خطب ومحاضرات
شرح بلوغ المرام - كتاب الصلاة - باب سترة المصلي - حديث 247-250
الحلقة مفرغة
بسم الله الرحمن الرحيم
إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب إليه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.
بقي عندنا في باب سترة المصلي أربعة أحاديث:
الحديث الأول هو حديث أبي داود والنسائي عن ابن عباس رضي الله عنهما نحوه دون آخره -كما يقول المصنف- وقيد المرأة بالحائض.
الحديث رواه أيضاً ابن ماجه والبيهقي، ومتن الحديث عندهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( يقطع الصلاة المرأة الحائض والكلب ).
فلو أن المصنف رحمه الله ساق المتن لكان أهون من الطريقة التي ساق بها الحديث، فالحديث متنه: ( يقطع الصلاة المرأة الحائض والكلب )، فسياقه أسهل من طريقة المصنف: [ ولهما عن ابن عباس نحوه دون آخره، وقيد المرأة بالحائض ]، فروى الحديث بالمعنى، ومع ذلك أطال فيه وأوجد نوعاً من اللبس كما سوف يتضح بعد قليل.
تخريج الحديث
المقصود بقول المصنف: (دون آخره)
قد يكون [دون آخره] مقصوده ( والكلب الأسود )؛ لأنه آخر حديث أبي ذر، أو قوله: ( الكلب الأسود شيطان )، وهذا هو الراجح في نظري؛ وذلك أن المصنف ساق ثلاثة أحاديث كالتالي:
ساق حديث أبي ذر رضي الله عنه: ( يقطع صلاة الرجل المسلمِ المرأةُ والحمار والكلب الأسود ) وفي آخره ( الكلب الأسود شيطان )، ثم قال: [ رواه مسلم ].
ثم ساق بعده حديثاً آخر قال: [ وله عن أبي هريرة نحوه دون الكلب ]، ثم قال: [ ولـأبي داود والنسائي عن ابن عباس نحوه دون آخره ] يعني: دون قوله: ( الكلب الأسود شيطان )؛ فإن هذه الكلمة ليست موجودة في حديث ابن عباس .
هناك احتمال آخر أن قوله: [ دون آخره ] يعني: دون آخر حديث أبي هريرة الذي لم يسقه المصنف؛ فإن حديث أبي هريرة الذي رقمه عندنا (246) آخره قوله: ( ويقي من ذلك مثل مؤخرة الرحل )، فيحتمل أن يكون قول المصنف: [ دون آخره ] يعني: دون آخر حديث أبي هريرة، لكن الأقرب هو الأول؛ لأنه ما دام أنه ما ساق حديث أبي هريرة فيبعد أنه يحيل على متنه.
إذاً: قوله: [ دون آخره ] يعني: آخر الحديث.
على أي حال ليس هناك إشكال؛ لأن حديث ابن عباس نفسه محفوظ متنه، فإن متن حديث ابن عباس -كما سقت لكم-: ( يقطع الصلاة: المرأةُ الحائضُ والكلب ).
معاني ألفاظ الحديث
إذاً: الحائض يحتمل أن يكون المقصود به المرأة البالغة، بمعنى: أن الصبية الصغيرة لا تقطع الصلاة، وهذا معلوم معروف؛ ولذلك كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي وهو حامل أمامة كما سبق معنا؛ لأنها كانت صبية صغيرة.
الاحتمال الثاني: أن يكون المقصود بقوله: ( الحائض ) التي نزل بها الحيض، وعلى هذا تكون المرأة لا تقطع الصلاة إلا إذا كانت في حال حيضها، أما في حال طهرها فلا تقطع الصلاة، وهذا مذهب منسوب لـابن عباس رضي الله عنه وعطاء بن أبي رباح، ورجحه بعض أهل العلم كـالقرطبي صاحب المفهم، وليس هو القرطبي صاحب التفسير بل هو غيره، وعلل ذلك بأن المرأة الحائض تحمل النجاسات؛ فلذلك أصبحت تقطع صلاة المصلي.
