دعوة إلى الزواج


الحلقة مفرغة

الحمد لله الذي أحل النكاح وحرم السفاح، وقال جل من قائلٍ عليماً: وَأَنْكِحُوا الْأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ [النور:32].

وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله القائل فيما ثبت عنه صلى الله عليه وسلم: (من استطاع منكم الباءة فليتزوج؛ فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج) صلى الله عليه وعلى آله وأزواجه وصحبه وسلم تسليماً كثيراً إلى يوم الدين.

أما بعد:

فيا عباد الله.. اتقوا الله تعالى حق التقوى، واعلموا أن الله جل وعلا قد أكمل الدين، وأتم النعمة، فمن زاد أو استحسن غير ما شرعه الله جل وعلا فقد ابتدع وشرع وضل ضلالاً مبيناً، واعلموا أن الله جل وعلا ما حرم شيئاً إلا لفساد عاقبته وحاله ومآله على عباده، وما أباح شيئاً أو أحله إلا لمصلحة عباده فيه.. أَلا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ [الملك:14].

إن هذا الدين جاء لإسعاد البشرية، جاء لينشر الأمن والطمأنينة في ربوعها، وليحل السلام في أرجائها، ليسعد الناس صغاراً وكباراً، رجالاً ونساءً، ليجتمعوا على محبةٍ ومودة، ويتعاملوا على صدقٍ ووفاء، ولأجل ذلك جاءت شرائع الإسلام متكاملة لتحقق هذه السعادة التي هي بدورها توفر أجواءً طيبة لعبادة الله سبحانه وتعالى، وتكبيره وحمده والثناء عليه واستغفاره وتسبيحه، إذ لم يخلق الخلق إلا لهذا المقصد العظيم، فإن كل تشريع في الدين ما جاء إلا ليحقق مصلحة، وما جاءت هذه المصلحة إلا لتصب في الغاية النهائية التي لأجلها خُلق الخلق وهي عبادة الله جل وعلا، ولأجل ذا ومن بين ذلك كله شرع في هذا الدين النكاح، شرع شرعاً طيباً محكماً عدلاً متكاملاً: وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافاً كَثِيراً [النساء:82].

إن هذا الدين العظيم ينظر إلى هذه النفوس البشرية، وينظر إلى ما فيها من الغرائز والشهوات، فلا يكبتها على طريقة الرهبان، ولا يطلقها على طريقة الإباحيين الغربيين المتحللين، وإنما يشرع ما يحققها بضوابطها، ومن ثم توظف الغرائز في نفع الأمة، وإحلال الأمن والطمأنينة في أنحاء المجتمع، فانظر إلى غريزة حب المال.. إن الإسلام ما حذر الناس من جمع المال أو نهاهم عنه، ولم يبح لهم إطلاق أيديهم في جمعه وصرفه في كل سبيل ومن أي طريق، وإنما شرع للعبد أن يجمع المال، وندب إلى أن يصرفه في مصارفه التي تعود على الأمة بالنفع والفائدة، كذلك غريزة الجنس في النفوس ما جاء الإسلام ليقطعها أو ليكبتها، وما أباح إطلاقها في الأعراض والذوات، وإنما جاء ليضبطها.. وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً [الروم:21].

أيها الأحبة في الله! الحديث عن النكاح لا شك أن مقاصده عائدةٌ إلى تحقيق وإشباع الغرائز الموجودة في النفس البشرية، وما جاء النكاح لإشباع الغرائز فقط، وإنما لتوظيف هذا الإشباع فيما يعود على المجتمع بالتناسل والتكاثر لتكوين أمةٍ محمودة نافعة للبشرية.

لهذا شرع لنكاح، ولأجل ذلك قال صلى الله عليه وسلم: (تناكحوا تناسلوا -ولم يجعل هذا الأمر مطلقاً بل قال-: فإني مكاثر بكم الأمم يوم القيامة) إذاً.. إذا نوقش النكاح أو الزواج فلينظر إليه من جانب تحقيق رغبات النفس، ولينظر إليه من جانب نفع المجتمع، ولينظر إليه من جانب نفع الأمة قاطبة، إذ ما شرعت الشرائع لتحقيق مقاصد شخصيةٍ بحتة، بل إن من سمو وعدل ورقي هذا الدين أن أحكامه وتشريعاته جاءت لتستجيب لحاجات النفس، ومن ثم لتصب فيما ينفع هذا المجتمع.

