الكفالة والضمانة


الحلقة مفرغة

إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره ونستهديه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، بلغ الرسالة، وأدى الأمانة، ونصح الأمة، وجاهد في الله حق جهاده، صلى الله عليه وعلى آله وأزواجه وصحبه، وسلم تسليماً كثيراً إلى يوم الدين.

أما بعد:

فيا عباد الله: اتقوا الله تعالى حق التقوى، فالتقوى وصية الله لكم ولسائر الأمم قبلكم: وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا اللَّهَ [النساء:131]، وقد رتب جل وعلا على التقوى أجوراً عظيمةً وثواباً جزيلاً، يقول جل من قائلٍ عليماً: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً [الأحزاب:70-71].

معاشر المؤمنين: لقد جاءت شريعة الإسلام شاملةً كاملةً عامةً لجميع شئون الحياة، وجاءت فيما يتعلق بالعبادات والمعاملات والجنايات والعلاقات على مختلف أنواعها، وفيما يتعلق بالمعاملات جاءت الشريعة بما يضمن الحقوق، وما يضمن سلامتها لأصحابها، ألا وإن من ذلك: الكفالة والضمان.

إن الضمان والكفالة لمن أهم الأمور التي جاءت بها الشريعة إرفاقاً بالمسلمين، ورحمةً بهم، وتوسيعاً لهم في مجال المعاملات والمداينات، وسائر أنواع العقود بينهم، ولكن كثيراً من الناس يخطئون في فَهْمِ هذين النوعين ويذهبون فيهما مذاهب خاطئة، وبعد ذلك يقعون في الزلل والحسرة.

تعريف الضمان

أما الضمان: فهو في اللغة: مشتق من الضم؛ وهو ضم ذمةٍ إلى أخرى، أي: ضم ذمة الضامن إلى ذمة المضمون، فيثبت الحق المضمون به في ذمتهما جميعاً.

ويقول الفقهاء: الضمان: التزام رجلٍ ما وجب على غيرٍ وما قد يجب.

والأصل فيه قول الله جل وعلا: وَلِمَنْ جَاءَ بِهِ حِمْلُ بَعِيرٍ وَأَنَا بِهِ زَعِيمٌ [يوسف:72]، وللترمذي مرفوعاً: (الزعيم غارم) .

أيها الأحباب: الحميل أو القبيل أو الزعيم أو الضمين، كل هذه العبارات يتم بها الضمان عن الحق المضمون به، وكل هذه العبارات التي جاءت لتُثبت ضم ذمة الضامن إلى المضمون عنه في الحق المضمون به، ولتؤكد أن الضمان أمر ليس بالهين ولا باليسير.

التحذير من الضمان دون تحرٍ

كثير من الناس حينما يقع صديقٌ له في عُسرٍ، أو في بليةٍ من جراء مالٍ لم يستطع سداده، أو من جراء عملٍ لم يستطع إنتاجه أو تقديمه، جاء شهماً مبادراً ليضمن عنه أو ليكفله من دون أي تحديد لقدر هذا الضمان أو لمدته، أو من دون معرفةٍ دقيقةٍ للمضمون عنه، ألا وإن ذلك يصدق عليه قول القائل:

(الضمان والكفالة أولها شهامة، وأوسطها ندامة، وآخرها غرامة) نقول ذلك -أيها الأحبة- لأننا نرى كثيراً ممن يسارعون ويبادرون من غير تثبتٍ أو تحققٍ في كفالة أو ضمان أحدٍ من الناس، وهم لم يتأكدوا عن مقدار الدين الذي في ذمته، ولم يعرفوا مقدار صلاحه واستقامته؛ ليعلموا بذلك أنهم حينما يسدون إليه جميلاً، ويقدمون إليه معروفاً أنه يعرف ذلك لهم، ويقابل إحسانهم بالإحسان؛ فيرد ما ضمنوه عنه، أو يلتزم بالحضور في الوقت الذي كفلوه بأجله، إن بعض الناس لَيَقْدُم على الضمان والكفالة من غير تحديدٍ أو تقديرٍ لهذه الأمور.

لذا ينبغي للإنسان ألا يضمن إلا فيما يقدر عليه، وألا يكفل إلا من يثق به، ولكن الملاحظ والذي نراه الآن أن كثيراًمن الناس حينما يهب منجداًومسرعاً لصديقٍ أو رفيقٍ أو قريب يضمنه بمالٍ في ذمته، أو يكفله بالحضور إلى أمدٍ معين، أو في مدةٍ محدودة، فإذا حل الأجل وجرت المطالبة بين صاحب الحق، وتوجهت على المكفول أو المضمون عنه، ثم لم يجدوه توجهوا إلى الضامن فأخذ يدعو بالويل والثبور، ويسب تلك الساعة التي عرف فلاناً فيها، أو ضمنه في حقٍ بها، أو التزم شيئاً من أجله، ألا وإن الإنسان هو الذي يخطئ على نفسه.

