Warning: Undefined array key "Rowslist" in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 73

Warning: Attempt to read property "value" on null in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 73

الروض المربع - كتاب الصلاة [20]


الحلقة مفرغة

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً.

اللهم أرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه، ولا تجعله ملتبساً علينا فنضل، وبعد:

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ويحرم التصوير -أي: على صورة حيوان- لحديث الترمذي وصححه: ( نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الصورة في البيت، وأن تصنع )، وإن أزيل من الصورة ما لا تبقى معه حياة لم يكره، ويحرم استعماله -أي المصور- على الذكر والأنثى في لبس وتعليق وستر جدر، لا افتراشه وجعله مخدة. ويحرم على الذكر استعمال منسوج بذهب أو فضة، أو استعمال مموه بذهب أو فضة، غير ما يأتي في الزكاة من أنواع الحلي قبل استحالته، فإن تغير لونه ولم يحصل منه شيء بعرضه على النار لم يحرم لعدم السرف والخيلاء. وتحرم ثياب حرير، ويحرم ما أي ثوب هو أي: الحرير، أكثره ظهوراً مما نسج معه].

قول المؤلف: (ويحرم التصوير على صورة حيوان لحديث الترمذي وصححه: ( نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الصورة في البيت، وأن تصنع ) ).

الحديث أخرجه الإمام الترمذي ، وكذا الإمام أحمد و أبو يعلى ، وصححه ابن حبان من حديث جابر ، وأحسن من هذا الحديث ما في الصحيحين من حديث طلحة بن عبيد الله : أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( إن الملائكة لا تدخل بيتاً فيه كلب ولا صورة )، والحديث الآخر في الصحيحين أيضاً من حديث عائشة أنها قالت: ( اشتريت نمرقةً فيها تصاوير، فلما رآها رسول الله صلى الله عليه وسلم وقف على الباب، فعرفت في وجهه الكراهية، فقلت: أتوب إلى الله وأتوب إلى رسوله، ماذا صنعت؟ قال: ما هذه النمرقة يا عائشة ؟ فقلت: إنما اشتريتها لتوسدها، فقال: إن الله يعذب الذين يصورون ويقال لهم: أحيوا ما خلقتم، وإن الملائكة لا تدخل بيتاً فيه كلب ولا صورة ).

ومسألة التصوير تنقسم إلى أقسام:

القسم الأول: التصوير باليد.

والقسم الثاني: التصوير بالآلات الحديثة.

أما القسم الأول وهو التصوير باليد فهو على أنواع:

النوع الأول: التصوير فيما لا روح فيه، سواء خلقه البشر -يعني: صنعه البشر- أو هو من خلق الله تعالى، كالشجر والجبال والسماء والسيارة والقطار والدبابة ونحو ذلك، فهذا لا بأس به، وهذا بإجماع أهل العلم، إلا ما نقل عن مجاهد أنه كره تصوير الشجر المثمر ورأى أن ذلك مكروه، لكن يرد عليه بالإجماع على أن ذلك لا بأس به، ودليل ذلك ما جاء في الصحيحين: (أن رجلاً أتى ابن عباس رضي الله عنه، فقال: إني أعمل بيدي -يعني أصور- فقال له ابن عباس: ويحك! إن كنت لا بد فاعلاً فاصنع الشجر وما لا نفس له).

الحديث الآخر: ما جاء عند الإمام أحمد و أبي داود و الترمذي و النسائي و البيهقي من حديث أبي هريرة رضي الله عنه -والحديث طويل- وفيه: ( فمر برأس التمثال فليقطع فيصير كهيئة الشجر )، فهذا يدل على أن الشيء إذا قطع رأسه صار كهيئة الشجر، فإذا صار كهيئة الشجر صار ما لا روح فيه.

ولحديث ابن عباس الذي أخرجه البيهقي من طريق وهيب بن خالد ، عن أيوب ، عن عكرمة ، عن ابن عباس أنه قال: ( الصورة الرأس، فإذا قطع الرأس فليس بصورة )، وهذا الحديث صح عن ابن عباس ، وقد تابع وهيب عبد الوهاب الثقفي ، وروي أيضاً عن عكرمة من قوله كما رواه البيهقي بسند صحيح.