فأول ذلك حث النبي صلى الله عليه وسلم على الزواج، وذم الرهبنة.. جاء نفرٌ إلى بيته صلى الله عليه وسلم، فسألوا عن عبادة المصطفى صلى الله عليه وسلم، فلما سألوا وأجيبوا كأنهم تقالوها، إذ لم يكن النبي صلى الله عليه وسلم حينها موجوداً، فقال بعضهم: وماذا عليه؛ فإنه قد غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر؟ فقال أحدهم: أما أنا فلا آكل اللحم، وقال الآخر: فأما أنا فأقوم الليل ولا أذوق النوم، وقال الثالث: أما أنا فلا أتزوج النساء، فلما علم النبي صلى الله عليه وسلم بهذا الأمر اشتد غضبه، وبلغ الغضب مبلغاً عظيماً إلى حد أنه صعد المنبر وجُمع الناس له، وقال: (ما بال أقوامٍ يستنون بغير سنتي، أما أنا فآكل اللحم، وأقوم الليل وأنام، وأتزوج النساء، فمن رغب عن سنتي فليس مني)، وقال صلى الله عليه وسلم: (حُبب إليَّ من دنياكم الطيب والنساء -هذا من الدنيا أما قرة العين- وجعلت قرة عيني في الصلاة) صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسيلماً كثيراً.

وقال صلى الله عليه وسلم: (يا معشر الشباب! -وخص الشباب بالنداء لحاجتهم إلى الزواج والنكاح- من استطاع منكم الباءة -والباءة: المقدرة الذاتية والمالية وما تعلق بها- فليتزوج؛ فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج)؛ لأن النفس قد جُبلت على محبة النساء، قال تعالى: زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالْأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ ذَلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الْمَآبِ [آل عمران:14].

هل يوجد خيرٌ من هذا؟ هل يوجد ألذ من هذا؟ هل يوجد أطيب من هذا؟ بلى وربي.. قُلْ أَؤُنَبِّئُكُمْ بِخَيْرٍ مِنْ ذَلِكُمْ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَأَزْوَاجٌ مُطَهَّرَةٌ وَرِضْوَانٌ مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ [آل عمران:15]، حتى يعلم من اشتهت نفسه أن شهواته منقطعة فانية، وأن وراءه دار الخلود لا تنقطع فيها الشهوات ولا الملذات.. الشهوة هنا لذةٌ ثم تنقضي، صحةٌ بعدها سقم، نعيمٌ يخلفه كدر، أما اللذة هناك فصحة لا سقم بعدها، وخلود لا موت يكدره، ولذات لا تنقطع.

قال علماء السلف : إن أهل الجنة يأكلون من غير جوع؛ لأن الجوع كدرٌ يكدر اللذات، ويشربون من غير ظمأ؛ لأن الظمأ كدرٌ يكدر اللذات، لكنهم في الجنة يشربون ويأكلون للذات الأكل والشرب، لذاتٍ فوق لذات.

إن النفوس البشرية في هذه الدنيا جبلت وفطرت على حب النساء، ولأجل ذلك كان توظيف هذه المحبة بطريق الزواج: وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ * إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ [المؤمنون:5-6] فما تشبع غريزة الجنس إلا في الزوجات وملك اليمين، ومن أشبعها بغير ذلك.. فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ [المؤمنون:7].

ثلاثة حق على الله عونهم

لقد حث الإسلام على الزواج، وقول الله عظيم بليغ: وَأَنْكِحُوا أي: زوجوا: الْأَيَامَى الأيامى جمع أيم، والأيم من لا زوج له ذكراً كان أو أنثى.. وَأَنْكِحُوا الْأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ [النور:32].

قال عمر رضي الله عنه: [عجبت لمن يبتغي الغنى لا يتزوج]، إن أناساً يشكون الفقر والفاقة والمسكنة، وربما عندهم شيءٌ يسيرٌ لو اجتمعوا واقترضوا لجمعوا ما يحقق لهم الزواج، فلمثل أولئك نقول ما قال الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله ورضي عنه، قال: [أرى لمن أراد الزواج أن يستدين -أي: إن كان عاجزاً- ويؤدي الله عنه]، كيف لا يؤدي الله عنه؟ كيف لا يوفي الله عنه؟ وفي الحديث الصحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (ثلاثةٌ حقٌ على الله عونهم ...).

