شرح سنن أبي داود [027]


الحلقة مفرغة

شرح حديث خزيمة بن ثابت في توقيت المسح

قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب التوقيت في المسح.

حدثنا حفص بن عمر حدثنا شعبة عن الحكم وحماد عن إبراهيم عن أبي عبد الله الجدلي عن خزيمة بن ثابت رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (المسح على الخفين للمسافر ثلاثة أيام وللمقيم يوم وليلة).

قال أبو داود : رواه منصور بن المعتمر عن إبراهيم التيمي بإسناده قال فيه: (ولو استزدناه لزادنا).

أورد أبو داود السجستاني رحمه الله تعالى باب التوقيت في المسح على الخفين، والمقصود من هذه الترجمة بيان المدة التي يكون فيها المسح على الخفين، وأنها يوم وليلة للمقيم، وثلاثة أيام بلياليها للمسافر، والأحاديث التي تتعلق بالترجمة هي دالة أيضاً على ثبوت المسح على الخفين؛ لأن الأحاديث التي فيها كيفية المسح وزيادة، فيها إثبات المسح وزيادة التوقيت، أو إثبات المسح وزيادة الكيفية.

إذاً: كل حديث فيه ذكر التوقيت وفيه ذكر الكيفية فهو دال على إثبات أصل المسح، وعلى هذا فإن حديث المسح على الخفين متواتر عن جماعة كثيرة من الصحابة رضي الله تعالى عنهم وأرضاهم.

وقد أورد أبو داود رحمه الله حديث خزيمة بن ثابت رضي الله تعالى عنه أن النبي عليه الصلاة والسلام قال: (المسح على الخفين للمسافر ثلاثة أيام وللمقيم يوم وليلة) يعني: ثلاثة أيام بلياليها، وللمقيم يوم وليلة، وهذا فيه بيان مدة الوقت الذي يجوز أن يمسح فيه، وإذا بلغ الغاية فإنه يتعين خلع الخفين، ثم الوضوء، ثم يلبسهما، ثم يعود إلى المسح من جديد، لكنه لا يزيد على ثلاثة أيام بلياليها إذا كان مسافراً، ولا على اليوم والليلة إذا كان مقيماً، فإذا انتهت المدة لهذا ولهذا تعين خلع الخفين والوضوء، ثم إن أراد أن يلبسهما فليلبسهما ويبدأ المسح من جديد، وإن أراد ألا يلبس فإن حكم الرجلين هو الغسل كما هو معروف، وإن كانت مستورة فحكمها المسح.

والغسل جاء في كتاب الله وفي سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، والمسح جاء في سنة الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم.

ثم إن هذا الفرق الذي بين المسافر والمقيم في اليوم والليلة فيه حكمة ومصلحة، وذلك أن المقيم موجود وعنده الماء متوفر، ويسهل عليه أن يخلع ويلبس في مدة وجيزة، بخلاف المسافر فإنه قد يحتاج إلى المكث مدة أكثر، ولهذا جعلت المدة في حقه أزيد، بل جعلت مثل المقيم وزيادة ضعفين، أي: ثلاثة أيام بلياليها.

وأما مسألة مدة المسح لثلاثة أيام بلياليها فاختلف فيها أهل العلم؛ فمنهم من قال: إنه من حين ما يحدث يبدأ يحسب المدة؛ لأنه يكون بذلك على غير طهارة، وقبل أن يحدث لا تحسب؛ لأنه كان كما لو لم يلبس الخفين؛ لأنه إذا كان على طهارة واستمر على طهارته فهيئة لبسه كهيئته وهو لم يلبس؛ لأنه لو خلع خفيه قبل أن يحدث فهو على وضوئه وما حصل شيء، ولكنه إذا وجد الحدث عند ذلك يتغير الوضع.

ومن أهل العلم من قال: إنه يبدأ من المسح بعد الحدث، والذي يظهر أنه يبدأ من الحدث؛ لأن هذا هو أول وقت يكون الحكم فيه مخالفاً لما كان قبل ذلك؛ لأنه قبل ذلك كان على طهارة، وبعد ذلك هو على غير طهارة، فيحسب من الحدث، وتلك المدة السابقة بين قبل المسح وبعد الحدث هي الفرق بين الاثنين، فالإنسان إذا اعتبر المدة من البدء بالحدث أخذ بالاحتياط.

