خطب ومحاضرات
الصلاة
الحلقة مفرغة
إن الحمد لله؛ نحمده ونستعينه ونستغفره ونستهديه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يُضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، واحدٌ في ربوبيته، فهو الخالق المدبر المتصرف المحيي المميت الرازق الباسط الخافض المعز المذل، بيده كل شيء وهو على كل شيءٍ قدير.
هو الواحد في ربوبيته وألوهيته، فالصلاة له والسجود له، والحلف به، والتوكل عليه، والإنابة إليه، والحاجة فيما عنده، والرغبة في ثوابه، والرهبة من عقابه، وكل عبادةٍ دقت أو جلت فهي لوجهه سبحانه، لا يجوز صرفها لغيره.
أشهد أن لا إله إلا الله واحدٌ في أسمائه وصفاته، فله الأسماء الحسنى، والصفات العلى، نثبتها له سبحانه على الوجه الذي يليق به، آمنا بالله وبما جاء عن الله على مراد الله، وآمنا برسول الله، وبما جاء عن رسول الله على مراد رسول الله.
وأشهد أن محمداً عبده ورسوله بلغ الرسالة، وأدى الأمانة، ونصح الأمة، وجاهد في الله حق جهاده، وتركنا على البيضاء ليلها كنهارها، لا يزيغ عنها إلا هالك، كان بنا براً رءوفاً رحيماً، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً إلى يوم الدين.
عباد الله! اتقوا الله تعالى حق التقوى، واجعلوا بينكم وبين عذاب الله وقاية، واعلموا أن التقوى: العمل بالتنـزيل، والقناعة بالقليل، والاستعداد ليوم الرحيل.
اعلموا أن التقوى: أن تعبد الله على نورٍ وهديٍ من الله ورسول الله، ترجو ثواب الله، وأن تترك معصية الله، لخوفٍ وخشيةٍ من الله جل وعلا، وأن تتجنب ما يُسخط الله جل وعلا، تعظيماً لجلال الله، عرفاناً بقدر الله جل وعلا: مَا لَكُمْ لا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَاراً [نوح:13].
أين النفوس التي تعرف الوقار للبشر، ولا تعرف الوقار لرب البشر؟!
أين النفوس التي تعرف الهيبة من الرجال ولا تعرف الهيبة من رب الرجال؟!
أين النفوس التي ترتعد فرائصها من ذكر فلانٍ وعلان ولا تضطرب خشيةً أو خشوعاً لذكر الله جل وعلا؟!
يخوفونك بالذين من دونه فتخاف ويخوفونك بالله فلا تخشى؟! حاشا وكلا، معاذ الله أن يقوم في النفوس خوفٌ للبشر أعظم من الخوف من الله!
معاذ الله! أن يقوم في النفوس رغبةٌ ورهبةٌ وإنابةٌ لبشرٍ أعظم وأكبر من الرهبة والإنابة من الله جل وعلا!: وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعاً قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّمَاوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ [الزمر:67].
ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ [الأنعام:102] هو أهلٌ أن يُخشى وأهلٌ أن يُذكر فلا ينسى، وأهلٌ أن يُطاع فلا يعصى.
سبحانك ربنا! ما عبدناك حق عبادتك، سبحانك ربنا! ما شكرناك حق شكرك، سبحانك ربنا! ما أحلمك على عبادك، سبحانك ربنا! ما أوسع مغفرتك ورحمتك، كتب ربكم على نفسه الرحمة ورحمته سبقت غضبه، ومننه على العباد متتابعة، ومعاصي العباد إليه مرفوعةٌ متتابعة، ومع ذلك فهو يستر ويغفر ويقول لعبده: هلم إليّ عبدي، ويقول تعالى في محكم كتابه: قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً [الزمر:53].