وقال الصنعاني في سبل السلام : إنه إذا صح الحديث حمل المطلق على المقيد. يعني: الأحاديث التي ورد فيها أن المرأة تقطع الصلاة تحمل على المقيد، وهو حديث ابن عباس الذي دل على أنه لا يقطع الصلاة إلا المرأة الحائض، كما حمل المطلق على المقيد في شأن الكلب، فإنه ورد في بعض الأحاديث الكلب، وورد في بعضها تقييده بالكلب الأسود؛ فحينئذ نحمل المطلق -وهو قوله: (الكلب)- على المقيد وهو قوله: (الكلب الأسود)، هذا على فرض صحة الحديث مرفوعاً.
والاحتمالان كلاهما وارد في الحديث، وإن كان الأول أقرب عندي: (أن المقصود بالحائض: المرأة البالغ) وهذا هو الذي فهمه أكثر الصحابة والعلماء من هذا الحديث.
الحديث رواه أبو داود والنسائي -كما ذكر المصنف- وغيرهما مرفوعاً عن النبي صلى الله عليه وسلم، وذلك من طريق شعبة بن الحجاج عن قتادة عن جابر بن زيد عن ابن عباس رضي الله عنه، وخالف شعبة غيره من أصحاب قتادة فرووه موقوفاً على ابن عباس لا مرفوعاً إلى النبي صلى الله عليه وسلم، وممن خالف شعبة في ذلك هشام الدستوائي وخالفه همام بن يحيى وخالفه أيضاً سعيد بن أبي عروبة، فهؤلاء ثلاثة من أصحاب قتادة : سعيد بن أبي عروبة وهمام وهشام، كلهم خالفوا شعبة فذكروا الحديث موقوفاً؛ ولذلك قال يحيى بن سعيد القطان وأبو داود : إنه تفرد برفعه شعبة، وكأن كلامهم يشير إلى تضعيف رفع الحديث وأن الصواب مع من أوقفوه، وأن الصواب أن الحديث موقوف على ابن عباس، فهو من قوله وليس من قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم.
قول المصنف: [دون آخره] هذا فيه إيهام، ما معنى دون آخره؟
قد يكون [دون آخره] مقصوده ( والكلب الأسود )؛ لأنه آخر حديث أبي ذر، أو قوله: ( الكلب الأسود شيطان )، وهذا هو الراجح في نظري؛ وذلك أن المصنف ساق ثلاثة أحاديث كالتالي:
ساق حديث أبي ذر رضي الله عنه: ( يقطع صلاة الرجل المسلمِ المرأةُ والحمار والكلب الأسود ) وفي آخره ( الكلب الأسود شيطان )، ثم قال: [ رواه مسلم ].
ثم ساق بعده حديثاً آخر قال: [ وله عن أبي هريرة نحوه دون الكلب ]، ثم قال: [ ولـأبي داود والنسائي عن ابن عباس نحوه دون آخره ] يعني: دون قوله: ( الكلب الأسود شيطان )؛ فإن هذه الكلمة ليست موجودة في حديث ابن عباس .
هناك احتمال آخر أن قوله: [ دون آخره ] يعني: دون آخر حديث أبي هريرة الذي لم يسقه المصنف؛ فإن حديث أبي هريرة الذي رقمه عندنا (246) آخره قوله: ( ويقي من ذلك مثل مؤخرة الرحل )، فيحتمل أن يكون قول المصنف: [ دون آخره ] يعني: دون آخر حديث أبي هريرة، لكن الأقرب هو الأول؛ لأنه ما دام أنه ما ساق حديث أبي هريرة فيبعد أنه يحيل على متنه.
إذاً: قوله: [ دون آخره ] يعني: آخر الحديث.
