أرشيف المقالات

الدعوات النسوية  هل أنصفت المرأة ؟    «feminism» - إيمان الخولي

مدة قراءة المادة : 14 دقائق .
إن التحولات المجتمعية التى طرأت فى العصر الحديث والتى منها الدعوات النسوية وحركات تحرير المرأة التى تطالب بالمساواة بين الجنسين هى التى دعتنا لنلقى الضوء حول بدايات هذه الدعوات وهل لها تأثير حقا على مجتمعاتنا ففى بدايات القرن التاسع عشر سافرت مجموعة من النساء   فى بعثات إلى الدول الأجنبية لاستكمال دراستهن لتعود متشبعة بأفكار  هذه المجتمعات الغربية لتخلص المرأة من الظلم الواقع عليها  ظلم المرأة وتكفلوا  بدورهم لإعادة حقوق المرأة المسلوبة فبدأت هذه الدعوات بالمطاللبة بحقها فى التملك وحق التعليم وحق العمل وغيرها من الحقوق الإجتماعبة والسياسية والإقتصادية وتصحيح النظرة الدونية للمرأة والناظر لهذه الدعوات يجد أن  منشأها  الغرب ونظرتهم  الظالمة للمرأة منذ العصور الوسطى فقد كانوا ينظرون للمرأة فى التاريخ اليونانى كما قال أحد فلاسفة اليونان  طاليس على : "إن المرأة رجل غير كامل، وقد تركتها الطبيعة في الدرك الأسفل من سلم الخليقة"،وأنها للرجل كالعبد للسيد  .
لقد قرر أحد المجامع في رومية أنها حيوان نجس، لا روح لها ولا خلود، وأنه يجب أن تكمم  فاها كالبعير، والكلب العقور؛ وانهن حبائل الشيطان ! ويجب ألا تأكل اللحم وألا تضحك وألا تتكلم  وقد أقدموا على وضع قفلاً حديدياً على فم النساء كانوا يسمونه (الموزلير) وعليه كانت المرأة تعمل وتسير فى الطرقات وعلى فمها قفل من حديد
وقد سنَّت المحاكم الكنسية، في القرن الحادي عشر، قانونًا ينص على أن للزوج أن يعير زوجته لرجل آخر لمدة يرتضيها المستعير وهو ما يسمى  تبادل الأزواج
رأى الفرنسيون أن يمنحوا المرأة شيئًا من الإنصاف، فقرروا بعد جدال ونقاش وخلاف، أن المرأة إنسان! إلا أنها خُلقت للذل والهوان!
أما المرأة فى العصر الجاهلى : تورث ولا ترث، وتُملَك ولا تَملِك، ويقول الرجال حينذاك: إنما يرث من يحمي الذيار ويدافع عن القَبيلة. هذا كان حال المراة فى العصور الوسطى
وبناء عليه  ارتفعت الأصوات بالمطالبة بحقوق المرأة فى الغرب ففى بيان صدر فى  عام 1971لمدعين النسوية فى الغرب امثال hellen sullinger وnancy lehmann تقول أن لقد روج علينا الرجل فكرة الزواج وقد تبين أنها فكرة فاشلة وعلينا العمل على تدميرها لماذا يكون للرجل سلطة على المرأة ؟ولماذا تلتزم المرأة بطاعة الزوج   ؟ وفى نظرههم فكرة الزواج تشبه الاستعباد فليس لهم دستور يحكمهم وينظم شئونهم مثل المجتمعات المسلمة فالمسلمين بيدهم ما ينير لهم الظلمات " الكتاب والسنة " هو المنهج  القويم  من عند الخالق خالق الذكر والأنثى وهو أعلم باحتياجات كل منهم
فلم يكن الإسلام يوما فى حاجة لدعوات نسوية أو إنشاء حزب للمطالبة بحقوق المرأة كما فعل الغرب لأن الشريعة تكفلت لها بحقها وحفظته لها عكس ما يدعيه مؤيدو هذه الدعووات فى المجتمعات العربية أن الإسلام ظلم المرأة
نحن لا ننكر أن هناك محاولات لقمع شخصية الأنثى وإشعارها بالدونية  فى بعض مجتمعاتنا العربية التى خلطت بين التشريعات والعادات نتيجة لثقافة هذه البيئات وغعلاء مكانة الذكر فيها على الأنثى أولعدم فهم الشريعة وسوء استخدام النصوص مثال على ذلك أن تحرم المرأة من حقها فى الميراث بدعوى الحفاظ على مال الأسرة كما أن هناك نظرة مجتمعية خانقة للمطلقة والأرملة أو التى لم تتزوج بعد وكثرة الأطماع فيهن ولكن هذه الدعوات الغربية  لم تقم بدورها الإصلاحى الذى أدعته منذ البداية فعملوا على إعلاء قيمة الحرية المطلقة فقد حررتها من أنوثتها ومن ملابسها  المحتشمة وغيرت نظرة  الجنس الآخر  لها وجعلته يتعامل معها على أنها سلعة تباع وتشترى وحملتها أعباء وظيفية لا طاقة لها بها وذلك عكس ما تنادى به الفطرة أن لكل منهم مسئولياته التى تتناسب مع وظيفته فى الحياة فوظيفة الرجل تختلف عن وظيفة المرأة فهذه الدعوات افقدت المرأة هويتها وليست مجرد مطالبة بالحق ورفع الظلم
