أهمية العلم وحقيقته


الحلقة مفرغة

إن الحمد لله؛ نحمده ونستعينه ونستغفره ونستهديه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.

معاشر المؤمنين يقول الله جل وعلا: يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ [المجادلة:11]، ويقول جل وعلا: قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ [الزمر:9] ويقول جل وعلا في مقام بيان وحدانيته وفي مقام بيان سبيل تحقيق الوحدانية -وهو العلم- قال جل وعلا: فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ [محمد:19].

أيها الأحبة في الله: حسبكم بالعلم أن كل جاهل يدعيه، وحسبكم بالعلم أن الكل يفتخر به، وحسبكم بالجهل أن الجاهل إذا وصف به ينفر منه، وحسبكم أن العاقل إذا وصف بالجاهل يغضبه ويسخطه ذلك، فكفى بالعلم فخراً أن يدعيه كل من على الأرض، وكفى بالجهل شؤماً أن يتعوذ ويبتعد وينفر من وصفه كل من على الأرض، والله سبحانه وتعالى قد جعل لهذا العلم درجة ومقاماً ومنزلة رفيعة، حسبكم ما جاء فيها من كتاب الله سبحانه وتعالى، والسنة النبوية المطهرة مليئة بذلك، مليئة ببيان فضل العلم: (من سلك طريقاً يبتغي له علماً سهل الله له به طريقاً إلى الجنة) .. (إن الملائكة لتضع أجنحتها لطالب العلم رضا بما يصنع) .. (إن الدواب والحيتان في البحر لتستغفر لطالب العلم) فحسبكم بهذا العلم منزلة وفخرا.

أيها الأحبة في الله: يوم الجمعة هذا يوافق اليوم العالمي لمحو الأمية، يوم عالمي اتفقت واجتمعت عليه دول العالم أن يكون يوماً عالمياً لمحو الأمية، والدعوة إلى نبذ الجهل، والدعوة إلى تحقيق العلم بمختلف وسائله، ولكن للمسلمين كلمة في الأمية، وللمسلمين كلمة في حقيقة العلم الذي يدعى إليه، فإن العلم ما لم يكن مرتبطاً بالعلم بالله سبحانه وتعالى، ما لم يكن العلم محققاً خشية الله سبحانه وتعالى، ما لم يكن العلم سبيلاً إلى رحمة الله ورضوانه فلا حباً ولا كرامة في هذا العلم، لأن العلم ولو تحقق خالياً من هذه الأهداف والمقاصد ينقلب شؤماً على البشرية، وينقلب دماراً عليها، ويحقق الويل والهلاك والدمار لأبنائها.

أرأيتم ما وصلت إليه دول الغرب والشرق في أفظع وسائل الفتك الحربية والهجوم والتفجير والقتال، أرأيتم لو كان هذا العلم منضبطاً مرتبطاً بالعلم بالله سبحانه وتعالى، أتصنع الدبابات لتسحق بها جماجم الأبرياء؟! أتصنع القنابل لتفجر بها منازل الأطفال والثكالى؟! أتصنع الصواريخ ليعتدى بها على المحارم والحرمات؟! هذا شأن علم لم يكن مرتبطاً بالله سبحانه وتعالى، وهذه حقيقة كل علم ما لم يكن هدفه رضوان الله جل وعلا، ما لم يكن هدفه رحمة الله ورضوانه جل وعلا فإنه يعود بلاءً ودمارا.

العلم ما قاد إلى خشية الله

إن حقيقة العلم ما قاد إلى الخشية، كَذَلِكَ إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ [فاطر:28] العلماء فاعل ولفظ الجلالة مخشي منه سبحانه وتعالى، العلماء يخشون الله جل وعلا؛ لأنهم أقرب من غيرهم في معرفة إبداع الله وبديع صنعه في هذا الكون، يقول الله جل وعلا: سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ [فصلت:53] حقق العلم الحديث أن غاية ما وصلت إليه العلوم في نوعين من العلم: علم الأبدان وعلم الأكوان، علم الأنفس وعلم الأفلاك، فمن توغل في هذا العلم ونال منه حظاً وقدراً ونصيبا، وكان مرتبطاً أو على أصل سليم من فطرة طيبة، أو لم يكن معانداً مكابرا فإن علمه هذا يقوده إلى خشية من الله ويقوده إلى تعظيم الله ويقوده إلى تحقيق وحدانية الله سبحانه وتعالى.

أيها الأحبة في الله: لا خير في العلم ما لم يكن مرتبطاً بالخشية من الله، وبدون هذا الارتباط ينقلب العلم دماراً وهلاكاً على أبنائه، أما علوم الشريعة التي هي تاج العلوم وإمامها ورأسها وزعيمها، علوم الشريعة ما لم يكن الهدف منها مرتبطاً بتحقيق العدل وبذل العمل الصالح ونفع الآخرين وهداية الضلال وتبصير الجهلاء، فإن العلم قد يكون أيضاً حجة على صاحبه: (من سلك طريقاً مما يبتغى به وجه الله، من طلب علماً مما يبتغى به وجه الله لا يطلبه إلا للدنيا لم يرح عرف الجنة -أي: رائحتها- وإن عرفها ليوجد من مسيرة خمسمائة عام).