ترك صلاة الجماعة ينافي التوقير
والنفاق معاشر المؤمنين! من أعظم الدلالات عليه: أن يجد العبد في نفسه تثاقلاً عند القيام إلى الصلاة، نعم فالصلاة كبيرة وعظيمة إلا على الخاشعين: وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخَاشِعِينَ [البقرة:45] عظيمةٌ جداً ثقيلةٌ على النفوس التي تتكلفها.
أما الذين يجاهدون نفوسهم لأجلها، أما الذين يجدون حرباً مع الشيطان عند القيام إليها، فأولئك على دلالة خير، لأن المجاهدة سبيل الهداية: وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ [العنكبوت:69].
حال الناس مع الصلاة جماعة
اشتغل الناس بدنياهم، اشتغل الناس بأعمالهم، اشتغل الناس بتجارتهم، تزخرف القوم لمجالسهم، تبسم القوم لبعضهم في مجالس لهوٍ وغفلة وطرب.
وكثيرٌ من الناس اشتغل بملهاةٍ لا تنفع ولا تشفع، وثقلت عليه الصلاة، إذا سمع النداء تثاقلت نفسه واضطربت، لا خشيةً أو خشوعاً، وإنما ضعفاً وخموداً وكسلاً، وحينما يسمع عزفاً لمطربٍ يهواه، أو لقينةٍ يطرب لأغانيها، اضطرب وتهلل وجهه، وصدق ابن القيم رحمه الله فيما أورد في إغاثة اللهفان من مصائد الشيطان ، حيثُ قال: تلي الكتاب -القرآن- وسُمع النداء وارتفع الأذان:
تلي الكتاب فأطرقت أسماعهم لكنه إطراق ساهٍ لاهي |
وأتى الغناء فكالحمير تراقصُوا والله ما طربُوا لأجل الله |
دفٌ ومزمارٌ ونغمة شادنٍ فمتى رأيت عبادةً بملاهي |
ثقل الكتاب عليهمُ لما رأوا تقيده بأوامرٍ ونواهي |
ورأوه أعظم قاطعٍ للنفس عن لذاتها يا ذبحها المتناهي |
نعم كثيرٌ من الناس عند الصلاة إن قام إليها قام وليس مقامه قول القائل: أرحنا بها، وإنما يقول: أرحنا منها.. أرحنا منها، أقمها وانقر ركوعها، واستعجل سجودها، ولا تخشع في أركانها، ولا تطمئن في صفاتها وأوضاعها، دعنا ننتهي منها، هذه عبادة المتخلصين، هذه عبادة الذين يتبرمون، وإن مثل هذه العبادة لا تنفع صاحبها.
مصلون ولكن ...
ما بال بعض المصلين يرابي في البنوك! أين الصلاة التي تنهاه عن المنكر وتأمره بالمعروف وتزجره عن الفحشاء؟!
ما بال بعض المصلين! العبث واللهو والمجون في بيته؟!
ما بال بعض المصلين يصلي مع الناس في المساجد، ولسانه سليطٌ حاد على أولياء الله والدعاة إلى الله؟!
ما بال بعض المصلين يصلي في المسجد أو يصلي كما ينقرها من يصلي، وتراه والعياذ بالله في وادٍ وهدي النبي صلى الله عليه وسلم في وادٍ؟! لسانه مولع بالشتيمة، وقلبه مشربٌ بالفساد، وروحه متعلقةٌ بالمال، وأقصى أمانيه عرضٌ من الدنيا يسير، ومتاعٌ زائل، وحطامٌ فان! أهذه الصلاة التي تنهى عن الفحشاء والمنكر؟!
أين الصلاة يا عباد الله! أرونا صلاةً عند كثير من إخواننا في هذا الزمان؟! معاذ الله! أن نكون أمةً أوتينا النعم، فقابلناها بالجحود، وأوتينا الهدى، فقابلناه بالضلالة، وتبصرنا الصراط فتنكبناه إلى الغواية.
معاذ الله! أن نكون أمةً أخذت الذي هو أدنى بالذي هو خير، نعوذ بالله أن نكون كذلك.