ثم قال في آخر الحديث في رواية أخرى: (ولو استزدناه لزادنا)، يعني: على الثلاث وعلى اليوم والليلة، وهذه الزيادة جاءت من بعض الرواة، ولكن الطريق الأولى التي فيها حماد والحكم لم يذكر فيها هذه الزيادة، وأيضاً الأحاديث الأخرى التي جاءت عن علي وعن غيره من الصحابة فيها ذكر ثلاثة أيام ويوم وليلة، وليس فيها ذكر الزيادة، ثم أيضاً قوله: (ولو استزدناه لزادنا) ظن من الصحابي، ولا يزاد على مدة المسح عن ثلاثة أيام أو يوم وليلة بناءً على ظن صحابي؛ لأن الأحاديث التي جاءت عن غير خزيمة فيها التنصيص على يوم وليلة وثلاثة أيام بلياليها، فهي مطابقة لإحدى الروايات التي جاءت عن خزيمة وهي الرواية الأولى التي ذكرها المصنف في رواية حماد والحكم ، فهذه الرواية مطابقة لرواية الصحابة الآخرين الذين ذكروا اليوم والليلة والثلاثة الأيام بلياليها، وقد جاء في صحيح مسلم عن علي أنه قال: ثلاثة أيام ويوم وليلة. ولم يذكر الزيادة، فعلى هذا تكون إحدى الروايات التي جاءت عن خزيمة مطابقة للروايات الأخرى التي جاءت عن الصحابة، ثم أيضاً هذه الزيادة هي ظن وتوهم من الراوي، فإنه ظن أنه لو استزاد لزاد، ولكن هذا لا يمنع الحكم، فالأصل أنه لا يزاد على ثلاثة أيام للمسافر ولا على يوم وليلة للمقيم.

تراجم رجال إسناد حديث خزيمة بن ثابت في توقيت المسح

قوله: [حدثنا حفص بن عمر ].

حفص بن عمر بن الحارث ثقة، أخرج حديثه البخاري وأبو داود والنسائي .

[حدثنا شعبة ].

شعبة بن حجاج الواسطي ثم البصري، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[عن الحكم ].

الحكم بن عتيبة الكندي الكوفي ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

حماد ].

حماد بن أبي سليمان الكوفي صدوق له أوهام، أخرج حديثه البخاري في الأدب المفرد ومسلم وأصحاب السنن .

[عن إبراهيم ].

إبراهيم بن يزيد التيمي ثقة يرسل ويدلس، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.

[عن أبي عبد الله الجدلي ].

هو عبد الرحمن بن عبد وهو ثقة، أخرج حديثه أبو داود والترمذي والنسائي .

[عن خزيمة بن ثابت ].

خزيمة بن ثابت صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة.

[قال أبو داود : رواه منصور بن المعتمر عن إبراهيم التيمي ].

منصور بن المعتمر ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

شرح حديث أبي بن عمارة في توقيت المسح

قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا يحيى بن معين حدثنا عمرو بن الربيع بن طارق أخبرنا يحيى بن أيوب عن عبد الرحمن بن رزين عن محمد بن يزيد عن أيوب بن قطن عن أبي بن عمارة رضي الله عنه - قال يحيى بن أيوب : وكان قد صلى مع رسول الله صلى الله عليه وسلم القبلتين -أنه قال: (يا رسول الله! أمسح على الخفين؟ قال: نعم. قال: يوماً؟ قال: يوماً، قال: ويومين؟ قال: ويومين، قال: وثلاثة؟ قال: نعم وما شئت).

قال أبو داود : رواه ابن أبي مريم المصري عن يحيى بن أيوب عن عبد الرحمن بن رزين عن محمد بن يزيد بن أبي زياد عن عبادة بن نسي عن أبي بن عمارة قال فيه: حتى بلغ سبعاً قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (نعم ما بدا لك).