نعم -أيها الأحبة- علم الشريعة ما لم يدع صاحبه إلى الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وتحقيق دين الله والدعوة إليه وبذل النفع للآخرين، والعزة والرفعة بهذا الدين فماذا يكون حظ صاحبه إن لم يكن هذا حظه من العلم.

يقولون زند العلم كاب وإنـما     رأوا رجلاً عن موقف الذل أحجما

فلو أن أهل العلم صانوه صانهم     ولو عظموه في النفوس لعظما

ولكن أهانوه فهانوا ودنسـوا     محياه بالأطماع حتى تجهما

أأشقى به جمعاً وأجنيه ذلة     إذاً فاتباع الجهل أولى وأحزما

ما لم يكن الجد والاجتهاد في طلب العلم سبيل العزة في دين الله والرفعة في العلم بالله فلا خير لصاحبه مما علم إذا سخره للدنيا وحرم العباد من نفعه وفائدته.

بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم.

أقول ما تسمعون، وأستغفر الله لي ولكم، فاستغفروه من كل ذنب إنه هو الغفور الرحيم.

إن حقيقة العلم ما قاد إلى الخشية، كَذَلِكَ إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ [فاطر:28] العلماء فاعل ولفظ الجلالة مخشي منه سبحانه وتعالى، العلماء يخشون الله جل وعلا؛ لأنهم أقرب من غيرهم في معرفة إبداع الله وبديع صنعه في هذا الكون، يقول الله جل وعلا: سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ [فصلت:53] حقق العلم الحديث أن غاية ما وصلت إليه العلوم في نوعين من العلم: علم الأبدان وعلم الأكوان، علم الأنفس وعلم الأفلاك، فمن توغل في هذا العلم ونال منه حظاً وقدراً ونصيبا، وكان مرتبطاً أو على أصل سليم من فطرة طيبة، أو لم يكن معانداً مكابرا فإن علمه هذا يقوده إلى خشية من الله ويقوده إلى تعظيم الله ويقوده إلى تحقيق وحدانية الله سبحانه وتعالى.

أيها الأحبة في الله: لا خير في العلم ما لم يكن مرتبطاً بالخشية من الله، وبدون هذا الارتباط ينقلب العلم دماراً وهلاكاً على أبنائه، أما علوم الشريعة التي هي تاج العلوم وإمامها ورأسها وزعيمها، علوم الشريعة ما لم يكن الهدف منها مرتبطاً بتحقيق العدل وبذل العمل الصالح ونفع الآخرين وهداية الضلال وتبصير الجهلاء، فإن العلم قد يكون أيضاً حجة على صاحبه: (من سلك طريقاً مما يبتغى به وجه الله، من طلب علماً مما يبتغى به وجه الله لا يطلبه إلا للدنيا لم يرح عرف الجنة -أي: رائحتها- وإن عرفها ليوجد من مسيرة خمسمائة عام).

نعم -أيها الأحبة- علم الشريعة ما لم يدع صاحبه إلى الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وتحقيق دين الله والدعوة إليه وبذل النفع للآخرين، والعزة والرفعة بهذا الدين فماذا يكون حظ صاحبه إن لم يكن هذا حظه من العلم.

يقولون زند العلم كاب وإنـما     رأوا رجلاً عن موقف الذل أحجما

فلو أن أهل العلم صانوه صانهم     ولو عظموه في النفوس لعظما

ولكن أهانوه فهانوا ودنسـوا     محياه بالأطماع حتى تجهما

أأشقى به جمعاً وأجنيه ذلة     إذاً فاتباع الجهل أولى وأحزما

ما لم يكن الجد والاجتهاد في طلب العلم سبيل العزة في دين الله والرفعة في العلم بالله فلا خير لصاحبه مما علم إذا سخره للدنيا وحرم العباد من نفعه وفائدته.

بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم.

أقول ما تسمعون، وأستغفر الله لي ولكم، فاستغفروه من كل ذنب إنه هو الغفور الرحيم.

الحمد لله على إحسانه، والشكر له على توفيقه وامتنانه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له تعظيماً لشأنه، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله الداعي إلى رضوانه، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً إلى يوم الدين.

عباد الله .. اتقوا الله تعالى حق التقوى، تمسكوا بشريعة الإسلام وعضوا بالنواجذ على العروة الوثقى، اعلموا أن خير الكلام كلام الله، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة في الدين ضلالة، وكل ضلالة في النار، وعليكم بجماعة المسلمين فإن يد الله مع الجماعة، ومن شذ شذ في النار عياذاً بالله من ذلك.

