراعيه ويعتمد على ساقيه، فإن هذه هيئة لا تسوغ، وإنما السائغ والمطلوب هو التوسط والاعتدال بين هيئة الكسل والخمول، وهيئة المبالغة والغلو والزيادة، التي تكون المسافة فيها بين مقدمه ومؤخره بعيدة جداً.

ومن صفات الكلب أنه يضع ذراعه كله على الأرض، وهذه الصفة منهي عنها، وإنما المشروع هو الاعتماد على اليدين، ورفع الذراعين والمرفقين مع المجافاة، بحيث إنه لا يعتمد بعضده على جنبيه وبذراعيه على فخذيه وبفخذيه على ساقيه، وإنما يجافي بينها، فيجافي بين الفخذ والساق بحيث يرفع هذا عن هذا، وكذلك الذراع يؤخرها عن الفخذ لا يعتمد عليها، وكذلك العضدان يجافيهما عن الجنبين.


استمع المزيد من الشيخ عبد المحسن العباد - عنوان الحلقة اسٌتمع
شرح سنن أبي داود [139] 2890 استماع
شرح سنن أبي داود [462] 2842 استماع
شرح سنن أبي داود [106] 2835 استماع
شرح سنن أبي داود [032] 2731 استماع
شرح سنن أبي داود [482] 2702 استماع
شرح سنن أبي داود [529] 2693 استماع
شرح سنن أبي داود [555] 2686 استماع
شرح سنن أبي داود [177] 2679 استماع
شرح سنن أبي داود [097] 2654 استماع
شرح سنن أبي داود [273] 2650 استماع