قال أبو داود وقد اختلف في إسناده وليس هو بالقوي، ورواه ابن أبي مريم ويحيى بن إسحاق السيلحيني عن يحيى بن أيوب ، وقد اختلف في إسناده].

أورد أبو داود رحمه الله هذا الحديث الذي فيه عدم التوقيت، وأن الإنسان يمسح بما بدا له سبعاً أو أكثر من سبع، ولكن الحديث الذي ورد في ذلك غير صحيح؛ لأن فيه من هو مجهول، فلا يصح الحديث، وإنما الذي صح هو التحديد بيوم وليلة للمقيم، وبثلاثة أيام بلياليها للمسافر، وهنا هو الذي جاء عن خزيمة بن ثابت في الحديث الذي قبل هذا، وهو الذي جاء عن علي وصفوان بن عسال وجماعة من الصحابة، فقد رووا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم التوقيت بيوم وليلة للمقيم، وثلاثة أيام بلياليها للمسافر.

وحديث أبي بن عمارة هذا فيه أنه قال للنبي صلى الله عليه وسلم: (يا رسول الله! أمسح على الخفين؟ قال: نعم. قال: يوماً؟... قال: وما شئت)، وفي بعض رواياته أنه قال: (حتى بلغ سبعاً ثم قال: نعم. وما بدا لك)، يعني: وما أردت وما ظهر لك أن تفعله فافعله، ولكن الحديث غير صحيح فلا يعول عليه، وإنما التعويل على الأحاديث التي جاءت عن جماعة من الصحابة، وفيها التوقيت بيوم وليلة للمقيم، وثلاثة أيام بلياليها للمسافر.

قوله: [قال يحيى بن أيوب عن أبي بن عمارة : وكان قد صلى مع رسول الله صلى الله عليه وسلم القبلتين].

المقصود أنه تقدم إسلامه، وكان قد صلى إلى القبلة الأولى قبل أن تنسخ ثم إلى القبلة الثانية.

قوله: [أنه قال: (يا رسول الله! أمسح على الخفين؟ قال: نعم. قال: يوماً؟ قال: يوماً، قال: ويومين؟ قال: ويومين، قال: وثلاثة؟ قال: نعم وما شئت)].

وهذا تقدم الكلام عليه، ثم بعد ذلك قال أبو داود : رواه ابن أبي مريم المصري عن يحيى بن أيوب عن عبد الرحمن بن رزين عن محمد بن يزيد بن أبي زياد عن عبادة بن نسي عن أبي بن عمارة قال فيه: حتى بلغ سبعاً قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (نعم ما بدا لك) .

تراجم رجال إسناد حديث أبي بن عمارة في توقيت المسح

قوله: [حدثنا يحيى بن معين ].

يحيى بن معين ثقة إمام في الجرح والتعديل، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة، وهو الذي في اصطلاحه أن (لا بأس به) تعادل (ثقة)، ولهذا يقولون: (لا بأس به) عند ابن معين توثيق، ولكن المعروف عند المحدثين أنها بمعنى صدوق؛ لأنها أقل من ثقة، والصدوق: هو الذي خف ضبطه، ويكون حديثه حسناً، لكن ابن معين رحمة الله عليه عنده اصطلاح مشهور، وهو: أن (لا بأس به) تعادل (ثقة) ولهذا يصف بعض كبار المحدثين بأنه لا بأس به وهو من كبار المحدثين.

[حدثنا عمرو بن الربيع بن طارق ].

عمرو بن الربيع بن طارق ثقة، أخرج حديثه البخاري ومسلم وأبو داود .

[أخبرنا يحيى بن أيوب ].

يحيى بن أيوب الغافقي المصري صدوق ربما أخطأ، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.

[عن عبد الرحمن بن رزين ].

عن عبد الرحمن بن رزين صدوق، أخرج له البخاري في الأدب المفرد وأبو داود وابن ماجة .

[عن محمد بن يزيد ].

محمد بن يزيد بن أبي زياد مجهول الحال، أخرج حديثه أبو داود والترمذي وابن ماجة .

[عن أيوب بن قطن ].

أيوب بن قطن قالوا عنه: فيه لين، وبعضهم يقول: إنه مجهول، وحديثه أخرجه أبو داود وابن ماجة .