ولا يبلغ الأعداء من جاهلٍ     ما يبلغ الجاهل من نفسه

لذا يا معاشر المؤمنين: إذا احتاج الإنسان إلى ضمان قريبٍ أو صديقٍ يعرفه بالثقة والاستقامة والخوف من الله والمحافظة على حقوق الله أولاً وأخيراً، لأن من حافظ على حقوق الله فهو لما سواها أحفظ، ومن ضيع حقوق الله فهو لما سواها أضيع، ينبغي لمن هَبَّ لكفالة أو ضمان قريبٍ أو رفيق أن يضمنه في مالٍ يستطيع تقديمه عند عجز المضمون عن أدائه، أما فعل كثيرٍ من الناس، فتراه يسأل: من .. فلان بن فلان!! أنا أضمنه في كل ما تريدون، وما يدري أنه يضمنه في مالٍ لا يستطيع هو ولا أسرته ولا قبيلته سداده، وبعد ذلك يعيش أسير الهم والحزن والبلاء من جراء ما اكتسبت نفسه عليه من دون توثقٍ أو تأكد.

بيان من تتوجه إليه المطالبة وتعدد الضمناء

ونلاحظ أن كثيراً من الناس حينما يكون ضامناً أو كفيلاً وتتوجه المطالبة عليه ابتداء يضجر ويجزع ويشتكي، ويقول: لم لا تطالبون من ضمنته أولاً، ثم إذا عجز عدتم إليّ!! ألا وإن المقرر والمعمول به في المذهب، والمعمول به هنا أن لصاحب الحق مطالبة من شاء منهما؛ (الضامن والمضمون) وإن هذا الحق ليثبت في ذمة الضامن في حياته، ويثبت في تركته بعد مماته، من قوة وشدة الضمان.

إذن: ينبغي لكل مسلمٍ أن ينتبه لهذا الأمر، وألا يزج بنفسه فيما لا طاقة لها به، فالله جل وعلا يقول: رَبَّنَا وَلا تُحَمِّلْنَا مَا لا طَاقَةَ لَنَا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا [البقرة:286] فالله جل وعلا قد علمنا هذا الدعاء وينبغي أن نمتثله، وهو جل وعلا القائل: فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ [التغابن:16].

فينبغي للإنسان ألا يتحمل شيئاً يجر البلاء عليه، وقد يجر البلاء على نفسه فتُباع داره التي يسكن فيها، وقد يؤخذ ماله من بين يديه وهو يرى، من جراء هذا الضمان الذي لم يقدر له قدره، أو يحسب له حسابه، وإن الضامن لا يبرأ أبداً إلا إذا برئت ذمة المضمون عنه؛ إما بإبراء صاحب الحق له، أو بقضاء المضمون عنه لذلك الدين، أو لتحويل الدين حوالةً تبرأ بها الذمة، وأما غير ذلك فلتعلموا أن الضامن ملزوم ملتزم بالحق في حياته ومماته إذا لم يكن الإبراء.

وإذا تعدد الضمناء لم يبرأ أحدهما ببراءة الآخر، ألا وإن ذلك معناه: أن إنساناً ما قد يكون مطلوباً في دينٍ معين، فيتقدم اثنان أو ثلاثة لضمان ما عليه من الحق، فإذا جاء صاحب الحق وأبرأ أحدهما فإن الاثنين الباقيين لا تبرأ ذمتهما إلا بإبرائه لهما، أو بأدائهما ذلك الحق، وليس لأحد الضامنين أن يقول: مادام فلان قد برئ فأنا أبرأ بالتبع، إن ذلك لا يمكن أبداً فالتفتوا لهذا الأمر.

أما الضمان: فهو في اللغة: مشتق من الضم؛ وهو ضم ذمةٍ إلى أخرى، أي: ضم ذمة الضامن إلى ذمة المضمون، فيثبت الحق المضمون به في ذمتهما جميعاً.

ويقول الفقهاء: الضمان: التزام رجلٍ ما وجب على غيرٍ وما قد يجب.

والأصل فيه قول الله جل وعلا: وَلِمَنْ جَاءَ بِهِ حِمْلُ بَعِيرٍ وَأَنَا بِهِ زَعِيمٌ [يوسف:72]، وللترمذي مرفوعاً: (الزعيم غارم) .

أيها الأحباب: الحميل أو القبيل أو الزعيم أو الضمين، كل هذه العبارات يتم بها الضمان عن الحق المضمون به، وكل هذه العبارات التي جاءت لتُثبت ضم ذمة الضامن إلى المضمون عنه في الحق المضمون به، ولتؤكد أن الضمان أمر ليس بالهين ولا باليسير.