النوع الثاني: أن يصور ما فيه نفس وروح من الحيوان، كأن يصور الحيوانات، والبعير، والشاة، والإنسان، فيصور رءوسهم، وأما النوع الأول فلو صور يداً، أو رجلاً، أو جسماً من غير صورة كل هذا في حكم الشجر، أما هذا النوع أن يصور الدابة بما فيها الرأس، فهذا إن كان رسماً باليد فينقسم إلى قسمين: ما له ظل، وما ليس له ظل، أما الذي له ظل كالتماثيل، فهذا محرم بإجماع العلماء، وقد نقل الإجماع ابن العربي رحمه الله، وسواء كانت مهانة أو ليست بمهانة، فمجرد وجود التمثال محرم، وهذا الإجماع استثني منه فقط لعب البنات، على خلاف سنتحدث عنه إن شاء الله، لكن التماثيل لم يقع خلاف عند السلف في حرمتها؛ ولهذا قال جبرائيل لرسول الله صلى الله عليه وسلم: ( فمر برأس التمثال فليقطع فيصير كهيئة الشجر ).

وأما ما ليس له ظل فهذا إن كان مما لا يهان، ولا يداس، ولا يوطأ، بل يعلق بالجدر، أو على العمائم، أو على الغتر، أو على الثياب، فهذا محرم، وهذا قول جمهور العلماء من الصحابة والتابعين والفقهاء، وهو مذهب أبي حنيفة ، و مالك ، و الشافعي ، و أحمد ، و إسحاق ، و الثوري ، وهو مذهب الأئمة الأربعة، وهو مذهب جمهور السلف، وهو قول محمد بن سيرين ، وسعيد بن المسيب ، وهو قول الحسن ، وأكثر أهل العلم، وقد نقل ابن أبي شيبة نصوصاً عنهم، فإن كان مما يداس ويهان ويوطأ فهذا لا بأس به.

وقال بعض أهل العلم: إن كانت مما لا ظل له فلا بأس.

والذي يظهر والله أعلم أن قول السلف أظهر. ودليلهم في هذا قالوا: أما من حيث التحريم فظاهر في النصوص الشرعية، وذلك لما روى الإمام أحمد و الترمذي و أبو داود و النسائي و البيهقي من حديث أبي هريرة : ( أن جبريل لم يأت النبي صلى الله عليه وسلم، فحزن النبي صلى الله عليه وسلم، فجاءه بعد مدة، فسأله عن ذلك؟ قال: لقد كان في بيتك تمثال، وقرام من ستر فيه تصاوير، وكلب، وإن الملائكة لا تدخل بيتاً فيه كلب، فمر برأس التمثال فليقطع فيصير كهيئة الشجر، ومر بالستر فليجعل منه وسادتين توطآن تبتذلان، ومر بالكلب فليخرج ).

والحديث الآخر في الصحيحين من حديث عائشة رضي الله عنها أنها قالت: ( كان في بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم قرام فيه تصاوير )، وفي الحديث قالت: ( فقطعته وسادتين، فكان يرتفق عليهما )، متفق عليه، وفي لفظ لـأحمد وهو أظهر: ( قالت: فقطعته مرفقتين، فلقد رأيته متكئاً على إحداهما وفيها صورة )، فهذا يدل على أنه إذا كانت تبتذل وتهان فلا بأس. وإذا لم تكن تبتذل كما لو كانت على الجدر، أو كانت على العمائم، أو كانت على الثياب فتمنع؛ لأنه قال: ( وفي قرام ستر فيه تصاوير، فأمر بإزالته )، وفي رواية: ( أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل على عائشة وفيها قرام في ستر فهتكه وجذبه، وقال: إن الملائكة لتعذب الذين يصورون هذه الصور )، فيدل على ذلك أنها إذا وضعت على الجدار مثل الألواح هذه التي وترسم فيها خيل ترسم باليد، وأحياناً تكون غالية الثمن، وأحياناً رسم اليد هذا يصل قيمته إلى أكثر من مائتي ألف ريال، حتى إن أحدهم زرته وإذا لديه رسم باليد لخيل، فقلت له عن حكم ذلك، وأنه لو كان خيلاً بصورة فوتوغرافية أخف، قال: لقد اشتريتها بخمسة وأربعين ألف ريال!

