خطب ومحاضرات
شرح بلوغ المرام - كتاب الصلاة - باب الأذان - حديث 215-219
الحلقة مفرغة
الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب إليه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له, وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وأتباعه وسلم تسليماً كثيراً.
لله شهر رمضان ما أطيب لياليه! وما أحلى أيامه! جعلنا الله وإياكم ممن صامه فأحسن صيامه، وقامه فأحسن قيامه، وجعله لنا شهيداً وشافعاً مشفعاً يوم القيامة.
ونحمده جل وعلا أن ينعقد هذا المجلس التاسع والسبعون من مجالس أمالي شرح بلوغ المرام في الليلة الثانية من ليالي شهر رمضان المبارك لعام (1410) للهجرة.
وفي هذه الليلة -إن شاء الله- سوف نستكمل ما تبقى من حديث الأذان, لندخل في الأسبوع القادم في باب شروط الصلاة بعد ذلك.
نبدأ في أحاديث الليلة، وأولها حديث زياد بن الحارث رضي الله عنه أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: ( ومن أذن فهو يقيم ).
تخريج الحديث
يقول الترمذي: وسمعت محمد بن إسماعيل يقوي أمره، ويقول: هو مقارب الحديث، والعمل على هذا عند أهل العلم، أن من أذن فهو يقيم. انتهى كلام الترمذي .
وروى الحديث -أيضاً- أبو داود وابن ماجه وأحمد في مسنده والبيهقي والطحاوي وعبد الرزاق في مصنفه، وفي إسنادهم جميعاً عبد الرحمن بن زياد، وخلاصة الكلام في عبد الرحمن بن زياد : أنه رجل صالح، لكنه في حفظه شيء، في حفظه ضعف.
فالراجح أن حديثه ضعيف، ولذلك ضعفه جماعة من العلماء كـالبيهقي والبغوي، ومن المعاصرين الألباني ضعفوا هذا الحديث، ولم يصب من قواه أو حسنه كما فعل الحازمي في الاعتبار، وكما فعل من المتأخرين الشيخ أحمد شاكر في تعليقه على الترمذي .
فالراجح أن الحديث ضعيف، حديث: ( من أذن فهو يقيم ) ضعيف لضعف عبد الرحمن بن زياد بن أنعم الإفريقي.
شواهد الحديث
بلال
، فإنما يقيم من أذن )، وهذا الشاهد أيضاً فيه: سعد بن راشد المازني وهو ضعيف وحديثه منكر, وحكم جماعة من العلماء على حديثه بالنكارة وهو عند البيهقي : ( مهلاً يابلال
، فإنما يقيم من أذن ) فهو ضعيف أيضاً، هو الآخر ضعيف.ويقابل هذين الحديثين في الدلالة -حديث زياد بن الحارث الصدائي وحديث ابن عمر - حيث يدلان على أن الذي أذن هو الذي يقيم، يقابلهما في الدلالة حديث عبد الله بن زيد الذي ساقه المصنف من رواية أبي داود أن عبد الله بن زيد قال: ( يا رسول الله! أنا رأيته -يعني: الأذان- وأنا كنت أريده، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: فأقم أنت ) والحديث فيه ضعف أيضاً.
فأما من حيث الرواية فقد رواه -كما أشار المصنف- أبو داود، وذلك في (باب: الرجل يؤذن ويقيم آخر) أو: (ويقيم غيره)، ورواية أبي داود هي من طريق محمد بن عمرو أبي سهل الواقفي، رواه من طريق محمد بن عمرو أبي سهل الواقفي عن محمد بن عبد الله المازني عن عمه عبد الله بن زيد، هذا إسناده عند أبي داود من طريق محمد بن عمرو أبي سهل الواقفي عن محمد بن عبد الله المازني عن عمه عبد الله بن زيد.
وهذا الإسناد أيضاً موجود في مسند الإمام أحمد وسنن البيهقي .
إذاً: رواه أبو داود وأحمد والبيهقي بهذا الإسناد، وفيه علتان, في هذا الإسناد علتان:
أولاهما: أن محمد بن عمرو الواقفي ضعيف، ضعفه أكثر أهل العلم بالحديث، كـيحيى بن سعيد القطان وابن معين ويعقوب بن سفيان الفسوي والنسائي وابن عدي وغيرهم، فهو ضعيف .
والعلة الثانية: أنه مضطرب، فقد اضطرب فيه محمد بن عمرو، فمرة يقول: عن محمد بن عبد الله المازني، ومرة أخرى يقول: عن عبد الله بن محمد المازني، وهذا نوع من الاضطراب في الحديث، ولذلك أكثر أهل العلم ضعفوا هذا الحديث.