لو قلنا لك أيها الشاب الذي تتقلب على فراش السهر، تعيش الأرق وتتمنى الزوجة.. تزوج واقترض وتسلف من هنا ومن هنا، لقلت: من يؤدي عني؟ من يعينني؟ من يضمن سداد ديني؟ فلو قلنا لك: إن الأمير سوف يعينك؛ لأقدمت على الزواج بلا تردد، ولو قلنا: إن الثري الغني الفلاني سيعينك؛ لأقدمت على الزواج بلا تردد، ولو قلنا: إن فلاناً من المعروفين بالثراء سيعينك؛ لأقدمت على الزواج بلا تردد، فإنا نبشرك ونقول: إن الله معينك.. قال صلى الله عليه وسلم: (ثلاثةٌ حقٌ على الله عونهم: الناكح يريد العفاف) الناكح يقصد العفاف، الناكح يقصد غض بصره، المتزوج يريد إحصان فرجه، هذا حقٌ على الله أن يعينه، أما الناكح يريد التذوق وتنويع اللذات.. أما الناكح يريد العبث والإسراف.. أما الناكح تقليداً أو مباهاةً فلعله لا ينال من هذا شيئاً.. (الناكح يريد العفاف، والمكاتب يريد الأداء) والمكاتب هو العبد الذي اشترى نفسه من سيده على نجوم منجمة، على أقساطٍ يدفعها دورية حتى يتم عتقه ووفاء كامل قيمته.. والثالث: (والمجاهد في سبيل الله).

إننا نقول للشباب: أقدموا على الزواج ولا تترددوا، ودعوكم من أولئك الذين قد أدخلوا في أذهان بعضكم أو أذهان غيركم أن الزواج لا بد أن يؤمن له بيتاً أو فلة وسيارة ووظيفة، ولا بد من دخل ومرتب.. من الذي يرزقه؟ أوظيفةٌ هي التي ترزقك؟ أسيارة هي التي ترزقك؟ أشهادة هي التي ترزقك؟ إن لم تقطع بأن الرازق هو الله: إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ [الذاريات:58] فإنما عند الناس منقطعٌ مكدرٌ بالمنِّ والأذى، فمن تعلق بحال الناس تعلق بنقصٍ وضعف ومنقصة.

فيا أخا الإسلام.. يا شباب الإسلام.. أقبلوا على الزواج ولا تترددوا لتلك الأفكار والشبهات والأباطيل والأقاويل التي نُثرت وسُلطت علينا حرب شعواء، وأُرسلت إلينا سموم وسهام صارخة، سواء في آدابنا أو أخلاقنا، عبر تلك التمثيليات، وعبر تلك المسلسلات التي أقنعت الشباب أن لا زواج إلا بعد الحب.. لا زواج إلا بعد العلاقات.. لا زواج إلا بعد الانسجام الطويل والتعارف المتبادل، وتوافق الآراء والأذواق، وتوافق في الألوان والأمزجة، كل ذلك مما استورده مجتمع المسلمين من الغربيين، أو مما صدَّره الغربيون إلى المسلمين.

أقبل، وكم من رجل تزوج فتاة لدينها -وسيأتي الحديث عن هذا- فكان بينهما من السعادة أضعاف أضعاف ما اختلقه ونسجه الواهمون والكاذبون من تلك السعادة التي سرعان ما تضمحل بدعوى حصولها بعد علاقاتٍ طويلة قبل الزواج، فالإسلام حث على هذا، فلا تترددوا، ولا تنكصوا، ولا ترجعوا القهقرى، اجمعوا ما في أيديكم من المال وتسببوا وابذلوا الأسباب، من هنا دين، ومن هنا قرض حسن، ومن هنا معونة، ومن هنا مساعدة، حتى تجمع من المال ما يكون سبباً في إعانتك على الزواج، ثم أقدم على بركة الله.

لقد حث الإسلام على الزواج، وقول الله عظيم بليغ: وَأَنْكِحُوا أي: زوجوا: الْأَيَامَى الأيامى جمع أيم، والأيم من لا زوج له ذكراً كان أو أنثى.. وَأَنْكِحُوا الْأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ [النور:32].

قال عمر رضي الله عنه: [عجبت لمن يبتغي الغنى لا يتزوج]، إن أناساً يشكون الفقر والفاقة والمسكنة، وربما عندهم شيءٌ يسيرٌ لو اجتمعوا واقترضوا لجمعوا ما يحقق لهم الزواج، فلمثل أولئك نقول ما قال الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله ورضي عنه، قال: [أرى لمن أراد الزواج أن يستدين -أي: إن كان عاجزاً- ويؤدي الله عنه]، كيف لا يؤدي الله عنه؟ كيف لا يوفي الله عنه؟ وفي الحديث الصحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (ثلاثةٌ حقٌ على الله عونهم ...).

لو قلنا لك أيها الشاب الذي تتقلب على فراش السهر، تعيش الأرق وتتمنى الزوجة.. تزوج واقترض وتسلف من هنا ومن هنا، لقلت: من يؤدي عني؟ من يعينني؟ من يضمن سداد ديني؟ فلو قلنا لك: إن الأمير سوف يعينك؛ لأقدمت على الزواج بلا تردد، ولو قلنا: إن الثري الغني الفلاني سيعينك؛ لأقدمت على الزواج بلا تردد، ولو قلنا: إن فلاناً من المعروفين بالثراء سيعينك؛ لأقدمت على الزواج بلا تردد، فإنا نبشرك ونقول: إن الله معينك.. قال صلى الله عليه وسلم: (ثلاثةٌ حقٌ على الله عونهم: الناكح يريد العفاف) الناكح يقصد العفاف، الناكح يقصد غض بصره، المتزوج يريد إحصان فرجه، هذا حقٌ على الله أن يعينه، أما الناكح يريد التذوق وتنويع اللذات.. أما الناكح يريد العبث والإسراف.. أما الناكح تقليداً أو مباهاةً فلعله لا ينال من هذا شيئاً.. (الناكح يريد العفاف، والمكاتب يريد الأداء) والمكاتب هو العبد الذي اشترى نفسه من سيده على نجوم منجمة، على أقساطٍ يدفعها دورية حتى يتم عتقه ووفاء كامل قيمته.. والثالث: (والمجاهد في سبيل الله).

إننا نقول للشباب: أقدموا على الزواج ولا تترددوا، ودعوكم من أولئك الذين قد أدخلوا في أذهان بعضكم أو أذهان غيركم أن الزواج لا بد أن يؤمن له بيتاً أو فلة وسيارة ووظيفة، ولا بد من دخل ومرتب.. من الذي يرزقه؟ أوظيفةٌ هي التي ترزقك؟ أسيارة هي التي ترزقك؟ أشهادة هي التي ترزقك؟ إن لم تقطع بأن الرازق هو الله: إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ [الذاريات:58] فإنما عند الناس منقطعٌ مكدرٌ بالمنِّ والأذى، فمن تعلق بحال الناس تعلق بنقصٍ وضعف ومنقصة.

فيا أخا الإسلام.. يا شباب الإسلام.. أقبلوا على الزواج ولا تترددوا لتلك الأفكار والشبهات والأباطيل والأقاويل التي نُثرت وسُلطت علينا حرب شعواء، وأُرسلت إلينا سموم وسهام صارخة، سواء في آدابنا أو أخلاقنا، عبر تلك التمثيليات، وعبر تلك المسلسلات التي أقنعت الشباب أن لا زواج إلا بعد الحب.. لا زواج إلا بعد العلاقات.. لا زواج إلا بعد الانسجام الطويل والتعارف المتبادل، وتوافق الآراء والأذواق، وتوافق في الألوان والأمزجة، كل ذلك مما استورده مجتمع المسلمين من الغربيين، أو مما صدَّره الغربيون إلى المسلمين.

أقبل، وكم من رجل تزوج فتاة لدينها -وسيأتي الحديث عن هذا- فكان بينهما من السعادة أضعاف أضعاف ما اختلقه ونسجه الواهمون والكاذبون من تلك السعادة التي سرعان ما تضمحل بدعوى حصولها بعد علاقاتٍ طويلة قبل الزواج، فالإسلام حث على هذا، فلا تترددوا، ولا تنكصوا، ولا ترجعوا القهقرى، اجمعوا ما في أيديكم من المال وتسببوا وابذلوا الأسباب، من هنا دين، ومن هنا قرض حسن، ومن هنا معونة، ومن هنا مساعدة، حتى تجمع من المال ما يكون سبباً في إعانتك على الزواج، ثم أقدم على بركة الله.

وإلى الآباء رسالة.. يا من تملكون المال! يا من نمتم على أرصدة قلت أو كثرت! ما غيرت أرصدتكم في لباسكم، وما غيرت في طعامكم، وما غيرت في مراكبكم ومشاربكم، ولكنها زادت أرقاماً في حساباتكم في البنوك، أفلا تزعزعون الرقم قليلاً، وتسحبون منه شيئاً يسيراً فيكون عوناً لأبنائكم أو أقاربكم أو ذوي رحمكم في الزواج؟

إنَّا لنعجب أن يأتي شابٌ يطلب المعونة في زواجه وأنت تعرف أن له عماً ثرياً، وخالاً غنياً، وقريباً ممليراً، فما الذي رد قريبه أو ذا رحمه أن يعينه على زواجه؟