حال السلف مع الصلاة
قال الأطباء: يا عروة لو شربت مسكراً يزيل عقلك قليلاً حتى نقطع رجلك في حالٍ لا تشعر بها، فقال: [معاذ الله! أن أتداوى بحرام، إن الله لم يجعل شفاء الأمة فيما حرم عليها!!].
فقالوا: لو تناولت شيئاً يغيب عقلك قليلاً (البنج ونحوه) فقال: [لا أغفل ساعةً عن ذكر الله أبداً] فقالوا: إن الآكلة تسري في جسدك ولابد من قطع رجلك، فماذا ترى؟ قال: [أنظروني! فإذا دخلت في الصلاة واستغرقت فيها فافعلوا ما بدا لكم] فلما دخل في صلاته واستغرق فيها واتصل بأسباب السماء، وغاب عن شهود أمور الدنيا، جاءوا إليه بسكينٍ كالجمر قد حميت على النار، تلتهب لما حولها، فوضعها على اللحم من ساقه، فجعلت اللحم يذوب في لحظات حتى بلغت العظم، ثم أتوا بالمنشار، وقد حمي أيضاً على النار، وجروا المنشار على عظم ساقه، فقطوعها، ولما بلغ المنشار نخاع ساقه، غُشي عليه رحمه الله.
فلما أفاق وقد رأى ما بقي من رجله قد جُعل في زيتٍ وضمد من جراحه، قالوا: قد قطعنا رجلك، فقال: ائتوني بها، فلما جئ بها إليه، أخذها بين يديه وقبلها وقال: [الحمد لله أني لم أمش بها إلى فاحشة، الحمد لله أني ما مضيت بها إلى معصية].
لعمرك ما أدنيت كفي لريبـةٍ ولا سبقتني نحو فاحشةٍ رجلي |
هكذا كان شأن الأوائل! كان صلى الله عليه وسلم إذا صلى سمعوا له ولصدره أزيزاً كأزيز المرجل، وكان أبو بكر رضي الله عنه رجلاً أسيفاً، إذا صلى بالقوم في جهريةٍ بكى في صلاته، فلا يسمع الناس صوته من نشيجه وبكائه، وصلى عمر فلما بلغ قول الله جل وعلا: فَإِذَا نُقِرَ فِي النَّاقُورِ * فَذَلِكَ يَوْمَئِذٍ يَوْمٌ عَسِيرٌ * عَلَى الْكَافِرِينَ غَيْرُ يَسِيرٍ [المدثر:8-10].
سقط وعاده الناس أسبوعاً في بيته، هكذا كانت القلوب، وهكذا كانت إقامة الصلاة، وأما في هذا الزمن، فإلى الله المشتكى، وهو المستعان، ولا حول ولا قوة إلا به!
واقع صلاة الفجر جماعة
ما الذي شغلهم عن صلاة الفجر؟! مسلسل! فلمٌ من الأفلام! شريطٌ من الفيديو! عبثٌ في البلوت! ماذا ترك الناس من الخير والفضل لأجل سهرٍ لا فائدة فيه.
يسهر كثيرٌ من الناس، ويجعلون ساعاتهم مصوبةً عند وقت الدوام، أما الساعة السابعة فهي ساعةٌ مقدسة، لا يُمكن عند بعض الناس أن يتزحزح عنها أنملة، لا يستقدم عنها لحظةً ولا يتأخر عنها، أما صلاة الفجر، فالله المستعان!!
والله يا عباد الله! لو أن الناس يعاقبون على التهاون بترك الصلاة مع الجماعة، ولو بلفت نظر، في ملف وظيفته، ويكون حضوره الصلاة مع الجماعة مقياسٌ وشهادةٌ وضابطٌ لترقيته، ولعلاوته، ولتقليده المهمة، ولتوليته المنصب، ولأجل ترفيعه من رتبة إلى رتبة، لو يجدون عرضاً قريباً أو سفراً قاصداً لحضروها، ولكن لأن الصلاة لا تجد من يسأل عليها، ولا تجد من يناقش لتركها.