وممن ضعفه المصنف، حيث قال هاهنا: وفيه ضعف أيضاً، وممن ضعفه البيهقي حيث أشار إلى ضعفه واضطرابه، ويحتمل أن يكون المنذري ضعفه أيضاً؛ لأنه نقل كلام البيهقي وكأنه يقره على أن حديث عبد الله بن زيد : (فأقم أنت) ضعيف.
وفي مقابل ذلك قواه جماعة من أهل العلم، قووا الحديث، منهم ابن عبد البر، ابن عبد البر يقول: إسناده حسن، وهو أحسن من حديث الإفريقي، وماذا يعني بحديث الإفريقي؟
يعني حديث زياد بن الحارث الصدائي : ( من أذن فهو يقيم )، ابن عبد البر يقول: إسناده حسن وهو أحسن من حديث الإفريقي، يعني: حديث عبد الله بن زيد : ( فأقم أنت ).
وكذلك من الغريب أن الحافظ ابن حجر نفسه في كتاب الدراية في تخريج أحاديث الهداية صحح إسناد الحديث، ساقه وقال: رواه البيهقي في الخلافيات وإسناده صحيح، وهذا مما يستغرب؛ فإن الحافظ هاهنا قال: وفيه ضعف أيضاً, وفي كتاب الدراية قال: رواه البيهقي في الخلافيات وإسناده صحيح.
والراجح أن الحديث ضعيف؛ لما سبق من ضعف محمد بن عمرو الواقفي عند جماعة علماء الحديث، فالحديث لا يصح أيضاً.
حكم أن يؤذن رجل ويقيم رجل آخر
خلاصة البحث أنه لا بأس بذلك.
الإمام الحازمي في الاعتبار نقل الإجماع -إجماع أهل العلم- على جواز ذلك، يعني: على أنه يجوز أن يؤذن رجل ويقيم غيره، نقل الإجماع على جوازه، وإنما اختلفوا في الأفضل والأولى، اختلفوا أيهما أفضل وأولى: هل يقيم من أذن أم لا بأس أن يقيم هو أو يقيم غيره من غير تفضيل ولا مفاضلة؟
ذهب الأكثرون -كما يقول الحازمي - إلى أن الأمر متسع، وأنه لا يختلف أن يؤذن رجل ويقيم آخر، أو يؤذن ويقيم هو, وقال: هذا مذهب مالك وأبي حنيفة ؛ وذلك لعدم الدليل الذي يدل على أن في هذا فاضلاً ومفضولاً.
وربما استدل بعضهم بأن عبد الله بن أم مكتوم كان يؤذن لصلاة الفجر كما هو معروف، يؤذن الأذان الأول, والذي كان يقيم على الدوام إنما هو بلال ، الذي كان يقيم دائماً هو بلال ، وفيه أحاديث كثيرة متواترة أن بلالاً كان يأتي للرسول عليه الصلاة والسلام فيؤذنه بالصلاة، وسبق شيء من هذه الأحاديث، يعلمه بالصلاة: الصلاة يا رسول الله.
أما القول الثاني: فهو ما ذهب إليه الشافعي وأحمد ، وبضد ذلك نسبه الترمذي لأكثر أهل العلم كما سبق حين نقلت كلامه في التعليق على حديث زياد ، قال: وعليه العمل عند أهل العلم. فكما أن الحازمي نسب الأول لأكثر أهل العلم الترمذي نسب الثاني لأكثر أهل العلم، وهو مذهب الشافعي وأحمد : أن الأفضل أن يتولى الإقامة من أذن، وقد يستدلون بالحديث: ( من أذن فهو يقيم )، لكنه ضعيف لا يستدل به، فينتقل إلى الاستدلال بواقع الحال؛ يستدل بواقع الحال، فإن من المعلوم من واقع حال النبي صلى الله عليه وسلم أن الذي كان يقيم هو بلال وهو الذي كان يؤذن، هذا هو الغالب من فعل النبي صلى الله عليه وسلم، ولا يحفظ حالة واحدة -فيما أذكر وأعلم- أذن فيها رجل وأقام فيها غيره، الذي كان يؤذن ويقيم هو بلال ، أما أذان عبد الله بن أم مكتوم في أذان الفجر فإنه كان قبل الوقت كما سبق، وكان بلال يؤذن بعده على الوقت، فـبلال رضي الله عنه هو الذي كان يؤذن الأذان الذي ينادي به إلى الصلاة، وهو الذي كان يقيم، ولذلك فإن القول الثاني أقوى، أن نقول: إن الأمر في ذلك متسع، والإجماع قائم على جواز الأمرين: أن يؤذن رجل ويقيم آخر أو يؤذن ويقيم هو، لكن الأفضل أن يقيم من أذن إذا لم يكن في ذلك حرج، شريطة ألا يكون في هذا مشقة أن ينتظر إذا خرج من المسجد، أو يحدث مشكلة كما قد يقع في بعض المساجد بسبب أنه أذن رجل وأقام رجل آخر، هذا كله لا يسوغ؛ لأنه ما دامت المسألة مترددة بين فاضل ومفضول فالأمر لا يحتمل مثل هذه الأشياء، فالإجماع قائم على جواز ذلك كله.