وشهد شاهد من أهلها 
يقول ويل دسورانت " إن الأفراد الذين مهدوا لتخريب البيوت بدون أن يشعروا هم أصحاب المصانع الذين أخرجوا النساء من منازلهن من أجل أن يزيدوا من أرباحهن"
جعلتها تنظر إلى التدين  وأحكام الإسلام على أنه قيد يجب أن تتحرر منه وهيمنت المادية   وأصبح الاهتمام بالإنتاجية على حساب  القيم الأخلاقية  والاهتمام بدور المراة خارج المنزل على دورها  بالداخل فبالنسبة للعمل فطالبت بإشراكها فى جميع الوظائف وزيرة وسفيرة حتى لاعبة ملاكمة ومصارعة  جعلتها تنظر إلى العمل على أنه مصدر الآمان لها فتركت أسرتها والإهتمام بأطفالها وأعلت قيمة العمل والكسب دون النظر إلى الأولويات المرحلية فى حياة كل أمراة وقد لعب الإعلام دورا فى هذه السلسلة التى بدأت  بتسليط الضوء على عمل المرأة وبرر لها غيابها عن البيت فترات طويلة تخرج صباحا لتعود مساءً قد حققت ذاتها بكسب المال حتى أننا أصبحنا نرى المجتمع ينظر للمرأة التى تعمل باحترام وتقدير ويقلل من شأن التى لا تعمل وأصبحت الزوجة تستحى  أن تقول أنها تجلس فى المنزل لتربى ابناءها فتوصف بأنها غير طموحة وقليلة الحيلة ولم تحقق إنجازات 
تلك النظرة المادية التى  من وجهة نظر هذه الحركات التى يجعلها تشعر بالاستقلال  المادى عن الرجل فلا تحتاج إليه وتستطيع أن تستغنى عنه فى أى لحظة إن شاءت وكأن الرجل خزينة أموال لا غير وليس سكناً ومودة  فتعيش الزوجة حياة الندية مع زوجها ترى لمن الغلبة فى النهاية وكأنها حلقة مصارعة ومنه تراجعت الشعور بالمسئولية تجاه الأبناء فى ظل  تمركز كل طرف حول نفسه
بالإضافة أن سوق العمل استغل المرأة ولم يرحمها فقد فرض عليها الاختلاط ولباساً معيناً يتاسب مع طبيعة الوظيفة التى تؤديها  هذا كله ولم تؤد الغرض فى النهاية فأصبحت تنفق المال على ملابسها وزينتها أو لتأتى بالرفاهيات إلى البيت وليس لتكفى احتياجات الأسرة فلم يحقق لها الخروج إلى العمل والإستقال المادى الهدف المنشود فضلا عن أنه لم يحافظ لها على أسرتها وهدد هذا الكيان بالفشل 
وبالنظر للمطالب التى تطالب بها تلك النسوية نجدها متمثلة فى   المطالبة بإنشاء حضانات تعمل مدار اليوم والحرية فى استخدام وسائل منع الحمل وا لدعوة للحرية الجنسية بلا قيود  وانشاء بيوت إيواء للمطلقات المتضررات  إن هذه المطالب تكشف عن التركيز على الأنثى والسعى لتحقيق ذاتها وإعلاء القيم المادية فلم يعد الحفاظ  على الأسرة  مستقرة من أولياتها
هذه   الدعوات النسوية هى التى أفرزت التعامل مع جسد المرأة على أنه سلعة وأن كل دورها هو جذب إهتمام الرجل  وحدث ولا حرج عن مسابقات ملكات الجمال بالرغم من ادعائهن رفضهن لهذة الامور فى الظاهر ولكن هل سمعنا يوما أن هذه الدعوات تدعو للاحتشام فى الملابس ولبس الحجاب الشرعى أم أنها ضد فكرة الحجاب من الأصل بل ويحاربونها ويشككون فى فرضيتها واعتبروا الخطوة الأولى إلى تحرير المرأة هو التخلى عن الحجاب فمنهم من تحارب الزى الإسلامى على أنه  تقييد للمرأة ورمز لسيطرة الرجل على الأنثى  وليس حكماً من أحكام الشريعة للحفاظ على المرأة
حتى أننا أصبحنا نرى دعوات إلى أن تأخذ المرأة أجر على خدمة زوجها أو تربية أولادها بدعو أنها ليست ملزمة بذلك كل ذلك وأكثر من اللهث وراء المادة وفى النهاية نجد انها لم تصل إلى الأمان النفسى لها ولا لأفراد أسرتها فتلجأ المرأة للعيادات النفسية أو ما يسمى بالليف كوتش لإصلاح ما أفسدته المادية بدورات  التصالح مع النفس والبحث عن الذات المبعثرة   ماذا لو عدنا إلى الفطرة السوية السليمة ؟ماذا إذا عدنا لتطبيق شرع الله  بإعلاء دور المرأة كأم وكزوجة وعدم الاستهانة بقوامة الرجل وأنها نعمة رفعت عن المرأة عنت ومشقة العمل  والاختلاط من أجل راتب مالى قد لا تكون فى احتياج ملح له  فالالتزام بالشرع هو الطريق الوحيد  تحقيق السعادة فى الحياة وليس الشرع الموافق للهوى فإذا خالف هواها تنكرت له ولم تسلم لأمر الله  هل تدرك المرأة أنها عندما تتخلى عن دورها كأم وكزوجة وهوواجبها الأول لهثا وراء شعار المرأة القوية المستقلة أنها بذلك تعصى الله عزوجل فكيف يوفقها ويحقق لها السعادة ؟هل تدرك المرأة أن رفضها لقوامة الرجل يجعلها عرضة لإستغلال أصحاب رءوس الأموال وتجار البشر  لتصبح سلعة يتربحون منها هل حصلت المرأة الغربية  على حقها أما أننا نرى تزايد حالات الاغتصاب فى دول الغرب كما نرى الامتهان للمرأة وخروجها للعمل فى أى مهنة  حتى وان  كانت  تبيع جسدها من أجل المال هل نفعتهم الدعوات النسوية
وإذا استعرضنا ما قامت عليه اتفاقية سيداو وهى اتفاقية لمن لا يعرفها الغرض منها "القضاء على كل أشكال التمييز ضد المرأة "مقارنة بأحكام الشريعة نجد اتفاقية سيداو تقول أن المرأة مثل الرجل والشريعة تقول " وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالْأُنثَىٰ "
سيداو تقول أن الأولاد ينسبون لأمهاتهم والشرع يقول  " ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ "  سيداو تقول ليس للمرأة عدة واالشريعة  تقول "وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ " سيداو تقول الذكر والأنثى متساويين فى الميراث والشريعة تقول  "لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنثَيَيْنِ  "
سيداو تعطى المرأة الحق فى الإجهاض فى أى مرحلة من مراحل الحمل والقرآن يقول  :"وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلَاقٍ"
 سيداو تغلق الباب أمام الزواج الحلال فى سن قبل الثامنة بينما تفتحه على مصراعيه أمام العلاقات الغير شرعية إذ يقول تعالى "وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا  إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلًا "
سيداو تدعو المرأة للتمرد على ولاية الرجل تحت مسمى تمكين المرأة  ليتبين فى النهاية أن الشريعة تدعو لما يصلح الناس أما أصحاب الأهواء يريدون أن يضللوا  المجتمع  ويفتنوا الناس بتوجهاتهم الهدامة  إذ يقول تعالى  {وَاللَّهُ يُرِيدُ أَن يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَن تَمِيلُوا مَيْلًا عَظِيمًا (27)}
إن الذين  يتبنون هذه الدعوات  التى يطلقون عليها إصلاحية ينطبق عليهم قول المولى عزوجل " {وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ قَالُوا إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ (11) أَلَا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ وَلَٰكِن لَّا يَشْعُرُونَ "}
 إذا كانت إصلاحية حقا فلماذا لا يسعون لإنقاذ الأطفال من براثن من يتاجرون فى أعضائهم وأعراضهم ؟ لماذا لا ينتفضوا للدفاع عن الجرائم التى ترتكب ضد المرأة فى سوريا والعراق وبورما وغيرها من بلاد المسلمين لماذا لم يدافعوا عن  حق الفتاة المسلمة فى ارتداء الحجاب وعدم منعها من الدخول إلى المدرسة فى كل من الهند وفرنسا ؟ ....
وصدق الغزالى حين قال " إن مؤامراتهم تمتد فى فراغنا " فكلما بعدت المرأة عن ربها أصبحت صيدا سهلا للآ خرين
لتدرك المرأة المسلمة أن هذه الدعوات النسوية التغريبية تجعلها تتخلى عن قيمها الثابتة شيئا فشيئا حتى تتغير المعاير بعد ذلك ليصبح المنكر معروفا والمعروف منكرا وكل ذلك لأنك قدمت تنازل مرة فجرت سلسلة من التنازات لتجدى نفسك بمفردك أمام هذه التيارات التى لا تضع الشرع مقياساً لها فلا ينتج عن ذلك إلا الخيبة والخسران فعلى المرأة أن تكون واعية  بما وراء هذه الحركات التى تسلبها حريتها من حيث لا تدرى ولتعلم أنه  لن يحدث تبادل للأدوار بين الذكر والأنثى كما تريد  هذه الحركات  مهما طال الزمان لأنها مخالفة للفطرة فإذا غالبت الفطرة والشرع ذاقت الأمرين لأنها لن تأخذ دور الرجل فقط إنما تأخذ دورها ودوره معا  فتصبح المسئولية مضاعفة عليها فلن يحمل عنها أحد ولن تأتى هذه الدعوات النسوية لتحمل عنها ما هى فيه  فلا تصغى المرأة لهذه الدعوات الهدامة فإن الإسلام يعلى من شأنها   والقرآن ملىء بالآيات التى توضح للمرأة دورها وتحدد وظيفتها فى الحياة  وضمن لها الأجرو الثواب  على رعايتها لأسرتها وجعل الدافع لذلك هو رضا الله عزوجل والجنة  فقد جعل  الشرع من المعاملات والعادات وسيلة للتقرب إلى الله وليس  تحقيق الذات والتمركز حولها على حساب الاستقرار الأسرى نحن لاننفى وجود ظلم فى بعض الحالات لسوء فهم الشريعة وعدم تطبيقها  تطبيق صحيح ولكن هذا لا يعنى أن نستعير ثقافات   غربية لحل مشكلات المجتمع المسلم
وعلى المجتمعات الإسلامية أن تعمل على اصلاح وضع المرْأة  بالرجوع إلى فهم النصوص فهماً صحيحاً  بحيث لا يكون الاهتمام  بألفاظ الشريعة وظاهرها  فقط على حساب  مقتضيات العمل بها وضمان خطاب مجتمعى غير ذكورى أو معاد للمرأة  بما يضمن حياة كريمة للمرأة تراعى  إنسانيتها مع المحافظة على هويتها الإسلامية
وعلى رجال الدين أن يعملوا على بيان حدود مسئولية الرجل  وما عليه من حقوق تجاه المرأة سواء كانت زوجة أو أم أو أخت وأنها تكليف يحاسب عليه وليس تشريفا كما عليهم ان يعملوا جاهدين على تغيير الثقافة الذكورية لدى البعض بما يحقق  العدل فى المجتمع  وبيان  الآثار المترتبة على الظلم  وأن خيرية الرجل كما بينها النبى صلى الله عليه وسلم فى الحديث حين قال "خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهله " وليس بكثرة صلاة وصيام كل ذلك حتى لا يجد أعداء الإسلام ثغرة ليدخل منها إلى المرأة ليفسدها وبالتالى تتفكك الأسر لغياب دور المرأة الحقيقى والذى بالتبعية يؤدى إلى انهيار الأمة   فاعتبروا يا أولى الألباب
 

شارك الخبر

المرئيات-١