الصحة والفراغ عند الشباب


الحلقة مفرغة

الحمد لله الذي جعل الليل والنهار خلفة لمن أراد أن يذكر أو أراد شكورا، نحمده سبحانه حمداً يليق بجلال وجهه وعظيم سلطانه، ونستعينه ونستغفره ونستهديه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، ونتوب إليه، إنه كان للتائبين الأوابين غفوراً، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلن تجد له ولياً نصيراً، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله الذي أرسله إلى جميع الثقلين الإنس والجن بشيراً ونذيرا؛ وداعياً إلى الله بإذنه وسراجاً منيراً، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً.

أما بعد:

فيا عباد الله: اتقوا الله تعالى حق التقوى، وأنيبوا إلى ربكم، وأسلموا له من قبل أن يأتيكم يوم تودعون فيه لحوداً وقبوراً، يقول صلى الله عليه وسلم: (نعمتان مغبون فيهما كثيرٌ من الناس: الصحة والفراغ).

معاشر المؤمنين: بعد أيام قليلة يستقبل أبناؤنا وشبابنا إجازة طويلة، بعد أشهر مضت في الدراسة والتعليم، ولا يخفاكم أيها الإخوة! أن الإجازة الدراسية في آخر العام تعني فراغاً كثيراً في أوقات الشباب، وهذا ما يدعو إلى أن نطرح أمامهم سؤالاً مهماً وهو أين وفيم يقضون أوقات الفراغ في هذه الإجازة الطويلة؟

الفراغ نعمة ونقمة

قبل أن نخوض في توجيه الشباب إلى الترتيب والإعداد لبرامج الاستفادة من الأوقات نود أن نبين لهم أن الفراغ نعمة ونقمة، فهو نعمة لمن أحسن استغلاله واستثمر أيامه، ونقمة لمن جعله موسماً لمزيدٍ من البطالة والكسل، يقول عبد الله بن الزبير رضي الله عنه: [أشر شيء في العالم البطالة]

معاشر المؤمنين: أيها الشباب! تذكروا أن آباءكم وأجدادكم كانوا لا يعرفون شيئاً اسمه الفراغ؛ لأنهم في شغل شاغل، في تأمين لقمة العيش وسد حاجات الحياة الأساسية، كان الواحد منهم من صغره وهو في حاجة أهله وعون والديه على النفقة على إخوانه وأخواته، وسواءً تغرب وسافر من أجل ذلك، أو عمل أجيراً ببدنه؛ لأجل ذلك في بلاده، ولم تكن مرافق الحياة وخدماتها متوفرة لهم، كما توفرت بين أيدينا في وقتنا الحاضر، إذ أننا اليوم نرى الشاب يملك من الوقت الكثير الكثير؛ خاصة أوقات الإجازة الدراسية الطويلة؛ وذلك لأن جميع مرافق الحياة ومستلزماتها وأسباب الراحة والرفاهية قد هيئت له وتوفرت بين يديه، فلا عليه إلا أن يشتغل بما هو أهم وأولى، ولكن كثيراً من الشباب لم يعرفوا قيمة نعمة الفراغ، وبالتالي لم يستثمروا الأوقات كما ينبغي، وقاد ذلك الكثير منهم إلى الوقوع في العادات السيئة الضارة المخلة بالدين والشرف، وتورط بعضهم في جرائم لم يكن يتوقع أو يظن أن يقربوها أو يقتربوها بدون ذلك الفراغ القاتل:

إن الشباب والفراغ والجده      مفسدة للمرء أي مفسده

عباد الله: اعلموا إن النفس البشرية لا بد لها من شغلٍ وعمل؛ فإن لم نشغل هذه النفس ونستعملها وما معها من الجوارح في طاعة الله، فستشغلنا بغير ذلك، أي: بمعصية الله ومن هنا ننصح أنفسنا وإخواننا بترتيب الأوقات والاستفادة منها غاية الاستفادة، إذ أن الأوقات هي حياتنا ومراحل أعمارنا تطوى بليلها ونهارها؛ ولأن ما مضى منها لا يعود أبداً، وقد جاء في بعض الآثار: [ما من يومٍ تطلع فيه الشمس على ابن آدم إلا وينادي فيه مناد: يا ابن آدم! أنا يوم جديد وعلى عملك شهيد، فتزود مني فإني لا أعود أبداً] ولو عمل الإنسان الواجبات واعتنى بالمندوبات والسنن المؤكدة، واعتنى بوقتها عناية دقيقة؛ فلن يجد متسعاً لشيءٍ يسمى الفراغ أو البطالة.

حث الإسلام على اغتنام الأوقات

عباد الله: إن اغتنام أوقات الفراغ بأيامها ولياليها أمرٌ قد حث عليه النبي صلى الله عليه وسلم في قوله: (اغتنم خمساً قبل خمس، وذكر منها فراغك قبل شغلك وشبابك قبل هرمك وصحتك قبل سقمك) فما من أمرٍ فيه خير وصلاحٌ للإنسان في دينه ودنياه إلا وينبغي له أن يبادر الوقت في تحقيقه قبل أن يحل به ما يشغله عنه، يقول صلى الله عليه وسلم: (بادروا بالأعمال، هل تنتظرون إلا فقراً ملهياً، أو غنىً مطغياً، أو الدجال فشر غائبٍ ينتظر، أو الساعة فالساعة أدهى وأمر).

قبل أن نخوض في توجيه الشباب إلى الترتيب والإعداد لبرامج الاستفادة من الأوقات نود أن نبين لهم أن الفراغ نعمة ونقمة، فهو نعمة لمن أحسن استغلاله واستثمر أيامه، ونقمة لمن جعله موسماً لمزيدٍ من البطالة والكسل، يقول عبد الله بن الزبير رضي الله عنه: [أشر شيء في العالم البطالة]

معاشر المؤمنين: أيها الشباب! تذكروا أن آباءكم وأجدادكم كانوا لا يعرفون شيئاً اسمه الفراغ؛ لأنهم في شغل شاغل، في تأمين لقمة العيش وسد حاجات الحياة الأساسية، كان الواحد منهم من صغره وهو في حاجة أهله وعون والديه على النفقة على إخوانه وأخواته، وسواءً تغرب وسافر من أجل ذلك، أو عمل أجيراً ببدنه؛ لأجل ذلك في بلاده، ولم تكن مرافق الحياة وخدماتها متوفرة لهم، كما توفرت بين أيدينا في وقتنا الحاضر، إذ أننا اليوم نرى الشاب يملك من الوقت الكثير الكثير؛ خاصة أوقات الإجازة الدراسية الطويلة؛ وذلك لأن جميع مرافق الحياة ومستلزماتها وأسباب الراحة والرفاهية قد هيئت له وتوفرت بين يديه، فلا عليه إلا أن يشتغل بما هو أهم وأولى، ولكن كثيراً من الشباب لم يعرفوا قيمة نعمة الفراغ، وبالتالي لم يستثمروا الأوقات كما ينبغي، وقاد ذلك الكثير منهم إلى الوقوع في العادات السيئة الضارة المخلة بالدين والشرف، وتورط بعضهم في جرائم لم يكن يتوقع أو يظن أن يقربوها أو يقتربوها بدون ذلك الفراغ القاتل:

إن الشباب والفراغ والجده      مفسدة للمرء أي مفسده

عباد الله: اعلموا إن النفس البشرية لا بد لها من شغلٍ وعمل؛ فإن لم نشغل هذه النفس ونستعملها وما معها من الجوارح في طاعة الله، فستشغلنا بغير ذلك، أي: بمعصية الله ومن هنا ننصح أنفسنا وإخواننا بترتيب الأوقات والاستفادة منها غاية الاستفادة، إذ أن الأوقات هي حياتنا ومراحل أعمارنا تطوى بليلها ونهارها؛ ولأن ما مضى منها لا يعود أبداً، وقد جاء في بعض الآثار: [ما من يومٍ تطلع فيه الشمس على ابن آدم إلا وينادي فيه مناد: يا ابن آدم! أنا يوم جديد وعلى عملك شهيد، فتزود مني فإني لا أعود أبداً] ولو عمل الإنسان الواجبات واعتنى بالمندوبات والسنن المؤكدة، واعتنى بوقتها عناية دقيقة؛ فلن يجد متسعاً لشيءٍ يسمى الفراغ أو البطالة.

عباد الله: إن اغتنام أوقات الفراغ بأيامها ولياليها أمرٌ قد حث عليه النبي صلى الله عليه وسلم في قوله: (اغتنم خمساً قبل خمس، وذكر منها فراغك قبل شغلك وشبابك قبل هرمك وصحتك قبل سقمك) فما من أمرٍ فيه خير وصلاحٌ للإنسان في دينه ودنياه إلا وينبغي له أن يبادر الوقت في تحقيقه قبل أن يحل به ما يشغله عنه، يقول صلى الله عليه وسلم: (بادروا بالأعمال، هل تنتظرون إلا فقراً ملهياً، أو غنىً مطغياً، أو الدجال فشر غائبٍ ينتظر، أو الساعة فالساعة أدهى وأمر).

أيها الشباب: هناك مجالاتٌ متعددة للاستفادة من الأوقات والاستمتاع بها غاية المتعة، ومفتاح ذلك والسبيل إليه الجلساء الصالحون والصحبة الصالحة المعينة على استغلال الوقت واستثماره فيما يعود على الشاب بالنفع والفائدة، فإذا حصل الشاب مفتاحاً معيناً له على الاستفادة من وقته؛ فأمامه عند ذلك سبلاً شتى لاستغلال أوقات الفراغ إن وجدت.