وهذا الحديث رواه الترمذي كما أشار المصنف، قوله: (وله) يعني: للترمذي، فالحديث رواه الترمذي في (باب من أذن فهو يقيم), وقال الترمذي عقب روايته: حديث زياد إنما نعرفه من حديث عبد الرحمن بن زياد بن أنعم الإفريقي، وقد ضعفه يحيى بن سعيد القطان وغيره، وقال الإمام أحمد: لا أكتب حديث الإفريقي.
يقول الترمذي: وسمعت محمد بن إسماعيل يقوي أمره، ويقول: هو مقارب الحديث، والعمل على هذا عند أهل العلم، أن من أذن فهو يقيم. انتهى كلام الترمذي .
وروى الحديث -أيضاً- أبو داود وابن ماجه وأحمد في مسنده والبيهقي والطحاوي وعبد الرزاق في مصنفه، وفي إسنادهم جميعاً عبد الرحمن بن زياد، وخلاصة الكلام في عبد الرحمن بن زياد : أنه رجل صالح، لكنه في حفظه شيء، في حفظه ضعف.
فالراجح أن حديثه ضعيف، ولذلك ضعفه جماعة من العلماء كـالبيهقي والبغوي، ومن المعاصرين الألباني ضعفوا هذا الحديث، ولم يصب من قواه أو حسنه كما فعل الحازمي في الاعتبار، وكما فعل من المتأخرين الشيخ أحمد شاكر في تعليقه على الترمذي .
فالراجح أن الحديث ضعيف، حديث: ( من أذن فهو يقيم ) ضعيف لضعف عبد الرحمن بن زياد بن أنعم الإفريقي.
وله شاهد من حديث ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له: ( مهلاً يا بلال بلال
ويقابل هذين الحديثين في الدلالة -حديث زياد بن الحارث الصدائي وحديث ابن عمر - حيث يدلان على أن الذي أذن هو الذي يقيم، يقابلهما في الدلالة حديث عبد الله بن زيد الذي ساقه المصنف من رواية أبي داود أن عبد الله بن زيد قال: ( يا رسول الله! أنا رأيته -يعني: الأذان- وأنا كنت أريده، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: فأقم أنت ) والحديث فيه ضعف أيضاً.
فأما من حيث الرواية فقد رواه -كما أشار المصنف- أبو داود، وذلك في (باب: الرجل يؤذن ويقيم آخر) أو: (ويقيم غيره)، ورواية أبي داود هي من طريق محمد بن عمرو أبي سهل الواقفي، رواه من طريق محمد بن عمرو أبي سهل الواقفي عن محمد بن عبد الله المازني عن عمه عبد الله بن زيد، هذا إسناده عند أبي داود من طريق محمد بن عمرو أبي سهل الواقفي عن محمد بن عبد الله المازني عن عمه عبد الله بن زيد.
وهذا الإسناد أيضاً موجود في مسند الإمام أحمد وسنن البيهقي .
إذاً: رواه أبو داود وأحمد والبيهقي بهذا الإسناد، وفيه علتان, في هذا الإسناد علتان:
أولاهما: أن محمد بن عمرو الواقفي ضعيف، ضعفه أكثر أهل العلم بالحديث، كـيحيى بن سعيد القطان وابن معين ويعقوب بن سفيان الفسوي والنسائي وابن عدي وغيرهم، فهو ضعيف .
والعلة الثانية: أنه مضطرب، فقد اضطرب فيه محمد بن عمرو، فمرة يقول: عن محمد بن عبد الله المازني، ومرة أخرى يقول: عن عبد الله بن محمد المازني، وهذا نوع من الاضطراب في الحديث، ولذلك أكثر أهل العلم ضعفوا هذا الحديث.
