خطب ومحاضرات
اليهود
الحلقة مفرغة
الحمد لله نحمده ونستعينه ونستهديه ونستغفره ، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، وصفيه وخليله، بلغ الرسالة وأدى الأمانة ونصح الأمة، وجاهد في سبيل ربه حق الجهاد، ولم يترك شيئاً مما أمر به إلا بلغه، فتح الله به أعيناً عمياً وآذاناً صماً وقلوباً غلفاً، وهدى الناس من الضلالة، ونجاهم من الجهالة، وبصرهم من العمى، وأخرجهم من الظلمات إلى النور، وهداهم بإذن ربه إلى صراط مستقيم، اللهم صل وسلم وبارك على عبدك ونبيك محمد، وعلى آله وصحبه ومن اقتفى أثره واهتدى بهداه، أما بعد:
فإن أصدق الحديث كلام الله تعالى، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار، وما قل وكفى خير مما كثر وألهى، و: إِنَّ مَا تُوعَدُونَ لَآتٍ وَمَا أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ [الأنعام:134].
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ [آل عمران:102]، يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا [النساء:1]، يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا [الأحزاب:70-71].
أيها المسلمون عباد الله! من قرأ التاريخ عرف أن يهود الأمس سلف سيئ، وأن يهود اليوم خلف أسوأ، فهم كفار النعم، محرفو الكلم، قتلة الأنبياء، مكذبو الرسالات، خصوم الدعوات، أهل البغي والشر والفساد، والكفر العناد: مَنْ لَعَنَهُ اللَّهُ وَغَضِبَ عَلَيْهِ وَجَعَلَ مِنْهُمُ الْقِرَدَةَ وَالْخَنَازِيرَ وَعَبَدَ الطَّاغُوتَ أُوْلَئِكَ شَرٌّ مَكَانًا وَأَضَلُّ عَنْ سَوَاءِ السَّبِيلِ [المائدة:60] ، اليهود هم الذين آذوا موسى، وهم الذين كذبوا عيسى، وهم الذين قتلوا زكريا ويحيى، وحاولوا قتل محمدٍ صلى الله عليه وسلم، مرةً بالسم ومرةً بالسحر، ومرةً بأن يطرحوا على رأسه حجراً، هؤلاء اليهود هم كما وصفهم ربنا جل جلاله في القرآن بقولة: لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا [المائدة:82] ، أَفَكُلَّمَا جَاءَكُمْ رَسُولٌ بِمَا لا تَهْوَى أَنفُسُكُمُ اسْتَكْبَرْتُمْ فَفَرِيقًا كَذَّبْتُمْ وَفَرِيقًا تَقْتُلُونَ [البقرة:87] .
هؤلاء هم اليهود أمس واليوم وغداً، لا تتغير طبيعتهم ولا تختلف حقيقتهم، ومن قرأ القرآن والسنة عرف من هم اليهود، ولذلك حق لكل مسلم يرى ما يحدث في هذه الأيام من محاولات الاعتداء على المسجد الأقصى، مسرى رسول الله صلى الله عليه وسلم، والمحاولات المتكررة لهدمه ولتدنيس أرضه، حق لكل مسلم عاقل أن يقول: سلام على مبادرات السلام، هذه التي يتعلق بها الواهمون من حكام العرب ورعيتهم، وما زالوا عليها يعولون، حق لنا أن نقول: سلام على مبادرات السلام، من ظن أنه يمكن لليهود أن يعيشوا مع المسلمين في سلام فهو واهم، يتعلق بالخرافات والأساطير، يكذب التاريخ والواقع، يتغافل عن الحقائق ويتعلق بالأباطيل.