إذا ثبت هذا فقد جاءنا حديثان يشكل على ما قررناه:

الحديث الأول: ما رواه البخاري و مسلم وغيرهما من حديث بسر بن سعيد ، عن زيد بن خالد الجهني ، عن أبي طلحة رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إن الملائكة لا تدخل بيتاً فيه صورة، قال بسر بن سعيد -وهنا صحابي يروي عن صحابي- فاشتكى زيد بن خالد فعدناه، فإذا على بابه ستر فيه صورة، فقلت لـعبيد الله الخولاني ربيب ميمونة زوج النبي صلى الله عليه وسلم: ألم يخبرنا زيد بن خالد في اليوم الأول عن الصور؟) يعني أنهم يقولون ما لا يفعلون، يعني إذا اعتقدوا أو قالوا تجدهم يطبقون، قال: (ألم يخبرنا زيد بن خالد عن الصور في اليوم الأول؟ قال عبيد الله : ألم تسمعه يقول: إلا رقماً في ثوب؟ )، وهذا الحديث بعضهم يقول: لم يأت مرفوعاً، والصحيح أنه روي مرفوعاً وأن الذي قال: ( إلا رقماً في ثوب ) هو الرسول صلى الله عليه وسلم، ولهذا صحح ابن حبان طريقاً آخر أن النبي صلى الله عليه وسلم قاله، فقال: ذكر البيان أن قوله: ( إلا رقماً في ثوب ) من قول النبي صلى الله عليه وسلم وذكر الإسناد، وهذا الحديث للعلماء فيه أربعة تخريجات، أحسنها: أن الرقم هو الأحرف من غير صورة، كما أشار إلى ذلك الخطابي وغيره ( إلا رقماً في ثوب ) يعني: نقوشاً، من غير تصاوير، هذا هو الرقم، وهي كتابة الحروف من غير تصاوير، هذا المعنى الأول.

والمعنى الثاني: ( إلا رقماً في ثوب ) يعني: إلا صورةً في ثوب مهان لحديث: ( فقطعت وسادتين يرتفق عليهما )، وبعضهم يجوز هذا القول كما في قصة زيد بن خالد حيث أنه جوز ذلك، والذي يظهر والله أعلم أن قوله: ( إلا رقماً في ثوب ) إما أن يكون بالمعنى الأول، أو المعنى الثاني، يعني: ثوب مهان.

أما الحديث الآخر المشكل، فهو ما جاء في الصحيحين من حديث القاسم بن محمد وهو يرى المنع مطلقاً فقد رواه القاسم بن محمد عن عائشة أنها قالت: ( اشتريت نمرقةً )، النمارق هي الوسائد والمخاد، (اشتريت نمرقةً فيها تصاوير، فلما رآها رسول الله صلى الله عليه وسلم وقف على الباب فعرفت في وجهه الكراهية، فقلت: أتوب إلى الله وإلى رسول الله ماذا صنعت؟ قال: ما هذه النمرقة؟ قالت: اشتريتها لتوسدها، فقال: إن أصحاب هذه الصور يعذبون يوم القيامة، يقال لهم: أحيوا ما خلقتم، وإن الملائكة لا تدخل بيتاً فيه صورة).

هذا الحديث يخالف الحديث الآخر حيث قالت: ( نصبت وسائد سِتراً فيه تصاوير، فدخل رسول الله صلى الله عليه وسلم، وفيه: فقطعت وسادتين يرتفق عليهما )، فقد أشكل هذا الحديث على كثير من أهل العلم، فبعضهم قال: إن هذا فعله النبي صلى الله عليه وسلم من باب الكراهية ليس إلا؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قد زهد من الدنيا، بدليل: أن عائشة إنما اشترت هذا؛ لأنها علمت بحديث جبريل: ( ومر بالستر فليقطع وليجعل وسادتان توطآن فتبتذلان ) ففعلت عائشة بأمر جبرائيل، إلا أن النبي صلى الله عليه وسلم بعد زمن كره هذا من باب ( ما لي وللدنيا )، ولهذا اشترت عائشة حينما رأت من رسول الله صلى الله عليه وسلم الرضا في أول الأمر، وأرى أن هذا الشيء أحسن شيء في تأويله؛ أن النبي صلى الله عليه وسلم إنما نهى عن ذلك كراهية للصورة، وإن كانت جائزة، فإن النبي صلى الله عليه وسلم يكره الشيء لنفسه، كما مر على خباب بن الأرت وهو يبني بيتاً فقال: ( الأمر أهون من ذلك )، وفي رواية: ( يؤجر الإنسان في كل شيء إلا في التراب )، فكره النبي ذلك لنفسه.