وممن ضعفه المصنف، حيث قال هاهنا: وفيه ضعف أيضاً، وممن ضعفه البيهقي حيث أشار إلى ضعفه واضطرابه، ويحتمل أن يكون المنذري ضعفه أيضاً؛ لأنه نقل كلام البيهقي وكأنه يقره على أن حديث عبد الله بن زيد : (فأقم أنت) ضعيف.
وفي مقابل ذلك قواه جماعة من أهل العلم، قووا الحديث، منهم ابن عبد البر، ابن عبد البر يقول: إسناده حسن، وهو أحسن من حديث الإفريقي، وماذا يعني بحديث الإفريقي؟
يعني حديث زياد بن الحارث الصدائي : ( من أذن فهو يقيم )، ابن عبد البر يقول: إسناده حسن وهو أحسن من حديث الإفريقي، يعني: حديث عبد الله بن زيد : ( فأقم أنت ).
وكذلك من الغريب أن الحافظ ابن حجر نفسه في كتاب الدراية في تخريج أحاديث الهداية صحح إسناد الحديث، ساقه وقال: رواه البيهقي في الخلافيات وإسناده صحيح، وهذا مما يستغرب؛ فإن الحافظ هاهنا قال: وفيه ضعف أيضاً, وفي كتاب الدراية قال: رواه البيهقي في الخلافيات وإسناده صحيح.
والراجح أن الحديث ضعيف؛ لما سبق من ضعف محمد بن عمرو الواقفي عند جماعة علماء الحديث، فالحديث لا يصح أيضاً.
في الحديثين -حديث زياد بن الحارث الصدائي : ( من أذن فهو يقيم )، وحديث عبد الله بن زيد : ( فأقم أنت )- فيهما مسألة واحدة، وهي: ما حكم أن يؤذن رجل ويقيم رجل آخر؟ هل يجوز هذا أم لا يجوز؟
خلاصة البحث أنه لا بأس بذلك.
الإمام الحازمي في الاعتبار نقل الإجماع -إجماع أهل العلم- على جواز ذلك، يعني: على أنه يجوز أن يؤذن رجل ويقيم غيره، نقل الإجماع على جوازه، وإنما اختلفوا في الأفضل والأولى، اختلفوا أيهما أفضل وأولى: هل يقيم من أذن أم لا بأس أن يقيم هو أو يقيم غيره من غير تفضيل ولا مفاضلة؟
ذهب الأكثرون -كما يقول الحازمي - إلى أن الأمر متسع، وأنه لا يختلف أن يؤذن رجل ويقيم آخر، أو يؤذن ويقيم هو, وقال: هذا مذهب مالك وأبي حنيفة ؛ وذلك لعدم الدليل الذي يدل على أن في هذا فاضلاً ومفضولاً.
وربما استدل بعضهم بأن عبد الله بن أم مكتوم كان يؤذن لصلاة الفجر كما هو معروف، يؤذن الأذان الأول, والذي كان يقيم على الدوام إنما هو بلال ، الذي كان يقيم دائماً هو بلال ، وفيه أحاديث كثيرة متواترة أن بلالاً كان يأتي للرسول عليه الصلاة والسلام فيؤذنه بالصلاة، وسبق شيء من هذه الأحاديث، يعلمه بالصلاة: الصلاة يا رسول الله.
أما القول الثاني: فهو ما ذهب إليه الشافعي وأحمد ، وبضد ذلك نسبه الترمذي لأكثر أهل العلم كما سبق حين نقلت كلامه في التعليق على حديث زياد ، قال: وعليه العمل عند أهل العلم. فكما أن الحازمي نسب الأول لأكثر أهل العلم الترمذي نسب الثاني لأكثر أهل العلم، وهو مذهب الشافعي وأحمد : أن الأفضل أن يتولى الإقامة من أذن، وقد يستدلون بالحديث: ( من أذن فهو يقيم )، لكنه ضعيف لا يستدل به، فينتقل إلى الاستدلال بواقع الحال؛ يستدل بواقع الحال، فإن من المعلوم من واقع حال النبي صلى الله عليه وسلم أن الذي كان يقيم هو بلال وهو الذي كان يؤذن، هذا هو الغالب من فعل النبي صلى الله عليه وسلم، ولا يحفظ حالة واحدة -فيما أذكر وأعلم- أذن فيها رجل وأقام فيها غيره، الذي كان يؤذن ويقيم هو بلال ، أما أذان عبد الله بن أم مكتوم في أذان الفجر فإنه كان قبل الوقت كما سبق، وكان بلال يؤذن بعده على الوقت، فـبلال رضي الله عنه هو الذي كان يؤذن الأذان الذي ينادي به إلى الصلاة، وهو الذي كان يقيم، ولذلك فإن القول الثاني أقوى، أن نقول: إن الأمر في ذلك متسع، والإجماع قائم على جواز الأمرين: أن يؤذن رجل ويقيم آخر أو يؤذن ويقيم هو، لكن الأفضل أن يقيم من أذن إذا لم يكن في ذلك حرج، شريطة ألا يكون في هذا مشقة أن ينتظر إذا خرج من المسجد، أو يحدث مشكلة كما قد يقع في بعض المساجد بسبب أنه أذن رجل وأقام رجل آخر، هذا كله لا يسوغ؛ لأنه ما دامت المسألة مترددة بين فاضل ومفضول فالأمر لا يحتمل مثل هذه الأشياء، فالإجماع قائم على جواز ذلك كله.