[عن أبي بن عمارة ].

أبي بن عمارة صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، أخرج له أبو داود وابن ماجة .

[قال أبو داود : رواه ابن أبي مريم المصري ].

هو سعيد بن الحكم بن أبي مريم ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[عن يحيى بن أيوب عن عبد الرحمن بن رزين عن محمد بن يزيد بن أبي زياد عن عبادة بن نسي ].

هؤلاء مر ذكرهم إلا عبادة بن نسي وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب السنن.

[عن أبي بن عمارة ].

أبي بن عمارة مر ذكره.

[قال أبو داود : وقد اختلف في إسناده وليس هو بالقوي].

يعني: أنه ضعيف؛ لأن فيه من هو مجهول أو من فيه لين، وأيضاً هو معارض للأحاديث الكثيرة الثابتة عن رسول الله عليه الصلاة والسلام في التوقيت، وقد جاءت عن جماعة من الصحابة.

[ورواه ابن أبي مريم ويحيى بن إسحاق السيلحيني عن يحيى بن أيوب وقد اختلف في إسناده].

يحيى بن إسحاق السيلحيني صدوق، أخرج له مسلم وأصحاب السنن.

قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب التوقيت في المسح.

حدثنا حفص بن عمر حدثنا شعبة عن الحكم وحماد عن إبراهيم عن أبي عبد الله الجدلي عن خزيمة بن ثابت رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (المسح على الخفين للمسافر ثلاثة أيام وللمقيم يوم وليلة).

قال أبو داود : رواه منصور بن المعتمر عن إبراهيم التيمي بإسناده قال فيه: (ولو استزدناه لزادنا).

أورد أبو داود السجستاني رحمه الله تعالى باب التوقيت في المسح على الخفين، والمقصود من هذه الترجمة بيان المدة التي يكون فيها المسح على الخفين، وأنها يوم وليلة للمقيم، وثلاثة أيام بلياليها للمسافر، والأحاديث التي تتعلق بالترجمة هي دالة أيضاً على ثبوت المسح على الخفين؛ لأن الأحاديث التي فيها كيفية المسح وزيادة، فيها إثبات المسح وزيادة التوقيت، أو إثبات المسح وزيادة الكيفية.

إذاً: كل حديث فيه ذكر التوقيت وفيه ذكر الكيفية فهو دال على إثبات أصل المسح، وعلى هذا فإن حديث المسح على الخفين متواتر عن جماعة كثيرة من الصحابة رضي الله تعالى عنهم وأرضاهم.

وقد أورد أبو داود رحمه الله حديث خزيمة بن ثابت رضي الله تعالى عنه أن النبي عليه الصلاة والسلام قال: (المسح على الخفين للمسافر ثلاثة أيام وللمقيم يوم وليلة) يعني: ثلاثة أيام بلياليها، وللمقيم يوم وليلة، وهذا فيه بيان مدة الوقت الذي يجوز أن يمسح فيه، وإذا بلغ الغاية فإنه يتعين خلع الخفين، ثم الوضوء، ثم يلبسهما، ثم يعود إلى المسح من جديد، لكنه لا يزيد على ثلاثة أيام بلياليها إذا كان مسافراً، ولا على اليوم والليلة إذا كان مقيماً، فإذا انتهت المدة لهذا ولهذا تعين خلع الخفين والوضوء، ثم إن أراد أن يلبسهما فليلبسهما ويبدأ المسح من جديد، وإن أراد ألا يلبس فإن حكم الرجلين هو الغسل كما هو معروف، وإن كانت مستورة فحكمها المسح.

والغسل جاء في كتاب الله وفي سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، والمسح جاء في سنة الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم.

ثم إن هذا الفرق الذي بين المسافر والمقيم في اليوم والليلة فيه حكمة ومصلحة، وذلك أن المقيم موجود وعنده الماء متوفر، ويسهل عليه أن يخلع ويلبس في مدة وجيزة، بخلاف المسافر فإنه قد يحتاج إلى المكث مدة أكثر، ولهذا جعلت المدة في حقه أزيد، بل جعلت مثل المقيم وزيادة ضعفين، أي: ثلاثة أيام بلياليها.