وفرق البخاري بين القعود والاتكاء، فإن كان من باب الاتكاء فيمنع، وإن كان من باب القعود والامتهان فيجوز.

وقال بعضهم: إن ذلك منسوخ، وبعضهم أنكر هذه اللفظة أصلاً، والذي يظهر والله أعلم هو المعنى الأول.

وعلى هذا فالصور إذا علقت على الجدر ولو كانت مما لا ظل لها فإنها تمنع.

أما لعب الأطفال وهي المجسمة فهذه إن كانت من الخرق والعهن والصوف فلا بأس إذا كانت للأطفال؛ لحديث ( أن عائشة وكانت لها بنات تلعب بها مع البنات، فقال لها الرسول صلى الله عليه وسلم: ما هذا؟ قالت: هذا خيل ذوات الأجنحة، أو ما علمت أن سليمان عليه السلام له خيل ذوات الأجنحة؟ فضحك النبي صلى الله عليه وسلم ) وكانت صغيرة، فهذا جائز، لكن هل لعب البنات التي تكون من البلاستيك التي لو رأيتها كأنك ترى إنساناً؟ بعض أهل العلم جوز هذا، وقال: إنه يرخص للأطفال.

والذي يظهر والله أعلم أن القاعدة الشرعية تقول: الرخص تقدر بقدرها، والرسول صلى الله عليه وسلم استثنى اللعب من العهن والصوف والقماش؛ لأن التماثيل مجمع على تحريمها، فلا يزاد في الرخص ويقاس عليها؛ لأن البلاستيك الآن مضاهاة لخلق الله، فلا يسوغ لنا أن نستدل بشيء من اللعب بالعهن والصوف وغير ذلك بأمور قد قاربت وشارفت فعل الجبار جل جلاله وتقدست أسماؤه في فعل الإنسان، وعلى هذا فيمنع؛ لأنها ليست في حكم المترخص به؛ لأن الرخصة تقدر بقدرها، وهل هذه مثل الرخصة أو أشد؟ أشد، والقاعدة: أنه لا يقاس على الرخص، والرخصة تقدر بقدرها، فيدخل ما يشابهه أو أدنى، ولا يكن ما كان أعلاها داخلاً فيها، وعلى هذا فالدببة والحيوانات التي تكون للأطفال إن كانت من القماش والصوف فأرى أن يزال أعينها ولو بقيت إن شاء الله لا بأس، أما إذا كانت فيها بلاستيك بحيث تبكي إذا أعطيت بزازتها، ولا تبكي في مواطن مثلما يبكي الطفل ويسكت، فأرى أن هذا لا يجوز، والله أعلم.

أما الأبناء فالذي يظهر لي والله أعلم أن الأبناء مثل البنات، يرخص لهم، والبنت مثل الولد الذي هو الذكر، لكن إن كانت على هيئة الدببة فإني أرى أنه يزال أعينها؛ لأنه نوع من الطمس، والله أعلم.

القسم الثاني من التصاوير: التصاوير بالآلات الحديثة.

الكلام في هذا الباب يطول، لكني أريد أن أبين نقاطاً:

لو تأملنا الأحاديث الواردة في النهي عن التصوير لوجدناها لا تخرج عن ثلاثة أمور:

الأمر الأول: أن النهي إنما كان لأجل المضاهاة والمشابهة لفعل الله جل جلاله وتقدست أسماؤه، ولهذا جاء في الحديث الصحيح: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( قال الله تعالى: ومن أظلم ممن يخلق كخلقي ) يعني مشابهة، وفي رواية: ( إن الله يعذب الذين يضاهئون خلق الله )، إذاً: معنى المضاهاة المماثلة، فهذه الحكمة من النهي وهو أن العبد يضاهي خلق الله بهذا.

الأمر الثاني: هو تعظيم هذه الصور بحيث تجعل على الجدر وتعظم احتراماً لها وتقديراً، أو خوفاً من عبادتها ونحو ذلك، وهذا يكون عند العلماء أو الرؤساء أو الأئمة.

إذاً: وضع الصورة أياً كانت سواء رسمت باليد أو كانت صورة فوتوغرافية وضعت على الجدر، فهذا نوع من الاحترام، فتكون بمثابة النهي عن أن يقوم الإنسان والآخر جالس، وقد جاء في الحديث الصحيح النهي عن أن يتمثل له الناس قياماً، قال صلى الله عليه وسلم: ( من أحب أن يتمثل له قياماً فليتبوأ مقعده من النار )، فتكون هذه الصور التي توضع على الجدر بهذه المثابة، ولو كانت صوراً فوتوغرافية؛ لأن الشارع نهى أن يقوم الإنسان والآخر جالس، وقال صلى الله عليه وسلم في الصلاة: ( إن كدتم لتفعلون فعل فارس والروم ).