فأعينوا وتعاونوا، وما أجمل عادةٍ طيبة وجدت عند بعض الأسر والعوائل؛ أن الشاب إذا أقدم على الزواج قام كبار العائلة ومن لهم دخول طيبة بمعونته، هذا بالخمسة آلاف، وهذا بالألف، وهذا بالخمسمائة، فإن ذلك أمر يعين الشباب على الزواج، خاصةً من تقدم للزواج في المرة الأولى ولا يزال شاباً، ثقوا -والله- أنه ما أراد الزواج إلا يريد أن يغض بصره، وليحصن فرجه، ولو ابتغى الحرام الذي تنوعت وسائله، وتعددت طرقه، وتيسرت أبوابه في هذا العصر وفي مجتمعاتٍ عدة؛ لاستطاع أن يحصل الحرام بأدنى التكاليف، وإنها لمحنةٌ عظيمة أن يكون الحرام رخيصاً ميسوراً والحلال صعب المنال، فحاربوا الحرام بإعانة الشباب على الحلال.

المسألة الثانية: إذا يسر الله لك، وقررت وقطعت العزم على الزواج، فلا تضرب كل بابِ.

أكل امرئٍ تحسبين امرأً     ونارٍ توقد بالليل نارا

أتظن كل ذات خدرٍ تصلح لك؟

لا. (الناس كإبل مائة لا تكاد تجد فيها راحلة) إن حافلات المدارس تنقل في الصباح مئات الآلاف من البنات، ولكن الذي يرغب في الزواج يبحث مراتٍ ومراتٍ وعشرات وكرات ولا يجد من تناسبه، إن كان لا يجد من تناسبه في دينٍ وعفةٍ وحشمةٍ فذلك أمر ينبغي أن يتثبت، وأن يزيد البحث حتى يجد المناسبة والموافقة بإذن الله.

أما أولئك الذين لا يجدون من هذه الحافلات والناقلات ما يناسبهم؛ لأنه رأى ممثلةً فرسم في مخيلته أن تكون عروسه مثل هذه الممثلة في نعومة شعرها، وخدها الأسيل، وجسمها الطويل، وجيدها وحركاتها وسكناتها، فإن ذلك قصدٌ وابتعادٌ إلى غير ما شرع الله جل وعلا.

إنما شرع الله لك الزواج لإعفاف نفسك، أنت لم تتزوج لتكون الزوجة راقصة، أو لتكون الزوجة عارضة أزياء، أو لكي تباهي بزوجتك الغادين والرائحين في حفلات الأعراس، وإنما تزوجت لك أنت وليس لغيرك، فاعلم هذا ابتداءً وأولاً.

إن بعض الشباب في بحثه يشترط أن تكون جميلة، بغض النظر عن دينها واستقامتها وتاريخها أبداً، وهذا ضلالٌ بعيد، قال جل وعلا: وَلا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ وَلَأَمَةٌ مُؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكَةٍ وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْ [البقرة:221] لو أعجبتكم المشركة بجمالها، لو أعجبتكم بصفاتها، لو أعجبتكم بما فيها من المواصفات فإن أمَةً قينة تباع وتشرى لكنها مؤمنة خيرٌ من مشركة، وهذا شيء واضح، فذرةٌ من الحلال تعدل أو تميل وترجح بملء الدنيا من الحرام، فاعلموا هذا علماً يقيناً.

إذاً: الاختيار لابد أن يكون لذات الدين.. إن الدين -أيها الأحبة- يحقق كل شيءٍ بإذن الله، أما المواصفات الأخرى التي أغرق الشباب في البحث عنها.. نحن لا نقول للشباب: ابحثوا عن قبيحةٍ أو مشوهة أو .. إلى غير ذلك، وإن الإسلام حث على هذا. لا والله، وإنما نقول: لا تجعلوا الجمال مقصداً أولاً وآخراً في ابتغاء النكاح، ولأجل ذلك ترى عدداً من الشباب يقدرون على الزواج ولكن قد وضع في مخيلته تلك الصورة فما وجدها، ولن يجدها، ولست أدري هل يموت متزوجاً أو يموت أيماً أعزباً!!

قال صلى الله عليه وسلم: (تنكح المرأة لأربع: لمالها، ولجمالها، ولدينها، ولحسبها ونسبها، فاظفر بذات الدين تربت يداك) ما ينفعك جمال جميلةٍ إذا التفتت ظننت بها السوء، وشككت في التفاتتها.. ما ينفعك جمال جميلة إذا اتصلت على بيتك ظننت بها السوء في طول مكالمة الهاتف.. ما ينفعك جمال جميلة وأنت لا تأمنها إذا خرجت يميناً أو يساراً مع قريباتها أو في بعض المناسبات، إن هذا الجمال يعود حسرةً على صاحبه، ولذلك جاء في الأثر: (إياكم وخضراء الدمن، قالوا: وما خضراء الدمن يا رسول الله؟ قال: المرأة الحسناء في المنبت السوء) وجاء أيضاً: (لا تنكحوا النساء لجمالهن؛ فعسى جمالهن أن يرديهن أو يطغيهن، ولا تنكحوهن لأموالهن؛ فعسى أموالهن أن تطغيهن، ولكن تزوجوهن على الدين، ولأمة مؤمنة ذات دين أفضل).

التعرف أمر مطلوب، والله ما يضيرك لو نقصت مواصفات الجمال درجات، لكن اكتملت مواصفات الدين.. العفة، الحياء، الحشمة، غض البصر، عدم الخضوع بالقول، عدم الجرأة على الرجال، عدم الإقدام على المحرمات، كل هذه الصفات الواحدة منها تعدل مئات المقاييس من الجمال.

فيا شباب الإسلام.. أقبلوا على الزواج، واجعلوا الدين هدفاً، ومن جعل الدين غايته يسر الله له كل غايةٍ بعدها.. (من أصبح وهمه الآخرة تكفل الله برزقه، وأتته الدنيا راغمة، وجمع الله له ضيعته).

فإذا اخترت ذات دين يسر الله لك أمرها والسبيل إليها، فلا حرج في أن تتعرف عليها.. وكيف يكون التعرف؟ أعلى طريقة الأفلام والمسلسلات؟ مكالمات لا تنقضي ليلاً ونهاراً؟ أم على طريقة المراسلات والمغازلات؟ رسائل تحوي ألواناً فاضحة من العبارات.. كيف يكون التعرف؟

إن التعرف بالرؤية إلى هذه المخطوبة، أن تستأذن وليها في أن يمكنك من النظر إليها وهي غافلة لا تدري في بيتها مثلاً، ولا حرج لو دخلت على من أراد خطبتها أو أراد الزواج بها بشيءٍ من الماء أو الطيب، ثم سلمت وقدمته وخرجت، فرأت خاطبها ورأى من خطبها؛ لأننا في هذا يهمنا -وخاصةً في هذا الزمن- أن نعرف رأي الفتاة بالزوج كما نعرف رأي الخاطب بالفتاة، ولا يلزم من كون الشاب قد أعجب بالفتاة أن تكون الفتاة قد رضيت به واطمأنت إليه، فكان تمكين الناس الخاطبين وتمكين بناتهم من هذا الأمر فيه خيرٌ عظيم، ولن يضير لو رآها ثم قال: ما دخلت قلبي أو ما تيسر لي ذلك..

إن بعض الناس إذا قيل له: فلان يريد أن يرى مخطوبته التي خطب منكم، قال: وهل عندنا كتلوج للعرض والأزياء؟ هل عندنا معرض نقدمه حتى يرضى؟! إن قبل بها وإلا فعساه لا يرضى أبداً! وليس هذا من العقل أبداً، فلا بد أن تراه ولا بد أن يراها إذا تيسر ذلك، ويصح الزواج بدون ذلك، وكم من زيجة سعد أبناؤها والزوج والزوجة فيها ولم يحصل فيها رؤية، ولكننا في هذا الوقت تحاشياً لوصف الأمهات، وتحاشياً لوصف الأخوات والقريبات للزوج أو للخاطب، أو في المبالغة في نقل الصورة نقول: لعلك أن تراها ولعلها أن تراك لحظةً واحدة، ثم بعد ذلك إذا كتب الله الوفاق بادروا بعقد النكاح، ومن ثم تيسير الزواج.

قال جابر رضي الله عنه: (خطبت جاريةً من الأنصار فقال صلى الله عليه وسلم: هلا نظرت إليها فإنه أحرى أن يؤدم بينكما، قال جابر : فكنت أتخبأ لها حتى رأيت منها ما دعاني إلى نكاحها) فلا حرج أن ينظر الخاطب إلى مخطوبته، فإن هذا كما قال صلى الله عليه وسلم: ( أحرى أن يؤدم بينكما ) أن توجد الألفة والمحبة والمودة.