أيها الأحبة في الله .. لا شك أن من حرم القراءة والكتابة فقد حرم خيراً كثيراً، ولا يدرك هذا الحرمان إلا إذا تقدمت به السن وانصرف عنه الأحباب والخلان فبدأ يمضي أوقاتاً كثيرة من أيامه ولياليه منفرداً وحيداً تدور به الوساوس والهواجس، ولو كان من المتعلمين لكان استغل فراغه ووقته وبقية عمره في قراءة كتاب الله جل وعلا، تجده يختم القرآن في كل يومين أو في كل ثلاثة أو أربعة، ما دام مستطيعاً للقراءة والكتابة، ما دام يملك وقتاً لهذا، فهو في خير، ومن كان لا يقرأ ولا يكتب ويعرف حاجته إلى كتاب الله وفضل تلاوة كتاب الله، وفقره إلى درجات وحسنات من ثواب الله وفضله فليبادر إلى تعلم القراءة والكتابة.

إن من فاته التعليم وقت شبابه يفوته خير كثير، لكن يستطيع الكثير باجتهادهم ومواصلتهم أن يحققوا جزءاً كبيراً مما فات وما مضى، يقول الشافعي أو ينسب عنه:

من لم يذق ذل التعلم ساعـة     تجرع ذل الجهل طول حياته

ومن فاته التعليم وقت شبـابه     فكبر عليه أربعاً لوفاته

أيها الشباب .. لا تفرطوا في العلم ولا تتهاونوا به، واجعلوا حياتكم جميعها علماً وعملا، فائدة وتطبيقاً واستقامة لما علمتم.

أيها الإخوة في الله .. إذا كان هذا هو اليوم العالمي لمحو الأمية، فإننا بحاجة إلى أيام عالمية نمحو بها أمية العقائد في أمم يظنون الطواف بالقبور والذبح لها مع النذور، في أمم يظنون استغاثة الموتى، وندبهم ودعاءهم وسؤالهم قضاء الحاجات، وتفريج الكربات وشفاء المرضى، يظنونه من أعظم القرب، يظنون الاعتقاد بالأولياء وتعظيمهم ورفعة منازلهم فوق منزلة النبي وغيره، يظنون ذلك من صميم دينهم، فهؤلاء أمم بحاجة إلى رفع أمية العقيدة عنهم.

إن أناساً يشكون من أمية العقائد يعبدون الله بغير ما شرع، ويتعبدون الله على ضلالة، وإذا مات الكثير منهم على هذه الحال رغم كده ونكده وتعبه ونصبه فإنه قد يتحقق فيه قول الله: عَامِلَةٌ نَاصِبَةٌ * تَصْلَى نَاراً حَامِيَةً [الغاشية:3-4].

يطوفون ويذبحون ويبذلون أموراً كثيرة .. يريدون الشفاعة .. يريدون الزلفى .. يريدون القربة، وما تزيدهم من الله إلا بعدا.

فيا شباب الإسلام .. إن لهذه الأمم التي هي في أمية من عقائدها إن لها حقوقاً عليكم أن تبذلوا حق الله في علمكم فتبصرونهم بحقيقة العقيدة، بحقيقة التوحيد الذي يقوم على وحدانية الله في ربوبيته وألوهيته وصرف دقيق العبادات وجليلها له وحده لا شريك له، هناك أمية في المتعلمين أيضاً، يقرءون ويكتبون لكن أميتهم عجيبة غريبة في أبسط أحكام الإسلام وأركان الدين، قد تكون في سفر أو في حج أو في مناسبة مع واحد من حملة الشهادات فتعجب في أخطاء ومغالطات عجيبة، في وضوئه وصلاته ونسكه وأعماله، إنها لأمية المتعلمين، وأمية المثقفين قد يكتب صفحات يملأ بها الجرائد والمجلات لكنه قد لا يعرف أبسط قواعد الصلاة.

فيا أيها الأحبة .. إن أمية المثقفين موجودة لا تظنوها مبالغة، فمثل أولئك بحاجة إلى تبسيط قواعد الفقه في الدين وعرضها عليهم بأيسر السبل، وما أجمل ما نراه بين الفينة والأخرى من الرسائل الجميلة التي توضح جملاً من أحكام الصلاة وأحكام الصيام وأحكام الحج وأنواع العبادات لأئمة الإسلام من علماء هذا الزمان، ففيها خير عظيم، وحيهلا على طبعها والإذن بطباعتها ونشرها وتوزيعها في مختلف الأماكن والدوائر لنرفع أمية طائفة من المثقفين في هذا.


استمع المزيد من الشيخ الدكتور سعد البريك - عنوان الحلقة اسٌتمع
أهمية الوقت في حياة المسلم 2802 استماع
حقوق ولاة الأمر 2664 استماع
المعوقون يتكلمون [2] 2652 استماع
توديع العام المنصرم 2647 استماع
فلنحول العاطفة إلى برنامج عمل [1] 2552 استماع
من هنا نبدأ 2495 استماع
أحوال المسلمين في كوسوفا [2] 2461 استماع
أنواع الجلساء 2460 استماع
الغفلة في حياة الناس 2437 استماع
إلى الله المشتكى 2436 استماع