الحديث الذي يليه هو حديث أبي هريرة، وقول النبي صلى الله عليه وسلم فيما جاء في هذه الرواية: ( المؤذن أملك بالأذان، والإمام أملك بالإقامة ).
تخريج الحديث
وابن عدي من أئمة الجرح والتعديل، له كتاب اسمه: الكامل في ضعفاء الرجال وهو مطبوع في سبعة مجلدات، وقد روى هذا الحديث في كتابه الكامل في ترجمة شريك بن عبد الله النخعي الكوفي القاضي، أخرج هذا الحديث في ترجمة شريك بن عبد الله النخعي الكوفي القاضي، وزاد عقب سياقه -زاد ابن عدي -: ( اللهم أرشد الأئمة واغفر للمؤذنين )، هكذا ساق الحديث: ( المؤذن أملك بالأذان والإمام أملك بالإقامة، اللهم أرشد الأئمة واغفر للمؤذنين )، ثم قال: وهذا بهذا اللفظ -يعني: هذا الحديث بهذا اللفظ- لا يعرف إلا من حديث شريك عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة .
وقد رواه الناس عن الأعمش، يقول: وقد رواه الناس عن الأعمش فقالوا: (الإمام ضامن).
إذاً: أشار ابن عدي إلى أن شريكاً قد تفرد بهذا الحديث بلفظ: ( المؤذن أملك بالأذان ) وأن الناس خالفوه، فما ساقوا قضية أن الإمام أملك بالإقامة والمؤذن أملك بالأذان، وإنما ذكروا حديثاً آخر وهو حديث: ( الإمام ضامن والمؤذن مؤتمن، اللهم أرشد الأئمة واغفر للمؤذنين )، وهذا الحديث سبق معنا وسيمر إشارة إليه أيضاً الآن.
إذاً: شريك بن عبد الله له أوهام وأخطاء وهذا منها، ولذلك ساق الحديث أيضاً البيهقي في سننه، ساقه تعليقاً، يعني ما ساق إسناده، ولكن قال: وقد جاء من رواية شريك عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة : (الإمام أملك بالإقامة، والمؤذن أملك بالأذان ) قال البيهقي : وليس بمحفوظ.
إذاً: الحديث خطأ، يعتبر خطأ من شريك رحمه الله.
شواهد الحديث
استمع المزيد من الشيخ سلمان العودة - عنوان الحلقة | اسٌتمع |
---|---|
شرح بلوغ المرام - كتاب الطهارة - باب الوضوء - حديث 38-40 | 4761 استماع |
شرح بلوغ المرام - كتاب الصلاة - باب صلاة الجماعة والإمامة - حديث 442 | 4393 استماع |
شرح بلوغ المرام - كتاب الطهارة - باب الوضوء - حديث 57-62 | 4212 استماع |
شرح بلوغ المرام - كتاب الصلاة - باب صفة الصلاة - حديث 282-285 | 4094 استماع |
شرح بلوغ المرام - كتاب الحج - باب فضله وبيان من فرض عليه - حديث 727-728 | 4045 استماع |
شرح بلوغ المرام - كتاب الصلاة - باب صلاة التطوع - حديث 405-408 | 4019 استماع |
شرح بلوغ المرام - كتاب الصلاة - باب صفة الصلاة - حديث 313-316 | 3972 استماع |
شرح بلوغ المرام - كتاب الطهارة - باب الوضوء - حديث 36 | 3916 استماع |
شرح بلوغ المرام - كتاب الطهارة - باب المياه - حديث 2-4 | 3898 استماع |
شرح بلوغ المرام - كتاب الحج - باب فضله وبيان من فرض عليه - حديث 734-739 | 3877 استماع |