فإذا حصلت الرؤية واطمأن الخاطب إلى مخطوبته والمخطوبة إلى خاطبها، بدأنا في المسألة الخطرة التي هي قضية القضايا عند الأسر والمجتمعات، ألا وهي المهر.. المهر عجائبٌ من القصص وغرائبٌ من الحكايات نسمعها في مجتمعات يربون البنات للبيع، وينشئونهن للتجارة وكأنهن سلع، وإذا قدم الخاطب بعد مشوارٍ طويل بما يسر الله له من المال رمي مهره في وجهه، وقيل: قد بذل لنا فيها كذا وكذا فرفضنا، فتأتي أنت لتبذل أقل من هذا!

إن أعظم النساء بركة أيسرهن مئونة ومهراً، وإن المغالاة في المهور ربما كان عند حدوث شجارٍ أو شقاق بين الزوجين سببٌ في الانتقام، وسببٌ في التشفي من الفتاة وأهلها وأبيها الذي ما مكن الزوج إلا بعد أن كسر ظهره، وأثقل كاهله، وأذل عينه وجبينه بالاقتراض والتسلف من هنا وهنا، حتى جمع أموالاً فقدمها في سبيل حصوله ودخوله على زوجته.

جاء إلى هذا المسجد شابٌ ذات يوم، ومن المؤسف أنه من البادية، وإننا نخص البادية بالخطاب ونعمُّ غيرهم، إذ إننا نسمع عند بعض البوادي والقبائل مغالاةً في المهور ما أنزل الله بها من سلطان، حتى ولو ادعوا أنهم نزلوا في الجرائد إعلانات، أو اتفق بعضهم على أنهم لا يقبلون مهوراً أكثر من عشرين أو ثلاثين ألفاً، إلا أن بعض الأفراد ولا نلوم كبار القوم إنما نلوم بعض الأفراد الذين إذا كانوا في المجالس قالوا: نحن قد قرر المهر عندنا كذا وكذا من يسير المهر وقليله، فإذا تقدم أحد إلى ابنته طلب ما طلب، والعجيب أنهم يكتبون في عقود النكاح ثلاثين ألفاً، ولكن ما جاء خلف الأوراق أضعاف ذلك!! إنها خدعة وحيلة والذي يتأذى بها هو الزوج في نهاية الأمر وخاتمة المطاف.

إن تيسير المهر أمر مهم أيها الأحبة!، ونحن لو فكرنا بعقلٍ ونظر العاقل الذي عنده عدد من البنيات، والله لو أبقيت بناتك عندك لما زادك ذلك إلا ألماً وحسرة.. تزوجت البنات إلا بناتك! أنجب البنات ذريات إلا بناتك! سعد البنات إلا بناتك! فلماذا حرمتهن هذا؟! لو تأملت بعقل وفكر لوجدت أن من واجبك أن تسعى أنت، وأن تقلب وتفتش وتشتغل شغلاً، أو أن تعمل عمل الباحث المراقب المتابع لشابٍ تختاره لابنتك، ولو كان فقيراً أو معدماً، من أجل أن تهدي إلى ابنتك زوجاً صالحاً.. إنك يوم أن تختار لابنتك زوجاً صالحاً أسعدتها -بإذن الله- منذ أن زوجتها إلى أن تموت، وأسعدت ذريتها أيضاً بإذن الله، ولكن ما ينفع ابنتك أموال تعطيها، ونفقات تنفقها على اللباس والطيب والشراب والترفيه والفسح والجولات والزيارات، ولكنك رميت بها رمي الثوب الخلق في حضن شابٍ لم تعرف تاريخه، ولم تنقب عن ملف وسجل حياته.

لأجل ذلك نعود إلى هذه المسألة فنقول: ابحث، فإذا وجدت شاباً صالحاً مستقيماً فقل له: إن عندي بنية صالحة أتريد أن أزوجكها؟ وإن شئت فأرسل له رجلاً تثق فيه، وقل له: اذهب إلى فلان وقل له: لماذا لا تتزوج؟ فإن قال: إنني راغب، فأخبرني لعلي أعينه وأجمع له من المال ما يقدمه إليَّ، ويعود الخير إلى بيته وابنته مرة أخرى.

وإني أثني وأشكر وأذكر بالجميل والدعاء أفعالاً كهذه حصلت من رجال بحثوا عن شبابٍ، فأرسلوا إليهم أناساً آخرين وقالوا لهم: تعالوا، ألا ترغبون في النكاح؟ قالوا: بلى، ولكنا لا نجد مالاً. فدلوهم إلى من أرسلهم أصلاً وأعانهم أبو الفتاة بالمهر عن طريق ذلك الوسيط، فكانت عيشة السعادة، وذرية السعادة، وحياة السعادة، أما أولئك الذين باعوا واشتروا في بناتهم بمئات الآلاف، فواحدة طُلقت بعد شهر، وواحدة طُلقت بعد ولدين وثلاثة، وواحدة تعيش، وواحدةٌ .. وواحدة .. وحدِّث عن مشاكل النساء عند الأزواج، وكما قال صلى الله عليه وسلم: (فاتقوا الله في النساء فإنهن عوان عندكم) أي: أسيرات.

أيها الأحبة: هل لا يصح النكاح إلا بغرفة نومٍ بثلاثين ألفاً؟!!

هل لا يصح النكاح إلا بقصر أفراح بعشرين ألفاً؟!

هل لا يصح النكاح إلا بخرافٍ تذبح وتنحر على موائد لم يؤكل إلا على أطراف الأصابع منها ثم يترك الباقي للزبالات والنفايات والأتربة والشوارع، وأماكن القمامة؟!

هل لا يصح النكاح إلا بألوانٍ طويلة عريضة من الذهب والمجوهرات؟

جاء رجلٌ إلى النبي صلى الله عليه وسلم يريد الزواج، فقال الرجل: ليس عندي مالاً، فقال: (التمس ولو خاتماً من حديد، قال: لا أجده، فقال: أتحفظ سورة كذا؟ قال: نعم. قال: زوجتكها بما معك من القرآن)، هل يوجد رجلٌ يجعل حفظ كتاب الله مهر ابنته؟! هل يوجد رجلٌ يجعل حفظ صحيح البخاري مهر ابنته، أو صحيح مسلم مهر ابنته؟! قل وندر هذا في هذا الزمان.

فيا أحبابنا.. زوجوا بناتكم، وأعينوا على زواجهن، وأعينوهن فإن الفقير في الغالب أخرق، أي: لا يحسن التدبير والتصرف، فإذا رأيت شاباً تقدَّم لابنتك فقيراً فاجعله ولداً وابناً من أبنائك، وانصحه وقل: يا بني! لا حاجة، فإنا نعرف حقيقة ما عندك من المال، ولسنا الذين سنحكم عليك بقصر أفراح أو بموائد طويلة.

إني لأعجب وألوم وأعاتب بعض الشباب الذين يتسولون في جمع المهر البالغ في رقمه وقيمته، ثم بعد ذلك يقيمون وليمة طويلة عريضة في قصر أفراح بأجرة بالغة!! أين حاجتك؟ أين تجوالك؟ أين دورانك؟ أين خطاباتك وأوراقك؟ ألم تكن بالأمس تجمع مهرك بالخمسة آلاف والألف والألفين حتى جمعت هذا المهر الذي أثقل به كاهلك، ثم بعد ذلك تستأجر صالة بخمسة عشر ألفاً أو بعشرة آلاف، ثم تذبح وتنحر عشرين ذبيحة، ثم تفعل وترسل، أهذا من العقل؟! والله -أيها الأحبة- إذا وجد الصالح الصادق في ابتغاء النكاح، الذي يريد بنكاحه العفاف والذرية الصالحة، ووجد الولي الصالح، فإن عشرة آلاف أو عشرين ألفاً تكفيهم بإذن الله جل وعلا.. بيتٌ متواضع -وليس من شرط صحة النكاح أن تكون السكنى في قصر منيف- ولباس ميسر، ووليمة (أولم ولو بشاة) ثم بعد ذلك تتم هذه الحياة الزوجية.

أما أن يجمع الشاب أموالاً، فإذا تزوج وتفرق الضيوف وعاد إلى بيته وبعد ليلة زفافه جلس مكباً مطرقاً رأسه بين رجليه يتفكر كيف يسدد ديونه، وكيف يهرب من الغارمين، وكيف يخدع من طلبوا منه المال الذي دنا موعد سداده!! ذلك والله جهل بليغ.

فيا أمة الإسلام: أعينوا الشباب على المهور، ساعدوهم وأعطوهم وأقرضوهم وأعطوهم من الزكاة، وأعطوهم من الصدقات، فإن من احتاج إلى المهر جاز دفع الزكاة إليه بما يكفي لتزويجه، اعلموا هذا جيداً، فأعينوا شبابنا على هذا، فإذا فتحنا لهم أبواب الحلال أغلقنا دونهم أبواب الحرام التي تنوعت وتسهلت وتيسرت في هذا الزمان.

بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم، أقول ما تسمعون، وأستغفر الله لي ولكم فاستغفروه من كل ذنبٍ إنه هو الغفور الرحيم.