إقامة الصلاة دليل التمكين
نعم، إن كنا نريد مزيداً من الطمأنينة، ومزيداً من الحفظ، ومزيداً من التأييد والنعم، فعلينا بإقامة الصلاة: وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا [طه:132].
أن يأمر كل واحدٍ منا ولده، وأهل بيته، أن يكون لبيوتنا صوتاً وجلبة، وصوتٌ للدعاء إلى هذه العبادة مع صلاة الفجر، أما حينما ترى الناس في الفجر من جهة هذا الصوب واحدٌ يمشي، وآخرٌ يمشي في ستر الظلام، وثالث ينحطُ مسرعاً، والله إن الواحد حينما يرى الناس آحاداً فرادى، غرباء في ساعة الفجر، يمرون في هذا الشارع إلى المسجد، إنك لتدعو الله لهم، وتقول: أسأل الله أن ينور وجوههم بطاعته، وتقول: (بشر المشائين إلى المساجد في الظلم، بالنور التام التام عند الله يوم القيامة).
ولكن ما أقل المشائين إلى المساجد في الظُلم، أين المشاءون إلى الملاعب؟! مئات الآلاف! أين المشاءون إلى الأسواق؟! مئات الآلاف! اين المشاءون إلى الملاهي؟! مئات الآلاف! أين المشاءون إلى المساجد تعدهم على رءوس الأصابع!!
وأكبر دليلٍ على هذا أن تحصر عدد السكان في حيك، وانظر عدد المصلين تجد (30%) من أعضاء الحي لا يصلون أبداً، صلاة الفجر لا يشهدونها وبقية الصلوات قد يصلونها في البيوت، وهذا تركٌ لسنن الهدى، والصلاة مع الجماعة من سنن الهدى، ومن تركها فقد ترك هدى المصطفى صلى الله عليه وسلم.
عذر من يتركون صلاة الجماعة
أهم من المعوقين أو المشلولين؟! لا والله! الواحد منهم لو ركل برجله جاريةً لسقطت، لو ركل برجله ساريةً أو عموداً لسقط من قوة بدنه، ولكنه أضعف مخلوقٍ عندما يسمع "حي على الصلاة، حي على الفلاح" والمصيبة أن بعضهم يدعي كمال الإيمان، ويثني على نفسه بمناقب المهاجرين والأنصار، حينما يتحدث وهو لا يشهد هذه الصلاة مع الجماعة، أهو مكفوف البصر، إن النبي لم يأذن لكفيف البصر أن يصليها في بيته.
ولو جازت الرخصة لأحدٍ أن يصلي في بيته، لجازت لذلك الكفيف الذي لا يجد قائداً، لجازت لذلك الكبير الذي لا يجد من يدله في طريق مخوفةٍ بالهوام والسباع!!
فيا عباد الله! ما الذي يُشغلنا عن صلاة الفجر؟ مسلسل السهرة؟! لو كان عندنا سفرٌ إلى بلادٍ قريبةٍ أو بعيدة، أو انتدابٍ يفوت الإقلاع في وقته، لجعلنا ثلاث ساعات، ساعة عند السرير، وساعة عند الباب، وقنبلة عند البوابة، حتى لا يفوت الإنسان الخروج إلى هذه المناسبة، أو إلى ذلك الانتداب، أو لتلك المصلحة.
أما صلاة الفجر فهي كما يقولون: على حالٍ من البركة، وليس في الترك والتهاون بركة، إن قام لها قام لها، وإن صلاها في البيت صلاها في البيت، وإن صلاها في البيت في وقتها، أو صلاها بعد طلوع الشمس صلاها.
يا عباد الله! إن لله عملاً بالليل لا يقبله بالنهار، وإن لله عملاً بالنهار لا يقبله بالليل، لو رأينا مدرساً يأتي إلى مدرسته عصراً، والناس يدرسون صباحاً فهل نقبل عمله!