المراكز الصيفية

ومن ذلك على سبيل المثال لا الحصر المراكز الصيفية التي تعنى بها الجهات التعليمية في هذه البلاد المباركة عناية شديدة؛ حيث يتوفر للشاب فيها ألوان مختلفة من الأنشطة الثقافية والاجتماعية والرياضية يستطيع من خلالها أن يكتشف وينمي مواهب ومهارات موجودة في نفسه لم يكن يعرفها قبل ذلك، وعلى قدر مشاركة الشباب وتفاعلهم في هذه الأنشطة، فإن الواحد منهم يعود على نفسه بخبرات فريدة وتجارب مفيدة تنفعه في مستقبل عمره، ولو لم ينل الشاب من هذه المراكز إلا أن يحفظ نفسه عن مجالسة الأشرار، ومخالطة السيئين لكفى بذلك نفعاً ومغنماً.

الدروس العلمية لدى العلماء والمشايخ

ومن السبل النافعة التي يقضي فيها الشباب أوقاتهم، بل من أجل السبل النافعة التي يقضي فيها الشباب أوقاتهم، الدروس العلمية لدى العلماء والمشايخ الأجلاء والتي تنعم مدينة الرياض بمزيدٍ وافر منها في شتى المساجد المتفرقة في هذه العاصمة، وماذا على الشباب لو رتب الواحد منهم وقته وأعد لنفسه برنامجاً أو جدولاً يحضر فيه عدداً من الدروس المختلفة في العقيدة، أو الفقه، أو الحديث، أو الفرائض، واللغة والأدب؛ ليرتقي بنفسه إلى مراتب العلم والعلماء.

حفظ كتاب الله

ومن أجل السبل النافعة التي ننصح أنفسنا وإخواننا الشباب بها: استغلال الإجازة في حفظ كتاب الله جل وعلا، وليس ببعيدٍ على شاب مجتهد عرف كتاب الله وما فيه تلاوته وتدبره من الأجر والثواب؛ ليس ببعيدٍ عليه أن يعكف على كتاب الله ليحفظه كاملاً في مدة هذه الإجازة الطويلة، وليس هذا الأمر صعباً أو معجزة بالنسبة لمن فرغ القلب والنفس من الهموم والمشاغل ووحد العزيمة في حفظ كتاب الله، وإني لأهنئ شباباً صغاراً قد بادروا أوقاتهم في إجازات مضت وعزموا بالجد والاجتهاد، فحفظوا كتاب الله في مدة لا تتجاوز ثلاثة أشهر أو أربعة، يقول الله جل وعلا: وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ [القمر:17].

القراءة والمطالعة

ومن السبل النافعة التي يقضي بها الشباب أوقاتهم القراءة والمطالعة في المكتبات العامة والمنتشرة في كثير من المساجد بحمد الله؛ فإن في ذلك من الفوائد الكثيرة ما يضيق المقام بحصره، ولو لم يكن فيها إلا جلوس الإنسان في بيتٍ من بيوت الله قريباً من ذكره وعبادته بعيداً عن الشيطان ووساوسه لكان ذلك وحده كافياً.

ومن الشباب من أولعوا بشيءٍ من الهوايات النافعة تعم بالخير كالرماية والسباحة، وهي التي حث الفاروق بن الخطاب رضي الله عنه عليها بقوله: [علموا أولادكم السباحة والرماية وركوب الخيل] فهذه من محاسن الهوايات وأفضلها؛ لما يتعود عليه طالبها من الرجولة والكرامة والإباء، ولا بأس أن يقضي الشاب في ممارستها شيئاً من وقته بشرط ألا تشغله عن ذكر الله جل وعلا.

وإن مما ننصح به الشباب الصالحين المستقيمين أن يجعلوا هذه الإجازة فرصةً لمزيد بذل في الدعوة إلى الله، وطلب العلم وتعليم من يجهل احتساباً لذلك عن عند الله سبحانه وتعالى؛ لأن هذه من أمور العبادة، والإنسان معلوم أنه يبذل فيها أفضل أوقاته ويبذل فيها أهم أوقاته، لكنه يزيد من جهده ويضاعف من نشاطه في طلب العلم والدعوة إلى الله في مثل هذه الإجازة.

ومن الشباب من أولع ببعض الهوايات العلمية التقنية؛ كشيءٍ من الاختراعات أو تطوير بعض الأجهزة، وذلك حسن جداً؛ لما يعود عليه وعلى أمته مستقبلاً بالنفع العظيم.

إن كثيراً من الناس حينما تسأله عن انقطاعه وفقده، يقول: كنت منشغلاً بالدراسة والامتحانات، أما الآن فأمامك إجازة طويلة تستطيع أن تقضي فيها أوقاتاً مباركة في صلة أرحامك وبر والديك، وفي زيارة إخوانك في الله، وفي جملة من الأعمال المهنية والعلمية والوظيفية، وإن هذه البلاد بحمد الله قد فتحت معاهد للتدريب الفني والمهني لمن أراد أن يكسب صنعة أو أن يكسب خبرة في أي مجال من المجالات، فاستغلوا الأوقات وبادروها قبل أن تفوت عليكم ولم تستفيدوا منها.

بارك الله لي ولكم بالقرآن العظيم، ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم، أقول قولي هذا، وأستغفر الله العلي العظيم الجليل الكريم لي ولكم، فاستغفروه من كل ذنبٍ إنه هو الغفور الرحيم.