نعمة العقل


الحلقة مفرغة

الحمد لله القائل في محكم كتابه: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ * إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ [المائدة:90-91] والصلاة والسلام على رسول الله القائل: (اجتنبوا الخمر فإنها أم الخبائث، وهي مفتاح كل شر) رواه الحاكم وقال صحيح الإسناد، والقائل صلى الله عليه وعلى أزواجه وآله وسلم تسليماً كثيراً: (إن الله لعن الخمر وعاصرها ومعتصرها، وبائعها ومبتاعها، وشاربها وآكل ثمنها، وحاملها والمحمولة إليه، وساقيها ومستقيها).

عباد الله! اتقوا الله تعالى حق التقوى، فهي وصية الله للأولين والآخرين: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ [آل عمران:102].

واعلموا يا معاشر المؤمنين أن الله جل وعلا ما شرع للعباد شيئاً إلا لأنه يحقق مصالحهم، فما أمر بشيء إلا لمنفعتهم فيه، وما حرم شيئاً إلا لضررهم أو حصول ما يضرهم بفعله، وهذه الشريعة الغراء، والكتاب المنزل والسنة المحمدية كلها وحي يوحى، وكل دقيق وجليل فيها يشهد أنها دين حق من عند الله جل وعلا: وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافاً كَثِيراً [النساء:82].

أيها الأحبة! شرع الإسلام مصالح العباد وما يحفظها، فشرع ضروريات تدور كثير من الأحكام عليها، أولها حفظ الدين، ولأجل ذلك كان الشرك أعظم فتنة، والفتنة أكبر من القتل، وشرع القتال والجهاد لدفع الشرك: وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ [الأنفال:39] وكما قال صلى الله عليه وسلم: (من بدل دينه فاقتلوه) كل ذلك لأجل الحفاظ على ضرورة الدين وأهميتها وعظم منزلتها وحاجة البشر إليها؛ إذ بدون الدين يعيش الناس همجاً رعاعاً، بل بهائم، بل البهائم أهدى منهم سبيلاً.

وشرع في هذا الدين حفظ العرض؛ ولأجل ذا حرم الزنا وحرم كل سبب يفضي إليه قال تعالى: وَلا تَقْرَبُوا الزِّنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلاً [الإسراء:32] وأمر الناس بغض الأبصار وحفظ الجوارح ونهوا عن إشاعة الفاحشة.

وشرع في هذا الدين حفظ المال: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ وَلا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيماً [النساء:29] وقال جل وعلا: وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا [المائدة:38] حفظاً على أموال العباد ومقتنياتهم وثرواتهم.

وشرع في هذا الدين حفظ النفوس فشرع القتل للقاتل، والقصاص من المعتدي؛ لأجل ذا لا يجد الناس سعادة ولا طمأنينة يأمنون فيها على أموالهم وأعراضهم وأديانهم وحقوقهم إلا في ظل هذا الدين.

وشرع أيضاً في هذا الدين العظيم الذي لو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافاً كثيراً حفظ العقل؛ لأجل ذا حرمت الخمرة، وحرم كل مسكر، وكان وعيداً من الله لمن شربها وأزال هذا العقل وأذهبه باختياره أن يعذبه بعصارة أهل النار كما في الحديث: (من شرب الخمرة كان حقاً على الله أن يسقيه من ردغة الخبال. قيل: وما ردغة الخبال؟ قال: عصارة أهل النار وما يسيل من قيحهم وصديدهم وفروجهم).

أيها الأحبة في الله! هذا الدين عظيم، وكل تشريع فيه يزيدنا إيماناً وعظمة وثقة وحباً في التضحية والفداء لأجله، هذا الدين عظيم، وما قيمة الحياة بدونه.

إذا الإيمان ضاع فلا أمان     ولا دنيا لمن لم يحي دينا

ومن رضي الحياة بغير دين     فقد جعل الفناء له قرينا

سبب تحريم الخمر

أيها الأحبة! حرمت الخمر لأنها تذهب العقل، والعقل مناط التكليف، إن الشارع لم يسقط التكليف عن المعوق أو عن المشلول أو عن الأعمى أو الأعرج أو الأصم أو الأبكم، لكن زائل العقل حتى ولو اكتملت قواه وجوارحه دون عقله سقط عنه التكليف، وما ذاك إلا لأن مناط التكليف العقل، ولأن ارتباط العبادة بالعقل، فكيف يكون مصير عبد يعمد باختياره إلى إزالة مناط التكليف وإزالة محل العبادة فيه.

ولهذا كان جواب أهل النار أنهم أضاعوا عقولهم: وَقَالُوا لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ مَا كُنَّا فِي أَصْحَابِ السَّعِيرِ [الملك:10] لهم عقول لا يفقهون بها، ولهم أعين لا يبصرون بها، ولهم آذان لا يسمعون بها، عطلوا العقول فكان مآل ذلك إلى النار وساءت مصيراً.

أيها الأحبة في الله! دعاء ونداء إلى من تعرفونه قد عاقرها سراً، وأرخى الستر، وأسدل الحجب، ودعا الندامى، وأدار الكأس..

اهجر الخمرة إن كنت فتـى     كيف يسعى في جنون من عقل

كيف يعمد عاقل كرمه الله بهذا العقل أن يزيل هذه الكرامة بعمده واختياره، يحرم نفسه خمراً في الجنة، وكما في الحديث: (من شربها ولم يتب منها لم يشرب خمر الجنة أبداً) مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ فِيهَا أَنْهَارٌ مِنْ مَاءٍ غَيْرِ آسِنٍ وَأَنْهَارٌ مِنْ لَبَنٍ لَمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ وَأَنْهَارٌ مِنْ خَمْرٍ لَذَّةٍ لِلشَّارِبِينَ [محمد:15] وخمر الجنة لا تذهب بالعقول لا يُصَدَّعُونَ عَنْهَا وَلا يُنْزِفُونَ [الواقعة:19].

أضرار الخمر على الأمة وشبابها

أيها الأحبة! ماذا يفوت الأمة؟ وماذا يحصل من الشر العظيم والوباء العميم بالتساهل بهذا الداء العضال والتهاون في وجوده وعقوبة متعاطيه ومعاقريه؟ كم تكسب الأمة من إنتاج أبنائها وحصاد عقولهم لو سلمت من هذا الوباء وذاك المنحدر الآسن؟! أليس في الخمرة هدر طاقات الشباب في هذه المحرمات؟ أليست تفوت اغتنام واستغلال القوة في البناء والدفاع والتعليم والأمن والدعوة؟ أليست تضيف أعباءً جساماً على أجهزة الأمن والقضاء والعدالة؟

يقول أحد الفضلاء: زرت سجناً من السجون فتوجهت إلى عنبر أهل الخمور والمخدرات والمسكرات فوجدت كوكبة ليست بالقليلة فقلت: يا سبحان الله! أولئك لو كانوا طليعة في جهاد، أو سرية في دعوة، أو جيشاً في نشر عقيدة، أو دعاة في محاربة بدعة، أو قادة، أو معلمين، أو بنائين، أو صناع، أو أي مهنة من المهن.. كم يكون نفعهم في الأمة، وكم يكون نفع الأمة منهم؟ ولكن بقطرات تتلوها قطرات.

وكأس شربت على لذة     وأخرى تداويت منها بها

فلا يفيق صاحبها منها، قطرات تلو قطرات يسكر صاحبها فيرى أنه يدبر البيت الأبيض، ويأمر ويزمجر في الكرملين، وينهى ويبطش في الشانزلزيه، وكما قال البدوي الأول:

وإذا سكرت فإنني     رب الخورنق والسدير

وإذا صحوت فإننـي     رب الشويهة والبعير

يسكر على خيال من العظمة وجنونها ويفيق على هوان من الذلة بألوانها!

وحسبكم أن شارب الخمر يفوته أعظم مصلحة وهي انقطاعه عن ذكر الله وعن التفكر في مخلوقات الله والتسبيح والتحميد والتكبير لله جل وعلا.

وإن الذي دعا إلى الحديث عنها أنها دبت وسرت سريان النار في الهشيم في بعض المجتمعات وبعض البيوت، حتى إن بعض من ينسبون أنفسهم إلى صنف معين أو فئة معينة يرونها من كمال الحسب ومدارج الرتب، وما هي إلا دركات تفضي إلى النار ولا حول ولا قوة إلا بالله.

أيها الأحبة! حرمت الخمر لأنها تذهب العقل، والعقل مناط التكليف، إن الشارع لم يسقط التكليف عن المعوق أو عن المشلول أو عن الأعمى أو الأعرج أو الأصم أو الأبكم، لكن زائل العقل حتى ولو اكتملت قواه وجوارحه دون عقله سقط عنه التكليف، وما ذاك إلا لأن مناط التكليف العقل، ولأن ارتباط العبادة بالعقل، فكيف يكون مصير عبد يعمد باختياره إلى إزالة مناط التكليف وإزالة محل العبادة فيه.

ولهذا كان جواب أهل النار أنهم أضاعوا عقولهم: وَقَالُوا لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ مَا كُنَّا فِي أَصْحَابِ السَّعِيرِ [الملك:10] لهم عقول لا يفقهون بها، ولهم أعين لا يبصرون بها، ولهم آذان لا يسمعون بها، عطلوا العقول فكان مآل ذلك إلى النار وساءت مصيراً.

أيها الأحبة في الله! دعاء ونداء إلى من تعرفونه قد عاقرها سراً، وأرخى الستر، وأسدل الحجب، ودعا الندامى، وأدار الكأس..

اهجر الخمرة إن كنت فتـى     كيف يسعى في جنون من عقل

كيف يعمد عاقل كرمه الله بهذا العقل أن يزيل هذه الكرامة بعمده واختياره، يحرم نفسه خمراً في الجنة، وكما في الحديث: (من شربها ولم يتب منها لم يشرب خمر الجنة أبداً) مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ فِيهَا أَنْهَارٌ مِنْ مَاءٍ غَيْرِ آسِنٍ وَأَنْهَارٌ مِنْ لَبَنٍ لَمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ وَأَنْهَارٌ مِنْ خَمْرٍ لَذَّةٍ لِلشَّارِبِينَ [محمد:15] وخمر الجنة لا تذهب بالعقول لا يُصَدَّعُونَ عَنْهَا وَلا يُنْزِفُونَ [الواقعة:19].

أيها الأحبة! ماذا يفوت الأمة؟ وماذا يحصل من الشر العظيم والوباء العميم بالتساهل بهذا الداء العضال والتهاون في وجوده وعقوبة متعاطيه ومعاقريه؟ كم تكسب الأمة من إنتاج أبنائها وحصاد عقولهم لو سلمت من هذا الوباء وذاك المنحدر الآسن؟! أليس في الخمرة هدر طاقات الشباب في هذه المحرمات؟ أليست تفوت اغتنام واستغلال القوة في البناء والدفاع والتعليم والأمن والدعوة؟ أليست تضيف أعباءً جساماً على أجهزة الأمن والقضاء والعدالة؟

يقول أحد الفضلاء: زرت سجناً من السجون فتوجهت إلى عنبر أهل الخمور والمخدرات والمسكرات فوجدت كوكبة ليست بالقليلة فقلت: يا سبحان الله! أولئك لو كانوا طليعة في جهاد، أو سرية في دعوة، أو جيشاً في نشر عقيدة، أو دعاة في محاربة بدعة، أو قادة، أو معلمين، أو بنائين، أو صناع، أو أي مهنة من المهن.. كم يكون نفعهم في الأمة، وكم يكون نفع الأمة منهم؟ ولكن بقطرات تتلوها قطرات.

وكأس شربت على لذة     وأخرى تداويت منها بها

فلا يفيق صاحبها منها، قطرات تلو قطرات يسكر صاحبها فيرى أنه يدبر البيت الأبيض، ويأمر ويزمجر في الكرملين، وينهى ويبطش في الشانزلزيه، وكما قال البدوي الأول:

وإذا سكرت فإنني     رب الخورنق والسدير

وإذا صحوت فإننـي     رب الشويهة والبعير

يسكر على خيال من العظمة وجنونها ويفيق على هوان من الذلة بألوانها!

وحسبكم أن شارب الخمر يفوته أعظم مصلحة وهي انقطاعه عن ذكر الله وعن التفكر في مخلوقات الله والتسبيح والتحميد والتكبير لله جل وعلا.

وإن الذي دعا إلى الحديث عنها أنها دبت وسرت سريان النار في الهشيم في بعض المجتمعات وبعض البيوت، حتى إن بعض من ينسبون أنفسهم إلى صنف معين أو فئة معينة يرونها من كمال الحسب ومدارج الرتب، وما هي إلا دركات تفضي إلى النار ولا حول ولا قوة إلا بالله.

لقد تكلم السلف والخلف في هذا فذكر ابن القيم والذهبي رحمهما الله، الأول في حادي الأرواح، والآخر في كتاب الكبائر ما فيها من الضرر الواقع فعلاً والصريح والمستنبط فيه:

فأولها: اغتيالها للعقل، وكثرة اللغو على شاربها، وإسراف المال، وبذل المال في غير محله، وهي رجس من عمل الشيطان، موقعة للعداوة والبغضاء بين الناس، بل تجعل صاحبها يرتكب ما هو أعظم من ذلك، وقد قلت وأعيد: أن شاباً شرب الخمرة فجاء وزنا بأمه بعد إكراهها وإجبارها على ذلك..! يحدثني بهذا قاض من القضاة الذين حكموا بقتل هذا الواقع فيها وشربها (ومن وقع على ذات محرم فاقتلوه) نسأل الله لنا ولكم السلامة في الدنيا والآخرة. ثم إنها داعية إلى الزنا، وربما دعت -كما قلت- إلى الوقوع على المحارم من بنات وأخوات.

أما ذهاب الغيرة عن صاحبها فلا تسل، وسبيل الديوثية إلى داره ميسر يوم أن يقع فيها ويدمنها، ناهيك عن ما تورثه من الخزي والندامة والعار والفضيحة مع أنها تكسوه أقبح الأسماء والصفات، وتسلبه أجمال الأوصاف والنعوت.

أما هتكها للأستار فعجيب! وقد كذب ذلك الشاعر الذي قال:

وللسر مني موضع لا يناله     جليس ولا يفضي إليه شراب

فكم ظهرت الفضائح، وهتكت الأستار، وشاعت الأسرار؛ بسبب كأس تلاها ثمالة.

أيها الأحبة! وحسبكم أنها أم الخبائث، والعجب في أقوام يجادلون في أنواع جديدة ومشتقات طارئة ويرون أن الخمر ليست إلا من العنب فحسب، فتجد بعض المعاندين الذين يعلمون علم اليقين حرمة ما يعاقرونه ويتعاطونه، وجحدوا بحرمته واستيقنت ذلك أنفسهم ظلماً وعلواً، ويلحق بهذا أولئك الذين يصرون على تعاطي المخدرات وما وافقها وأفضى إلى ما أفضت إليه، أو من يتعاطون القات وما شابهه في أحكامه، ولقد أجاد الشيخ/ حافظ بن أحمد الحكمي لما سئل عن القات والمخدرات والمسكرات والدخان أيضاً، فقال مجيباً بأبيات جميلة رقيقة لأولئك المتشككين في حكمها وبيان حقيقتها:

يا باحثاً عن عفون القات ملتمساً     تبيانه مع إيجاز العبارات

كله لما شئت من وهن ومن سلس     ومن فتور وأسقام وآفات

كله لما شئت من لهو الحديث ومن     إهلاك مال ومن تضييع أوقات

لقد عجبت لقوم مولعين بـه     وهم مقرون منه بالمضرات

في الدين والمال والأبدان بل شهدوا          بسكرهم منه في جل المقامات

إني أقول لشاريه وبائعه     إن لم يتوبوا لقد باءوا بزلات

كذا الدخان بأنواع له كثرت     وغير ذلك من نوع الدنيئات

داء عضال ووهن في القوى ولها     ريح كريه مخل بالمروءات

أليس في آية الأعراف مزدجـر     لطالب الحق عن كل الخبيثات

والنهي جاء عن التبذير متضحاً     وعن إضاعة مال في البطالات

دع ما يريبك يا ذا اللب عنك إلى     ما لا يريبك في كل المهمات

أيها الأحبة! آفاتها عجيبة، ولقد ذكر الشيخ البيحاني من علماء اليمن رحمه الله رحمة واسعة: أنها تخدر المراكز العصبية العليا، فيصاب شاربها بالجنون وضيق النفس والقلق الذي لا ينقطع، فيتداوى منها بها فيدخل دائرة الإدمان حتى يموت على ذلك، إلا أن يتداركه الله برحمة وتوبة.

ثم إنها تنبه القلب تنبيهاً شديداً يعقبه الضعف والهبوط المفاجئ، وتضعف مناعة الإنسان، وتعرضه للعدوى بكل مرض من الأمراض، ومدمن الخمر معرض للإصابة بالسل أكثر من غيره، ونسبة نجاح العمليات الجراحية في مدمني الخمر قليلة جداً، وقد أجري فحص دقيق في مستشفيات عدة للأمراض العقلية في أنحاء مختلفة من العالم، وقد أسفر الفحص أن ما يقرب من (50%) من نزلاء تلك المستشفيات من أهل الخمور وسلالة المتعاطين لها.

ثم إنها تتلف الكبد والكلى، وتسبب الضعف العقلي والجسمي والعصبي والجنسي أيضاً.

أرقام تثبت أضرار الخمر

أيها الأحبة! لا أريد أن أطيل في ذكر أضرارها فائذنوا للأرقام أن تتحدث، وللإحصائيات أن تفصح؛ لأنني لا أظن كثيراً من الذين يتعاطونها خاصة في مجتمعنا يشكون في حرمتها، ولكن يزين لهم الشيطان الخلوة بها، أو ظنهم أن بعض جيرانهم لا يعلمون بها، ولقد علمت وعلم كثير من المحبين لإخوانهم وجيرانهم أن هناك من يظن أن ستره بها يعينه على التمادي والإدمان لها، وقد جهل المسكين أنه ربما خرج ذات يوم باختياره فأفصح عن نفسه وأبان عن ذاته وهتك الستر تحت الإدمان.

يقول الدكتور " هاينت " من منظمة الصحة العالمية: إن عدد الذين تقضي عليهم الخمر أكثر بملايين من عدد الذين يموتون من المجاعة في حزام الجفاف بـأفريقيا .

ويقول الدكتور " كيف بول ": إن بريطانيا خسرت مليون إنسان منذ نهاية الحرب العالمية الثانية بسبب تدخين السجائر. وأضيف نداءً إلى المدمنين على الدخان الذين يقعون في هذا بفتوى: إنها مكروهة.

سئل أحد علماء الشام من قبل رجل من العامة قيل له: يا شيخ! ما حكم الدخان؟

فقال: أريدك أن تذهب إلى الأطباء، النطاسيين الحكماء، واسألهم: هل فيها نوع نفع أم هي ضرر قاطبة؟ فإذا أخبروك بضررها قلت لك: إن الله قال في وصف نبيه: وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ [الأعراف:157] وقلت لك قول النبي صلى الله عليه وسلم: (لا ضرر ولا ضرار) قاعدة كلية في كل شيء ترِد حتى على مسائل التدخين، أن ما ضر فهو ممنوع ومنهي عنه ومحرم، ولعلماء نجد وعلماء الجزيرة قاطبة فتاوى ورسائل وكلمات مهمات في أحكام هذا.

أعود إلى الإحصائيات لنسمع ما تقول: أعلن وكيل وزارة الصحة الأمريكي: أن عدد الذين يموتون في الولايات المتحدة بسبب التدخين سنوياً يقدرون بنحو (350) ألف شخص، وقدرت زيادة أيام العطالة والبطالة عن العمل وملازمة الفرش للمرض بسبب التدخين بـ(77) مليون يوم عمل و(88) مليون يوم في ملازمة الفراش، و(306) ملايين يوم من العمل المحدود، أي من عدم التوظيف الكامل للقوة، أي من عدم العطاء الكامل بسبب التدخين والخمور والمخدرات.

وفي بعض الدول الأوروبية سرير واحد من كل ثلاثة أسرة في المستشفيات العامة يحتله ويرقد عليه مصاب بأمراض تسببها الخمور، أما الاضطرابات النفسية نسبتها بين أولاد المدمنين ثلاثة أضعاف نسبتها بين أولاد الأولياء الأسوياء، وتقول إحصائيات طب الأطفال الأمريكية في العدد الخاص عن المخدرات والخمر والجنس ما يلي:

(93%) من الشباب بين الثانية عشرة إلى السابعة عشرة من العمر في هذه السن شربوا الخمر، وبلغ عددهم (21.4) مليون فتى وفتاة، منهم (1.2) مليون يتعاطون الخمر يومياً.

(13) مليون من الشباب من سن الثانية عشرة إلى السابعة عشرة يتعاطون المريوانا، منهم (1.2) مليون يتعاطونها يومياً، (8) ملايين مراهق يتعاطون أقراص الإمنتمين ومشتقاته بالفم وأحياناً بالحقن والوريد، يبلغ عدد الحالات المسجلة في الدوائر الطبية رسمياً لمرضى السيلان مليون حالة سنوياً، بينما تذكر مصادر أخرى أن العدد الحقيقي (3) ملايين من الشباب (ربع هذا العدد الإجمالي).

زيادة نسبة (800%) في الحالات المشتبهة لسرطان عنق الرحم للفتيات البالغ أعمارهن ما بين الخامسة عشر إلى الثانية والعشرين عاماً، وذلك فقط في الأعوام ما بين (1970م) إلى (1994م) خلال أربع سنوات (800%) الاشتباه بحالات سرطان عنق الرحم.

في عام (1983م) بلغت حالات الاعتداء على الأطفال جنسياً مليون طفل، لدرجة أن هذا أصبح تجارة منظمة يبلغ دخلها ما بين (500) إلى (1000) مليون دولار سنوياً، ويعمل في هذه المهمة والوظيفة الدنيئة آلاف المصورين والكتاب والمؤلفين والأطباء وبعض القسس والرهبان أيضاً وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكاً [طه:124].

وأستأذنكم أن أخرج قليلاً فأقول: ترقبوا سقوط المجتمعات الغربية مجتمعاً تلو الآخر، إن هذه الأنظمة ليس في حقيقتها وصلبها ما يدعو إلى البقاء، ولكل شيء نهاية، لقد عاشت هذه الأنظمة بعضها مائتين عام، وإن العد التنازلي قادم، لا تظنوا أن العد التنازلي واقع، ولا تظنوا أن البلاء بتسلط الأعداء على المسلمين، بل إن البلاء بين الكافرين أنفسهم ناهيك عن حقيقة ما هم فيه من الضيق والضنك والانتحار والقلق.

ما يعانيه الغرب من الخمر والمخدرات

والله لو أن العالم الغربي صورته أجهزة التلفزة وأقلام الصحفيين، وكتب المؤلفين، وأفلام السينما وقصص الروائيين لو صورت هذا المجتمع على حقيقته لقوم لا يؤمنون إلا بالشاشة والإذاعة لرأيتم أن الغرب بجميع دوله أحقر من النجاسات والعذرات، ولكن الغرب لا يظهر في الشاشات إلا الصور المصطنعة المفتعلة من البشاشة المزورة؛ من التكافلات المختلطة من الاتصال، وحقيقة ما هم فيه على النقيض من ذلك أيضاً.

وحدثني بعض من له اطلاع إعلامي أن فيلماً أنتج بعنوان "أمريكا الوجه الآخر" صور لك ذلك المجتمع الآسن بما يدل على زواله وقرب انقسامه وفنائه وتدهوره، ولكن ما هو الحل؟ أين الطريق؟ أين المخرج؟ هل من سفينة تبحر بأولئك المبتلين إلى بر النجاة وشاطئ الأمان؟ لا حاجة إلى اجتهاد:

عطايانا سحائب مرسلات     ولكن ما وجدنا السائلينا

وكل طريقنا نور ونور     ولكن ما رأينا السالكينا

الطريق إلى الجنة هو النجاة من هذا، لكن الجنة باتت عند كثير من الخلق رخيصة، وكما قال ابن القيم:

يا سلعة الرحمن سوقك كاسد     فلقد عرضت بأيسر الأثمان

يا سلعة الرحمن سوقك كاسد     بين الأراذل سفلة الحيوان

يا سلعة الرحمن ليس ينالها     في الألف إلا واحد لا اثنان

أيها الأحبة! لا أريد أن أطيل في ذكر أضرارها فائذنوا للأرقام أن تتحدث، وللإحصائيات أن تفصح؛ لأنني لا أظن كثيراً من الذين يتعاطونها خاصة في مجتمعنا يشكون في حرمتها، ولكن يزين لهم الشيطان الخلوة بها، أو ظنهم أن بعض جيرانهم لا يعلمون بها، ولقد علمت وعلم كثير من المحبين لإخوانهم وجيرانهم أن هناك من يظن أن ستره بها يعينه على التمادي والإدمان لها، وقد جهل المسكين أنه ربما خرج ذات يوم باختياره فأفصح عن نفسه وأبان عن ذاته وهتك الستر تحت الإدمان.

يقول الدكتور " هاينت " من منظمة الصحة العالمية: إن عدد الذين تقضي عليهم الخمر أكثر بملايين من عدد الذين يموتون من المجاعة في حزام الجفاف بـأفريقيا .