على أي حال ليس هناك إشكال؛ لأن حديث ابن عباس نفسه محفوظ متنه، فإن متن حديث ابن عباس -كما سقت لكم-: ( يقطع الصلاة: المرأةُ الحائضُ والكلب ).
في حديث ابن عباس هذا رضي الله عنه قوله: ( المرأة الحائض )، فما المقصود بالمرأة الحائض؟ يحتمل أن يكون المقصود بالمرأة الحائض المرأة البالغة، فإن البالغة تسمى حائضاً، وقد سبق معنا حديث عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( لا يقبل الله صلاة حائض إلا بخمار )، ( لا يقبل الله صلاة حائض ) يعني: بالغة ( إلا بخمار ).
إذاً: الحائض يحتمل أن يكون المقصود به المرأة البالغة، بمعنى: أن الصبية الصغيرة لا تقطع الصلاة، وهذا معلوم معروف؛ ولذلك كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي وهو حامل أمامة كما سبق معنا؛ لأنها كانت صبية صغيرة.
الاحتمال الثاني: أن يكون المقصود بقوله: ( الحائض ) التي نزل بها الحيض، وعلى هذا تكون المرأة لا تقطع الصلاة إلا إذا كانت في حال حيضها، أما في حال طهرها فلا تقطع الصلاة، وهذا مذهب منسوب لـابن عباس رضي الله عنه وعطاء بن أبي رباح، ورجحه بعض أهل العلم كـالقرطبي صاحب المفهم، وليس هو القرطبي صاحب التفسير بل هو غيره، وعلل ذلك بأن المرأة الحائض تحمل النجاسات؛ فلذلك أصبحت تقطع صلاة المصلي.
وقال الصنعاني في سبل السلام : إنه إذا صح الحديث حمل المطلق على المقيد. يعني: الأحاديث التي ورد فيها أن المرأة تقطع الصلاة تحمل على المقيد، وهو حديث ابن عباس الذي دل على أنه لا يقطع الصلاة إلا المرأة الحائض، كما حمل المطلق على المقيد في شأن الكلب، فإنه ورد في بعض الأحاديث الكلب، وورد في بعضها تقييده بالكلب الأسود؛ فحينئذ نحمل المطلق -وهو قوله: (الكلب)- على المقيد وهو قوله: (الكلب الأسود)، هذا على فرض صحة الحديث مرفوعاً.
والاحتمالان كلاهما وارد في الحديث، وإن كان الأول أقرب عندي: (أن المقصود بالحائض: المرأة البالغ) وهذا هو الذي فهمه أكثر الصحابة والعلماء من هذا الحديث.
استمع المزيد من الشيخ سلمان العودة - عنوان الحلقة | اسٌتمع |
---|---|
شرح بلوغ المرام - كتاب الطهارة - باب الوضوء - حديث 38-40 | 4784 استماع |
شرح بلوغ المرام - كتاب الصلاة - باب صلاة الجماعة والإمامة - حديث 442 | 4394 استماع |
شرح بلوغ المرام - كتاب الطهارة - باب الوضوء - حديث 57-62 | 4213 استماع |
شرح بلوغ المرام - كتاب الصلاة - باب صفة الصلاة - حديث 282-285 | 4095 استماع |
شرح بلوغ المرام - كتاب الحج - باب فضله وبيان من فرض عليه - حديث 727-728 | 4047 استماع |
شرح بلوغ المرام - كتاب الصلاة - باب صلاة التطوع - حديث 405-408 | 4021 استماع |
شرح بلوغ المرام - كتاب الصلاة - باب صفة الصلاة - حديث 313-316 | 3974 استماع |
شرح بلوغ المرام - كتاب الطهارة - باب الوضوء - حديث 36 | 3917 استماع |
شرح بلوغ المرام - كتاب الطهارة - باب المياه - حديث 2-4 | 3900 استماع |
شرح بلوغ المرام - كتاب الحج - باب فضله وبيان من فرض عليه - حديث 734-739 | 3879 استماع |