يا أيها المسلمون يا عباد الله! اعلموا أن المسجد الأقصى هو مسرى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو أحد المساجد الثلاثة التي لا تشد الرحال إلا إليها، وهو أحد المساجد الأربعة التي عصمها الله من الدجال ، فقد روى الإمام أحمد : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( وعلامته - أي: الدجال - أن يمكث في الأرض أربعين صباحاً، يبلغ سلطانه كل منهل إلا أربعة مساجد: مسجد مكة، ومسجد الرسول، والمسجد الأقصى، ومسجد الطور ) ، فهذه الأربعة لا تطؤها قدم الدجال : المسجد الحرام، والمسجد النبوي، والمسجد الأقصى، ومسجد الطور، حيث كلم الله موسى صلوات الله وسلامه عليه.
المسجد الأقصى أيها المسلمون عباد الله بناه سليمان بن داود على نبينا وعليهما صلوات الله وسلامه، ثم بعد ذلك جدد بناءه الصالحون من أنبياء بني إسرائيل وملوكهم، إلى أن فتح بيت المقدس في أيام الخليفة الراشد والإمام العادل عمر بن الخطاب رضي الله عنه، فصار إرثاً إسلامياً، لا يملك شعب ولا حكومة ولا زعيم أن يفرط فيه.
يا أيها المسلمون! إن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعدما هاجر إلى المدينة مكث ستة عشر أو سبعة عشر شهراً وهو يستقبل ذلك المسجد المبارك، حتى نزل قول ربنا: فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ [البقرة:144] ، فحولت القبلة، وهذا المسجد المبارك الذي كان أول من بناه سليمان عليه الصلاة والسلام، بل هو أول من جدد بناءه، فهو أقدم من ذلك، ففي صحيح مسلم : ( سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم والسائل أبو ذر : أي المساجد وضع في الأرض أول؟ قال: المسجد الحرام، قال: ثم أي؟ قال: المسجد الأقصى، قال: كم بينهما؟ قال: ستون سنة ) ، فالفرق بين بناء المسجد الحرام والمسجد الأقصى ستون سنة، فهو مسجد قام على التوحيد من أول يوم، وهذا المسجد الذي بناه سليمان عليه الصلاة والسلام عرف عند اليهود بهيكل سليمان.
وهذا الهيكل قد تعرض للتخريب مرتين، مرةً على يد الملك البابلي الوثني بختنصر ، سنة سبع وثمانين وخمسمائة قبل الميلاد، والمرة الثانية على يد الملك الروماني تيطوس سنة سبعين بعد الميلاد، وهاتان المرتان مذكورتان في صدر سورة الإسراء قال تعالى: وَقَضَيْنَا إِلَى بَنِي إسْرائِيلَ فِي الْكِتَابِ لَتُفْسِدُنَّ فِي الأَرْضِ مَرَّتَيْنِ وَلَتَعْلُنَّ عُلُوًّا كَبِيرًا * فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ أُولاهُمَا بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ عِبَادًا لَنَا أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ فَجَاسُوا خِلالَ الدِّيَارِ وَكَانَ وَعْدًا مَفْعُولًا * ثُمَّ رَدَدْنَا لَكُمُ الْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ وَأَمْدَدْنَاكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَجَعَلْنَاكُمْ أَكْثَرَ نَفِيرًا * إِنْ أَحْسَنتُمْ أَحْسَنتُمْ لِأَنفُسِكُمْ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الآخِرَةِ لِيَسُوءُوا وُجُوهَكُمْ وَلِيَدْخُلُوا الْمَسْجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَلِيُتَبِّرُوا مَا عَلَوْا تَتْبِيرًا [الإسراء:4-7] ، وهذه هي سنة الله عز وجل، فكلما ابتعدت أمة من الأمم عن هدي ربها وعن ميراث نبيها، فإن الله عز وجل يسلط عليها من لا يخافه ولا يرحمهم، قال تعالى: فَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلًا وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَحْوِيلًا [فاطر:43] .
يا أيها المسلمون! عاش اليهود زماناً طويلاً وهم يؤملون أن يعيدوا بناء الهيكل بزعمهم، الذي هو قبلة لهم منذ أن وجدوا على ظهر الأرض، عاشوا يؤملون أن يعيدوا هذا الهيكل كما كان، متى سنحت لهم الفرصة، ولما تولى زمام الأمور وقيادة الأمة، من لا يرجو لله وقاراً من المنافقين والعلمانيين والكفرة الأصليين، والمرتدين ممن جعلوا الحرب مع اليهود حرباً قوميةً وطنيةً علمانيةً لا يذكر فيها الله، وليست على هدىً من الله، وأصروا على أن ينحوا الدين وأن يبعدوه، وأن يربوا جيوشهم على غير لا إله إلا الله، وعلى غير هدي محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم، توالت الهزائم وتتابعت النكبات، فقد هزم العرب سنة ثمان وأربعين وأعلنت دولة اليهود في فلسطين، ثم هزموا في ست وخمسين إلى أن كانت النكسة الكبرى في سبع وستين.
فدخل اليهود القدس الشرقية، بعدما أسقطوا الجولان، والضفة الغربية وسيناء، بعد دخولهم بأيام أربعة بدأت جرافاتهم ومجنزراتهم في هدم البيوت حول المسجد الأقصى إلى أن أقاموا ساحةً سموها: حائط المبكى، وجعلوا جزءاً منها للنساء وجزءاً للرجال، يفدون إليها في كل سبت ويصلون عندها، ثم عبر مراحل عشرة توالت عبر السنين بدءوها بحريق المسجد الأقصى سنة تسع وستين، ثم بدءوا بعد ذلك في حفر الأنفاق وخلخلة أسس المسجد الأقصى وتهديم بعض جدرانه إلى أن ظهرت التشققات والتصدعات.
وهم في كل مرة يجربون حدثاً بعد حدث، مرةً بعد مرة، يختبرون ردود الأفعال في أمة الإسلام، فتكون النتيجة مطمئنةً بالنسبة إليهم، يجدون الأمة في سبات عميق، بعضهم مشغول بماله وهمه، وبعضهم في سلطانه وكرسيه، بعضهم في اللهو واللعب، في الكرة والغناء والطرب، بعضهم في الفواحش والمنكرات والموبقات، بعضهم غارق في المخدرات، بعضهم يصبح ويمسي ولا هم له إلا نفسه، وشهوة بطنه وفرجه، والقليل القليل هم من يجاهدون في الله حق جهاده، هم من يهتمون بأمر المسلمين عامةً، من يؤرقهم شأن المسجد الأقصى.
أيها المسلمون! اليهود في كل مرة يحاولون، إلى أن كانت محاولاتهم قبل أيام معدودات في عيد يوافق السادس من أكتوبر بعد أيام ثلاثة، يسمونه: عيد الكيبور، أو عيد الغفران، أرادوا أن يجربوا في هذه المرة تجربةً فاعلة، فيدخلوا المسجد في حراسة شرطتهم وجيشهم، تدخل جيوش جراره ممن يسمونهم: المتطرفين، وكلهم متطرف، كل يهودي فهو متطرف، لا يضمر للمسلمين خيراً، ولا يحمل لهم وداً، أرادوا أن يدخلوا المسجد الأقصى من أجل أن يفعلوا فعلتهم، وينفذوا خطتهم، لكن لله رجال مؤمنون صالحون في بيت المقدس وفي أكناف بيت المقدس، فصدرت فتاوى من أهل العلم الثقات بوجوب شد الرحال والمرابطة في المسجد الأقصى، فواجهوا أولئك اليهود المدججين بالسلاح، واجههم هؤلاء المؤمنون بصدورهم وأجسادهم، وما أفلح اليهود في أن ينفذوا خطتهم.
ولكن السؤال أيها المسلمون عباد الله: أين قادة المسلمين، أين حكامهم، أين مؤتمراتهم، أين مواقفهم، بل أين بياناتهم، وأين الشعوب المسلمة، لو أن الله سألنا: ماذا فعلنا لحماية مسرى نبيه صلى الله عليه وسلم، ماذا صنعنا لحماية مهاجر الأنبياء الذي بارك الله حوله بكثرة من دفن فيه من الأنبياء والصالحين، وبما أنبت حوله من الزروع والثمار، ماذا قدمنا في مقابل هذا كله؟ لو سأل كل منا نفسه هذا السؤال لكان الجواب مفحماً.
يا أيها المسلمون، يا عباد الله! إن واجباً علينا أن نذكر المسلمين بهذه المأساة، فإن كثيراً من الناس حين تسأله، يقول لك: والله ما سمعت، والله ما علمت، ما أحطت بذلك خبراً، لم؟ لأنه ما اهتم أصلاً، وواجب علينا أن نذكر بالمسجد الأقصى، قدسيته، فضله، مكانته، منزلته، واجب علينا أن ندعو لإخواننا المرابطين في بيت المقدس وفي أكناف بيت المقدس، واجب علينا أن نطالب حكامنا بأن يعذروا إلى الله عز وجل في نصرة هذا المكان المقدس وأهله.
واجب علينا أيها المسلمون عباد الله أن نعيد روح الجهاد، هذه الروح التي ما ينبغي أن تموت فينا أمة محمد صلى الله عليه وسلم، فإنه ( ما ترك قوم الجهاد إذا ذلوا )، كما أخبر عليه الصلاة والسلام، ووالله لن يعود المسجد الأقصى لا بمعاهدات سلام، ولا اتفاقيات استسلام، ولا مفاوضات ولا رعاية دولية، ولا منظمات حقوقية، لن يعيد المسجد الأقصى إلا جهاد المسلمين كما حدث أولاً، فإن المسجد الأقصى سقط في أيدي الصليبيين، فمكث تسعين سنة لا يرفع فيه أذان، ولا تقام فيه صلاة، ورفعت على مآذنه الصلبان، ونودي من فوقه بأن الله ثالث ثلاثة، وأدخلت الخنازير إلى ساحته، وعمد الصليبيون إلى قتل المسلمين حتى فروا إلى العراق وغيرها مستغيثين، وبعد تسعين سنة بعث الله رجلاً مؤمناً موحداً وهو صلاح الدين يوسف بن أيوب رحمه الله ورضي عنه، هذا الرجل المؤمن المبارك هو الذي جيش الجيوش وربى الجموع على معنى لا إله إلا الله، وعلى قيم الجهاد، فكان فتح بيت المقدس على يديه، جزاه الله عن الإسلام والمسلمين خيراً.
يا أيها المسلمون، يا عباد الله! هذا تاريخ نقلب صفحاته من أجل أن نستفيد من ماضينا لحاضرنا.
أسأل الله عز وجل أن يطهر المسجد الأقصى من دنس اليهود، وأن ينصر إخواننا المجاهدين في فلسطين، وأن يثبت أقدامهم، وأن يقوي شوكتهم، وأن يجمع كلمتهم، إنه أرحم الراحمين وأكرم الأكرمين.
الحمد لله رب العالمين، والعاقبة للمتقين ولا عدوان إلا على الظالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله إله الأولين والآخرين، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمداً عبد الله ورسوله النبي الأمين، بعثه الله بالهدى واليقين، لِيُنْذِرَ مَنْ كَانَ حَيًّا وَيَحِقَّ الْقَوْلُ عَلَى الْكَافِرِينَ [يس:70] ، اللهم صل وسلم وبارك عليه وعلى إخوانه الأنبياء والمرسلين، وآل كل وصحب كل أجمعين، وأحسن الله ختامي وختامكم وختام المسلمين، وحشر الجميع تحت لواء سيد المرسلين، أما بعد:
أيها المسلمون عباد الله! فحذاري حذاري أن يتطرق للقلوب يأس، أو يحيط بها قنوط، إن الواجب على المسلمين أن يؤملوا في الله خيراً بعد أن يأخذوا بالأسباب.