لو رأينا موظفاً يأوي إلى مكتبه في الليل والناس يداومون في الصبح، هل يقبل عمله؟
لا والله، فما دمنا لا نتساهل في حقوق البشر الضعفاء المخلوقين المساكين، فكيف نتهاون بحقوق رب البشر!!
كيف نتهاون بها! وهي أوقاتٌ يسيرة من العمر، عشر دقائق، والله لو حسبت الصلاة منذ الإقامة حتى التسليم لوجدتها لا تتجاوز ربع ساعة أو عشر دقائق، وحريٌ بالمسلم أن يُبكر إليها؛ ليستغفر وينيبَ ويسبح ويهلل ويكبر ويغسل درن قلبه من الذنوب والمعاصي.
أسأل الله جل وعلا ألا نكون من المنافقين، أسأل الله ألا نكون من المنافقين، أسأل الله ألا نكون من المنافقين الذين إِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلاةِ قَامُوا كُسَالَى يُرَاؤُونَ النَّاسَ وَلا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلَّا قَلِيلاً [النساء:142].
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم، أقول ما تسمعون وأستغفر الله لي ولكم من كل ذنبٍ، فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.
معاشر المؤمنين! إن كثيراً من الذنوب والمعاصي التي يقترفها كثيرٌ من الخلق في هذا الزمان، الباعث على تسلطها في نفوس أصحابها ألا وقار ولا هيبة حق الهيبة والخشية من الله جل وعلا، والدليل على ذلك أن الواحد من البشر ربما استحى أن ينظر إليه خادمه وهو يقارف معصيةً من المعاصي، ولا يستحي من رب العباد! ربما أحدهم يتوارى عن الطفل والمرأة والصغير عند ذنبٍ من الذنوب، ولا يبالي بأن الله لا يعزب عن علمه مثقالُ ذرةٍ في الأرض ولا في السماء، وإن من الذنوب والمعاصي، التي عم البلاء بها في هذا الزمن من كثيرٍ من المسلمين ترك الصلاة مع الجماعة، تلك الفريضة الجليلة التي تلقاها النبي في المعراج من ربه بلا واسطة، تلك العبادة الجليلة التي هي مقياس الإيمان والنفاق في نفوس الناس، وكثيرٌ من العباد ونعوذ بالله أن نكون منهم في عداد المنافقين ولا يعلمون، لأن من صفات المنافقين التهاون بالصلاة، لا يذكرون الله إلا قليلاً: وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلاةِ قَامُوا كُسَالَى يُرَاؤُونَ النَّاسَ وَلا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلَّا قَلِيلاً [النساء:142].
والنفاق معاشر المؤمنين! من أعظم الدلالات عليه: أن يجد العبد في نفسه تثاقلاً عند القيام إلى الصلاة، نعم فالصلاة كبيرة وعظيمة إلا على الخاشعين: وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخَاشِعِينَ [البقرة:45] عظيمةٌ جداً ثقيلةٌ على النفوس التي تتكلفها.
أما الذين يجاهدون نفوسهم لأجلها، أما الذين يجدون حرباً مع الشيطان عند القيام إليها، فأولئك على دلالة خير، لأن المجاهدة سبيل الهداية: وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ [العنكبوت:69].
استمع المزيد من الشيخ الدكتور سعد البريك - عنوان الحلقة | اسٌتمع |
---|---|
أهمية الوقت في حياة المسلم | 2831 استماع |
حقوق ولاة الأمر | 2699 استماع |
المعوقون يتكلمون [2] | 2659 استماع |
توديع العام المنصرم | 2652 استماع |
فلنحول العاطفة إلى برنامج عمل [1] | 2555 استماع |
من هنا نبدأ | 2511 استماع |
أنواع الجلساء | 2464 استماع |
أحوال المسلمين في كوسوفا [2] | 2463 استماع |
الغفلة في حياة الناس | 2449 استماع |
إلى الله المشتكى | 2447 استماع |