وأما مسألة مدة المسح لثلاثة أيام بلياليها فاختلف فيها أهل العلم؛ فمنهم من قال: إنه من حين ما يحدث يبدأ يحسب المدة؛ لأنه يكون بذلك على غير طهارة، وقبل أن يحدث لا تحسب؛ لأنه كان كما لو لم يلبس الخفين؛ لأنه إذا كان على طهارة واستمر على طهارته فهيئة لبسه كهيئته وهو لم يلبس؛ لأنه لو خلع خفيه قبل أن يحدث فهو على وضوئه وما حصل شيء، ولكنه إذا وجد الحدث عند ذلك يتغير الوضع.

ومن أهل العلم من قال: إنه يبدأ من المسح بعد الحدث، والذي يظهر أنه يبدأ من الحدث؛ لأن هذا هو أول وقت يكون الحكم فيه مخالفاً لما كان قبل ذلك؛ لأنه قبل ذلك كان على طهارة، وبعد ذلك هو على غير طهارة، فيحسب من الحدث، وتلك المدة السابقة بين قبل المسح وبعد الحدث هي الفرق بين الاثنين، فالإنسان إذا اعتبر المدة من البدء بالحدث أخذ بالاحتياط.

ثم قال في آخر الحديث في رواية أخرى: (ولو استزدناه لزادنا)، يعني: على الثلاث وعلى اليوم والليلة، وهذه الزيادة جاءت من بعض الرواة، ولكن الطريق الأولى التي فيها حماد والحكم لم يذكر فيها هذه الزيادة، وأيضاً الأحاديث الأخرى التي جاءت عن علي وعن غيره من الصحابة فيها ذكر ثلاثة أيام ويوم وليلة، وليس فيها ذكر الزيادة، ثم أيضاً قوله: (ولو استزدناه لزادنا) ظن من الصحابي، ولا يزاد على مدة المسح عن ثلاثة أيام أو يوم وليلة بناءً على ظن صحابي؛ لأن الأحاديث التي جاءت عن غير خزيمة فيها التنصيص على يوم وليلة وثلاثة أيام بلياليها، فهي مطابقة لإحدى الروايات التي جاءت عن خزيمة وهي الرواية الأولى التي ذكرها المصنف في رواية حماد والحكم ، فهذه الرواية مطابقة لرواية الصحابة الآخرين الذين ذكروا اليوم والليلة والثلاثة الأيام بلياليها، وقد جاء في صحيح مسلم عن علي أنه قال: ثلاثة أيام ويوم وليلة. ولم يذكر الزيادة، فعلى هذا تكون إحدى الروايات التي جاءت عن خزيمة مطابقة للروايات الأخرى التي جاءت عن الصحابة، ثم أيضاً هذه الزيادة هي ظن وتوهم من الراوي، فإنه ظن أنه لو استزاد لزاد، ولكن هذا لا يمنع الحكم، فالأصل أنه لا يزاد على ثلاثة أيام للمسافر ولا على يوم وليلة للمقيم.

قوله: [حدثنا حفص بن عمر ].

حفص بن عمر بن الحارث ثقة، أخرج حديثه البخاري وأبو داود والنسائي .

[حدثنا شعبة ].

شعبة بن حجاج الواسطي ثم البصري، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[عن الحكم ].

الحكم بن عتيبة الكندي الكوفي ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

حماد ].

حماد بن أبي سليمان الكوفي صدوق له أوهام، أخرج حديثه البخاري في الأدب المفرد ومسلم وأصحاب السنن .

[عن إبراهيم ].

إبراهيم بن يزيد التيمي ثقة يرسل ويدلس، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.

[عن أبي عبد الله الجدلي ].

هو عبد الرحمن بن عبد وهو ثقة، أخرج حديثه أبو داود والترمذي والنسائي .

[عن خزيمة بن ثابت ].

خزيمة بن ثابت صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة.

[قال أبو داود : رواه منصور بن المعتمر عن إبراهيم التيمي ].