يا أيها المسلمون! سنة الله ماضية، هذا فرعون لعنه الله، الذي كان يقول لقومه حين يقولون له: أَتَذَرُ مُوسَى وَقَوْمَهُ لِيُفْسِدُوا فِي الأَرْضِ وَيَذَرَكَ وَآلِهَتَكَ [الأعراف:127] ، ماذا يقول فرعون ؟ يقول علانيةً: سَنُقَتِّلُ أَبْنَاءَهُمْ وَنَسْتَحْيِي نِسَاءَهُمْ وَإِنَّا فَوْقَهُمْ قَاهِرُونَ [الأعراف:127] ، والله جل جلاله في تلك الحال يقول: وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ * وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الأَرْضِ وَنُرِيَ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا مِنْهُمْ مَا كَانُوا يَحْذَرُونَ [القصص:5-6] .
يا أيها المسلمون! اليهود طغوا في البلاد فأكثروا فيها الفساد، الصليبيون يمدونهم بحبل من الناس، معونات اقتصادية، معونات عسكرية، تأييد دولي في المحافل الأممية، وغير ذلك من الأسباب، لكن المسلمين لو صدقوا الله، فإن الله عز وجل لا يخلف الميعاد، وهو جل جلاله الذي قال: إِنَّا لَنَنصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الأَشْهَادُ * يَوْمَ لا يَنفَعُ الظَّالِمِينَ مَعْذِرَتُهُمْ وَلَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ [غافر:51-52] .
يا أيها المسلمون! إن كتابات تخطها أقلام منافقة عميلة تريد أن تزرع اليأس في هذه الأمة، يقولون: إنه لا سبيل إلى المقاومة، لا سبيل إلى الانتصار على اليهود، نقول: لا، صدق الله وكذبتم، ما جاء الله به خير مما تجيئون به، الله لا يخلف الميعاد، لكن المطلوب أيها المسلمون أن تجتمع كلمتنا، وأن تتحد رايتنا، مطلوب منها أن نغلب المصالح العظمى التي يعود نفعها لمجموع الأمة على المصالح الضيقة، أهواء النفس وشهواتها، إن بعض الناس همه نفسه، همه أن يسود، همه أن يقود، همه أن يعلو، ولا يبالي في سبيل ذلك، بأن يضع يده في يد من شاء، من كافر أو ملحد أو حاقد أو منافق أو صليبي أو شعوبي، نعوذ بالله من الضلال.
يا أيها المسلمون، أملوا في الله خيراً، وأكثروا من الدعاء لإخوانكم، وثقوا بموعود الله يقول سبحانه: وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنَا لِعِبَادِنَا الْمُرْسَلِينَ * إِنَّهُمْ لَهُمُ الْمَنصُورُونَ * وَإِنَّ جُندَنَا لَهُمُ الْغَالِبُونَ [الصافات:171-173] .
اللهم أعز الإسلام والمسلمين، وأذل الشرك والمشركين، ودمر أعداء الدين، واجعل هذا البلد آمناً مطمئناً وسائر بلاد المسلمين، اللهم انصر من نصر دينك، واخذل من خذل دينك، اللهم انصر دينك وكتابك وسنة نبيك وعبادك الصالحين.
اللهم أبرم لهذه الأمة أمراً رشداً، يعز فيه وليك، ويذل فيه عدوك، ويؤمر فيه بالمعروف وينهى فيه عن المنكر يا سميع الدعاء، ربنا آتنا في الدنيا حسنةً وفي الآخرة حسنةً وقنا عذاب النار، اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.
استمع المزيد من الشيخ الدكتور عبد الحي يوسف - عنوان الحلقة | اسٌتمع |
---|---|
الختان | 2637 استماع |
الوفاء خلق أهل الإيمان | 2608 استماع |
التفاؤل | 2600 استماع |
الإسلام دين الفطرة | 2526 استماع |
اتفاقية دارفور | 2362 استماع |
التوحيد | 2311 استماع |
الرياح السود | 2287 استماع |
اللجوء إلى الله | 2211 استماع |
أعداء الدين | 2157 استماع |
الأخوة الإسلامية | 2149 استماع |