ويقول الدكتور " كيف بول ": إن بريطانيا خسرت مليون إنسان منذ نهاية الحرب العالمية الثانية بسبب تدخين السجائر. وأضيف نداءً إلى المدمنين على الدخان الذين يقعون في هذا بفتوى: إنها مكروهة.

سئل أحد علماء الشام من قبل رجل من العامة قيل له: يا شيخ! ما حكم الدخان؟

فقال: أريدك أن تذهب إلى الأطباء، النطاسيين الحكماء، واسألهم: هل فيها نوع نفع أم هي ضرر قاطبة؟ فإذا أخبروك بضررها قلت لك: إن الله قال في وصف نبيه: وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ [الأعراف:157] وقلت لك قول النبي صلى الله عليه وسلم: (لا ضرر ولا ضرار) قاعدة كلية في كل شيء ترِد حتى على مسائل التدخين، أن ما ضر فهو ممنوع ومنهي عنه ومحرم، ولعلماء نجد وعلماء الجزيرة قاطبة فتاوى ورسائل وكلمات مهمات في أحكام هذا.

أعود إلى الإحصائيات لنسمع ما تقول: أعلن وكيل وزارة الصحة الأمريكي: أن عدد الذين يموتون في الولايات المتحدة بسبب التدخين سنوياً يقدرون بنحو (350) ألف شخص، وقدرت زيادة أيام العطالة والبطالة عن العمل وملازمة الفرش للمرض بسبب التدخين بـ(77) مليون يوم عمل و(88) مليون يوم في ملازمة الفراش، و(306) ملايين يوم من العمل المحدود، أي من عدم التوظيف الكامل للقوة، أي من عدم العطاء الكامل بسبب التدخين والخمور والمخدرات.

وفي بعض الدول الأوروبية سرير واحد من كل ثلاثة أسرة في المستشفيات العامة يحتله ويرقد عليه مصاب بأمراض تسببها الخمور، أما الاضطرابات النفسية نسبتها بين أولاد المدمنين ثلاثة أضعاف نسبتها بين أولاد الأولياء الأسوياء، وتقول إحصائيات طب الأطفال الأمريكية في العدد الخاص عن المخدرات والخمر والجنس ما يلي:

(93%) من الشباب بين الثانية عشرة إلى السابعة عشرة من العمر في هذه السن شربوا الخمر، وبلغ عددهم (21.4) مليون فتى وفتاة، منهم (1.2) مليون يتعاطون الخمر يومياً.

(13) مليون من الشباب من سن الثانية عشرة إلى السابعة عشرة يتعاطون المريوانا، منهم (1.2) مليون يتعاطونها يومياً، (8) ملايين مراهق يتعاطون أقراص الإمنتمين ومشتقاته بالفم وأحياناً بالحقن والوريد، يبلغ عدد الحالات المسجلة في الدوائر الطبية رسمياً لمرضى السيلان مليون حالة سنوياً، بينما تذكر مصادر أخرى أن العدد الحقيقي (3) ملايين من الشباب (ربع هذا العدد الإجمالي).

زيادة نسبة (800%) في الحالات المشتبهة لسرطان عنق الرحم للفتيات البالغ أعمارهن ما بين الخامسة عشر إلى الثانية والعشرين عاماً، وذلك فقط في الأعوام ما بين (1970م) إلى (1994م) خلال أربع سنوات (800%) الاشتباه بحالات سرطان عنق الرحم.

في عام (1983م) بلغت حالات الاعتداء على الأطفال جنسياً مليون طفل، لدرجة أن هذا أصبح تجارة منظمة يبلغ دخلها ما بين (500) إلى (1000) مليون دولار سنوياً، ويعمل في هذه المهمة والوظيفة الدنيئة آلاف المصورين والكتاب والمؤلفين والأطباء وبعض القسس والرهبان أيضاً وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكاً [طه:124].

وأستأذنكم أن أخرج قليلاً فأقول: ترقبوا سقوط المجتمعات الغربية مجتمعاً تلو الآخر، إن هذه الأنظمة ليس في حقيقتها وصلبها ما يدعو إلى البقاء، ولكل شيء نهاية، لقد عاشت هذه الأنظمة بعضها مائتين عام، وإن العد التنازلي قادم، لا تظنوا أن العد التنازلي واقع، ولا تظنوا أن البلاء بتسلط الأعداء على المسلمين، بل إن البلاء بين الكافرين أنفسهم ناهيك عن حقيقة ما هم فيه من الضيق والضنك والانتحار والقلق.