منصور بن المعتمر ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا يحيى بن معين حدثنا عمرو بن الربيع بن طارق أخبرنا يحيى بن أيوب عن عبد الرحمن بن رزين عن محمد بن يزيد عن أيوب بن قطن عن أبي بن عمارة رضي الله عنه - قال يحيى بن أيوب : وكان قد صلى مع رسول الله صلى الله عليه وسلم القبلتين -أنه قال: (يا رسول الله! أمسح على الخفين؟ قال: نعم. قال: يوماً؟ قال: يوماً، قال: ويومين؟ قال: ويومين، قال: وثلاثة؟ قال: نعم وما شئت).

قال أبو داود : رواه ابن أبي مريم المصري عن يحيى بن أيوب عن عبد الرحمن بن رزين عن محمد بن يزيد بن أبي زياد عن عبادة بن نسي عن أبي بن عمارة قال فيه: حتى بلغ سبعاً قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (نعم ما بدا لك).

قال أبو داود وقد اختلف في إسناده وليس هو بالقوي، ورواه ابن أبي مريم ويحيى بن إسحاق السيلحيني عن يحيى بن أيوب ، وقد اختلف في إسناده].

أورد أبو داود رحمه الله هذا الحديث الذي فيه عدم التوقيت، وأن الإنسان يمسح بما بدا له سبعاً أو أكثر من سبع، ولكن الحديث الذي ورد في ذلك غير صحيح؛ لأن فيه من هو مجهول، فلا يصح الحديث، وإنما الذي صح هو التحديد بيوم وليلة للمقيم، وبثلاثة أيام بلياليها للمسافر، وهنا هو الذي جاء عن خزيمة بن ثابت في الحديث الذي قبل هذا، وهو الذي جاء عن علي وصفوان بن عسال وجماعة من الصحابة، فقد رووا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم التوقيت بيوم وليلة للمقيم، وثلاثة أيام بلياليها للمسافر.

وحديث أبي بن عمارة هذا فيه أنه قال للنبي صلى الله عليه وسلم: (يا رسول الله! أمسح على الخفين؟ قال: نعم. قال: يوماً؟... قال: وما شئت)، وفي بعض رواياته أنه قال: (حتى بلغ سبعاً ثم قال: نعم. وما بدا لك)، يعني: وما أردت وما ظهر لك أن تفعله فافعله، ولكن الحديث غير صحيح فلا يعول عليه، وإنما التعويل على الأحاديث التي جاءت عن جماعة من الصحابة، وفيها التوقيت بيوم وليلة للمقيم، وثلاثة أيام بلياليها للمسافر.

قوله: [قال يحيى بن أيوب عن أبي بن عمارة : وكان قد صلى مع رسول الله صلى الله عليه وسلم القبلتين].

المقصود أنه تقدم إسلامه، وكان قد صلى إلى القبلة الأولى قبل أن تنسخ ثم إلى القبلة الثانية.

قوله: [أنه قال: (يا رسول الله! أمسح على الخفين؟ قال: نعم. قال: يوماً؟ قال: يوماً، قال: ويومين؟ قال: ويومين، قال: وثلاثة؟ قال: نعم وما شئت)].

وهذا تقدم الكلام عليه، ثم بعد ذلك قال أبو داود : رواه ابن أبي مريم المصري عن يحيى بن أيوب عن عبد الرحمن بن رزين عن محمد بن يزيد بن أبي زياد عن عبادة بن نسي عن أبي بن عمارة قال فيه: حتى بلغ سبعاً قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (نعم ما بدا لك) .


استمع المزيد من الشيخ عبد المحسن العباد - عنوان الحلقة اسٌتمع
شرح سنن أبي داود [139] 2891 استماع
شرح سنن أبي داود [462] 2845 استماع
شرح سنن أبي داود [106] 2837 استماع
شرح سنن أبي داود [032] 2732 استماع
شرح سنن أبي داود [482] 2704 استماع
شرح سنن أبي داود [529] 2695 استماع
شرح سنن أبي داود [555] 2689 استماع
شرح سنن أبي داود [177] 2681 استماع
شرح سنن أبي داود [097] 2656 استماع
شرح سنن أبي داود [273] 2652 استماع