وعلى هذا فالصورة التي يصورها الإنسان بالفوتوغرافية هل شابه خلق الله أم هذا هو خلق الله؟ هو خلق الله.

إذاً: المضاهاة غير موجودة، فالأولى ألا تسمى تصويراً بل تسمى عكس، فأنت إذا رأيت نفسك فتقول: هذا كأنه أنا أم هذا أنا؟ تقول: هذا أنا، ولهذا لا فرق بين أن تكون هذه متحركة أو غير متحركة؛ لأنه هو خلق الله، ولهذا عندما ترى نفسك في المرآة لا تجدد غضاضة ولا تجد انبهاراً في ذلك، ولو كانت محرمة لقيل: إنه لا يجوز للإنسان أن يرى نفسه في المرآة إلا لحاجة؛ لأنه صورة.

وأما كونه تذهب وترجع فلا فرق، أو قول بعضهم: إذا كانت في شريط الفيديو أو شريط الكاميرا فيها تصاوير تمنع، وإذا كانت مطموسة فتجوز، فالآن تأخذ الشريط وتضعه على الشمس ما تجد شيئاً، لكن بمجرد وضعه على أشياء وتحميضه تظهر الصورة، فالقضية قضية تكنولوجية فيزيائية لا علاقة لها بمضاهاة خلق الله، ولهذا تجد أن الذي يصور قد يكون محترفاً أو غير محترف، فليس فيها معنى المضاهاة.

ثم إننا نقول: إن بعض العلماء يرى أن هذا التصوير الفوتوغرافي داخل في عموم ( لعن الله المصورين )، فيكون هذا داخلاً فيه، نقول: نعم. نحن نناقشك بالقواعد الأصولية، الرسول صلى الله عليه وسلم يقول: ( لعن الله المصورين ) (أل) هذه للعموم أم ليست للعموم؟ قال: للعموم، قلنا: هل هذا من العام المخصوص أم من العام الذي أريد به الخصوص؟ يعني: هل هذا عام خص بعض أفراده، أم هو خاص بلفظ العام بأن يكون أكثر أفراده جائزاً، وأقل أفراده المنع؟

الآن إذا قلنا: ( لعن الله المصورين ) هل يجوز تصوير ما صنعه الإنسان؟ نعم يجوز.

هل يجوز تصوير ما خلقه الله مما لا روح فيه؟ نعم.

هل يجوز تصوير ما خلقه الله وليس له صورة؟ نعم.

هل يجوز تصوير الرأس؟ لا.

إذاً الأصل جواز التصوير وإلا منع التصوير؟ الأكثر الجواز، لكن جاء أثر ( الصورة الرأس )، فحديث ( لعن الله المصورين ) هذا اللفظ العام أكثر أفراده على الجواز فيكون هذا من العام الذي أريد به الخصوص.

وعلى هذا فليس ثمة مضاهاة أصلاً، وعليه فالأصل جواز ذلك، لكن إن كانت من باب التعظيم بأن توضع هذه الصورة الفوتوغرافية على الجدر فإنها تمنع، أو كانت وضعت لمعنى من المعاني الغير مرغوب فيها شرعاً، مثل أن توضع للأحزان، أو لزيادة الطاعة ونحو ذلك، فهذه تمنع، وإن كانت مثل إنسان في سفر ورحلة تصوروا للذكرى، لكن من باب المرح والمزاح فهذا لا بأس به؛ لأنها ليست معظمة وليست مضاهاة، ومثل ذلك الصور التي تكون في الجرائد والأفلام، أما إذا صور الفيلم لعالم إمام قدوة يراد استعظامه فيخرج بين الفينة والأخرى فيقال: هذا العالم الرباني، انظر كيف يصلي ويسجد فهذا محرم؛ لأجل أن النفوس تتعلق بالأشخاص الأموات أكثر من غيرها، فيحرم من هذا الباب، والله أعلم.

وهذا الذي يظهر في هذا الباب، والله تبارك وتعالى أعلم، لعلنا نقف عند هذا.

وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد.