من يسدد الهدف؟


الحلقة مفرغة

إن الحمد لله؛ نحمده ونستعينه ونستغفره ونستهديه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسله صلى الله عليه وسلم عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً إلى يوم الدين.

أيها الأحبة: إذا مر ذكر اسم النبي صلى الله عليه وسلم فصلوا وسلموا عليه، قولوا: اللهم صل وسلم على نبينا محمد؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من صلى عليّ صلاة واحدةً صلى الله عليه بها عشراً) اللهم صل وسلم وزد وبارك على نبيك محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

أيها الأحبة في الله: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

يسرني في هذا اللقاء الذي تجدد بعد لقاء سابق، وكان من الرجاء والدعاء والتوسل إلى الله عز وجل أن يجعله الله نافعاً طيباً ينفع الله به قلوب الشباب، وينفع به المتكلم أيضاً، يسرني أن يتجدد هذا اللقاء مع شبيبة مسلمة مؤمنة لا نزال نرجو فيها خيراً كثيراً، ولا نزال أيضاً نخشى عليها شراً كثيراً.

أيها الأحبة: ما نرجوه منكم بقدر ما نخشاه عليكم، وبقدر ما نخشاه من بعض الشباب على أنفسهم وعلى مجتمعاتهم، فنحن أمام أصناف من الشباب: شاب نرجوه أن يقدم شيئاً للإسلام والمسلمين، لنفسه ولأسرته ولمجتمعه ولأمته. نخشى عليه شراً كثيراً وعدواناً يتقصد به عبر مجالات ووسائل عديدة.

وشاب نخشى منه على نفسه ومجتمعه، ونخشى منه على أمته وأسرته أيضاً شراً كثيراً، فالحديث عن الشباب ذو شجون، وفروعه وأقسامه وأنواعه ومجالاته متعددة.

ولا تعجبوا -أيها الأحبة- فهذه قصاصة من جريدة الرياض، تقول هذه القصاصة: إن خمسين في المائة من السعوديين تقل أعمارهم عن خمسة عشر عاماً، معنى ذلك أننا دولة شباب، نحن دولة فتية، لنا الصولة والجولة القادمة، وواقع الشباب اليوم الذين تتراوح أعمارهم ما بين الخامسة عشرة والعشرين والخامسة والعشرين، بوسعك أن ترى فيهم مستقبل هذا البلد وهذا المجتمع، بعد عشر سنوات أو بعد خمسة عشرة سنة انظر إلى نصف السكان الذين أعمارهم الآن خمس عشرة سنة بعد عشر سنوات سيكون نصف السكان في الثلاثين أو في الخامسة والعشرين، وحينئذٍ تنظر أي بلاد وأي مجتمع أنت تعيش فيه؟ إذا كان هؤلاء الذين هم في الخامسة عشرة إلى الخامسة والعشرين على مستوى من الجد والتحصيل، والمتابعة والاستقامة، والأخلاق الرفيعة والآداب السامية، والعناية بتزكية النفوس، والابتعاد عن مواقع الرذيلة والانحطاط، والسفالة والفساد، نحن ننتظر أن نرى نصف السكان بعد عشر سنوات على هذا المستوى، وإن أصابهم ما أصابهم من الخمول والكسل والدعة، والانحطاط والسفالة فأي جيل يكون بعد عشر سنوات أو خمس عشرة سنة؟ سوف يكون والعياذ بالله وصمة عار في هذا المجتمع، ووصمة عار في جبين هذه الأمة.

إذاً: لا تلومونا إن تحدثنا عن الشباب وأعدنا الكلام عنه، لأن دولتنا ليست دولة عجزة، ولسنا بلاد عجزة، لو كان الواحد في بلجيكا في بروكسل فتلك الدولة دولة عجزة، أغلب أعمار الناس فيها ما بين الخمسين إلى السبعين والسكان الشباب قلة، ولذلك اضطرت تلك الدولة الأوروبية أن تجنس المغاربة والتونسيين والجزائريين، وتعطيهم الجنسيات؛ من أجل الإكثار من الشباب، أي أمة لا تفتخر أن عندها مليون عجوز، ولا تفتخر أن عندها ملايين من العجزة، إلا نحن نفتخر بالعجائز ونفتخر بالشيوخ الذين عندنا؛ لأنهم هم الركع السجود، لأنهم الصائمون القائمون، لأنهم أهل التوحيد والإيمان، لكن ما سوانا من الدول الغير مسلمة، لا يهمها ولا تحرص ولا تتمنى بل يؤذيها ويقض مضجعها أن يكون أغلب السكان فيها من العجائز والشيوخ؛ لأن العجائز والشيوخ، لا يدخلون في الحروب ولا يسعفون في الكوارث، ولا يستطيعون أن يحسنوا التصرف في أمور الأعاصير والهزات الأرضية. فالأمم تحتاج إلى شباب.

أيها الإخوة: بقدر ما تكون الغالبية العظمى من أعمار الأمة من الشباب يقال: هذه دولة مقبلة، هذه دولة شابة، هذه بلاد فتية، فنحن وإياكم في بلاد فتية، وفي بلاد قادمة وفي بلاد ننتظر لها الصولة والجولة بإذن الله عز وجل، لكن يحكم هذا كله عناصر عديدة من أهمها: هؤلاء الشباب الذين نتحدث عنهم بأي وضع وبأي حياة يعيشون ويتقلبون؟

أقرأ عليكم هذه القصاصة من الرياض واس، تعرفون ما معنى واس؟ وكالة الأبناء السعودية، اتضح لوزارة الصحة لدى وضعها الخطط الصحية اللازمة؛ من أجل بناء مجتمع صحي وسليم، أن (50%) من عدد السكان في المملكة العربية السعودية، تقل أعمارهم عن الخمسة عشر عاماً، أي: أنتم لستم داخلين في هذا العدد، وأن نسبة الإناث اللواتي هن في سن الإنجاب تبلغ (20%) من عدد النساء، وعلمت وكالة الأنباء من معالي وزير الصحة، الدكتور أسامة عبد المجيد شبكشي، أن خطط الوزارة المرسومة التي تستهدف توفير الخدمات الصحية بشقيها الوقائي والعلاجي لجميع المواطنين، راعت هذه الحقائق، إضافة إلى اهتمام خطط الوزارة بالتوزيع السكاني بجميع مناطق المنطقة، بجميع محافظاتها ومدنها وقراها.

والذي يهمنا في هذا أننا علمنا أن عدد السكان في هذه البلاد نصفهم أقل من الخمسة عشر عاماً، والنصف الثاني وهي شريحة من المجتمع ليست قليلة وهم أنتم الذين ما فوق الخمسة عشر إلى العشرين إلى الخامسة والعشرين إلى الثلاثين وهذا هو محك البحث، وهذه هي قضية النقاش والتي نطرحها هذا اليوم.

أيها الأحبة: كل أمة رجالها وشبابها يسددون أهدافاً في حياتهم، ولا أظن عاقلاً يمضي في عمل معين إلا وهو يريد أن يسدد هدفاً.

بل حتى الذين يلعبون والذين يعبثون، يقولون: إنهم يسددون أهدافاً، هذا الذي ينظر ميدان وملعب الرياضة، تجده لا بد أن يكون عالماً وعارفاً ما هو الباب الذي يدافع عنه، وما هو الباب الذي يسدد الأهداف إليه، وإذا كان لا يعرف ما هو الباب الذي يسدد الأهداف إليه، وما هو الباب الذي يذود الأهداف عنه، أو يبعد الضربات عنه، فيسمى مجنوناً غبياً لا يصلح أن يكون لاعباً في ميدان الرياضة، هذا في عرف الرياضة، كذلك الذين يعملون في أي مجال آخر، سواء كان مجالاً فنياً أو تقنياً أو عسكرياً، أو أمنياً أو إدارياً أو تعليمياً أو إعلامياً، لا بد أن تحدد هدفاً معيناً، لأن الذي يسير بلا هدف يحدده، ولا غاية يقصدها، ذلك هو المجنون لا محالة؛ لأن العاقل هو الذي يعرف ماذا يفعل، أما المجنون يمشي خطوة أمام وخطوتين وراء، وخطوتين يسار وخطوة يمين، كأنه يرقص ديسكو أو يرقص رقصات عجيبة جداً، فتقول له ما هذا الذي عندك؟ ما هذه الحركات التي تفعلها؟ يقول لك: لا أدري، لكن الذي يعقل يمشي خطوات متتابعة مهما طالت، يتوقف وقفات طويلة، لماذا أنت متوقف يقول: لي هدف من هذا الوقوف، يجلس جلسات معينة، ما الذي أجلسك طيلة هذا الوقت؟ يقول: أنا أعرف لماذا جلست، فالفرق بين العاقل وبين المجنون، والفرق بين العاقل والجاهل، أن العاقل هو الذي يحدد الغاية ويحدد الهدف والمقصد والنية من جميع تصرفاته، فاسألوا أنفسكم يا معاشر العقلاء، لا أظن بل من المستحيل أن يوجد في هذا المعهد شاب مجنون، بل الكل عقلاء ولله الحمد والمنة، وإلا لو كان من بين الحاضرين مجنون لما قبل في هذا المعهد الذي يحتاج إلى قدرات عقلية واستيعابية كبيرة، ويحتاج أن يعرف تمام المعرفة لماذا يوضع هذا هنا، ولماذا يبعد هذا من هنا، وكيف يوضع هذا في هذا المكان، وكيف تصلح هذه الآلة وكيف يستفاد من هذه القطعة، هذه العمليات تحتاج إلى عقلية دقيقة، وتحتاج إلى فهم كبير.

ومن هنا أود أن أقول لكم يا معاشر الإخوة! لا تظنوا أن العقلاء هم الأطباء الذين يجرون العمليات الجراحية، ربما الطبيب لو وقف ليدرس الدراسة التي تدرسها ربما كان من الفاشلين، وربما لو جيء بمهندس يخطط أو يعد أو يصمم أطول العمائر وقيل له تعال ادرس هذه الدراسة -التي أنت أفلحت فيها- ربما لا يجيدها، فلا نظن أن العقل والذكاء والقدرة والإنتاج محصور في شهادات الأطباء أو محصور في شهادات المهندسين، أو محصور في شهادات مبرمج الكمبيوتر فقط؟ لا.

حتى الأعمال الدقيقة المهنية، والأعمال الفنية، لكلٍ فيها جهد وعقل وفهم وذكاء ودور، وأكبر دليل على ذلك أنك تستطيع أن تمر على مائة ورشة أو مائة مكان لإعداد الآلات وغيرها، فتقول هذا أفضل من هذا، وهذا أفضل من هذا؛ لأن هذا قد أعطى مزيداً من العقل والفهم والتركيز على ما درس وعلى ما يعمل عليه من الآلات، وعلى ما يصلحه وينتجه، فكان أفضل بكثير من هذا الذي لم يعط هذا الجهد كله، أو يستوعب هذا الجهد كله، وهذا فرق واضح؛ ولذلك بعض الشباب تقول له -مثلاً- في اجتماع من اجتماعات التعارف، يا أخي الكريم! ما الاسم الكريم؟ يقول: فلان بن فلان وينـزل رأسه، تقول له: لماذا لا تكمل؟ قل: اسمي فلان بن فلان، أدرس في معهد التدريب الفني والمهني، أو في المعهد المهني، وهذا ليس بعيب؛ لأن هذا المعهد الذي تدرس فيه يتطلب قدرات عقلية وفنية ربما لا يستطعها هذه الطبيب الذي أنت تذهب إليه يعالجك، ولا يستطيعها الذي يصلح أشياء أخرى في أجهزة الكمبيوتر الدقيقة.

إذاً: فلنعلم جميعاً أننا معاشر الشباب على درجة عالية من العقل والفهم فلا نحتقر أنفسنا، وتجد بعض الشباب يقول: أغلقت في وجهي كل مجالات الحياة لم أجد أملاً أو مجالاً إلا أن أتجه إلى المعهد المهني، لا تجعل هذا التصور في ذهنك، بل اجعل التصور الذي يلزم أن يبقى في ذهنك أن لك موهبة، ولديك طاقة، وعندك ميولاً، كما أن غيرك له ميول في الطب، وهذا له ميول في الكمبيوتر، وهذا له ميول في الهندسة، أنت لك ميول في أعمال مهنية، سواء كانت سمكرة، أو هندسة، سواء كانت مكنيكا أو نجارة أو لحام أو تربيط أو غير ذلك. والمهم أن تعرف أن هذا العقل ليس برخيص، ولا تسمح لأحد أن ينظر إليك بعقلك نظرة الدون، ووالله -يا إخوان- لو جاء أحد يكلمكم بطريقة يحتقر فيها عقولكم فإن أول من يحتقر أنتم، ولو جاء أحد يكلمكم بطريقة يحتقر فيها اهتماماتكم كان أول من يحتقر أنتم، وإذا جاء أحد يقول لكم: إن هذه العقول كما خلقها الله عز وجل وأودع فيها من دقائق الخلق وأسرار التكوين ما يجعلها ذكية فاهمة، لوجدت أن هذا فعلاً هذا هو الذي يخاطبك بحق.

العقل مناط التكليف

إذاً: العقل مناط التكليف، فلا تظنن أن الإنسان يكلف أو يشرف بطول جسمه، أو بلون بشرته، أو بنوع شهادته، إنما يكلف بعقله، فإذا وجد العقل حينئذٍ يوجد التكليف والخطاب الشرعي والحلال والحرام، والأمر والنهي، والذي يجوز والذي لا يجوز، وقبل أسابيع بسيطة وأيام معدودة كنا في زيارة لإخوانكم الشباب في معهد الأمل للصم والبكم، مجموعة شباب في معهد الأمل للصم والبكم، حقيقة أحسن شيء في ذلك المجتمع أنه لا يوجد فيه ضجة، ذاك المجتمع ليس فيه ضجة إطلاقاً، نعم هم في معركة كلامية، هذا يتكلم وهذا يعطيك حركات معينة، وعندهم إشارات معينة هي لغة التعامل، فقال لي أحد الأصدقاء جزاه الله خيراً وهو عبد الرحمن الفهيد ، وهذا الشاب مثلي مثلكم يتكلم ويسمع وينطق ولكنه يفهم لغة الصم والبكم أكثر من الصم أنفسهم، يفهم لغة الصم والبكم أكثر من الصم والبكم أنفسهم لأن له ستة إخوة من الصم والبكم هم إن شاء الله من المهتدين؛ فتعامله معهم أورثه تعلماً للغتهم، والعجيب أن لهم دقائق لا تتوقعها، والصم هؤلاء لهم حركات بعيدة، ولهم دقائق في الإشارات، أذكر أن واحداً منهم دعاني إلى حفل زواج، فيقول لي: أنت، فسألت الرجل: ما معناه؟ قال: هذه باللغة العامية، حتى الحركات نوعان، حركات عامية، مثلما نتحدث بالكلام العامي، وحركات فصيحة مثلما نتكلم باللغة الفصحى.

قال: هذه باللغة العامية عند الصم، يعني: زواج، أي: أدعوك أنك تحضر الزواج، قلت: إذاً: ما هي اللغة الفصحى عندهم؟ قال: اللغة الفصحى عندهم (إشارات).

ومن الدعابة التي حصلت ونحن في الزواج.

أنني لما حضرت الزواج قابلت أحد الشباب منهم، والحفل لا يوجد فيه أحد يسمع، لكن عندهم سواليف وهذا يتكلم مع هذا، وهذا يتكلم مع مجموعة إلى آخره، فلقيت واحداً منهم أعرفه فقلت له: أنت متى الزواج؟ فقال الذي معي للأبكم بإشارة كذا تحت سيارة، وهي تعني: الزواج، فالشاهد الذي أريد أن أصل إليه أن هؤلاء الصم والبكم بمنّ الله وفضله، فيهم استقامة وصحوة وفيهم غيرة على الدين، ويعتمرون سوياً، ويحجون سوياً، فكان الحديث الذي بيني وبينهم، قلت يا شباب: لا تتوقعون دائماً أن يأتي الشيخ علي العثمان وإلا فلان الفلاني، وإلا الشيخ صالح الحمودي أو أحد المشايخ دائماً يلقي عليكم محاضرة. بل نريد أن يأتي اليوم الذي يكون واحد منك يقف على منصة المتحدث ومنصة الكلام وهو يلقي محاضرة بالإشارات ويترجمها عبد الرحمن لنا بالكلام؛ لأن الكلام هو نتيجة فكر، الأفكار التي تدور في رأسك تحولها إلى كلمات وتخاطب بها الشخص الذي أمامك، فكذلك نحن نتكلم ونسمع وعندنا أفكار، كذلك الصم والبكم عندهم أفكار وعندهم عقول.

فيا أيها الصم! يا أيها البكم من الشباب: تعالوا وأعطونا ما يدور في رءوسكم من أفكار، حولوها باللغة الدارجة عندكم إلى إشارات يترجمها إلينا المترجم بالكلمات، ولا تظنوا لأنكم صم وبكم لا يمكن أن تخاطبوا بالصلاة والصيام والحج والجهاد والعبادة وعمل الخير، لا. بل منهم من ذهب وجاهد في سبيل الله، ومنهم من هو نشيط في الدعوة الله سبحانه وتعالى في صفوف إخوانه الصم، تعرفون كيف يطبقون أساليب الدعوة وينشطون إلى الله سبحانه تعالى؟

يأتون إلى محاضرة مسجلة في شريط كاسيت ويسلطون الكاميرا على المتكلم، فجزى الله خيراً الذي يقوم بهذه العملية ومنهم: الأخ عبد الرحمن، يسمع المحاضرة للشيخ الحماد وسم ما شئت من المشايخ والدعاة، والشيخ ابن باز والشيخ ابن عثيمين، وغيرهم، فيسمع الكلمات ويحول كلمات المشايخ إلى إشارات، والكاميرا تلتقط صورته، ثم يحول هذا الشريط بالكامل من كلمات إلى إشارات مسجلة على شريط فيديو، والآن ولله الحمد والمنّة، وزعوا آلاف الأشرطة على الصم والبكم في الكويت، وقطر، والبحرين، والإمارات، وهذه العاهة تذكرنا وإياكم بنعمة الله علينا في السمع والبصر.

أيها الأحبة: الشاهد الذي أريد أن أقوله أن النقطة الجزئية التي تجعلنا نخاطبكم وتجعلكم تخاطبوننا ونتخاطب جميعاً هي قضية العقل، فمع وجود العقل سوف نتحدث معك، ونناقشك، ونقنعك أو تقنعنا، وسوف نتحاور معك، ويكون بيننا وبينكم الجدال الطويل حتى يمن الله علينا وعليك بالهداية، أما إذا لم يوجد العقل فكلكم يعرف الحديث: (رفع القلم عن ثلاثة: عن المجنون حتى يعقل، والنائم حتى يفيق، والصغير حتى يبلغ).

أيها الأحبة: نحن نتخاطب مع العقول وهذه العقول من يحترم عقله يحترم الخطاب ويحترم الكلام، ويتفاعل، والذي لا يحترم عقله، هو الذي يقول: أنا لا أفهم ما تقول وليس لدي استعاد أن أفهم ما تقول، ولا أريد أن أفهم ما تتكلم به.

أيها الأحبة: الحياة بدون غاية عبث، وقد تكلمنا عن الغاية آنفاً، والذي يعيش حياة بلا غاية فوجوده كوجود البهائم، حتى وإن كان له قلب فهو قلب لا يفقه به، حتى وإن كان له بصر فبصرٌ لا يبصر به، حتى وإن كان له سمع فسمع لا يسمع به: لَهُمْ قُلُوبٌ لا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لا يَسْمَعُونَ بِهَا [الأعراف:179].

إنهم يرون ولكن لا يرون الحقيقة، إنهم يسمعون ولكن لا يسمعون الحق، إنهم يعقلون ولكن لا يعقلون الإيمان والهدى؛ ولذلك قال الله عز وجل عنهم: أُولَئِكَ كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ [الأعراف:179] انظر كيف يكون الإنسان كالبهيمة إذا استخدم حواسه فيما لا يليق، وجعل القلب في تدبر أمور لا تليق، وجعل اللسان فيما لا يليق، وقديماً قلنا في محاضرة (حاول وأنت الحكم) للذي سمعها منكم أو حضرها: أن الناس يسمون الذي يستخدم الشيء في غير ما وضع له مجنون، ولو أن واحداً منكم في المعهد قال له المدرس: فك الماكينة هذه وغير الزيت، فأتى بالكأس ووضعه تحت الماكينة؛ ليغير فقال له الأستاذ: تغير الزيت بالكأس يا طبل؟ الكأس للماء وليس لتغيير الزيت، فربما إذا تكررت الحركات التي تستخدم فيها شيئاً لغير ما وضع له، تقول هذا مجنون، أو يأتي واحد ماسك الملعقة يقول: باسم الله، اللهم بارك فيما رزقتنا وقنا عذاب النار. وأراد أن يضع الطعام في أنفه أو أذنه، نقول هذا مجنون؛ لأنه يستخدم الجوارح في غير ما خلقت لها، الأنف للشم -واحد من المجانين قال له المدرس لماذا الأذن؟ قال: نعلق عليها النظارات- والأذن للسمع، واللسان للتسبيح والنطق بذكر الله عز وجل، لا للنطق بالأغاني والمحرمات، إن الذي يستخدم هذه الجوارح فيما خلقها الله له، فإنه من أعقل العقلاء، لكن إذا استخدمها في غير ما خلقت له يقال عنه: مجنون.

عندما ترى واحداً يستخدم ما خلق الله عز وجل لغير ما خلق له، فتقول: هذا مجنون، فما بالك بمن استخدم الجوارح كلها، أي: الذي يستخدم جارحة واحدة في غير ما خلق الله، في غير الحكمة التي خلقت يقال عنه: مجنون، ولذلك الذي يقعد يشم الهروين ويشم الكوكايين ويشم الشمة، بماذا نحكم عليه؟

فالذي يستخدم جارحة في غير ما خلقت لها يعد مجنوناً، فما بالك بمن استخدم عقله وسمعه، وبصره ولسانه، ويده ورجله وفرجه، وكل شيء في غير ما شرع الله عز وجل، وفي غير ما خلق له، ذاك هو الجنون الكامل، فحياتنا لابد أن تكون حياة العقلاء، ولن نكون عقلاء إلا إذا تصرفنا فيها بمحض ما يتفق مع الحكمة التي خلقها الله، أو التي خلقنا الله لها.

إن الله خلقنا لحكمة عظيمة فما هي الحكمة التي من أجلها خلقنا؟ عبادته سبحانه وتعالى وهذا سؤال تفهمه جدتي وجدتك، ويفهمه الشايب الكبير الذي لم يدرس، ويفهمه أخوك الصغير الذي لم يدخل الابتدائي بعد، وتفهمونه أنتم والذي في الجامعة.

إذاً: العقل مناط التكليف، فلا تظنن أن الإنسان يكلف أو يشرف بطول جسمه، أو بلون بشرته، أو بنوع شهادته، إنما يكلف بعقله، فإذا وجد العقل حينئذٍ يوجد التكليف والخطاب الشرعي والحلال والحرام، والأمر والنهي، والذي يجوز والذي لا يجوز، وقبل أسابيع بسيطة وأيام معدودة كنا في زيارة لإخوانكم الشباب في معهد الأمل للصم والبكم، مجموعة شباب في معهد الأمل للصم والبكم، حقيقة أحسن شيء في ذلك المجتمع أنه لا يوجد فيه ضجة، ذاك المجتمع ليس فيه ضجة إطلاقاً، نعم هم في معركة كلامية، هذا يتكلم وهذا يعطيك حركات معينة، وعندهم إشارات معينة هي لغة التعامل، فقال لي أحد الأصدقاء جزاه الله خيراً وهو عبد الرحمن الفهيد ، وهذا الشاب مثلي مثلكم يتكلم ويسمع وينطق ولكنه يفهم لغة الصم والبكم أكثر من الصم أنفسهم، يفهم لغة الصم والبكم أكثر من الصم والبكم أنفسهم لأن له ستة إخوة من الصم والبكم هم إن شاء الله من المهتدين؛ فتعامله معهم أورثه تعلماً للغتهم، والعجيب أن لهم دقائق لا تتوقعها، والصم هؤلاء لهم حركات بعيدة، ولهم دقائق في الإشارات، أذكر أن واحداً منهم دعاني إلى حفل زواج، فيقول لي: أنت، فسألت الرجل: ما معناه؟ قال: هذه باللغة العامية، حتى الحركات نوعان، حركات عامية، مثلما نتحدث بالكلام العامي، وحركات فصيحة مثلما نتكلم باللغة الفصحى.

قال: هذه باللغة العامية عند الصم، يعني: زواج، أي: أدعوك أنك تحضر الزواج، قلت: إذاً: ما هي اللغة الفصحى عندهم؟ قال: اللغة الفصحى عندهم (إشارات).

ومن الدعابة التي حصلت ونحن في الزواج.

أنني لما حضرت الزواج قابلت أحد الشباب منهم، والحفل لا يوجد فيه أحد يسمع، لكن عندهم سواليف وهذا يتكلم مع هذا، وهذا يتكلم مع مجموعة إلى آخره، فلقيت واحداً منهم أعرفه فقلت له: أنت متى الزواج؟ فقال الذي معي للأبكم بإشارة كذا تحت سيارة، وهي تعني: الزواج، فالشاهد الذي أريد أن أصل إليه أن هؤلاء الصم والبكم بمنّ الله وفضله، فيهم استقامة وصحوة وفيهم غيرة على الدين، ويعتمرون سوياً، ويحجون سوياً، فكان الحديث الذي بيني وبينهم، قلت يا شباب: لا تتوقعون دائماً أن يأتي الشيخ علي العثمان وإلا فلان الفلاني، وإلا الشيخ صالح الحمودي أو أحد المشايخ دائماً يلقي عليكم محاضرة. بل نريد أن يأتي اليوم الذي يكون واحد منك يقف على منصة المتحدث ومنصة الكلام وهو يلقي محاضرة بالإشارات ويترجمها عبد الرحمن لنا بالكلام؛ لأن الكلام هو نتيجة فكر، الأفكار التي تدور في رأسك تحولها إلى كلمات وتخاطب بها الشخص الذي أمامك، فكذلك نحن نتكلم ونسمع وعندنا أفكار، كذلك الصم والبكم عندهم أفكار وعندهم عقول.

فيا أيها الصم! يا أيها البكم من الشباب: تعالوا وأعطونا ما يدور في رءوسكم من أفكار، حولوها باللغة الدارجة عندكم إلى إشارات يترجمها إلينا المترجم بالكلمات، ولا تظنوا لأنكم صم وبكم لا يمكن أن تخاطبوا بالصلاة والصيام والحج والجهاد والعبادة وعمل الخير، لا. بل منهم من ذهب وجاهد في سبيل الله، ومنهم من هو نشيط في الدعوة الله سبحانه وتعالى في صفوف إخوانه الصم، تعرفون كيف يطبقون أساليب الدعوة وينشطون إلى الله سبحانه تعالى؟

يأتون إلى محاضرة مسجلة في شريط كاسيت ويسلطون الكاميرا على المتكلم، فجزى الله خيراً الذي يقوم بهذه العملية ومنهم: الأخ عبد الرحمن، يسمع المحاضرة للشيخ الحماد وسم ما شئت من المشايخ والدعاة، والشيخ ابن باز والشيخ ابن عثيمين، وغيرهم، فيسمع الكلمات ويحول كلمات المشايخ إلى إشارات، والكاميرا تلتقط صورته، ثم يحول هذا الشريط بالكامل من كلمات إلى إشارات مسجلة على شريط فيديو، والآن ولله الحمد والمنّة، وزعوا آلاف الأشرطة على الصم والبكم في الكويت، وقطر، والبحرين، والإمارات، وهذه العاهة تذكرنا وإياكم بنعمة الله علينا في السمع والبصر.

أيها الأحبة: الشاهد الذي أريد أن أقوله أن النقطة الجزئية التي تجعلنا نخاطبكم وتجعلكم تخاطبوننا ونتخاطب جميعاً هي قضية العقل، فمع وجود العقل سوف نتحدث معك، ونناقشك، ونقنعك أو تقنعنا، وسوف نتحاور معك، ويكون بيننا وبينكم الجدال الطويل حتى يمن الله علينا وعليك بالهداية، أما إذا لم يوجد العقل فكلكم يعرف الحديث: (رفع القلم عن ثلاثة: عن المجنون حتى يعقل، والنائم حتى يفيق، والصغير حتى يبلغ).

أيها الأحبة: نحن نتخاطب مع العقول وهذه العقول من يحترم عقله يحترم الخطاب ويحترم الكلام، ويتفاعل، والذي لا يحترم عقله، هو الذي يقول: أنا لا أفهم ما تقول وليس لدي استعاد أن أفهم ما تقول، ولا أريد أن أفهم ما تتكلم به.

أيها الأحبة: الحياة بدون غاية عبث، وقد تكلمنا عن الغاية آنفاً، والذي يعيش حياة بلا غاية فوجوده كوجود البهائم، حتى وإن كان له قلب فهو قلب لا يفقه به، حتى وإن كان له بصر فبصرٌ لا يبصر به، حتى وإن كان له سمع فسمع لا يسمع به: لَهُمْ قُلُوبٌ لا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لا يَسْمَعُونَ بِهَا [الأعراف:179].

إنهم يرون ولكن لا يرون الحقيقة، إنهم يسمعون ولكن لا يسمعون الحق، إنهم يعقلون ولكن لا يعقلون الإيمان والهدى؛ ولذلك قال الله عز وجل عنهم: أُولَئِكَ كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ [الأعراف:179] انظر كيف يكون الإنسان كالبهيمة إذا استخدم حواسه فيما لا يليق، وجعل القلب في تدبر أمور لا تليق، وجعل اللسان فيما لا يليق، وقديماً قلنا في محاضرة (حاول وأنت الحكم) للذي سمعها منكم أو حضرها: أن الناس يسمون الذي يستخدم الشيء في غير ما وضع له مجنون، ولو أن واحداً منكم في المعهد قال له المدرس: فك الماكينة هذه وغير الزيت، فأتى بالكأس ووضعه تحت الماكينة؛ ليغير فقال له الأستاذ: تغير الزيت بالكأس يا طبل؟ الكأس للماء وليس لتغيير الزيت، فربما إذا تكررت الحركات التي تستخدم فيها شيئاً لغير ما وضع له، تقول هذا مجنون، أو يأتي واحد ماسك الملعقة يقول: باسم الله، اللهم بارك فيما رزقتنا وقنا عذاب النار. وأراد أن يضع الطعام في أنفه أو أذنه، نقول هذا مجنون؛ لأنه يستخدم الجوارح في غير ما خلقت لها، الأنف للشم -واحد من المجانين قال له المدرس لماذا الأذن؟ قال: نعلق عليها النظارات- والأذن للسمع، واللسان للتسبيح والنطق بذكر الله عز وجل، لا للنطق بالأغاني والمحرمات، إن الذي يستخدم هذه الجوارح فيما خلقها الله له، فإنه من أعقل العقلاء، لكن إذا استخدمها في غير ما خلقت له يقال عنه: مجنون.

عندما ترى واحداً يستخدم ما خلق الله عز وجل لغير ما خلق له، فتقول: هذا مجنون، فما بالك بمن استخدم الجوارح كلها، أي: الذي يستخدم جارحة واحدة في غير ما خلق الله، في غير الحكمة التي خلقت يقال عنه: مجنون، ولذلك الذي يقعد يشم الهروين ويشم الكوكايين ويشم الشمة، بماذا نحكم عليه؟

فالذي يستخدم جارحة في غير ما خلقت لها يعد مجنوناً، فما بالك بمن استخدم عقله وسمعه، وبصره ولسانه، ويده ورجله وفرجه، وكل شيء في غير ما شرع الله عز وجل، وفي غير ما خلق له، ذاك هو الجنون الكامل، فحياتنا لابد أن تكون حياة العقلاء، ولن نكون عقلاء إلا إذا تصرفنا فيها بمحض ما يتفق مع الحكمة التي خلقها الله، أو التي خلقنا الله لها.

إن الله خلقنا لحكمة عظيمة فما هي الحكمة التي من أجلها خلقنا؟ عبادته سبحانه وتعالى وهذا سؤال تفهمه جدتي وجدتك، ويفهمه الشايب الكبير الذي لم يدرس، ويفهمه أخوك الصغير الذي لم يدخل الابتدائي بعد، وتفهمونه أنتم والذي في الجامعة.

أيها الإخوة: إن في الغرب أساتذة ودكاترة، وأطباء ومكتشفين ومخترعين، يطورون قنابل نووية ومفاعلات ذرية، بضخامة مسئولياتها.

والمهم أن القضية وما فيها أن هؤلاء الغربيين برغم ما عندهم من اختراعات ومعلومات واكتشافات لو يأتي واحد منكم يسأله، تعال يا دكتور، تعال يا بروفيسور! تعال يا مكتشف يا مخترع! لماذا خلقك الله؟ لا يجد عنده جواباً، ولا يستطيع أن يجيب، ولا يحسن الجواب أبداً.

إذاً: فحياتهم حتى وإن أوجدوا ما أوجدوا كما قال الله تعالى: يَعْلَمُونَ ظَاهِراً مِنَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ عَنِ الْآخِرَةِ هُمْ غَافِلُونَ [الروم:7].

يعلمون ظاهراً من الحياة الدنيا، ظواهر الحياة يتعاملون معها، ويحاولون أن يكتشفوا أسرارها أيضاً، ولكن هم عن الآخرة هم غافلون، لكن أنتم يا معاشر الشباب! حتى وإن كان الواحد ليس لديه مؤهل أو كفاءة إلا سادس ابتدائي هو عندنا يعادل مائة بروفيسور من هؤلاء؛ لأن الله عز وجل قال: وَلَعَبْدٌ مُؤْمِنٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكٍ وَلَوْ أَعْجَبَكُمْ [البقرة:221] هذا المشرك، حتى وإن كان بروفيسوراً أو دكتوراً، حتى وإن كان مخترعاً أو مكتشفاً لا تظن أننا سنحبه أكثر من حبنا لك، أو أننا سنقدمه عليك يا أيها الأخ المحب، حتى وإن كان ما كان منك من ذنوب ومعاصي وزلات، حتى وإن أحدثت ما أحدثت من خطيئات في السر والجهر، في الليل والنهار. فذنوبك وأخطاؤك ومعاصيك لا تجعلنا نحب الكافر أكثر منك إطلاقاً، بل نستفيد مما أنتجه الكافر، الآلة التي أنتجها الكافر قال الله تعالى: وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى [المائدة:8] إذا كان كافراً فلا نضيع حقه، ولا نظلمه ولا يمنع أن نتعامل معه بالحسنى، لكن مهما بلغ فنتفة شاب مسلم وقطعة من شاب مسلم أزكى وأحب وأفضل إلينا من هذا الكافر، لأن الله عز وجل قال: وَلَعَبْدٌ مُؤْمِنٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكٍ وَلَوْ أَعْجَبَكُمْ [البقرة:221] أي: عبد من عباد الله: وَلَأَمَةٌ مُؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكَةٍ وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْ [البقرة:221].

ولو وقفنا عند هذه الآية دقائق، تجد بعض الشباب يقول: يا روحي يا ماردونا ، وماردونا أخزاه الله كما أخزى فرعون، كافر ضال مضل، فاجر، شاذ أخلاقياً، واضع في أذنيه خلاخل وليس هذا أكبر قضية! يفتخر أن عنده ولدين من زوجته التي لم يتزوج بها بعد، وهي صديقته وخدينته وعشيقته، يأتي يتصور هو بجوارها وبجوارهم ولدين، هذا الذي قال الشيخ ابن محفوظ فيه: اللهم امرده مرداً، يقول: وبجواره عشيقته: هؤلاء أولادنا، فمن أين جاءوا؟ هم أولاد زنا والعياذ بالله، ولكن انظر كيف تنطلي على الشباب المسلم فتجده معلقاً في حجرته صورة كبيرة لـماردونا وزوجته.

أيها الأحبة: كافر أمرنا أن نبغضه، أمرنا أن نكرهه، وأن نمقت فعله ودينه، وتجد من شبابنا من يفتخر به ويعلق صورته ويباهي بها، وبعضهم يقول: أنا عندي ألبوم النجوم، أي: المشاهير أول واحد ماردونا ، والثاني مايكل جاكسون ، وهذا الخبيث مايكل جاكسون رأيت بعض الشباب على ما قال: بريك دنس: يتكسر، فسألته ما هذه الحركة، قال هذه حركة مايكل جاكسون يقول: هذا المغني المعروف الروق ولو قرأتم ما كتبه هذا الماجن، الفاجر الحقير، المسمى مايكل جاكسون قال: لأن أغني للخنازير فتسمعني أحب إلي من أن أغني للعرب فيسمعونني، لكن للأسف يا شباب! نحن أصبنا بداء كما يقال: (القط يحب خناقه) الذي يسبنا ويشتمنا ويستهزئ بنا ويحتقرنا، نعلق صورته على الجدران ونفتخر به ونعتز به، والذي يقدرنا ويحترمنا، ويخاطب عقولنا، ويأمرنا في ديننا، وينهانا عن سخط ربنا نقول: ( يا شيخ امش بلا مطاوعة، بلا وجع رأس، صلوا صلوا، افعلوا ردوا هاتوا ) لا يا أخي الحبيب: نحن نريد أن تعرف فعلاً من الذي يحبك حباً صادقاً، ومن الذي أنت تحبه وهو لا يراك إلا قطعة من نجاسة.

ومعلوم أن الخنـزير نجس، فهذا الخبيث مايكل جاكسون ماذا يقول: لو كنت أعلم أن العرب يسمعون لي ما غنيت، ويقول في عبارة أخرى: لئن أغني لقطعة من الخنازير أحسن من أن أغني للعرب، واسأل شبابنا اليوم ماذا يفعلون، اسأل بعض الشباب ولا أريد أن أضرب كثيراً من الأمثلة سواء فيما يسمونه (النجوس) وليس النجوم (نجوس) من النساء والرجال، شباب مولع بهؤلاء الغربيين.

أي: على سبيل المثال لو تسأل بعض الشباب عن لاعب محترف يوجد في إحدى الفرق الرياضية، وأنا لا أتكلم عن سامي الجابر وماجد وغيرهم، فهؤلاء إخواننا، ونسأل أن الله يهديهم ويثبتهم وينفع بهم، ويردهم إلى الحق رداً جميلاً.

إنما أتكلم عن لاعب كافر في نادٍ من الأندية، ولو سميت لك لاعباً كافراً في نادي الهلال مثلاً، فقلت لك أيهما تحب ماجد عبد الله الذي في نادي النصر أم اللاعب الكافر في نادي الهلال ماذا ستقول؟ لا. ذلك نصراوي. لكن القضية لو كان هذا الكافر في فريقك، وسأضرب لك مثالاً: لو أن لاعباً كافراً مثلاً في نادي الهلال وأنت هلالي، وأتيت لك بالمقابلة محيسن الجمعان في نادي النصر، فالبعض لو تقول له: أيهما تحب محيسن الجمعان أم اللاعب الكافر، يقول: يا شيخ بلا هم بلا وجع رأس، عسى الله أن يخلي لنا هذا الرمح الذي يلعب رأس الحربة، هذا دينمو النادي، الله أكبر! كافر أحببته؛ لأنه في نفس الفريق الذي تشجعه، وأبغضت هذا المسلم لأنه في الفريق الآخر.

أيها الأحبة: أعلمتم كيف نحن نضل ضلالاً بعيداً حينما نحب كافراً لأجل الرياضة أو الفن، أو قضية من القضايا؟! إن المسألة لها حدود، حتى ولو كنت قد جن بك الجنون -وكلامنا عن الجنون الرياضي- لو جن بك الجنون في النصر، لا يبلغ بك الحد إلى أن تحب لاعباً كافراً في هذا النادي، وتكره لاعباً مسلماً في نادٍ آخر.

من المأساة والمآسي كثيرة، أن تجد بعض الشباب إذا دخل دورة المياه، كتب على جدرانها: فندق نادي كذا، وهذا مما يعبر به عن كراهيته للنادي، ثم يسمي لك أسماء النادي كلهم ويكتبهم ويحتقرهم ويبغضهم ويكرهم، يكتبهم في باب الحمام وهم مسلمون يقولون: لا إله إلا الله محمد رسول الله، ويصلون ويصومون وفيهم خير كثير، وفيهم دين ومع ذلك تجده يكتب أسماءهم ويقول: هذا مكانهم وموقعهم؛ لأنهم في الفريق الذي لا يحبه، لكن تعال في الفريق الذي يشجعه ويحبه، حتى ولو كان فيهم من الكفار، تجده يشخص بهم، ويضعهم في ألبوم النجوم الذي عنده، وربما جعل صورهم في غرفته بالكامل، وربما علق صورة اللاعب الكافر مفتخراً بها مع الفريق، فأين الإيمان؟ أين الولاء والبراء؟ أين حمية المسلم لدينه وغيرته على عقيدته، تلك والله من أعظم المصائب ومن أعظم البلايا ولا حول ولا قوة إلا بالله.

أقول: إن الغربيين مهما بلغوا من العلم والرقي المادي إلا أنهم من التفاهة والسخافة بدرجة عالية، فهم لا يعرفون الغاية التي من أجلها خلقوا، ولذلك تجد نهاياتهم عجيبة، هذا ينتحر، وهذا يأكل الحبوب حتى يموت، وهذا يمسك بخط موجب من عمود الكهرباء، وعجائب الانتحار في الغرب لا حدود لها، مع أنك تجده متعلماً، وعنده قدرات، ودراسة عالية، وبعد ذلك ينتحر، والانتحار في الغرب لا يوجد في الناس الذين لا يقرءون ولا يكتبون وإنما يقدم على الانتحار الدكاترة والأغنياء، وهذا أحد الذين حاولوا الانتحار، فتداركوه في اللحظات الأخيرة وقالوا له: لماذا تريد أن تنتحر؟ قال: لم يعد في الحياة شيء جديد قالوا: كيف لم تجد في الحياة شيئاً جديداً؟ قال: جمعت الأموال بعد جهد جهيد واستطعت أن أحصل ثروة، ثم ماذا؟ قال: حصلت الثروة من أجل أن أكون سعيداً فلم أجد السعادة، ولن يجد السعادة؛ لأن السعادة في رضا الله وتقواه، فرب شاب فقير مسكين لا يملك في جيبه ريالاً واحداً، أو لا يملك في رصيده عشرة ريالات، من أسعد عباد الله، وآخر عنده ملايين مملينة، وتجده (طفشان زهقان حيران) لا يدري أين يذهب وأين يقبل وأين يدبر.

إذاً: ليست القضية قضية أن الإنسان يعيش بلا غاية، بل القضية أن تعيش لهدف وغاية، والله عز وجل قد بين لنا الغاية التي نحن ننتظرها.

يا أحباب: نحن نصبح ونمسي، إذا قال المؤذن حي على الفلاح وذهبنا نصلي، ووقفنا وركعنا وسجدنا، فالجباه أشرف عضوٍ في الإنسان لو ضرب إنسان على وجهه لجن جنونه؛ لكن هذا الوجه الشريف أشرف ما فيه باختيارك وبرضاك وبطوعك، تأتي وتسقط وتضعه على الأرض: سبحان ربي الأعلى، سبحان ربي الأعلى، سبحان ربي الأعلى، ترمي هذه الجبهة على الأرض خاضعاً منكسراً، ولا تجد وضعاً تكون فيه في تام الذلة والخضوع والعبودية لله مثل وضع السجود أبداً.

وأقرب ما يكون العبد إلى ربه وهو ساجد؛ لأنه يكون في غاية الخضوع والذلة والانكسار للخالق، تدعوه وأنت منكسر في سجود؛ لأنك تعلم أن أمامك غاية، وهي أن يرحمك الله رحمة واسعة، وأن يتوفاك على الإسلام، وأن يرضى عنك وأن يدخلك الجنة، وأن ينجيك من النار.

يا شباب: أنتم جميعاً الذي لا يجعل هذه الغايات أمامه صباح مساء مسكين مسكين، ضائع ضائع، ووالله لو جاء مدير المعهد المهني، وقال: يا شباب: من هذه السنة لا يوجد شهادات، هناك دارسة لكن ليس هناك شهادات؛ تجد الطلاب في فوضى، ندرس كل هذه الدارسة ثم نخرج بدون شهادة وبدون فائدة لا نقبل، فأين الغاية وأين الثمرة وأين النتيجة، أنتم حددتم بل الغاية والثمرة والمقصد من مجيئكم يومياً إلى المعهد موجودة في عقولكم وقلوبكم، ولذلك لو جاء المدير يساومكم عليه، يقول: هذه الغاية ألغيناها، قلتم: لا. نبحث عن معهد آخر يعطينا الشهادات.

إذاً: أنا أسألكم جميعاً الآن، هل تجعلون الغاية من وجودكم وهي عبادة الله عز وجل، هل تجعلونها أمام أعينكم؟ للأسف كثير من الشباب يقول: لا. والكافر هو الذي يقول:

جئت لا أعلم من أين ولكني أتيت

ولقد أبصرت قدامي طريقاً فمشيت

كيف جئت كيف أبصرت طريقي

لست أدري

ولماذا لست أدري؟

لست أدري

هذا الكافر لا يعلم لماذا خلق وإلى أين النهاية، لكن أنت أيها الشاب! أنت تعلم ما هي الغاية من وجودك، الغاية أن تعبد الله وحده لا شريك له، أي عمل يخالف مقاصد العبودية لله عز وجل، لا تقبله أبداً، لو جاءك رجل وقال: تعال أريد أن أشغلك طبالاً، نريد أن نشغلك رقاصاً، نريد أن نشغلك رقِّيصاً، تعرفون الفرق بين الرقاص والرقيص؟ الذين يعرفون الحمام يعرفون الفرق بين الرقاص والرقِّيص.

المهم لو قال لك: أتشتغل عندي رقاصاً؟ قلت: لا يا أخي.. أنا لم يخلقني الله عز وجل لأكون رقاصاً، وإنما خلقني الله لعبادته، هات وظيفة معينة فيها عبودية، أدرس في المعهد المهني وأتخرج على وظيفة معينة، أنفق على أولادي منها عبادة لله، أطعم وآكل بالحلال من دخلي وأتصدق عبادة لله؛ لأن العبادة ليست فقط بالركوع والسجود، بل هي في كل عمل ترجو به وجه الله، لكن لا يأتي أحد يقول أنا أرجو وجه الله بالرقص، أنا أرجو وجه الله بالعزف، أنا أرجو وجه الله بالملاهي، لا.

دف ومزمار ونغمة شادنٍ     فمتى رأيت عبادة بملاهي

أيها الأحبة: الغاية من وجودنا هي عبادة الله عز وجل، فلابد أن نجعلها أمام أعيننا، وهذا حديث عليكم أن تحفظوه غاية الحفظ ألا وهو: (من أصبح وهمه الآخرة) يعني: أنت اليوم استيقظت على أذان الفجر، وأصبحت وكل همك: يا ألله ترحمني.. يا ألله تجعلني من أهل الجنة، وليس بلازم أن يصبح عمرك ستين سنة حتى تقول: يا ألله ارحمني: (من أصبح وهمه الآخرة تكفل الله برزقه، وأتته الدنيا راغمة، وجمع الله ضيعته) يعني جميع الأمور المتشتتة، يجمعها الله له ويهيئ أمره ويسهل عليه أموره: (ومن أصبح وهمه الدنيا فرق الله عليه أمره ولم يؤته من الدنيا إلا ما قسم له).

يا أحباب! نحن ولله الحمد نختلف عن غيرنا، فعندنا غاية سامية عظيمة، لكن كما قلت لكم: هؤلاء الغربيون ليس عندهم غايات يعيشون من أجلها.

تجد الواحد يمسك الحديقة من أولها إلى آخرها ويركض ويركض، ويسمن هذا الجسم، ولكن مصير هذا الجسم إلى جهنم وساءت مصيراً إن مات على الكفر، ولكن الواحد منا يأكل؛ لكي يتعبد الله عز وجل، يأكل لينشط، فإذا أصبح نشيطاً صار قوياً على طاعة الله وعبادته، لكن هذا يأكل من أجل أن يهدر ويخور كما يخور الثور.

انظر العجائب التي يحققونها، أحدهم يحاول أن يسجل رقماً قياسياً في الأكل، هذا ضرب الرقم القياسي في أكل مائتي بيضة، وقد جاء منافس جديد وحطم الرقم القياسي فأكل مائتي بيضة وواحد بيضة وصفار، وبعد ذلك يأتي واحد ثالث أو امرأة تحطم الرقم القياسي وتأكل مائتين وثلاث بيضات، ويسجل الرقم القياسي في أكل البيض لفلان، ويسجل الرقم القياسي لرفع الأثقال، لكن الفرق بينكم وبين هؤلاء الحمير والبهائم في الغرب أنكم ولله الحمد والمنة الواحد منكم إذا قلنا له افعل كذا يقول: لماذا؟ ما هي الغاية؟ ما هو الهدف ما هو المقصود؟ لكن هؤلاء الغرب يهم الواحد أن يسجل الرقم القياسي.

ومن المضحكات ما قرأت في جريدة أن رجلاً استطاع -أظنه أمريكياً- أن يحطم الرقم القياسي في أطول ساعات الكلام: الذي ضرب الرقم القياسي ثلاث ساعات، والذي تكلم ثلاث ساعات وعشر دقائق هذا جاء وضرب الرقم القياسي وتكلم خمس ساعات أو ست ساعات وحطم الرقم القياسي.

والواحد منكم يا شباب، إذا قال سبحان الله، كتبتها الملائكة له، إذا قال الحمد لله كتبتها الملائكة، إذا قال: الله أكبر كتبها الملائكة، إذا قال: لا إله إلا الله كتبتها الملائكة في موازين أعماله، لكن هذا الذي حطم الرقم القياسي في الكلام يرغي ويزبد، خمس ساعات لا يكتب له شيء؟ ولذلك الفرق كما أقول: وينبغي أن يعرف المسلم قيمته والفرق بينه وبين الكافر، وحتى تعرف قيمتك وقدرك يا أخي! ومشكلتنا يا شباب: أن الشباب المسلم حتى الآن لم يعرفوا قدرهم ووزنهم في الإسلام، وما عرفوا أن عزتهم بالإسلام.

يا أخي: أنت عزيز عزة عظيمة، يكفيك أن الواحد من المسلمين لو أصابه حادث ومات، تدفع ديته كاملة، لكن هذا الكافر تدفع نصف الدية، ولو أن مسلماً قتل كافراً فلا يقتل به حتى ولو كان عمداً وعدواناً، ينبغي أن نعرف قدرنا بالإسلام، بغض النظر عن قيمة الإنسان، نعم الإنسان له قدر في تعليمه وشهادته، وقدر في قوته المالية، وقدر في قوته العقلية، لكن هناك قدر في كونك مسلماً، وكثير من الشباب لا يعرفون قدرهم في الإسلام، بل بالعكس تجد بعضهم ينظر إلى نفسه نظرة هزيمة وضعف واحتقار أمام هذا الكافر، ولكن كما يقول الشاعر:

وأنت امرؤ فينا خلقت لغيرنا     حياتك لا نفع وموتك فاجع

أيها الأحبة: المشكلة أن هؤلاء الغربيين الذين احتقرناهم فيما فيه الكفاية، ولكنهم حددوا أهدافاً معينة فوصلوا إليها في أمور دنياهم، هذا دخل المختبر وأغلق على نفسه الباب وقال: لن أخرج حتى أكتشف عقاراً أو مصلاً أو قطرات معينة توضع في فم الأطفال فتمنع -بإذن الله- شلل الأطفال.

وهذا دخل في المعمل وقال: لن أخرج من هذا المعمل حتى اكتشف عقاراً يعوض الأنسولين في الجسم، وهذا دخل المعمل فقال: لا أخرج حتى اكتشف دواء يعالج المرض الفلاني، وحدد هدفاً ووصل إليه، وهذا حدد هدفاً معيناً في هندسة، في تسلح، في أمور عسكرية، في طيران، في تجارة، في تخطيط، في اقتصاد، في إدارة، حددوا أهدافاً فسددوا الضربات إليها، لكن نحن وإياكم يا شباب! نشكو إلى الله عز وجل أن من شبابنا من لم يعرف الغاية التي خلق من أجلها، ومثل هذا كرجل داخل ملعب، مرة يسدد الهدف على فريقه ومرة على الفريق الثاني، لا يدري من أين يسدد؟! ومرة يضرب الحكم بالكرة ومرة يضرب الجمهور بالكرة، ومرة يضرب الذين يتفرجون، ليس عنده ضربات محددة، فهكذا الذين لا يحددون أهدافهم وغاياتهم، ومصيبة أخرى أن بعضهم حدد الهدف لكنه لم يسدد الضربات؛ ولذلك حديثنا اليوم عن نقطتين:

أولاً: تحديد الهدف.

الثانية: تسديد الضربات، توجيه الجهود والقوى، الطاقات والإمكانيات وكل ما تستطيع توجيهه إلى هذا الهدف، وربما يسمع بعضكم من بعض، بعض الشباب يقول: (فلان عربجي ما يفهم) لا والله. هذا الشاب الذي بعضكم يقول عنه عربجي لا يفهم، والله إذا من الله عليه بالهداية سترون منه العجائب والغرائب، بل أعجب العجائب.

أحدهم ممن كان يسمى (عربجي) وهو نصري ناصر (عضلات).

والمهم أنه كان في ضلاله ومضاربه ويدخل على الشاب ويحوسهم ويضربهم، ويدخل على المساكين ويأخذ دراهمهم، فمنّ الله عليه بالهداية، وليست الهداية أمراً بعيداً فأخونا نصري ناصر لما منّ الله عليه بالهداية الآن يحفظ القرآن كاملاً، منّ الله عليه برفع الغشاوة التي على قلبه، وزالت السحابة التي كانت على قلبه وانقشعت، فأبصر الأمور على حقيقتها ولم ينظر إليها بالشهوات والغفلات، فلما نظر إلى الأمور بالحقيقة حدد هدفاً في طاعة الله، وسدد الضربات نحو هدف محدد هو رضى الله في حفظ كتاب الله، اجتهد في حلقات القرآن اجتهد ليل نهار، حتى حفظ القرآن ولله الحمد والمنّة.

والآن أسرته بعد أن كانت تتعوذ منه ويتبرءون منه ويتمنون سيارة تطؤه وتريحهم منه؛ أصبحوا يفتخرون به، فقد ضرب أروع الأمثلة في الاستقامة وفي طاعة الله سبحانه وتعالى.

أيها الأحبة: كما قلت مشكلة الشباب اليوم مشكلتان الأولى: عدم تحديد الهدف.

الثانية: عدم تسديد الضربات والجهود والطاقات إلى الهدف، مثلاً بعضهم يقول: أنا حددت الهدف، سأجد واجتهد في دراستي في المعهد المهني، هذا الهدف حدده، هل سدد الضربات؟ لا. تجده على الرصيف، أو في الحراج يميز أنواع السيارات هذه موديل كذا وهذه موديل كذا، فأين تسديد الضربات إلى الهدف الذي حدده، لم يوجه عقله وقلبه وفكره وسمعه وبصره لهذا الهدف حتى ينتجه؛ ولذلك لا يكفي أن تسجل في المعهد المهني في بداية العام، لكن يحتاج مع التسجيل مواظبة وحضور باستمرار، ومداومة ومثابرة واجتهاد حتى تخرج بنتيجة، ولا يكفي أن تقول: أنا أريد أن أتوب إلى الله، لا يكفي أن تقول أنا أريد أن أكون شاباً صالحاً ولا تسدد الضربات نحو الصلاح، لا بد أن تسدد الجهود والضربات نحو الصلاح؛ فتتخلص من وسائل المعاصي وتتجنب مجالسة أهل السوء، وتترك مجالس اللهو والمعصية، وتجد في هذا المجال؛ حتى تكون من المهتدين بإذن الله.