كثير من الناس حينما يقع صديقٌ له في عُسرٍ، أو في بليةٍ من جراء مالٍ لم يستطع سداده، أو من جراء عملٍ لم يستطع إنتاجه أو تقديمه، جاء شهماً مبادراً ليضمن عنه أو ليكفله من دون أي تحديد لقدر هذا الضمان أو لمدته، أو من دون معرفةٍ دقيقةٍ للمضمون عنه، ألا وإن ذلك يصدق عليه قول القائل:

(الضمان والكفالة أولها شهامة، وأوسطها ندامة، وآخرها غرامة) نقول ذلك -أيها الأحبة- لأننا نرى كثيراً ممن يسارعون ويبادرون من غير تثبتٍ أو تحققٍ في كفالة أو ضمان أحدٍ من الناس، وهم لم يتأكدوا عن مقدار الدين الذي في ذمته، ولم يعرفوا مقدار صلاحه واستقامته؛ ليعلموا بذلك أنهم حينما يسدون إليه جميلاً، ويقدمون إليه معروفاً أنه يعرف ذلك لهم، ويقابل إحسانهم بالإحسان؛ فيرد ما ضمنوه عنه، أو يلتزم بالحضور في الوقت الذي كفلوه بأجله، إن بعض الناس لَيَقْدُم على الضمان والكفالة من غير تحديدٍ أو تقديرٍ لهذه الأمور.

لذا ينبغي للإنسان ألا يضمن إلا فيما يقدر عليه، وألا يكفل إلا من يثق به، ولكن الملاحظ والذي نراه الآن أن كثيراًمن الناس حينما يهب منجداًومسرعاً لصديقٍ أو رفيقٍ أو قريب يضمنه بمالٍ في ذمته، أو يكفله بالحضور إلى أمدٍ معين، أو في مدةٍ محدودة، فإذا حل الأجل وجرت المطالبة بين صاحب الحق، وتوجهت على المكفول أو المضمون عنه، ثم لم يجدوه توجهوا إلى الضامن فأخذ يدعو بالويل والثبور، ويسب تلك الساعة التي عرف فلاناً فيها، أو ضمنه في حقٍ بها، أو التزم شيئاً من أجله، ألا وإن الإنسان هو الذي يخطئ على نفسه.

ولا يبلغ الأعداء من جاهلٍ     ما يبلغ الجاهل من نفسه

لذا يا معاشر المؤمنين: إذا احتاج الإنسان إلى ضمان قريبٍ أو صديقٍ يعرفه بالثقة والاستقامة والخوف من الله والمحافظة على حقوق الله أولاً وأخيراً، لأن من حافظ على حقوق الله فهو لما سواها أحفظ، ومن ضيع حقوق الله فهو لما سواها أضيع، ينبغي لمن هَبَّ لكفالة أو ضمان قريبٍ أو رفيق أن يضمنه في مالٍ يستطيع تقديمه عند عجز المضمون عن أدائه، أما فعل كثيرٍ من الناس، فتراه يسأل: من .. فلان بن فلان!! أنا أضمنه في كل ما تريدون، وما يدري أنه يضمنه في مالٍ لا يستطيع هو ولا أسرته ولا قبيلته سداده، وبعد ذلك يعيش أسير الهم والحزن والبلاء من جراء ما اكتسبت نفسه عليه من دون توثقٍ أو تأكد.

ونلاحظ أن كثيراً من الناس حينما يكون ضامناً أو كفيلاً وتتوجه المطالبة عليه ابتداء يضجر ويجزع ويشتكي، ويقول: لم لا تطالبون من ضمنته أولاً، ثم إذا عجز عدتم إليّ!! ألا وإن المقرر والمعمول به في المذهب، والمعمول به هنا أن لصاحب الحق مطالبة من شاء منهما؛ (الضامن والمضمون) وإن هذا الحق ليثبت في ذمة الضامن في حياته، ويثبت في تركته بعد مماته، من قوة وشدة الضمان.

إذن: ينبغي لكل مسلمٍ أن ينتبه لهذا الأمر، وألا يزج بنفسه فيما لا طاقة لها به، فالله جل وعلا يقول: رَبَّنَا وَلا تُحَمِّلْنَا مَا لا طَاقَةَ لَنَا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا [البقرة:286] فالله جل وعلا قد علمنا هذا الدعاء وينبغي أن نمتثله، وهو جل وعلا القائل: فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ [التغابن:16].

فينبغي للإنسان ألا يتحمل شيئاً يجر البلاء عليه، وقد يجر البلاء على نفسه فتُباع داره التي يسكن فيها، وقد يؤخذ ماله من بين يديه وهو يرى، من جراء هذا الضمان الذي لم يقدر له قدره، أو يحسب له حسابه، وإن الضامن لا يبرأ أبداً إلا إذا برئت ذمة المضمون عنه؛ إما بإبراء صاحب الحق له، أو بقضاء المضمون عنه لذلك الدين، أو لتحويل الدين حوالةً تبرأ بها الذمة، وأما غير ذلك فلتعلموا أن الضامن ملزوم ملتزم بالحق في حياته ومماته إذا لم يكن الإبراء.

وإذا تعدد الضمناء لم يبرأ أحدهما ببراءة الآخر، ألا وإن ذلك معناه: أن إنساناً ما قد يكون مطلوباً في دينٍ معين، فيتقدم اثنان أو ثلاثة لضمان ما عليه من الحق، فإذا جاء صاحب الحق وأبرأ أحدهما فإن الاثنين الباقيين لا تبرأ ذمتهما إلا بإبرائه لهما، أو بأدائهما ذلك الحق، وليس لأحد الضامنين أن يقول: مادام فلان قد برئ فأنا أبرأ بالتبع، إن ذلك لا يمكن أبداً فالتفتوا لهذا الأمر.